المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌{فصل في المزارعة} - توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام - جـ ٣

[عثمان بن المكي التوزري]

فهرس الكتاب

- ‌باب البيوع

- ‌فصل في بيع الأصول

- ‌فصل في بيع العروض

- ‌فصل في حكم بيع الطعام

- ‌فصل في بيع النقدين والحلي وشبهه

- ‌فصل في بيع الثمار وما يلحق بها

- ‌فصل في الجائحة في ذلك

- ‌فصل في بيع الرقيق وسائر الحيوان

- ‌فصل

- ‌فصل في بيع الدين والمقاصة فيه

- ‌فصل في الحوالة

- ‌فصل في بيع الخيار والثنيا

- ‌فصل في بيع الفضولي وما يماثله

- ‌فصل في بيع المضغوط وما أشبهه

- ‌فصل في مسائل من أحكام البيع

- ‌فصل

- ‌فصل في اختلاف المتبايعين

- ‌{فصل في حكم البيع على الغائب}

- ‌{فصل في العيوب}

- ‌{فصل في الغبن}

- ‌{فصل في الشفعة}

- ‌{فصل في القسمة}

- ‌{فصل في المعاوضة}

- ‌{فصل في الاقالة}

- ‌{فصل في التولية والتصيير}

- ‌{فصل في السلم}

- ‌{باب الكراء وما يتصل به}

- ‌{فصل في كراء الأرض وفي الجائحة فيه}

- ‌{فصل في أحكام من الكراء}

- ‌{فصل في اختلاف المكري والمكتري}

- ‌{فصل في كراء الرواحل والسفن}

- ‌{فصل في الإجارة}

- ‌{فصل في الجعل}

- ‌{فصل في المساقاة}

- ‌{فصل في الاغتراس}

- ‌{فصل في المزارعة}

- ‌{فصل في الشركة}

- ‌{فصل في القراض}

الفصل: ‌{فصل في المزارعة}

(وجاز أن يعطى بكل شجره

تنبت منه حصة مقدره)

يعني أنه يجوز لرب الأرض أن يعطي أرضه مغارسة على وجه الجعل كما تقدم كان يقول له أغرس لي هذه الأرض نخيلاً أو زيتوناً وما أشبه ذلك ولك في كل شجرة تنبت نصفها أو ربعها أو دينا ونحو ذلك فهذه جعالة محضة وقوله يعطى بالبناء للنائب ونائب فاعله ضمير الغارس وضمير منه للغرس وحصة مفعول ثان ليعطى وباء بكل للعوض ثم شرع يتكلم على المزارعة فقال

{فصل في المزارعة}

قال ابن عرفة هي الشركة في الحرث اهـ وقد دل على جوازها والترغيب فيها قوله صلى الله عليه وسلم لا يغرس مسلم غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان أو دابة أو شيء إلا كان له صدقة. وفي الحطاب قال البرزلي في حديث ءاخر لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت فأن الزارع هو الله. أبو هريرة لقوله تعلى أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون (القرطبي) في تفسير قوله تعالى كمثال حبة أنبتت سبع سنايل الآية دليل على أن اتخاذ الحرث من أعلى الجرف المتخذة للمكاسب ويشتغل بها العمال ولهذا شرب الله بها المثل قال وفي الترمذي عن عائشة رضي الله تعالى عنها عنه صلى الله عليه وسلم قال التمسوا الرزق في خبايا الأرض يعني الزرع (وفي) حديث مدح النخل من الراسخات في الوحل والمطعمات في المحل اهـ (قال) والمزارعة من فروض الكفاية يجب على الإمام أن يجبر الناس عليها وما كان في معناها من غرس الأشجار. وعن عبد الله بن عبد الملك إنه لقي ابن شهاب الزهري فقال له دلني على مال أعالجه فانشأ يقول

