المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌باب البيوع

- ‌فصل في بيع الأصول

- ‌فصل في بيع العروض

- ‌فصل في حكم بيع الطعام

- ‌فصل في بيع النقدين والحلي وشبهه

- ‌فصل في بيع الثمار وما يلحق بها

- ‌فصل في الجائحة في ذلك

- ‌فصل في بيع الرقيق وسائر الحيوان

- ‌فصل

- ‌فصل في بيع الدين والمقاصة فيه

- ‌فصل في الحوالة

- ‌فصل في بيع الخيار والثنيا

- ‌فصل في بيع الفضولي وما يماثله

- ‌فصل في بيع المضغوط وما أشبهه

- ‌فصل في مسائل من أحكام البيع

- ‌فصل

- ‌فصل في اختلاف المتبايعين

- ‌{فصل في حكم البيع على الغائب}

- ‌{فصل في العيوب}

- ‌{فصل في الغبن}

- ‌{فصل في الشفعة}

- ‌{فصل في القسمة}

- ‌{فصل في المعاوضة}

- ‌{فصل في الاقالة}

- ‌{فصل في التولية والتصيير}

- ‌{فصل في السلم}

- ‌{باب الكراء وما يتصل به}

- ‌{فصل في كراء الأرض وفي الجائحة فيه}

- ‌{فصل في أحكام من الكراء}

- ‌{فصل في اختلاف المكري والمكتري}

- ‌{فصل في كراء الرواحل والسفن}

- ‌{فصل في الإجارة}

- ‌{فصل في الجعل}

- ‌{فصل في المساقاة}

- ‌{فصل في الاغتراس}

- ‌{فصل في المزارعة}

- ‌{فصل في الشركة}

- ‌{فصل في القراض}

الفصل: ‌{فصل في القسمة}

فله الشفعة على القول المختار لإنه موسر بجميع ذلك النصف الذي يستشفع به والنصف الذي استشفعه كما في المواق وقول الناظم الشفيع مفعول به مقدم وحال أي صفة فاعل مؤخر وهو مضاف وما أي الثمن مضاف إليه واشترى بالبناء للنائب ونائب الفاعل ضمير يعود على الشقص وجملة أشتري صلة ما والعائد محذوف تقديره به ومن جنس وما عطفت عليه بيان لحال ثم قال

(وما ينوب المشتري فيما اشترى

يدفعه له الشفيع محضرا)

يعني أن جميع ما دفعه المشتري من المصاريف على الشقص الذي اشتراه من أجرة عدول وثمن الكاغذ ومكس واجرة دلال اعتيدت أو اشترطت ونحوها فإن الشفيع يدفعه للمشتري حاضراً من غير تأخير (فرع) ذكر صاحب المعيار أثر هذا الكلام مسئلة فقال (وسئل) فقهاء طليطله عن المشتري يكري الشقص المشترى من دار أو أرض أو حانوت لأعوام ثم يقوم الشفيع يطلبه بالشفعة (فأجاب) ابن عتاب وابن القطان وابن مالك له الأخذ بالشفعة وإن يفسخ الكراء اهـ وقيل لا فسخ وقيل غير ذلك لعدم وجود نص في عين النازلة (ولما) جرى ذكر القسمة في الشفعة ناسب أن يذكر عقبها القسمة فقال

{فصل في القسمة}

(تمهيد مفيد) أعلم أن أبحاث القسمة ستة (الأول) في معناها لغة واصطلاحا (والثاني) في أصل مشروعيتها (والثالث) في حكمها (والرابع) في حكمتها (والخامس) في أركانها (والسادس) في أقسامها (أما) معناها في اللغة فقال صاحب المصباح قسمته قسما من باب ضرب فرزته أجزاء فانقسم والموضع مقسم كمسجد والفاعل قاسم وقسام مبالغة والاسم القسم بالكسر ثم أطلق على الحصة والنصيب فيقال هذا قسمي والجمع أقسام مثل حمل وأحمال واقتسموا المال بينهم والإسم القسمة وأطلق على

ص: 111

النصيب أيضا وجمعها قسم مثل سدرة وسدر اهـ. وقال في المغرب وهو كتاب في اللغة القسم بالفتح قسم القسام المال بين الشركاء فرقة بينهم وعين انصباءهم ومنه القسم بين النساء والقسم بالكسر النصيب اخـ خرشي. وفي الاصطلاح عرفها الإمام ابن عرفة بقوله تصيير مشاع من مملوك مالكين فأكثر معينا ولو باقتصاص تصرفه فيه بقرعة أو تراض (فقوله) تصيير مشاع مضاف ومضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول ومفعوله الثاني معينا والفاعل محذوف تقديره إنسان أي جعل إنسان عارف بحقائق الأشياء وقيمتها شيئاً مشاعا مملوكا لمالكين فأكثر معينا ويجوز تقدير الفاعل القاسم كما في بعض الشروح ويعرف بالتعريف المذكور ونحوه وحينئذ ينتفي الدور الذي توهمه بعضهم بإنفكاك الجهة على أن الدور إنما يكون في الحدود الحقيقة وإما الحدود المجازية التي هي رسوم في الحقيقة كما هنا فلا يلزم فيها ذلك لإنها من باب تبديل لفظ بلفظ مرادف له أشهر منه كما هو مقرر في محله وفي المشاع فهو الذي ليست له صورة بخلاف المعين (وقوله) من مملوك بيان لمشاع ومتعلق به. وقوله معينا يخرج به ما صيره القاسم غير معين بأن كان مجهولا ويأتي مثاله قريبا ويدخل قسم ما على مدين لمورثهم ولو غائبا ولا يجوز قسم الذمم بأن يتبع كل واحد مدينا للخطر ويخرج بقوله مالكين فأكثر تعيين ما كان لمالك واحد كتعيين معتق أحد عبدين احدهما وتعيين المشتر أحد ثوين أحدهما. وقوله ولو باقتصاص تصرف يشير به إلى قسمة المهاباة الآتية فما قبل المبالغة محذوف والتقدير هذا إذا صير القاسم المشاع معينا باقتصاص في الرقاب بقرعة أو تراض بل ولو كان التعيين باقتصاص في المنافع فقط مع بقاء الأصل مشاعا (وأما) الأصل في مشروعيتها فبالكتاب والسنة إما الكتاب فقول الله تعالى نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا وقال تعالى وإذا حضر القسمة أولوا القربى. وإما السنة فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها وأمر بها وقال إذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة. وإما حكمها فالجواز بالإجماع لورودها في الكتاب والسنة بشرط السلامة من الجهالة والربى وأتلاف المال

