المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ - تيسير الوصول إلى منهاج الأصول - جـ ٢

[ابن إمام الكاملية]

الفصل: ‌الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ

‌الفصل الثاني: في تقسيم الألفاظ

وتقسيمه بحسب الاعتبار، دون الذات؛ لأن أكثر هذه الأقسام متداخلة، ومورد القسمة المفرد واحد كان أو أكثر.

ص: 205

وقد تقسم الألفاظ باعتبار دلالتها، فتقسيم الدلالة اللفظية يلزمه تقسيم اللفظ الدال عليها.

فالتقسيم إما للدال، أو للمدلول، أو لهما.

فالأول: للدال: وهو ماله الدلالة، والدلالة كون الشيء بحيث يفهم منه شيء آخر والأول الدال والثاني المدلول.

فإن كان الدال لفظًا فالدلالة لفظية، وإلا فغير لفظية.

وكل منهما وضعية إن توقف الفهم على الوضع والاصطلاح،

ص: 206

وإلا فغير وضعية

والوضع: تعيين الشيء ليدل على شيء آخر من غير قرينة.

والمقصود هنا الدلالة اللفظية الوضعية التي يكون للوضع فيه مدخل؛ إذ لا ينضبط غيرها.

وعرفوها بفهم المعنى من اللفظ بالنسبة إلى من هو عالم بوضعه، أي: فهمها يتوقف على العلم بالوضع.

إذا علمت ذلك (فتقول اعلم) أن دلالة اللفظ على تمام مسماه كدلالة لفظ الإنسان على الحيوان الناطق مطابقة، وسمي بذلك لأن اللفظ طابق معناه.

ص: 207

ودلالة اللفظ على جزئه أي على جزء المسمى، كدلالة الإنسان على الحيوان فقط، أو الناطق فقط تضمن، وسمي بذلك لكون المعنى المدلول في ضمن المعنى الموضوع.

ودلالة اللفظ على لازمه الذهني كدلالة الإنسان على قائل العلم الذي هو خارج عن الحيوان الناطق التزام، وسمي دلالة التزام لكون المعنى المدلول لازمًا للمعنى الموضوع له.

وتقييده بالذهني إشارة إلى أنه يشترط لضبط المدلول الالتزامي أن يكون الخارج بحيث يلزم من تصور المعنى الموضوع له، تصوره بمعنى أنه كلما حصل المعنى الموضوع له في الذهني، حصل ذلك المعنى الخارج فيه؛ لأن فهم المعنى من اللفظ، إما بسبب أن اللفظ الموضوع له

ص: 208

أو بسبب أنه يلزم من فهم المعنى الموضوع له فهمه.

وأما اللوازم البعدية التي قد تفهم من الألفاظ، فليس فهمها من مجرد الألفاظ، بل بمعونة القرائن فلا تكون مدلولات الألفاظ لأنا نعني بالدلالة: كون اللفظ بحيث يفهم منه المعنى عند إطلاقه بالنسبة إلى العالم بالوضع بشرط توجهه إليه، وتجرده عن الموانع والشواغل.

ولا يشترط في الالتزام اللزوم الخارجي، أي: كون المعنى التزامي بحيث متى حصل المسمى في الخارج حصل هو في الخارج.

تنبيه:

لا يقال: عبر باللفظ، وهو جنس بعيد لإطلاقه على المستعمل والمهمل، فكان التعبير بالقول أحسن؛ إذا لا يشتمل إلا المستعمل،

ص: 209

كما نبه عليه ابن مالك؛ لأن القول يطلق على الرأي والاعتقاد إطلاقًا غلب على الحقيقة، بخلاف اللفظ هذا.

وقد قال بعضهم: وأورد على حصر الدلالة اللفظية في الثلاثة، دلالة صيغة العموم على أحد أفرادها فإنه ليس مطابقة ولا التزامًا -وذلك واضح -ولا تضمنًا (لأن دلالة صيغة العموم كلية: وهي الحكم على كل فرد بحيث لا يبقى فرد من الأفراد وإلا لزم عدم دلالتها على فرد من أفرادها في صورة الأمر والنهي.

وفي مقابلتها: الجزئية)

وهي: الحكم) على بعض أفراد الحقيقة من غير تعيين

ص: 210

كقولنا: بعض الحيوان إنسان فالتعبير بالجزء يخرجها لأنه في مقابلة الكل: وهو الحكم على المجموع من حيث هو مجموع كأسماء العدد.

