الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ:{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} قَالَ: اشْتَقُّوا "اللَّاتَ" مِنَ اللَّهِ، وَاشْتَقُّوا "الْعُزَّى" مِنَ الْعَزِيزِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: {يُلْحِدُونَ} يُشْرِكُونَ. وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْإِلْحَادُ: التَّكْذِيبُ. وَأَصِلُ الْإِلْحَادِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَدْلُ عَنِ الْقَصْدِ، وَالْمَيْلُ وَالْجَوْرُ وَالِانْحِرَافُ، وَمِنْهُ اللَّحْدُ فِي الْقَبْرِ، لِانْحِرَافِهِ إِلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ عَنْ سَمْتِ الْحَفْرِ.
{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ
(181) }
يَقُولُ تَعَالَى: {وَمِمَّنْ خَلَقْنَا} أَيْ: وَمِنَ الْأُمَمِ {أُمًّةٌ} قَائِمَةٌ بِالْحَقِّ، قَوْلًا وَعَمَلًا {يَهْدُونَ بِالْحَقِّ} يَقُولُونَهُ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ، {وَبِهِ يَعْدِلُونَ} يَعْمَلُونَ وَيَقْضُونَ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ، هِيَ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ.
قَالَ سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ إِذَا قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "هَذِهِ لَكُمْ، وَقَدْ أُعْطِي الْقَوْمُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ مِثْلَهَا:{وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} (1)[الْأَعْرَافِ: 159]
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا عَلَى الْحَقِّ، حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ مَتَّى مَا نَزَلَ". (2)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ -وَفِي رِوَايَةٍ -: حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ -وَفِي رِوَايَةٍ -: وَهُمْ بِالشَّامِ"(3)
يَقُولُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ يَفْتَحُ لَهُمْ أَبْوَابَ الرِّزْقِ وَوُجُوهَ الْمَعَاشِ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى يَغْتَرُّوا بِمَا هُمْ فِيهِ وَيَعْتَقِدُوا (4) أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ * فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الْأَنْعَامِ:44، 45] ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {وَأُمْلِي لَهُمْ} أَيْ: وَسَأُمْلِي لَهُمْ، أُطَوِّلُ لَهُمْ مَا هُمْ فِيهِ {إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} أَيْ: قوي شديد.
(1) رواه الطبري في تفسيره (13/286) ، وهو مرسل.
(2)
رواه الثعلبي في تفسيره كما في تخريج أحاديث الكشاف للزيلعي (1/474) .
(3)
صحيحح البخاري برقم (3641) وصحيح مسلم برقم (1037) .
(4)
في أ: "ويعتقدون".