المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جامع في فضل العلم - جامع بيان العلم وفضله - جـ ١

[ابن عبد البر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، كُلَّهَا مَعْلُولَةٌ ، لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ

- ‌تَفْرِيعُ أَبْوَابِ فَضْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ مَعَادِنُ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

- ‌بَابُ تَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ»

- ‌تَفْضِيلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الشُّهَدَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُسْتَمِعِ الْعِلْمِ وَحَافِظِهِ وَمُبَلِّغِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا»

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ وَتَخْلِيدِهِ فِي الصُّحُفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرُّخْصَةِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌بَابٌ: فِي مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ فِي الْحَدِيثِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّعَلُّمِ فِي الصِّغَرِ وَالْحَضِّ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هَا هُنَا

- ‌بَابُ الْحَضِّ عَلَى اسْتِدَامَةِ الطَّلَبِ وَالصَّبْرِ فَيهِ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالنَّصَبِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي الْحَالِ الَّتِي يُسْأَلُ بِهَا الْعِلْمُ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الرُّتْبَةِ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ مِنْ وَصِيَّةِ ابْنِهِ وَحَضِّهِ إِيَّاهُ عَلَى مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ

- ‌بَابُ آفَةِ الْعِلْمِ وَغَائِلَتِهِ وَإِضَاعَتِهِ وَكَرَاهِيَةِ وَضْعِهِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ

- ‌بَابُ هَيْبَةِ الْمُتَعَلِّمِ لِلْعَالِمِ

- ‌بَابٌ فِي ابْتِدَاءِ الْعَالِمِ جُلَسَاءَهُ بِالْفَائِدَةِ وَقَوْلِهِ: سَلُونِي وَحِرْصِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مَا عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَنَازِلِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ طَرْحِ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ

- ‌بَابُ فَتْوَى الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ بِإِذْنِهِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آدَابِ الْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَبْضِ الْعِلْمِ وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ حَالِ الْعِلْمِ إِذْ كَانَ عِنْدَ الْفُسَّاقِ وَالْأَرْذَالِ

- ‌بَابُ: اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَسُؤَالِهِ الْعِلْمَ النَّافِعَ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْعَالِمِ عَلَى مُدَاخَلَةِ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْفَاجِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمِّ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلْمُبَاهَاةِ وَالدُّنْيَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُسَاءَلَةِ اللَّهِ عز وجل الْعُلَمَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا عَمِلُوا فِيمَا عَلِمُوا

- ‌بَابُ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي كَسْبِ طَالِبِ الْعِلْمِ الْمَالَ وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌بَابُ الْخَبَرِ عَنِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَقُودُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ

- ‌بَابُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْعِلْمِ وَحَقِيقَتِهِ وَمَا الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مُطْلَقًا

الفصل: ‌باب جامع في فضل العلم

‌بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

ص: 200

211 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، ثنا هِلَالُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ مَوْلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي ذَرٍّ قَالَا: بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ يَتَعَلَّمُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَلْفِ رَكْعَةٍ تَطَوُّعٍ، وَبَابٌ مِنَ

⦗ص: 201⦘

الْعِلْمِ يَتَعَلَّمُهُ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ، وَقَالَا: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِذَا جَاءَ الْمَوْتُ طَالِبَ الْعِلْمِ وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ مَاتَ وَهُوَ شَهِيدٌ»

ص: 200

212 -

قَالَ يَعْقُوبُ، وَنا الْحَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، ثنا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُمَيْدَ بْنَ هِلَالٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يَقُولُ: «فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعَمَلِ، وَخَيْرُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ»

ص: 201

213 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْحَسَنِ الدِّمَشْقِيُّ بِدِمَشْقَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَكْحُولٌ بِبَيْرُوتَ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ سُوَيْدٍ، ثنا أَبُو النَّضْرِ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، ثنا رَبِيعَةُ بْنُ هُرْمُزَ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَأَدْرَكَهُ كَتَبَ اللَّهُ عز وجل لَهُ كِفْلَيْنِ مِنَ الْأَجْرِ، وَمَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَلَمْ يُدْرِكْهُ كَانَ لَهُ كِفْلٌ مِنَ الْأَجْرِ»

⦗ص: 202⦘

قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَحَادِيثُ الْفَضَائِلِ تَسَامَحَ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا فِي رِوَايَتِهِمَا عَنْ كُلٍّ، وَلَمْ يَنْتَقِدُوا فِيهَا كَانْتِقَادِهِمْ فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ

ص: 201

214 -

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدِ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَوْحِ بْنِ عِمْرَانَ الْقُشَيْرِيُّ، ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ

⦗ص: 203⦘

«الْعِلْمُ بِاللَّهِ عز وجل» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الْعِلْمُ بِاللَّهِ» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَسْأَلُكَ عَنِ الْعَمَلِ وَتُخْبِرُنِي عَنِ الْعِلْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ قَلِيلَ الْعَمَلِ يَنْفَعُ مَعَ الْعِلْمِ وَإِنَّ كَثِيرَ الْعَمَلِ لَا يَنْفَعُ مَعَ الْجَهْلِ»

215 -

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ

ص: 202

216 -

وَأُخْبِرْتُ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ يُوسُفَ بْنِ أَحْمَدَ الصَّيْدَلَانِيِّ الْمَكِّيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُوسَى الْعُقَيْلِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ

⦗ص: 204⦘

الرَّازِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَمَاعَةَ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله يَقُولُ: " حَجَجْتُ مَعَ أَبِي سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ وَلِيَ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً فَإِذَا شَيْخٌ قَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ لِأَبِي: مَنْ هَذَا الشَّيْخُ؟ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ، فَقُلْتُ لِأَبِي: فَأَيُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ؟ قَالَ: أَحَادِيثُ سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لِأَبِي: قَدِّمْنِي إِلَيْهِ حَتَّى أَسْمَعَ مِنْهُ، فَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيَّ وَجَعَلَ يُفَرِّجُ النَّاسَ حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِ اللَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّهُ وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ كَاتِبُ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيَّ

ص: 203

217 -

وَرَوَى يَحْيَى بْنُ هَاشِمٍ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ غَدَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَبُورِكَ لَهُ فِي مَعِيشَتِهِ وَلَمْ يُنْقَصْ مِنْ رِزْقِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ مُبَارَكًا»

ص: 205

218 -

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، أنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ، ثنا يَحْيَى بْنُ الْيَمَانِ، عَنْ خَارِجَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:«مَا خَرَجَ رَجُلٌ فِي طَلَبِ عِلْمٍ إِلَّا ضَمَّنَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ رِزْقَهُ»

ص: 206

219 -

وَأَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، نا ابْنُ وَضَّاحٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا ابْنُ أَبِي خَيْرَةَ، ثنا عَمْرُو بْنُ

⦗ص: 207⦘

كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ جَاءَهُ الْمَوْتُ وَهُوَ يَطْلُبُ الْعِلْمَ لِيُحْيِيَ بِهِ الْإِسْلَامَ فَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْجَنَّةِ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ»

ص: 206

220 -

وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى خُلَفَائِي» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالُوا: وَمَنْ خُلَفَاؤُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُحْيُونَ سُنَّتِي وَيُعَلِّمُونَهَا عِبَادَ اللَّهِ» .

⦗ص: 208⦘

221 -

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ يُحْيِي بِهِ الْإِسْلَامَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا دَرَجَةٌ» .

⦗ص: 209⦘

222 -

وَرَوَى أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَ لَفْظِ مُرْسَلِ الْحَسَنِ سَوَاءً،

223 -

وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِيهِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ جِدًّا

ص: 207

224 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، نا ابْنُ شَعْبَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَقِيهُ الْقُرْطُبِيُّ بِمِصْرَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، نا الْحَسَنُ بْنُ مُكْرَمِ بْنِ حَسَّانَ، نا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، نا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:" بَلَغَنِي أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ تُوضَعُ حَسَنَاتُ الرَّجُلِ فِي كِفَّةٍ وَسَيِّئَاتُهُ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى فَتَشِيلُ حَسَنَاتُهُ فَإِذَا يَئِسَ وَظَنَّ أَنَّهَا النَّارُ جَاءَ شَيْءٌ مِنَ السَّحَابِ حَتَّى يَقَعَ فِي حَسَنَاتِهِ فَتَشِيلُ سَيِّئَاتُهُ قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: أَتَعْرِفُ هَذَا مِنْ عَمَلِكَ؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيُقَالُ: هَذَا مَا عَلَّمْتَ النَّاسَ مِنَ الْخَيْرِ فَعُمِلَ بِهِ مِنْ بَعْدِكَ ". قَالَ: فَسَمِعَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَذَكَرَ أَنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ كَتَبَ هَذَا الْحَدِيثَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَشَكَكْتُ فِيهِ حَتَّى حَدِّثُونِي بِهِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ثنا أَبُو حَنِيفَةَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ

