المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جامع في آداب العالم والمتعلم - جامع بيان العلم وفضله - جـ ١

[ابن عبد البر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، كُلَّهَا مَعْلُولَةٌ ، لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ

- ‌تَفْرِيعُ أَبْوَابِ فَضْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ مَعَادِنُ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

- ‌بَابُ تَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ»

- ‌تَفْضِيلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الشُّهَدَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُسْتَمِعِ الْعِلْمِ وَحَافِظِهِ وَمُبَلِّغِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا»

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ وَتَخْلِيدِهِ فِي الصُّحُفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرُّخْصَةِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌بَابٌ: فِي مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ فِي الْحَدِيثِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّعَلُّمِ فِي الصِّغَرِ وَالْحَضِّ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هَا هُنَا

- ‌بَابُ الْحَضِّ عَلَى اسْتِدَامَةِ الطَّلَبِ وَالصَّبْرِ فَيهِ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالنَّصَبِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي الْحَالِ الَّتِي يُسْأَلُ بِهَا الْعِلْمُ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الرُّتْبَةِ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ مِنْ وَصِيَّةِ ابْنِهِ وَحَضِّهِ إِيَّاهُ عَلَى مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ

- ‌بَابُ آفَةِ الْعِلْمِ وَغَائِلَتِهِ وَإِضَاعَتِهِ وَكَرَاهِيَةِ وَضْعِهِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ

- ‌بَابُ هَيْبَةِ الْمُتَعَلِّمِ لِلْعَالِمِ

- ‌بَابٌ فِي ابْتِدَاءِ الْعَالِمِ جُلَسَاءَهُ بِالْفَائِدَةِ وَقَوْلِهِ: سَلُونِي وَحِرْصِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مَا عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَنَازِلِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ طَرْحِ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ

- ‌بَابُ فَتْوَى الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ بِإِذْنِهِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آدَابِ الْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَبْضِ الْعِلْمِ وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ حَالِ الْعِلْمِ إِذْ كَانَ عِنْدَ الْفُسَّاقِ وَالْأَرْذَالِ

- ‌بَابُ: اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَسُؤَالِهِ الْعِلْمَ النَّافِعَ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْعَالِمِ عَلَى مُدَاخَلَةِ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْفَاجِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمِّ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلْمُبَاهَاةِ وَالدُّنْيَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُسَاءَلَةِ اللَّهِ عز وجل الْعُلَمَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا عَمِلُوا فِيمَا عَلِمُوا

- ‌بَابُ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي كَسْبِ طَالِبِ الْعِلْمِ الْمَالَ وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌بَابُ الْخَبَرِ عَنِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَقُودُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ

- ‌بَابُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْعِلْمِ وَحَقِيقَتِهِ وَمَا الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مُطْلَقًا

الفصل: ‌باب جامع في آداب العالم والمتعلم

‌بَابٌ جَامِعٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

ص: 501

803 -

حَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الرَّازِيُّ، نا أَزْهَرُ بْنُ زُفَرَ بْنِ صَدَقَةَ، ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ بَشِيرٍ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَتَعَلَّمُوا لَهُ السَّكِينَةَ وَالْوَقَارَ وَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ وَلِمَنْ تُعَلِّمُونَهُ وَلَا تَكُونُوا جَبَابِرَةَ الْعُلَمَاءِ»

ص: 501

804 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالُوا: نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَزْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِبْرَاهِيمَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ، نا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ الْبَغْدَادِيُّ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: أنا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا ثَلَاثًا»

ص: 503

805 -

وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا أَبُو عَلِيِّ بْنُ السَّكَنِ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الدَّاوُودِيُّ بِطَبَرِيَةَ نا حُسَيْنُ بْنُ مُبَارَكٍ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنِي ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ شَيْئًا أَقَلَّ مِنَ الْيَقِينِ، وَلَا قَسَمَ بَيْنَ النَّاسِ شَيْئًا أَقَلَّ مِنَ الْحِلْمِ،

⦗ص: 505⦘

وَمَا أُووِيَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ إِلَى عِلْمٍ»

ص: 504

806 -

وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْقَاسِمِ، نا 12946 L ابْنُ الْمُفَسِّرِ، نا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، نا أَبُو خَيْثَمَةَ، نا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«مَا أُووِيَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ إِلَى عِلْمٍ»

ص: 505

807 -

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا سَعِيدُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَسْلَمُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، نا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ:«لَمْ يُؤْوَ شَيْءٌ إِلَى شَيْءٍ أَزْيَنَ مِنْ حِلْمٍ إِلَى عِلْمٍ»

