الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[سورة العلق (96): آية 8]
إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (8)
أَيْ مَرْجِعُ مَنْ هَذَا وَصْفُهُ، فَنُجَازِيهِ. وَالرُّجْعَى وَالْمَرْجِعُ وَالرُّجُوعُ: مَصَادِرٌ، يُقَالُ: رَجَعَ إِلَيْهِ رُجُوعًا وَمَرْجِعًا. وَرُجْعَى، عَلَى وزن فعلى.
[سورة العلق (96): الآيات 9 الى 10]
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (9) عَبْداً إِذا صَلَّى (10)
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى) وَهُوَ أَبُو جَهْلٍ (عَبْداً) وَهُوَ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّ أَبَا جَهْلٍ قَالَ: إِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ، قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَاتِ تَعَجُّبًا «1» مِنْهُ. وَقِيلَ: فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْمَعْنَى: أَمِنَ هَذَا النَّاهِي عن الصلاة من العقوبة.
[سورة العلق (96): الآيات 11 الى 12]
أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (12)
أَيْ أَرَأَيْتَ يَا أَبَا جَهْلٍ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، أَلَيْسَ نَاهِيهِ عن التقوى والصلاة هالكا؟!
[سورة العلق (96): الآيات 13 الى 14]
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (14)
يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ كَذَّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ عز وجل، وَأَعْرَضَ عَنِ الْإِيمَانِ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى. عَبْداً إِذا صَلَّى وَهُوَ عَلَى الْهُدَى، وَأَمَرَ بِالتَّقْوَى، وَالنَّاهِي مُكَذِّبٌ مُتَوَلٍّ عَنِ الذِّكْرِ، أَيْ فَمَا أَعْجَبَ هَذَا! ثُمَّ يَقُولُ: وَيْلُهُ! أَلَمْ يَعْلَمْ أَبُو جَهْلٍ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى، أَيْ يَرَاهُ وَيَعْلَمُ فِعْلَهُ، فَهُوَ تَقْرِيرٌ وَتَوْبِيخٌ. وَقِيلَ: كُلُّ وَاحِدٍ من أَرَأَيْتَ بدل من الأول. وأَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى الخبر.
[سورة العلق (96): الآيات 15 الى 16]
كَلَاّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (15) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (16)
(1). أي تعجيبا منه، وهو إيقاع المخاطب وحمله على التعجب (عن حاشية الجمل).
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ) أَيْ أَبُو جَهْلٍ عَنْ أَذَاكَ يَا مُحَمَّدُ. لَنَسْفَعاً أَيْ لَنَأْخُذَنَّ بِالنَّاصِيَةِ فَلَنُذِلَّنَّهُ. وَقِيلَ: لَنَأْخُذَنَّ بِنَاصِيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُطْوَى مَعَ قَدَمَيْهِ، وَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ «1» [الرحمن: 41]. فَالْآيَةُ- وَإِنْ كَانَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ- فَهِيَ عِظَةٌ لِلنَّاسِ، وَتَهْدِيدٌ لِمَنْ يَمْتَنِعُ أَوْ يَمْنَعُ غَيْرَهُ عَنِ الطَّاعَةِ. وَأَهْلُ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: سَفَعْتُ بِالشَّيْءِ: إِذَا قَبَضْتُ عَلَيْهِ وَجَذَبْتُهُ جَذْبًا شَدِيدًا. ويقال: سفع بناصية فرسه. قال:
قَوْمٌ إِذَا كَثُرَ الصِّيَاحُ رَأَيْتَهُمْ
…
مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أَوْ سَافِعِ «2»
وَقِيلَ: هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ سَفَعَتْهُ النَّارُ وَالشَّمْسُ: إِذَا غَيَّرَتْ وَجْهَهُ إِلَى حَالِ تَسْوِيدٍ، كَمَا قَالَ:
أَثَافِيُّ سُفْعًا في معرس مرجل
…
ونوى كَجِذْمِ الْحَوْضِ أَثْلَمَ خَاشِعِ «3»
وَالنَّاصِيَةُ: شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ. وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنْ جُمْلَةِ الْإِنْسَانِ، كَمَا يُقَالُ: هَذِهِ نَاصِيَةٌ مُبَارَكَةٌ، إِشَارَةً إِلَى جَمِيعِ الْإِنْسَانِ. وَخَصَّ النَّاصِيَةَ بِالذِّكْرِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِيمَنْ أَرَادُوا إِذْلَالَهُ وَإِهَانَتَهُ أَخَذُوا بِنَاصِيَتِهِ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: السَّفْعُ: الْجَذْبُ بِشِدَّةٍ، أَيْ لَنَجُرَّنَّ بِنَاصِيَتِهِ إِلَى النَّارِ. وَقِيلَ: السَّفْعُ الضَّرْبُ، أَيْ لَنَلْطِمَنَّ وَجْهَهُ. وَكُلُّهُ مُتَقَارِبُ الْمَعْنَى. أَيْ يُجْمَعُ عَلَيْهِ الضَّرْبُ عِنْدَ الْأَخْذِ، ثُمَّ يُجَرُّ إِلَى جَهَنَّمَ. ثُمَّ قَالَ عَلَى الْبَدَلِ: ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ
(1). آية 41 سورة الرحمن.
(2)
. البيت لحميد بن ثور الهلالي الصحابي ويروى: (ما بين ملجم
…
)
(3)
. هكذا ورد البيت في جميع نسخ الأصل وتفسير ابن عادل وهو ملفق من قصيدتين. فالشطر الأول من معلقة زهير. والبيت كما في ديوانه ومعلقته:
أثافي سفعا في معرس مرجل
…
ونويا كجذام الحوض لم يتثلم
والشطر الثاني من قصيدة للنابغة: والبيت كما في ديوانه:
رماد ككحل العين لايا أبينه
…
ونوى كجذم الحوض أثلم
خاشع والاثلم: المتثلم. الخاشع: اللاصق بالأرض. والأثافي: الحجارة التي تجعل عليها القدر الواحدة أثفية. والسفع: السود. والمعرس: الموضع الذي فيه المرجل. والمرجل: كل قدر يطبخ فيها من حجارة أو حديد أو خزف أو نحاس. والنوى: حاجز يرفع حول البيت من تراب لئلا يدخل البيت الماء من خارج. وجذم الحوض: حرفه وأصله. ولم يتثلم: يعني النوى قد ذهب أعلاه ولم يتثلم ما بقي منه أي يتكسر.