ص: 209

225 -

وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، ثنا أَبُو خَلِيفَةَ الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ الْقَاضِي بِالْبَصْرَةِ، ثنا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، ثنا أَبُو حَنِيفَةَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأنبياء: 47] قَالَ: " يُجَاءُ بِعَمَلِ الرَّجُلِ فَيُوضَعُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَتَخِفُّ فَيُجَاءُ بِشَيْءٍ أَمْثَالِ الْغَمَامِ أَوْ قَالَ: مِثْلِ السَّحَابِ، فَيُوضَعُ فِي كِفَّةِ مِيزَانِهِ فَيَرْجَحُ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَيَقُولُ: لَا، فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا فَضْلُ الْعِلْمِ الَّذِي كُنْتَ تُعَلِّمُهُ النَّاسَ "، أَوْ نَحْوُ هَذَا

ص: 210

226 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ فَتْحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رحمه الله، نا

⦗ص: 211⦘

حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ بِمِصْرَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْإِمَامِ الْبَغْدَادِيُّ، نا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إِسْرَائِيلَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: بَلَغَنِي " أَنَّهُ تُوضَعُ مَوَازِينُ الْقِسْطِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوزَنُ عَمَلُ الرَّجُلِ فَيُخِفُّ فَيُجَاءُ بِشَيْءٍ مِثْلِ الْغَمَامِ أَوِ السَّحَابِ فَيُوضَعُ فِي مِيزَانِهِ فَيَرْجَحُ فَيُقَالُ لَهُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَيَقُولُ: لَا فَيُقَالُ: هَذَا عِلْمُكَ الَّذِي عَلَّمْتَهُ لِلنَّاسِ فَعَمِلُوا بِهِ وَعَلَّمُوهُ مِنْ بَعْدِكَ "

ص: 210

227 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ شَعْبَانَ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ، ثنا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا وَكِيعٌ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: «لَا أَعْلَمُ مِنَ الْعِبَادَةِ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ أَنْ تُعَلِّمَ النَّاسَ الْعِلْمَ»

ص: 211

228 -

أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا

⦗ص: 212⦘

مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ لُبَابَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْعُتْبِيَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ بِكَ رَبُّكَ؟ فَقَالَ: وَجَدْتُ عِنْدَهُ مَا أَحْبَبْتُ، فَقَالَ لَهُ: فَأَيُّ أَعْمَالِكَ وَجَدْتَ أَفْضَلَ؟ قَالَ: تِلَاوَةُ الْقُرْآنِ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: فَالْمَسَائِلُ فَكَانُ يُشِيرُ بِأُصْبُعَيْهِ يُلَشِّيهَا قَالَ: فَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ فَيَقُولُ لِي: هُوَ فِي عِلِّيِّينَ "

ص: 211

229 -

وَأَخْبَرَنَا. . . . . أنا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا أُسَامَةُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ يُعْرَفُ بِابْنِ عَلِيَّكَ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بَسَّامٍ، عَنْ حُبَيْشِ بْنِ مُبَشِّرٍ، قَالَ " رَأَيْتُ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا زَكَرِيَّاءَ، مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ؟ قَالَ: زَوَّجَنِي مِائَةَ حَوْرَاءَ وَأَدْنَانِي، وَأَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ رِقَاعًا كَانَ فِيهَا حَدِيثٌ، فَقَالَ: بِهَذَا "

ص: 213

230 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدِ الْوَرَّاقُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الْمِصِّيصِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، ثنا

⦗ص: 214⦘

أَحْمَدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، يَقُولُ:" رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ فِي الْمَنَامِ فَقُلْتُ: إِلَامَ صِرْتَ؟ قَالَ: غُفِرَ لِي ثُمَّ قِيلَ لِي: لَمْ نَجْعَلْ هَذَا الْعِلْمَ فِيكَ إِلَّا وَنَحْنُ نُرِيدُ أَنْ نَغْفِرَ لَكَ قَالَ: قُلْتُ: وَمَا فَعَلَ أَبُو يُوسُفَ؟ قَالَ: فَوْقَنَا بِدَرَجَةٍ قُلْتُ: وَأَبُو حَنِيفَةَ؟ قَالَ: فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ "

ص: 213

231 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، نا حَمْزَةُ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَتَّابٍ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَخْرَمَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ دَاوُدَ يَقُولُ: " إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ عَزَلَ اللَّهُ عز وجل الْعُلَمَاءَ عَنِ الْحِسَابِ فَيَقُولُ: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ فِيكُمْ إِنِّي لَمْ أَجْعَلْ حِكْمَتِي فِيكُمْ إِلَّا لَخَيْرٍ أَرَدْتُهُ بِكُمْ " وَزَادَ غَيْرُهُ فِي هَذَا الْخَبَرِ ، أَنَّ اللَّهَ يَحْشُرُ الْعُلَمَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي زُمْرَةٍ وَاحِدَةٍ حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَ النَّاسِ وَيَدْخُلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَدْعُوَ الْعُلَمَاءَ فَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ إِنِّي لَمْ أَضَعْ حِكْمَتِي فِيكُمْ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعَذِّبَكُمْ، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ تَخْلِطِونَ مِنَ الْمَعَاصِي مَا يَخْلِطُ غَيْرُكُمْ، فَسَتَرْتُهَا عَلَيْكُمْ، وَقَدْ غَفَرْتُهَا لَكُمْ، وَإِنَّمَا كُنْتُ أُعْبَدُ

⦗ص: 215⦘

بِفُتْيَاكُمْ وَتَعْلِيمِكُمْ عِبَادِي، ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، ثُمَّ قَالَ: لَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ اللَّهُ وَلَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى اللَّهُ. وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى بِإِسْنَادٍ مَرْفُوعٍ مُتَّصِلٍ

ص: 214

232 -

أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَرْوَانَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، نا طَاهِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ، ثنا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، نا مُنَبِّهُ بْنُ عُثْمَانَ، عَنْ صَدَقَةَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَبْعَثُ اللَّهُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُمَيِّزُ الْعُلَمَاءَ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ، إِنِّي لَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ إِلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ ، وَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ لِأُعَذِّبَكُمْ، اذْهَبُوا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "

ص: 215

233 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ نا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ، نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، نا أَبُو كَلْثَمٍ سَلَامَةُ بْنُ بِشْرِ بْنِ بُدَيْلٍ الْعَدَوِيُّ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، ثنا طَلْحَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " يَبْعَثُ اللَّهُ عز وجل الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يُمَيِّزُ الْعُلَمَاءَ، فَيَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ، إِنِّي لَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ إِلَّا لِعِلْمِي بِكُمْ، وَلَمْ أَضَعْ عِلْمِي فِيكُمْ لِأُعَذَّبَكُمُ، انْطَلِقُوا فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ "

ص: 217

234 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرِ، نا ابْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَالَ: أنا عَفِيفُ بْنُ سَالِمٍ الْمَوْصِلِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِي قَوْلِهِ:{وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ} [الإسراء: 55] قَالَ: «فِي الْعِلْمِ» .

235 -

وَيُنْسَبُ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مَشْهُورٌ مِنْ شَعْرِهِ سَمِعْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ يُنْشِدُهُ لَهُ:

[البحر البسيط]

النَّاسُ فِي جِهَةِ التَّمْثِيلِ أَكْفَاءُ

أَبُوهُمُ آدَمٌ وَالْأُمُّ حَوَّاءُ

نَفْسٌ كَنَفْسٍ وَأَرْوَاحٌ مُشَاكِلَةٌ

وَأَعْظُمٌ خُلِقَتْ فِيهِمْ وَأَعْضَاءُ

فَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ أَصْلِهِمْ حَسَبٌ

يُفَاخِرُونَ بِهِ فَالطِّينُ وَالْمَاءُ

مَا الْفَضْلُ إِلَّا لِأَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّهُمُ

عَلَى الْهُدَى لِمَنِ اسْتَهْدَى أَدِلَّاءُ

وَقَدْرُ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ

وَلِلرِّجَالِ عَلَى الْأَفْعَالِ أَسْمَاءُ

⦗ص: 219⦘

وَضِدُّ كُلِّ امْرِئٍ مَا كَانَ يَجْهَلُهُ

وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ

236 -

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى إِبْرَاهِيمَ عليه السلام يَا إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، إِنِّي عَلِيمٌ أُحِبُّ كُلَّ عَلِيمٍ»

ص: 218

237 -

وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُصْفُورٍ رحمه الله لِنَفْسِهِ شَعْرَهُ هَذَا فِي الْعِلْمِ وَهُوَ أَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي مَعْنَاهُ:

[البحر الطويل]