ص: 505

808 -

وَقَالَ بَقِيَّةُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رحمه الله، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ:" مَا شَيْءٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ عَالِمٍ حَلِيمٍ، إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِعِلْمٍ وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ بِحِلْمٍ يَقُولُ الشَّيْطَانُ: انْظُرُوا إِلَيْهِ كَلَامُهُ أَشَدُّ عَلَيَّ مِنْ سُكُوتِهِ "

ص: 506

809 -

وَذَكَرَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ:، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ: يُقَالُ: «مَا أَحْسَنَ الْإِسْلَامَ وَيَزِينُهُ الْإِيمَانُ، وَمَا أَحْسَنَ الْإِيمَانَ وَيَزِينُهُ التَّقْوَى، وَمَا أَحْسَنَ التَّقْوَى وَيَزِينُهَا الْعِلْمُ، وَمَا أَحْسَنَ الْعِلْمُ وَيزِينُهُ الْحِلْمُ، وَمَا أَحْسَنَ الْحِلْمَ وَيزِينُهُ الرِّفْقُ»

⦗ص: 507⦘

810 -

وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى:

[البحر المنسرح]

الْعِلْمُ وَالْحِلْمُ حُلَّتَا كَرَمٍ

لِلْمَرْءِ إِذَا هُمَا اجْتَمَعَا

كَمْ مِنْ وَضِيعٍ سَمَا بِهِ الْعِلْمُ

وَالْحِلْمُ فَنَالَ السَّمُوَّ وَارْتَفَعَا

صِنْوَانِ لَا يَسْتَتِمُّ حُسْنُهُمَا

إِلَّا بِجَمْعٍ لِذَا وَذَاكَ مَعًا

كُلُّ رُفَيْعِ الْبِنَا أَضَاعَهُمَا

أَخْمَلَهُ مَا أَضَاعَ فَاتَّضَعَا

811 -

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه «ذَلَلْتُ طَالِبًا فَعَزَزْتُ مَطْلُوبًا»

812 -

وَكَانَ يَقُولُ: «لِقَاحُ الْمَعْرِفَةِ دِرَاسَةُ الْعِلْمِ»

ص: 506

813 -

وَذَكَرَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْأَسْوَدِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ، نا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَوْنٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ لِأَصْحَابِهِ:«كُونُوا يَنَابِيعَ الْعِلْمِ مَصَابِيحَ الْهُدَى أَحْلَاسَ الْبُيُوتِ سُرُجَ اللَّيْلِ جُدُدَ الْقُلُوبِ خُلْقَانَ الثِّيَابِ تُعْرَفُونَ فِي السَّمَاءِ وَتَخْفَوْنَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ»

ص: 507

814 -

قَالَ الْحُسَيْنُ، وَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:" كَانَ يُقَالُ: جَالِسِ الْكُبَرَاءَ وَخَالِلِ الْعُلَمَاءَ وَخَالِطِ الْحُكَمَاءَ " وَهَذَا لَفْظُ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ. وَلَفْظُ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ: «وَخَالِلِ الْحُكَمَاءَ وَخَالِطِ الْعُلَمَاءَ»

ص: 508

815 -

قَالَ: وَأنا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ، نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، «جَالِسُوا مَنْ تُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ رُؤْيَتُهُ وَمَنْ يَزِيدُ فِي عِلْمِكُمْ مَنْطِقُهُ، وَمَنْ يُرَغِّبُكُمْ فِي الْآخِرَةِ عَمَلُهُ»

ص: 508

816 -

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، نا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ

⦗ص: 509⦘

مُوسَى بْنِ نَصْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ حَمَّادٍ يَقُولُ: كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ لِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ: «تَعَلَّمُوا الْحِلْمَ قَبْلَ الْعِلْمِ»

ص: 508

817 -

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا ابْنُ أَبِي دُلَيْمٍ، نا ابْنُ وَضَّاحٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: «مَا تَعَلَّمْتُ مِنْ أَدَبِ مَالِكٍ أَفْضَلَ مِنْ عِلْمِهِ»

818 -

وَلَقَدْ أَحْسَنَ ابْنُ الْمُبَارَكِ رحمه الله حَيْثُ يَقُولُ:

[البحر الرمل]

أَيُّهَا الطَّالِبُ عِلْمًا

ائْتِ حَمَّادَ بْنَ زَيْدِ

فَاقْتَبِسْ حِلْمًا وَعِلْمًا

ثُمَّ قَيِّدْهُ بِقَيْدِ

ص: 509

819 -

وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: «الْحِكَايَاتُ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَمِجَالَسَتُهُمْ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْفِقْهِ؛ لِأَنَّهَا آدَابُ الْقَوْمِ

⦗ص: 510⦘

وَأَخْلَاقُهُمْ»

ص: 509

820 -

قَالَ مُحَمَّدٌ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ:«كُنَّا نَأْتِي مَسْرُوقًا فَنَتَعَلَّمُ مِنْ هَدْيِهِ وَدَلِّهِ»

