المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18): آية 60]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 77 الى 78]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 99 الى 110]

- ‌تَفْسِيرُ سُورَةِ مَرْيَمَ عليها السلام

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة مريم (19): آية 58]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 66 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 73 الى 76]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 77 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 83 الى 87]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 88 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19): آية 96]

- ‌[سورة مريم (19): آية 97]

- ‌[سورة مريم (19): آية 98]

- ‌[تفسير سورة طه عليه السلام]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 24 الى 35]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة طه (20): آية 45]

- ‌[سورة طه (20): آية 46]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 51 الى 52]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 56 الى 61]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 65 الى 71]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 72 الى 76]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 77 الى 79]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 80 الى 82]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 83 الى 89]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 99 الى 104]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 105 الى 110]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة طه (20): آية 115]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 116 الى 119]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 120 الى 122]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 128 الى 130]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنبياء]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 11 الى 15]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 16 الى 18]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 36]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 41]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 47]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 59 الى 61]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 62 الى 63]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 64 الى 67]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 70 الى 73]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 80]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 85 الى 86]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 89 الى 90]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 91]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 92]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 98]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 99 الى 100]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 101 الى 103]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 104]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 107 الى 109]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 110 الى 112]

الفصل: ‌[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8]

النَّاقَةُ فِي رَحِمِهَا سَلًا قَطُّ أَيْ مَا ظَهَرَ فِيهَا وَلَدٌ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْكَلَامُ سائغا وقراءته أَسْمَاعُهُ وَأَفْهَامُهُ بِعِبَارَاتٍ يَخْلُقُهَا وَكِتَابَةٍ يُحْدِثُهَا. وَهِيَ مَعْنَى قَوْلِنَا قَرَأْنَا كَلَامَ اللَّهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ:" فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ"" فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ"«1» . وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ: (قَرَأَ) أَيْ تَكَلَّمَ بِهِ وَذَلِكَ مَجَازٌ كَقَوْلِهِمْ ذُقْتُ هَذَا الْقَوْلَ «2» ذَوَاقًا بِمَعْنَى اخْتَبَرْتُهُ. ومنه قول تعالى:" فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ"«3» أَيِ ابْتَلَاهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فَسُمِّيَ ذلك ذواقا وَالْخَوْفُ لَا يُذَاقُ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الذَّوْقَ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْفَمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْجَوَارِحِ. قَالَ ابْنُ فَوْرَكٍ: وَمَا قُلْنَاهُ أَوَّلًا أَصَحُّ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْخَبَرِ لِأَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى أَزَلِيٌّ قَدِيمٌ سَابِقٌ لِجُمْلَةِ الْحَوَادِثِ وَإِنَّمَا أَسْمَعَ وَأَفْهَمَ مَنْ أَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا أَرَادَ فِي الْأَوْقَاتِ وَالْأَزْمِنَةِ لَا أَنَّ عين كلامه يتعلق وجوده بمدة وزمان.

[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8]

بسم الله الرحمن الرحيم

طه (1) مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى (2) إِلَاّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى (3) تَنْزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى (4)

الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى (5) لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى (6) وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (7) اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى (8)

قَوْلُهُ تَعَالَى:" طه" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: هُوَ مِنَ الْأَسْرَارِ ذَكَرَهُ الْغَزْنَوِيُّ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ يَا رَجُلُ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَقِيلَ: إِنَّهَا لُغَةٌ مَعْرُوفَةٌ فِي عُكْلٍ. وَقِيلَ فِي عَكٍّ قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَوْ قُلْتَ فِي عَكٍّ لِرَجُلٍ يَا رَجُلُ لَمْ يُجِبْ حَتَّى تَقُولَ طه. وَأَنْشَدَ الطَّبَرِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: «4»

دَعَوْتُ بِطه فِي الْقِتَالِ فَلَمْ يُجِبْ

فَخِفْتُ عليه أن يكون موائلا

(1). راجع ج 19 ص 50 فما بعد.

