الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الاستسقاء
مقدمة
الاستسقاء: طلب السقي من الله تعالى، عند حدوث القحط، والجدب، والتضرر من ذلك، وقد يكون الاستسقاء بالدعاء المجرد، ويكون بالدعاء بعد الصلاة.
وأفضله: أن يكون بصلاة ركعتين تصلى كصلاة عيد، في زمانها ومكانها، وتكبيرها، وقراءتها، ثم يخطب بعدها خطبة واحدةً؛ خطبة صلاة العيد، بالافتتاح بالتكبير والإكثار من الاستغفار، والدعاء والصلاة على النَّبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون بالدعاء المأثور فيها.
قال بعضهم: الاستسقاء ثلاثة أضرب:
أحدها: صلاتهم جماعة أو فرادى، على الصفة المشروعة المخصوصة، وهذا أكملها.
الثاني: استسقاء الإمام يوم الجمعة في خطبتها؛ اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولأنَّ هذه هي الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعاء.
وهذا الضرب مستحبٌّ إجماعًا، وعليه عمل المسلمين.
الثالث: دعاء المسلمين عقب صلواتهم، وفي خُلواتهم، ولا نزاع في جواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة.
قال ابن القيم: الأمور مقدرة بأسبابها، ومن الأسباب الدعاء، فمتى أتى
العبد بالسبب وقع المقدور، وإن لم يأت بالسبب انتفى المقدور. والدعاء من أقوى الأسباب، فليس شيء أنفع منه، فمتى أُلهِمَ العبد الدعاء، حصلت الإجابة، وقد دلَّ العقل والنقل وتجارب الأمم على أنَّ التقرب إلى الله، وطلب مرضاته، والبر والإحسان إلى خلقه -من أعظم الأسباب الجالبة لكل خيرٍ، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شرٌّ.
فما استُجْلِبَتْ نِعَم الله تعالى، واستُدْفِعَت نقمه، بمثل طاعته، والإحسان إلى خلقه.
والقرآن صريحٌ في ترتيب الجزاء بالخير والشر، ومن فقه هذه المسألة، انتفع بها، وقد يتخلف أثر الدعاء: إما لضعف الدعاء، بألا يكون محبوبًا إلى الله؛ لما فيه من العدوان، وإما لضعف قلب الداعي، وعدم إقباله على الله، وجمعيته عليه وقت الدعاء.
وإما لحصول المانع من الإجابة، من أكل الحرام، أو استيلاء الغفلة والشهوة؛ فالله لا يقبله من قلب غافل، والله ولي التوفيق.
وصلاة الاستسقاء عند وجود سببها سنة مؤكدة بإجماع العلماء؛ للأحاديث الصحيحة المستفيضة، التي منها ما في البخاري (1012)، ومسلم (894) من حديث عبد الله بن زيد، قال:"خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي، فتوجه إلى القبلة يدعو، وحوَّل رداءه، ثم صلَّى ركعتين، جهر فيهما بالقراءة".
وأما أبو حنيفة: فلم يرها صلاة مسنونة، وقوله محجوج بالسنة الثابتة.
415 -
وَعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مُتَواضِعًا، مُتَبذَّلاً مُتَخَشِّعًا، مُتَرَسِّلاً، مُتَضَرِّعاً، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، كَمَا يُصَلِّي فِي العِيْدِ، لَمْ يَخطُبْ خُطْبتَكُمْ هَذِهِ". رَوَاهُ الخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو عَوَانَةَ وَابْنُ حِبَّانَ (1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث صحيح.
قال في "التلخيص": رواه أحمد وأصحاب السنن وأبو عوانة وابن حبان، والحاكم والدارقطني والبيهقي كلهم من حديث هشام بن إسحاق بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس، يزيد بعضهم على بعض، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
* مفردات الحديث:
- متواضعًا: أي: في ظاهره، بالذل والانكسار بين يدي الله تعالى، فالتواضع ضد التكبر.
- متبذلاً: بالمثناة الفوقية فذال معجمة، من:"التبذل" وهو: ترك الزينة على جهة التواضع، فيلبس ثَوْبَ البِذلة بكسر الباء، وهي ثياب المهنة والعمل.
- متخشِّعًا: مظهرًا للخشوع في باطنه وظاهره، بخفض الصوت، وغض البصر، والخضوع في القلب والبدن.
- مترسِّلاً: من الترسل في "المشي"، أي: متأنَّيًا في مشيته، عليه سيما السكينة
(1) أحمد (3321)، أبو داود (1165)، التر مذي (558)، النسائي (2521)، ابن ماجة (1266)، ابن حبان (7/ 112).
والوقار.
- متضرِّعًا: التضرع والتذلل هو: المبالغة في السؤال والرغبة، وإظهار الضراعة، فيلحق بأنواع الذكر والدعاء، متواضعًا إلخ
…
كل هذه الألفاظ جاءت بصيغة اسم الفاعل، ومنصوبة على الحالية.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
الاستسقاء يقصد به الدعاء والتضرع بين يدي الله تعالى، والانكسار والضعف، وإظهار الفاقة والحاجة إليه تبارك وتعالى؛ ولذا فإنَّه يخرج إليها بحالة من التواضع في البدن، والتخشع في القلب، والتضرع باللسان، والتذلل في الثياب والهيئة.
فهذه الحال أقرب إلى إجابة الدعاء، وقبول النداء، وهكذا كان صلى الله عليه وسلم يخرج إليها؛ ليكون أسوة لأمته.
2 -
دلت الأحاديث الصحيحة الشهيرة على مشروعية صلاة الاستسقاء، وهو قول جمهور السلف والخلف، عدا أبي حنيفة، كما في "مصنف ابن أبي شيبة" بسند صحيح، ولأبي حنيفة رحمه الله اجتهاده في المسألة؛ لأنَّه وردت أحاديث فيها الاقتصار على الدعاء، لكن مع هذا خالفه صاحباه، وقالا بالأحاديث المثبتة لصلاة الاستسقاء، كقول الجمهور.
