المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ١١

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 54 الى 59]

- ‌[سورة الكهف (18): آية 60]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 61 الى 65]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 66 الى 70]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 71 الى 73]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 74 الى 76]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 77 الى 78]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 79 الى 82]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 83 الى 91]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 92 الى 98]

- ‌[سورة الكهف (18): الآيات 99 الى 110]

- ‌تَفْسِيرُ سُورَةِ مَرْيَمَ عليها السلام

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 1 الى 15]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 16 الى 26]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 27 الى 28]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 29 الى 33]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 34 الى 40]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 41 الى 50]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 51 الى 53]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 54 الى 56]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 56 الى 57]

- ‌[سورة مريم (19): آية 58]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 59 الى 63]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 64 الى 65]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 66 الى 72]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 73 الى 76]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 77 الى 80]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 83 الى 87]

- ‌[سورة مريم (19): الآيات 88 الى 95]

- ‌[سورة مريم (19): آية 96]

- ‌[سورة مريم (19): آية 97]

- ‌[سورة مريم (19): آية 98]

- ‌[تفسير سورة طه عليه السلام]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 1 الى 8]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 9 الى 16]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 19 الى 23]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 24 الى 35]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 36 الى 42]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 43 الى 44]

- ‌[سورة طه (20): آية 45]

- ‌[سورة طه (20): آية 46]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 47 الى 50]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 51 الى 52]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 53 الى 55]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 56 الى 61]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 62 الى 64]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 65 الى 71]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 72 الى 76]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 77 الى 79]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 80 الى 82]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 83 الى 89]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 90 الى 93]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 99 الى 104]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 105 الى 110]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 111 الى 112]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 113 الى 114]

- ‌[سورة طه (20): آية 115]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 116 الى 119]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 120 الى 122]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 123 الى 127]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 128 الى 130]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 131 الى 132]

- ‌[سورة طه (20): الآيات 133 الى 135]

- ‌[سورة الأنبياء]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 7 الى 10]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 11 الى 15]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 16 الى 18]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 19 الى 21]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 22 الى 24]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 25]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 26 الى 29]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 30 الى 33]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 34 الى 35]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 36]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 37 الى 40]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 41]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 42 الى 44]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 45 الى 46]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 47]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 48 الى 50]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 51 الى 56]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 57 الى 58]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 59 الى 61]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 62 الى 63]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 64 الى 67]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 68 الى 69]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 70 الى 73]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 74 الى 75]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 76 الى 77]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 78 الى 79]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 80]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 81 الى 82]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 83 الى 84]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 85 الى 86]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 87 الى 88]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 89 الى 90]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 91]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 92]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 93 الى 94]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 95 الى 97]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 98]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 99 الى 100]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 101 الى 103]

- ‌[سورة الأنبياء (21): آية 104]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 105 الى 106]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 107 الى 109]

- ‌[سورة الأنبياء (21): الآيات 110 الى 112]

الفصل: ‌[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98]

