المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جامع القول في العمل بالعلم - جامع بيان العلم وفضله - جـ ١

[ابن عبد البر]

فهرس الكتاب

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» قَالَ أَبُو عُمَرَ: هَذَا حَدِيثٌ يُرْوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ ، كُلَّهَا مَعْلُولَةٌ ، لَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ

- ‌تَفْرِيعُ أَبْوَابِ فَضْلِ الْعِلْمِ وَأَهْلِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْقَطِعُ عَمَلُ ابْنِ آدَمَ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ كَفَاعِلِهِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «النَّاسُ مَعَادِنُ»

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللَّهَ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»

- ‌بَابُ تَفْضِيلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ شَرِيكَانِ»

- ‌تَفْضِيلُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الشُّهَدَاءِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي ذَلِكَ وَمَا كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ

- ‌بَابُ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُسْتَمِعِ الْعِلْمِ وَحَافِظِهِ وَمُبَلِّغِهِ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَفِظَ عَلَى أُمَّتِي أَرْبَعِينَ حَدِيثًا»

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَرَاهِيَةِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ وَتَخْلِيدِهِ فِي الصُّحُفِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرُّخْصَةِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ

- ‌بَابٌ: فِي مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ الْأَمْرِ بِإِصْلَاحِ اللَّحْنِ وَالْخَطَأِ فِي الْحَدِيثِ وَتَتَبُّعِ أَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّعَلُّمِ فِي الصِّغَرِ وَالْحَضِّ عَلَيْهِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِنَا مِنْ حَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ وَحَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ هَا هُنَا

- ‌بَابُ الْحَضِّ عَلَى اسْتِدَامَةِ الطَّلَبِ وَالصَّبْرِ فَيهِ عَلَى اللَّأْوَاءِ وَالنَّصَبِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي الْحَالِ الَّتِي يُسْأَلُ بِهَا الْعِلْمُ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ الرُّتْبَةِ فِي أَخْذِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ ذِكْرِ مَا رُوِيَ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ مِنْ وَصِيَّةِ ابْنِهِ وَحَضِّهِ إِيَّاهُ عَلَى مُجَالَسَةِ الْعُلَمَاءِ وَالْحِرْصِ عَلَى الْعِلْمِ

- ‌بَابُ آفَةِ الْعِلْمِ وَغَائِلَتِهِ وَإِضَاعَتِهِ وَكَرَاهِيَةِ وَضْعِهِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلِهِ

- ‌بَابُ هَيْبَةِ الْمُتَعَلِّمِ لِلْعَالِمِ

- ‌بَابٌ فِي ابْتِدَاءِ الْعَالِمِ جُلَسَاءَهُ بِالْفَائِدَةِ وَقَوْلِهِ: سَلُونِي وَحِرْصِهِمْ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مَا عِنْدَهُمْ

- ‌بَابُ مَنَازِلِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ طَرْحِ الْعَالِمِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ

- ‌بَابُ فَتْوَى الصَّغِيرِ بَيْنَ يَدَيِ الْكَبِيرِ بِإِذْنِهِ

- ‌بَابٌ جَامِعٌ فِي آدَابِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ آدَابِ الْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَبْضِ الْعِلْمِ وَذَهَابِ الْعُلَمَاءِ

- ‌بَابُ حَالِ الْعِلْمِ إِذْ كَانَ عِنْدَ الْفُسَّاقِ وَالْأَرْذَالِ

- ‌بَابُ: اسْتِعَاذَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَسُؤَالِهِ الْعِلْمَ النَّافِعَ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْعَالِمِ عَلَى مُدَاخَلَةِ السُّلْطَانِ الظَّالِمِ

- ‌بَابُ ذَمِّ الْفَاجِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمِّ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلْمُبَاهَاةِ وَالدُّنْيَا

- ‌بَابُ مَا جَاءَ فِي مُسَاءَلَةِ اللَّهِ عز وجل الْعُلَمَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا عَمِلُوا فِيمَا عَلِمُوا

- ‌بَابُ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ

- ‌فَصْلٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ فِي كَسْبِ طَالِبِ الْعِلْمِ الْمَالَ وَمَا يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ

- ‌بَابُ الْخَبَرِ عَنِ الْعِلْمِ أَنَّهُ يَقُودُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كُلِّ حَالٍ

- ‌بَابُ مَعْرِفَةِ أُصُولِ الْعِلْمِ وَحَقِيقَتِهِ وَمَا الَّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ مُطْلَقًا