ص: 510

821 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، ثنا قَاسِمٌ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ نا الْحَوْطِيُّ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ نَهِيكٍ الْخَوْلَانِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو الدَّرْدَاءِ، «مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ مَمْشَاهُ وَمُدْخَلُهُ وَمُخْرَجُهُ مَعَ أَهْلِ الْعِلْمِ»

ص: 510

822 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى، نا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ بَهْزَادَ، نا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ رحمه الله يَقُولُ: «مَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ عَظُمَتْ حُرْمَتَهُ، وَمَنْ طَلَبَ الْفِقْهَ نَبُلَ قَدْرُهُ، وَمَنْ عَرَفَ الْحَدِيثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ، وَمَنْ نَظَرَ فِي النَّحْوِ رَقَّ طَبْعُهُ، وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لَمْ يَصُنْهُ الْعِلْمُ»

823 -

وَقَالَ عُمَرُ مَوْلَى غُفْرَةَ: «لَا يَزَالُ الْعَالِمُ عَالِمًا مَا لَمْ يَجْسُرْ فِي الْأُمُورِ بِرَأْيِهِ وَمَا لَمْ يَسْتَحِي أَنْ يَمْشِيَ إِلَى مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ»

824 -

وَقَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ: «إِذَا أَرَدْتَ أَنْ يُكَذِّبَكَ الشَّيْخُ فَلَقِّنْهُ» ذَكَرَهُ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ عَنِ أَبِي الْأَسْوَدِ

825 -

وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: «إِذَا أَخْطَأَ بِحَضْرَتِكَ مَنْ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَأْنَفُ مِنَ إِرْشَادِكَ فَلَا تَرُدَّ عَلَيْهِ خَطَأَهُ؛ لِأَنَّكَ إِذَا نَبَّهْتَهُ عَلَى خَطَئِهِ أَسْرَعْتَ إِفَادَتَهُ وَاكْتَسَبْتَ عَدَاوَتَهُ»

ص: 511

826 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفٌ ، نا إِسْحَاقُ ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ ، نا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: «نَقْلُ الصَّخْرِ أَيْسَرُ مِنْ تَكْرِيرِ الْحَدِيثِ»

ص: 512

ص: 512

828 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمٌ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُولُ:«كُلُّ مَنْ سَمِعْتُ مِنْهُ حَدِيثًا فَأَنَا لَهُ عَبْدٌ»

ص: 512

829 -

وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَيِّدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ، نا أَبِي، نا قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَبُو عَاصِمٍ خُشَيْشُ بْنُ أَصْرَمَ، ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، ثنا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ:«كَانَ طَالِبُ الْعِلْمِ يُرَى ذَلِكَ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَتَخَشُّعِهِ»

ص: 513

830 -

وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا: نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التِّرْمِذِيُّ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ مُسْلِمٍ يَقُولُ: «الْحَدِيثُ مَعَ الرَّجُلِ وَالرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَإِذَا عَظُمَتِ الْحَلْقَةُ فَأَنْصِتْ»

ص: 513

831 -

قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَأَخْبَرَنَا رَبَاحُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهِ قَالَ:«إِنَّ لِلْعِلْمِ طُغْيَانًا كَطُغْيَانِ الْمَالِ»

ص: 514

832 -

وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: " صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةٍ ثُمَّ قُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَةٌ لِيَرْكَبَهَا فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَخَذَ بِرِكَابِهِ، فَقَالَ لَهُ زَيْدٌ: خَلِّ عَنْهُ يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «هَكَذَا يُفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ وَالْكُبَرَاءِ» وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَافَأَ ابْنَ عَبَّاسٍ عَلَى أَخَذِهِ بِرِكَابِهِ أَنْ قَبَّلَ يَدَهُ وَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم " وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يُنْكِرُهَا، وَالْجِنَازَةُ كَانَتْ جِنَازَةَ أُمِّ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ صَلَّى عَلَيْهَا زَيْدٌ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا وَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ يَوْمَئِذٍ

ص: 514

833 -

وَقَرَأْتُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى، أَنَّ عُمَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُمْ، ثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، ثنا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، ثنا حُمَيْدُ بْنُ أَبِي سُوَيْدٍ الْمَكِّيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلِّمُوا وَلَا تُعَنِّتُوا؛ فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ خَيْرٌ مِنَ الْمُعَنِّتِ» كَذَا قَالَ، وَغَيْرُهُ يَقُولُ:«تَعَلَّمُوا وَلَا تَعَنَّتُوا فَإِنَّ الْمُتَعَلِّمَ خَيْرٌ مِنَ الْمُعَنِّتِ»