فتصلى ركعتين؛ كصلاة العيد من حيث وقتها في الضحى، ومكانها في الصحراء، والتكبير في صلاتها وخطبتها، ولكنها خطبة واحدة يكثر فيها الدعاء والاستغفار.
3 -
قوله: "لم يخطب كخطبته هذه" يفهم منه أن يخطب، ولكنها خطبة مغايرة للخطبة التي يشير إليها الراوي، من حيث الموضوع.
فالأفضل هو التقيد بموضوع الخطبة التي كان يخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّها أنسب للمقام، وقد جاء في لفظ أبي داود: "ولكن لم يزل في الدعاء
والتضرع والتكبير".
فهذا هو المناسب للحال؛ لأنَّ المستسقين خرجوا لطلب الغيث والسقي، وأفضل وسيلة إليه الدعاء والاستغفار.
4 -
قال ابن القيم: وليس لها نداء ألبتة، قال الشيخ: وقياسها على الكسوف فاسد الاعتبار.
قال محرره: وتخالف صلاة العيد في أنَّه لا وقت لصلاتها، والأولى أن يكون وقت صلاة العيد، ولا خلاف في أنَّها لا تفعل في وقت النهي، إلَاّ أنَّها توافق صلاة العيد من حيث العدد، والتكبيرات الزوائد، والجهر بالقراءة.
* خلاف العلماء:
اختلف العلماء في الخطبة: فالمشهور من مذهب الإمام أحمد: أن صلاة الاستسقاء لها خطبة؛ لما روى أبو داود وغيره عن ابن عباس قال: يَصِف خطبة النبي صلى الله عليه وسلم: "ولم يخطب كخطبته هذه".
قال في "شرح المفردات": هذا الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وبه قال عبد الرحمن بن مهدي، وهو من المفردات.
وذهب الإمامان: مالك والشافعي، إلى: أنَّ المشروع خطبتان، وهو رواية عن الإمام أحمد، واختاره جماعة من الأصحاب منهم الخرقي وابن حامد، والأمر واسع، ولكن الاتباع أولى.
***
416 -
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قُحُوطَ المَطَرِ، فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ، فَوُضِعَ لَهُ فِي المُصَلَّى، وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ، فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ، فَقَعَدَ عَلَى المِنْبَرِ، فَكَبَّرُ وَحَمِدَ اللهَ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَقَدْ أمَرَكُمُ اللهُ أنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ، ثُمَّ قَالَ: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)} لَا الهَ إلَاّ اللهُ، يَفْعَل مَا يُرِيدُ، اللَّهُمَّ انتَ اللهُ، لَا الَهَ إلَاّ أنْتَ، أنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ، أَنْزِلْ عَلَيْناَ الغَيْثَ، وَاجْعَلْ مَا أنْزَلْتَ عَلَيْنَا قُوَّةٌ وَبلَاغًا إلَى حِيْنٍ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى رُئيَ بيَاضُ إِبْطَيْهِ، ثُمَّ حَوَّل إلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَقَلَب رِدَاءَهُ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ، ثُمَّ أقْبلَ عَلَى النَّاسِ، وَنَزَلَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأَنْشَأَ اللهُ تَعَالَى سَحَابةً، فَرَعَدَتْ، وَبرقَتْ، ثُمَّ أمْطَرَتْ". روَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَقَالَ: غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ (1).
وَقِصَّةُ التَّحْوِيلِ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ، وَفِيهِ:"فَتَوَجَّهَ إِلَى القِبْلَةِ يَدْعُو، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ"(2).
(1) أبو داود (1173).
(2)
البخاري (1012)، مسلم (894).
وَلِلْدَارَقُطْنِيِّ مِنْ مُرْسَلِ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ: "وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ؛ لِيَتَحَوَّلَ القَحْطُ"(1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث حسن.
قال المؤلف: رواه أبو داود، وقال: غريب، وإسناده جيد، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، قال الذهبي: على شرطهما، ورواية الدارقطني وصلها الحاكم من طريق جعفر بن محمَّد عن ابن جابر، ومحمَّد لقي جابرًا.
* مفردات الحديث:
- القحط: بضم القاف؛ من: قحط المطر قحطًا قحوطًا، فالقحط: هو إمساك المطر وحبسه، مثل: نهض ينهض نهوضًا.
- حاجب: من حجب يحجب حجبًا، من باب قتل.
قال في "المحيط": الحاجب من كل شيء: حرفه، وحاجب الشمس: أول ما يبدو منها، مستعار من حاجب العين، والجمع "حواجب"، فهو قرن الشمس الأعلى.
- جدب دياركم: هو المَحْلُ وزنًا ومعنى، وهو انقطاع المطر ويبس الأرض.
- بلاغًا إلى حين: أي: زادًا يبلغنا إلى زمن طويل، فالبلاغ ما يتبلغ به إلى المطلوب.
- الغيث: هو المطر الذي ينقذ الله به البلاد من الجدْب، ويحيى الله به البلاد الميتة.
(1) الدارقطني (2/ 66).
- قلبَ رداءه: بتخفيف اللام، وقلب الرداء هو: أن يحول رداءه؛ بأن يجعل ما يلي بدنه هو الأعلى، ويتوخى أن يجعل ما على شقه الأيمن على الشمال، ويجعل الشمال على اليمين.
- رعدت: يقال: رعد السحاب رعدًا -من باب قتل- ورعودًا، والرعد: صوت يُدَوِّي عقب وميض البرق.
- برقت: بفتح الراء من: "البروق"؛ وهو: لمعان في السماء على أثر انفجار كهربائي في السحاب.