ص: 112

أما الجهالة كما لو ورث رجلان دارا غائبة أن يقسماها ابن القاسم إلا أن توصف لهما ومنعه سحنون ولو وصفت وأما الربى فكاقستامهما تمرا أو زرعا قبل بدو صلاحه على شرط التبقية وأما اتلاف المال فكقسمة النخلة الواحدة التي تثمر خشبا وكقسمة الؤلؤة وحكى القاضي عياض فيها ينقص من ثمنه كثيرا كالياقوتة الكبيرة والجمل النجيب يقسم لحما كذا في التوضيح نقلا عن ابن راشد (وأما) حكمة مشروعيتها فلدفع التشاجر والتنازع بين الشركاء (وأما) أركانها فثلاثة القاسم والمقسوم والمقسوم عليهم (وأما) أقسامها بطريق البسط فاربعة قسمة مهاياة ولا تكون إلا بالمراضاة والمهاياة إما في الأزمان وأما في الأعيان فالمهاياة في الأزمان كان يتفقا على أن يستخدم أحدهما الدابة أو يسكن الدار أو يحرث الأرض مدة من الزمان والأخر مثلها أو أقل أو أكثر والمهاياة في الأعيان كان يستخدم هذه دابة وهذا دابة أو يسكن هذا دارا وهذا دارا أو يزرع هذا أرضا وهذا أرضا ويكون شهرا فأقل في الاستخدام وسنة أو أكثر في الدور والارضين وإما بالاستغلال فإنه لا يجوز لما فيه من الخطر والجهالة فلربما أرض أحدهما تساوي كراء أكثر من أرض الآخر أو تبقى بدون كراء (قال) الحطاب (تنبيه) قال في اللباب المقسوم لهم الشركاء المالكون فلا يقسم لغير المالك كالمحبس عليهم قسمة قرعة ولا مراضاة ولا يمنع أن يقسم بينهم قسمة مهاياة في الأزمان في الدور والأرضين دون الشجر اهـ. وفي مسائل القسمة من البرزلي (مسئلة) في المجموعة اختلف في قسمة الحبس قسمة اغتلال فكرهه قوم وأجازه ءاخرون ويحتمل أن يريد الأرض لا الشجر لنصهم على منع قسمة الشجر اهـ محل الحاجة من الحطاب بنصه ولم يتعرض الناظم لهذا القسم وإنه تعرض للأقسام الثلاثة الباقية وهي قسمة تعديل وتقويم وقرعة وقسمة تعديل وتقويم بمراضاة وقسمة مراضاة من غير تعديل ولا تقويم ولكل قسم منها أحكام تخصه وقد أشار الناظم إلى بيان حكمها وعدد أقسامها فقال

(ثلاث القسمة في الأصول

وغيرها تجوز مع تفصيل)

ص: 113

يعني أن القسمة في الأصول وغيرها من الحيوان والعروض جائزة وهي ثلاثة أقسام أشار إلى القسم الأول منها بقوله

(فقسمة القرعة بالتقويم

تسوغ في تماثل المقسوم)

يعني أن قسمة القرعة لا تجوز في القول المشهور إلا فيما تماثلت أنواعه أو تقاربت كثياب الكتان والقطن من نوع البز أي الثياب والتفاح والرمان من نوع الشجر عند الاحتياج إلى الجمع فيقسم العقار وما أشبهه من المقومات بالقيمة لا بالعدد ولا بالمساحة إن اختلفت أجزاؤه فإن اتفقت فلا يحتاج إلى تقويم بل يجوز فسمه عددا ومساحة لأن معرفة الأجزاء لا تتوقف على تقويم كما في الحطاب وحيث اختلفت الأجزاء واحتيج إلى القيمة فتجمع الدور على جهة والارضون على جهة والاجنات على جهة والإبل على جهة والبقر على جهة والغنم على جهة والخيل والبراذين على جهة والبغال على جهة والحمير على جهة كبيرها وصغيرها سواء يضم بعضه إلى بعض وكتب العلم على جهة والثياب على جهة وكذا بقية المقومات وإنه لا يضم جنس إلى ءاخر في هذه القسمة ثم بعد ذلك يقسم ما يراد قسمه من كل نوع بالقيمة على أقلهم نصيبا ويقترعون فغن كان هناك نوع لا يقبل القسمة على أقلهم نصيبا أو لا يقبلها أصلا فإنه لا يضم إلى غيره بل يترك حتى يتراضوا على شيء أو يباع ويقسم ثمنه بينهم ويشترط في جمع الدور والارضين التساوي في الرغبة والنفاق وأن تكون في جهة واحدة أو في جهات متقاربة وإلا فلا جمع ويقسم كل واحد بإنفراده إن قبل القسم وإلا فعل به مثل ما تقدم (وأما) الاجنات فإن كان أشجارها مختلفة مختلطة كاجنات بلاد قسطيلية المعروفة الآن بالجريد بالقطر التونسي قسم ما فيها بالقيمة للضرورة وإن كان كل صنف منها في حائط كما في بعض البلدان قسم بإنفراده فإن لم يقبل القسمة حيث لم يحصل لكل واحد من الشركاء ما يرتفق به أو حصل للبعض دون البعض ضم إلى ما يقاربه كالرمان والتفاح والخوخ والأجاص ونحو ذلك ثم إذا توفرت شروط

ص: 114

الجمع وامتنع بعض الشركاء منه وطلب أن يقسم كل وحده وقال غيره يجمع فالقول لمن طلب الجمع ثم أشار الناظم إلى بعض أحكام هذا القسم فقال

(ومن أب ىلقسم بها فيجبر

وجمع حظين بها مستنكر)

(كذاك في اختلاف الأجناس وفي

مكيل أو موزون المنع اقتفى)