ص: 515

834 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، نا مُسَدَّدٌ، نا حَمَّادٌ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«عَلِّمُوا وَيَسِّرُوا، وَلَا تُعَسِّرُوا» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ ، وَإِذَا غَضِبْتَ فَاسْكُتْ» وَرَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَقَالَ فِي آخِرِهِ «وَإِذَا غَضِبْتُمْ فَاسْكُتُوا» كَرَّرَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

ص: 516

835 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ يُونُسَ أُرَاهُ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ:«لَا تُمَارِ عَالِمًا وَلَا جَاهِلًا؛ فَإِنَّكَ إِذَا مَارَيْتَ عَالِمًا خَزَنَ عَنْكَ عِلْمَهُ، وَإِنْ مَارَيْتَ جَاهِلًا خَشُنَ صَدْرُكَ»

ص: 517

836 -

قَالَ أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ: وَنا يَحْيَى بْنُ يُوسُفَ الزِّمِّيُّ، ثنا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ:«لَا تُمَارِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ، فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ خَزَنَ عَنْكَ عِلْمَهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ مَا قُلْتَ شَيْئًا»

ص: 517

837 -

وَنا مُؤَمَّلُ بْنُ إِهَابٍ، نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: «

⦗ص: 518⦘

كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يُمَارِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَحُرِمَ بِذَلِكَ عِلْمًا كَثِيرًا»

ص: 517

838 -

قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ الرَّقِّيُّ، نا أَبُو الْمَلِيحِ، عَنْ مَيْمُونٍ قَالَ:«لَا تُمَارِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ مَارَيْتَهُ خَزَنَ عَنْكَ عِلْمَهَ وَلَمْ يُبَالِ مَا صَنَعْتَ»

ص: 518

839 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ، نا ابْنُ شَعْبَانَ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ، ح وَنا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ: نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ

⦗ص: 519⦘

قَالَا: نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: نا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ:«لَمْ أُخْرِجِ الَّذِي قَدِ اسْتَخْرَجْتُ مِنْ عَطَاءٍ إِلَّا بِرِفْقِي بِهِ»

ص: 518

840 -

وَثنا خَلَفٌ قَالَ: نا ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: نا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نَافِعٍ، نا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:«مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُوَقَّرَ الْعَالِمُ»

ص: 519

841 -

وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأُسْوَانِيُّ، نا أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ بْنِ سَلَمَةَ الْأَزْدِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَفْصٍ الطَّالْقَانِيُّ، ثنا صَالِحُ بْنُ مُحَمَّدٍ التِّرْمِذِيُّ، نا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ، عَنْ شَرِيكٍ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:«مِنْ حَقِّ الْعَالِمِ أَلَّا تُكْثِرَ عَلَيْهِ بِالسُّؤَالِ، وَلَا تُعْنِتَهُ بالْجَوَابِ وَأَنْ لَا تُلِحَّ عَلَيْهِ إِذَا كَسِلَ وَلَا تَأْخُذَ بِثَوْبِهِ إِذَا نَهَضَ، وَلَا تُفْشِيَنَّ لَهُ سِرًّا، وَلَا تَغْتَابَنَّ عِنْدَهُ أَحَدًا، وَلَا تَطْلُبَنَّ عَثْرَتَهُ، وَإِنْ زَلَّ قَبِلْتَ مَعْذِرَتَهُ، وَعَلَيْكَ أَنْ تُوَقِّرَهُ وَتُعَظِّمَهُ لِلَّهِ مَا دَامَ يَحْفَظُ أَمْرَ اللَّهِ، وَلَا تَجْلِسَنَّ أَمَامَهُ وَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ سَبَقْتَ الْقَوْمَ إِلَى خِدْمَتِهِ»

⦗ص: 520⦘

842 -

أَنْشَدَنِي يُوسُفُ بْنُ هَارُونَ لِنَفْسِهِ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ:

[البحر الكامل]

وَأُجِلُّهُ فِي كُلِّ عَيْنٍ عِلْمَهُ

فَيَرَى لَهُ الْإِجْلَالَ كُلُّ جَلِيلِ

وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ كَالْخُلَفَاءِ عِنْدَ

النَّاسِ فِي التَّعْظِيمِ وَالتَّبْجِيلِ

843 -

قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَرُوِّينَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ:«لَوْ رَفَقْتُ بِابْنِ عَبَّاسٍ لَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهُ عِلْمًا كَثِيرًا»

⦗ص: 521⦘

844 -

قَالَ الشَّعْبِيُّ: «كَانَ أَبُو سَلَمَةَ يُمَارِي ابْنَ عَبَّاسٍ؛ فَحُرِمَ بِذَلِكَ عِلْمًا كَثِيرًا»

845 -

وَقَالَ الْحُكَمَاءُ: إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَيَّ أَنْ تَقُولَ"

