الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العامل فله الأكثر من الجعل وأجرة مثله وأن أنفرد العامل بالعلم فلا شيء له وقيل له بقدر تعبنه وإذا تنازعا في العلم وعدمه فالقول لمن أدعى عدم العلم منهما لأن الأصل في العقود الصحة ما لم يغلب الفساد وأن الجعل لا يجوز فيه ضرب الأجل لأن المجعول له يكون له الترك متى شاء فلا وجه لتحديده بزمن ولما فيه من زيادة الغرز إذ ربما ينقضي الأجل قبل تمام العمل فيذهب عمله باطلا أو يتم العمل قبل انقضائه فيأخذ شيئاً لا يستحقه لأنه يأخذ الجعل كاملاً لتمام العمل ويسقط عنه عمل بقية الأجل إلا إذا شرط العامل على الجاعل ترك العمل متى شاء فإنه يجوز ضرب الأجل. وأن اشتراط النقد في الجعل لا يجوز لأنه يؤدي إلى التردد بين السلفية والثمينة وأما تعجيله على الطوع فهو جائز (وأعلم) أن النسبة بين الجعل والإجارة العموم والخصوص الوجهي على التحقيق وبيانه أن العمل المجاعل عليه بعضه تصح فيه الإجارة والجعل كحفر بئر في أرض موات لأنه أن عين فيها مقدارا مخصوصاً من الأذرع كان إجارة وإن عاقده على إخراج الماء كان جعلا. وبعضه لا تصح فيه الإجارة وذلك كالمعاقدة على إحضار عبد ءابق أو بعير شارد ونحوهما من كل ما يجهل فيه العمل وبعضه لا تصح فيه الجعالة وتتعين فيه الإجارة وذلك كالمعاقدة على عمل في أرض مملوكة للجاعل كحفر بئر فيها قاله النفراوي على الرسالة (ولما) فرغ من الكلام على الجعل شرع يتكلم على المساقاة فقال
هو مصدر مفرد ينصب بالفتحة على الأصل (قال) القاضي عياض هي مشتقة من سقي الثمرة إذ هي معظم عملها وأصل منفعتها. وقال الرصاع نقلاً عن الجوهري إن المساقاة استعمال رجل رجلاً في نخل أو كرم يقوم بإصلاحها ليكون له سهم معلوم من غلتها قال وهذا قريب من الحقيقة الشرعية إلا أن فيه قصورا عنها فإنها أعم لأنها لا تختص بالنخل والكرم فيكون في الشرع تعميم لما خصصته اللغة اهـ. وعرفها
الإمام ابن عرفة بقوله هي عقد على عمل مؤنة النبات بقدر لا من غير غلته لا بلفظ بيع أو إجاره أو جعل فيدخل قولها لا بأس بالمساقاة على أن كل الثمرة للعامل ومساقاة البعل اهـ (فقوله) لا بلفظ بيع أو إجارة أو جعل يدخل فيه عقدها بلفظ عاملتك على طريق سحنون فإنها تنعقد عنه بغير لفظ ساقيتك كعاملتك وارتضاها جمع كثير من الشيوخ قائلاً وهي المذهب خلافاً لإبن القاسم القائل بإنها لا تنعقد إلا بلفظ ساقيتك (وقوله) لا من غير غلته يخرج به ما لو كان الجزء من غير الثمرة فلا تصح لخروجها عن المساقاة ككونها بدراهم أو عرض وإنما تكون إجارة تجري عليها إحكامها (وحكمها) الجواز بدليل ما في الصحيح إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ساقي أهل خيبر في النخل على أن لهم نصف الثمرة بعملهم والنصف يؤدونه له صلى الله عليه وسلم أو لأصحابه. وحكمه مشروعيتها دفع الحاجة كما في لب اللباب. ولهذا استثنيت من أصول أربعة ممنوعة (الأول) الإجارة بمجهول (والثاني) المخابرة وهي كراء الأرض بما يخرج منها (الثالث) بيع الثمرة قبل بدو صلاحها بل قبل وجودها (الرابع) الغرر لأن العامل لا يدري أتسلم الثمرة أم لا (قال) ابن شاس المساقاة سنة على حيالها. وقال ابن راشد حكمها الجواز ابتدائ واللزوم إذا وقعت وإلى هذا أشار الناظم بقوله
(إن المساقاة على المختار
…
لازمة بالعقد في الأشجار)
(والزرع لم ييبس وقد تحققا
…
قيل مع العجز وقيل مطلقا)
(والحقوا المقاثي بالزرع موما
…
كالورد والقطن على ما قدما)
يعني أن عقد المساقاة على الأشجار والنبات وأن بعلا لازم لكل من المتعاقدين بنفس العقد كالبيع وإن لم يحصل شروع في العمل على القول المختار وهو المشهور وبه العمل ومقايله لا تلزم إلا بالشروع في العمل كالجعل. وإنها تكون في عمل الأشجار سواء عجز ربها عن القيام بها أم لا وتكون في الزرع بشروط أربعة بزيادة شرط