يعني أن الشريكين إذا طلب أحدهما القسم بالقرعة وامتنع الأخر منها فإن الممتنع يجبر عليها أن انتفع بما ينوبه (قال) ابن رشد الذي جرى به العمل عندنا أن الدار لا تقسم حتى يصير لكل واحد من الشركاء من المساحة والبيوت ما ينتفع به ويستتر فيه عن صاحبه كذا في المواق وحيث أريد القسم بحكم أو بدون حكم فلا يجوز جمع حظ اثنين فيها ولو رضيا بذلك على المشهور إلا أن يكونا كالزوجين فانهما يجمعان في الثمن أو الربع وكذلك الأخوة للأم فإنهم يجمعون في الثلث والأخوات فيجمع لهن في الثلثين وليس لأحدهم أن يقسم له بانفراده بل يقسم له ولمن شاركه في الفرض مع العصبة ثم بعد اخراج حظهم يقاسمهم إن شاء على نحو ما تقدم من كلام ابن رشد ولم ينبه الناظم على هذا الاستثناء والكمال لله تعالى ثم صرح بمفهوم قوله تسوغ في تماثل المقسوم وهو إنه إذا اختلفت أجناس المقسوم لم تجمع للقسم فقال (كذاك في اختلاف الأجناس) يعني كما لا يجوز جمع حظين في قسم القرعة إلا ما استثني كذلك لا يجوز جمع الأجناس المختلفة التي لم تتقارب البتة فيها وإن عدلت وقومت على القول المشهور لأن ذلك من الخاطرة ويقسم كل جنس على حدة كما مر. وإنه لا يجوز قسم المكيل والموزون جزافا بالقرعة إلا إذا كان ذلك بعد الكيل والوزن فإنه يجوز. وقد أجاز مالك رضي الله تعالى عنه فيما لا يكال من الطعام الذي لا يجوز الفضل فيه وإنما يباع وزنا كاللحم والخبز وفيما لا يباع لا وزنا ولا كيلا أن يقسم بالتحري وذلك فيما قل لأن التحري يحيط به فإذا كثر لم يجز اقتسامه بالتحري (فرع) وفي نوازل القسمة من المعيار (وسئل) فقهاء قرطبة

ص: 115

عن الشريكين يطلب أحدهما القسمة فيتغيب الأخر (فأجاب) ابن لبابة وابن وليد وابن غالب إذا تغيب أحد الشركاء عن الحضور للقسمة وظهر ذلك للقاضي بإتصال تغيبه أو بطول التردد في طلبه لحضوره فلم يحضر أمر القاضي بالقسم عليه ووكل له من بقبض نصيبه فيبعث قاسما يرضاه ورجلين يعمل عليهما يحضران القسم ووكيلا يوكله للغائب وكالة يشهد له بها ويجري في ذلك الكتب الذي بسببه وكله من ثبوت التغيب عنده فما حصل للغائب قبضه وكيله وكان قبضه بأمر القاضي كقبضه لنفسه لو كان حاضرا أهـ قال

(ولا يزيد بعضهم شيئا ولا

يزاد في حظ لكي يعدلا)

يعني أنه لا يجوز في قسمة القرعة أن يزيد بعضهم شيئا من الدراهم لكون القسمة الأخرى أحسن أو أكثر ثمنا من هذه وعن اللخمي جواز الزيادة اليسيرة مما لا بد منه ولا يتفق في الغالب أن تكون قيمة الدارين سواء (قلت) وكلامه حسن بن وكذا لا يزاد شيئ من التركة مخالف لجنس المقسوم في حظ ليقع التعادل لأنه ممنوع والف يعدلا المبني للنائب ضمير المثتنى يعود على الحظين قال

(وبين أهل الحجر ليس يمتنع

قسم بها ومدعي الغبن سمع)

يعني إنه يجوز قسم الحاجر من أب أو وصي أو مقدم القاضي على محجوره بالقرعة بعد إتمام الموجبات الآتية وإن من أدعى الغبن فيها سمعت دعواه ويكلف بإثباته إن أنكر شريكه وجود الغبن فإذا اثبته بشهادة أهل المعرفة ولو لم يبلغ الثلث بطلت القسمة لأن كل واحد من الشركاء دخل على قيمة مقدرة وذرع معلوم فإذا وجد نقصا من ذلك كان له الرجوع وتعاد القسمة ما لم يفت المقسوم ببناء أو هدم أو حوالة سوق في غير العقار وإلا وجبت في ذلك القيمة يقتسمونها فإن فات البعض اقتسموا الذي لم يفت مع قيمة ما فات (قال) الإمام ابن عرفة وفوته بالبيع لغو ما لم يفت ببناء مبتاعه فإن فات به رجع ذو النقص على بائعه فإن وجده عديما رجع على مبتاعه اهـ

ص: 116

فإن عجز عن إثبات الغبن بالبينة حلف المنكر وتمت القسمة وإن نكل نقضت هذا كله إذا قام بالغبن فيما قرب وإما ما بعد أمره وطال تاريخه كالسنة فلا قيام فيه بغبن كذا في الحطاب قال

(وهذه القسمة حيث تستحق

يظهر فيها إنها تمييز حق)

يعني أن هذه القسمة التي تكون بالتعديل والتقويم والقرعة حيث يستحقها من طلبها من الشركاء ويجبر عليها من امتنع منها الذي يظهر فيها عند توفر شروطها إنها تمييز حق لا بيع قال ابن رشد والأظهر في قسمة القرعة إنها تمييز حق وفي قسمة التراضي بعد التقويم والتعديل إنها بيع من البيوع وإما قسمة التراضي دون تقويم ولا تعديل فلا اختلاف إنها بيع من البيوع فلها حكمه في العيوب والاستحقاق ثم شرع في القسم الثاني فقال

(وقسمة الوفاق والتسليم

لكن مع التعديل والتقويم)

(جمع لحظين بها لا يتقى

وتشمل المقسوم كلا مطلقا)

(في غير ما من الطعام الممتنع

فيه تفاضل ففيه تمتنع)

(واعملت حتى على المحجور

حيث بدا السداد في المشهور)

(وما مزيد العين بالمحظور

ولا سواه هبه بالتأخير)

(ومن أبي القسم بها لا يجبر

وقائم بالغبن فيها يعذر)

الأبيات الستة يعني أن الشركاء يجوز لهم أن يقسموا ما بينهم من الأملاك قسمة تسليم ومراضاة بأن يسلم كل واحد منهم لصاحبه ما أراده بعد التعديل والتقويم ويجوز فيها جمع حظين والأشياء المختلفة والأصناف المتباينة والبعيد والقريب من الدور والارضين والاجنات كل ذلك لا يتقى ولا يمنع هذا معنى قوله (وتشمل)