846 -

وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ لِابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ، إِذَا جَالَسْتَ الْعُلَمَاءَ فَكُنْ عَلَى أَنْ تَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْكَ عَلَى أَنْ تَقُولَ ، وَتَعَلَّمْ حُسْنَ الِاسْتِمَاعِ كَمَا تَتَعَلَّمُ حُسْنَ الصَّمْتِ ، وَلَا تَقْطَعْ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثًا وَإِنْ طَالَ حَتَّى يُمْسِكَ»

847 -

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: «جَالِسُوا الْعُلَمَاءَ؛ فَإِنَّكُمْ إِنْ أَحْسَنْتُمْ حَمَدُوكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ تَأَوَّلُوا لَكُمْ وَعَذَرُوكُمْ وَإِنْ أَخْطَأْتُمْ لَمْ يُعَنِّفُوكُمْ وَإِنْ جَهِلْتُمْ عَلَّمُوكُمْ وَإِنْ شَهِدُوا لَكُمْ نَفَعُوكُمْ»

ص: 519

فَصْلٌ

848 -

قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: " اجْعَلْ تَعْلِيمَكَ دِرَاسَةً لَكَ وَاجْعَلْ مُنَاظَرَةَ الْعَالِمِ تَنْبِيهًا لِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ وَأَكْثِرْ مِنَ الْعِلْمِ لِتَعْلَمَ وَأَقْلِلْ مِنْهُ لِتَحْفَظَ

849 -

وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَقِلُّوا مِنَ الْكُتُبِ لِتَحْفَظُوا وَأَكْثِرُوا مِنْهَا لِتَعْلَمُوا "

850 -

وَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ عَالِمًا فَاقْصِدْ لِفَنٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ أَدِيبًا فَخُذْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنَهُ

851 -

وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ حَافِظًا نَظَرَ فِي فَنٍّ وَاحِدٍ مِنَ الْعِلْمِ وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا أَخَذَ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِنَصِيبٍ

ص: 522

852 -

وَفِي مَا أَجَازَ لَنَا عِيسَى بْنُ سَعِيدٍ الْمُقْرِئُ، عَنِ ابْنِ مِقْسَمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ نَابِلٍ الزَّعْفَرَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا عُبَيْدٍ الْقَاسِمَ بْنَ سَلَّامٍ يَقُولُ: «مَا نَاظَرَنِي رَجُلٍ قَطُّ وَكَانَ مُفَنِّنًا فِي الْعُلُومِ إِلَّا غَلَبْتُهُ، وَلَا نَاظَرَنِي رَجُلٌ ذُو فَنٍّ وَاحِدٍ إِلَّا غَلَبَنِي فِي عِلْمِهِ ذَلِكَ»

853 -

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ بَرْمَكَ لِابْنِهِ: «يَا بُنَيَّ، خُذْ مِنْ كُلِّ عِلْمٍ بِحَظٍّ؛ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ جَهِلْتَ وَإِنْ جَهِلْتَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ عَادَيْتَهُ لَمَّا جَهِلْتَ، وَعَزِيزٌ عَلَيَّ أَنْ تَعَادِيَ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ»

854 -

وَأَنْشَدَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ:

[البحر البسيط]

فَلَا تَلُمْهُمْ عَلَى إِنْكَارِ مَا نَكَرُوا

فَإِنَّمَا خُلِقُوا أَعْدَاءَ مَا جَهِلُوا

ص: 523

855 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ أَحْمَدَ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نُعْمَانَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَرْوَانَ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَشِيرٍ الدِّمَشْقِيُّ ثِقَةٌ يُعْرَفُ بِابْنِ ذَكْوَانَ الْمُقْرِئِ، نا ضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، ثنا ابْنُ شَوْذَبٍ عَنْ مَطَرٍ الْوَرَّاقِ قَالَ:«مَثَلُ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عَالِمٍ وَاحِدٍ مَثَلُ الَّذِي لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ إِذَا حَاضَتْ بَقِيَ»

⦗ص: 524⦘

856 -

وَرُوِّينَا مِثْلَ قَوْلِ مَطَرٍ هَذَا عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ قَالَ: الَّذِي لَهُ فِي الْفِقْهِ مُعَلِّمٌ وَاحِدٌ كَالرَّجُلِ لَهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ"

857 -

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " ارْحَمُوا مِنَ النَّاسِ ثَلَاثَةً: عَزِيزَ قَوْمٍ ذَلَّ وَغَنِيَّ قَوْمٍ افْتَقَرَ وَعَالِمًا بَيْنَ جُهَّالٍ"

⦗ص: 526⦘

858 -

وَكَانَ يُقَالُ: " لَا يَكُونُ الرَّجُلُ عَالِمًا حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: لَا يَحْقِرُ مَنْ دُونَهُ فِي الْعِلْمِ وَلَا يَحْسُدُ مَنْ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ وَلَا يَأْخُذُ عَلَى عِلْمِهِ ثَمَنًا"