الفصل: ‌باب جامع القول في العمل بالعلم

‌بَابُ جَامِعِ الْقَوْلِ فِي الْعَمَلِ بِالْعِلْمِ

ص: 688

1211 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا عُبَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ شَرِيكٍ الْبَزَّارُ، نا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، نا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنِ الْمُطْعِمِ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ، وَعَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْكَلَاعِيُّ، عَنْ نُصَيْحٍ الْعَنْسِيُّ، عَنْ رَكْبٍ الْمِصْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِمَنْ تَوَاضَعَ فِي غَيْرِ مَنْقَصَةٍ، وَذَلَّ نَفْسَهُ فِي غَيْرِ مَسْكَنَةٍ، وَأَنْفَقَ مَالًا جَمَعَهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، وَخَالَطَ أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْحِكْمَةِ وَرَحِمَ أَهْلَ الذُّلِّ وَالْمَسْكَنَةِ، طُوبَى لِمَنْ طَابَ كَسْبُهُ وَصَلُحَتْ سَرِيرَتُهُ وَكَرُمَتْ عَلَانِيَتُهُ، وَعَزَلَ عَنِ النَّاسِ شَرَّهُ طُوبَى لِمَنْ عَمِلَ بِعِلْمِهِ وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ وَأَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ قَوْلِهِ»

ص: 688

1212 -

وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمٌ، نا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْكُدَيْمِيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ الْخُرَيْبِيُّ، نا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ، «وَيْلٌ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ مَرَّةً، وَوَيْلٌ لِمَنْ يَعْلَمُ وَلَا يَعْمَلُ سَبْعَ مَرَّاتٍ»

⦗ص: 690⦘

1213 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: «لَوْلَا الْعَقْلُ لَمْ يَكُنْ عِلْمٌ وَلَوْلَا الْعِلْمُ لَمْ يَكُنْ عَمَلٌ؛ وَلَأَنْ أَدَعَ الْحَقَّ جَهْلًا بِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ أَدَعَهُ زُهْدًا فِيهِ»

1214 -

وَقَالُوا: مَنْ حَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ الْعِلْمَ عَذَّبَهُ عَلَى الْجَهْلِ، وَأَشَدُّ فِيهِ عَذَابًا مَنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ الْعِلْمِ فَأَدْبَرَ عَنْهُ، وَمَنْ أَهْدَى اللَّهُ إِلَيْهِ عِلْمًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ"

1215 -

وَقَالُوا: قَالَتِ الْحِكْمَةُ: «ابْنَ آدَمَ إِنِ الْتَمَسْتَنِي وَجَدْتَنِي فِي حَرْفَيْنِ تَعْمَلُ بِخَيْرِ مَا تَعْلَمُ وَتَدَعُ شَرَّ مَا تَعْلَمُ»

1216 -

وَرَوَى ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ ظَبْيَانَ قَالَ: " قَالَ عِيسَى عليه السلام: «مَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلَّمَ دُعِيَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ عَظِيمًا»

1217 -

أَخَذَهُ بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ فَقَالَ:

[البحر الكامل]

وَإِذَا امْرُؤٌ عَمِلَتْ يَدَاهُ بِعِلْمِهِ

نُودِيَ عَظِيمًا فِي السَّمَاءِ مَسُودَا

وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ يَرْثِي بِهَا أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رحمه الله،

1218 -

وَيُقَالُ: إِنَّ فِيَ الْإِنْجِيلِ مَكْتُوبًا لَا تَطْلُبُوا عِلْمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا حَتَّى تَعْمَلُوا بِمَا عَلِمْتُمْ

⦗ص: 691⦘

1219 -

وَقَالَ عِيسَى عليه السلام لِلْحَوَارِيِّينَ: " يَحِقُّ أَنْ أَقُولَ لَكُمْ: إِنَّ قَائِلَ الْحِكْمَةِ وَسَامِعَهَا شَرِيكَانِ وَأَوْلَاهُمَا بِهَا مَنْ حَقَّقَهَا بِعَمَلِهِ، يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مَا يُغْنِي عَنِ الْأَعْمَى مَعَهُ نُورُ الشَّمْسِ وَهُوَ لَا يُبْصِرُهَا؟ وَمَا يُغْنِي عَنِ الْعَالِمِ كَثْرَةُ الْعِلْمِ وَهُوَ لَا يَعْمَلُ بِهِ؟

