المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[سورة الغاشية (88): الآيات 2 الى 3] - تفسير القرطبي = الجامع لأحكام القرآن - جـ ٢٠

[القرطبي]

فهرس الكتاب

- ‌[تفسير سورة الطارق]

- ‌[سورة الطارق (86): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الطارق (86): آية 4]

- ‌[سورة الطارق (86): الآيات 5 الى 8]

- ‌[سورة الطارق (86): آية 9]

- ‌[سورة الطارق (86): آية 10]

- ‌[سورة الطارق (86): الآيات 11 الى 16]

- ‌[سورة الطارق (86): آية 17]

- ‌[تفسير سورة الأعلى]

- ‌[سورة الأعلى (87): آيَةً 1]

- ‌[سورة الأعلى (87): الآيات 2 الى 5]

- ‌[سورة الأعلى (87): الآيات 6 الى 8]

- ‌[سورة الأعلى (87): آية 9]

- ‌[سورة الأعلى (87): آية 10]

- ‌[سورة الأعلى (87): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الأعلى (87): الآيات 14 الى 15]

- ‌[سورة الأعلى (87): آية 16]

- ‌[سورة الأعلى (87): آية 17]

- ‌[سورة الأعلى (87): الآيات 18 الى 19]

- ‌[تفسير سورة الغاشية]

- ‌[سورة الغاشية (88): آيَةً 1]

- ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 4]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 5]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 6]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 7]

- ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 8 الى 10]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 11]

- ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 12 الى 16]

- ‌[سورة الغاشية (88): آية 17]

- ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 18 الى 20]

- ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 21 الى 26]

- ‌[تفسير سورة الفجر]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 3]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 8]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 9]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 10]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 14]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 17 الى 20]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 21]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 22 الى 23]

- ‌[سورة الفجر (89): آية 24]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 25 الى 26]

- ‌[سورة الفجر (89): الآيات 27 الى 30]

- ‌[تفسير سورة البلد]

- ‌[سورة البلد (90): آيَةً 1]

- ‌[سورة البلد (90): آية 2]

- ‌[سورة البلد (90): آية 3]

- ‌[سورة البلد (90): آية 4]

- ‌[سورة البلد (90): الآيات 5 الى 9]

- ‌[سورة البلد (90): آية 10]

- ‌[سورة البلد (90): آية 11]

- ‌[سورة البلد (90): آية 12]

- ‌[سورة البلد (90): آية 13]

- ‌[سورة البلد (90): الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة البلد (90): الآيات 17 الى 20]

- ‌[تفسير سورة الشمس]

- ‌[سورة الشمس (91): آيَةً 1]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 2]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 3]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 4]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 5]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 6]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 7]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 8]

- ‌[سورة الشمس (91): الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة الشمس (91): الآيات 11 الى 14]

- ‌[سورة الشمس (91): آية 15]

- ‌[تفسير سورة والليل]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 1 الى 4]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 5 الى 10]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 11 الى 13]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 14 الى 16]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة الليل (92): الآيات 19 الى 21]

- ‌[تفسير سورة الضحى]

- ‌[سورة الضحى (93): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الضحى (93): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة الضحى (93): آية 6]

- ‌[سورة الضحى (93): آية 7]

- ‌[سورة الضحى (93): آية 8]

- ‌[سورة الضحى (93): الآيات 9 الى 11]

- ‌[تفسير سورة ألم نشرح]

- ‌[سورة الشرح (94): آية 1]

- ‌[سورة الشرح (94): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة الشرح (94): آية 4]

- ‌[سورة الشرح (94): الآيات 5 الى 6]

- ‌[سورة الشرح (94): الآيات 7 الى 8]

- ‌[تفسير سورة التين]

- ‌[سورة التين (95): آية 1]

- ‌[سورة التين (95): آية 2]

- ‌[سورة التين (95): آية 3]

- ‌[سورة التين (95): الآيات 4 الى 5]

- ‌[سورة التين (95): آية 6]

- ‌[سورة التين (95): آية 7]

- ‌[سورة التين (95): آية 8]

- ‌[تفسير سورة العلق]