- رداءه: -بكسر الراء وفتح الدال-: هو الثوب الذي يستر أعلى البدن، وجمعه:"أردية"، ويطلق على ما لبس فوق الثياب؛ كالعباء، والجبة.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
أنَّ سبب صلاة الاستسقاء هو وجود القحط، والتضرر من انقطاع الغيث؛ ومثله جفاف الأنهار، وغَوْر الآبار.
2 -
أنَّ لصلاة الاستسقاء خطبة تكون على مكان عالٍ؛ كالجمعة والعيد؛ ليكون أسمع للخطيب، وأبلغ في الإفهام.
3 -
يستحب للإمام أن يَعِدَ الناس وعدًا عامًّا، يخرجون فيه لمصلى العيد.
4 -
يستحب أن تصلى في الصحراء؛ كما تصلى العيد.
5 -
أنَّ وقت صلاة الاستسقاء كوقت صلاة العيد، حينما ترتفع الشمس قيد رمح، هذا هو الوقت الأفضل في صلاتها، وإلَاّ فإنه يجوز فعلها كل وقت، غير وقت النهي، بلا خلاف بين العلماء.
6 -
يستحب للخطيب أن ينبه الحاضرين إلى الحاجة التي خرجوا إليها؛ ليجتهدوا في تحريها وتحقيقها.
7 -
أن يأمر الناس بالدعاء هنا وفي غيره؛ لأنَّ الدعاء من أقوى الأسباب لحصول المطلوب، فمتى أُلهِمَ العبد الدعاء، حصلت الإجابة بإذن الله تعالى.
8 -
يستحب أن يطمِّعهم في ربهم، ويقوَّي رجاءهم باستجابة دعائهم إيَّاه، حتى ينشطوا، ويجتهدوا فيه.
9 -
أول ما يبدأ به الخطيب الصعود على المنبر، واستقباله الناس، ثم يخطب خطبة مناسبة للمقام، من تكبير الله، وحمده، والثناء عليه، واستغفاره، وإظهار العجز والمسكنة، والاطراح بين يديه؛ بإظهار الفاقة والحاجة إلى فضله.
10 -
ثم بعد حمد الله، والثناء عليه، ووصفه بالرحمة العامة لخلقه، والخاصة باوليائه، ووصفه بالجود والغنى والعطاء.
وبعد وصف العبد نفسه، وعموم الخلق بالفقر والضعف، والحاجة إلى فضل ربهم، وإحسانه إليهم، ورحمته بهم.
وبعد هذه الابتهالات والتوسلات -يرفع الخطيب يديه، ويستقبل القبلة، ويدعو الله تعالى؛ بأن يُنزل عليهم الغيث، وأن يجعل ما أنزله قوةً وبلاغًا في هذه الحياة.
11 -
وفي هذه الأثناء يحوِّل الخطيب والحاضرون أرديتهم، أو ما يقوم مقامها من الملابس الظاهرة، فيقلبونها تفاؤلاً؛ بأنَّ الله تعالى حوَّل شدَّتهم رخاء، وبؤسهم غنًى.
12 -
الحديث الذي معنا صريح في أنَّه صلى الله عليه وسلم قدم الخطبة على الصلاة؛ وبه قال جماعة من العلماء.
والمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين هو البداءة بالصلاة قبل الخطبة؛ وهو مذهب الأئمة الثلاثة: مالك، والشافعي، وأحمد.
قال النووي: وبه قال جماهير العلماء، وليس بإجماعِ.
13 -
قال ابن القيم: ما استُجْلِبَتْ نعم الله، واستُدفعت نِقمه، بمثل طاعته، والإحسان إلى خلقه، والقرآن صريحٌ في ترتيب الجزاء بالخير والشر، ومن تفقه في هذه المسألة، انتفع بها.
417 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: "أنَّ رَجُلاً دَخَلَ المَسْجِدَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قائِمٌ يَخْطُبُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ الأَمْوَالُ، وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ عز وجل يُغِيثُنَا. فَرَفَعَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا
…
" فَذَكَرَ الحَدِيثَ، وفِيهِ الدُّعَاءُ بِإِمْسَاكِهَا. مُتَّفَقٌ علَيْهِ (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- أنَّ رجُلاً: قال الحافظ في "الفتح": لم أقف على اسمه.
- يخطب: جملة فعلية حالية.
- الأموال: المراد بها: المواشي؛ كما جاء في بعض الروايات، والمراد بهلاكها: عدم وجود ما تعيش به من الأقوات المفقودة بحبس المطر.
- انقطعت السُّبُل: السُّبُل: الطرق، جمع:"سبيل"، وانقطاعها بسبب الجدب؛ حيث لا تجد المواشي ما تأكله في طريقها، فيتوقف السير فيها.
- يُغيثنا: بضم الياء، من: أغاث يغيث إغاثة، من مزيد الثلاثي، والمشهور في كتب اللغة أن يقال في المطر: غاث الله الناس والأرض يغيثهم، بفتح الياء، فقد جاء على معنى طلب المعونة، وليس من طلب الغيث.
- يغيثنا: جاء الفعل مرفوعًا، والأفصح رواية الجزم؛ لأنَّه جواب الطلب.
- اللهم أغثنا: يقال: أغاثه الله يغيثه، ويقال: غاثه يغوثه غوثًا، وأغاثه يغيثه إغاثةً، قال الفراء: الغيث والغوث متقاربان في المعنى.
(1) البخاري (1014)، مسلم (897).
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
هذا النوع الثاني من الاستسقاء، وهو طلب السقي في خطبة الجمعة، فيشرع ذلك حينما ينقطع المطر، ويتضرر الناس.