1220 -

وَقَالَ رَجُلٌ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رضي الله عنه: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] فَمَا بَالُنَا نَدْعُو فَلَا يُسْتَجَابُ لَنَا؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: مِنْ أَجْلِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: عَرَفْتُمُ اللَّهَ فَلَمْ تُؤَدُّوا حَقَّهُ ، وَقَرَأْتُمُ الْقُرْآنَ فَلَمْ تَعْمَلُوا بِمَا فِيهِ ، وَقُلْتُمْ نُحِبُّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وَتَرَكْتُمْ سُنَّتَهُ ، وَقُلْتُمْ نَلْعَنُ إِبْلِيسَ وَأَطَعْتُمُوهُ، وَالْخَامِسَةُ تَرَكْتُمْ عُيُوبَكُمْ وَأَخَذْتُمْ فِي عُيُوبِ النَّاسِ"

1221 -

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: " إِنَّى لَأَحْسَبُ الرَّجُلَ يَنْسَى الْعِلْمَ بِالْخَطِيئَةِ يَعْمَلُهَا ، وَأَنَّ الْعَالِمَ مَنْ يَخْشَى اللَّهَ ثُمَّ تَلَا {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] "

ص: 689

1222 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، نا سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ، وَسَعِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ قَالَا: نا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي كَرِيمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَيْتُكَ

⦗ص: 692⦘

لِتُعَلِّمَنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ، فَقَالَ لَهُ:«مَا صَنَعْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ؟» قَالَ: وَمَا رَأْسُ الْعِلْمِ؟ قَالَ: «هَلْ عَرَفْتَ الرَّبَّ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَمَا صَنَعْتَ فِي حَقِّهِ؟» قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ: «هَلْ عَرَفْتَ الْمَوْتَ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «فَمَا أَعْدَدْتَ لَهُ؟» قَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَ: «اذْهَبْ فَأَحْكِمْ مَا هُنَالِكَ ثُمَّ تَعَالَ نُعَلِّمْكَ مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ»

ص: 691

1225 -

وَرُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ عَبَّاسٍ الدُّورِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ، عَنْ خَارِجَهَ بْنِ مُصْعَبٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي مَعْنٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ، لِكَعْبٍ، " مَا يُذْهِبُ الْعِلْمَ مِنْ قُلُوبِ الْعُلَمَاءِ بَعْدَ أَنْ حَفِظُوهُ وَوَعَوْهُ؟ فَقَالَ: يُذْهِبُهُ الطَّمَعُ وَتَطَلُّبُ الْحَاجَاتِ إِلَى النَّاسِ "

1226 -

وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ وَاعْمَلُوا بِهِ وَلَا تَتَعَلَّمُوهُ لِتَتَجَمَّلُوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ يُوشِكُ إِنْ طَالَ بِكُمْ زَمَانٌ أَنْ يُتَجَمَّلَ بِالْعِلْمِ كَمَا يَتَجَمَّلُ الرَّجُلُ بِثَوْبِهِ»

ص: 693

1227 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ، وَسَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا: نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا التِّرْمِذِيُّ، نا نُعَيْمٌ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، «اعْلَمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا، فَلَنْ يَأْجُرَكُمُ اللَّهُ بِعِلْمِهِ حَتَّى تَعْمَلُوا»

ص: 693

1228 -

وَعَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَشَرَةٌ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: كُنَّا نَتَدَارَسُ الْعِلْمَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «تَعَلَّمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا فَلَنْ يَأْجُرَكُمُ اللَّهُ حَتَّى تَعْمَلُوا»

1229 -

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ قَوْلِ مُعَاذٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ،

⦗ص: 695⦘

عَنْ أَنَسٍ وَفِيهِ زِيَادَةٌ «إِنَّ الْعُلَمَاءَ هِمَّتُهُمُ الْوِعَايَةُ وَإِنَّ السُّفَهَاءَ هِمَّتُهُمُ الرَّاوِيَةُ»

ص: 694

1230 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمُ، نا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، نا كَامِلُ بْنُ طَلْحَةَ، نا عَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «تَعَلَّمُوا مَا شِئْتُمْ أَنْ تَعْلَمُوا؛ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَأْجُرُكُمْ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى تَعْمَلُوا بِهِ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ هِمَّتُهُمُ الْوِعَايَةُ وَإِنَّ السُّفَهَاءَ هِمَّتُهُمُ الرِّوَايَةُ» هَكَذَا حُدِّثْنَا بِهِ مَوْقُوفًا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ مَرْفُوعًا، وَعَبَّادُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ لَيْسَ مِمَّنْ يُحْتَجُّ بِهِ، بَلْ هُوَ مِمَّنْ لَا يُشْتَغَلُ بِحَدِيثِهِ لِأَنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِهِ وَتَضْعِيفِهِ