يَا شَيْخُ كُفَّ عَنِ الذُّنُوبِ

قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَالزَّلَلْ

وَاعْمَلْ لِنَفْسِكَ صَالِحًا

مَا دَامَ يَنْفَعُكَ الْعَمَلْ

أَمَّا الشَّبَابُ فَقَدْ مَضَى

وَمَشِيبُ رَأَسِكَ قَدْ نَزَلْ

وَفِي مِثْلِ هَذَا وَنَحْوِهِ «1» . الْجَوَابُ:- يَرْحَمُكَ اللَّهُ- مَذْهَبُ الصُّوفِيَّةِ بَطَالَةٌ وَجَهَالَةٌ وَضَلَالَةٌ، وَمَا الْإِسْلَامُ إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ، وَأَمَّا الرَّقْصُ وَالتَّوَاجُدُ فَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ أَصْحَابُ السَّامِرِيِّ، لَمَّا اتَّخَذَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ قَامُوا يَرْقُصُونَ حَوَالَيْهِ وَيَتَوَاجَدُونَ، فَهُوَ دِينُ الْكُفَّارِ وَعُبَّادِ الْعِجْلِ، وَأَمَّا الْقَضِيبُ فَأَوَّلُ مَنِ اتَّخَذَهُ الزَّنَادِقَةُ لِيَشْغَلُوا بِهِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا كَانَ يَجْلِسُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِهِ كَأَنَّمَا عَلَى رؤوسهم الطَّيْرُ مِنَ الْوَقَارِ، فَيَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ وَنُوَّابِهِ أَنْ يمنعهم من الْحُضُورِ فِي الْمَسَاجِدِ وَغَيْرِهَا، وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَحْضُرَ مَعَهُمْ، وَلَا يُعِينَهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ، هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِمْ من أئمة المسلمين وبالله التوفيق.

[سورة طه (20): الآيات 94 الى 98]

قالَ يَا بْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (94) قالَ فَما خَطْبُكَ يَا سامِرِيُّ (95) قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96) قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97) إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98)

قوله تعالى: َا بْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)

ابْنُ عَبَّاسٍ: أَخَذَ شَعْرَهُ بِيَمِينِهِ وَلِحْيَتَهُ بِيَسَارِهِ، لِأَنَّ الْغَيْرَةَ فِي اللَّهِ مَلَكَتْهُ، أَيْ لَا تَفْعَلْ هذا فيتوهموا أنه منك استخفاف

(1). في ب وج وط وك: وجوه.

ص: 238

أَوْ عُقُوبَةٌ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مُوسَى عليه السلام إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا عَلَى غَيْرِ اسْتِخْفَافٍ وَلَا عُقُوبَةٍ كَمَا يَأْخُذُ الْإِنْسَانُ بِلِحْيَةِ نَفْسِهِ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي (الْأَعْرَافِ)«1» مُسْتَوْفًى. وَاللَّهُ عز وجل أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ نَبِيُّهُ عليه السلام. ِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ) 20: 94

أَيْ خَشِيتُ أَنْ أَخْرُجَ وَأَتْرُكَهُمْ وَقَدْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَخْرُجَ مَعَهُمْ فَلَوْ خَرَجْتُ لَاتَّبَعَنِي قَوْمٌ وَيَتَخَلَّفُ مَعَ الْعِجْلِ قَوْمٌ، وَرُبَّمَا أَدَّى الْأَمْرُ إِلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ، وَخَشِيتُ إِنْ زَجَرْتُهُمْ أَنْ يَقَعَ قِتَالٌ فَتَلُومَنِي عَلَى ذَلِكَ. وَهَذَا جَوَابُ هرون لموسى السَّلَامُ عَنْ قَوْلِهِ" أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي 20: 93" وَفِي الْأَعْرَافِ" إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ 150" [الأعراف: 150] لِأَنَّكَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. ومعنىَ- لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) 20: 94