أقول لعبد الله يوم لقيته

وقد شد احلاس المطي مشرقاً

تتبع خبايا الأرض وأطلب مليكها

لعلك يوماً أن تجاب فترزقا

انتهى وحق الناظم أن يذكر هذا الفصل في الشركة لأنه منها لاكن لما كانت له أحكام

ص: 179

وشروط تخصه أفرده بالذكر وعبر بالمفاعلة التي من شأنها أن تكون بين اثنين لأنها تتصور هنا في بعض الصور إذا كان الزرع بينهما على الأصل واطردت في بقيتها ولها صور كثيرة منها ما هو جائز ومنها ما هو ممنوع وقد اقتصر الناظم على بيان بعضها مما تدعوا الحاجة إليه في الغالب فقال

(إن عمل العامل في المزارعه

والأرض من ثان فلا ممانعة)

(إن أخرجا البذر على نسبة ما

قد جعلاه جزؤا ببنهما)

(كالنصف أو كنصفه أو السدس

والعمل اليوم به في الأندلس)

يعني أن المزارعة إذا وقعت على أن يكون عمل اليد والبقر على أحد المتزارعين وعلى الآخر الأرض جازت إذا كانت الزريعة بينهما على ما اتفقا عليه في الزرع الذي يؤخذ وقت المصيف كان يتفقا على أن يكون الزرع بينهما إنصافاً مثلاً والزريعة كذلك أو يتفقا على أن لصاحب العمل والبقر أو الأرض ربعاً أو سدساً مما يحصل جاز أيضاً إذا أخرج صاحب الربع أو السدس من الزريعة قدر ما يخذه في فصل المصيف لا أقل ولا أكثر وإلى ذلك كله أشار الناظم بقوله (كالنصف أو كنصفه أو السدس) فما بعد الكاف مثال للجزء الذي دخلا على أخذه في وقته وظاهره إن ذلك جائز ولو كانت قيمة العمل مع البقر لا تعادل قيمة الأرض وبالعكس وهو كذلك على ما جرى به العمل في الأندلس. ومفهوم قوله إن أخرجا البذر الخ إنهما إذا لم يخرجاه على النسبة المذكورة ودخلا على المناصفة بينهما فيما يحصل في المصيف ففيه تفصيل وهو إن كان مخرج ثلثي الزرع مثلاً هو رب الأرض فلا أشكال في الجواز لأن ما زاده من سدس البذر يكون في مقابلة العمل أو هبة أو إعانة فيكون مفهوم الشرط على هذا الوجه مفهوم موافقة. وإن كان المخرج للثلثين هو العامل فإن كان على أن يأخذ كل واحد منهما قدر بذره جاز كما مر وهو منطوق الناظم وإن دخلا على أن يأخذ كل واحد منهما نصف الزرع وهو موضوع المسئلة امتنع لأن ما زاده العامل من

ص: 180

سدس البذر يكون في مقابلة الأرض فيؤدي إلى كراء الأرض بطعام وهو لا يجوز على المذهب كما مر فيكون مفهوم الشرط على هذا الوجه مفهوم مخالفة (وقول) إن عمل العامل الخ يجوز في أن المكسورة الهمزة أن تكون مخففة من الثقيلة مهملة والقرينة حالية والفاء في قوله فلا ممانعة زائدة لتزيين اللفظ ويجوز أن تكون شرطية بناء على جواز دخولها على الجملة الاسمية فتكون الفاء حينئذ رابطة للجواب وهو الأظهر وقوله جزؤا بضم الزاي وقوله كالنصف الخ أي وذلك كالنصف قال

(والتزمت بالعقد كالإجارة

وقيل بل بالمبذر للعمارة)

يعني أن المزارعة تلزم المتزارعين بمجرد العقد وليس لأحدهما فسخها إلا برضى صاحبه كما في المتيطي وغيره على القول الراجح وبه القضاء وقيل لا تلزم إلا ببذر ما حرثاه وعليه اقتصر الشيخ خليل حيث قال لكل فسخ المزارعة ما لم يبذر اهـ فيظهر من اقتصاره عليه إنه القول المشهور قال ابن رحال في الحاشية إن ما يقتصر عليه خليل يعبر عنه ابن ناجي بالمشهور استقرينا ذلك من شروحه على المدونة والرسالة ولم يبق لنا شك في ذلك اهـ ولا يلزم من كونه مشهوراً أن يقدم على غيره