(2)

. في ب وج وط وز وك: هذا الامر.

(3)

. راجع ج 10 ص 193 فما بعد.

(4)

. هو متمم بن نويرة ووائل: طلب النجاة.

ص: 165

وَيُرْوَى مُزَايِلَا. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرٍو: يَا حَبِيبِي بِلُغَةِ عَكٍّ ذَكَرَهُ الْغَزْنَوِيُّ وَقَالَ قطرب: هو بلغة طئ وَأَنْشَدَ لِيَزِيدَ بْنِ الْمُهَلْهِلِ:

إِنَّ السَّفَاهَةَ طه مِنْ شَمَائِلِكُمْ

لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي الْقَوْمِ الْمَلَاعِينِ

وَكَذَلِكَ قَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى" طه" يَا رجل. وقاله عِكْرِمَةُ وَقَالَ هُوَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ كَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ وَحَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ: أَنَّهُ بِالنَّبَطِيَّةِ يَا رَجُلُ. وَهَذَا قَوْلُ السُّدِّيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا قَالَ:

إِنَّ السَّفَاهَةَ طه مِنْ خَلَائِقِكُمْ

لَا قَدَّسَ اللَّهُ أَرْوَاحَ الْمَلَاعِينِ

وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَيْضًا: هُوَ كَقَوْلِكَ يَا رَجُلُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا وَإِنْ وُجِدَتْ فِي لُغَةٍ أُخْرَى فَإِنَّهَا مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ كَمَا ذكرنا وأنها لغة يمنية في عك وطئ وَعُكْلٍ أَيْضًا. وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَسَمٌ أَقْسَمَ بِهِ. وَهَذَا أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ كَمَا سَمَّاهُ مُحَمَّدًا. وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ (لِي عِنْدَ رَبِّي عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ) فَذَكَرَ أَنَّ فِيهَا طه وَيس وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لِلسُّورَةِ وَمِفْتَاحٌ لَهَا. وَقِيلَ: إِنَّهُ اخْتِصَارٌ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى رَسُولَهُ بِعِلْمِهِ. وَقِيلَ: إِنَّهَا حُرُوفٌ مُقَطَّعَةٌ يَدُلُّ كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا عَلَى مَعْنًى وَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ الطَّاءُ شَجَرَةُ طُوبَى وَالْهَاءُ النَّارُ الْهَاوِيَةُ وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنِ الشَّيْءِ كُلِّهِ بِبَعْضِهِ كَأَنَّهُ أَقْسَمَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الطَّاءُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ طَاهِرٌ وَطَيِّبٌ وَالْهَاءُ افْتِتَاحُ اسْمِهِ هَادِي. وَقِيلَ" طَاءٌ" يَا طَامِعَ الشَّفَاعَةِ لِلْأُمَّةِ" هَاءٌ" يَا هَادِيَ الْخَلْقِ إِلَى اللَّهِ «1» . وَقِيلَ: الطَّاءُ مِنَ الطَّهَارَةِ وَالْهَاءُ مِنَ الْهِدَايَةِ كَأَنَّهُ يَقُولُ لِنَبِيِّهِ عليه الصلاة والسلام: يَا طَاهِرًا مِنَ الذُّنُوبِ يَا هَادِيَ الْخَلْقِ إِلَى عَلَّامِ الْغُيُوبِ. وَقِيلَ الطَّاءُ طُبُولُ الْغُزَاةِ وَالْهَاءُ هَيْبَتُهُمْ فِي قُلُوبِ الْكَافِرِينَ. بَيَانُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ"«2» وَقَوْلُهُ:" وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ"«3» . وَقِيلَ: الطَّاءُ طرب أهل الجنة في الجنة والهاء هو ان أَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ. وَقَوْلٌ سَادِسٌ: إِنَّ مَعْنَى." طه" طُوبَى لِمَنِ اهْتَدَى قَالَهُ مُجَاهِدٌ ومحمد بن الحنفية.

