الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَيْ مَجْمُوعٌ. وَالثَّانِي- أَنَّهُ بِمَعْنَى الْعَزْمِ وَالْإِحْكَامِ، قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَالْمُنَى لَا تَنْفَعُ
…
هَلْ أَغْدُوَنْ يَوْمًا وَأَمْرِي مُجْمَعُ
أَيْ مُحْكَمٌ. (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا) 20: 64 قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: جَمِيعًا. وَقِيلَ: صُفُوفًا لِيَكُونَ أَشَدَّ لِهَيْبَتِكُمْ. وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِوُقُوعِ الْفِعْلِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ يُقَالُ: أَتَيْتُ الصَّفَّ يَعْنِي الْمُصَلَّى، فَالْمَعْنَى عِنْدَهُ ائْتُوا الْمَوْضِعَ الَّذِي تَجْتَمِعُونَ فِيهِ يَوْمَ الْعِيدِ. وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ فُصَحَاءِ الْعَرَبِ: مَا قَدَرْتُ أَنْ آتِيَ الصَّفَّ، يَعْنِي الْمُصَلَّى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ثُمَّ ائْتُوا وَالنَّاسُ مُصْطَفُّونَ، فَيَكُونُ عَلَى هَذَا مَصْدَرًا في موضع الحال. ولذلك لم يجمع. وقرى:" ثُمِّ ايِتُوا" بِكَسْرِ الْمِيمِ وَيَاءٍ. وَمَنْ تَرَكَ الْهَمْزَةَ أَبْدَلَ مِنَ الْهَمْزَةِ أَلِفًا. (وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى) 20: 64 أَيْ مَنْ غَلَبَ. وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ قَوْلِ السَّحَرَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ. وَقِيلَ: من قول فرعون لهم.
[سورة طه (20): الآيات 65 الى 71]
قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى (65) قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى (66) فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى (67) قُلْنا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى (68) وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى (69)
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى (70) قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى (71)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالُوا يَا مُوسى) يُرِيدُ السَّحَرَةَ. (إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ) عَصَاكَ مِنْ يَدِكَ (وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) تَأَدَّبُوا مَعَ مُوسَى فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ إِيمَانِهِمْ. (قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ) 20: 66 فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، أَيْ فَأَلْقَوْا، دَلَّ عَلَيْهِ الْمَعْنَى. وَقَرَأَ الْحَسَنُ:(وَعُصِيَّهُمْ) بِضَمِّ الْعَيْنِ. قَالَ هَارُونُ الْقَارِئُ: لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ" وَعُصِيُّهُمْ" وَبِهَا يَأْخُذُ الْحَسَنُ. الْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ اتِّبَاعًا لِكَسْرَةِ الصَّادِ. وَنَحْوُهُ دُلِيٌّ وَدِلِيٌّ وَقُسِيٌّ وَقِسِيٌّ. (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى) 20: 66. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَابْنُ ذَكْوَانَ وَرَوْحٌ عَنْ يَعْقُوبَ:" تُخَيَّلُ" بِالتَّاءِ، وَرَدُّوهُ إِلَى الْعِصِيِّ وَالْحِبَالِ إِذْ هِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَطَّخُوا الْعِصِيَّ بِالزِّئْبَقِ، فَلَمَّا أَصَابَهَا حَرُّ الشَّمْسِ ارْتَهَشَتْ وَاهْتَزَّتْ. قَالَ الْكَلْبِيُّ: خُيِّلَ إِلَى مُوسَى أَنَّ الْأَرْضَ حَيَّاتٌ وَأَنَّهَا تَسْعَى عَلَى بَطْنِهَا. وقرى:" تَخَيَّلُ" بِمَعْنَى تَتَخَيَّلُ وَطَرِيقُهُ طَرِيقُ" تُخَيَّلُ" وَمَنْ قرأ" يخيل" بالياء رده إلى الكيد. وقرى" نُخَيِّلُ" بِالنُّونِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُخَيِّلُ لِلْمِحْنَةِ وَالِابْتِلَاءِ. وَقِيلَ: الْفَاعِلُ." أَنَّها تَسْعى " فَ"- أَنَّ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ، أَيْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ سَعْيُهَا، قَالَهُ الزَّجَّاجُ. وَزَعَمَ الْفَرَّاءُ أَنَّ مَوْضِعَهَا مَوْضِعُ نَصْبٍ، أَيْ بِأَنَّهَا ثُمَّ حَذَفَ الْبَاءَ. وَالْمَعْنَى فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: تَشَبَّهَ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ وَكَيْدِهِمْ حَتَّى ظَنَّ أَنَّهَا تَسْعَى. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَمَنْ قَرَأَ بِالتَّاءِ جَعَلَ" أَنَّ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَيْ تُخَيَّلُ إِلَيْهِ ذَاتَ سَعْيٍ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بَدَلًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي" تَخَيَّلُ" وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ، وَالْبَدَلُ فِيهِ بَدَلُ اشْتِمَالٍ. و" تَسْعى " مَعْنَاهُ تَمْشِي. قَوْلُهُ تَعَالَى:(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى) أَيْ أَضْمَرَ. وَقِيلَ: وَجَدَ. وَقِيلَ: أَحَسَّ. أَيْ مِنَ الْحَيَّاتِ وَذَلِكَ عَلَى مَا يَعْرِضُ مِنْ طِبَاعِ الْبَشَرِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَقِيلَ: خَافَ أَنْ يَفْتَتِنَ النَّاسُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَ عَصَاهُ. وَقِيلَ: خَافَ حِينَ أَبْطَأَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِإِلْقَاءِ الْعَصَا أَنْ يَفْتَرِقَ النَّاسُ قَبْلَ ذلك فيفتتنوا. وقال بعض أهل الحقائق: إن كَانَ السَّبَبُ أَنَّ مُوسَى عليه السلام لَمَّا الْتَقَى بِالسَّحَرَةِ وَقَالَ لَهُمْ:" وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ 20: 61" الْتَفَتَ فَإِذَا جِبْرِيلُ عَلَى يَمِينِهِ فَقَالَ لَهُ يَا مُوسَى تَرَفَّقْ بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ. فَقَالَ مُوسَى: يَا جِبْرِيلُ هَؤُلَاءِ سَحَرَةٌ جَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ لِيُبْطِلُوا الْمُعْجِزَةَ، وَيَنْصُرُوا دِينَ فِرْعَوْنَ، وَيَرُدُّوا دِينَ اللَّهِ، تَقُولُ: ترفق
بِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ! فَقَالَ جِبْرِيلُ: هُمْ مِنَ السَّاعَةِ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ عِنْدَكَ، وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ فِي الْجَنَّةِ. فَلَمَّا قَالَ لَهُ ذَلِكَ، أَوْجَسَ فِي نَفْسِ مُوسَى وَخَطَرَ أَنَّ مَا يُدْرِينِي مَا عِلْمُ اللَّهِ فِيَّ، فَلَعَلِّي أَكُونُ الْآنَ فِي حَالَةٍ، وَعِلْمُ اللَّهِ فِيَّ عَلَى خِلَافِهَا كَمَا كَانَ هَؤُلَاءِ. فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ مَا فِي قَلْبِهِ أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ" لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى 20: 68" أَيِ الْغَالِبُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَفِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الْجَنَّةِ، لِلنُّبُوَّةِ وَالِاصْطِفَاءِ الَّذِي آتَاكَ اللَّهُ بِهِ. وَأَصْلُ" خِيفَةً" خِوْفَةً فَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ الْخَاءِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا) 20: 69 «1» وَلَمْ يَقُلْ وَأَلْقِ عَصَاكَ، فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَصْغِيرًا لَهَا، أَيْ لَا تُبَالِ بِكَثْرَةِ حِبَالِهِمْ وَعِصِيِّهِمْ، وَأَلْقِ الْعُوَيْدَ الْفَرْدَ الصَّغِيرَ الْجِرْمَ الَّذِي فِي يَمِينِكَ، فَإِنَّهُ بِقُدْرَةِ اللَّهِ يَتَلَقَّفُهَا عَلَى وَحْدَتِهِ وَكَثْرَتِهَا، وَصِغَرِهِ وَعِظَمِهَا. وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَعْظِيمًا لَهَا أَيْ لَا تَحْفَلْ بِهَذِهِ الْأَجْرَامِ الْكَثِيرَةِ الْكَبِيرَةِ فَإِنَّ فِي يَمِينِكَ شَيْئًا أَعْظَمَ مِنْهَا كُلِّهَا، وَهَذِهِ عَلَى كَثْرَتِهَا أَقَلُّ شي وَأَنْزَرُهُ عِنْدَهَا، فَأَلْقِهِ يَتَلَقَّفُهَا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَمْحَقُهَا. وَ" تَلْقَفْ" بِالْجَزْمِ جَوَابُ الْأَمْرِ، كَأَنَّهُ قَالَ: إِنْ تُلْقِهِ تَتَلَقَّفْ، أَيْ تَأْخُذْ وَتَبْتَلِعْ. وَقَرَأَ السُّلَمِيُّ وَحَفْصٌ:" تَلْقَفُ" سَاكِنَةَ اللَّامِ مِنْ لَقِفَ يَلْقَفُ لَقْفًا. وَقَرَأَ ابْنُ ذَكْوَانَ وَأَبُو حَيْوَةَ الشامي ويحيى بن الحرث" تَلْقَفُ" بِحَذْفِ التَّاءِ وَرَفْعِ الْفَاءِ، عَلَى مَعْنَى فَإِنَّهَا تَتَلَقَّفُ. وَالْخِطَابُ لِمُوسَى. وَقِيلَ: لِلْعَصَا. وَاللَّقْفُ الْأَخْذُ بِسُرْعَةٍ، يُقَالُ: لَقِفْتُ الشَّيْءَ" بِالْكَسْرِ" أَلْقَفُهُ لَقْفًا، وَتَلَقَّفْتُهُ أَيْضًا أَيْ تَنَاوَلْتُهُ بِسُرْعَةٍ. عَنْ يَعْقُوبَ: يُقَالُ رَجُلٌ لَقِفٌ ثَقِفٌ أَيْ خَفِيفٌ حَاذِقٌ. وَاللَّقَفُ" بِالتَّحْرِيكِ" سُقُوطُ الْحَائِطِ. وَلَقَدْ لَقِفَ الْحَوْضُ لَقْفًا أَيْ تَهَوَّرَ مِنْ أَسْفَلِهِ وَاتَّسَعَ. وتلقف وتلقم وتلهم بمعنى. وقد مضى في (الأعراف) «2». لَقِمْتُ اللُّقْمَةَ" بِالْكَسْرِ" لَقْمًا، وَتَلَقَّمْتُهَا إِذَا ابْتَلَعْتُهَا فِي مُهْلَةٍ. وَكَذَلِكَ لَهِمَهُ" بِالْكَسْرِ" إِذَا ابْتَلَعَهُ." ما صَنَعُوا" أَيِ الَّذِي صَنَعُوهُ. وَكَذَا (إِنَّما صَنَعُوا) أَيْ إِنَّ الَّذِي صَنَعُوهُ" كَيْدُ" بِالرَّفْعِ" سِحْرٍ" بِكَسْرِ السِّينِ وَإِسْكَانِ الْحَاءِ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْكُوفِيِّينَ إِلَّا عَاصِمًا. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا- أَنْ يَكُونَ الكيد مضافا إلى السحر
(1). تلقف بالتشديد قراءة (نافع).
(2)
. راجع ج 7 ص 257 فما بعد.
