الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
893 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، نا سُحْنُونُ، نا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مُسْلِمٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه، قَالَ:«تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَعَلِّمُوهُ النَّاسَ، وَتَعَلَّمُوا لَهُ الْوَقَارَ وَالسَّكِينَةَ ، وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَعَلَّمْتُمْ مِنْهُ وَلِمَنْ عَلَّمْتُمُوهُ، وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ، فَلَا يُقَوَّمُ جَهْلُكُمْ بِعِلْمِكُمْ»
894 -
حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُسْلِمٍ يَقُولُ: كَانَ سُفْيَانُ، عَلَى الْمَرْوَةِ فَنَظَرَ إِلَى أَصْحَابِ الْحَدِيثِ يَعْدُونَ حِينَ رَأَوْهُ كَأَنَّهُمْ مَجَانِينُ فَقَالَ:«مَثَلُهُمْ مَثَلُ أَصْحَابِ الْحَمَامِ لَهُمْ لَذَّةٌ فِي شَيْءٍ لَوْ أَرَادُوا اللَّهَ بِهِ لَقَارَبُوا الْخُطَا»
895 -
وَكَانَ يُقَالُ: " أَرْبَعَةٌ لَا يَأْنَفُ مِنْهُنَّ الشَّرِيفُ: قِيَامُهُ مِنْ مَجْلِسِهِ لِأَبِيهِ، وَخِدْمَتُهُ لِضَيْفِهِ، وَقِيَامُهُ عَلَى فَرَسِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ عَبِيدٌ وَخِدْمَتُهُ الْعَالِمَ لِيَأْخُذَ مِنْ عِلْمِهِ "
⦗ص: 543⦘
896 -
وَيُقَالُ: «ارْحَمُوا عَالِمًا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ جَاهِلٍ»
897 -
وَيُرْوَى أَنَّ بَعْضَ الْأَكَاسِرَةِ كَانَ إِذَا سَخَطَ عَلَى عَالِمٍ سِجْنَهُ مَعَ جَاهِلٍ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ "
898 -
وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يَسْتَخِفُّ بِحَقِّهِمْ إِلَّا مُنَافِقٌ، ذُو الشَّيْبَةِ فِي الْإِسْلَامِ ، وَالْإِمَامُ الْمُقْسِطُ ، وَمُعَلِّمُ الْخَيْرِ»
899 -
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ، سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ:
⦗ص: 544⦘
900 -
وَرَوَى زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ عُبَيْدٍ أَبُو قُدَامَةَ الْإِيَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، «مَنْ يَزْدَدْ عِلْمًا يَزْدَدْ وَجَعًا»
901 -
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رحمه الله: «لَوْ لَمْ أَعْلَمْ كَانَ أَقَلَّ لِحُزْنِي»
902 -
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَنْصُورِ الْفَقِيهِ رحمه الله:
[البحر الكامل]
عَيْشُ الْفَقِيهِ بِعِلْمِهِ مُتَنَغِّصٌ
…
وَكَذَا الطَّبِيبُ وَعَابِرُ الرُّؤْيَا
أَمَّا الْفَقِيهُ فَخَشْيَةٌ مِنْ رَبِّهِ
…
وَالْآخَرَانِ فَخَشْيَةُ الدُّنْيَا
وَكَذَا الْمُنَجِّمُ عَيْشُهُ مِنْ عَيْشِهِمْ
…
فِيمَا يَقُولُ ذَوُو النُّهَى أَشْقَى
الشَّكُّ أَوَّلُ حَاصِلٍ فِي كَفِّهِ
…
وَالْبُعْدُ مِنْ زُهْدٍ وَمِنْ تَقْوَى
يَخْشَى وَيَرْجُو أَنْجُمًا وَمُدِيرُهَا
…
أَحْرَى بِأَنْ يُخْشَى وَأَنْ يُرْجَى
903 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى، نا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، نا سُحْنُونُ، نا ابْنُ وَهْبٍ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، وَمَنْ يَتَحَرَّ الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَوَقَّ الشَّرَّ يُوقَهُ ، ثَلَاثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ لَمْ يَسْكُنِ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى لَا أَقُولُ الْجَنَّةَ ، مَنْ تَكَهَّنَ أَوِ اسْتَسْقَمَ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ لِطِيَرَةٍ» وَمِنْ قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ: «إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ»
904 -
أَخَذَ - وَاللُّهُ أَعْلَمُ - سَابِقٌ قَوْلَهُ فَقَالَ:
[البحر الرجز]
قَدْ قِيلَ فِي الزَّمَانِ الْأَقْدَمِ
…
إِنِّي رَأَيْتُ الْعِلْمَ بِالتَّعَلُّمِ
905 -
906 -
وَرَوَى صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ، وَالْأَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «إِنَّ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ قُوَّةً فِي الدِّينِ وَحَزْمًا فِي لِينٍ وَإِيمَانًا فِي يَقِينٍ وَحِرْصًا
⦗ص: 546⦘