(1). في الأصول جميعا: يا هادي الخلق إلى الملة.

(2)

. راجع ج 4 ص 232 فما بعد.

(3)

. راجع ج 18 ص 3 فما بعد.

ص: 166

وَقَوْلٌ سَابِعٌ: إِنَّ مَعْنَى" طه" طَإِ الْأَرْضَ وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَحَمَّلُ مَشَقَّةَ الصَّلَاةِ حَتَّى كَادَتْ قَدَمَاهُ تَتَوَرَّمُ وَيَحْتَاجُ إِلَى التَّرْوِيحِ بَيْنَ قَدَمَيْهِ فَقِيلَ لَهُ: طَإِ الْأَرْضَ أَيْ لَا تَتْعَبْ حَتَّى تحتاج إلى الترويح حكاه ابن الأنباري. وقد ذكر الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي" الشِّفَاءِ" أَنَّ الرَّبِيعَ بْنَ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى قَامَ عَلَى رِجْلٍ وَرَفَعَ الْأُخْرَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:" طه" يَعْنِي طَإِ الْأَرْضَ يَا مُحَمَّدُ. (مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى) 20: 2. الزَّمَخْشَرِيُّ: وَعَنِ الْحَسَنِ" طه" وَفُسِّرَ بِأَنَّهُ أمر بالوطي وَأَنَّ النَّبِيَّ عليه الصلاة والسلام كَانَ يَقُومُ فِي تَهَجُّدِهِ عَلَى إِحْدَى رِجْلَيْهِ فَأُمِرَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ بِقَدَمَيْهِ مَعًا وَأَنَّ الْأَصْلَ طَأْ فقلبت همزته هاء كما قلبت [ألفا «1»] فِي (يَطَا) فِيمَنْ قَالَ:

...... لَا هَنَاكِ الْمَرْتَعُ «2»

ثُمَّ بَنَى عَلَيْهِ هَذَا الْأَمْرَ وَالْهَاءُ لِلسَّكْتِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابُهُ يَرْبِطُونَ الْحِبَالَ فِي صُدُورِهِمْ فِي الصَّلَاةِ بِاللَّيْلِ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْوَحْيُ بِمَكَّةَ اجْتَهَدَ فِي الْعِبَادَةِ وَاشْتَدَّتْ عِبَادَتُهُ، فَجَعَلَ يُصَلِّي اللَّيْلَ كُلَّهُ زَمَانًا حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ فَيُصَلِّيَ وَيَنَامَ، فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قِيَامَ اللَّيْلِ فَكَانَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ يُصَلِّي وَيَنَامُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ وَالضَّحَّاكُ: فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ فَصَلُّوا فَقَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ إلا ليشقى فأنزل الله تعالى" طه" فيقول: يَا رَجُلُ" مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى 20: 2" أَيْ لِتَتْعَبَ، عَلَى مَا يَأْتِي. وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: إِنَّ" طه"[طَاهَا أَيْ «3»] طَإِ الْأَرْضَ فَتَكُونُ الْهَاءُ وَالْأَلِفُ ضَمِيرَ الْأَرْضِ أَيْ طَإِ الْأَرْضَ بِرِجْلَيْكَ فِي صَلَوَاتِكَ وَخُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ فَصَارَتْ أَلِفًا سَاكِنَةً. وَقَرَأَتْ طَائِفَةٌ:" طه" وَأَصْلُهُ طَأْ بمعنى

(1). الزيادة من تفسير الزمخشري.

(2)

. الشعر للفرزدق وتمام البيت:

راحت بمسلمة البغال عشية

فارعي فزارة لا هناك المرتع

قال هذا حين عزل مسلمة بن عبد الملك عن العراق ووليها عمر بن هبيرة الفزاري فهجاهم الفرزدق ودعا لقومه ألا يهنئوا النعمة بولايته. وأراد بغال البريد التي قدمت بمسلمة عند عزله. (شواهد سيبويه).