مَعَ الْعِلْمِ فَاسْلُكْ حَيْثُ مَا سَلَكَ الْعِلْمُ

وَعَنْهُ فَكَاشِفْ كُلَّ مَنْ عِنْدَهُ فَهْمُ

فَفِيهِ جِلَاءٌ لِلْقُلُوبِ مِنَ الْعَمَى

وَعَوْنٌ عَلَى الدِّينِ الَّذِي أَمْرُهُ حَتْمُ

فَإِنِّي رَأَيْتُ الْجَهْلَ يُزْرِي بِأَهْلِهِ

وَذُو الْعِلْمِ فِي الْأَقْوَامِ يَرْفَعُهُ الْعِلْمُ

يُعَدُّ كَبِيرَ الْقَوْمِ وَهْوَ صَغِيرُهُمْ

وَيَنْفَذُ مِنْهُ فِيهِمُ الْقَوْلُ وَالْحُكْمُ

وَأَيُّ رَجَاءٍ فِي امْرِئٍ شَابَ رَأْسُهُ

وَأَفْنَى سِنِيِّهِ وَهْوَ مُسْتَعْجِمٌ فَدِمُ

يَرُوحُ وَيَغْدُو الدَّهْرَ صَاحِبَ بِطْنَةٍ

تَرَكَّبَ فِي أَحْضَانِهَا اللَّحْمُ وَالشَّحْمُ

إِذَا سُئِلَ الْمِسْكِينُ عَنْ أَمْرِ دِينِهِ

بَدَتْ رُحَضَاءُ الْعِيِّ فِي وِجْهِهِ تَسْمُو

⦗ص: 220⦘

وَهَلْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ أَقْبَحَ مَنْظَرٍ

مِنْ أَشْيَبَ لَا عِلْمٌ لَدَيْهِ وَلَا حُلْمُ

هِيَ السُّوءَةُ السَّوْءَاءُ فَاحْذَرْ شَمَاتَهَا

فَأَوَّلُهَا خِزْيٌ وَآخِرُهَا ذَمُّ

فَخَالِطْ رُوَاةَ الْعِلْمِ وَاصْحَبْ خِيَارَهُمْ

فَصُحْبَتُهُمْ زَيْنٌ وَخُلْطَتُهُمْ غَنْمُ

وَلَا تَعْدُوَنْ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ فَإِنَّهُمْ

نُجُومٌ إِذَا مَا غَابَ نَجْمٌ بَدَا نَجْمُ

فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْعِلْمُ مِمَّا اتَّضَحَ الْهُدَى

وَلَا لَاحَ مِنْ غَيْبِ الْأُمُورِ لَنَا رَسْمُ

ص: 219

238 -

أنشدنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيفَةَ قَالَ: أنشدنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ: أنشدنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيَّ قَالَ: أنشدنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ:

[البحر الوافر]

بِنُورِ الْعِلْمِ يُكْشَفُ كُلُّ رَيْبٍ

وَيُبْصِرُ وَجْهَ مَطْلَبِهِ الْمُرِيدُ

فَأَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَحَبٍ وَقُرْبٍ

لَهُمْ مِمَّا اشْتَهَوْا أَبَدًا مَزِيدُ

إِذَا عَمِلُوا بِمَا عَلِمُوا فَكُلٌّ

لَهُ مِمَّا ابْتَغَاهُ مَا يُرِيدُ

فَإِنْ سَكَتُوا فَفِكْرٌ فِي مَعَادٍ

وَإِنْ نَطَقُوا فَقَوْلُهُمْ سَدِيدُ

ص: 220

239 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ، نا ابْنُ وَضَّاحٍ، نا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَ بْنَ مِهْرَانَ يَقُولُ: «بِنَفْسِي الْعُلَمَاءُ هُمْ ضَالَّتِي فِي كُلِّ بَلْدَةٍ وَهُمْ بُغْيَتِي إِذَا لَمْ أَجِدْهُمْ، وَجَدْتُ صَلَاحَ قَلْبِي فِي مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ»

240 -

وَقَالَ سَابِقٌ الْبَلَوِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَرْبَرِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:

[البحر البسيط]

وَالْعِلْمُ يَجْلُو الْعَمَى عَنْ قَلْبِ صَاحِبِهِ

كَمَا يُجْلِي سَوَادَ الظُّلْمَةِ الْقَمَرُ

وَلَيْسَ ذُو الْعِلْمِ بِالتَّقْوَى كَجَاهِلِهَا

وَلَا الْبَصِيرُ كَأَعْمَى مَا لَهُ بَصَرُ

ص: 221

241 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ، نا مَسْلَمَةُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْبَرْذَعِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُسْلِمٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ أَبِي الْخَنَاجِرِ قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصْعَبٍ الْقُرْقُسَانِيِّ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَفِينَا رَجُلٌ عِرَاقِيُّ بَصِيرٌ بِالشِّعْرِ وَنَحْنُ نَتَمَنَّى أَنْ يَخْرُجَ إِلَيْنَا فَيُحَدِّثَنَا حَدِيثًا وَاحِدًا أَوْ حَدِيثَيْنِ إِذْ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: قَدْ خَطَرَ عَلَى قَلْبِي بَيْتٌ مِنَ الشَّعْرِ فَمَنْ أَخْبَرَنِي لِمَنْ هُوَ حَدَّثْتُهُ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ، فَقَالَ الْفَتَى الْعِرَاقِيُّ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ أَيُّ بَيْتٍ هُوَ؟ فَقَالَ الشَّيْخُ:

[البحر البسيط]

الْعِلْمُ فِيهِ حَيَاةٌ لِلْقُلُوبِ كَمَا

تَحْيَا الْبِلَادُ إِذَا مَا مَسَّهَا الْمَطَرُ

فَقَالَ الْفَتَى: هُوَ لِسَابِقٍ الْبَرْبَرِيِّ، فَقَالَ الشَّيْخُ: صَدَقْتَ فَمَا بَعْدَهُ؟ فَقَالَ:

وَالْعِلْمُ يَجْلُو الْعَمَى عَنْ قَلْبِ صَاحِبِهِ

كَمَا يُجْلِي سَوَادَ الظُّلْمَةِ الْقَمَرُ

فَقَالَ الشَّيْخُ: صَدَقْتَ وَحَدَّثَهُ بِسِتَّةِ أَحَادِيثَ سَمِعْنَاهَا مَعَهُ

ص: 222

242 -

أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، نا سُحْنُونُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، ثنا ابْنُ أَنْعَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ

⦗ص: 223⦘

رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ، أَحَدُ الْمَجْلِسَيْنِ يَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ وَالْآخَرُ يَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ وَيُعَلِّمُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كِلَا الْمَجْلِسَيْنِ عَلَى خَيْرٍ وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنَ صَاحِبِهِ، أَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَيَتَعَلَّمُونَ وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا» ، ثُمَّ أَقْبَلَ فَجَلَسَ مَعَهُمْ

ص: 222

243 -

وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ:

⦗ص: 224⦘

سَمِعْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي جَعْفَرٍ يَقُولُ: «الْعُلَمَاءُ مَنَارُ الْبِلَادِ مِنْهُمْ يُقْتَبَسُ النُّورُ الَّذِي يُهْتَدَى بِهِ»

ص: 223

244 -

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، نا الْحَسَنُ بْنُ رَشِيقٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا قُرَّةُ، نا عَوْنٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: «نِعْمَ الْمَجْلِسُ مَجْلِسٌ تُنْشَرُ فِيهِ الْحِكْمَةُ وَتُرْجَى فِيهِ الرَّحْمَةُ»

ص: 224

245 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:

⦗ص: 225⦘

«مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ كَانَ خَيْرًا مِمَّا طَلَعَتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ»

ص: 224

246 -

قَالَ: وَنا عَلِيٌّ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ:«مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْعِلْمِ»

ص: 225

247 -

قَالَ: وَنا عَلِيٌّ قَالَ: أنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نِسْطَاسٍ قَالَ: قَالَ لِي عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ: «يَا إِسْحَاقُ عَلَيْكَ بِالْعِلْمِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعْدِمُكَ مِنْهُ كَلِمَةٌ تَدُلُّ عَلَى هُدًى أَوْ أُخْرَى تَنْهَى عَنْ رَدًى»

ص: 226

248 -

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قِرَاءَةً مِنِّي عَلَيْهِ، أَنَّ أَبَا الْحَسَنِ عَلِيَّ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُورٍ حَدَّثَهُمْ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا سُحْنُونُ، ثنا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: " دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَالْأَسْوَدُ بْنُ سَرِيعٍ يَقُصُّ وَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ وَفِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى مِنَ الْمَسْجِدِ حَلْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ يَتَحَدَّثُونَ بِالْفِقْهِ وَيَتَذَاكَرُونَ فَرَكَعْتُ مَا بَيْنَ حَلْقَةِ الذِّكْرِ وَحَلْقَةِ الْفِقْهِ فَلَمَّا فَرَغْتُ مِنَ السُّبْحَةِ قُلْتُ: لَوْ أَنِّي أَتَيْتُ الْأَسْوَدَ بْنَ سَرِيعٍ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ فَعَسَى أَنْ تُصِيبَهُمْ إِجَابَةٌ أَوْ رَحْمَةٌ فَتُصِيبَنِي مَعَهُمْ، ثُمَّ قُلْتُ: لَوْ أَتَيْتُ الْحَلْقَةَ الَّتِي يَتَذَاكَرُونَ فِيهَا الْفِقْهَ فَتَفَقَّهْتُ مَعَهُمْ لَعَلِّي أَسْمَعُ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَأَعْمَلُ بِهَا فَلَمْ أَزَلْ أُحَدِّثُ نَفْسِي بِذَلِكَ وَأُسَاوِرُهَا حَتَّى جَاوَزْتُهُمْ فَلَمْ أَجْلِسْ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَانْصَرَفْتُ فَأَتَانِي آتٍ فِي الْمَنَامِ، فَقَالَ: أَنْتَ الَّذِي وَقَفْتَ بَيْنَ الْحَلْقَتَيْنِ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَ الْحَلْقَةَ الَّتِي يَتَذَاكَرُونَ فِيهَا الْفِقْهَ لَوَجِدْتَ جِبْرِيلَ