- ‌[سورة العلق (96): آيَةً 1]

- ‌[سورة العلق (96): آية 2]

- ‌[سورة العلق (96): آية 3]

- ‌[سورة العلق (96): آية 4]

- ‌[سورة العلق (96): آية 5]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة العلق (96): آية 8]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 9 الى 10]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 11 الى 12]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 13 الى 14]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 15 الى 16]

- ‌[سورة العلق (96): الآيات 17 الى 18]

- ‌[سورة العلق (96): آية 19]

- ‌[تفسير سورة القدر]

- ‌[سورة القدر (97): آية 1]

- ‌[سورة القدر (97): الآيات 2 الى 3]

- ‌[سورة القدر (97): آية 4]

- ‌[سورة القدر (97): آية 5]

- ‌[تفسير سورة البينة]

- ‌[سورة البينة (98): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة البينة (98): آية 4]

- ‌[سورة البينة (98): آية 5]

- ‌[سورة البينة (98): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة البينة (98): آية 8]

- ‌[تفسير سورة الزلزلة]

- ‌[سورة الزلزلة (99): آية 1]

- ‌[سورة الزلزلة (99): آية 2]

- ‌[سورة الزلزلة (99): آية 3]

- ‌[سورة الزلزلة (99): الآيات 4 الى 6]

- ‌[سورة الزلزلة (99): الآيات 7 الى 8]

- ‌[تفسير سورة والعاديات]

- ‌[سورة العاديات (100): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 3]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 4]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 5]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 6]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 7]

- ‌[سورة العاديات (100): آية 8]

- ‌[سورة العاديات (100): الآيات 9 الى 11]

- ‌[تفسير سورة القارعة]

- ‌[سورة القارعة (101): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة القارعة (101): آية 4]

- ‌[سورة القارعة (101): آية 5]

- ‌[سورة القارعة (101): الآيات 6 الى 11]

- ‌[تفسير سورة التكاثر]

- ‌[سورة التكاثر (102): الآيات 1 الى 2]

- ‌[سورة التكاثر (102): الآيات 3 الى 4]

- ‌[سورة التكاثر (102): آية 5]

- ‌[سورة التكاثر (102): الآيات 6 الى 7]

- ‌[سورة التكاثر (102): آية 8]

- ‌[تفسير سورة والعصر]

- ‌[سورة العصر (103): آية 1]

- ‌[سورة العصر (103): آية 2]

- ‌[سورة العصر (103): آية 3]

- ‌[تفسير سورة الهمزة]

- ‌[سورة الهمزة (104): آية 1]

- ‌[سورة الهمزة (104): آية 2]

- ‌[سورة الهمزة (104): الآيات 3 الى 7]

- ‌[سورة الهمزة (104): الآيات 8 الى 9]

- ‌[تفسير سورة الفيل]

- ‌[سورة الفيل (105): آية 1]

- ‌[سورة الفيل (105): آية 2]

- ‌[سورة الفيل (105): آية 3]

- ‌[سورة الفيل (105): آية 4]

- ‌[سورة الفيل (105): آية 5]

- ‌[تفسير سورة قريش]

- ‌[سورة قريش (106): آية 1]

- ‌[سورة قريش (106): آية 2]

- ‌[سورة قريش (106): آية 3]

- ‌[سورة قريش (106): آية 4]

- ‌[تفسير سورة الماعون]

- ‌[سورة الماعون (107): الآيات 1 الى 7]

- ‌[تفسير سورة الكوثر]

- ‌[سورة الكوثر (108): آية 1]

- ‌[سورة الكوثر (108): آية 2]

- ‌[سورة الكوثر (108): آية 3]

- ‌[تفسير سورة الكافرون]

- ‌[سورة الكافرون (109): الآيات 1 الى 5]

- ‌[سورة الكافرون (109): آية 6]

- ‌[تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّصْرِ]

- ‌[سورة النصر (110): آية 1]

- ‌[سورة النصر (110): آية 2]

- ‌[سورة النصر (110): آية 3]

- ‌[تفسير سورة تبت]

- ‌[سورة المسد (111): آية 1]

- ‌[سورة المسد (111): آية 2]

