المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18): آية 60]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 77 الى 78]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 99 الى 110]

- ‌تَفْسِيرُ سُورَةِ مَرْيَمَ عليها السلام

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة مريم (19): آية 58]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 66 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 73 الى 76]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 77 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 83 الى 87]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 88 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19): آية 96]

- ‌[سورة مريم (19): آية 97]

- ‌[سورة مريم (19): آية 98]

- ‌[تفسير سورة طه عليه السلام]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 24 الى 35]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة طه (20): آية 45]

- ‌[سورة طه (20): آية 46]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 51 الى 52]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 56 الى 61]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 65 الى 71]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 72 الى 76]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 77 الى 79]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 80 الى 82]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 83 الى 89]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 99 الى 104]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 105 الى 110]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة طه (20): آية 115]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 116 الى 119]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 120 الى 122]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 128 الى 130]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنبياء]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 11 الى 15]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 16 الى 18]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 36]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 41]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 47]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 59 الى 61]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 62 الى 63]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 64 الى 67]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 70 الى 73]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 80]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 85 الى 86]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 89 الى 90]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 91]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 92]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 98]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 99 الى 100]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 101 الى 103]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 104]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 107 الى 109]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 110 الى 112]

الفصل: ‌[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56]

قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى) أَيْ وَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ مِنَ الْقُرْآنِ قِصَّةَ مُوسَى. (إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً)«1» في عبادته غير مرائي. وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ بِفَتْحِ اللَّامِ، أَيْ أَخْلَصْنَاهُ فَجَعَلْنَاهُ مُخْتَارًا. (وَنادَيْناهُ) أَيْ كَلَّمْنَاهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ. (مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) أَيْ يَمِينَ مُوسَى، وَكَانَتِ الشَّجَرَةُ فِي جَانِبِ الْجَبَلِ عَنْ يَمِينِ مُوسَى حِينَ أَقْبَلَ مِنْ مَدْيَنَ إِلَى مِصْرَ، قَالَهُ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنَّ الْجِبَالَ لَا يَمِينَ لَهَا وَلَا شِمَالَ. (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) نُصِبَ عَلَى الْحَالِ، أَيْ كَلَّمْنَاهُ مِنْ غَيْرِ وَحْيٍ. وَقِيلَ: أَدْنَيْنَاهُ لِتَقْرِيبِ الْمَنْزِلَةِ حَتَّى كَلَّمْنَاهُ. وَذَكَرَ وَكِيعٌ وَقَبِيصَةُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:" وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا" أي أدنى حتى سمع صريف الْأَقْلَامِ. (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) وَذَلِكَ حِينَ سَأَلَ فَقَالَ:" وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي"«2» .

[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (54) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (55) وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (56)

فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ) اخْتُلِفَ فِيهِ، فَقِيلَ: هُوَ إسماعيل ابن حِزْقِيلَ، بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى قَوْمِهِ فَسَلَخُوا جِلْدَةَ رَأْسِهِ، فَخَيَّرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا شَاءَ مِنْ عَذَابِهِمْ، فَاسْتَعْفَاهُ وَرَضِيَ بِثَوَابِهِ، وَفَوَّضَ أَمْرَهُمْ إِلَيْهِ فِي عَفْوِهِ وَعُقُوبَتِهِ. وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ إِسْمَاعِيلُ الذَّبِيحُ أَبُو الْعَرَبِ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الذَّبِيحَ إِسْحَاقُ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي فِي" وَالصَّافَّاتِ"«3» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَخَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِصِدْقِ الْوَعْدِ وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ تَشْرِيفًا لَهُ وَإِكْرَامًا، كَالتَّلْقِيبِ بِنَحْوِ الْحَلِيمِ وَالْأَوَّاهِ وَالصِّدِّيقِ، وَلِأَنَّهُ المشهور المتواصف «4» من خصاله.

(1). بكسر اللام قراءة (نافع).

(2)

. راجع ص 191 فما بعد من هذا الجزء.

(3)

. راجع ج 15 ص 98 فما بعد.

(4)

. كذا في ج وا وح وك. وفي ى: المتراحف وصوابه: المتراصف: أي المنتظم.