(3)

. الزيادة من كتب التفسير.

ص: 167

طَإِ الْأَرْضَ فَحُذِفَتِ الْهَمْزَةُ وَأُدْخِلَتْ هَاءُ السَّكْتِ: وَقَالَ زِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ: قَرَأَ رَجُلٌ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ" طه. مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى 20: 2 - 1" فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ:" طِهِ" فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَيْسَ قد أمر أن يطأ الأرض برجليه أَوْ بِقَدَمَيْهِ. فَقَالَ:" طِهِ" كَذَلِكَ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَالَ أَبُو عَمْرٍو وَأَبُو إِسْحَاقَ الْهَاءَ وَفَتَحَا الطَّاءَ. وَأَمَالَهُمَا جَمِيعًا أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ. وَقَرَأَهُمَا أَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ وَنَافِعٌ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ. الْبَاقُونَ بِالتَّفْخِيمِ قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهِيَ كلها لغات صحيحة فصيحة. النَّحَّاسُ: لَا وَجْهَ لِلْإِمَالَةِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لِعِلَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ هَاهُنَا يَاءٌ وَلَا كَسْرَةٌ فَتَكُونُ الْإِمَالَةُ وَالْعِلَّةُ الْأُخْرَى أَنَّ الطَّاءَ مِنَ الْحُرُوفِ الْمَوَانِعِ لِلْإِمَالَةِ فَهَاتَانِ عِلَّتَانِ بَيِّنَتَانِ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" مَا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى 20: 2" وقرى." مَا نُزِّلَ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ لِتَشْقَى". قَالَ النَّحَّاسُ: بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُ هَذِهِ لَامُ النَّفْيِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ لَامُ الْجُحُودِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَسَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ بْنَ كَيْسَانَ يَقُولُ: إِنَّهَا لَامُ الْخَفْضِ وَالْمَعْنَى مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِلشَّقَاءِ. وَالشَّقَاءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ. وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ. وَأَصْلُ الشَّقَاءِ فِي اللُّغَةِ الْعَنَاءُ وَالتَّعَبُ أَيْ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَتْعَبَ. قَالَ الشَّاعِرُ:

ذُو الْعَقْلِ يَشْقَى فِي النَّعِيمِ بِعَقْلِهِ

وَأَخُو الْجَهَالَةِ فِي الشَّقَاوَةِ يَنْعَمُ

فَمَعْنَى لِتَشْقَى:" لِتَتْعَبَ" بِفَرْطِ تَأَسُّفِكَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى كُفْرِهِمْ وَتَحَسُّرِكَ عَلَى أَنْ يُؤْمِنُوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى" فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ"«1» [الكهف: 6] أَيْ مَا عَلَيْكَ إِلَّا أَنْ تُبَلِّغَ وَتُذَكِّرَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَا مَحَالَةَ بَعْدَ أَنْ لَمْ تُفَرِّطْ فِي أَدَاءِ الرِّسَالَةِ والموعظة الحسنة. وروى أن أبا جهل [بن هشام «2»]- لعنه الله تعالى- والنضر بن الحرث قَالَا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّكَ شَقِيٌّ لِأَنَّكَ تَرَكْتَ دِينَ آبَائِكَ فَأُرِيدَ رَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ دِينَ الْإِسْلَامِ وَهَذَا الْقُرْآنَ هُوَ السُّلَّمُ إِلَى نَيْلِ كُلِّ فَوْزٍ وَالسَّبَبُ فِي دَرَكِ كُلِّ سَعَادَةٍ وَمَا فِيهِ الْكَفَرَةُ هُوَ الشَّقَاوَةُ بِعَيْنِهَا. وَعَلَى الْأَقْوَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صلى بالليل حتى اسمغدت «3» قَدَمَاهُ فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: أَبْقِ عَلَى نَفْسِكَ فَإِنَّ لَهَا عَلَيْكَ حَقًّا أَيْ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتُنْهِكَ نَفْسَكَ فِي الْعِبَادَةِ وَتُذِيقَهَا الْمَشَقَّةَ الْفَادِحَةَ وَمَا بُعِثْتَ إِلَّا بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ.

