المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115] - تفسير ابن كثير - ط العلمية - جـ ٢

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 7 الى 9]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 10 الى 11]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 12 الى 13]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 16 الى 17]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 18 الى 20]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 21 الى 22]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 23 الى 25]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 26 الى 27]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 28]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 29 الى 30]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 31 الى 32]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 33 الى 34]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 35 الى 36]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 37]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 38 الى 41]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 45 الى 47]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 48 الى 51]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 52 الى 54]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 55 الى 58]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 64]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 65 الى 68]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 69 الى 74]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 75 الى 76]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 77]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 78]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 79 الى 80]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 83 الى 85]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 86 الى 89]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 90 الى 91]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 92]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 93 الى 95]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 96 الى 97]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 98 الى 99]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 100 الى 101]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 102 الى 103]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 104 الى 109]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 110 الى 112]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 113 الى 117]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 118 الى 120]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 121 الى 123]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 124 الى 129]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 130 الى 136]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 137 الى 143]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 144 الى 148]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 149 الى 153]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 154 الى 155]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 156 الى 158]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 159 الى 164]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 165 الى 168]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 169 الى 175]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 176 الى 180]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 181 الى 184]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 185 الى 186]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 187 الى 189]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 190 الى 194]

- ‌[سورة آل عمران (3) : آية 195]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 198]

- ‌[سورة آل عمران (3) : الآيات 199 الى 200]

- ‌سورة النساء

- ‌[سورة النساء (4) : آية 1]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 2 الى 4]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 7 الى 10]

- ‌ذِكْرُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالْوَصِيَّةِ لَهُمْ:

- ‌ذِكْرُ من قال هَذِهِ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ:

- ‌[سورة النساء (4) : آية 11]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 12]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 17 الى 18]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مُرْسَلَةٌ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 19 الى 22]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 23 الى 24]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 25]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 26 الى 28]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 29 الى 31]

- ‌ذِكْرُ أَقْوَالِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَقْوَالُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ:

- ‌أَقْوَالُ التَّابِعِينَ:

- ‌[سورة النساء (4) : آية 32]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 33]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 34]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 35]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 36]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 37 الى 39]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 40 الى 42]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 43]

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 46]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 47 الى 48]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 49 الى 52]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 58]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 59]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 63]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 70]

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 71 الى 74]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 75 الى 76]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 77 الى 79]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 80 الى 81]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 82 الى 83]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 84 الى 87]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 88 الى 91]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 92 الى 93]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 94]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 95 الى 96]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 101]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 102]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 103 الى 104]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 105 الى 109]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 110 الى 113]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 116 الى 122]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 123 الى 126]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 127]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 128 الى 130]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 131 الى 134]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 135]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 136]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 137 الى 140]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 141]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 142 الى 143]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 144 الى 147]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 148 الى 149]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 152]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 153 الى 154]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 155 الى 159]

- ‌ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ السَّمَاءِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَأَنَّهُ يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ

- ‌صِفَةُ عِيسَى عليه السلام

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 162]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 163 الى 165]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 166 الى 170]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 171]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 172 الى 173]

- ‌[سورة النساء (4) : الآيات 174 الى 175]

- ‌[سورة النساء (4) : آية 176]

- ‌ذِكْرُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهَا

- ‌فهرس المحتويات

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

الفصل: ‌[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

عَلَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَهُوَ الْقُرْآنُ وَالْحِكْمَةُ، وَهِيَ السُّنَّةُ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ

أَيْ قَبِلَ نُزُولِ ذَلِكَ عَلَيْكَ، كَقَوْلِهِ: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ [الشورى: 52] إلى آخر السورة، وقال تعالى: وَما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى إِلَيْكَ الْكِتابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [القصص: 86] ولهذا قال: وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً.