1231 -

وَرُوِّينَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رحمه الله قَالَ: " مَرَرَتُ بِحَجَرٍ فَقَلَبْتُهُ فَإِذَا عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ: أَنْتَ بِمَا تَعْلَمُ لَا تَعْمَلُ فَكَيْفَ تَطْلُبُ عِلْمَ مَا لَمْ تَعْلَمْ "

1232 -

وَقَالَ مَكْحُولٌ: " كَانَ رَجُلٌ يَسْأَلُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَقَالَ لَهُ كُلُّ مَا تَسْأَلُ عَنْهُ تَعْمَلُ بِهِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمَا تَصْنَعُ بِزِيَادَةِ حُجَّةِ اللَّهِ عَلَيْكَ "

ص: 695

1233 -

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، نا قَاسِمٌ، نا مُحَمَّدٌ، نا نُعَيْمٌ، نا ابْنُ الْمُبَارَكُ، أنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: «إنَّ النَّاسَ أَحْسَنُوا الْقَوْلَ كُلُّهُمْ، فَمَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَذَلِكَ الَّذِي أَصَابَ حَظَّهُ ، وَمَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ فَإِنَّمَا يُوَبِّخُ نَفْسَهُ»

ص: 696

1234 -

وَبِهِ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: أنا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْمُخْتَارِ، عَنِ الْحَسَنِ

⦗ص: 697⦘

قَالَ: «اعْتَبِرُوا النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ وَدَعُوا أَقْوَالَهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَدَعْ قَوْلًا إِلَّا جَعَلَ عَلَيْهِ دَلِيلًا مِنْ عَمَلٍ يُصَدِّقُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ، فَإِذَا سَمِعْتَ قَوْلًا حَسَنًا فَرُوَيْدًا بِصَاحِبِهِ فَإِنْ وَافَقَ قَوْلُهُ عَمَلَهُ فَنَعِمَ وَنَعِمَتْ عَيْنٌ»

1235 -

وَذَكَرَ مَالِكٌ، أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ:«أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يُعْجِبُهُمُ الْقَوْلُ، إِنَّمَا يُعْجِبُهُمُ الْعَمَلُ»

1236 -

وَقَالَ الْمَأْمُونُ، «نَحْنُ إِلَى أَنْ نُوعَظَ بِالْأَعْمَالِ أَحْوَجُ مِنَّا إِلَى أَنْ نُوعَظَ بِالْأَقْوَالِ»

1237 -

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «يَا حَمَلَةَ الْعِلْمِ، اعْمَلُوا بِهِ؛ فَإِنَّمَا الْعَالِمُ مَنْ عَلِمَ ثُمَّ عَمِلَ وَوَافَقَ عَمَلُهُ عِلْمَهُ، وَسَيَكُونُ أَقْوَامٌ يَحْمِلُونَ الْعِلْمَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ تُخَالِفُ سَرِيرَتُهُمْ عَلَانِيَتَهُمْ وَيُخَالِفُ عَمَلُهُمْ عِلْمَهُمْ، يَقْعُدُونَ حَلَقًا فَيُبَاهِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَغْضَبُ عَلَى جَلِيسِهِ أَنْ يَجْلِسَ إِلَى غَيْرِهِ وَيَدَعَهُ، أُولَئِكَ لَا تَصْعَدُ أَعْمَالُهُمْ فِي مَجَالِسِهِمْ تِلْكَ إِلَى اللَّهِ عز وجل»

⦗ص: 698⦘

1238 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «كُونُوا لِلْعِلْمِ وُعَاةً وَلَا تَكُونُوا لَهُ رُوَاةً؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَرْعَوِي وَلَا يَرْوِي وَيَرْوِي وَلَا يَرْعَوِي»

ص: 696

1239 -

وَذَكَرَ ابْنُ وَهَبٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ:«لَا تَكُونُ تَقِيًّا حَتَّى تَكُونَ عَالِمًا وَلَا تَكُونُ بِالْعِلْمِ جَمِيلًا حَتَّى تَكُونَ بِهِ عَامِلًا»