دائماً إذ قد يكون مقابله غير مشهور لاكنه راجح إما لقوة دليله وإما لمصلحة عامة والقاعدة أن الراجح والمشهور إذا تعارضا يقدم الراجح وجوباً وقيل لا تلزم المزارعة إلا بالشروع فالأقوال ثلاثة (ولما) كان المراد بالعمل في الزارعة هو عمل الحرث لا غيره من حصاد ودراس وتصفية ونحوها وإنها لا تدخل في مطلق العمل عند السكت بل يكون ذلك عليهما معاً على قدر الانصباء إلا بشرط نبه عليه الناظم فقال

(والدرس والنقلة مهما اشترطا

مع عمل كانا على ما شرطا)

يعني أن رب الأرض إذا شرط على العامل نقلة الزرع من الفدان إلى الأندر ودرسه كانا لازمين له على مقتضى الشرط وكذلك إذا جرت العادة بهما أو بغيرهما من اللوازم

ص: 181

هذا مذهب ابن القاسم وبه العمل وقال سحنون لا يجوز اشتراط ذلك لأنه مجهول وأختاره ابن يونس ثم قال

(والشرط أن يخرج عن معمور

مثل الذي الفى من المحظور)

(وليس للشركة معه من بقا

وبيعه منه يسوغ مطلقا)

(وحيث لا بيع وعامل زرع

فغرمه القيمة منه ما امتنع)

يعني أن رب الأرض إذا حرث أرضه ثم عقد فيها مزارعة مع ءاخر واشترط عليه إنه يحرثها عند خروجه ويتركها على الحالة التي دخل عليها فإن ذلك لا يجوز وتفسخ الشركة به وهو معنى قوله وليس للشركة معه من بقا فعبر عن الفسخ بعدم بقاء الشركة وأما بيع رب الأرض العمارة من الشريك حين العقد فهو جائز مطلقاً سواء كان الثمن معجلاً أو مؤجلاً فإن لم يشترط عليه حرثها عند الخروج ولا باعها منه بلوقع السكوت عنها حتى زرعها العامل فقام رب الأرض عليه وطلب منه قيمتها فله ذلك ولا يمتنع على العامل غرم القيمة لأنها حق عليه طلبه مستحقه.

وقوله والشرط مبتدأ ومن المحظور متعلق بمحذوف خبره ومثله بالجر نعة لمعمور وضمير معه بسكون العين يعود على الشرط وضمير بيعه يعود على الحرث وضمير منه يعود على العامل وضمير فغرمه يعود على العامل أيضاً وضمير منه في البيت الأخير يعود على غرم القيمة وما نافية أي لا يمتنع على العامل غرم القيمة قال

(وحق رب الأرض فيما قد عمر

باق إذا لم ينبت الذي بذر)

(بعكس ما كان له نبات

ولم يكن بعد له ثبات)

يعني أن العامل إذا حرث الأرض وزرعها فلم ينبت ما زرعه فيها لعدم المطر فحقه باق في العمارة وله أن يزرعها مرة أخرى أو يبيعها من رب الأرض أو من غيره قال الشارح وكان على الناظم أن يقول وحق ذا العامل بدل رب الأرض اهـ وحيث كان

ص: 182

هو المراد شرحت كلامه به وإما إذا نبت ما زرعه فيها وإصابته جائحة فمل يبق له حق ثابت فيها قال

(واجز في البذر اشتراك والبقر

إن كان من ناحية ما يعتمر)