على ما في النظم (أحدها) أن لا يبدو صلاحه وهو مراد الناظم باليبس (وثانيها) أن يبرز من الأرص ويتحقق خروجه منها (وثالثها) أن يخاف عليه الموت بترك السقي (ورابعها) أن يعجز ربه عن القيام به هذا هو القول المشهور وقيل تجوز مطلقاً عجز ربه عن القيام به أولاً فيكون كالأشجار والحقت المقاثي وما أشبهها كالكتان والبصل بالزرع في جواز مساقاتها بالشروط المذكورة. وقوله وما كالورد ظاهره إنه معطوف على المقاثي بدليل قوله على ما قدما فيكون حكمه حكم المقاثي في الإلحاق بالزرع بشروطه ويجوز عطفه على الأشجار على أن ما مبتدأ وعلى ما قدما خبره وهو من جهة الراجحية أحسن لقول الشيخ خليل مشبها في الصحة ما نصه كزرع وقصب وبصل ومقثأة أن عجز ربه وخيف موته وبرز ولم يبد صلاحه وهل كذلك الورد ونحوه والقطن أو كالأول وعليه الأكثر تأويلان (قال) انب رحال فقوله كزرع التشبيه بقوله إنما تصح مساقاة شجر وقوله كزرع ظاهره كان بعلاً أو لا وهو كذلك. وقوله وعليه الأكثر هذا هو الراجح فإن الخلاف في هذه الأشياء كثير اهـ فقال
(وامتنعت في مخلف الاطعام
…
كشجر الموز على الدوام)
(وما يحل بيعه من الثمر
…
وغير ما يطعم من أجل الصغر)
يعني أن المساقاة ممتنعة في عمل الأشجار التي يكون إطعامها يخلف بعضه بعضاً لا ينقطع على الدوام كالموز وفي عمل الأشجار التي حل بيع ثمرها والزرع الذي بدا صلاحه لأن المشقة ترتفع عن ربه بالبيع على المشهور وفيما لا يطعم من الشجر لصغره لأن خدمته بدون شيء يحصل له تكون من الباطل إلا إذا كان على وجه الطواعية أو تبعا لغيره من جميع ما منع أو كان على سبيل الإجارة بجزء منه أو من غيره فإنه يجوز والتبعية أن يكون التابع الثلث فأقل كما يأتي مثاله في البياض. وقوله مخلف بضم أوله وكسر ما قبل ءاخره مخففا من أخلف الرباعي. وقوله وغير ما يطعم بالجر عطف على مخلف أو على ما يحل بيعه قال
(وفي مغيب في الأرض كالجزر
…
وقصب السكر خلف معتبر)
يعني إنه وقع خلاف بين أهل المذهب في مساقاة ما كان غائباً في الأرض كالجزر واللفت والفجل ونحوها كالبطاطة وقصب السكر فقيل بالجواز وهو المشهور بشروط الزرع المتقدمة وقيل بعدم الجواز. وقوله مغيب بضم أوله وكسر ما قبل ءاخره مشدداً جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم وخلف بضم أوله وسكون ثانيه أي خلاف مبتدأ مؤخر ومعتبر صفته قال
(وإن بياض قل ما بين الشجر
…
وربه يلغيه فهو مغتفر)
(وجاز أن يعمل ذاك العامل
…
لاكن بجزء جزئها يماثل)
(بشرط أن يكون ما يزدرع
…
من عنده وجزء الأرض تبع)
(وحيثما أشترط رب الأرض
…
فائدة فالفسخ أمر مقضي)
يعني أن البياض الذي يكون في الجنات سواء كان بين الأشجار أو منفرداً عنها بناحية يجوز لربه الغاؤه للعامل وهو أحسن إذا قل كان يكون كراؤه منفرداً مائة درهم مثلاً والثمرة وحدها تساوي مائتين بعد إسقاط ما أنفق عليها فيختص به العامل ويزرع فيه ما شاء وسواء كان بشرط أو بلا شرط. ومفهوم قوله قل إنه إذا لم يكن قليلاً بان زاد على الثلث لم يجز الغاءه للعامل وهو كذلك ويبقى لربه يعمل فيه مزارعة او بأجر مع من شاء فإن اشترطه العامل فسدت المساقاة كما يأتي ولو بعد العمل ويكون له أجر مثله في خدمته ومساقاة مثله في الشجر. ويجوز لرب الأرض إدخال البياض القليل المتقدم في المساقاة لأنه في حكم التابع وتكون فائدته بينما لاكن بشروط (أحدها) أن يكون عمله فيه بجزء يماثل جزء المساقاة كربع وربع أو ثمن وثمن فلو كان على الثمن في الثمرة والربع أو النصف في البياض كما يوجد في بعض البلدان ففيه ثلاثة أقوال المنع لإبن القاسم والكراهة لأصبغ والجواز لغيرهما
