الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ مُرْسَلَةٌ:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ:
بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ، هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ رحمه الله. وقد قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا رحمه الله: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ بُشَيْرِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» ، وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال، فذكر مثله.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَثَمَّ أَبُو قِلَابَةَ، فَحَدَّثَ أَبُو قِلَابَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا لَعَنَ إِبْلِيسَ سَأَلَهُ النَّظِرَةَ، فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ ابْنِ آدَمَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ، فقال الله عز وجل: وَعِزَّتِي لَا أَمْنَعُهُ التَّوْبَةَ مَا دَامَ فِيهِ الرُّوحُ. وَقَدْ وَرَدَ هَذَا فِي حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «2» فِي مَسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو وَأَبِي الْهَيْثَمِ الْعُتْوَارِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ «قَالَ إِبْلِيسُ: وَعِزَّتِكَ لَا أَزَالُ أُغْوِيهِمْ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ، فَقَالَ اللَّهُ عز وجل: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي» فَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ عَلَى أَنَّ مَنْ تَابَ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَهُوَ يَرْجُو الْحَيَاةَ، فإن توبته مقبولة، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وأما مَتَى وَقَعَ الْإِيَاسُ مِنَ الْحَيَاةِ، وَعَايَنَ الْمَلَكَ، وَحَشْرَجَتِ الرُّوحُ فِي الْحَلْقِ وَضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ، وَبَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، وَغَرْغَرَتِ النَّفْسُ صَاعِدَةً فِي الْغَلَاصِمِ، فلا توبة مقبولة حينئذ، ولات حين مناص، ولهذا قال وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَهَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى:
فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [غَافِرٍ: 84]، وَكَمَا حَكَمَ تَعَالَى بِعَدَمِ تَوْبَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ إِذَا عَايَنُوا الشَّمْسَ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا في قوله تَعَالَى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ، أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً [الْأَنْعَامِ: 158] ، وَقَوْلُهُ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ وَشِرْكِهِ لَا يَنْفَعُهُ نَدَمُهُ وَلَا تَوْبَتُهُ، وَلَا يقبل منه فدية ولو بملء الأرض.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ قَالُوا: نزلت في
(1) تفسير الطبري 3/ 643.
(2)
مسند أحمد 3/ 41.