(1). راجع ج 10 ص 353.

(2)

. من ب وج وط وز وك.

(3)

. كذا في ب وج وط وز وى. أي تورمت كذا في ا. [ ..... ]

ص: 168

قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) 20: 3 قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ" تَشْقَى" أَيْ مَا أَنْزَلْنَاهُ إِلَّا تَذْكِرَةً. النَّحَّاسُ: وَهَذَا وَجْهٌ بَعِيدٌ وَأَنْكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ مِنْ أَجْلِ أَنَّ التَّذْكِرَةَ لَيْسَتْ بِشَقَاءٍ وَإِنَّمَا هُوَ مَنْصُوبٌ على المصدر أي أنزلنا لِتُذَكِّرَ بِهِ تَذْكِرَةً أَوْ عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى به ما أنزلناه إلا للتذكرة. وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ مَجَازُهُ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى وَلِئَلَّا تَشْقَى. (تَنْزِيلًا) 10 مَصْدَرٌ أَيْ نَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا. وَقِيلَ: بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ" تَذْكِرَةً". وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ الشَّامِيُّ:" تَنْزِيلٌ" بِالرَّفْعِ عَلَى مَعْنَى هَذَا تنزيل. (مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى) أي العالية الرفيعة وهى جمع العليا كقوله: كُبْرَى وَصُغْرَى وَكَبُرَ وَصَغُرَ أَخْبَرَ عَنْ عَظَمَتِهِ وجبروته وجلاله ثم قال: (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) 20: 5 وَيَجُوزُ النَّصْبُ عَلَى الْمَدْحِ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْخَفْضُ عَلَى الْبَدَلِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ: الرَّفْعُ بِمَعْنَى هُوَ الرَّحْمَنُ. النَّحَّاسُ: يَجُوزُ الرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ" لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ" فَلَا يُوقَفُ عَلَى" اسْتَوى " وَعَلَى الْبَدَلِ مِنَ الْمُضْمَرِ فِي" خَلَقَ" فَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى" اسْتَوى ". وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ خَبَرَ ابْتِدَاءٍ مَحْذُوفٍ وَلَا يُوقَفُ على" الْعُلى ". وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ فِي" الْأَعْرَافِ"«1» . وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بِغَيْرِ حَدٍّ وَلَا كَيْفٍ كَمَا يَكُونُ اسْتِوَاءُ الْمَخْلُوقِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُرِيدُ خَلَقَ مَا كَانَ وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَبَعْدَ الْقِيَامَةِ (لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى) 20: 6 يُرِيدُ مَا تَحْتَ الصَّخْرَةِ الَّتِي لَا يَعْلَمُ مَا تَحْتَهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ يَعْنِي الْأَرْضَ السَّابِعَةَ. ابْنُ عَبَّاسٍ «2» : الْأَرْضُ عَلَى نُونٍ وَالنُّونُ عَلَى الْبَحْرِ وَأَنَّ طَرَفَيِ النُّونِ رَأْسُهُ وَذَنَبُهُ يَلْتَقِيَانِ تَحْتَ الْعَرْشِ وَالْبَحْرُ عَلَى صخرة خضراء خضرة السَّمَاءُ مِنْهَا وَهِيَ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا" فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ" وَالصَّخْرَةُ عَلَى قَرْنِ ثَوْرٍ والثور على الثرى ولا يَعْلَمُ مَا تَحْتَ الثَّرَى إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ سبعة أبحر والأرضون سبع

(1). راجع ج 7 ص 219 فما بعد.

(2)

. هذه الرواية وما شاكلها رواها عن ابن عباس رواة غير ثقات وقد تكلم العلماء في هذه الرواية وأمثالها.