ص: 117

المقسوم كلا مطلقأ) ثم استثنى منه (في غير ما من الطعام الممتنع) فإن قسمته إذا أدت إلى ربي الفضل فإنها تمتنع كان يكون بين رجلين وسق شعير ونصف وسق قمحا فيقومان الوسق بعشرة دراهم ونصف الوسق بعشرة أيضا على أن يأخذ احدهما وسق الشعير والأخر نصف الوسق من قمح فهذا ممنوع لما فيه من التفاضل بين القمح والشعير وهما جنس واحد على المشهور أو يكون بينهما وسقان على أن يأخذ احدهما وسق القمح ويزيد لصاحب الشعير دراهم ونحوها فلا يجوز أيضاً لأن وسق القمح بيع بوسق الشعير وشيء ءاخر فحصل التفاضل (ومفهوم) قوله في غير ما من الطعام الممتنع فيه تفاضل إنه يحوز في الطعام الذي لا يمنع فيه التفاضل وهو كذلك كان يكون بين رجلين وسق من تمر ونصف وسق من قمح فيقومان الوسق بعشرة دراهم ونصف الوسق بعشرة دراهم أيضاً على أن يخرج أحدهما بوسق التمر والآخر بنصف الوسق من القمح لأنهما جنسان واختلاف الأجناس يجوز فيه التفاضل إذا كان يدا بيد كما مر. وقوله (واعملت حتى على المحجور) البيت يعني إنه يجوز للحاجر قسم المراضاة مع شركاء محجوره بعد التعديل والتقويم إذا كان ذلك صلاحا وسدادا في القول المشهور المعمول به في القديم وأما في زماننا هذا فلا يكون له ذلك استقلالا بل لا بد له من مشورة القاضي بناء على القول المقابل فيترجح على غيره لما يقتضيه حال الزمان ولو كان الشريك غير الوصي وقوله (وما مزيد العين بالمحضور) يعني إنه يجوز في قسمة المرضاة المذكورة أن يزيد أحدهما دراهم أو دنانير لكون القسمة الأخرى أحسن أو أكثر ثمنا كما يجوزان يزاد شيء من التركة مخالف لجنس المقسوم في حظ من الحظوظ ليقع التعادل بخلاف قسمة القرعة كما مر (وقوله) ومن أبى القسم بها لا يجبر يعني أن هذه القسمة لما كانت بيعا على المشهور فإنه لا يجبر على أحد على بيع ملكه إلا في مواضع تقدم الكلام عليها وهذه ليست منها وإنما يقع الجبر على قسمة القرعة لإنها تتميز حق كما مر وقوله (وقائم بالغبن فيها يعذر) يعني أن من قام بالغبن في هذه القسمة فإن قيامه به يسمع ولو لم يبلغ الثلث بناء على إنها تمييز حق

ص: 118

ويكلف بإثباته على نحو ما تقدم (تنبيه) قال ابن رحال قول ميارة والتعديل هو التقويم الخ كلام الفقهاء فيه عطف التقويم على التعديل والأصل فيه التغاير والذي يظهر من كلامهم أن التعديل هو جعل هذا يقابل هذا عند الشروع في القسمة ثم بعد ذلك يقوم الشيء وما جعل في مقابلته وهكذا رأيت الناس يقسمون الغنم ونحوها والتقويم في الحقيقة هو ميزان لما عدل هل أصيب في التعديل أم لا وفي الوثائق المجموعة في قسمة دار ما نصه بعد أن عدل قيمتها بالذراع وبنيانها بالتقويم هذا لفظه فجعل التعديل في الأرض والتقويم في البنيان هذا يدل على التغاير في الجملة فافهم اهـ ثم شرع في الثالث فقال

(وقسمة الرضى والاتفاق

من غير تعديل على الاطلاق)

(كقسمة التعديل والتراضي

فيما عدا الغبن من الأغراض)

(ومدع غبنا بها أو غلطا

مكلف أن رام نقضا شططا)

يعني أن قسمة المراضاة من غير تعديل ولا تقويم جائزة كما جازت قسمة التعديل والتقويم بالمراضاة على الاطلاق في جميع أحكامها المتقدمة إلا القيام بالغبن فإنه ممنوع لأن كل واحد من الشركاء علم بأخذ ما خرج له لا على قيمة مقدرة ولا على ذرع معلوم فهي كبيع المساومة باتفاق وهو لا قيام فيه بالغبن ولو بلغ الثلث على القول المشهور المعمول به كما تقدم فإذا وقع ونزل وقام مدعي الغبن أو الغلط وأراد نقض القسمة فلا تسمع دعواه لما فيها من إرادة الكم بما هو ممنوع وهو يكلف الحاكم شططا وظلما وهذا البيت تصريح بمفهوم قوله فيما عدا الغبن وقوله مكلف بكسر اللام خبر عن قوله مدع قال

(وقسمة الوصي مطلقا على

محجوره مع غيره لن تحظلا)

يعني أ، المحجور إذا كان مشاركا لغير حاجره وطلب أحدهما القسمة فإن حاجره

ص: 119

يقسم عليه بدون حظل ولا منع كانت بالقرعة أو بالمراضاة بنوعيها لاكن بعد مشورة القاضي كما تقدم وإن كان مشاركا لحاجره وأراد القسمة معه فأشار إليه بقوله

(فإن يكن مشاركا لمن حجر

في قسمة فمنعه منها اشتهر)

(إلا إذا أخرجه مشاعا

مع حظه قصدا فلا امتناعا)

(ويقسم القاضي على المحجور مع

وصيه عند اقتفاء من منع)

(كذا له القسم على الصغار

وغائب منقطع الأخبار)

يعني أن المحجور إذا كان مشاركا لوصيه فإنه لا يجوز لوصيه أن يقسم له معه ولو ظهر السداد على القول الراجح المعمول به وإنه لا بد من الرفع للقاضي فيقدم من يقسم بينه وبين محجوره فإن لم يرفع أمره للقاضي فسخت القسمة إلا إذا وجدها القاضي سدادا وأقرها فإنها تمضي ووجه المنع إنه باع مال محجوره من نفسه وذلك لا يجوز هذا إذا لم يكن معهما شريك ءاخر فإن كان معهما غيرهما وخرج للوصي ومحجوره حظهما على الشياع جاز لعدم التهمة ثم إنه إذا أراد أن يقاسمه ليمتاز كل واحد بحظه رفع أمره للقاضي وإليه أشار الناظم بقوله (ويقسم القاضي على المحجو رمع. وصيه) البيت وكذلك يقدم القاضي من يقسم على الصغار الأيتام المهملين وعلى الغائب الذي انقطع خبره أو علم خبره وبعدت غيبته كالعشرة الأيام أو اليومين مع الخوف وإلا فينتظر (فرع) لو وقع القسم على غائب واستعمل الحاضر نصيبه وترك نصيب الغائب فلما قدم الغائب أراد نقص القسمة بدعوة الغبن وامتنع الأخر من نقضها وأنكر دعوى الغبن فإنها لا تنقض ولا تسمع لمدعي الغبن دعوى ولا بينة وإنه حكم مضى كما في المعيار. وقوله فإن يكن أي الوصي وقوله في قسمة على حذف مضاف أي قابل قسمة أو المراد بها المقسوم وضمير منعه للوصي وضمير منها يعود على القسمة وضمير أخرجه يعود على نصيب المحجور المفهوم من السياق وضمير وصيه يعود على المحجور وقوله عند اقتفاء من منع أي يقسم القاضي على