[سورة النساء (4) : الآيات 114 الى 115]

لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114) وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115)

يَقُولُ تَعَالَى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ يَعْنِي كَلَامَ النَّاسِ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ أَيْ إِلَّا نَجْوَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ نعوده، فدخل علينا سَعِيدُ بْنُ حَسَّانَ الْمَخْزُومِيُّ، فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ الثوري: الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح، ردّده عَلَيَّ، فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ صَالِحٍ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَلَامُ ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عز وجل، أَوْ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ، أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ» فقال سفيان:

أو ما سمعت الله في كتابه يقول: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِهِ، أَوْ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً [النَّبَأِ: 38] فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِهِ، أَوَ مَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: 1- 2] إلخ؟ فَهُوَ هَذَا بِعَيْنِهِ «1» ، وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ حَسَّانَ به، ولم يذكر أَقْوَالَ الثَّوْرِيِّ إِلَى آخِرِهَا، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حديث غريب، لا يعرف إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ خُنَيْسٍ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ شِهَابٍ أَنَّ حُمَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أُمَّهُ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يقول «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا، أَوْ يَقُولُ خَيْرًا» ، وَقَالَتْ لَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُهُ النَّاسُ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ:

فِي الْحَرْبِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ، وَحَدِيثِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَحَدِيثِ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، قَالَ:

وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وقد رواه الجماعة سوى

(1) قارن بالدر المنثور 2/ 388.

(2)

مسند أحمد 403.

ص: 364

ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طُرُقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهِ نَحْوَهُ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «1» : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلِ من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قَالَ: «إِصْلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ» ، قَالَ:«وَفَسَادُ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» «2» . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي أَيُّوبَ «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى تِجَارَةٍ؟» قال: بلى يا رسول الله. قال «تسعى في إصلاح بَيْنَ النَّاسِ إِذَا تَفَاسَدُوا، وَتُقَارِبُ بَيْنَهُمْ إِذَا تَبَاعَدُوا» ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُمَرِيُّ لَيِّنٌ، وَقَدْ حَدَّثَ بِأَحَادِيثَ لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهَا.

وَلِهَذَا قَالَ: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ أَيْ مُخْلِصًا فِي ذَلِكَ مُحْتَسِبًا ثَوَابَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل، فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً أي ثوابا جزيلا كَثِيرًا وَاسِعًا.

وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى أَيْ وَمَنْ سَلَكَ غَيْرَ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، فَصَارَ فِي شِقٍّ، وَالشَّرْعُ فِي شِقٍّ، وَذَلِكَ عَنْ عَمْدٍ منه بعد ما ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ وَتَبَيَّنَ لَهُ وَاتَّضَحَ لَهُ.

وَقَوْلُهُ: وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا مُلَازِمٌ لِلصِّفَةِ الْأُولَى، وَلَكِنْ قَدْ تَكُونُ الْمُخَالَفَةُ لِنَصِّ الشارع، وقد تكون لما اجتمعت عَلَيْهِ الْأُمَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ فِيمَا عُلِمَ اتِّفَاقُهُمْ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا، فَإِنَّهُ قَدْ ضُمِنَتْ لَهُمُ الْعِصْمَةُ فِي اجْتِمَاعِهِمْ مِنَ الْخَطَأِ تَشْرِيفًا لَهُمْ وَتَعْظِيمًا لِنَبِيِّهِمْ، وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك، قَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا طَرَفًا صَالِحًا فِي كِتَابِ أَحَادِيثِ الْأُصُولِ، وَمِنِ الْعُلَمَاءِ مَنِ ادَّعَى تَوَاتُرَ مَعْنَاهَا، وَالَّذِي عَوَّلَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي الِاحْتِجَاجِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً تَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ بَعْدَ التَّرَوِّي وَالْفِكْرِ الطَّوِيلِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الِاسْتِنْبَاطَاتِ وَأَقْوَاهَا، وَإِنْ كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدِّلَالَةَ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا تَوَعَّدَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً أَيْ إِذَا سَلَكَ هَذِهِ الطَّرِيقَ جَازَيْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ نُحْسِّنَهَا فِي صَدْرِهِ وَنُزَيِّنَهَا لَهُ اسْتِدْرَاجًا لَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:

فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ [الْقَلَمِ: 44]، وَقَالَ تَعَالَى: فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ [الصَّفِّ: 5]، وَقَوْلُهُ: وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الْأَنْعَامِ: 110] وَجَعْلَ النَّارَ مَصِيرَهُ فِي الْآخِرَةِ، لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَنِ الهدى لم يكن له طريق إلا

(1) مسند أحمد 6/ 444.

(2)

الحالقة: التي تستأصل الدين فتحلقه كما يحلق الشعر.

ص: 365