الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَذَلِكَ قَرَأَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْيَمَانِيُّ" فَأَنَا أَوَّلُ الْعَبِدِينَ" بِغَيْرِ أَلِفٍ، يُقَالُ، عَبِدَ يَعْبَدُ عبد ا (بِالتَّحْرِيكِ) إِذَا أَنِفَ وَغَضِبَ فَهُوَ عَبِدٌ، وَالِاسْمُ الْعَبَدَةُ مِثْلَ الْأَنَفَةِ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أُولَئِكَ أَجْلَاسِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ
…
وَأَعْبُدُ أَنْ أهجو كليبا بِدَارِمِ
وَيُنْشِدُ أَيْضًا:
أُولَئِكَ نَاسٌ إِنْ هَجَوْنِي هَجَوْتُهُمْ
…
وَأَعْبُدُ أَنْ يُهْجَى كُلَيْبٌ بِدَارِمِ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو وَقَوْلُهُ تَعَالَى" فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ" مِنَ الْأَنَفِ وَالْغَضَبِ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ وَالْقُتَبِيُّ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْهُمَا. وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: وَقَوْلُهُ تَعَالَى" فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ" قِيلَ هُوَ مِنْ عَبِدَ يَعْبَدُ، أَيْ مِنَ الْآنِفِينَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إِنَّمَا يُقَالُ عَبِدَ يَعْبَدُ فَهُوَ عَبِدٌ، وَقَلَّمَا يُقَالُ عَابِدٌ، وَالْقُرْآنُ لَا يَأْتِي بِالْقَلِيلِ مِنَ اللُّغَةِ وَلَا الشَّاذِّ، وَلَكِنَّ الْمَعْنَى فَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عز وجل عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ لَا وَلَدَ لَهُ. وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه فَأَمَرَ بِرَجْمِهَا، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: قَالَ اللَّهُ تعالى" وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ «1» شَهْراً"[الأحقاف: 15] وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى" وَفِصالُهُ فِي «2» عامَيْنِ"[لقمان: 14] فَوَاللَّهِ مَا عَبِدَ عُثْمَانُ أَنْ بَعَثَ إِلَيْهَا تُرَدُّ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي مَا اسْتَنْكَفَ وَلَا أَنِفَ. وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ:" فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ" أَيْ الْغِضَابُ الْآنِفِينَ. وَقِيلَ:" فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ" أَيْ أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَعْبُدُهُ عَلَى الْوَحْدَانِيَّةِ مُخَالِفًا لَكُمْ. أَبُو عُبَيْدَةَ: مَعْنَاهُ الْجَاحِدِينَ، وَحَكَى: عَبَدَنِي حَقِّي أَيْ جَحَدَنِي «3» . وَقَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَّا عَاصِمًا" وُلْدٌ" بِضَمِّ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ. الْبَاقُونَ وَعَاصِمٌ" وَلَدٌ" وَقَدْ تَقَدَّمَ «4» ." سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ وَتَقْدِيسًا. نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَا يَقْتَضِي الْحُدُوثَ، وَأَمَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالتَّنْزِيهِ." عَمَّا يَصِفُونَ" أَيْ عَمَّا يَقُولُونَ من الكذب.
[سورة الزخرف (43): آية 83]
فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (83)
(1). راجع ص 193 من هذا الجزء.
(2)
. راجع ج 14 ص 63.
(3)
. لفظة أى جحدنى ساقط من ل. [ ..... ]
(4)
. راجع ج 11 ص 155