لم تعمل بوصيتي في حفظ [- هم، لأنك أمرتني أن أكون معهم «2»]، قاله مقاتل. وقال أبو عبيدة: لم تنتظر عَهْدِي وَقُدُومِي. فَتَرَكَهُ مُوسَى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْسَامِرِيِّ فَ (- قالَ فَما خَطْبُكَ يَا سامِرِيُّ) 20: 95 أَيْ، مَا أَمْرُكَ وَشَأْنُكَ، وَمَا الَّذِي حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ قَتَادَةُ: كَانَ السَّامِرِيُّ عَظِيمًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا سَامِرَةُ وَلَكِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ نَافَقَ بَعْدَ مَا قَطَعَ الْبَحْرَ مَعَ مُوسَى، فَلَمَّا مَرَّتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالْعَمَالِقَةِ وَهُمْ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ" قالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ" [الأعراف: 138] فَاغْتَنَمَهَا السَّامِرِيُّ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ يَمِيلُونَ إِلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ فَاتَّخَذَ الْعَجِلَ. فَ"- قالَ 30" السَّامِرِيُّ مُجِيبًا لِمُوسَى:" بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ 20: 96" يَعْنِي: رَأَيْتُ مَا لَمْ يَرَوْا، رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عليه السلام عَلَى فَرَسِ الْحَيَاةِ، فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَنْ أَقْبِضَ مِنْ أَثَرِهِ قَبْضَةً، فَمَا أَلْقَيْتُهُ على شي إِلَّا صَارَ لَهُ رُوحٌ وَلَحْمٌ وَدَمٌ فَلَمَّا سَأَلُوكَ أَنْ تَجْعَلَ لَهُمْ إِلَهًا زَيَّنَتْ لِي نَفْسِي ذَلِكَ. وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: لَمَّا نَزَلَ جِبْرِيلُ لِيَصْعَدَ بِمُوسَى عليه السلام إلى السماء، أبصره السَّامِرِيُّ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ فَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الْفَرَسِ. وَقِيلَ قَالَ السَّامِرِيُّ: رَأَيْتُ جِبْرِيلَ عَلَى الْفَرَسِ وَهِيَ تُلْقِي خَطْوَهَا مَدَّ الْبَصَرِ فَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَنْ أَقْبِضَ مِنْ أَثَرِهَا فما ألقيته على شي إِلَّا صَارَ لَهُ رُوحٌ وَدَمٌ. وَقِيلَ: رَأَى جِبْرِيلُ يَوْمَ نَزَلَ عَلَى رَمَكَةٍ «3» وَدِيقٍ، فَتَقَدَّمَ خَيْلُ فِرْعَوْنَ فِي وُرُودِ الْبَحْرِ. وَيُقَالُ: إِنَّ أُمَّ السَّامِرِيِّ جَعَلَتْهُ حِينَ وَضَعَتْهُ فِي غَارٍ خوفا

(1). راجع ج 7 ص 289 فما بعد وص 286 وص 253.

(2)

. من ب وج وط وك.

(3)

. الرمكة: الفرس والبرذونة التي تتخذ النسل معرب. وهي هنا الفرس. والوديق: التي تشتهي الفحل.

ص: 239

مِنْ أَنْ يَقْتُلَهُ فِرْعَوْنُ، فَجَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَجَعَلَ كَفَّ السَّامِرِيِّ فِي فَمِ السَّامِرِيِّ، فَرَضَعَ الْعَسَلَ وَاللَّبَنَ فَاخْتَلَفَ إِلَيْهِ فَعَرَفَهُ مِنْ حِينِئِذٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْمَعْنَى فِي" الْأَعْرَافِ" «1». وَيُقَالُ: إِنَّ السَّامِرِيَّ سَمِعَ كَلَامَ مُوسَى عليه السلام، حَيْثُ عَمِلَ تِمْثَالَيْنِ مِنْ شَمْعٍ أَحَدُهُمَا ثَوْرٌ وَالْآخَرُ فَرَسٌ فَأَلْقَاهُمَا فِي النِّيلِ طَلَبَ قَبْرَ يُوسُفَ عليه السلام وَكَانَ فِي تَابُوتٍ مِنْ حَجَرٍ فِي النِّيلِ فَأَتَى بِهِ الثَّوْرُ عَلَى قَرْنِهِ، فَتَكَلَّمَ السَّامِرِيُّ بِذَلِكَ الْكَلَامِ الَّذِي سَمِعَهُ مِنْ مُوسَى، وَأَلْقَى الْقَبْضَةَ فِي جَوْفِ الْعِجْلِ فَخَارَ. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَالْأَعْمَشُ وَخَلَفٌ:" بِمَا لَمْ تَبْصُرُوا" بِالتَّاءِ عَلَى الْخِطَابِ. الْبَاقُونَ بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ" فَقَبَصْتُ قَبْصَةً" بِصَادٍ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ. وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ ضَمُّ الْقَافِ من" قَبْضَةً 20: 96" والصاد غير معجمة. الباقون: (قبضت قَبْضَةً) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْقَبْضَ بِجَمِيعِ الْكَفِّ، وَالْقَبْصُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ، وَنَحْوُهُمَا الْخَضْمُ وَالْقَضْمُ، وَالْقُبْضَةُ بِضَمِّ الْقَافِ الْقَدْرُ الْمَقْبُوضُ، ذَكَرَهُ الْمَهْدَوِيُّ. وَلَمْ يَذْكُرِ الْجَوْهَرِيُّ" قُبْصَةً" بِضَمِّ الْقَافِ وَالصَّادُ غَيْرُ مُعْجَمَةٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ" الْقُبْضَةَ" بِضَمِّ الْقَافِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ مَا قَبَضْتَ عَلَيْهِ من شي، يُقَالُ: أَعْطَاهُ قُبْضَةً مِنْ سَوِيقٍ أَوْ تَمْرٍ أَيْ كَفًّا مِنْهُ، وَرُبَّمَا جَاءَ بِالْفَتْحِ. قَالَ: والقبض بِكَسْرِ الْقَافِ وَالصَّادِ غَيْرِ الْمُعْجَمَةِ الْعَدَدُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ، قَالَ الْكُمَيْتُ:

لَكُمْ مَسْجِدَا اللَّهِ الْمَزُورَانِ وَالْحَصَى

لَكُمْ قِبْصُهُ مِنْ بَيْنَ أَثْرَى وَأَقْتَرَى «2»

(فَنَبَذْتُها) 20: 96 أَيْ طَرَحْتُهَا فِي الْعِجْلِ. (وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) 20: 96 أَيْ زَيَّنَتْهُ، قَالَهُ الْأَخْفَشُ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: حَدَّثَتْنِي نَفْسِي. وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (قالَ فَاذْهَبْ) 20: 97 أَيْ قَالَ لَهُ مُوسَى فَاذْهَبْ أَيْ مِنْ بَيْنِنَا (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِساسَ) 20: 97 أَيْ لَا أُمَسُّ وَلَا أَمَسُّ طُولَ الْحَيَاةِ. فَنَفَاهُ مُوسَى عَنْ قَوْمِهِ وَأَمَرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا يُخَالِطُوهُ وَلَا يَقْرَبُوهُ وَلَا يُكَلِّمُوهُ عُقُوبَةً لَهُ. [والله أعلم «3»] قَالَ الشَّاعِرُ:

تَمِيمٌ كَرَهْطِ السَّامِرِيِّ وَقَوْلُهُ

أَلَا لا يريد السامري مساسا

(1). راجع ج 7 ص 274.

(2)

. أي من بين مثر ومقل. [ ..... ]

(3)

. من ك.

ص: 240

قَالَ الْحَسَنُ: جَعَلَ اللَّهُ عُقُوبَةَ السَّامِرِيِّ أَلَّا يُمَاسَّ النَّاسَ وَلَا يُمَاسُّوهُ عُقُوبَةً لَهُ وَلِمَنْ كَانَ مِنْهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَكَأَنَّ اللَّهَ عز وجل شَدَّدَ عَلَيْهِ الْمِحْنَةَ، بِأَنْ جَعَلَهُ لَا يُمَاسُّ أَحَدًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهُ أَحَدٌ، وَجَعَلَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُ فِي الدُّنْيَا. وَيُقَالُ: ابْتُلِيَ بِالْوَسْوَاسِ وَأَصْلُ الْوَسْوَاسِ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: بَقَايَاهُمْ إِلَى الْيَوْمِ يَقُولُونَ ذَلِكَ- لَا مِسَاسَ- وَإِنْ مَسَّ وَاحِدٌ مِنْ غَيْرِهِمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حُمَّ كِلَاهُمَا فِي الْوَقْتِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مُوسَى هَمَّ بِقَتْلِ السَّامِرِيِّ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: لَا تَقْتُلْهُ فَإِنَّهُ سَخِيٌّ. وَيُقَالُ لَمَّا قَالَ لَهُ مُوسَى:" فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لَا مِسَاسَ" خَافَ فَهَرَبَ فَجَعَلَ يَهِيمُ فِي الْبَرِيَّةِ مع السباع والوحش، لَا يَجِدُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَمَسُّهُ حَتَّى صَارَ كَالْقَائِلِ: لَا مِسَاسَ، لِبُعْدِهِ عَنِ النَّاسِ وَبُعْدِ النَّاسِ عَنْهُ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