⦗ص: 227⦘

مَعَهُمْ "

249 -

وَلَمَّا حَضَرَتْ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رضي الله عنه الْوَفَاةُ قَالَ لِجَارِيَتِهِ: " وَيْحَكِ هَلْ أَصْبَحْنَا؟، قَالَتْ: لَا، ثُمَّ تَرَكَهَا سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: انْظُرِي، فَقَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ صَبَاحٍ إِلَى النَّارِ، ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالْمَوْتِ مَرْحَبًا بِزَائِرٍ جَاءَ عَلَى فَاقَةٍ، لَا أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أُحِبُّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَلَا لِغَرْسِ الْأَشْجَارِ وَلَكِنْ كُنْتُ أُحِبُّ الْبَقَاءَ لِمُكَابَدَةِ اللَّيْلِ الطَّوِيلِ وَلِظَمَأِ الْهَوَاجِرِ فِي الْحَرِّ الشَّدِيدِ، وَلِمُزَاحَمَةِ الْعُلَمَاءِ بِالرُّكَبِ فِي حِلَقِ الذِّكْرِ

ص: 226

250 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، نا مُحَمَّدُ بْنُ حُسَيْنٍ، نا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الضَّرِيرُ، نا عَمَّارُ بْنُ الرَّاهِبِ، وَكَانَ مِنَ الْعَامِلِينَ لِلَّهِ عز وجل فِي دَارِ الدُّنْيَا قَالَ: رَأَيْتُ مِسْكِينَةَ الطُّقَاوِيَّةَ فِي مَنَامِي وَكَانَتْ مِنَ الْمُوَاظِبَاتِ عَلَى حِلَقِ

⦗ص: 228⦘

الذِّكْرِ، قُلْتُ: مَرْحَبًا مِسْكِينَةُ، قَالَتْ: هَيْهَاتَ ذَهَبَتْ وَاللَّهِ يَا عَمَّارُ الْمَسْكَنَةُ وَجَاءَ الْغَنَاءُ الْأَكْبَرُ، قُلْتُ: هِيهِ، قَالَتْ: مَا تَسْأَلُ عَمَّنْ أُتِيحَ لَهُ الْجَنَّةُ فَتَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ قَالَ: قُلْتُ: وَبِمَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْفَقْرِ "

ص: 227

251 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا مَسْلَمَةُ، نا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْعَسْقَلَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: أنا حُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَاشِمِيُّ، ثنا الْحَكَمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثنا عُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَالِمُ أَمِينُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ»

ص: 228

252 -

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، نا سَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، وَسَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَا: نا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، نا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، ثنا هِشَامٌ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} [البقرة: 201] قَالَ: «الْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ» ، {وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201] قَالَ: «الْجَنَّةُ»

ص: 229

253 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ بَحْرٍ الْجَلَّابُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ، ثنا سُنَيْدٌ قَالَ: نا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، وَهِشَامِ بْنِ حَسَّانَ جَمِيعًا عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً} [البقرة: 201] قَالَ: «الْحَسَنَةُ فِي الدُّنْيَا الْعِلْمُ وَالْعِبَادَةُ، وَالْحَسَنَةُ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ»

ص: 230

255 -

وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَشِيقٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ مِنِّي، أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ حَدَّثَهُمْ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَابِرٍ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الدُّنْيَا نا هَاشِمُ بْنُ الْوَلِيدِ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ

⦗ص: 231⦘

«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَعَلَّمُ الْبَابَ مِنَ الْعِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا»

ص: 230

256 -

وَرَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ الطَّائِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ فَعَمِلَ بِهِ أُعْطِيَ أَجْرَ ذَلِكَ»

⦗ص: 232⦘

257 -

وَرُوِّينَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ طُرُقٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا رَأَى الشَّبَابَ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ: «مَرْحَبًا بِيَنَابِيعِ الْحِكْمَةِ وَمَصَابِيحِ الظُّلَمِ، خُلْقَانِ الثِّيَابِ، جُدُدِ الْقُلُوبِ، حُلُسِ الْبُيُوتِ رَيْحَانِ كُلِّ قَبِيلَةٍ»

ص: 231

258 -

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، نا مَسْلَمَةُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عُمَيْرٍ، ثنا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ،

⦗ص: 233⦘

ثنا أَبُو قَطَنٍ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ، ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ، نا يَعْقُوبُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِي قَطَنٍ، عَنْ أَبِي حُرَّةَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«الْعَالِمُ خَيْرٌ مِنَ الزَّاهِدِ فِي الدُّنْيَا، الْمُجْتَهِدِ فِي الْعِبَادَةِ» قَالَ ابْنُ عُمَيْرٍ: زَادَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَسْلَمَ فِي حَدِيثِ الْحَسَنِ هَذَا «يَنْشُرُ حِكْمَةَ اللَّهِ فَإِنْ قُبِلَتْ حَمِدَ اللَّهَ وَإِنْ رُدَّتْ حَمِدَ اللَّهَ»

259 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: " لَا يَزَالُ الْفَقِيهُ يُصَلِّي قَالُوا: وَكَيْفَ يُصَلِّي؟ قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ "

ص: 232

260 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ قَالَ: أنا يَحْيَى بْنُ مَالِكِ بْنِ عَائِذٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَكَرِيَّا قَالَ: أنا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، ثنا أَبُو الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيُّ قَالَ: " خَطَبَ زِيَادٌ، ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ فَقَالَ:«أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي بِتُّ لَيْلَتِي هَذِهِ مُهْتَمًّا بِخِلَالٍ ثَلَاثٍ، بِذِي الْعِلْمِ، وَبِذِي الشَّرَفِ، وَبِذِي السِّنِّ، رَأَيْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ فِيهِنَّ بِالنَّصِيحَةِ رَأَيْتُ إِعْظَامَ ذَوِي الشَّرَفِ، وَإِجْلَالَ ذَوِي الْعِلْمِ، وَتَوْقِيرَ ذَوِي الْأَسْنَانِ، وَاللَّهِ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي عِلْمٍ لَيَضَعَ بِذَلِكَ مِنْهُ إِلَّا عَاقَبْتُهُ وَلَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي شَرَفٍ لَيَضَعَ بِذَلِكَ مِنْ شَرَفِهِ إِلَّا عَاقَبْتُهُ وَلَا أُوتَى بِرَجُلٍ رَدَّ عَلَى ذِي شَيْبَةٍ لِيَضَعَهُ بِذَلِكَ إِلَّا عَاقَبْتُهُ، إِنَّمَا النَّاسُ بِأَعْلَامِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَذَوِي أَسْنَانِهِمْ»

⦗ص: 235⦘

261 -

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا» يَعْنِي حَقَّهُ "

ص: 234

262 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمٌ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ نا الْحَوْطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ زُرْعَةَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ لُقْمَانَ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي عِنَبَةَ الْخَوْلَانِيِّ قَالَ:«رُبَّ كَلِمَةٍ خَيْرٌ مِنْ إِعْطَاءِ الْمَالِ»

ص: 235

263 -

قَالَ: وَأَخْبَرَنَا الْحَوْطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ شُرَيْحُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَبَأٍ عُتْبَةَ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ أَبِي عُمَيْرٍ الصُّورِيِّ أَبَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ:«كَلِمَةُ حِكْمَةٍ لَكَ مِنْ أَخِيكَ خَيْرٌ لَكَ مِنْ مَالٍ يُعْطِيكَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ يُطْغِيكَ، وَالْكَلِمَةَ تَهْدِيكَ»

ص: 236

264 -

وَقَالَ صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، سَمِعْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ:«الدُّنْيَا كُلُّهَا ظُلْمَةٌ إِلَّا مَجَالِسَ الْعُلَمَاءِ»

ص: 236

265 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَاصِمٍ، نا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ:«إِنَّ مَثَلَ الْعَالِمِ فِي الْبَلَدِ كَمَثَلِ عَيْنٍ عَذْبَةٍ فِي الْبَلَدِ»