859 -

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ مِنْ أَخْلَاقِ الْمُؤْمِنِ التَّمَلُّقُ إِلَّا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ»

⦗ص: 529⦘

860 -

وَقَالَ بِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ «لَا يَمْنَعْكُمْ سُوءُ مَا تَعْلَمُونَ مِنَّا أَنْ تَقْبَلُوا أَحْسَنَ مَا تَسْمَعُونَ مِنَّا»

861 -

وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ

[البحر البسيط]

اعْمَلْ بِعِلْمِي وَإِنْ قَصَّرْتُ فِي عَمَلِي

يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلَا يُضْرُرْكَ تَقْصِيرِي

ص: 523

فَصْلٌ فِي الْإِنْصَافِ فِي الْعِلْمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِنْ بَرَكَةِ الْعِلْمِ وَآدَابِهِ الْإِنْصَافُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يُنْصِفْ لَمْ يَفْهَمْ وَلَمْ يَتَفَهَّمْ،

862 -

وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: لَيْسَ مَعِي مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي لَسْتُ أَعْلَمُ"

863 -

وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ

[البحر الوافر]

أَتَمُّ النَّاسِ أَعْرَفُهُمْ بِنَقْصِهْ

وَأَقْمَعُهُمْ لِشَهْوَتِهِ وَحِرْصِهْ

ص: 530

864 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ نا الْعَائِذِيُّ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ زَكَرِيَّا الْبَاذِنْجَانِيُّ، نا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ، نا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، نا عَمِّي، عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " لَا تَزِيدُوا فِي مُهُورِ النِّسَاءِ عَلَى أَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً، وَلَوْ كَانَتْ بِنْتَ ذِي الْعَصَبَةِ يَعْنِي يَزِيدَ بْنِ الْحُصَيْنِ الْحَارِثِيَّ، فَمَنْ زَادَ أَلْقَيْتُ زِيَادَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ صَفِّ النِّسَاءِ طَوِيلَةٌ فِيهَا فَطَسٌ فَقَالَتْ: مَا ذَلِكَ لَكَ، قَالَ: وَلِمَ؟ قَالَتْ: لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] فَقَالَ عُمَرُ: امْرَأَةٌ أَصَابَتْ وَرَجُلٌ أَخْطَأَ "

ص: 530

865 -

وَحَدَّثَنِي خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَشْتَهَ الْأَصْبَهَانِيُّ الْمُقْرِئُ، نا الْمُعَدِّلُ، نا مَحْمُودُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: نا أَبُو الشَّعْثَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رضي الله عنه عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَقَالَ فِيهَا ، فَقَالَ الرَّجُلُ: لَيْسَ كَذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنْ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: «أَصَبْتَ وَأَخْطَأْتُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ»

ص: 531

866 -

وَرَوَى يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ وَهْبٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: «مَا فِي زَمَانِنَا شَيْءٌ أَقَلُّ مِنَ الْإِنْصَافِ»

ص: 531

867 -

وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ أَبِي حُسَيْنٍ قَالَ: اخْتَلَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي الْحَائِضِ تَنْفِرُ فَقَالَ زَيْدٌ: «لَا تَنْفِرُ حَتَّى

⦗ص: 532⦘

يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ» ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " إِذَا طَافَتْ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَهَا أَنْ تَنْفِرَ وَلَا تُوَدِّعَ الْبَيْتَ فَرَدَّ عَلَيْهِ زَيْدٌ قَوْلَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِزَيْدٍ: سَلْ نِسَاءَكَ أُمَّ سُلَيْمٍ وَصَوَاحِبَاتِهَا، فَذَهَبَ زَيْدٌ فَسَأَلَهُنَّ ثُمَّ جَاءَ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: الْقَوْلُ مَا قُلْتَ "

ص: 531

868 -

وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ هُرْمُزَ، «مَا طَلَبْنَا هَذَا الْأَمْرَ حَقَّ طَلَبِهِ»

869 -

قَالَ مَالِكٌ: " وَأَدْرَكْتُ رِجَالًا يَقُولُونَ: «مَا طَلَبْنَاهُ إِلَّا لِأَنْفُسِنَا وَمَا طَلَبْنَاهُ لِنَتْحَمَّلَ أُمُورَ النَّاسِ»