ص: 120

المحجور مع وصيه عند إتباع من منع قسم الحاجر مع محجوره وإما على القول بجواز قسمه معه كبيعه لنفسه فلا يحتاج إلى الرفع للقاضي والخلاف في المسئلة شهير ويترجح الرفع للقاضي في هذا الزمان كما تقدم وقول الناظم له ضميره يعود على القاضي والحظل معناه المنع قال

(وحيث كان القسم للقضاة

فبعد إثبات لموجبات)

(ويترك القسم على الأصاغر

لحال رشد أو لوجه ظاهر)

يعني أن القسم إذا كان موكلا للقضاة لكون الملك الذي أريد قسمه مشتركا بين الوصي ومحجوره أو بين حاضر وغائب أو بين رشيد وصغير مهمل وطلبوا القسمة بينهم فإن القضاة لا يأمرونهم بالقسم إلا بعد إثبات الموجبات وهي ثبوت الشركة والحجر وإهمال اليتيم والغيبة وبعدها حسا أو معنى وطلب الشريك القسمة وملكية الشيء الذي أريد قسمه كل ذلك بالشهادة العادلة ويعبر عنها بوثيقة السبب ويجوز للقاضي أن يترك القسم على الأصاغر لأحد أمرين أما لزمن رشدهم فيقسمون لأنفسهم أن شاءوا وأما لمصلحة ظاهرة كان يكون بقآء حظهم على الشياع أحسن من قسمه خوفا من الضياع ونحوه ثم قال

(ومن دعا لبيع مالا ينقسم

لم يسمع إلا حيث أضرار حتم)

(مثل اشتراك حائط أو دار

لا كالرحى والفرن في المختار)

(وكل ما قسمته تعذر

تمنع كالتي بها تضرر)

(ويحكم القاضي بتسويق ومن

يريد أخذه يزيد في الثمن)

(وإن أبوا بيع عليهم بالقضا

واقتسموا الثمن كرها أو رضى)

ص: 121

الأبيات الستة يعني أن الشريك إذا طلب من شركائه بيع ما لا ينقسم أصلا كالفرس الواحد أو النخلة الواحدة أو ينقسم بفساد كالخف الواحد والدار والبستان الذين لا يقسمان على أقل الأنصباء بحيث لا يصير لصاحب الحظ القليل ما ينتفع به لم يسمع قوله ويبيع حظه مفردا إن شاء حيث لم يتحد مدخله مع شركائه ولشريكه الشفعة إذا كان أصلا ثم أن قول الناظم ما لا ينقسم شامل لجميع ما تقدم وسواء كان الملك الذي لا يقبل القسمة من الرباع المتخذة للغلة كالأكراء أو المتخذة للانتفاع بها بأعيانها كالسكنى ثم إخراج هذا الثاني من العموم المذكور بقوله إلا حيث إضرار حتم الخ فإن دعواه تسمع بأن كان يحصل للشريك ضرر في دوام الشركة في بستان أو دار لا يقبلان القسمة فيجاب إلى ذلك إن اتحد مدخلهما وأما ما كان متخذا للغلة كالفرن والحمام والحانوت ونحوها مما لا يقبل القسمة إلا بفساد فإن شريكه لا يجبر على البيع معه ولو أتحد مدخلهما في القول المختار عند بعض العلماء وما درج عليه الناظم من التفرقة بين رباع الغلة وغيرها تبعا لطريقة ابن رشد خلاف المذهب بل المذاهب الاطلاق وإنه لا فرق بينهما كما قاله ابن عبد السلام وابن عرفة وغيرهما وبه العمل لاكن بشرط اتحاد المدخل لقول القاضي عياض يجب أن يكون الحكم بالبيع فيما ورث أو اشتراه الاشراك جملة في صفقة ومن دخل على الشركة فلا جبر له كما في المواق (وفي) بيوع الحاوي ما نصه قلت والذي جرى به عمل القضاة الآن بتونس إنه إذا اشترى الجزء بانفراده إن لا يجبر من سبقه على البيع وللسابق في الملك أن يجبر المحدث على البيع ولو كان شراءهم جميعا أو وراثتهم واحدة فإن قبل القسم أجبر عليه من أباه وإن لم يقبل القسم فمن دعا إلى البيع فالقول قوله اهـ برنامج عظوم القرواني وقال الشيخ مياره ءاخر شرحه على الزقاقية وينبني على اشتراط اتحاد المدخل إنه لو ورث ثلاثة دارا مثلا أو ملكوها بشراء دفعة واحدة فباع أحدهم نصيبه منها لأجنبي وأسقط شريكاه الشفعة للمشتري ثم أراد الشريكان أو أحدهما البيع فله أن يصفق على شريكه لأتحاد مدخله معه ويصفق على المشتري الأجنبي لاتحاد مدخله