ص: 237

267 -

وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي رحمه الله بِخَطْهِ: أنشدنا أَبُو عُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ لِبَعْضِ الْأُدَبَاءِ:

[البحر الوافر]

رَأَيْتُ الْعِلْمَ صَاحِبُهُ شَرِيفٌ

وَإِنْ وَلَدَتْهُ آبَاءٌ لِئَامُ

وَلَيْسَ يَزَالُ يَرْفَعُهُ إِلَى أَنْ

يُعَظِّمَ قَدْرَهُ الْقَوْمُ الْكِرَامُ

وَيَتَّبِعُونَهُ فِي كُلِّ أَمْرٍ

كَرَاعِ الضَّأْنِ تَتْبَعُهُ السَّوَامُ

وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ فِي كُلِّ أُفْقٍ

وَمَنْ يَكُنْ عَالِمًا فَهُوَ الْإِمَامُ

فَلَوْلَا الْعِلْمُ مَا سَعِدَتْ نُفُوسٌ

وَلَا عُرِفَ الْحَلَالُ وَلَا الْحَرَامُ

فَبِالْعِلْمِ النَّجَاةُ مِنَ الْمَخَازِي

وَبِالْجَهْلِ الْمَذَلَّةُ وَالرَّغَامُ

هُوَ الْهَادِي الدَّلِيلُ إِلَى الْمَعَالِي

وَمِصْبَاحٌ يُضِيءُ بِهِ الظَّلَامُ

⦗ص: 238⦘

كَذَاكَ عَنِ الرَّسُولِ أَتَى عَلَيْهِ

مِنَ اللَّهِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامُ

وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى:

وَإِنَّ طِلَابَهُ حَقٌّ عَلَى مَنْ

لَهُ عَقْلٌ وَلَيْسَ بِهِ سِقَامُ

فَإِمَّا عَالِمًا تَغْدُو وَإِمَّا

إِلَى التَّعْلِيمِ يُخْرِجُكَ اغْتِنَامُ

وَسَائِرُ ذَلِكَ مَنْ لَا خَيْرَ فِيهِ

وَمَنْ يَكُ عَالِمًا فَهْوُ الْإِمَامُ

كَذَاكَ عَنِ النَّبِيِّ أَتَى عَلَيْهِ

مِنَ اللَّهِ التَّحِيَّةُ وَالسَّلَامُ «

وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ نَسَبَهَا بَعْضُ النَّاسِ إِلَى مَنْصُورِ بْنِ الْفَقِيهِ، وَلَيْسَتْ لَهُ وَإِنَّمَا هِيَ لِبَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ صَحِيحَةً، وَأنشدناهَا عَنْهُ جَمَاعَةٌ»

ص: 237

268 -

حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ، عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي الْقُلْزُمِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى الْقُلْزُمِيُّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خُنَيْسٍ الْكَلَاعِيُّ بِدِمْيَاطَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ الْقُرَشِيُّ، نا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ زَيْدٍ الْعَمِّيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

⦗ص: 239⦘

«تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّ تَعْلِيمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةً وَطَلَبَهُ عِبَادَةً، وَمُذَاكَرَتَهُ تَسْبِيحٌ وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَعَالِمُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَمَنَارُ سُبَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهُوَ الْأُنْسُ فِي الْوَحْشَةِ وَالصَّاحِبُ فِي الْغُرْبَةِ وَالْمُحَدِّثُ فِي الْخَلْوَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَالسِّلَاحُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَالزَّيْنُ عِنْدَ الْأَخِلَّاءِ، يَرْفَعُ اللَّهُ بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً وَأَئِمَّةً يُقْتَصُّ آثَارُهُمْ، وَيُقْتَدَى بِأَفْعَالِهِمْ وَيُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ، تَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي خُلَّتِهِمْ وَبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ، وَحِيتَانُ الْبَحْرِ وَهَوَامُّهُ وَسِبَاعُ الْبَرِّ وَأَنْعَامُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ وَمَصَابِيحُ الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلَمِ يَبْلُغُ الْعَبْدُ بِالْعِلْمِ مَنَازِلَ الْأَخْيَارِ وَالَدَّرَجَاتِ الْعُلَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يَعْدِلُ الصِّيَامَ وَمُدَارَسَتُهُ تَعْدِلُ الْقِيَامَ بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ وَبِهِ يُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ وَهُوَ إِمَامٌ وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءُ وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءُ» ، هَكَذَا حَدَّثَنِيهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ رحمه الله مَرْفُوعًا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ جِدًّا وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ قَوِيٌّ

ص: 238

268 -

وَرُوِّينَاهُ مِنْ طُرُقٍ شَتَّى مَوْقُوفًا مِنْهَا مَا

⦗ص: 240⦘

269 -

حَدَّثَنِيهِ أَبُو زَيْدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، نا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، نا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْأَعْناقِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ هَاشِمَ بْنَ مَخْلَدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِصْمَةَ نُوحَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ يُحَدِّثُّ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ:«تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِحَالِهِ سَوَاءً مَوْقُوفًا عَلَى مُعَاذٍ

ص: 239

271 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، نا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، نا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ»

ص: 241

272 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، وَخَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ النُّعْمَانِ بِالْقَيْرُوَانِ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ الْبَغْدَادِيُّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ قَالَ: قَالَ ابْنُ

⦗ص: 243⦘

الْمُبَارَكِ، قَالَ لِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ:«مَا يُرَادُ اللَّهُ عز وجل بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ وَمَا طُلِبَ الْعِلْمُ فِي زَمَانٍ أَفْضَلَ مِنْهُ الْيَوْمَ»

ص: 242

273 -

وَحَدَّثَانِي قَالَا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ السَّابِقِ، نا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ الْبَابَ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ فَيَنْتَفِعُ بِهِ فَيَكُونُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا لَوْ جَعَلَهَا فِي الْآخِرَةِ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: " حَسْبُكَ بِقَوْلِهِ: لَوْ جَعَلَهَا فِي الْآخِرَةِ "

ص: 243

274 -

وَحَدَّثَانِي قَالَا: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الضَّحَّاكِ، أنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ لِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ: «وَيْحَكُمُ اطْلُبُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنِّي أَخَافَ أَنْ يَخْرُجَ الْعِلْمُ مِنْ عِنْدِكُمْ فَيَصِيرَ إِلَى غَيْرِكُمْ فَتَذِلُّوا، اطْلُبُوا الْعِلْمَ؛ فَإِنَّهُ شَرَفٌ فِي الدُّنْيَا وَشَرَفٌ فِي الْآخِرَةِ»

ص: 244

275 -

وقَالَ: وَأنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ ثِقَةٌ

⦗ص: 245⦘

قَالَ: " وَدَّعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَوْصِنِي فَقَالَ:«عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي السَّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَكِتَابَةِ الْعِلْمِ مِنْ عِنْدِ أَهْلِهِ»

276 -

أَنْشَدَنِي أَبُو بَكْرٍ قَاسِمُ بْنُ مَرْوَانَ لِنَفْسِهِ:

[البحر البسيط]

مَا لِي بَقِيتُ وَأَهْلُ الْعِلْمِ قَدْ ذَهَبُوا

عَنَّا وَرَاحُوا إِلَى الرَّحْمَنِ وَانْقَلَبُوا

أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ شَيْخًا أَخَا كِبَرٍ

كَالسِّلْكِ تَعْتَادُنِي الْأَسْقَامُ وَالْوَصَبُ

صَحِبْتُهُمْ وَذِمَامُ الظُّرْفِ يَجْمَعُنَا

دَهْرًا دَهِيرًا فَزَانُوا كُلَّ مَنْ صَحِبُوا

. فِي قَصِيدَةٍ طَوِيلَةٍ يَذْكُرُ قَوْمًا مِنْ فُقَهَاءِ قُرْطُبَةَ سَلَفُوا رحمهم الله وَفِي شَعْرِهِ ذَلِكَ:

وَالْعِلْمُ زَيْنٌ وَتَشْرِيَفٌ لِصَاحِبِهِ

أَتَتْ إِلَيْنَا بِذَا الْأَنْبَاءُ وَالْكُتُبُ

وَالْعِلْمُ يَرْفَعُ أَقْوَامًا بِلَا حَسَبٍ

فَكَيْفَ مَنْ كَانَ ذَا عِلْمٍ لَهُ حَسَبُ

فَاطْلُبْ بِعِلْمِكَ وَجْهَ اللَّهِ مُحْتَسِبًا

فَمَا سِوَى الْعِلْمِ فَهْوُ اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ.