وأجاب الأصفهاني (في شرح المحصول) بأن هذا التقسيم إنما هو لفظ مفرد دال على معنى ليس ذلك المعنى نسبة بين مفردين وذلك لا يأتي هنا فلا ينبغي تطلبه.

قال: فيقول: اقتلوا المشركين، في قوة جملة من القضايا،

ص: 211

فإن مدلوله اقتل (هذا المشرك) وهذه (الصيغ للعموم إذا اعتبرت بجملتها لا تدل على قتل) زيد المشرك، ولكنها تتضمن ما يدل على قتله، لا بخصوص كونه زيدًا، بل لعموم كونه زيدًا، ضرورة تضمنه اقتل زيدًا المشرك، فإنه من جملة هذه القضايا، وهي جزء من مجموع تلك القضايا فتكون دلالة هذه الصيغة على وجهين: قتل زيد المشرك فتضمنها ما يدل على ذلك الوجوب والذي هو في ضمن ذلك المجموع وهو دال على ذلك مطابقة.

قال: وليس ذلك من قبيل دلالة التضمن، بل هو من قبيل دلالة المطابقة.

واللفظ إن دل جزؤه أي: كل واحد من أجزائه على جزء المعنى

ص: 212

المستفاد منه فمركب، كقام زيد وخمسة عشر وغلام عمرو وإلا أي واللفظ إن لم يدل جزؤه على جزء المعنى حال كونه جزءًا من ذلك فمفرد، وإن جاز أن يدل في حال آخر.

ولا خفاء أن المراد الدلالة الوضعية، وإلا فلحروف المفرد دلالة عقلية في الجملة فشمل ما لم يمكن للفظه جزء كهمزة الاستفهام.

أو يكون له جزء غير دال على معنى كزيد.

أو يكون له جزء دال على معنى لكن لا على جزء المعنى، كعبد الله

ص: 213

علمًا، وتأبط شرًا، وبعلبك.

والمفرد إما أن لا يستقل بمعناه، وهو الحرف، يعني: أنه مشروط بحسب الوضع في دلالته على معناه الإفرادي ذكر متعلقه، فنحو من وإلى -مشروط في وضعهما دالين على معناهما الإفرادي، وهو الابتداء أو الانتهاء ذكر متعلقهما من دار أو سوق أو غيرهما مما يدخل عليه الحرف، وفيه إشكال وجوابه مذكور في الشرح.

أو يستقل بمعناه وهو الفعل:

إن دل بهيئته على الحاصلة باعتبار ترتب الحروف الأصلية

ص: 214

والزائدة وحركاتها وسكناتها، على أحد الأزمنة الثلاثة الماضي كقام، والحال كيقوم، والمستقبل كقم.

وقوله: «بهيئته» احترز به عما يدل على الزمان بجوهره، كالأمس والغد فإنه اسم.

وهذا إنما هو في لغة العرب، وأما في لغة العجم فالدلالة على الزمان ليست بالهيئة، إذ قد تتحد الهيئة مع اختلاف الزمان.

وإلا أي: وإن لم يدل بهيئته على أحد الأزمنة الثلاثة فاسم،

ص: 215

وهو كلي إن اشترك معناه.

أي: اشترك في مفهومه كثيرون بإمكان فرض صدقه على كثيرين كالعلم والوجود.

والكلي: متواطئ إن استوى حصول أفراده الذهنية والخارجية.

(وسمي بذلك) لتوافق الأفراد فيه كالإنسان الحاصل معناه في

ص: 216

الأفراد الخارجية، والشمس الحاصل معناه في الأفراد الذهنية.

ومشكك: إن تفاوت في ذلك المعنى بأن كان حصوله في بعض الأفراد أو لا، أو أقدم أو أشد من حصوله في البعض الآخر.

وسمي مشككًا؛ لأنه يوقع الناظر في الشك من أنه من المتواطئ بناء على اشتراك الأفراد فيه معنى، أو من المشترك بناء على تفاوت ما بينهما كالوجود فإنه في الواجب أولى لكونه من ذاته، وأقدم لكونه موجد

ص: 217

الممكنات، فوجوده لنفسه، وأشد لكون آثاره أكثر من آثار الممكنات.