2 -
جواز تَعْدَاد النقم التي تحل بالمسلم، إذا لم يقصد بذلك التسخط من تدبير الله تعالى، وإنما بقصد إظهار الحال، لمن إذا طلبه نفعه في حاله هذه، من طبيب يعالجه، أو غني يتصدق عليه، فهذا الرجل الذي شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله تعالى، والدعاء أمر مقدور للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أقرب من يستجيب الله له دعاءه، -أقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على طلبه، ودعا فحصل المطلوب.
وقد جاء في بقية هذا الحديث: قال: "فخرجنا نخوض الماء؛ حتى أتينا منازلنا".
3 -
ثم طلب منه في الجمعة الأخرى أن يدعو الله أن يمسك السماء، حينما تضرروا باستدامة المطر وقوَّته، فدعا ربَّه، فأمسكت السماء، فصلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه.
4 -
فيه جواز الاستصحاء، حينما تطول الأمطار وتكثر، ويحصل بها الضرر.
5 -
فيه جواز التكلم مع الخطيب يوم الجمعة، وهي مسألة مستثناة من النهي عن الكلام أثناء الخطبة.
6 -
جواز طلب الدعاء من الرجل الصالح الحي؛ فإنَّ هذا من التوسل الجائز، كما في قصة العباس وعمر، والنبي صلى الله عليه وسلم أقرَّ الرجلَ على طلبه في الاستسقاء، والاستصحاء، وأجابه على ما طلبه منه، أما التوسل الممنوع فهو التوسل بجاه المخلوق، أو منزلته، فهذا غير مشروع، وهو من الاعتداء في الدعاء.
والفرق بين التوسل بالجاه أو المنزلة، وبين طلب الدعاء من الحي -واضحٌ؛ فالجاه ينفع صاحبه، ولكنه لا يفيد المتوسَّل، وأما الدعاء فإنَّ فائدته عائدة على طالب الدعاء.
7 -
في الحديث إثبات الأسباب؛ فإنَّ انقطاع السبل، وهلاك البلاد، والأموال من حيوان، وأشجار -بسبب انقطاع المطر.
8 -
في الحديث مشروعية رفع اليدين حال الدعاء، وقد ورد فيه أحاديث كثيرة، حتى جعله العلماء من التواتر المعنوي، وقد ذكر البخاري جملة من الأحاديث في "كتاب رفع اليدين"، ثم قال في آخرها: هذه الأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وفي المسألة أحاديث كثيرة غير ما ذكرته، وفيما ذكرته كفاية.
9 -
وفي الحديث دليل على ضعف الإنسان، وعدم تحمله لزيادة الأمور عليه، ونقصها منه؛ قال تعالى:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)} [النساء]، فهو ضعيف في بدنه، ضعيف في بنيته، خائر في عزيمته وإرادته، واهن في إيمانه، فرحمه ربه وخفَّف عنه، ولم يجعل عليه حرجًا، ولا ضيقًا فيما كلفه به؛ قال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، وقال:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].
***
418 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إِذَا قَحَطُوا، يَسْتَسْقِي بالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَسْقِي إلَيْكَ بِنبَيَّنَا فَتَسْقِيَنَا، وَإنَا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيَّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ" رَوَاهُ البُخَارِيُّ (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- قَحَطُوا: أَمْسِكَ عَنهُم المطر وحبس، وهو من باب نفع، وحكى الفراء أنَّه من باب تعب، فيقال: قحط قحطًا.
- اسستقى بالعباس: الاستسقاء: هو استفعال من طلب السقيا؛ أي: إنزال الغيث على البلاد، والعباد، وهنا طلب عمر من العباس أن يدعو الله بطلب السقيا.
- نتوسل إليك: نجعل دعاءه وسيله لنا إليك في حصول المطر والسقي.
- نتوسل: الوسيلة على وزن: فعيلة، وتجمع على: وسائل ووسل، وهي لغة: ما يتقرب بها إلى الغير، فالوسيلة إلى الله تعالى ما تقرب به عبده إليه بعمل صالح.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
يدل الحديث على استحباب صلاة الاستسقاء، والدعاء في خطبتها، وأنَّها سنة متبعة، فعلها الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا كالإجماع على استمرار مشروعيتها.
2 -
أنَّ سبب الاستسقاء بالصلاة والدعاء هو وجود القحط الضار بالمسلمين؛
(1) البخاري (1010).
وذلك بانقطاع الأمطار، وقلة المرعى.
3 -
أنَّ الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يأتون إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فيطلبون منه الدعاء، ويتوسلون بذاته وجاهه إلى الله تعالى؛ لعلمهم أنَّ دعاءه انقطع بوفاته عليه الصلاة والسلام أما التوسل بذاته أو جاهه فإنَّه ليس بمشروع، وما ليس بمشروع فهو بدعة.
لذا فإنَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب والصحابة معه رضي الله عنهم طلبوا من العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه أن يدعو الله تبارك وتعالى لهم بالسقي، وهم يؤمنون على دعائه، فهذا أمر جائز مشروع.
4 -
قال العباس في دعائه: اللهمَّ إنَّه لم ينزل بلاء إلَاّ بذنب، ولم يُكشف إلَاّ بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث، قال: فأَرْخَتِ السَّماءُ مثل الجبال، حتى أخصبت الأرض، وعاش الناس.
5 -
هذا الحديث مثار جدل بين المبتدعة الذين يرون جواز التوسل بذات المخلوق، وجاهه من الأحياء والأموات، وبين أهل السنة الذين يرون في هذا الحديث دليلاً صريحًا على أنَّ التوسل هو بالدعاء، وأنَّ التوسل بالذات والجاه غير جائز، ذلك أنه لو كان جائزًا، فإنَّ كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه ورفعة مقامه ما نقصت بموته، بل هي باقية، فلماذا عدل الصحابة عن التوسل بذاته إلى طلب الدعاء من العباس؟.