277 -

وَلِي مُعَارَضَةٌ لِقَوْلِ الْقَائِلِ وَهُوَ أَبُو حَاطِبٍ:

[البحر الكامل]

وَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ الْعُلُومِ أَجَلَّهَا

فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَلْسُنِ

،،،

الْعِلْمُ يَرْفَعُ كُلَّ بَيْتٍ هَيِّنٍ

وَالْفِقْهُ يَجْمُلُ بِاللَّبِيبِ الدَّيِّنِ

وَالْحُرُّ يُكْرَمُ بِالْوَقَارِ وَبِالنُّهَى

وَالْمَرْءُ تَحْقِرُهُ إِذَا لَمْ يَرْزُنِ

⦗ص: 246⦘

فَإِذَا طَلَبْتَ مِنَ الْعُلُومِ أَجَلَّهَا

فَأَجَلُّهَا عِنْدَ التَّقِيِّ الْمُؤْمِنِ

عِلْمُ الدِّيَانَةِ وَهْوَ أَرْفَعُهَا لَدَى

كُلِّ امْرِئٍ مُتَيَقِّظٍ مُتَدَيِّنِ

هَذَا الصَّحِيحُ وَلَا مَقَالَةَ جَاهِلٍ

فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَلْسُنِ

لَوْ كَانَ مُهْتَدِيًا لَقَالَ مُبَادِرًا

فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الْأَدْيُنِ.

278 -

وَلِبَعْضِ الْأُدَبَاءِ:

[البحر الطويل]

يُعَدُّ رَفِيعَ الْقَوْمِ مَنْ كَانَ عَالِمًا

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَوْمِهِ بِحَسِيبِ

وَإِنْ حَلَّ أَرْضًا عَاشَ فِيهَا بِعِلْمِهِ

وَمَا عَالِمٌ فِي بَلْدَةٍ بِغَرِيبِ.

279 -

وَفِي حِكْمَةِ دَاوُدَ عليه السلام: «الْعِلْمُ فِي الصَّدْرِ كَالْمِصْبَاحِ فِي الْبَيْتِ»

280 -

وَقِيلَ لِبَعْضِ حُكَمَاءِ الْأَوَائِلِ: " أَيُّ الْأَشْيَاءِ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ أَنْ يَقْتَنِيَهُ؟ قَالَ: الْأَشْيَاءُ الَّتِي إِذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ سَبَحَتْ مَعَهُ يَعْنِي الْعِلْمَ،

281 -

وَقَالَ غَيْرُهُ: «مِنْهُمْ مَنِ اتَّخَذَ الْعِلْمَ لِجَامًا اتَّخَذَهُ النَّاسُ إِمَامًا، وَمَنْ عُرِفَ بِالْحِكْمَةِ لَاحَظَتْهُ الْعُلُومُ بِالْوَقَارِ»

282 -

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِبَنِيهِ: «يَا بَنِيَّ تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنِ اسْتَغْنَيْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَمَالًا وَإِنِ افْتَقَرْتُمْ كَانَ

⦗ص: 247⦘

لَكُمْ مَالًا»

283 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ: «يَرْزُقُ اللَّهُ الْعِلْمَ السُّعَدَاءَ وَيَحْرِمُهُ الْأَشْقِيَاءَ»

284 -

وَفِي رِوَايَةِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام قَالَ:«الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ تَحْرُسُهُ، وَالْعِلْمَ يَحْرُسُكَ، وَالْمَالَ تُفْنِيهِ النَّفَقَةُ، وَالْعِلْمَ يَزْكُو عَلَى الْإِنْفَاقِ، وَالْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ مَاتَ خُزَّانُ الْمَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَآثَارَهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ»

285 -

قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ هَذَا أَخَذَ سَابِقٌ الْبَرْبَرِيَّ قَوْلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ:

[البحر البسيط]

مَوْتُ التَّقِيِّ حَيَاةٌ لَا انْقِطَاعَ لَهَا

قَدْ مَاتَ قَوْمٌ وَهُمْ فِي النَّاسِ أَحْيَاءُ

286 -

قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ: عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَكْتُبِ الْعِلْمَ كَيْفَ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ،

287 -

وَأنشدنا أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرِ بْنِ حَامِدٍ الرُّومِيُّ الْكَاتِبُ لِنَفْسِهِ فِي أَبْيَاتٍ ذَوَاتِ عَدَدٍ:

[البحر البسيط]

إِنَّمَا الْعِلْمُ مِنْحَةٌ لَيْسَ فِي ذَا مُنَازِعُ

هُوَ لِلنَّفَسِ لَذَّةٌ وَهْوَ لِلْقَدْرِ رَافِعُ

⦗ص: 248⦘

يُعَرِّفُ النَّاسَ رَبَّهُمْ وَهْوَ مَيْتٌ شَاسِعُ

فَضَلَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَاضِلٌ فِيهِ بَارِعُ

288 -

وَقَالَ آخَرُ:

لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي قَوْمٍ إِذَا سَمِعُوا

ذَا اللُّبِّ يَنْطِقُ بِالْأَمْثَالِ وَالْحِكَمِ

قَالُوا وَلَيْسَ بِهِمْ إِلَّا نَفَسَاتُهُ

أَنَافِعٌ ذَا مِنَ الْإِفْلَاسِ وَالْعَدَمِ

289 -

وَلِأَبِي سُلَيْمَانَ جَلِيسِ ثَعْلَبٍ:

[البحر الوافر]

لَقَدْ ضَلَّتْ حُلُومٌ مِنْ أُنَاسٍ

يَرَوْنَ الْعِلْمَ إِفْلَاسًا وَشُؤْمًا

كَسَانَا عِلْمُنَا فَخْرًا وَجُودًا

وَبِالْجَهْلِ اكْتَسَوْا عَجْزًا وَلَوْمَا

هُمُ الثِّيرَانُ إِنْ فَكَّرْتَ فِيهِمْ

فَكَيْفَ بِأَنْ تَرَى ثَوْرًا عَلِيمَا

فَجَانِبْهُمْ وَلَا تَعْتِبْ عَلَيْهِمُ

وَكُنْ لِلْكُتْبِ دُونَهُمُ نَدِيمَا

290 -

وَقَالَ آخَرُ:

[البحر البسيط]

الْعِلْمُ بَلَّغَ قَوْمًا ذِرْوَةَ الشَّرَفِ

وَصَاحِبُ الْعِلْمِ مَحْفُوظٌ مِنَ الْخَرَفِ

يَا صَاحِبَ الْعِلْمِ مَهْلًا لَا تُدَنِّسُهُ

بِالْمُوبِقَاتِ فَمَا لِلْعِلْمِ مِنْ خَلَفِ

291 -

وَقَالَ آخَرُ:

[البحر الوافر]

لَوْ أَنَّ الْعِلْمَ مُثِّلَ لَكَانَ نُورًا

يُضَاهِي الشَّمْسَ أَوْ يَحْكِي النَّهَارَا

كَذَاكَ الْجَهْلُ أَظْلَمَ جَانِبَاهُ

وَنُورُ الْعِلْمِ أَشْرَقَ وَاسْتَنَارَا

ص: 244

292 -

وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي رحمه الله بِخَطِّهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عِيسَى الْحَضْرَمِيُّ، نا أَبُو الطَّاهِرِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ مُعْتَمِرَ بْنَ سُلَيْمَانَ يَقُولُ: كَتَبَ إِلَيَّ أَبِي، وَأَنَا بِالْكُوفَةِ:«يَا بُنَيَّ اشْتَرِ الْوَرَقَ وَاكْتُبِ الْحَدِيثَ؛ فَإِنَّ الْعِلْمَ يَبْقَى وَالدَّنَانِيرَ تَذْهَبُ»

ص: 249

293 -

قَالَ أَبِي: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ: وَأَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ

[البحر البسيط]

الْعِلْمُ زَيْنٌ وَكَنْزٌ لَا نَفَادَ لَهُ

نِعْمَ الْقَرِينُ إِذَا مَا عَاقِلًا صَحِبَا

قَدْ يَجْمَعُ الْمَرْءُ مَالًا ثُمَّ يُسْلَبُهُ

عَمَّا قَلِيلٍ فَيَلْقَى الذُّلَّ وَالْحَرْبَا

وَجَامِعُ الْعِلْمِ مَغْبُوطٌ بِهِ أَبَدًا

فَلَا يُحَاذِرُ فَوْتًا لَا وَلَا هَرَبَا

يَا جَامِعَ الْعِلْمِ نِعْمَ الزُّخْرُ تَجْمَعُهُ

لَا تَعْدِلَنَّ بِهِ دُرًّا لَا وَلَا ذَهَبَا

ص: 250

294 -

وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْعَيْنَاءِ، وَغَيْرُهُ لِلْجَاحِظِ، وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:

[البحر الوافر]

يَطِيبُ الْعَيْشُ أَنْ تَلْقَى لَبِيبًا

غَذَاهُ الْعِلْمُ وَالرَّأْيُ الْمُصِيبُ

فَيَكْشِفُ عَنْكَ حَيْرَةَ كُلِّ جَهْلِ

فَفَضْلُ الْعِلْمِ يَعْرِفُهُ الْأَرِيبُ

سِقَامُ الْحِرْصِ لَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ

وَدَاءُ الْجَهْلِ لَيْسَ لَهُ طَبِيبُ

⦗ص: 251⦘

295 -

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: " مِنْ شَرَفِ الْعِلْمِ وَفَضْلِهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِ فَرِحَ بِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِ، وَكُلَّ مَنْ دُفِعَ عَنْهُ وَنُسِبَ إِلَى الْجَهْلِ عَزَّ عَلَيْهِ وَنَالَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا

ص: 250

296 -

أَخْبَرَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَرْوَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، نا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَرَجِ الرِّيَاشِيُّ، ثنا الْعُتْبِيُّ، عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْخَطَّابِيِّ، عَنْ عَمِّهِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ:«الْعِلْمُ ذِكْرٌ يُحِبُّهُ ذُكُورَةُ الرِّجَالِ وَيَكْرَهُهُ مُؤَنَّثُوهُمْ»

ص: 251

297 -

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى قَالَا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الضَّرِيرَ

⦗ص: 252⦘

يَقُولُ: سَمِعْتُ وَكِيعًا يَقُولُ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ يَقُولُ: «مَا مِنْ شَيْءٍ أَخْوَفَ عِنْدِي مِنَ الْحَدِيثِ وَمَا مِنْ شَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْهُ لِمَنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ عز وجل»

ص: 251

298 -

وَحَدَّثَانِي قَالَا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ، نا مُحَمَّدٌ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: «مَا عَلَى الرَّجُلِ لَوْ جَعَلَ هَذَا الْأَمْرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ؟ يَعْنِي الْفِقْهَ وَالْآثَارَ»

⦗ص: 253⦘

299 -

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى فَضِيلَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّاسَ تُحِبُّ طَاعَتَهُمْ.

300 -

وَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِطَلَبِ الْعِلْمِ؛ إِنَّ لِلَّهِ رِدَاءَ مَحَبَّةٍ، فَمَنْ طَلَبَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ رَدَّاهُ اللَّهُ بِرِدَائِهِ ذَلِكَ فَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، وَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، وَإِنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا اسْتَعْتَبَهُ، لِئَلَّا يَسْلِبَهُ رِدَاءَهُ ذَلِكَ وَإِنْ تَطَاوَلَ بِهِ ذَلِكَ الذَّنْبُ حَتَّى يَمُوتَ»

ص: 252

301 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَذَّاءُ الْبَغْدَادِيُّ بِمِصْرَ قَالَ: نا أَبُو خُبَيْبٍ الْعَبَّاسُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ، ثنا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، نا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: " أَنَّ أَخَوَيْنِ، كَانَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَحَدُهُمَا يَحْضُرُ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَجْلِسَهُ وَكَانَ الْآخَرُ يُقْبِلُ عَلَى صَنَعْتَهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخِي لَا يُعِينُنِي بِشَيْءٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَلَعَلَّكَ تُرْزَقُ بِهِ»

ص: 253

302 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ بِشْرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي دُلَيْمٍ، ح وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، نا زُهَيْرٌ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:«إِنَّ مِنْ كَمَالِ التَّقْوَى أَنْ تَبْتَغِيَ إِلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ عِلْمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ» هَكَذَا جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ

ص: 254

303 -

وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:«مِنْ كَمَالِ التَّقْوَى أَنْ تَطْلُبَ إِلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ عِلْمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ، وَزَادَ فِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْرِيطَ فِيمَا قَدْ عَلِمْتَ تَرْكُ اتِّبَاعَ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَإِنَّمَا يُحْمَدُ الرَّجُلُ عَلَى تَرْكِ اتِّبَاعِ الزِّيَادَةِ فِيمَا قَدْ عَلِمَ قِلَّةَ الِانْتِفَاعِ بِمَا عَلِمَ»

⦗ص: 256⦘

304 -

وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْهَاشِمِيُّ عَجِبْتُ لِمَنْ لَمْ يَكْتُبِ الْعِلْمَ: كَيْفَ تَدْعُوهُ نَفْسُهُ إِلَى مَكْرُمَةٍ؟

305 -

وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْكَمَالُ كُلُّ الْكَمَالِ التَّفَقُّهُ فِي الدِّينِ وَالصَّبْرُ عَلَى النَّائِبَةِ وَتَدْبِيرُ الْمَعِيشَةِ قَالَ: وَمَا مَوْتُ أَحَدٍ أَحَبُّ إِلَى إِبْلِيسَ مِنْ مَوْتِ فَقِيهٍ

306 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى فَضِيلَةِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ النَّاسَ تُحِبُّ طَاعَتَهُمْ،

307 -

وَكَانَ يُقَالُ: الْعِلْمُ أَشْرَفُ الْأَحْسَابِ وَالْأَدَبُ وَالْمُرُوءَةُ أَرْفَعُ الْأَنْسَابِ،

308 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «أَفْضَلُ الْعِلْمِ وَأَوْلَى مَا نَافَسْتَ عَلَيْهِ مِنْهُ عِلْمُ مَا عَرَفْتَ بِهِ الزِّيَادَةَ فِي دِينِكَ وَمُرُوءَتِكَ»

309 -

وَقَالَ الْأَحْنَفُ: كَادَ الْعُلَمَاءُ أَنْ يَكُونُوا أَرْبَابًا وَكُلُّ عِزٍّ لَمْ يُؤَكَّدْ بِعِلْمٍ فَإِلَى ذُلٍّ مَا يَصِيرُ

⦗ص: 257⦘

310 -

وَيُقَالُ: مَثَلُ الْعُلَمَاءِ مَثَلُ الْمَاءِ حَيْثُ مَا سَقَطُوا نَفَعُوا،

311 -

وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: «الْمُلُوكُ حُكَّامٌ عَلَى النَّاسِ، وَالْعُلَمَاءُ حُكَّامٌ عَلَى الْمُلُوكِ»

312 -

وَقِيلَ لبزرجمهر: " أَيُّهُمَا أَفْضَلُ الْأَغْنِيَاءُ أَوِ الْعُلَمَاءُ؟ قَالَ: الْعُلَمَاءُ، قِيلَ لَهُ: فَمَا بَالُ الْعُلَمَاءِ يَأْتُونَ أَبْوَابَ الْأَغْنِيَاءِ؟ قَالَ: لِمَعْرِفَةِ الْعُلَمَاءِ بِفَضْلِ الْغِنَى وَجَهْلِ الْأَغْنِيَاءِ بِفَضْلِ الْعِلْمِ "،

313 -

وَقَالَتِ امْرَأَةٌ لِإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: يَا أَبَا عِمْرَانَ " أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعُلَمَاءِ أَحَدُّ النَّاسِ وَأَلْوَمُ النَّاسِ فَقَالَ لَهَا: أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْحِدَّةِ فَإِنَّ الْعِلْمَ مَعَنَا، وَالْجَهْلَ مَعَ مُخَالِفِينَا وَهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا دَفْعَ عَلِمْنَا بِجَهْلِهِمْ فَمَنْ ذَا يُطِيقُ الصَّبْرَ عَلَى هَذَا، وَأَمَّا اللَّوْمُ فَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ تَعَذُّرَ الدِّرْهَمِ الْحَلَالِ وَإِنَّا لَا نَبْتَغِي الدِّرْهَمَ إِلَّا حَلَالًا فَإِذَا صَارَ إِلَيْنَا لَمْ نُخْرِجْهُ إِلَّا فِي وَجْهِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ،

⦗ص: 258⦘

314 -

وَقَالُوا: الْعُلَمَاءُ فِي الْأَرْضِ كَالنُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، وَالْعُلَمَاءُ أَعْلَامُ الْإِسْلَامِ، وَالْعَالِمُ كَالسِّرَاجِ مَنْ مَرَّ بِهِ اقْتَبَسَ مِنْهُ وَلَوْلَا الْعِلْمُ كَانَ النَّاسُ كَالْبَهَائِمِ "

ص: 255

315 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا زَائِدَةُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«كَانَ الرَّجُلُ إِذَا طَلَبَ الْعِلْمَ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ يُرَى ذَلِكَ فِي تَخَشُّعِهِ وَبَصَرِهِ، وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَصَلَاتِهِ وَزُهْدِهِ وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُصِيبُ الْبَابَ مِنْ أَبْوَابِ الْعِلْمِ فَيَعْمَلُ بِهِ فَيَكُونُ خَيْرًا لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ فَجَعَلَهَا فِي الْآخِرَةِ»

ص: 258

316 -

وَكَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ: «وَاللَّهِ مَا طَلَبَ هَذَا الْعِلْمَ أَحَدٌ إِلَّا كَانَ حَظُّهُ مِنْهُ مَا أَرَادَ بِهِ» ذَكَرَهُ أَبُو فَاطِمَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ

ص: 258

317 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ

⦗ص: 259⦘

زُهَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لَنَا أَبِي: «اطْلُبُوا الْعِلْمَ فَإِنْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ أَجْدَاكَ جَمَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ أَكْسَبَكَ مَالًا»

ص: 258

318 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا الْحَسَنُ بْنُ جَعْفَرٍ، نا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْقَعْقَاعِيُّ، ثنا بَقِيَّةُ، نا الْحَكَمُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي مِنَ اللَّهِ عز وجل فَلَا بُورِكَ لِي فِي طُلُوعِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ»