- ‌[سورة المسد (111): آية 3]

- ‌[سورة المسد (111): آية 4]

- ‌[سورة المسد (111): آية 5]

- ‌[تفسير سورة الإخلاص]

- ‌[سورة الإخلاص (112): الآيات 1 الى 4]

- ‌[تفسير سورة الفلق]

- ‌قوله تعالى [سورة الفلق (113): الآيات 1 الى 5]

- ‌[تفسير سورة الناس]

- ‌[سورة الناس (114): الآيات 1 الى 3]

- ‌[سورة الناس (114): آية 4]

- ‌[سورة الناس (114): آية 5]

- ‌[سورة الناس (114): آية 6]

الفصل: ‌[سورة الغاشية (88): الآيات 2 الى 3]

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ «1» [إبراهيم: 50]. وَقِيلَ: تَغْشَى الْخَلْقَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ النَّفْخَةُ الثَّانِيَةِ لِلْبَعْثِ، لِأَنَّهَا تَغْشَى الْخَلَائِقَ. وَقِيلَ: الْغاشِيَةِ أَهْلُ النَّارِ يَغْشَوْنَهَا، وَيَقْتَحِمُونَ فِيهَا. وَقِيلَ: مَعْنَى هَلْ أَتاكَ أَيْ هَذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ عِلْمِكَ، وَلَا مِنْ عِلْمِ قَوْمِكَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا التفصيل المذكور ها هنا. وَقِيلَ: إِنَّهَا خَرَجَتْ مَخْرَجَ الِاسْتِفْهَامِ لِرَسُولِهِ، وَمَعْنَاهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ فَقَدْ أتاك، وهو معنى قول الكلبي.

[سورة الغاشية (88): الآيات 2 الى 3]

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ (2) عامِلَةٌ ناصِبَةٌ (3)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكُنْ أَتَاهُ حَدِيثُهُمْ، فَأَخْبَرَهُ عَنْهُمْ، فَقَالَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. خاشِعَةٌ قَالَ سُفْيَانُ: أَيْ ذَلِيلَةٌ بِالْعَذَابِ. وَكُلُّ مُتَضَائِلٍ سَاكِنٌ خَاشِعٌ. يُقَالُ: خَشَعَ فِي صَلَاتِهِ: إِذَا تَذَلَّلَ وَنَكَّسَ رَأْسَهُ. وَخَشَعَ الصَّوْتُ: خَفِيَ، قَالَ الله تعالى: وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ [طه: [108) «2» . وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوهِ أَصْحَابُ الْوُجُوهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: خاشِعَةٌ أَيْ فِي النَّارِ. وَالْمُرَادُ وُجُوهُ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ، قَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ. وَقِيلَ: أَرَادَ وُجُوهَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. ثُمَّ قَالَ (عامِلَةٌ ناصِبَةٌ) فَهَذَا فِي الدُّنْيَا، لِأَنَّ الْآخِرَةَ لَيْسَتْ دَارَ عَمَلٍ. فَالْمَعْنَى: وُجُوهٌ عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ فِي الدُّنْيَا خاشِعَةٌ فِي الْآخِرَةِ. قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا دَأَبَ فِي سَيْرِهِ: قَدْ عَمِلَ يَعْمَلُ عَمَلًا. وَيُقَالُ لِلسَّحَابِ إِذَا دَامَ بَرْقُهُ: قَدْ عَمِلَ يَعْمَلُ عَمَلًا. وَذَا سَحَابٌ عَمِلٌ. قَالَ الْهُذَلِيُّ:

«3» حَتَّى شَآهَا كَلِيلٌ مَوْهِنًا عَمِلٌ

بَاتَتْ طِرَابًا وَبَاتَ الليل لم ينم

(1). آية 50 سورة ابراهيم.

(2)

. آية 108 سورة طه.

(3)

. هو ساعدة بن جوية. وقوله (شآها): أي ساقها. والكليل: البرق الضعيف. والموهن: القطعة من الليل. وباتت طرابا: أي باتت البقر العطاش طرابا إلى السير إلى الموضع الذي فيه البرق. وبات البرق الليل أجمع لا يقر: فعبر عن البرق بأنه لم ينم، لاتصاله من أول الليل إلى آخره (راجع هذا البيت والكلام عليه في خزانة الأدب الشاهد الرابع بعد الستمائة).