والجواب: ما كان إلَاّ لأن طلب الدعاء من الميت -مهما عظمت منزلته- غير ممكن، فطلب ذلك من الحي القادر عليه، فهذا هو التوجيه الصحيح.
6 -
وبهذا ظهر ما يردده شيخ الإسلام في كتبه، من أن أي مبطل يحتج على باطله بدليل صحيح، يكون حجة عليه، لا حجة له.
7 -
وبهذه المناسبة، فإننا نسوق خلاصة عن أقسام التوسل وأحكامه:
التوسل خمسة أقسام:
أحدها: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته العلى، فهو مشروع؛ قال تعالى:{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: 180]، وجاء في البخاري (7392)، ومسلم (2677) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ لله تسعة وتسعين اسمًا، من أحصاها دخل الجنة".
وما رواه الإمام أحمد (1/ 391) من حديث ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّه قال: "ما أصاب أحدًا قط هم ولا حزن، فقال
…
أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيت به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك -إلَاّ أذهب الله همَّه وحزنه".
الثاني: التوسل إلى الله تعالى بعمل صالح للداعي، فهو أيضًا مشروع، وأقرب مثال لذلك: ما جاء في الصحيحين من قصة أصحاب الغار الثلاثة، الذين انطبقت عليهم الصخرة، ولم ينجهم من محنتهم إلَاّ التوسل بصالح أعمالهم، وحديثهم وقصتهم مشهورة.
وقال الصالحون المؤمنون: {رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)} [آل عمران].
الثالث: التوسل بدعاء الرجل الصالح، ومثاله: حديث الباب، فهو صريح في ذلك؛ فإنَّ تقدير الكلام:"اللَّهم، إنا كنَّا نتوسل إليك بدعاء نبينا فتسقينا، وإننا نتوسل إليك بدعاء عم نبينا فاسقنا"؛ إذ لو كان المراد: التوسل بالجاه؛ لما قدموا العباس، فإنَّ جاه النبي صلى الله عليه وسلم باقٍ، حيًّا وميتًا، وهذه التوسلات الثلاثة جائزة.
الرابع: التوسل بالجاه أو بالحق؛ كأن يقول: أتوسل إليك بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق النبي صلى الله عليه وسلم، أو بحق فلان، فهذا توسل بدعي، غير شرعي؛ لأنَّه لم يرد في كتاب، ولا سنة، ولم ينقل عن الصحابة، ولا عن أحد من
أصحاب القرون المفضلة، أما ما يقال:"توسلوا بجاهي؛ فإنَّ جاهي عند الله عظيم"، فقال شيخ الإسلام: هذا حديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث، ولا ذكره أحد من أهل العلمِ، مع العلم بأنَّ جاهه عند الله أعظم من جاه موسى الذي قال الله عنه:{وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)} [الأحزاب].
الخامس: التوسل بالذات؛ وهذا ما يفعله المشركون مع أصنامهم، فكانوا يتوسلون بها إلى الله تعالى، ويقولون:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3].
وأما الرابع: فمن وسائل الشرك، والوسائل لها أحكام المقاصد، ولكنه لا يُخرجُ صاحبه من الإسلام.
***
419 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: "أَصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَطَرٌ، قَالَ: فَحَسَرَ ثَوْبَهُ، حَتَّى أَصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- حسر: يقال: حسر الشيء يحسره حسرًا -من بابي نصر وضرب- أي: كشفه، ويقال: حسر كمه عن ذارعه؛ أي: كشفه، والمعنا: كشف عن بعض بدنه.
- حديث عهد: من: حدث الشيء يحدث حدوثًا، نقيض "قدُم"، فالحديث الجديد.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
استحباب التعرض لأول المطر؛ ليصيب البدن والثوب والرحل، فرحًا بنعمة الله تعالى، واغتباطًا بنزوله، ولأنَّه لا يزال على نقاوته، وطهارته الكاملة، فلم تصبه الأرض، ولم يختلط بغيره مما يعكر صفوه، ويغير طعمه.
2 -
الله جلَّ وعلا في جهة العلو، والمطر نازلٌ من العلو، فهو وإن لم يبلغ علوَّ الله سبحانه وتعالى، فهو آتٍ من العلو، وفيه بركة صنع الله الحديثة؛ قال تعالى:{وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9]، وروى الشافعي في " الأم" بسنده مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اطلبوا استجابة الدعاء عند نزول المطر، وإقامة الصلاة".
قال في "شرح الإقناع": روي: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سال الوادي: "اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورًا، فنتطهر منه" [رواه الشافعي في
(1) مسلم (898).
"الأم"(1/ 252)].
3 -
قال في "شرح الإقناع": ويستحب أن يقف في أول المطر، ويخرج رحله وثيابه؛ ليصيبها المطر، وهو الاستمطار؛ لحديث أنس.
4 -
قال في "شرح الإقناع": ويسن أن يقول: مُطرنَا بِفضل الله ورحمته، ويحرم قول: مُطرنا بِنَوْءِ كَذا؛ لِمَا في البخاري (846) ومسلم (71)؛ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمنٌ وكافرٌ، فأما من قال: مُطِرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمنٌ بي، وكافرٌ بالكواكب، وأما من قال: مُطرنا بنَوْءِ كَذَا، فذلك كافرٌ بي، مؤمنٌ بالكواكب".
ذلك أنَّ العرب كانت تزعم أنه مع سقوط نجم وطلوع نظيره، يكون مطر، فينسبونه إليهما، وإضافة المطر إلى النوء دون الله تعالى كفر إجماعًا، ويحرم نسبته إلى النجم، وإن قصد نسبة الفعل إلى الله تعالى، ويباح: مطرنا في نوء كذا، كما يُقال: مُطرنا في شهر كذَا.