ص: 259

319 -

وَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: نا بَقِيَّةُ، نا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ يَوْمٍ يَمُرُّ عَلَيَّ لَا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي مِنَ اللَّهِ فَلَا بَلَّغَنِي اللَّهُ طُلُوعَ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ»

320 -

قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَخَذَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَاتِبُ الْبُسْتِيُّ فَقَالَ:

[البحر الطويل]

دَعُونِي وَأَمْرِي وَاخْتِيَارِي فَإِنَّنِي

بَصِيرٌ بِمَا أُبْدِي وَأُبْرِمَ مِنْ أَمْرِي

إِذَا مَا مَضَى يَوْمٌ وَلَمْ أَصْطَنِعْ يَدًا

وَلَمْ أَقْتَبِسْ عِلْمًا فَمَا هُوَ مِنْ عُمْرِي

ص: 260

321 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هِشَامٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ، نا الْحَسَنُ بْنُ سَعِيدٍ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ، نا كَثِيرُ بْنُ يَحْيَى، نا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، ثنا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مِنْ أَفْضَلِ الْفَوَائِدِ حَدِيثٌ حَسَنٌ يَسْمَعُهُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُ بِهِ أَخَاهُ»

322 -

وَكَتَبَ رَجُلٌ إِلَى أَخٍ لَهُ «إِنَّكَ أُوتِيتَ عِلْمًا فَلَا تُطْفِئْ نُورَ عِلْمِكَ بِظُلُمَاتِ الذُّنُوبِ فَتَبْقَى فِي ظُلْمَةٍ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ عِلْمِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ»

323 -

وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَهْدَى الْمَرْءُ لِأَخِيهِ هَدِيَّةً أَفْضَلَ مِنْ كَلِمَةِ حِكْمَةٍ يَزِيدُهُ اللَّهُ بِهَا هُدًى أَوْ يَرُدُّهُ بِهَا عَنْ رَدًى»

ص: 261

324 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، نا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ، نا ابْنُ وَضَّاحٍ، نا هَارُونُ الْحَمَّالُ، نا سَيَّارُ بْنُ حَاتِمٍ، نا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الْجَلِيلِ، عَنِ أَبِي عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ كَعْبٍ قَالَ:" أَوْحَى اللَّهُ عز وجل إِلَى مُوسَى عليه السلام: تَعَلَّمِ الْخَيْرَ وَعَلِّمْهُ النَّاسَ؛ فَإِنِّي مُنَوِّرٌ لِمُعَلِّمِ الْعِلْمِ وَمُتَعَلِّمِهِ قُبُورَهُمْ حَتَّى لَا يَسْتَوْحِشُوا لِمَكَانِهِمْ "

ص: 262

325 -

أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ بْنِ مُوسَى الْقَاضِي، نا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَسْكَرِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زُهَيْرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا شَرِيكٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْجِهَادِ، فَقَالَ:«أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْجِهَادِ؟ تَبْنِي مَسْجِدًا تُعَلِّمُ فِيهِ الْقُرْآنَ وَسُنَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْفِقْهَ فِي الدِّينِ»

ص: 263

326 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِمِصْرَ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبُخَارِيُّ، نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ وَضَّاحٍ الْبُخَارِيُّ السِّمْسَارُ، ثنا حَفْصُ بْنُ دَاوُدَ الرَّبْعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ رُسْتُمَ أَبُو كَامِلٍ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: " تَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ زَمَنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ

⦗ص: 264⦘

الْعَرَبِ الْأَرْضَ الْأَرْضَ إِنَّهُ لَا إِسْلَامَ إِلَّا بِجَمَاعَةٍ وَلَا جَمَاعَةَ إِلَّا بِإِمَارَةٍ وَلَا إِمَارَةَ إِلَّا بِطَاعَةٍ، أَلَا فَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى فِقْهٍ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُ وَمَنْ سَوَّدَهُ قَوْمُهُ عَلَى غَيْرِ فِقْهٍ كَانَ ذَلِكَ هَلَاكًا لَهُ وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ "

ص: 263

327 -

أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ سَعِيدٍ الْمُقْرِئُ، إِجَازَةً، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، ثنا الْعَاقُولِيُّ، ثنا الْمُبَرِّدُ قَالَ:" كَانَ يُقَالُ: تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّهُ سَبَبٌ إِلَى الدِّينِ، وَمَنْبَهَةٌ لِلرَّجُلِ، وَمُؤْنِسٌ فِي الْوَحْشَةِ، وَصَاحِبٌ فِي الْغُرْبَةِ، وَوَصْلَةٌ إِلَى الْمَجَالِسِ، وَجَالِبٌ لِلْمَالِ، وَذَرِيعَةٌ فِي طَلَبِ الْحَاجَةِ"

328 -

وَقَالَ ابْنُ الْمُقَفَّعِ: " اطْلُبُوا الْعِلْمَ فَإِنْ كُنْتُمْ مُلُوكًا بَرَزْتُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ سُوقَةً عِشْتُمْ،

⦗ص: 265⦘

329 -

وَقَالَ أَيْضًا: إِذَا أَكْرَمَكَ النَّاسُ لِمَالٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَلَا يُعْجِبْكَ ذَلِكَ، فَإِنَّ زَوَالَ الْكَرَامَةِ بِزَوَالِهِمَا، وَلَكِنْ لِيُعْجِبْكَ إِذَا أَكْرَمُوكَ لَعِلْمٍ أَوْ دِينٍ

330 -

وَيُقَالُ: ثَلَاثَةٌ لَا بُدَّ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَسُودَ الْفِقْهُ وَالْأَمَانَةُ وَالْأَدَبُ"

331 -

وَقِيلَ لِلُقْمَانِ الْحَكِيمِ: " أَيُّ النَّاسِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: مُؤْمِنٌ عَالِمٌ إِنِ ابْتُغِيَ عِنْدَهُ الْخَيْرُ وُجِدَ"

332 -

وَقَالَ الْحَجَّاجُ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: " مَنْ سَيِّدُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ؟ فَقَالَ لَهُ: الْحَسَنُ، فَقَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ وَهُوَ مَوْلًى؟ فَقَالَ: احْتَاجَ النَّاسُ إِلَيْهِ فِي دِينِهِمْ وَاسْتَغْنَى عَنْهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَّا يَرُومُ الْوُصُولَ فِي حَلْقَتِهِ لِيَسْتَمِعَ قَوْلَهُ وَيَكْتُبَ عِلْمَهُ" فَقَالَ الْحَجَّاجُ: هَذَا وَاللَّهِ السُّؤْدَدُ «

⦗ص: 266⦘

333 -

وَرُوِّينَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ» حَجَّ فِي بَعْضِ حَجَّاتِهِ، فَابْتَنَى بِالْأَبْطَحِ مَجْلِسًا، فَجَلَسَ عَلَيْهِ وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ ابْنَةُ قَرَظَةَ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلٍ، فَإِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ عَلَى رِحَالٍ لَهُمْ وَإِذَا شَابٌّ قَدْ رَفَعَ عَقِيرَتَهُ يُغَنِّي:

[البحر الرمل]

وَأَنَا الْأَخْضَرُ مَنْ يَعْرِفُنِي

أَخْضَرُ الْجِلْدَةِ مِنْ بَيْتِ الْعَرَبِ

مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا

يَمْلَأُ الدَّلْوَ إِلَى عَقْدِ الْكَرَبِ

. فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: فُلَانُ ابْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: خَلُّوا لَهُ الطَّرِيقَ، فَلْيَذْهَبْ، ثُمَّ إِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ فِيهِمْ غُلَامٌ يُغَنِّي:

[البحر الرمل]

بَيْنَمَا يَذْكُرْنَنِي أَبَصَرْنَنِي

عِنْدَ قَيْدِ الْمِيلِ يَسْعَى بِيَ الْأَغَرْ

قُلْنَ تَعْرِفْنَ الْفَتَى؟ قُلْنَ نَعَمْ

قَدْ عَرَفْنَاهُ وَهَلْ يَخْفَى الْقَمَرْ

. قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ قَالُوا: خَلُّوا لَهُ الطَّرِيقَ، فَلْيَذْهَبْ، ثُمَّ إِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ حَوْلَ رَجُلٍ يَسْأَلُونَهُ، فَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: رَمَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَحْلِقَ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ، يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَشْيَاءَ أُشْكِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَالْتَفَتَ إِلَى زَوْجَتِهِ ابْنَةِ قَرَظَةَ، فَقَالَ: هَذَا وَأَبِيكِ الشَّرَفُ وَهَذَا وَاللَّهِ شَرَفُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ

ص: 264

334 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا أَبُو الْفَتْحِ نَصْرُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْبُخَارِيُّ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فِي قَوْلِهِ عز وجل {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} [الأحقاف: 4] قَالَ: «الرِّوَايَةُ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام»

ص: 267