1240 -

قَالَ أَبُو عُمَرَ: مِنْ قَوْلِ أَبِي الدَّرْدَاءِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَخَذَ الْقَائِلُ قَوْلَهُ: «كَيْفَ هُوَ مُتَّقٍ وَلَا يَدْرِي مَا يَتَّقِي»

1241 -

وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: «الْعَالِمُ الَّذِي وَافَقَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ وَمَنْ خَالَفَ عِلْمُهُ عَمَلَهُ فَذَلِكَ رَاوِيَةُ أَحَادِيثَ سَمِعَ شَيْئًا فَقَالَهُ»

1242 -

وَيُرْوَى أَنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ رحمه الله كَانَ يُنْشِدُ مُتَمَثِّلًا وَهِيَ

⦗ص: 699⦘

لِسَابِقٍ الْبَرْبَرِيِّ فِي شِعْرٍ لَهُ مِطُوَّلٍ:

[البحر الطويل]

إِذَا الْعِلْمُ لَمْ تَعْمَلْ بِهِ كَانَ حُجَّةً

عَلَيْكَ وَلَمْ تُعْذَرْ بِمَا أَنْتَ جَاهِلُهْ

فَإِنْ كُنْتَ قَدْ أُوتِيتَ عِلْمًا فَإِنَّمَا

يُصَدِّقُ قَوْلُ الْمَرْءِ مَا هُوَ فَاعِلُهْ

1243 -

وَيُرْوَى أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَذَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ،

1244 -

وَأَنْشَدَ الرِّيَاشِيُّ رحمه الله:

[البحر الكامل]

مَا مَنْ رَوَى أَدَبًا فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ

وَيَكُفَّ عَنْ زَيْغِ الْهَوَى بِأَدِيبِ

حَتَّى يَكُونَ بِمَا تَعَلَّمَ عَامِلًا

مِنْ صَالِحٍ فَيَكُونُ غَيْرَ مَعِيبِ

وَلَقَلَّمَا تُجْدِي إِصَابَةُ عَالِمٍ

أَعْمَالُهُ أَعْمَالُ غَيْرِ مُصِيبِ

1245 -

وَقَالَ مَنْصُورٌ رحمه الله:

[البحر الكامل]

لَيْسَ الْأَدِيبُ أَخَا الرِّوَا

يَةِ لِلنَّوَادِرِ وَالْغَرِيبِ

وَلِشِعْرِ شَيْخِ الْمُحَدِّثِينَ

أَبِي نَوَّاسٍ أَوْ حَبِيبٍ

بَلْ ذُو التَّفَضُّلِ وَالْمُرُو

ءَةِ وَالْعَفَافِ هُوَ الْأَدِيبُ

ص: 698

1246 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ قَالَ: سَمِعْتُ أَخِي مُزَاحِمَ بْنَ زُفَرَ يَذْكُرُ عَنْ سُفْيَانَ

⦗ص: 700⦘

الثَّوْرِيِّ قَالَ: «مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَخْوَفَ عِنْدِي مِنَ الْحَدِيثِ» قَالَ مُزَاحِمٌ، أَوْ غَيْرُهُ:«وَلَوَدِدْتُ أَنِّي قَرَأْتُ الْقُرْآنَ وَفَرَضْتُ الْفَرَائِضَ ثُمَّ كُنْتُ مِنْ عُرْضِ بَنِي ثَوْرٍ»

ص: 699

1247 -

قَالَ: وَنا عُثْمَانُ بْنُ زُفَرَ قَالَ: سَمِعْتُ شُرَيْحًا الْعَابِدَ، يَذْكُرُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ:«وَدِدْتُ أَنَّهَا قُطِعَتْ مِنْ هَا هُنَا وَلَمْ أَرْوِ الْحَدِيثَ»

ص: 700

1248 -

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمٌ، نا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، نا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى، نا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ مَكْحُولٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74] قَالَ: «أَئِمَّةً فِي التَّقْوَى يَقْتَدِي بِنَا الْمُتَّقُونَ»

1249 -

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: «الْعُلَمَاءُ إِذَا عَلِمُوا عَمِلُوا، فَإِذَا عَمِلُوا شُغِلُوا، فَإِذَا شُغِلُوا فُقِدُوا، فَإِذَا فُقِدُوا طُلِبُوا، فَإِذَا طُلِبُوا هَرَبُوا» .