5 -
قال ابن القيم: ثم يرسل تعالى الرياح، فتحمل الماء من البحر، وتلقحها به، ولذا نجد البلاد القريبة من البحر كثيرة الأمطار، وإذا بعدت عن البحر، قلَّ مطرها، فالمطر معلوم عند السلف والخلف؛ أنَّ الله تعالى يخلقه من الهواء، من البخار المتصاعد، فإنَّه لم يخلق شيئاً إلَاّ من مادة.
6 -
قوله: "فحسر ثوبه، حتى أصابه المطر" هل هذا الأمر مشروع، أو مباح؟ يحمل على أحد أمرين:
أحدهما: إن كان فعله النبي صلى الله عليه وسلم على قصد التعبد، فهو مشروع.
الثاني: وإن كان فعله على سبيل العادة، فإنه لا يدل على مشروعية الفعل. والتعليل بإنَّه حديث عهد بربه، يدل على قصد العبادة.
7 -
فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرد لا يدل على الوجوب، وإنما يدل على الاستحباب فقط.
8 -
الحديث يدل على قاعدةٍ لأهل السنة والجماعة في صفات الله تعالى؛ هي أنَّ صفات الله قديمة النوع، حادثة الآحاد؛ بمعنى: أنَّ الله تعالى متصف بصفاته الثابتة الفعلية، اتصافًا أزليًّا أبديًّا، وأما آحادها وأفرادها فتحدث حسب إرادته وحكمته؛ كما قال تعالى:{إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (107)} [هود]، فالله تعالى -مثلاً- له صفة الخلقِ صفةٌ أزليةٌ أبديةٌ، أما خلقه لهذا المطر فهو حديث جديد.
وهذا بخلاف مذهب الأشاعرة، الذين يؤولون صفة الله بالإرداة؛ لأنَّهم ينكرون أن تقوم بالله تعالى أفعال اختيارية؛ لأنَّه -على زعمهم- فعلٌ حادثٌ، والفعل الحادث لا يقوم إلَاّ بحادث، والله منزهٌ عن الحدوث، فهو الأول ليس قبله شيء، وهذا فهم منهم لصفات الله تعالى خاطىء؛ فإنَّ صفات الله تعالى أزلية بأزلية ذاته، والحادث المتجدد دائمًا هو آحادها ومفرداتها، التي تحدث حسب إرادته وحكمته.
***
420 -
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا رَأى المَطَرَ، قَالَ: اللَّهُمَّ صَيِّبًا نافعًا". أَخرَجَاهُ (1).
ــ
* مفردات الحديث:
- صيِّبًا: مفعولٌ لفعل محذوف، والتقدير: اجعله صيبًا، كما في رواية النسائي (1523)، قال في "النهاية": أصله الواو؛ لأنَّه من: صاب يصوب إذا نزل، ومعناه: منهمرًا متدفقًا.
- نافعًا: صفة "صيبًا"، واحترز به عن الصيب الضار.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
استحباب الدعاء عند نزول المطر، والأفضل أن يكون بهذا الدعاء؛ لثبوت أنَّه من الأدعية النبوية في هذا الموطن.
2 -
الصيب هو المطر المنصب بغزارة، النافع للعباد والبلاد بالخصب والحياة.
3 -
قال الطيبي: هو تتميم في غاية الحسن؛ لأنَّ الصيب مظنة الضرر، و"النافع" احترازٌ من هذا الصيب المخوف.
قال في "شرح الأذكار": يجوز أن يكون احترازًا عن مطرٍ لا يترتب عليه نفع، فيكون أعم من أن يترتب عليه ضرر؛ ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول:"اللَّهمَّ سُقيا رحمةٍ، لا سُقيا عذابٍ، ولا بلاءٍ، ولا هدمٍ، ولا غرق". [رواه البيهقي (3/ 362)].
4 -
قال الإمام النووي في "الأذكار": روى الشافعي في "الأم" بإسناده حديثًا مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا استجابة الدعاء عند: التقاء الجيوش،
(1) البخاري (1032)، وعزاه الحافظ إلى مسلم وهو وهمٌ.
وإقامة الصلاة، ونزول الغيث".
قال الشافعي وقد حفظت من غير واحدٍ طلب الإجابة عند نزول الغيث، وإقامة الصلاة.
***
421 -
وَعَنْ سَعْدٍ رضي الله عنه:- "أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا فِي الاسْتِسْقَاءِ: اللَّهُمَّ جَلِّلْنَا سَحَابًا، كَثِيفًا قَصِيْفًا، دَلُوقًا، ضَحُوكًا، تُمْطِرُنَا مِنْهُ رَذَاذًا، قِطْقِطًا، سَجْلاً، يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرامِ". رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيْحِهِ (1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث ضعيفٌ جدًّا، لكن له طرق عديدة بألفاظ مختلفة متقاربة.
قال في "التلخيص": أخرجه أبو عوانة بسند واهٍ، ثم ذكر عدة روايات في الباب، ثم قال: فهذه الروايات عن عشرة من الصحابة، يعطي مجموعها أكثر مما في حديث ابن عمر، وهو أنَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا استسقى، قال: "اللهمَّ اسقنا، غيثًا، مغيثًا، هنيئًا، مريئًا، سريعًا، غدقًا، مجللاً، سحًّا، طبقًا، دائمًا، اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين
…
إلخ".
* مفردات الحديث:
- جللنا: بالجيم من: "التجليل"، والمراد: تعميم الأرض.
- كثيفًا: -بفتح الكاف فثاء مثلثة فمثناة تحتية ففاء- أي: متكاثفًا متراكمًا بعضه فوق بعض.
- قصيفًا: -بالقاف المفتوحة فصاد مهملة فمثناة تحتية ففاء- وهو ما كان رعده شديد الصوت.