وليس المراد بالأولوية أو الأقدمية أو الأشدية في الوجود، بل بالاتصاف بمفهوم اللفظ، بمعنى أن العقل إذا حاول مطابقة المفهوم لكثيرين وجد بعض الأفراد أولى بهذا المفهوم أو أقدم أو أشد.

والأمر الزائد في المشكك الذي به التفاوت مأخوذ في ماهية الفرد الذي يصدق عليه المشكك كمطلق البياض.

فالأفراد متفاوتة الماهيات في ذلك المفهوم، كالثلج والعاج.

والمفهوم مشترك بين الكل، والكلي، جنس إن دل على ذات غير معينة، كالفرس.

وأورد عليه: علم الجنس كأسامة فإنه يصدق عليه هذا التعريف مع أنه ليس باسم جنس.

ص: 218

والفرق بينهما أن اسم الجنس هو الموضوع للحقيقة الذهنية من حيث هي هي.

وعلم الجنس: هو الموضوع للحقيقة بقيد تشخصها في الذهن.

ولعل المصنف يختار أنهما سواء، كما ذهب إليه جماعة.

ومشتق إن دل على ذي أي: صاحب صفة معينة كالفارس.

فإنه يدل على ذات مبهمة باعتبار صفة معينة من الصفات المتعينة التي تتضمنها المشتقات، لا على خصوصية الذات من كونه جسمًا أو غيره بدليل صحة قولنا الفارس جسم، فإنه يفيد فائدة جديدة.

ص: 219

والاسم جزئي إن لم يشترك في مفهومه كثيرون كزيد.

واعلم أن الكلية والجزئية من صفات المعنى دون اللفظ، وإنما يقال للفظ: كلي وجزئي بالمجاز لكون معناه كذلك.

والجزئي: علم إن استقل بالدلالة على مدلوله من غير قرينة.

ومضمر إن لم يستقل، بل احتاج إلى قرينة غير الإشارة كأنا وأنت وهو.

واعلم أن عدم الاستقلال هنا غير عدم الاستقلال في الحرف.

فإن المضمر لما كان في إفادته المعنى الإفرادي غير مشروط بذكر متعلقه وضعًا فهو اسم مستقل، ولما كان مدلوله لا يتشخص إلا بإحدى القرائن فهو غير مستقل.

ص: 220

قال العراقي: (وكأنه أراد أولًا بالاستقلال الاستقلال في المعنى، وثانيًا الاستقلال في الدلالة).

ويرد عليه: الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة؛ فإنها لا تستقل فتأمله.

وما جزم به المصنف من أن المضمر جزئي، هو مذهب الجمهور.

وصحح القرافي أنه كلي، وقال الإسنوي: إنه الصواب.

تقسيم آخر:

ص: 221

أي للدال والمدلول معًا.

وحاصله: أن اللفظ والمعنى، إما أن يتحدا، وهو المنفرد لانفراد لفظه بمعناه، كلفظ «الله» -تعالى -فإنه واحد ومدلوله واحد.

ص: 222

أو يتكثرا أي: اللفظ والمعنى وهي المتباينة؛ (لأن كل واحد مباين للآخر، ومخالف له في معناه) تفاصلت معانيها كالسواد والبياض، أو تواصلت، أي: أمكن اجتماعهما.

إما بأن يكون أحدهما اسمًا للذات، والآخر صفة لها، كالسيف والصارم فإن السيف: يدل على الذات، سواء كان قاطعًا أم لا.

والصارم: مدلوله شديد القطع، فهما متباينان.

وقد يجتمعان في سيف قاطع.

وإما بأن يكون أحدهما صفة والآخر صفة صفةٍ كالناطق والفصيح، فإن الناطق يدل على الصفة والفصيح صفة له.

ص: 223

أو يتكثر اللفظ ويتحد المعنى وهي المترادفة، مأخوذ من الرديف:

وهو ركوب اثنين دابة واحدة.

أو بالعكس وهو كون اللفظ واحدًا والمعنى كثيرًا، فإن وضع اللفظ لكل منها.

فمشترك، كالقرء الموضوع للطهر والحيض.

وإلا أي: وإن لم يوضع اللفظ لكل منها، بل وضع لمعنى ثم نقل إلى غيره، لا لعلاقة.