يعني إنه يجوز للمتزارعين عقد المزارعة على أ، يكون البذر والبقر مشتركاً بينهما ويكون العمل عليهما معاً أو على أحدهما ويكون على الأخر الأرض وهو معنى قوله من ناحية ما يعتمر أي الذي يعتمر يكون من جهة أحدهما فقط ولو كانت الأرض غير رخيصة كما تقدم. وإن كان على أحدهما الأرض والبقر والبذر على الأخر عمل ايد فقط وهي مسئلة الخماس فأجازها بعض العلماء للضرورة ومنعها ءاخرون وبجوازها جرى العمل في القطر الأفريقي (وقوله) من ناحية بالتنوين خبر كان مقدم على أسمها وما أسمها وجملة يعتمر من الفعل ونائب الفاعل صلة ما الواقعة على الأرض قال

(والزرع للزارع في أشياء

ورب الأرض يأخذ الكراء)

(كمثل ما في الغصب والطلاق

وموت زوجين والاستحقاق)

يعني أن من زرع أرض غيره وحده فأن الزرع يكون له ولرب الأرض كراء أرضه على تفصيل بيانه في أشياء مذكورة في أبواب متفرقة منها من غصب أرضاً أو تعدي على منفعتها وزرعها ولم يقم ربها حتى فات وقت الزراعة فعليه كراؤها لربها وإن قام عليه قبل فوات الوقت فإن كان الزرع لم ينبت أو نبت ولا ينتفع به أخذه رب الأرض بلا شيء وإن كان ينتفع به فرب الأرض مخير بين أن يأمره بقلعه أو يبقيه لنفسه ويدفع للزراع قيمته مطروحاً بعد إسقاط أجرة حصده وقيل الزرع لرب الأرض مطلقاً بلا شيء ولو فات وقت الابان لأن الغاصب ظالم والظالم لا حق له. ومنها من أمتعته زوجته أرضاً فزرعها ثم طلقها أو مات عنها فالزرع له فات الوقت أو لم يفت نبت أو لم ينبت وفي الكراء إذا لم ييبس الزرع لباقي المدة الخلاف المتقدم في باب الكراء. ومنها من استحقت من يده أرض بعد أن زرعها بشبهة ملك بأن

ص: 183

اشتراها أو ورثها أو وهبت له ولم يعلم بغصبها أو جهل حاله ولم يفت وقت الزراعة فالزرع له وعليه كراء هذه السنة فقط (وأما) بعد فوات الأبان فالزرع له ولا كراء عليه وهذا هو الفرق بين ذي الشبهة والغاصب قال بمرام في الشامل ولا شيء لمستحقها في زرع ذي شبهة ونحوه وأن فات أبانه وإلا فله كراء سنة اهـ قال

(والخلف فيه هاهنا أن وقعا

ما الشرع مقتض له أن يمنعا)

(قيل لذي البذر أو الحراثة

أو محرز لأثنين من ثلاثة)

(الأرض والبذر والاعتمار

وفيه أيضاً غير ذاك جار)

يعني أن أهل المذهب أختلفوا في الزرع لمن يكون إذا وقعت المزارعة ممنوعة على ثلاثة أقوال قيل يكون الزرع لصاحب البذر ويؤدي لغيره قيمة ما أخرجه وقيل للذي حرث الأرض وقيل لمن حصل على أثنين من ثلاثة وهي الأرض البذر والحرث وهو القول الراجح (وقوله) الأرض والبذر والاعتمار الثلاثة بالجر بدل من ثلاثة وضمير فيه في الموضعين يعود على الزرع وضمير له عائد على ما الواقعة على عقد المزارعة قال

(وقول مدع لعقد الأكترا

لا الأزدراع مع يمين أوثرا)

يعني أن رب الأرض والعامل إذا اختلفا في كيفية العقد فأدعى أحدهما أنه وقع على وجه الاكتراء وأدعى الآخر إنه وقع على وجه الأزدراع فالقول قول من أدعى الاكتراء بيمينه وسواء كان هو رب الأرض أو العامل وله قلب اليمين على صاحبه على نحو ما تقدم وقوله أوثرا بضم أوله وألفه للإطلاق أي روي عن ابن القاسم قال

(وحيث زارع ورب الأرض قد

تداعيا في وصف حرث يعتمد)

(فالقول للعامل واليمين

وقلبها إن شاء مستبين)

ص: 184