- دَلُوقًا: بفتح الدال المهملة وضم اللام وسكون الواو فقاف، والدلوق: المنهمر بغزارة، والمندفع بشدة، يقال: دلق؛ أي: اندفع بشدة.
(1) مستخرج أبي عوانه (514).
- ضَحُوكًا: الضحوك: كثير البرق.
- رذَاذًا: -بفتح الراء المهملة فذال معجمة مفتوحة، فذال أخرى- وهو: ما كان مطره دون الطش، والطش: المطر الضعيف.
- قِطْقِطًا: بكسر القافين وسكون الطاء الأولى، أصغر، فالقِطْقِطة أصغر المطر، ثم الرَّذاذ، ثم الطش.
- سَجْلاً: بفتح السين وسكون الجيم، قال في "النهاية": هي الدلو الملأى ماء، ويجمع على:"سجال".
قال في "المحيط": ويستعار السَّجْل للعطاء، وهو المراد هنا.
قد يظن أنَّ هذه الصفات للمطر متعارضة، ولكن الأمر بخلاف ذلك؛ فإنَّ الداعي طلب من الله تعالى أنِ ينزل على عباده المطر بهذه الصفات، التي تجمع الغزارة مع الرفق، والإطناب في الدعاء مشروع، والله أعلم.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
هذه الأدعية المأثورة هي المناسبة لطلب الغيث؛ فينبغي أن يدعى بها في صلاة الاستسقاء، وفي خطبة الجمعة، وفي أي وقت، وذلك عند وجود السبب من القحط والجدب، والتضرر بذلك.
2 -
وصف المطر المطلوب من الله تعالى بأن يجلل الأرض فيعمها، ولا يقصره على بقعة خاصة، وأن يكون كثيف الماء بتراكم سحابه، وأن يكون فيه صوت شديد من قصف رعوده، ولمعان بروقه، وأن يندفع بغزارة، وقوة من شدَّة دفعه، وأن يكون مع غزارته ليِّناً سهلاً، فيكون نزوله من السماء صغارًا، فينساب في الأرض انسيابًا، لئلا يفسد الزروع، ويهدم المباني.
والتوسل إليه بجلاله، وكرمه، بصفة الجلال وصفة الكرم، من أنسب الوسيلة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ألِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام" [رواه الترمذي (3524)]، لاسيما في هذا المقام.
3 -
وصف المطر بهذه الصفات التي يظهر التفاوت بين أوصافها هو عين الفصاحة والبلاغة، والله تعالى قادر على أن يجمع بينها في شيء واحد؛ فقد وصف عصا موسى بأنها ثعبان مبين، ووصفها بأنَّه حيَّة تسعى، وهما صفتان متباينتان، فهي من حيث عظمها وضخامتها ثعبان، وهي من حيث خفتها وسرعة الحركة حيَّة، وهكذا أوصاف السحاب والمطر.
4 -
البلاغة في الكلام: ما طابقت مقتضى الحال، وقد تقضي الحال الإطناب؛ كمواقف الدعاء، أو مقام الترغيب في العفو؛ كما في مثل قوله تعالى:{وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا} [التغابن: 14]، والدعاء كمثل هذا الحديث الذي توالت فيه الصفات.
***
422 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "خَرَجَ سُلَيْمَانُ عليه السلام يَسْتَسْقِي، فَرَأى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا، رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى السَّمَاءِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ، إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، لَيْسَ بنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ، فَقَالَ: ارْجِعُوا، فَقَدْ سُقِيْتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ". رواه أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ (1).
ــ
* درجة الحديث:
الحديث ضعيفٌ.
أخرجه الدارقطني والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، إلَاّ أنَّ فيه: محمد بن عون وأباه، والغَالب في مثلهما الجهالة.
* مفردات الحديث:
- نملة: -بفتح النون وسكون الميم-: حشرة ضعيفة ضئيلة الجسم، من رتبة غشائيات الأجنحة، تتخذ مسكنها تحت الأرض، جمعها:"نمل ونمال".
- مستلقية على ظهرها: أي: منقلبة على قفاها.
- قوائمها: جمع: "قائمة" وهي من الدابة والحشرة: يداها ورجلاها، سميت: قوائم؛ لأن الدابة تقوم عليها.
- بدعوة غيركم: الباء للسببية.
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
أنَّ الخلائق كلها قد فطرَت على معرفة الله تبارك وتعالى، وأُلهِمَتْ أنه لا
(1) الحاكم (4731)، وليس هو في المطبوع من المسند.
ينفعها ولا يضرها إلَاّ ربها، فألقت حوائجها بين يديه، ورفعت فاقَتَها وفقرها إليه.
2 -
أنَّ البهائم مفطورةٌ على معرفة الله تعالي، وملهَمةٌ طاعته، قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44].
3 -
هذا التوسل وهذا الدعاء اللذان ألهمه الله تعالى هذه النملة في طلب حاجتها من ربها -يتضمن اعترافها أن لا خالق، ولا رازق إلَاّ الله تعالى، فأظهرت الفاقة والحاجة إليه، وطلبت منه المدد والرزق.
4 -
استحباب رفع اليدين حالة الدعاء، لاسيما في الاستسقاء، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين.
5 -
أنَّ الخلق كلهم مفطورون على أنَّ الله تبارك وتعالي في السماء، فله العلو المطلق في ذاته، وصفاته، وقدره، وقهره.
6 -
أنَّ الاستسقاء شريعة من قبلنا من الأمم، وقد جاء في القرآن الكريم قوله تعالى:{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: 60].
7 -
هذه المعجزة لنبي الله سليمان عليه السلام في معرفته منطق الطير، والحيوان والحشرات، ومع أنَّها معجزة، فهي كرامة من الله تعالى له؛ فإنَّه سأل الله تعالى، فقال:{وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي} [ص: 35]: فأعطاه الله ما سال، وقال:{هَذَا عَطَاؤُنَا} [ص: 39]، ثم قال تعالى:{وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (40)} [ص].