ص: 169

بَيْنَ كُلِّ أَرَضِينَ بَحْرٌ فَالْبَحْرُ الْأَسْفَلُ مُطْبِقٌ عَلَى شَفِيرِ جَهَنَّمَ وَلَوْلَا عِظَمُهُ وَكَثْرَةُ مَائِهِ وَبَرْدِهِ لَأَحْرَقَتْ جَهَنَّمُ كُلَّ مَنْ عَلَيْهَا. قَالَ: وَجَهَنَّمُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ وَمَتْنُ الرِّيحِ عَلَى حِجَابٍ مِنَ الظُّلْمَةِ لَا يَعْلَمُ عِظَمَهُ «1» إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَذَلِكَ الْحِجَابُ عَلَى الثَّرَى وَإِلَى الثَّرَى انْتَهَى عِلْمُ الْخَلَائِقِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) 20: 7 قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: السِّرُّ مَا حَدَّثَ بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ فِي خَفَاءٍ وَأَخْفَى مِنْهُ مَا أَضْمَرَ فِي نَفْسِهِ مِمَّا لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرَهُ. وَعَنْهُ أَيْضًا السِّرُّ حَدِيثُ نَفْسِكَ وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ مَا سَتُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ وَهُوَ كَائِنٌ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا تُسِرُّ بِهِ نَفْسُكَ الْيَوْمَ وَلَا تَعْلَمُ مَا تُسِرُّ بِهِ غَدًا وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا أَسْرَرْتَ الْيَوْمَ وَمَا تُسِرُّهُ غَدًا وَالْمَعْنَى: اللَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا" السِّرُّ" مَا أَسَرَّ ابْنُ آدَمَ فِي نَفْسِهِ" وَأَخْفَى" مَا خَفِيَ عَلَى ابْنِ آدَمَ مِمَّا هُوَ فَاعِلُهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ فَاللَّهُ تَعَالَى يَعْلَمُ ذَلِكَ كُلَّهِ وَعِلْمُهُ فِيمَا مَضَى مِنْ ذَلِكَ وَمَا يُسْتَقْبَلُ عِلْمٌ وَاحِدٌ وَجَمِيعُ الْخَلَائِقِ فِي عِلْمِهِ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ:" السِّرَّ 20: 7" مَا أَضْمَرَهُ الْإِنْسَانُ فِي نَفْسِهِ" وَأَخْفى 20: 7" مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا أَضْمَرَهُ أَحَدٌ. وقال ابن زيد:" السر"[سر «2»] الْخَلَائِقِ" وَأَخْفى 20: 7" مِنْهُ سِرُّهُ عز وجل وَأَنْكَرَ ذلك الطبري وقال إن الذي [هو «3»]" أَخْفى 20: 7" مَا لَيْسَ فِي سِرِّ الْإِنْسَانِ وَسَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. (اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى)" اللَّهُ" رُفِعَ بِالِابْتِدَاءِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَإٍ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي" يَعْلَمُ". وَحَّدَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا الْمُشْرِكِينَ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَمَّا سَمِعَهُ أَبُو جَهْلٍ يَذْكُرُ الرَّحْمَنَ قَالَ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مُحَمَّدٌ يَنْهَانَا أَنْ نَدْعُوَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَهُوَ يَدْعُو اللَّهَ وَالرَّحْمَنَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: [" الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى 20: 5" وأنزل]:" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى 110"«4» وَهُوَ وَاحِدٌ وَأَسْمَاؤُهُ كَثِيرَةٌ ثُمَّ قَالَ" اللَّهُ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى 20: 8". وَقَدْ تَقَدَّمَ التنبيه عليها في سورة (الأعراف)

«5» .

(1). في ب وج وز وط وك وى: غلظه.

(2)

. من ب وج وز وط وك وى.

(3)

. من ب وج وز وط وك وى.

(4)

. راجع ج 10 ص 342.

(5)

. راجع ج 7 ص 325 فما بعد.

ص: 170