الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة السابعة: الواجب لا يجوز تركه
، لما تقدم من أن ماهية الوجوب مركبة من طلب الفعل مع المنع من الترك. فالمنع من الترك جزء مفهوم الوجوب، فيستحيل أن يكون الشيء واجبًا مع كونه جائز الترك.
وقال الكعبي: فعل المباح ترك الحرام؛ لأن فاعل المباح تارك للحرام ضرورة
إذ السكوت ترك للقذف، والسكون ترك للقتل، وهو أي ترك الحرام واجب، ففعل المباح واجب مع جواز تركه فالواجب يجوز تركه.
قلنا: لا نسلم كون فعل المباح نفس ترك الحرام وإنما يكون كذلك
لو لم يحصل إلا به، لكنه كما يحصل به يحصل بغيره من الواجب والمندوب والمكروه، فلا يكون فعل المباح نفس ترك الحرام بل به يحصل ترك الحرام والخاص غير العام، ففعل المباح غير ترك الحرام.
وفيه نظر، لأن فيه تسليم أن الواجب أحدها لا بعينه فما يعمل فهو واجب قطعًا فيكون المباح واجبًا في الجملة.
والكعبي لم يدع إلا أصل الوجوب، فأيما فعله المكلف فهو واجب (لأنه مقدمة الواجب) الذي هو ترك الحرام.
ولهذا زيادة تحقيق ذكرته في الشرح.
وقال الفقهاء (أي أكثرهم) يجب الصوم على الحائض والمريض والمسافر؛ لأنهم شهدوا الشهر وهو أي: شهود الشهر موجب للصوم لقوله تعالى: } فمن شهد منكم الشهر فليصمه {.
وأيضًا يجب عليهم القضاء بقدره أي: بقدر ما فاتهم وذلك يدل
على وجوب الأداء عليهم كغرامة المتلفات فثبت بأن الصوم يجب عليهم مع أنه يجوز لهم تركه. فالواجب يجوز تركه.
قلنا: العذر مانع من وجوب الأداء عليهم وشهود الشهر إنما يكون موجبًا عند عدم الأعذار المانعة من الوجوب، والعذر هنا قائم، وهو الحيض والسفر والمرض، والشيء قد لا يترتب على موجبه لمانع، فلا يلزم من شهود الشهر مع المانع الوجوب والقضاء يتوقف على السبب للوجوب، وهو دخول الوقت لا على نفس الوجوب، وإلا أي لو توقف على نفس الوجوب، لما وجب قضاء الظهر على من نام جميع
الوقت؛ لأنه غير مكلف بالصلاة في حال نومه لامتناع تكليف الغافل.
وقد يقال: القضاء يجب بأمر جديد لا بالأمر الأول.
* * *