عَلَى الْإِتْبَاعِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ حَذْفٍ. وَالثَّانِي- أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَيْدُ ذِي سِحْرٍ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ:" كَيْدَ" بِالنَّصْبِ «1» بِوُقُوعِ الصنع عليه و" ما" كَافَّةٌ وَلَا تُضْمَرُ هَاءُ" ساحِرٍ" بِالْإِضَافَةِ. وَالْكَيْدُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مُضَافٌ لِلسَّاحِرِ لَا لِلسِّحْرِ. وَيَجُوزُ فَتْحُ" أَنَّ" عَلَى مَعْنَى لِأَنَّ مَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ. (وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) 20: 69 أَيْ لَا يَفُوزُ وَلَا يَنْجُو حَيْثُ أَتَى مِنَ الْأَرْضِ. وَقِيلَ: حَيْثُ احْتَالَ. وَقَدْ مَضَى فِي (الْبَقَرَةِ)«2» حُكْمُ السَّاحِرِ وَمَعْنَى السِّحْرِ فَتَأَمَّلْهُ هُنَاكَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّداً) 20: 70 لَمَّا رَأَوْا مِنْ عَظِيمِ الْأَمْرِ وَخَرْقِ الْعَادَةِ فِي الْعَصَا، فَإِنَّهَا ابْتَلَعَتْ جَمِيعَ مَا احْتَالُوا بِهِ مِنَ الْحِبَالِ وَالْعِصِيِّ، وَكَانَتْ حِمْلَ ثَلَاثِمِائَةِ بَعِيرٍ ثُمَّ عَادَتْ عَصَا لَا يَعْلَمُ أَحَدٌ أَيْنَ ذَهَبَتِ الْحِبَالُ وَالْعِصِيُّ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وَقَدْ مَضَى فِي (الْأَعْرَافِ) «3» هَذَا الْمَعْنَى وَأَمْرُ الْعَصَا مُسْتَوْفًى. (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى. قالَ آمَنْتُمْ لَهُ) 20: 71 - 70 أَيْ بِهِ، يُقَالُ: آمَنَ لَهُ وَآمَنَ بِهِ، ومنه" فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ" «4» [العنكبوت: 26] وفي الأعراف قال آمَنْتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ). إِنْكَارٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ، أَيْ تَعَدَّيْتُمْ وَفَعَلْتُمْ مَا لَمْ آمُرْكُمْ بِهِ. (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ). أَيْ رَئِيسُكُمْ فِي التَّعْلِيمِ، وَإِنَّمَا غَلَبَكُمْ لِأَنَّهُ أَحْذَقُ بِهِ منكم. وإنما أراد فرعون بقول هَذَا لِيُشْبِهَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى لَا يَتَّبِعُوهُمْ فَيُؤْمِنُوا كَإِيمَانِهِمْ، وَإِلَّا فَقَدْ عَلِمَ فِرْعَوْنُ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مُوسَى، بَلْ قَدْ عَلِمُوا السِّحْرَ قَبْلَ قُدُومِ مُوسَى وَوِلَادَتِهِ. (فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) 20: 71 أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ. قَالَ سُوَيْدُ بْنُ أَبِي كَاهِلٍ:
هُمُ صَلَبُوا الْعَبْدِيَّ فِي جِذْعِ نَخْلَةٍ
…
فَلَا عَطَسَتْ شَيْبَانُ إِلَّا بِأَجْدَعَا
فَقَطَّعَ وَصَلَّبَ حَتَّى مَاتُوا رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ هُنَا وَفِي الْأَعْرَافِ" فَلَأُقَطِّعَنَّ 20: 71"" وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ" بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَالتَّخْفِيفِ مِنْ قَطَعَ وَصَلَبَ. (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) 20: 71 يَعْنِي أَنَا أَمْ رب موسى.
(1). العبارة هنا على إطلاقها تفيد أن هذه قراءة الجمهور. والجمهور قرأ: (كَيْدُ ساحِرٍ) 20: 69 برفع (كَيْدُ) كما في (البحر) وغيره قال في البحر: وقرا الجمهور: (كَيْدُ) بالرفع.
(2)
. راجع ج 2 ص 43 فما بعد.
(3)
. راجع ج 7 ص 259.
(4)
. راجع ج 13 ص 339.