ص: 532

870 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، نا أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ، نا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: " لَمَّا حَجَّ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ دَعَانِي فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَحَدَّثْتُهُ وَسَأَلَنِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَزَمْتُ أَنْ آمُرَ بِكُتُبِكَ هَذِهِ الَّتِي وَضَعْتَهَا - يَعْنِي الْمُوَطَّأَ - فَيُنْسَخُ نُسَخًا ثُمَّ أَبْعَثُ إِلَى كُلِّ مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا نُسْخَةً وَآمُرُهُمْ أَنْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا لَا يَتَعَدَّوْنَ إِلَى غَيْرِهِ ، وَيَدَعُونَ مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ الْمُحْدَثِ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَصْلَ الْعِلْمِ رِوَايَةَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعِلْمَهُمْ قَالَ: فَقُلْتُ: " يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ سَبَقَتْ إِلَيْهِمْ أَقَاوِيلُ وَسَمِعُوا أَحَادِيثَ وَرَوَوْا رِوَايَاتٍ وَأَخَذَ كُلُّ قَوْمٍ بِمَا سَبَقَ إِلَيْهِمْ

⦗ص: 533⦘

وَعَمِلُوا بِهِ وَدَانُوا بِهِ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرَهُمْ، وَإِنَّ رَدَّهُمْ عَمَّا اعْتَقَدُوهُ شَدِيدٌ، فَدَعِ النَّاسَ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ وَمَا اخْتَارَ كُلُّ أَهْلِ بَلَدٍ لِأَنْفُسِهِمْ، فَقَالَ: لَعَمْرِي لَوْ طَاوَعْتَنِي عَلَى ذَلِكَ لَأَمَرْتُ بِهِ وَهَذَا غَايَةٌ فِي الْإِنْصَافِ لِمَنْ فَهِمَ "

ص: 532

871 -

وَذَكَرَ الْحُسَيْنُ بْنُ سَعِيدٍ فِي كِتَابِهِ (الْمُغْرِبُ عَنِ الْمَغْرِبِ) ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْحَدَّادُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ سُحْنُونَ يَقُولُ: قَالَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْقَاسِمِ، لِمَالِكٍ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِالْبُيُوعِ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: «وَبِمَ ذَلِكَ؟» قَالَ: بِكَ، فقَالَ:«أَنَا لَا أَعْرِفُ الْبُيُوعَ فَكَيْفَ يَعْرِفُونَهَا بِي؟»

872 -

وَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ: «عَنَيْتُ بِجَمْعِ الْكُتُبِ فَمَا أَنَا مِنَ الْعُلَمَاءِ وَلَا مِنَ الْجُهَّالِ»

873 -

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ:

[البحر المتقارب]

إِذَا مَا تَحَدَّثْتُ فِي مَجْلِسِي

تَنَاهَى حَدِيثِي إِلَى مَا عَلِمْتُ

وَلَمْ أَعْدُ عِلْمِي إِلَى غَيْرِهِ

وَكَانَ إِذَا مَا تَنَاهَى سَكَتُّ

⦗ص: 534⦘

874 -

وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ:«مَا رَأَيْتُ مِثْلِي، مَا أَشَاءُ أَنْ أَرَى أَعْلَمَ مِنِّي إِلَّا وَحَدَّثْتُهُ»

875 -

وَقَالَ غَيْرُهُ: عَلِمْنَا أَشْيَاءَ وَجَهِلْنَا أَشْيَاءَ، فَلَا نُبْطِلُ مَا عَلِمْنَا بِمَا جَهِلْنَا،

876 -

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ: " سُئِلَ أَيُّوبُ عَنْ شَيْءٍ، فَقَالَ: لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ شَيْءٌ، فَقِيلَ لَهُ: فقُلْ فِيهِ برَأْيَكَ فَقَالَ: لَا يَبْلُغُهُ رَأْيِي"

ص: 533

877 -

أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَزْدِيُّ الْحَافِظُ الْمَوْصِلِيُّ، نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ذَاكَرْتُ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَسَنِ الْقَاضِي بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضٍ فَخَالَفَنِي فِيهِ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ النَّاسُ بِسِمَاطَيْنِ فَقَالَ لِي:«ذَلِكَ الْحَدِيثُ كَمَا قُلْتَ أَنْتَ، وَأَرْجِعُ أَنَا صَاغِرًا»

⦗ص: 535⦘

878 -

وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ: «أَيَّامِي أَرْبَعَةٌ، يَوْمٌ أَخْرُجُ فَأَلْقَى فِيهِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنِّي فَأَتَعَلَّمُ مِنْهُ فَذَاكَ يَوْمُ فَائِدَتِي وَغَنِيمَتِي، وَيَوْمٌ أَخْرُجُ فَأَلْقَى فِيهِ مَنْ أَنَا أَعْلَمُ مِنْهُ فَأُعَلَّمَهُ فَذَاكَ يَوْمُ أَجْرِي، وَيَوْمٌ أَخْرُجُ فَأَلْقَى فِيهِ مَنْ هُوَ مِثْلِي فَأُذَاكِرُهُ فَذَاكَ يَوْمُ دَرْسِي، وَيَوْمٌ أَخْرُجُ فِيهِ فَأَلْقَى مَنْ هُوَ دُونِي وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ فَوْقِي فَلَا أُكَلِّمُهُ وَأَجْعَلُهُ يَوْمَ رَاحَتِي»