8 -
قوله: "رافعة قوائمها إلى السماء" هذا من أدلة علو الله تعالى على خلقه، فصفة العلو ثابتة لله تعالى في: الكتاب، والسنة، والإجماع، والعقل والفطرة.
أما الكتاب: فمثل قو له تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة].
وأما السنة: فمثل جواب الجارية لما قال لها عليه الصلاة والسلام: "أين الله؟ فقالت: في السماء"[رواه مسلم (537)].
وأما الإجماع: فهو مذهب الصحابة، والتابعين، وجميع سلف الأمة على مر العصور.
وأما العقل: فإنَّ الله تعالى منزهٌ عن النقص، ثابتٌ له الكمال، فالسفل نقصٌ، والعلو كمالٌ، فهو المستحق له.
وأما الفطرة: فإنَّ أي حي يشعر بقرارة نفسه عند الدعاء، وعند ذكر الله أنَّ هناك مناطًا يشده إلى العلو، ومن ذلك هذه الحشرة التي رفعت قوائمها إلى السماء تدعو الله، عندها فطرة غريزية، أن ربها المطلوب منه الرزق في العلو.
والذين أنكروا علو الله تعالى طائفتان ضالتان:
إحداهما: قالت: إنَّ الله موجود في كل مكان، في البحر والبر والجو، ولم ينزهوه تعالى عن الأمكنة القذرة، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا؛ وهؤلاء حلولية.
الطائفة الثانية: أخْلَوا الله تعالى من كل مكان، فلا هو في العلو، ولا في السفل، ولا في اليمين ولا الشمال، ولا داخل العالم ولا خارجه، فلو وصف العدم، لم يوصف بأكثر من هذا؛ فمعنى هذا أنَّه لا يوجد.
وهدى الله تعالى، ووفق أهل السنة والجماعة، فكان من أصول الإيمان عندهم إثبات العلو المطلق في ذات الله وصفاته، والأدلة النقلية والعقلية تقرر هذه الحقيقة، ومن حُرِم الإيمان بهذا، فقد فاته الإيمان الصحيح.
9 -
الحديث وإن تكلَّم بعض العلماء في صحة سنده، فمعناه صحيح من حيث نطق النملة، وسماع سليمان ذلك منها، ومعرفته كلامها، وقد جاء مثله في القرآن؛ حيث قال تعالى: {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَاأَيُّهَا النَّمْلُ
ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا} [النمل]، وكذلك معرفة النملة ربها ودعاؤها، فقد قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]، وأما طلبها الرزق من الله تعالى، فإنَّ الله يقول:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: 6]، وقد ألهم الله تعالى كل حي، وفطره إلى طلب رزقه من مصدره، فقال تعالى:{رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (50)} [طه].
***
423 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: "أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ". أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ (1).
ــ
* ما يؤخذ من الحديث:
1 -
استحباب الاستسقاء عند الحاجة إليه.
2 -
الظاهر أنَّ الاستسقاء هنا بمجرد الدعاء؛ فيكون هذا الحديث هو النوع الثالث في الاستسقاء بالدعاء فتقدم، بخطبة الجمعة، وهذا ثالثهما.
3 -
المبالغة في رفع اليدين، حتى تنحرف اليدين؛ بحيث يكون ظهور الكفين نحو السماء.
4 -
قال الإمام النووي في "شرح المهذب": فصلٌ في رفع اليدين في الدعاء:
فرع: استحباب رفع اليدين في الدعاء خارج الصلاة، وبيان جملة من الأحاديث الواردة فيه:
- عن أنس رضي الله عنه:- "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم استسقى، ورفع يديه"[رواه البخاري (1013) ومسلم (897)].
- عن سلمان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ الله حييٌّ كريمٌ سخيٌّ، إذا رفع الرجل يديه إليه، يستحي أن يردهما صفرًا خائبتين"[رواهُ أبو داود (1488)].
- عن أنسٍ قال: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلَّى رفع يديه، يدعو على الذين قتلوا أصحابه"[رواه البيهقي (2072) بإسناد صحيح].
- عن عائشة رضي الله عنها في خروج النبي صلى الله عليه وسلم في الليل إلى البقيع للدعاء لهم، قالت:"فأطال القيام، ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انصرف"
(1) مسلم (896).
[رواه مسلم (174)].
- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لما نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين يوم بدر، استقبل نبيُّ الله القبلة، ثم مدَّ يديه، وجعل يهتف بربه"[رواه مسلم (1763)].
- عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنَّه كان في الجمرة، ثم استقبل القبلة، يدعو ويرفع يديه، ثم ينصرف ويقول: هكذا رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله"[رواه البخاري (1751)].
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه: "أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم استغفر لأبي عامر الأشعري، فتوضأ، ثم رفع يديه، فقال: اللهمَّ، اغفر لعبدك أبي عامر. ورأيتُ بياض إبطيه"[رواه البخاري (2484) ومسلم (2498)].
ثم ساق -رحمه "لله تعالى- جملة من الأحاديث في مشروعية رفع اليدين في الدعاء، وقد عدَّ أهل العلم رفع اليدين في الدعاء من التواتر المعنوي، والله أعلم.
5 -
فَهِم بعض العلماء من هذا الحديث: أنَّ الدعاء لرفع ضرر يكون بظهر الكف، فقد قال النووي: قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنة في الدعاء لرفع بلاء -كالقحط، ونحوه- أن يرفع يديه، ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله، جعل بطن كفيه إلى السماء. واحتجوا بهذا الحديث. اهـ كلامه.
أما شيخ الإسلام: فيختار أن تكون بطونهما نحو السماء.
***