الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي فلما أعطوه العهد الموثق الذي اشترطه عليهم، قال: الله شهيد على ما قاله واشترطه، وعلى ما أجابوه به: أي إنه سبحانه رقيب عليه وأمره موكول إليه، فهو الذي يوفق للوفاء بالوعد والصدق فيما أعطوه من عهد.
[سورة يوسف (12) : الآيات 67 الى 68]
وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَاّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (67) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (68)
الإيضاح
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) أي وقال لهم يا بنى لا تدخلوا على هذا الوزير الكريم من باب واحد من أبواب الوصول إليه، بل ادخلوا عليه متفرقين من أبواب متعددة، لتروا بأعينكم ما يكون من تأثير كل طائفة منكم فى نفسه وما يظهر على أسارير وجهه وحركات عينيه حين رؤية شقيقه يدخل عليه مع طائفته، إذ لا يعلم هذا إذا دخلوا عليه كلهم جماعة واحدة.
وقد يكون المراد لا تدخلوا عليه مجتمعين فيحسدكم الحاسدون أو يكيد لكم الكائدون، فإذا حل بكم مكروه خشيت أن يصيبكم جميعا.
(وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) أي وما أدفع عنكم بتدبيري من قضاء الله شيئا، إذ لا يغنى حذر من قدر، وهو لا يريد إلغاء الحذر بتاتا، فإنه تعالى أمر به وقال «خُذُوا حِذْرَكُمْ» بل يريد أن هذا التدبير إنما هو تشبث بالأسباب العادية التي
لا تؤثر إلا بإذن الله تعالى، وأن ذلك ليس بدافع للقدر بل هو استعانة بالله تعالى وهرب منه إليه.
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) أي ما الحكم فى تدبير العالم ونظم الأسباب والمسببات إلا لله وحده.
(عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) أي عليه دون غيره، ودون حولى وقوتى اعتمدت فى كل ما آتى وأذر.
وفى هذا إيماء إلى أنّ الأخذ فى الأسباب ومراعاة اتباعها لا ينافى التوكل،
وقد جاء فى الخبر «اعقلها وتوكل» .
(وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) لا على أمثالهم من المخلوقين ولا على أنفسهم.
فعلى كل مؤمن أن يتخذ لكل أمر يقدم على عمله العدّة، ويهيئ من الأسباب ما يوصل إليه على قدر طاقته، ثم بعد ذلك يكل أمر النجاح فيه إلى الله ويطلب منه التوفيق والمعونة فى إنجازه، فقد يكون من الأسباب ما يخفى عليه أو ما لا تصل إليه يده.
(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) وهى الأبواب المتفرقة.
(ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ) أي ما كان دخولهم على هذا النهج يدفع عنهم شيئا من المكروه الذي يحول دون رجوعهم ببنيامين، ونسبتهم إلى السرقة، وتضاعف المصيبة على يعقوب.
(إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها) أي إن يعقوب كان عليما بأن الحذر لا يغنى من القدر، ولكن كانت هناك حاجة تدور بخلده، ما أراد أن يكاشف بها أحدا منهم وهى وراء الأسباب العادية فى الاحتياط بسلامة بنيامين والعودة به، قضاها بوصيته لأولاده من حيث لا يفطنون لها، وهى خوفه عليهم من العين ومن أن ينالهم مكروه من قبل ذلك.
(وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ) أي وإنه لذو علم خاص به وبأمثاله من الأنبياء، لما أعطيناه من علم الوحى وتأويل الرؤيا الصادقة، واعتقاده أن الإنسان يجب عليه