المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96] - تفسير ابن كثير - ط العلمية - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 18 الى 20]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 28]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 37]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 48 الى 51]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 52 الى 54]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 55 الى 58]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 64]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 75 الى 76]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 77]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 78]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 79 الى 80]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 83 الى 85]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 86 الى 89]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 90 الى 91]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 92]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 95]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 100 الى 101]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 109]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 110 الى 112]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 113 الى 117]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 123]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 124 الى 129]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 137 الى 143]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 144 الى 148]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 153]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 154 الى 155]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 الى 158]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 159 الى 164]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 165 الى 168]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 169 الى 175]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 180]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 181 الى 184]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 185 الى 186]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 187 الى 189]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 190 الى 194]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 195]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 198]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 199 الى 200]

- ‌سورة النساء

- ‌[سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 10]

- ‌ذِكْرُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالْوَصِيَّةِ لَهُمْ:

- ‌ذِكْرُ من قال هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ:

- ‌[سورة النساء (4) : آية 11]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 12]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مُرْسَلَةٌ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 31]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَقْوَالُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَقْوَالُ التَّابِعِينَ:

- ‌[سورة النساء (4) : آية 32]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 33]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 34]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 35]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 36]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 40 الى 42]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 58]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 59]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 63]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 70]

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 75 الى 76]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 77 الى 79]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 80 الى 81]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 82 الى 83]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 84 الى 87]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 88 الى 91]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 92 الى 93]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 101]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 102]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 109]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 110 الى 113]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 122]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 127]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 128 الى 130]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 135]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 136]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 140]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 141]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 144 الى 147]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 152]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 154]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 155 الى 159]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ

- ‌صِفَةُ عِيسَى عليه السلام

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 165]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 166 الى 170]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 171]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 174 الى 175]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌ذِكْرُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهَا

- ‌فهرس المحتويات

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

الفصل: ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

«ادْعُوَا لِي الْمِقْدَادَ، يَا مِقْدَادُ: أَقَتَلْتَ رَجُلًا يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَيْفَ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ غَدًا؟» قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمِقْدَادِ:«كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ، وَكَذَلِكَ كُنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ قُبَلُ» .

وَقَوْلُهُ: فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ أَيْ خَيْرٌ مِمَّا رَغِبْتُمْ فِيهِ عَرَضِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الَّذِي حَمَلَكُمْ عَلَى قَتْلِ مِثْلِ هَذَا الَّذِي أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ، وَأَظْهَرَ لكم الْإِيمَانَ فَتَغَافَلْتُمْ عَنْهُ وَاتَّهَمْتُمُوهُ بِالْمُصَانَعَةِ وَالتَّقِيَّةِ لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، فَمَا عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الرزق الْحَلَّالِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ مَالِ هَذَا.

وَقَوْلُهُ: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَيْ قَدْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْحَالِ كَهَذَا الَّذِي يُسِرُّ إِيمَانَهُ وَيُخْفِيهِ مِنْ قَوْمِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ آنِفًا، وَكَمَا قَالَ تَعَالَى: وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ [الأنفال: 26]، وهذا مذهب سعيد بن جبير لما رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ تُخْفُونَ إِيمَانَكُمْ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ تَسْتَخْفُونَ بِإِيمَانِكُمْ كَمَا اسْتَخْفَى هَذَا الرَّاعِي بِإِيمَانِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَذُكِرَ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ:

قَوْلُهُ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أَيْ تَابَ عَلَيْكُمْ فَحَلَفَ أُسَامَةُ لَا يَقْتُلُ رَجُلًا يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ الرَّجُلِ، وَمَا لَقِيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ، وَقَوْلُهُ: فَتَبَيَّنُوا تَأْكِيدٌ لِمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هذا تهديد ووعيد.

[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95) دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96)

قَالَ الْبُخَارِيُّ «1» : حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَيْدًا فَكَتَبَهَا، فَجَاءَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَشَكَا ضِرَارَتَهُ، فأنزل الله غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ادْعُ فُلَانًا، فَجَاءَهُ وَمَعَهُ الدَّوَاةُ وَاللَّوْحُ وَالْكَتِفُ، فَقَالَ اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

(1) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب 16) .

ص: 340

وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ وَخَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا ضَرِيرٌ، فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قال الْبُخَارِيُّ أَيْضًا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ السَّاعِدِيُّ أَنَّهُ رَأَى مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ فِي الْمَسْجِدِ، قَالَ:

فَأَقْبَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْلَى عَلَيَّ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَجَاءَهُ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَهُوَ يُمْلِيهَا عَلَيَّ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ لَوْ أَسْتَطِيعُ الْجِهَادَ لَجَاهَدْتُ، وَكَانَ أعمى، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وكان فخذه على فخذي فثقلت علي خفت أن ترض فخدي، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ- تفرد بِهِ الْبُخَارِيُّ دُونَ مُسْلِمٍ.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ وجه آخر عند الإمام أحمد «1» عن زيد فقال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ: قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِنِّي قَاعِدٌ إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم إِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ وغشيته السكينة، قال: فرفع فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي حِينَ غَشِيَتْهُ السَّكِينَةُ، قَالَ زَيْدٌ: فَلَا وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ شَيْئًا قَطُّ أَثْقَلَ مِنْ فَخِذِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: اكْتُبْ يَا زَيْدُ، فَأَخَذْتُ كَتِفًا، فَقَالَ: اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

وَالْمُجاهِدُونَ إلى قوله: أَجْراً عَظِيماً فكتبت ذلك فِي كَتِفٍ، فَقَامَ حِينَ سَمِعَهَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَ رَجُلًا أَعْمَى، فَقَامَ حِينَ سَمِعَ فضيلة المجاهدين، وقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ بِمَنْ لَا يَسْتَطِيعُ الجهاد ومن هو أعمى وأشباه ذلك؟ قال زيد: فو الله ما قضى كَلَامُهُ- أَوْ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ قَضَى كلامه- غَشِيَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم السَّكِينَةُ، فَوَقَعَتْ فَخِذُهُ عَلَى فَخِذِي، فَوَجَدْتُ مِنْ ثِقْلِهَا كَمَا وَجَدْتُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، فَقَالَ: اقْرَأْ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

وَالْمُجاهِدُونَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، قَالَ زيد: فألحقتها، فو الله كأني أَنْظُرُ إِلَى مُلْحَقِهَا عِنْدَ صَدْعٍ كَانَ فِي الْكَتِفِ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهِ نَحْوَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرزاق: أنبأنا معمر، أنبأنا الزُّهْرِيِّ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: كُنْتُ أَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ

وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكِنَّ بِي مِنَ الزَّمَانَةِ مَا قَدْ تَرَى، قَدْ ذَهَبَ بَصَرِي، قَالَ زَيْدٌ: فَثَقُلَتْ فَخِذُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي حَتَّى خَشِيتُ أَنْ تَرُضَّهَا ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أبي حاتم وابن جرير «2» وقال

(1) مسند أحمد 5/ 191.

(2)

تفسير الطبري 4/ 231.

ص: 341

عبد الرزاق: أخبرنا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ هُوَ ابْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ، أَنَّ مِقْسَمًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ بَدْرٍ وَالْخَارِجُونَ إِلَى بَدْرٍ، انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ «1» دُونَ مُسْلِمٍ، وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ عن بدر والخارجون إلى بدر، ولما نَزَلَتْ غَزْوَةُ بَدْرٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: إِنَّا أَعْمَيَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَهَلْ لَنَا رُخْصَةٌ؟ فَنَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً فَهَؤُلَاءِ الْقَاعِدُونَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً دَرَجاتٍ مِنْهُ عَلَى الْقَاعِدِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ، هَذَا لَفْظُ التِّرْمِذِيُّ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ من هذا الوجه.

فقوله: لَا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ مُطْلَقًا، فَلَمَّا نَزَلَ بِوَحْيٍ سَرِيعٍ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، صَارَ ذَلِكَ مَخْرَجًا لِذَوِي الْأَعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ الْجِهَادِ مِنِ الْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْمَرَضِ، عَنْ مُسَاوَاتِهِمْ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ. ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى بِفَضِيلَةِ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أن يكون، كما ثبت في صحيح الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مِنْ مَسِيرٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ وَادٍ إِلَّا وَهُمْ مَعَكُمْ فِيهِ، قَالُوا: وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ حَبَسَهُمُ العذر» «2» ، وهكذا رواه أَحْمَدُ «3» عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ بِهِ، وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ مَجْزُومًا، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ «4» عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَقَدْ تَرَكْتُمْ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا ما سرتم من مسير وَلَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَلَا قَطَعْتُمْ مِنْ واد إلا وهم معكم فيه» ، قالوا: وكيف يكونون معنا فيه يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ حَبَسَهُمُ الْعُذْرُ» لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ الشاعر:[البسيط]

يَا رَاحِلِينَ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ لَقَدْ

سِرْتُمْ جُسُومًا وَسِرْنَا نَحْنُ أَرْوَاحَا

إنَّا أَقَمْنَا عَلَى عُذْرٍ وَعَنْ قَدَرٍ

وَمَنْ أَقَامَ عَلَى عُذْرٍ فَقَدْ رَاحَا

وَقَوْلُهُ: وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى أَيِ الْجَنَّةَ وَالْجَزَاءَ الْجَزِيلَ. وَفِيهِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْجِهَادَ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ، بَلْ هُوَ فرض على الكفاية. قال تعالى: وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى

(1) صحيح البخاري (تفسير سورة النساء باب 16) . [.....]

(2)

صحيح البخاري (جهاد باب 35) .

(3)

مسند أحمد 3/ 103.

(4)

سنن أبي داود (جهاد باب 19) .

ص: 342