ص: 224

قال الإمام: فهو المرتجل، ولم يذكره المصنف.

لأن المرتجل اصطلاحًا: اللفظ المخترع، أي: لم يتقدم له وضع كذا قيل.

ثم قال المصنف: فإن نقل لعلاقة واشتهر في الثاني، بحيث صار فيه أغلب من الأول كالصلاة، سمي بالنسبة إلى الأول منقولًا عنه، وإلى الثاني منقولًا إليه، شرعيًا أو عرفيًا عامًا أو خاصًا كما سيجيء، وإلا، أي: وإن لم يشتهر في الثاني فحقيقة ومجاز، أي:

ص: 225

الأول حقيقة والثاني مجاز.

وعلم منه أن المجاز غير موضوع.

قال العراقي ما حاصله: اشترط في المنقول شيئين:

العلاقة والاشتهار، ثم ذكر أنها ليس كذلك.

فهو (ولا شك مجاز؛ لأن) نفي المجموع يصدق بنفي كل واحد منهما، وبنفي واحد فقط.

فإن حملناه على الأول، اقتضى أن المجاز ما نقل لغير علاقة ولم يشتهر، وهذا معلوم البطلان.

ص: 226

وإن حملناه على نفي العلاقة لم يصح أيضًا.

وإن حملناه على نفي الاشتهار لم يصح أيضًا.

فالمجاز قد يكون أشهر من الحقيقة.

والأقرب في حل كلامه الثالث -أعني حمله على نفي الاشتهار.

ومقتضى كلامه أيضًا أنه يكفي في الحقيقة الوضع، وليس كذلك.

بل لابد من الاستعمال، وكذا المجاز).

وأما الثلاث الأول المتحدة المعنى، وهي متحد اللفظ والمعنى، متكثر اللفظ والمعنى، متكثر اللفظ متحد المعنى، فنصوص؛ لأن كلا

ص: 227

منها لا يحتمل غيره.

وهذا معنى النص، إذ هو بلوغ الشيء غايته. وهذه كذلك لأنها في المرتبة العليا من وجوه الدلالة.

تنبيه: النص فيه اصطلاحات ثلاث:

أحدهما: ما لا يحتمل التأويل، وهو مراد المصنف هنا.

والثاني: ما يحتمله احتمالًا مرجوحًا.

والثالث: ما دل على معنى كيف كان، ذكرها القرافي في التنقيح.

وزاد ابن دقيق العيد في شرح العنوان.

دلالة الكتاب والسنة مطلقًا، وقال: إنه اصطلاح كثير من متأخري الخلافيين، وعليه جرى المصنف في القياس.

ص: 228

ولم يذكر ابن دقيق العيد الثالث).

وأما الأقسام الباقية، الداخلة في كون اللفظ واحدًا والمعنى كثير.

وهو المشترك والمنقول عنه وإليه، والحقيقة والمجاز.

فمتساوي الدلالة منها كالمشترك بين المعنيين، مجمل بالنسبة إلى كل واحد من معنييه.

والراجح الدلالة ظاهر، والمرجوع الدلالة مؤول.

والقدر المشترك بين النص والظاهر، وهو رجحان الدلالة المحكم، فالمحكم جنس للنص والظاهر وهما نوعاه.

ص: 229

والقدر المشترك بين المجمل والمؤول، وهو عدم الرجحان المتشابه، فهو جنس لنوعي المجمل والمؤول.

تقسيم آخر لمدلول اللفظ:

مدلول اللفظ: إما معنى، أو لفظا آخر.

واللفظ الذي هو المدلول: إما لفظ مفرد، أو لفظ مركب.

وكل من المفرد والمركب: إما مستعمل أو المهمل.

فقوله: نحو الفرس، مثال للمدلول الذي هو معنى ليس بلفظ.

والكلمة: مثال للفظ (المفرد المستعمل).

ص: 230

فالكلمة: مدلولها لفظ وضع لمعنى مفرد، وهو الاسم والفعل والحرف.

وأسماء الحروف: مثال اللفظ المفرد المهمل.

فإن الباء اسم لبه: والضاد اسم لضه إلى آخرها.

ولم توضع لمعنى.

والخبر: مثال للفظ المركب المستعمل، (فإن الخبر موضوع لمثل زيد قائم، وقام زيد.