حَمَّالُ رَايَاتٍ بِهَا قَنَاعِسَا

حَتَّى تَقُولَ الْأَزْدُ لَا مسابسا «1»

مَسْأَلَةٌ: هَذِهِ الْآيَةُ أَصْلٌ فِي نَفْيِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي وَهُجْرَانِهِمْ وَأَلَّا يُخَالَطُوا، وَقَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَالثَّلَاثَةِ «2» الَّذِينَ خُلِّفُوا. وَمَنِ التَجَأَ إِلَى الْحَرَمِ وَعَلَيْهِ قَتْلٌ لَا يُقْتَلُ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، وَلَكِنْ لَا يُعَامَلُ وَلَا يُبَايَعُ وَلَا يُشَارَى، وَهُوَ إِرْهَاقٌ إِلَى الْخُرُوجِ. وَمِنْ هذا القبيل التغريب في حد الزنى، وَقَدْ تَقَدَّمَ جَمِيعُ هَذَا كُلِّهِ فِي مَوْضِعِهِ، فَلَا مَعْنَى لِإِعَادَتِهِ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ. وَقَالَ هرون الْقَارِئُ: وَلُغَةُ الْعَرَبِ لَا مَسَاسِ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ النَّحْوِيُّونَ فِيهِ، فَقَالَ سِيبَوَيْهِ: هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْكَسْرِ كَمَا يُقَالُ اضْرِبِ الرَّجُلَ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا مِسَاسَ نَفْيٌ وَكُسِرَتِ السِّينُ لِأَنَّ الْكَسْرَةَ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ، تَقُولُ: فَعَلْتِ يَا امْرَأَةُ «3» . قَالَ النَّحَّاسُ وَسَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: إِذَا اعْتَلَّ الشَّيْءُ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ وَجَبَ أَنْ يُبْنَى، وَإِذَا اعْتَلَّ مِنْ جِهَتَيْنِ وَجَبَ أَلَّا يَنْصَرِفَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ تَرْكِ الصَّرْفِ إِلَّا الْبِنَاءُ، فَمِسَاسِ وَدِرَاكِ اعْتَلَّ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ: مِنْهَا أَنَّهُ مَعْدُولٌ، وَمِنْهَا أَنَّهُ مُؤَنَّثٌ، وَأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ، فَلَمَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ فِيهِ وَكَانَتِ الْأَلِفُ قَبْلَ السِّينِ سَاكِنَةً كُسِرَتِ السِّينُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، كَمَا تَقُولُ: اضْرِبِ الرجل. ورأيت أبا إسحاق

(1). كذا في الأصول ولم نقف عليه.

(2)

. في ك: وصاحبيه.

(3)

. كذا في النحاس. والذي في الأصول: فعلت المرأة.