ص: 26

ناصِبَةٌ أَيْ تَعِبَةٌ. يُقَالُ: نَصِبَ (بِالْكَسْرِ) يَنْصَبُ نَصَبًا: إِذَا تَعِبَ، وَنَصْبًا أَيْضًا، وَأَنْصَبَهُ غَيْرُهُ. فَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُمُ الَّذِينَ أَنَصَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ عز وجل، وَعَلَى الْكُفْرِ، مِثْلُ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَكُفَّارُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِثْلُ الرُّهْبَانِ وَغَيْرِهِمْ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مِنْهُمْ إِلَّا مَا كَانَ خَالِصًا لَهُ. وَقَالَ سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ قَالَ: تَكَبَّرَتْ فِي الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ عز وجل، فَأَعْمَلَهَا اللَّهُ وَأَنْصَبَهَا فِي النَّارِ، بِجَرِ السَّلَاسِلِ الثِّقَالِ، وَحَمْلِ الْأَغْلَالِ، وَالْوُقُوفِ حُفَاةً عُرَاةً فِي الْعَرَصَاتِ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَمْ تَعْمَلْ لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ تَنْصَبْ لَهُ، فَأَعْمَلَهَا وَأَنْصَبَهَا فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي النَّارِ. وَعَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ: يُكَلَّفُونَ ارْتِقَاءَ جَبَلٍ مِنْ حَدِيدٍ فِي جَهَنَّمَ، فَيَنْصَبُونَ فِيهَا أَشَدَّ مَا يَكُونُ مِنَ النَّصَبِ، بِمُعَالَجَةِ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ وَالْخَوْضِ فِي النَّارِ، كَمَا تَخُوضُ الْإِبِلُ فِي الْوَحْلِ، وَارْتِقَائِهَا فِي صُعُودٍ مِنْ نَارٍ، وَهُبُوطِهَا فِي حُدُورٍ مِنْهَا، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عَذَابِهَا. وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَرَأَ ابْنُ مُحَيْصِنٍ وَعِيسَى وَحُمَيْدُ، وَرَوَاهَا عُبَيْدُ عَنْ شِبْلٍ. عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ (نَاصِبَةً) بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ. وَقِيلَ: عَلَى الذَّمِّ. الْبَاقُونَ (بِالرَّفْعِ) عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى إِضْمَارِ مُبْتَدَأٍ، فَيُوقَفُ عَلَى خاشِعَةٌ. وَمَنْ جَعَلَ الْمَعْنَى فِي الْآخِرَةِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ عَنْ وُجُوهٌ، فَلَا يُوقَفُ عَلَى خاشِعَةٌ. وَقِيلَ: عامِلَةٌ ناصِبَةٌ أَيْ عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا نَاصِبَةٌ فِي الْآخِرَةِ. وَعَلَى هَذَا يَحْتَمِلُ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَامِلَةٌ فِي الدُّنْيَا، نَاصِبَةٌ فِي الْآخِرَةِ، خَاشِعَةٌ. قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ: عَمِلَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَعَاصِي. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُمُ الرُّهْبَانُ أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ عَنْهُ. وَرَوَى عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ- رضي الله عنه الشَّامَ أَتَاهُ رَاهِبٌ شَيْخٌ كَبِيرٌ مُتَقَهِّلٌ «1» ، عَلَيْهِ سَوَادٌ، فَلَمَّا رَآهُ عُمَرُ بَكَى. فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: هَذَا الْمِسْكِينُ طَلَبَ أَمْرًا فَلَمْ يُصِبْهُ، وَرَجَا رَجَاءً فَأَخْطَأَهُ،- وَقَرَأَ قَوْلَ اللَّهِ عز وجل وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ. عامِلَةٌ ناصِبَةٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ:

(1). أي شعث وسخ، يقال: أقهل الرجل، وتقهل. (النهاية لابن الأثير).

ص: 27