عَلَى عِلْمٍ وَشَفَقَةً فِي تَفَقُّهٍ وَقَصْدًا فِي عِبَادَةٍ وَرَحْمَةً لِلْمَجْهُودِ وَإِعْطَاءً لِلسَّائِلِ لَا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ وَلَا يَأْثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ ، فِي الزَّلَازِلِ وَقُورٌ وَفِي الرَّخَاءِ شَكُورٌ قَانِعٌ بِالَّذِي لَهُ، يَنْطِقُ لِيُفْهِمَ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ، وَيُقِرُّ بِالْحَقِّ قَبْلَ أَنْ يُشْهَدُ عَلَيْهِ»
907 -
وَعَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهم، فَقَالَ:«يَا أَبَا حَمْزَةَ أَلَا أَقُولُ لَكَ صِفَةَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ؟» قُلْتُ: بَلَى جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ ، فَقَالَ:«إِنَّ الْمُؤْمِنَ مَنْ خَلَطَ عِلْمَهُ بِحِلْمِهِ، يَسْأَلُ لِيَعْلَمَ، وَيَصْمُتُ لِيَسْلَمَ، لَا يُحَدِّثُ بِالسِّرِّ وَالْأَمَانَةِ الْأَصْدِقَاءَ، وَلَا يَكْتُمُ الشَّهَادَةَ الْبُعَدَاءَ، وَلَا يَحِيفُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا مِنَ الْحَقِّ رِيَاءً ، وَلَا يَدَعُهُ حَيَاءً ، فَإِنْ ذُكِرَ بِخَيْرٍ خَافَ مَا يَقُولُونَ ، وَاسْتَغْفَرَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ ، وَإِنَّ الْمُنَافِقَ يُنْهَى لَا يَنْتَهِي، وَيُؤْمَرُ وَلَا يَأْتَمِرُ ، إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اعْتَرَضَ ، وَإِذَا رَكَعَ رَبَضَ وَإِذَا سَجَدَ نَقَرَ يُمْسِي وَهِمَّتُهُ الْعَشَاءُ ، وَلَمْ يَصُمْ، وَيَصْحُ وَهِمَّتُهُ النَّوْمُ وَلَمْ يَسْهَرْ»
فَصْلٌ فِي فَضْلِ الصَّمْتِ وَحَمْدِهِ
908 -
ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَمَتَ نَجَا»
⦗ص: 548⦘
909 -
وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ» وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْمَعْنَى مُجَرَّدًا فِي التَّمْهِيدِ
910 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ: " إِنَّ مِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الِاسْتِمَاعِ، قَالَ: وَفِي الِاسْتِمَاعِ سَلَامَةٌ وَزِيَادَةٌ فِي الْعِلْمِ، وَالْمُسْتَمِعُ شَرِيكُ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي الْكَلَامِ تَوَهُّقٌ وَتُزَيُّنٌ وَزِيَادَةٌ وَنُقْصَانُ، قَالَ: وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْكَلَامِ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَزْدَرِي الْمَسَاكِينَ وَلَا يَرَاهُمْ لِذَلِكَ مَوْضِعًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْزِنُ عَلِمَهُ وَيَرَى أَنَّ تَعْلِيمَهُ ضِعَةٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحِبُّ أَلَّا يُوجَدَ الْعِلْمُ إِلَّا عِنْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُ فِي عِلْمِهِ مَأْخَذَ السُّلْطَانِ حَتَّى يَغْضَبَ أَنْ يُرَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ شَيْءٌ أَوْ يُغْفَلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ حَقِّهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلْفُتْيَا فَلَعَلَّهُ يُؤْتَى بِأَمْرٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ فَيَسْتَحِي أَنْ يَقُولَ: لَا عِلْمَ لِي فَيَرْجُمُ فَيُكْتَبُ مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي كُلَّ مَا سَمِعَ حَتَّى يَرْوِيَ
⦗ص: 549⦘
كَلَامَ الْيَهُودِ، وَالنَّصَارَى إِرَادَةَ أَنْ يُعَزِّرَ كَلَامَهُ " قَالَ أَبُو عُمَرَ:
911 -
رُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ هَذَا كُلِّهِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ وُجُوهٍ مُنْقَطِعَةٍ يَذُمُّ فِيهَا كُلَّ مَنْ كَانَ فِي هَذِهِ الطَّبَقَاتِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَيُوعِدُهُمْ عَلَى ذَلِكَ بِالنَّارِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ
912 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، نا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ يَقُولُ: «إِنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَيَنْتَظِرُ الْفِتْنَةَ وَإِنَّ الْمُنْصِتَ لَيَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ»
913 -
وَقَالُوا: فَضْلُ الْعَقْلِ عَلَى الْمَنْطِقِ حِكْمَةٌ. وَفَضْلُ الْمَنْطِقِ عَلَى الْعَقْلِ هُجْنَةٌ.