879 -

وَكَانَ يُقَالُ «إِذَا عَلَّمْتَ عَاقِلًا عِلْمًا حَمِدَكَ ، وَإِنْ عَلَّمْتَ الْجَاهِلَ ذَمَّكَ وَمَقَتَكَ وَمَا يُعَلَّمُ مُسْتَحٍ وَلَا مُتَكَبِّرٌ قَطْ»

⦗ص: 536⦘

880 -

وَرُوِيَ أَنَّ بُزُرْجَمُهْرَ أَخَذَتِ امْرَأَةٌ بِلِجَامِهِ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ عِنْدِ كِسْرَى فَقَالَتْ: أَخْبِرْنِي عَمَّا يُحِيطُ النَّاسُ فِيهِ مِنْ مَعَايشِهِمْ عَلَى قَدْرِ كَيْسِهِمْ أَمْ بِتَقْدِيرٍ مِنْ خَالِقِهِمْ لَهُمْ، فَقَالَ لَهَا: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ قَدِ اخْتَلَفَ فِيهَا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا، قَالَتْ لَهُ: فَأَنْتَ عَلَى كَثْرَةِ مَا تَأْخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ تَعْيَا عَنِ الْجَوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَالَ لَهَا: أَنَا آخُذُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى قَدْرِ مَا أُحْسِنُ وَلَوْ أَخَذْتُ عَلَى قَدْرِ مَا لَا أُحْسِنُ أَنْفَذْتُهُ سَرِيعًا، فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: أَمَا إِنَّكَ إِذْا عَيِيتَ عَنْ جَوَابِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَحْسَنْتَ الْحِيلَةَ فِي تَعَاهُدِ الرِّزْقِ عَلَيْكَ،

881 -

وَقَالَ غَيْرُهُ مِنَ الْحُكَمَاءِ: «لَمْ أَطْلُبِ الْعِلْمَ لِأَبْلُغَ أَقْصَاهُ وَلَكِنْ لَأَعْلَمَ مَا لَا يَسَعُنِي جَهْلُهُ»

882 -

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر الطويل]

إِذَا مَا انْتَهَى عِلْمِي تَنَاهَيْتُ عِنْدَهُ

أَطَالَ فَأَمْلَى أَمْ تَنَاهَى فَأَقْصُرُ

وَيُخْبِرُنِي عَنْ غَائِبِ الْمَرْءِ فِعْلُهُ

كَذَا الْفِعْلُ عَمَّا غَيَّبَ الْمَرْءُ يُخْبِرُ

ص: 534

883 -

وَأَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ قَالَ: " لَمَّا رَحَلْتُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَنَزَلْتُ الْقَيْرُوَانَ فَأَخَذْتُ عَنْ بَكْرِ بْنِ حَمَّادٍ حَدِيثَ مُسَدَّدٍ ثُمَّ رَحَلْتُ إِلَى بَغْدَادَ وَلَقِيتُ النَّاسَ فَلَمَّا انْصَرَفْتُ عُدْتُ إِلَيْهِ لِتَمَامِ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ فِيهِ يَوْمًا حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَدِمَ عَلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ مُضَرَ مُجْتَابِي النِّمَارِ ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُجْتَابِي الثِّمَارِ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّمَا هُوَ مُجْتَابِي النِّمَارِ هَكَذَا قَرَأْتُ عَلَى كُلِّ مَنْ قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ بِالْأَنْدَلُسِ وَبِالْعِرَاقِ ، فَقَالَ لِي: بِدُخُولِكَ الْعِرَاقَ تُعَارِضُنَا وَتَفْخَرُ عَلَيْنَا أَوْ نَحْوَ هَذَا، ثُمَّ قَالَ: قُمْ بِنَا إِلَى ذَلِكَ الشَّيْخِ لِشَيْخٍ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ لَهُ بِمِثْلِ هَذَا عِلْمًا فَقُمْنَا إِلَيْهِ وَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُجْتَابِي النِّمَارِ كَمَا قُلْتَ وَهُمْ قَوْمٌ كَانُوا يَلْبَسُونَ الثِّيَابَ مُشَقَّقَةً جُيُوبُهُمْ أَمَامَهُمْ، وَالنِّمَارُ جَمْعُ نَمِرَةٍ فَقَالَ بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ وَأَخَذَ بِأَنْفِهِ:«رَغِمَ أَنْفِي لِلْحَقِّ رَغِمَ أَنْفِي لِلْحَقِّ، وَانْصَرَفَ»

ص: 537