ص: 122

مع البائع له لأنه فرعه ولو أراد المشتري بيع حصته لم يكن له جبر شريكي البائع له على البيع معه لدخوله وحده فلم يتحد مدخله مع مدخل بقية إشراكه وكذا لو مات أحد الشركاء الثلاثة فورثه زوجته وأولاده مثلا فأراد الأثنان الباقيان أو أحدهما التصفيق على الزوجة والأولاد المذكورين فله ذلك كما كان له ذلك على مورثهم إن لو كان حبا لإتحاد مدخله معه ولو أرادت الزوجة أو الأولاد التصفيق على شريكي مورثهم لم يكن لهم ذلك لدخولهم وحدهم حين مات مورثهم فلم يتحد مدخلهم ومدخل شريكي مورثهم وهذا معنى قولهم في ضابط بيع الصفقة يجبر الدخيل للأصيل ولا يجبر الأصيل للدخيل وهو مبني على طريقة عياض من اشتراط اتحاد المدخل وبه العمل ولا فرق في الدخل أن يكون دخوله بشراء أو أرث أو هبة (تنبيه) إنما يجبر الدخيل للأصيل ما لم يبعض الأصيل حصته أما إن بعضها فلا يجبر له الدخيل اهـ (وحيث) كانت القسمة متعذرة ورفعوا أمرهم إلى القاضي لينظر في أمرهم وثبت عنده ملكهم فإنه يحكم بتسويق جميع الملك المشترك بينهم الذي وقع النزاع فيه وسواء كان متخذا للغلة أو متخذا للانتفاع به بعينه بشرط اتحاد مدخلهم كما تقدم ومن أراد أخذه منهم يزيد في الثمن فإن سلمه له شريكه فالأمر ظاهر وإلا تزايدوا حتى يقف على أحدهم فيأخذه بما وقف به عليه وإن أبوا التسويق لغرض من الأغراض كان يكونوا من أهل الهيئات قومه أهل المعرفة فإذا وقع تسليمه لواحد منهم فذاك وإلا تزايدوا حتى يقف على أحدهم ويؤدي نصيب من ترك أخذه وإن أبوا كلهم من أخذه بما قومه أهل البصر بيع عليهم بالقضاء كرها أو طوعا واقتسموا ثمنه (قال) ابن فرحون ءاخر باب القسمة والأشياء التي لا تنقسم أو في قسمها ضرر يجبر على البيع من أباه إذا طاب أحدهما البيع وإنما جبر على البيع من أباه دفعا للضرر اللاحق للطالب لأنه إذا باع نصيبه مفردا نقص ثمنه وإذا قلنا يجبر على البيع فإنه إذا وقف المبيع على ثمن وأراد طالب البيع أخذه بما وقف عليه لم يمكن من ذلك لأن الناس قد يتحيلون بطلب البيع إلى إخراج الناس من أملاكهم

ص: 123

وأما إن طلب الشراء من أبى البيع فله ذلك اهـ (فرع) قال ابن سهل في أحكامه في أوائل كتاب الدعاوي في دار بين ورثة يسكنها بعضهم وبعضهم يسأل أخلاءها لبيعها ودعا ساكنيها إلى غرم كرائها على الإباحة للتسويق (فأفتى) ابن عتاب إذا ةلم تحمل القسمة فإنها تخلى من جميعهم لتسوق خالية إلا أن يوجد من يكتريها من غير الورثة على شرط التسويق فكترى منه إذا أمن منه الميل إلى بعض الورثة ولم يكن من ناحية أحدهم ولا من سببهم اهـ حطاب. وقول الناظم إضرار بكسر الهمزة وقوله تعذر حذف منه إحدى التاءين أصله تتعذر بفتح التاء وقوله تمنع بضم أوله مبني للنائب وقوله بقضي بضم أوله وفتح ثانيه أي يدفع ومعنى يذر يترك وقوله بيع بكسر أوله قال

(والرد للقسمة حيث يستحق

من حصة غير يسير مستحق)

يعني أن الشركاء إذا اقتسموا فيها بينهم من الملك ثم استحق من حقة احدهم غير يسير بأن كان كثيرا كالثلث والنصف لا الربع فإن القسمة ردها مستحق ولا يتعين عليه فسخها بل له ابقاؤها على حالها ولا يرجع على شريكه بشيء ولا فسخها ويرجع شريكا بقدر نصف ما بيد صاحبه (قال) الحطاب اهر كلامه إنه لا فرق بين أن يكون شائعا من جميع المقسوم أو من حصة أحدهم أو معينا وليس كذلك وإنما هذا الحكم إذا استحق معين أو شائع من حصة أحدهم فيفصل فيه على ما ذكر وأما إذا استحق منه جزء شائع من جميع المقسوم فلا كلام لأحد الشريكين على صاحبه لأنه استحق من نصيب أحدهما مثل ما أستحق من نصيب الآخر اهـ فهذا أحسن ما يحمل عليه كلام الناظم من الأقاويل ومفهوم قوله غير يسير إنه إذا استحق اليسير كالربع فاقل فإن القسمة لا ترد وهو كذلك اتفاقا ويرجع على شريكه بقيمة نصف ما قال الجزء المستحق (قال) الونشريسي في المعيار (وسئل) سعيد بن حسان عن الرجل يقلب أي يحرث ارضا مبيعة بينه وبين إشراكه جميعا أو بعضها ثم يقسم هل يقضى

ص: 124

له على الورثة بقيمة عمله وكيف لو زبلها أيضاً ثم قسمت هل له قيمة زبله وعمله وكيف لو استحقها مستحق هل يقضى له عليه بذلك أم لا (فأجاب) أما في الوارث مع ورثته فلا شيء له في القليب ولا في المزبل وأما المستحق فيقضي له عليه بقيمة قليبه وزبله (وسئل) ابن أبي زيد من دار بين رجلين مشاعة عدى على أحدهما غاصب قاهر فغصبه نصيبه مشاعا هل للأخر أن يكري نصيبه أو يبيعه أو يقاسم فيه (فأجاب) بأنه لا سبيل إلى القسم فيه ما دام الأخر ممتنعا من الأحكام وله أن يبيع نصيبه أو يكريه وقد اختلف في الكراء والثمن هل للمغصوب منه فيه مدخل فقيل إنه يدخل معه فيه إذا لم يتميز نصيب المغصوب وقيل لا مدخل له معه إذ غرض الغاصب حظ هذا دون هذا وهذا أشبه بالقياس (وسئل) أبو عبد الله الحفار على أصل من التوت له ثلاثة أفراع بين ثلاثة أشخاص فاقتسموها فرعا فرعا فملك فرعان بالريح وبقي واحد فأراد صاحبا الفرعين للذين هلكا أن يشتركا معه في الفرع الآخر إذ الأصل واحد (فأجاب) قسمة الشجرة بالأفراع إنما يكون قسمة اغتلال خاصة وأما قسمة الملك فلا بل الشجرة بينهم وما بقي من فروعها فهو بينهم وما ذهب من أفراعها بينهم اهـ. وقول الناظم والرد مبتدأ ومستحق بفتح الحاء خبره ومتعلقه محذوف تقديره لمن أستحق من يده قال

(والغبن من يقوم فيه بعدا

إن طال واستغل قد تعدا)

يعني أن الشركاء قد اقتسموا فيما بينهم من الربع والعقار وغيرهما وأخذ كل واحد نصيبه وطال الزمن وأستغل كل واحد منهم ماله غلة ثم قام أحدهم بالغبن وأراد نقض القسمة فقد تعدى بقيامه وال تسمع دعواه والطول في ذلك السنة فأكثر ومثل الطول الهدم والبناء والغرس كما تقدم وقوله بعد ألف للأطلاق وهو مضاف وأن بفتح الهمزة وما دخلت عليه في تأويل مصدر مضاف إليه أي بعد طول قال