وإليه رجع أصبغ وهو الذي عليه عمل الناس فلا يشوش عليهم بقول ابن القاسم المشهور كما في المسناوى وذلك لقول الفقهاء أن ما جرى عليه عمل الناس وصادف قولاً ولو خارج المذهب جاز ويقع الحكم على مقتضاه (وثانيها) أن تكون الزريعة من عند العامل لأنها من جملة مؤنة المساقاة فلو كانت من عند ربه أو من عندهما فسدت لخروجت الرخصة عن محلها بناء على أنها لا تتعداه وأما على القول بأنها تتعداه فلا تفسد خصوصا إذا كانت الحاجة داعية لذلك بأن جرى بها عرف بلد (وثالثها) أن يكون جزء الجنان الذي هو البياض تبعاً لقيمة ثمرة الحائط كالمثال المتقدم وهذا الشرط مستغنى عنه بقوله قل اللهم إلا أن يكون قصده بذلك زيادة البيان والإيضاح (ورابعها) أن لا يشترط ربه فائدته لنفسه فإن اختل شرط من هذه الشروط فسدت على القول المشهور ويرد العامل إلى مساقاة مثله في الشجر وأجر مثله في البياض وقيل لا تفسد على نحو ما تقدم وقيل يجوز لربه اشتراطه لنفسه لأن العامل لا يتكلف له واختلاف العلماء فيه رحمة والله أعلم بالصواب قال
(ولا تصح مع كراء لا ولا
…
شرط البياض لسوي من عملا)
(ولا اشتراط عمل كثير
…
يبقى له كمثل حفر البئر)
يعني أن المساقاة لا يصح جمعها مع الكراء في عقد واحد عند ابن القاسم لأن الكراء بيع والبيع يمتنع جمعه معها كما تقدم وتصح عند أشهب ولا تصح المساقاة على أن يشترط البياض القليل لغير العامل كان يكون مشترطاً لرب الأرض كما مر أو لأجنبي والعمل على العامل وقيل يجوز ذلك كما سبق ولا تصح مع اشتراط عمل كثير ينشئه العامل كحفر بئر وبناء حائط أو طابية وما أشبه ذلك وأما العمل القليل الذي هو مفهوم العمل الكثير فهو جائز اشترط عليه أو لم يشترط كالعمل الكثير الذي هو من لوازم عمل المساقاة مما يحتاج إليه الحائط وما الحق به من سقي وآبار وتنقية مناقع
الشجر ومجاري المياة والحصاد والدراس ونحوها كله على العامل كما عليه إقامة الأدوات من الدلاء والمساحي والإجراء وسائر ما يحتاج إليه مما يتوقف عليه العمل وكذلك لا تصح على إشتراط اختصاص أحدهما بكيل أو عدد أو بثمر نخلة ونحوها ويكون الباقي بينهما هذا إذا وقع في صلب العقد كما قال وإما إذا وقع بعده تطوعاً فإنه جائز وإنما كان ذلك مفسداً مع الشرط عند ابن القاسم وإما عند غيره فلا فساد وعليه عمل الناس ولا جناح على من عمل به خصوصاً مع الضرورة. وقوله ولا توكيد لقوله لا التي قبلها. وقوله وال شرط بالجر عطف على كراء وكذا ولا اشتراط ولا اختصاصه وجملة قد عقد من الفعل والفاعل صلة ما أي من النخيل الذي قد عقد عليه رب الحائط أو العامل المساقاة وأولى في المنع إذا كان من غيرها على مذهب ابن القاسم. وفي المعيار عن أبي سعيد فرج أبن لب أن ما أرتكبه الناس وتقادم في عرفهم وجرى به عملهم ينبغي أن يلتمس له وجه شرعي ما أمكن على خلاف أو وفاق إذ لا يلزم ارتباط العمل بمذهب معين ولا بمشهور من قول قائل اهـ. والله أعلم فهذا هو الفقه المناسب لإجراء العمل بالشريعة السمحاء خصوصا في هذا الزمان فليس كل حافظ فقيه ولا كل من بيده سبحة نزيه قال
(وهي بشطر أو بما قد اتفق
…
به وحد أمد بها يحق)
يعني أن من شرط صحة المساقاة بيان القدر الذي يأخذه العامل ولو أتى على جميع الثمرة كما تقدم عن أبن عرفة في التعريف وكونها بالنصف أولى للسنة كما مر ويتشرط في صحتها أيضاً بيان أمدها الذي تنتهى إليه فأن لم يبينا مدتها فهي إلى الجذاذ (وقوله) اتفق بالبناء للنائب وقوله به أي عليه وحد مبتدأ وأمد مضاف إليه وجملة يحق بها خبره قال
(والدفع للزكاة إن لم يشترط
…
بينهما بنسبة الجزء فقط)
يعني أن المساقاة إذا أنعقدت بين رب الحائط ونحوه والعامل ولم يشترط احدهما على الآخر دفع الزكاة ولا جرى بينهم عرف في ذلك بإخراج الزكاة من نصيبه فإنها تخرج