ص: 231

والهذيان: مثال للفظ المركب المهمل) فإن الهذيان لفظ مدلوله مركب مهمل.

والمركب صيغ للإفهام، أي الناطق إنما صاغ المركب من المفردات وألفه منها لإفهام الغير ما في ضميره.

وقال: «صيغ» ولم يقل وضع، ليفيد أن المركب ليس موضوعًا.

وإنما ألف وركب للإفهام.

وممن رجع أن المركب المستعمل ليس موضوعًا ابن الحاجب وابن مالك.

ص: 232

ورجح في جمع الجوامع تبعًا للقرافي أنه موضوع؛ لأن العرب رجحت في التراكيب كما رجحت في المفردات.

فإن أفاد المركب بالذات أي بالوضع (طلبا واحترز بالذات) عن مثل: {كتب عليكم الصيام} وأنا أطلب منك القيام، فإنه لم يوضع للطلب، بل للإخبار.

فالطلب للماهية أي: لذكرها استفهام، وللتحصيل أي: لتحصيل الماهية مع الاستعلاء أي: طلب الفعل الذي اشتق منه اللفظ

ص: 233

كقم، أو كف النفس كلا تقم بغلظة، ومثل رفع صوت لا بتخضع وتذلل أمر، ويدخل فيه النهي، ولا ينافي هذا ما سيجيء له في باب الأمر أنه لا يعتبر الاستعلاء في الأمر؛ لأنه هنا ذكر تقسيم القوم.

وفي باب الأمر اختار ما رجح عنده.

وأجيب أيضًا بحمل كلامه هنا على الاصطلاحي وهناك على اللغوي.

والطلب مع التساوي في الرتبة التماس.

والالتماس في العرف: إنما يطلق على ما يكون مع التواضع لا مع التساوي.

ص: 234

والطلب مع التسفل أي: والخضوع سؤال ودعاء.

وإلا وإن لم يفد المركب بالذات طلبًا، وذلك بأن لا يدل على طلب أصلًا كقام زيد، أو يدل عليه لكن لا بالذات، بل باللازم، نحو أنا طالب منك كذا، فمحتمل التصديق والتكذيب: خبر.

والعبارة الشائعة في تعريفه: ما يحتمل الصدق والكذب.

والمراد به احتمالهما بحسب المفهوم مع قطع النظر عن الخارج، بمعنى أن السامع إذا نظر إلى مجرد أنه إثبات شيء لشيء أو نفيه عنه، لم يمنع كونه مطابقًا للواقع كما لم يمنع كونه غير مطابق له، فدخل فيه ما

ص: 235

يكون صدقًا محضًا: كقولنا: السماء فوقنا، أو كذبًا محضًا كقولنا: اجتماع النقيضين ممكن في الخارج.

والصدق عبارة عن مطابقة الحكم للواقع.

والكذب عدمها.

ومعرفة هذا المعنى لا يتوقف على معرفة الخبر، حتى يكون تعريفه بما يحتمل الصدق والكذب دورًا.

والمصنف عدل عن قولهم يحتمل الصدق والكذب إلى قوله: يحتمل التصديق والتكذيب، فإن كان عدوله حتى يدخل الخبر الصادق قطعًا والكاذب قطعًا فهذا غير محتاج إليه لما تقدم.

وإن كان عدوله هربًا من الدور فلا ينفعه، إذا يرد عليه أنهما الحكم بالصدق والكذب، فما فعل إلا أن وسع الدائرة؛ لأن الدور في الأول على تقدير وروده كان مرتبة فصار بمرتبتين: إن أريد بالتصديق الحكم بصدق الكلام وبثلاث مراتب: إن أريد الحكم بصدق المتكلم؛ لأنه

ص: 236

يتوقف على صدق الكلام وهو على الخبر والخبر عليه.

والتحقيق أنه لا دور فلا فائدة للعدول.

وغيره أي: غير محتمل التصديق والتكذيب تنبيه، أي نبهت به على مقصودك ويندرج فيه التمني: وهو إظهار محبة الشيء ممكنًا كان أو محالًا.

والترجي: وهو إظهار إرادة الشيء الممكن أو كراهته.

ص: 237

والقسم والنداء، وأدرج بعضهم في التنبيه الاستفهام والتعجب وهو اصطلاح.

ص: 238