(والمدعي لقسمة البتات

يومر في الأصح بالإثبات)

ص: 125

يعني أن الشركاء إذا اتفقوا على وقوع القسمة بينهم واختلفوا في وجهها فأدعى بعضهم إنها قسمة بت وادعى الأخر أنها قسمة انتفاع واغتلال فالقول لمدعي قسمة الانتفاع وعلى مدعي البت البينة في القول الأصح المعمول به فإن اثبت دعواه فالأمر واضح وإلا فلا شيء له إلا اليمين على مدعي الاستغلال هذا إذا لم تمض مدة الحيازة بشروطها الآتية وإلا فالقول لدعي قسمة البت بيمينه. وإذا اختلفا في أصل القسم بأن ادعاه أحدهما وانكره الآخر فالقول لمنكره اتفاقا (قال) في المعيار (وسئل) بن المكوي عن رجل توفى وترك ابنا ذكرا وبنات فقسم مع أخواته بعد أن خرجن إلى أزواجهن وملك أربعين سنة ثم إن الأخوات قمن عليه فقلن نصيبنا في مكان كذا وكذا ولم نقسم معك قسمة بتل إنما كنت أنت قد أخت ما أردت وأخذن نحن ما أردنا إلى اليوم وغرس الأخ واظهر ويدعي البتل في القسم فعرفنا بالواجب (فأجاب) عليه إثبات قسمة البت وإلا حلف له الأخوات على أنكار ذلك وقسمن معه ولهن رد اليمين عليه إن شئن (ولما) فرغ من الكلام على قسمة الأصول التي لم يكن بها زرع ولا ثمر شرع يتكلم على إرادة قسمها إذا كان بها زرع أو ثمر ولها ثلاثة أوجه وهي أما إن يراد قسمة الأصول والزرع أو الثمار معا أو يراد قسمة الأصول فقط أو قسمة الثمار فقط وأشار إلى الأول منها بقوله

(ولا يجوز قسم زرع أو ثمر

مع الأصول والتناهي ينتظر)

يعني أن قسمة الأرض مع زرعها والأشجار مع ثمرها لا تجوز بل تقسم الأرض وحدها والأشجار وحدها وينتظر يبس الزرع والثمر فيقسم بالكيل أو بالوزن أو يباع ويقسم ثمنه (تنبيه) لا يشترط في الكيل أو الوزن أن يكون بالمعيار الشرعي بل يجوز بالمعلوم والمجهول كصاع ورطل وسلة وحجر فالمدار على التساوي وأشار إلى الثاني فقال

(وحيثما الأبار فيهما عدم

فالمنع في قسة الأصل منحتم)

ص: 126

(ومع ما بور يصح القسم في

أصوله لا فيه معها فأعرف)

يعني أن الأرض إذا أريد قسمها وكان فيها زرع مستكن لم يظهر للعيان أو كان في الأشجار ثمرة غير ما بورة وأريد قسمها كذلك فلا تجوز قسمة الأرض ولا قسمة الأشجار بحال حتى يظهر الزرع وتوبر الثمرة فيجوز القسم حينئذ وينتظر طيب الزرع والثمر كما مر وحاصل البيتين أن الأصول التي لم يوبر ما فيها من الزرع أو الثمار لا يجوز فسمها لا وحدها ولا مع ما فيها من الزرع أو الثمار لأن قسمها وحدها فيه استثناء ما لم يوبر والمشهور منعه وقسمها مع ثمرها فيه بيع طعام وعرض بطعام وعرض وجعل الثمر طعاما لأنه يؤل إليه قال ابن سلمون وإذا كان في الأرض زرع مستكن أو في الأصول ثمرة غير ما بورة فلا تجوز القسمة في الأرض والأصول بحال حتى توبر الثمرة ويظهر الزرع لأن ذلك مما لا يجوز استثناؤه يعني في البيع حكى ذلك سحنون في الثمر قال ابن أبي زمنين وهو بين صحيح على أصولهم والزرع عندي مثله وإن كان الزرع ظاهرا أو الثمر ما بورا قسمت الأرض والأصول خاصة ولا تجوز قسمة الزرع والثمر معها ويبقى ذلك حتى يصير الزرع حبا وتجذ الثمرة فيقسم ذلك بالكيل أهـ وضمير أصوله يعود على المابور وكذلك ضمير فيه وضمير معها بسكون العين للأصول وأشار إلى الثالث فقال

(وقسم غير التمر خرصا والعنب

مما على الأشجار منعه وجب)

يعني أن قسم غير التمر والعنب من الثمار التي على أصولها من تين وزيتون وجوز ولوز وفول وقمح وشعير في الفدادين بالخرص والتقدير واجب المنع وأما التمر والعنب فإن قسمهما بالخرص والتقدير جائز بشروط أربعة أن تكون حاجة الشريكين مختلفة بأن يكون أحدهما يأكل والآخر يبيع وأن يكون المقسوم قليلاً بالعرف وأن يكون قد حل بيعه ببدو صلاحه وأن يكون بسرا أو رطبا فلو كان بينهما بسر ورطب على أن لأحدهما البسر وللأخر الرطب لا يجوز للتفاضل كما لا يجوز

