الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِيَةُ- وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ نُزُولِهَا، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ كَانَتْ تَنُوبُهُ نَوَائِبُ وَحُقُوقٌ لَا يَسَعُهَا مَا فِي يَدَيْهِ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هَدَاكُمُ اللَّهُ بِهِ وَهُوَ ابْنُ أَخِيكُمْ، وَتَنُوبُهُ نَوَائِبُ وَحُقُوقٌ لَا يَسَعُهَا مَا فِي يَدَيْهِ فَنَجْمَعُ لَهُ، فَفَعَلُوا، ثُمَّ أَتَوْهُ بِهِ فَنَزَلَتْ. وَقَالَ الْحَسَنُ: نَزَلَتْ حِينَ تَفَاخَرَتِ الْأَنْصَارُ وَالْمُهَاجِرُونَ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ نَحْنُ فَعَلْنَا، وَفَخَرَتِ الْمُهَاجِرُونَ بِقَرَابَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. رَوَى مِقْسَمٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَخَطَبَ فَقَالَ لِلْأَنْصَارِ:(أَلَمْ تَكُونُوا أَذِلَّاءَ فَأَعَزَّكُمُ اللَّهُ بِي. أَلَمْ تَكُونُوا ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي. أَلَمْ تَكُونُوا خَائِفِينَ فَأَمَّنَكُمُ اللَّهُ بِي أَلَا تَرُدُّونَ عَلَيَّ)؟ فَقَالُوا: بِمَ نُجِيبُكَ؟ قَالَ. (تَقُولُونَ أَلَمْ يَطْرُدْكَ قَوْمُكَ فَآوَيْنَاكَ. أَلَمْ يُكَذِّبْكَ قَوْمُكَ فَصَدَّقْنَاكَ
…
) فَعَدَّدَ عَلَيْهِمْ. قَالَ: فَجَثَوْا عَلَى رُكَبِهِمْ فَقَالُوا: أَنْفُسُنَا وَأَمْوَالُنَا لك، فنزلت:" قل لا أسئلكم عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى". وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ الْمُشْرِكُونَ لَعَلَّ مُحَمَّدًا فِيمَا يَتَعَاطَاهُ يَطْلُبُ أَجْرًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، لِيَحُثَّهُمْ عَلَى مَوَدَّتِهِ وَمَوَدَّةِ أَقْرِبَائِهِ. قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وَهَذَا أَشْبَهُ بِالْآيَةِ، لِأَنَّ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ. قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً" أَيْ يَكْتَسِبُ. وَأَصْلُ الْقَرْفِ الْكَسْبُ، يُقَالُ: فُلَانٌ يَقْرِفُ لِعِيَالِهِ، أَيْ يَكْسِبُ. وَالِاقْتِرَافُ الِاكْتِسَابُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلٌ قِرْفَةٌ، إِذَا كَانَ مُحْتَالًا. وَقَدْ مَضَى فِي" الْأَنْعَامِ" «1» الْقَوْلُ فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً" قَالَ الْمَوَدَّةَ لِآلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم." نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً" أَيْ نُضَاعِفْ لَهُ الْحَسَنَةَ بِعَشْرٍ فَصَاعِدًا." إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" قَالَ قَتَادَةُ:" غَفُورٌ" لِلذُّنُوبِ" شَكُورٌ" لِلْحَسَنَاتِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ:" غَفُورٌ" لِذُنُوبِ آلِ مُحَمَّدٍ عليه السلام،" شكور" لحسناتهم.
[سورة الشورى (42): آية 24]
أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (24)
(1). راجع ج 7 ص 70