⦗ص: 550⦘
914 -
وَقَالُوا: لَا يَجْتَرِئُ عَلَى الْكَلَامِ إِلَّا فَائِقٌ أَوْ مَائِقٌ "
915 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمٌ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ: " تَعَلَّمِ الصَّمْتَ كَمَا تَتَعَلَّمُ الْكَلَامَ فَإِنْ يَكُنِ الْكَلَامُ يَهْدِيكَ فَإِنَّ الصَّمْتَ يَقِيكَ، وَلَكَ فِي الصَّمْتِ خَصْلَتَانِ: تَأْخُذُ بِهِ عِلْمَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ وَتَدْفَعُ بِهِ عَنْكَ مَنْ هُوَ أَجْدَلُ مِنْكَ، قَالَ الْحَوْطِيُّ، كَانَ أَبُو الذَّيَّالِ يَتَكَلَّمُ بِالْحِكْمَةِ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ غَيْرَ هَذَا فِي الصَّمْتِ"
916 -
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَثِيرًا مَا يَتَمَثَّلُ بِهَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
[البحر الطويل]
يُرَى مُسْتَكِينًا وَهْوَ لِلَّهْوِ مَاقِتٌ
…
بِهِ عَنْ حَدِيثِ الْقَوْمِ مَا هُوَ شَاغِلُهْ
وَأَزْعَجَهُ عِلْمٌ عَنِ اللَّهْوِ كُلِّهِ
…
وَمَا عَالِمٌ شَيْئًا كَمَنْ هُوَ جَاهِلُهْ
عَبُوسٌ عَنِ الْجُهَّالِ حَتَّى يَرَاهُمُ
…
فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُمْ خُدَيْنٌ يُهَازِلُهْ
يَذْكُرُ مَا يَبْقَى مِنَ الْعَيْشِ آجِلًا
…
فَيَشْغَلُهُ عَنْ عَاجِلِ الْعَيْشِ آجِلُهْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: " قَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ النَّظْمِ فِي فَضْلِ الصَّمْتِ ، وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا يُنْسَبُ إِلَى
917 -
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاهِرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ:
[البحر الكامل]
أَقْلِلْ كَلَامَكَ وَاسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهِ
…
إِنَّ الْبَلَاءَ بِبَعْضِهِ مَقْرُونُ
⦗ص: 551⦘
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ وَاحْتَفِظْ مِنْ عِيِّهِ
…
حَتَّى يَكُونَ كَأَنَّهُ مَسْجُونُ
وَكِّلْ فُؤَادَكَ بِاللِّسَانِ وَقُلْ لَهُ:
…
إِنَّ الْكَلَامَ عَلَيْكُمَا مَوْزُونُ
فَزِنَاهُ وَلْيَكُ مُحْكَمًا فِي قِلَّةٍ
…
إِنَّ الْبَلَاغَةَ فِي الْقَلِيلِ تَكُونُ
وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الشَّعْرَ لِصَالِحِ بْنِ جَنَاحٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَذْهَبِ صَالِحٍ وَطَبْعِهِ.