ص: 241

يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خَطَأٌ، وَأَلْزَمَ أبا العباس إذا سمى أمرة بِفِرْعَوْنَ يَبْنِيهِ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ. وَقَالَ الجوهر فِي الصِّحَاحِ: وَأَمَّا قَوْلُ الْعَرَبِ لَا مَسَاسِ مِثَالُ قَطَامِ فَإِنَّمَا بُنِيَ عَلَى الْكَسْرِ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنِ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَسُّ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ" لَا مِساسَ 20: 97". (وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ) 20: 97 يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَالْمَوْعِدُ مَصْدَرٌ، أَيْ إِنَّ لَكَ وَعْدًا لِعَذَابِكَ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو:" تُخْلِفَهُ" بِكَسْرِ اللَّامِ وَلَهُ مَعْنَيَانِ: أَحَدُهُمَا- سَتَأْتِيهِ وَلَنْ تَجِدَهُ مُخْلَفًا، كَمَا تَقُولُ: أَحْمَدْتُهُ أَيْ وَجَدْتُهُ مَحْمُودًا. وَالثَّانِي- عَلَى التَّهْدِيدِ أَيْ لَا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَصِيرَ إليه. الباقون بِفَتْحِ اللَّامِ، بِمَعْنَى: إِنَّ اللَّهَ لَنْ يُخْلِفَكَ إِيَّاهُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ) 20: 97 أَيْ دُمْتَ وَأَقَمْتَ عَلَيْهِ." عاكِفاً 20: 97" أَيْ مُلَازِمًا، وَأَصْلُهُ ظَلَلْتَ، قَالَ:«1»

خَلَا أَنَّ الْعِتَاقَ مِنَ المطايا

أحسن به فهن إليه شوس

أَيْ أَحْسَسْنَ. وَكَذَلِكَ قَرَأَ الْأَعْمَشُ بِلَامَيْنِ عَلَى الْأَصْلِ. وَفِي قِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ:" ظِلْتَ" بِكَسْرِ الظَّاءِ. يُقَالُ: ظَلَلْتُ أَفْعَلُ كَذَا إِذَا فَعَلْتَهُ نَهَارًا وَظَلْتُ وَظِلْتُ، فَمَنْ قَالَ: ظَلْتُ حَذَفَ اللَّامَ الْأُولَى تَخْفِيفًا، وَمَنْ قَالَ: ظِلْتُ أَلْقَى حَرَكَةَ اللَّامِ عَلَى الظَّاءِ. (لَنُحَرِّقَنَّهُ) 20: 97 قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِضَمِّ النُّونِ وَشَدِّ الرَّاءِ مِنْ حَرَّقَ يُحَرِّقُ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: بِضَمِّ النُّونِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ مِنْ أَحْرَقَهُ يُحْرِقُهُ. وَقَرَأَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَأَشْهَبُ الْعُقَيْلِيُّ" لَنَحْرُقَنَّهُ" بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الرَّاءِ خَفِيفَةً، مِنْ حَرَقْتُ الشَّيْءَ أَحْرُقُهُ حَرْقًا بَرَدْتُهُ وَحَكَكْتُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: حَرَقَ نَابَهُ يُحْرِقُهُ وَيَحْرُقُهُ أَيْ سَحَقَهُ حَتَّى سُمِعَ لَهُ صَرِيفٌ، فَمَعْنَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لَنَبْرُدَنَّهُ بِالْمَبَارِدِ، وَيُقَالُ لِلْمِبْرَدِ الْمِحْرَقُ. وَالْقِرَاءَتَانِ الْأُولَيَانِ مَعْنَاهُمَا الْحَرْقُ بِالنَّارِ. وَقَدْ يُمْكِنُ جَمْعُ ذَلِكَ فِيهِ، قَالَ السُّدِّيُّ: ذَبَحَ الْعِجْلَ فَسَالَ مِنْهُ كَمَا يَسِيلُ مِنَ الْعِجْلِ إِذَا ذُبِحَ، ثُمَّ بَرَدَ عِظَامَهُ بِالْمِبْرَدِ وَحَرَقَهُ. وَفِي حَرْفِ ابْنِ مَسْعُودٍ:" لَنَذْبَحَنَّهُ ثُمَّ لَنَحْرُقَنَّهُ" واللحم والدم إذا أحرقا

(1). هو أبو زبيد والشوس (بالتحريك) قال ابن سيده: أن ينظر بإحدى عينيه ويميل وجهه في شق العين التي ينظر بها ويكون ذلك خلقة ويكون من الكبر والتيه والغضب.

ص: 242