الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن تطلع الشمس من مغربها أدارها بالقطب (يريد المحور) فجعل مشرقها مغربها ومغربها مشرقها» .
وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرا» .
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي هريرة مرفوعا «ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض» .
(قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أي قل لهم: انتظروا أيها المعاندون وما تتوقعون إتيانه ووقوعه بنا من اختفاء أمر الإسلام. إنا منتظرون وعد ربنا لنا ووعيده لكم، ونحو الآية قوله:«فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ، قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ» .
وفى هذا من التهديد والوعيد ما لا يخفى، وهو كقوله:«وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ، وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» .
[سورة الأنعام (6) : آية 159]
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (159)
المعنى الجملي
بعد أن وصّى سبحانه هذه الأمة على لسان رسوله باتباع صراطه المستقيم، ونهى عن اتباع غيره من السبل، ثم ذكر شريعة التوراة المشابهة لشريعة القرآن ووصاياه، ثم تلا ذلك تذكيره لهم ولسائر المخاطبين بالقرآن بما ينتظر آخر الزمان من الحوادث الكونية للأفراد والأمم.
قفى على ذلك بتذكير هذه الأمة بما هى عرضة له بحسب سنن الاجتماع من إضاعة الدين بعد الاهتداء بالتفرق فيه بالمذاهب والآراء والبدع التي تجعلها أحزابا وشيعا تتعصب كل منها لمذهب أو إمام، فيضيع الحق وتنفصم عرا الوحدة وتصبح بعد أخوّة الإيمان أمما متعادية كما حدث لمن قبلهم من الأمم.
وقد ذهب بعض مفسرى السلف إلى أن الآية نزلت فى أهل الكتاب إذ فرقوا دين إبراهيم وموسى وعيسى، فجعلوه أديانا مختلفة، وكل منها مذاهب تتعصب لها شيع مختلفة، يتعادون ويتقاتلون فيه، وذهب بعض آخر إلى أنها نزلت فى أهل البدع والفرق الإسلامية والمذاهب التي استحدثت فمزقت وحدة الأمة.
ولا مانع من الجمع بين الرأيين، فإنه تعالى ذكر أهل الكتاب وشرعهم وأمر من استجاب لدعوة الإسلام بالوحدة وعدم التفرق كما تفرق من قبلهم، كما جاء فى سورة آل عمران:«وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» ثم بين أن رسوله برىء من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كما فعل أهل الكتاب، فهو يحذر من صنيعهم، وينهى عن سلوك طريقهم، فمن اتبع سنتهم فى هذا التفريق فالرسول برىء منه، كما هو برىء من أولئك المفرقين من سالفى الأمم.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: اختلفت اليهود والنصارى قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فلما بعث محمد أنزل عليه (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) الآية.
وأخرج رواة التفسير بالمأثور عن أبي هريرة فى قوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ) الآية.
قال هم فى هذه الأمة.
وأخرج الترمذي وابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهم عن عمر بن الخطاب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة: «يا عائش إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء وأصحاب الضلالة من هذه الأمة ليست لهم توبة، يا عائشة إن لكل صاحب ذنب توبة إلا أصحاب البدع وأصحاب الأهواء ليس لهم توبة،
أنا منهم برىء وهم منى برءاء»
وليس المراد بنفي التوبة عنهم أنهم لا تقبل لهم توبة إذا ظهر لهم خطؤهم وعرفوا بدعتهم فرجعوا وتابوا إلى ربهم، بل المراد أنهم لا يتوبون لزعمهم أنهم على الصواب، وسواهم على الباطل.
والخلاصة- إن المراد بالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا هم أهل الكتاب، والمقصود من براءة الرسول منهم تحذير أمته من مثل فعلهم، ليعلم أن من فعل فعلهم وحذا حذوهم من هذه الأمة فالرسول منه برىء، إذ ما ورد فى الكتاب والسنة من صفات الكفار وأفعالهم ليس خاصا بهم، بل إذا اتصف المسلمون بمثل ما اتصفوا به كان حكمهم كحكمهم، لأن الله لا يبيح للمسلمين البدع والضلالات والتفرق فى الدين لأنهم مسلمون، فإن ذلك يكون هدما لأسس الدين، وخروجا من سنن المهتدين.
ولدى التحقيق والبحث نجد أن أسباب التفرق فى هذه الأمة فى دينها وتبعه ضعفها فى دنياها ترجع إلى أمور:
(1)
التنازع على الملك، وقد حدث هذا من بدء الإسلام واستمر حتى وقتنا هذا.
(2)
العصبية الجنسية والنّعرة القومية فى كل شعب وقبيل، إذ شمخ كل شعب بأنفه وأبي أن يخضع لغيره اعتقادا منه أنه أرقى الشعوب أرومة، وأرفعها محتدا، فأنى له أن ينقاد لسواه؟
(3)
عصبية المذاهب والآراء فى أصول الدين وفروعه، فأرباب المذاهب من الشيعة ذمّوا بقية المذاهب الأخرى كالحنفية والشافعية، ورجال الحديث تكلموا فى أهل القياس.
(4)
القول فى الدين بالرأى، فإن كثيرا ممن يركن إليهم فى الفتيا واستنباط الأحكام الدينية ضعيف عن حمل السنة والتفقه فى فهم الكتاب، فإذا عرضت له حادثه ولم يفطن إلى مأخذها من الكتاب أو السنة أفتى فيها بالرأى، وقد يكون