918 -
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْخُبْزَأَرْزِيِّ:
[البحر الطويل]
لِسَانُ الْفَتَى حَتْفُ الْفَتَى حِينَ يَجْهَلُ
…
وَكُلُّ امْرِئٍ مَا بَيْنَ فَكَّيْهِ مَقْتَلُ
إِذَا مَا لِسَانُ الْمَرْءِ أَكْثَرَ هَذْرَهُ
…
فَذَاكَ لِسَانٌ بِالْبَلَاءِ مُوَكَّلُ
وَكَمْ فَاتِحٍ أَبْوَابَ شَرٍّ لِنَفْسِهِ
…
إِذَا لَمْ يَكُنْ قُفْلٌ عَلَى فَمِهِ مُقْفَلُ
وَمَنْ أَمِنَ الْآفَاتِ عَجَبًا بِرَأْيِهِ
…
أَحَاطَتْ بِهِ الْآفَاتُ مِنْ حَيْثُ يَجْهَلُ
أُعَلِّمُكُمْ مَا عَلَّمَتْنِي تَجَارِبِي
…
وَقَدْ قَالَ قَبْلِي قَائِلٌ مُتَمَثِّلُ
إِذَا قُلْتَ قَوْلًا كُنْتَ رَهْنَ جَوَابِهِ
…
فَحَاذِرْ جَوَابَ السُّوءِ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
إِذَا شِئْتَ أَنْ تَحْيَا سَعِيدًا مُسْلِمًا
…
فَدَبِّرْ وَمَيِّزْ مَا تَقُولُ وَتَفْعَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ: الْكَلَامُ بِالْخَيْرِ أَفْضَلُ مِنَ السُّكُوتِ؛ لِأَنَّ أَرْفَعَ مَا فِي السُّكُوتِ السَّلَامَةُ، وَالْكَلَامُ بِالْخَيْرِ غَنِيمَةٌ ، وَقَدْ قَالُوا: مَنْ تَكَلَّمَ بِالْخَيْرِ غَنِمَ وَمَنْ سَكَتَ سَلِمَ، وَالْكَلَامُ فِي الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَهُوَ يَجْرِي عِنْدَهُمْ مَجْرَى الذِّكْرِ وَالتِّلَاوَةِ إِذَا أُرِيدَ بِهِ نَفْيُ الْجَهْلِ وَوَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوُقُوفُ عَلَى حَقِيقَةِ الْمَعَانِي
919 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، نا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا هِشَامٌ، نا قَتَادَةُ قَالَ:" مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ: طُوبَى لِعَالِمٍ نَاطِقٍ أَوْ لِبَاغٍ مُسْتَمِعٍ "
920 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمُ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الذَّيَّالِ يَقُولُ: «تَعَلَّمِ الصَّمْتَ»
921 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: «الصَّمْتُ حِكَمٌ وَقَلِيلٌ فَاعِلُهُ»
⦗ص: 553⦘
922 -
قَالَ أَبُو الْعَتَاهِيَةِ:
[البحر الطويل]
وَفِي الصَّمْتِ الْمُبَلِّغِ عَنْكَ حِكَمٌ
…
كَمَا أَنَّ الْكَلَامَ يَكُونُ حِكَمَا
إِذَا لَمْ تَحْتَرِسْ مِنْ كُلِّ طَيْشٍ
…
أَسَأْتَ إِجَابَةً وَأَسَأْتَ فَهْمَا
أَشَدُّ النَّاسِ لِلْعِلْمِ ادِّعَاءً
…
أَقَلُّهُمُ لِمَا هُوَ فِيهِ عِلْمَا
أَرَى الْإِنْسَانَ مَنْقُوصًا ضَعِيفًا
…
وَمَا آلُو لَعِلْمِ الْغَيْبِ رَجْمَا
923 -
وَلِأَبِي الْعَتَاهِيَةِ أَيْضًا:
[البحر الرجز]
مَنْ لَزِمَ الصَّمْتِ نَجَا
…
مَنْ قَالَ بِالْخَيْرِ غَنِمْ
مِنْ صَدَقَ اللَّهَ عَلَا
…
مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ عَلِمْ
مَنْ ظَلَمَ النَّاسَ أَسَا
…
مَنْ رَحِمَ النَّاسَ رُحِمْ
مَنْ طَلَبَ الْفَضْلَ إِلَى
…
غَيْرِ ذِي الْفَضْلِ جُرِمْ
مَنْ حَفِظَ الْعَهْدَ وَفَى
…
مَنْ أَحْسَنَ السَّمْعَ فَهِمْ