ص: 127

قسمها بالخرص إذا انتهى طيبهما لأن في قسمتهما بالخرص انتقالا من اليقين وهو القسمة بالكيل أو الوزن إلى الشك وهو قسمهما بالخرص كذا قال بعضهم (وفي العيار) وسئل ابن الحاج عن المتقاسمين يقتسمان الحائط ثم ثمرته بعد الزهو بالخرص فاجيح أحدهما هل فيه جائحة أم لا (فأجاب) إذا أجيح أحدهما فقال ابن الماجشون لا جائحة فيه وهو قول سحنون وكان القسم عندهما تمييز حق لا كالبيع وأما على مذهب ابن القاسم فإنه قد سلك بالقسمة تمييز حق تارة وبيعا تارة أخرى وقد أجاز قسمة النخل وفيها ثمر لم يؤبر ولو كان بيعا ما جاز لأن كل واحد منهما باع نصيبه بنصيب صاحبه على أن يستثنى ثمرته التي لم تؤبر وقال في البلح الكبير والصغير إن القسمة تنتقض فيه بالازهاء فلو كان تمييز حق لم تنتقض لأن حق كل واحد إنما نصيبه في ملكه ولم يشتريه اهـ (وفيه أيضا) وسئل فقهاء قرطبة عن كرم بين رجلين أراد أحدهما لما طلبت ثمرته أن يبيع نصيبه وأراد الأخر أكل نصيبه (فأجاب) ابن مالك بإنه يقسم بالخرص (وأجاب) ابن عتاب وابن القطان بإنه لا يقسم بينهما ولا بد أن يجتمعا على البيع أو يبيع أحدهما من صاحبه فكان ابن مالك ينكر هذا وكان ابن القطان ينكر على ابن مالك جوابه اهـ والموافق لكلام الناظم هو قول ابن مالك وقد علمت أن من شروط قسم العنب بالخرص اختلاف الحاجة كما هنا (ثم) قال (وسئل) سيدي عيسى الغبريني عن القسمة بمجهول الوزن أتجوز أم يجري الأمر على الخلاف في القسمة هل هي بيع فيمنع الأمر أم تمييز حق فيجوز وهو مرتضى بعض شيوخنا بالمغرب معللا بأن المطلوب في القسمة المساواة وهي حاصلة بالمكيال المجهول (فأجاب) القسمة بالمكيال المجهول والوزن المجهول في المدخر وفي غير المدخر الربوي وغيره جائزة إذا كانت صبرة واحدة اتفاقا والله أعلم (وسئل) أيضا عن قسمة التين الأخضر هل بالعدد أم بالسلة على إجازة السلم فيها وهل يجوز لأحد الشريكين أن يأخذ نصيبه اليوم من الجنة المشتركة ويبقى شريكه إلى غد وبعد غد فيأخذ نصيبه في قسمة الفول الأخضر هل هو بالوزن

ص: 128

وينزع من جرابه ويقسم كيلا وهل يأخذ أحد الشريكين أيضاً نصيبه اليوم والأخر غداً وهل الحفرة التي يتخذها أهل المغرب كافية في قسمة الفول أو لا (فأجاب) قسمة الفول والتين بالحفرة في الفول والسلل في التين إذا كانت تضبط التساوي جائز كله وهو راجع إلى القسمة بالمكيال المجهول وأما أخذ أحدهم ما يجني اليوم والأخر ما يجني غدا فقط فظاهر النصوص عدم جوازه اهـ محل الحاجة بنصه وقول السائل أو ينزع من جرابه المراد بجراب الفول قشره الأعلى والسلة وعاء يحمل فيه الفاكهة يعرف عند قوم بالسناج بتشديد النون وعند ءاخرين بالقرطلة بفتح اللام مشددة تكون من قصب في الغالب (فرع) قال الحطاب مسئلة قال البرزيلي وسئل ابن أبي زيد عن الأندار إذا جمعتها السيول في موضع واحد بعد الخلط فقيل يقبل قول الحراثين إذا قالوا هذا أندر فلان وقالوا رأيناه وقد قلع الماء إياه وكيف قسمة الشعير والزيتون عند الخلط وهل يصدق كل واحد منهم عما كان في أندره ويحلف أو لا فأجاب إن كان إنما اختلط بشهادة الحراثين وهم عدول فهي جائزة وأما غير العدول فشهادتهم غير جائزة وأرباب الزيتون ونحوه أن تقارروا بينهم على شيء معلوم فهو كذلك وأن تجاهلوا فليس إلا الإصلاح قلت كثيراً ما يقع عندنا بتونس تأتي السيول بالزيتون في تلك الأودية وحكمه هكذا وكذا ما أختلط على يد اللصوص من الزرع والزيتون على هذا المنوال وكذا ما وقع في الرواية في السفن إذا اختلط فيها الطعام المشحون فإنه يقبل كل واحد فيما ذكر بعد يمينه إذا أدعى ما يشبه وهذا كله يجري على أصل واحد اهـ (ثم) شرع يتكلم على ما يطرأ على القسمة المقتضي لنقضها وهو خمسة استحقاق وقد تقدم الكلام عليه وعيب وحكمه حكم الاستحقاق قلة وكثرة ودين ووارث ووصية وإليها أشار بقوله

(وينقض القسم لوارث ظهر

أو دين أو وصية فيما اشتهر)

(إلا إذا ما الوارثون باؤا

بحمل دين فلهم ما شاؤا)

ص: 129

يعني أن الورثة إذا اقتسموا التركة ثم ظهر بعد ذلك وارث معهم فإنها تنقض لأجله إذا كان المقسوم كدار فإن كان غير عقار فلا تنقض ويرجع على كل واحد بما أخذه زائداً على حقه وكذلك تنقض إذا هر دين أو وصية ما لم تلتزم الورثة بأداء الدين أو الوصية إذا كانت بعدد وإلا فلا نقض إذ لا حق لهما في عين التركة ولهذا إذا كانت الوصية بالثلث مثلا فإن القسمة تنقض لأن الموصى له عنده حق في عين التركة وقوله باؤا معناه رجعوا بتحمل الدين أو الوصية أو هما معاً قال

(والحلي لا يقسم بين أهله

إلا بوزن أو بأخذ كله)

يعني أن التركة إذا كان فيها حلي ذهب أو فضة أو هما معاً فإن أمكن قسمة بالوزن قسم به ويأخذ كل واحد من الورثة نصيبه منه أو يأخذ أحد الورثة جميعه ويأخذ الآخر ما شاء من المتاع ولا يجوز لأحد الورثة أن يأخذ شيئاً من العين مع ما يجب له من العروض أو الأصول لما فيه من يبع عين بعين وعرض وهو ممنوع قال

(وأجر من يقسم أو يعدل

على الرؤس وعليه العمل)

(كذلك الكاتب للوثيقة

للقاسمين مقتف طريقه)

يعني أن أجرة القاسم والمقوم للأصول وغيرها وأجرة كاتب الوثيقة تكون على عدد رؤس المستحقين على القول الذي جرى به العمل وقيل إنها تكون على قدر الانصباء. وهو الذي عليه العمل اليوم وقوله مقتف طريقه بالتاء المبدلة هاء للوقف أي كاتب الوثيقة متبع طريقة للقاسمين في أخذه الأجرة على الرؤس قال

(وأجرة الكيال في التكسير

من بائع توخذ في المشهور)

(كذاك في الموزون والمكيل

الحكم ذا من غير ما تفصيل)

يعني أن أجرة كيل الأرض وقيسها بذراع ونحوه وأجره الوزن والكيل سواء كان طعاما أو غيره كل ذلك على البائع في القول المشهور إلا لشرط أو عرف فتكون على

ص: 130