ص: 114

الثَّانِيَةُ- صِدْقُ الْوَعْدِ مَحْمُودٌ وَهُوَ مِنْ خُلُقِ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَضِدُّهُ وَهُوَ الْخُلْفُ مَذْمُومٌ، وَذَلِكَ مِنْ أَخْلَاقِ الْفَاسِقِينَ وَالْمُنَافِقِينَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي" بَرَاءَةٍ"«1» . وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّهِ إِسْمَاعِيلَ فَوَصَفَهُ بِصِدْقِ الْوَعْدِ. وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ، فَقِيلَ: إِنَّهُ وَعَدَ مِنْ نَفْسِهِ بِالصَّبْرِ عَلَى الذَّبْحِ فَصَبَرَ حَتَّى فُدِيَ. هَذَا فِي قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ الذَّبِيحُ. وَقِيلَ: وَعَدَ رَجُلًا أَنْ يَلْقَاهُ فِي مَوْضِعٍ فَجَاءَ إِسْمَاعِيلُ وَانْتَظَرَ الرَّجُلَ يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْمِ الْآخَرِ جَاءَ، فَقَالَ لَهُ: مَا زلت ها هنا فِي انْتِظَارِكَ مُنْذُ أَمْسِ. وَقِيلَ: انْتَظَرَهُ ثَلَاثَةَ أيام. وقد فَعَلَ مِثْلَهُ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم قَبْلَ بَعْثِهِ، ذَكَرَهُ النَّقَّاشُ وَخَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ قَالَ: بَايَعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ فَنَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ:(يَا فَتَى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ) لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ. وَقَالَ يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ: انْتَظَرَهُ إِسْمَاعِيلُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَلَّامٍ أَنَّهُ انْتَظَرَهُ سَنَةً. وَذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ وَعَدَ صَاحِبًا لَهُ أن ينتظره في مكان فانتظر سَنَةً. وَذَكَرَهُ الْقُشَيْرِيُّ قَالَ: فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ سَنَةً حَتَّى أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ: إِنَّ التَّاجِرَ الَّذِي سَأَلَكَ أَنْ تَقْعُدَ لَهُ حَتَّى يَعُودَ هُوَ إِبْلِيسُ فَلَا تَقْعُدْ وَلَا كَرَامَةَ لَهُ. وَهَذَا بَعِيدٌ وَلَا يَصِحُّ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ إِسْمَاعِيلَ لَمْ يَعِدْ شَيْئًا إِلَّا وَفَّى بِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ صَحِيحٌ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. الثَّالِثَةُ- مِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (الْعِدَةُ دَيْنٌ). وَفِي الْأَثَرِ (وَأْيُ «2» الْمُؤْمِنِ وَاجِبٌ) أَيْ فِي أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِينَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَرْضًا لِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَا حَكَاهُ أَبُو عُمَرَ أَنَّ مَنْ وَعَدَ بِمَالٍ مَا كَانَ لِيَضْرِبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ فَلِذَلِكَ قُلْنَا إِيجَابُ الْوَفَاءِ بِهِ حَسَنٌ مَعَ الْمُرُوءَةِ، وَلَا يُقْضَى بِهِ. وَالْعَرَبُ تَمْتَدِحُ بِالْوَفَاءِ، وَتَذُمُّ بِالْخُلْفِ وَالْغَدْرِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأُمَمِ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:

مَتَى مَا يَقُلْ حُرٌّ لِصَاحِبِ حَاجَةٍ

نَعَمْ يَقْضِهَا وَالْحُرُّ لِلْوَأْيِ ضَامِنُ

(1). راجع ج 8 ص 212 فما بعد. [ ..... ]

(2)

. الوأي، الوعد.

ص: 115

وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْوَفَاءَ يَسْتَحِقُّ صَاحِبُهُ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ، وَعَلَى الْخُلْفِ الذَّمَّ. وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ تبارك وتعالى عَلَى مَنْ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَوَفَى بِنَذْرِهِ، وَكَفَى بِهَذَا مَدْحًا وَثَنَاءً، وَبِمَا خَالَفَهُ ذَمًّا. الرَّابِعَةُ- قَالَ مَالِكٌ: إِذَا سَأَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَهَبَ لَهُ الْهِبَةَ فَيَقُولُ لَهُ نَعَمْ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَلَّا يَفْعَلَ فَمَا أَرَى يَلْزَمُهُ. قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَسَأَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهُ فَقَالَ نَعَمْ، وَثَمَّ رِجَالٌ يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ فَمَا أَحْرَاهُ أَنْ يَلْزَمَهُ إِذَا شَهِدَ عَلَيْهِ اثْنَانِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَسَائِرُ الفقهاء: إن العدة لا يلزم منها «1» شي لِأَنَّهَا مَنَافِعُ لَمْ يَقْبِضْهَا فِي الْعَارِيَةِ لِأَنَّهَا طَارِئَةٌ، وَفِي غَيْرِ الْعَارِيَةِ هِيَ أَشْخَاصٌ وَأَعْيَانٌ مَوْهُوبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ فَلِصَاحِبِهَا الرُّجُوعُ فِيهَا. وَفِي الْبُخَارِيِّ" وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ"، وَقَضَى ابْنُ أَشْوَعَ بِالْوَعْدِ وَذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ. قَالَ الْبُخَارِيُّ «2»: وَرَأَيْتُ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ يَحْتَجُّ بِحَدِيثِ ابْنِ أَشْوَعَ. الْخَامِسَةُ- (وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا) قِيلَ: أُرْسِلَ إِسْمَاعِيلُ إِلَى جُرْهُمَ. وَكُلُّ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا إِذَا وَعَدُوا صَدَقُوا، وَخَصَّ إِسْمَاعِيلَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. السَّادِسَةُ- (وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ) قَالَ الْحَسَنُ: يَعْنِي أُمَّتَهُ. وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ" وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ جُرْهُمَ وَوَلَدَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ". (وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)

أَيْ رَضِيًّا زَاكِيًا صَالِحًا. قَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: مَنْ قَالَ مَرْضِيٌّ بَنَاهُ عَلَى رَضِيتُ قَالَا: وَأَهْلُ الْحِجَازِ يَقُولُونَ: مَرْضُوٌّ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ رِضَوَانِ «3» وَرِضَيَانِ فَرِضَوَانِ عَلَى مَرْضُوٍّ، وَرِضَيَانِ عَلَى مَرْضِيٍّ وَلَا يُجِيزُ الْبَصْرِيُّونَ أَنْ يَقُولُوا إِلَّا رِضَوَانِ وَرِبَوَانِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاقَ الزَّجَّاجَ يَقُولُ: يُخْطِئُونَ فِي الْخَطِّ فَيَكْتُبُونَ رِبًا بِالْيَاءِ ثُمَّ يُخْطِئُونَ فِيمَا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا فَيَقُولُونَ رِبَيَانِ وَلَا يَجُوزُ إِلَّا رِبَوَانِ وَرِضَوَانِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:" وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ «4» النَّاسِ 30: 39".

(1). في ى: لا يلزم فيها بشيء.

(2)

. قاله في (التاريخ الأوسط) كما في (تهذيب التهذيب).

(3)

. أي في تثنية الرضا.

(4)

. راجع ج 13 ص 36.

ص: 116