1250 -

وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ: «إِنَّمَا أَنْتَ مُتَلَذِّذٌ تَسْمَعُ وَتَحْكِي، إِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الْعِلْمِ الْعَمَلُ، اسْمَعْ وَتَعَلَّمْ، وَاعْلَمْ وَعَلِّمْ، وَاهْرَبْ، أَلَمْ تَرَ إِلَى سُفْيَانَ كَيْفَ طَلَبَ الْعِلْمَ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَعَمِلَ وَهَرَبَ،

⦗ص: 701⦘

وَهَكَذَا الْعِلْمُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الْهَرَبِ عَنِ الدُّنْيَا لَيْسَ عَلَى طَلَبِهَا» .

1251 -

وَقَالَ الْحَسَنُ: «لَا يَنْتَفِعُ بِالْمَوْعِظَةِ مَنْ تَمُرُّ عَلَى أُذُنَيْهِ صَفْحًا كَمَا أَنَّ الْمَطَرَ إِذَا وَقَعَ فِي أَرْضٍ سَبِخَةٍ لَمْ تُنْبِتْ» .

1252 -

وَأَنْشَدَ ابْنُ عَائِشَةَ:

[البحر البسيط]

إِذَا قَسَا الْقَلْبُ لَمْ تَنْفَعْهُ مَوْعِظَةٌ

كَالْأَرْضِ إِنْ سَبَخَتْ لَمْ يَحْيِهَا الْمَطَرُ

وَالْقَطْرُ تَحْيَا بِهِ الْأَرْضُ الَّتِي قَحِطَتْ

وَالْقَلْبُ فِيهِ إِذَا مَا لَانَ مُزْدَجَرُ

1253 -

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رحمه الله: «مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ» .

1254 -

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: " سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَقُولُ: إِذَا دَخَلَتِ الْمَوْعِظَةُ أُذُنَ الْجَاهِلِ مَرَقَتْ مِنَ الْأُذُنِ الْأُخْرَى".

⦗ص: 702⦘

1255 -

وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «إِنَّ الْعَالِمَ إِذَا لَمْ يَعْمَلْ زَلَّتْ مَوْعِظَتُهُ عَنِ الْقُلُوبِ كَمَا يَزِلُّ الْقَطْرُ عَنِ الصَّفَا» .

1256 -

وَكَانَ سَوَّارٌ يَقُولُ: «كَلَامُ الْقَلْبِ يَقْرَعُ الْقَلْبَ، وَكَلَامُ اللِّسَانِ يَمُرُّ عَلَى الْقَلْبِ صَفْحًا» .

1257 -

وَقَالَ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ: «إِذَا خَرَجَ الْكَلَامُ مِنَ الْقَلْبِ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ، وَإِذَا خَرَجَ مِنَ اللِّسَانِ لَمْ يُجَاوِزِ الْآذَانَ»

1258 -

وَأَنْشَدَ رَجَاءُ بْنُ سَهْلٍ:

[البحر الكامل]

وَكَأَنَّ مَوْعِظَةَ امْرِئٍ مُتَنَازِحٍ

عَنْ قَوْلِهِ بِفِعْلِهِ هَذَيَانُ.

1259 -

وَعَنْ سَلْمَانَ قَالَ: «يُوشِكُ أَنْ يَظْهَرَ الْعِلْمُ، وَيُخْزَنَ الْعَمَلُ، يَتَوَاصَلُ النَّاسُ بِأَلْسِنَتِهِمْ وَيَتَقَاطَعُونَ بِقُلُوبِهِمْ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ»

⦗ص: 703⦘

1260 -

وَبَعْضُهُمْ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَلْمَانَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَرْفُوعًا،

1261 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِذَا كَانَتْ حَيَاتِي حَيَاةَ السَّفِيهِ ، وَمَوْتِي مَوْتَ الْجَاهِلِ فَمَا يُغْنِي عَنِّي مَا جَمَعْتُ مِنْ غَرَائِبِ الْحِكْمَةِ

1262 -

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ آدَمَ: «مَا يُغْنِي عَنْكَ مَا جَمَعْتَ مِنْ حِكْمَةِ الْحُكَمَاءِ وَأَنْتَ تَجْرِي فِي الْعَمَلِ مَجْرَى السُّفَهَاءِ»

1263 -

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَطَوِيُّ: «أَيُّ شَيْءٍ تَرَكْتَ يَا عَارِفًا بِاللَّهِ لِلْمُمْتَرِينَ وَالْجُهَّالِ؟»

⦗ص: 704⦘

1264 -

وَقَالَ مَنْصُورٌ الْفَقِيهُ:

[البحر الخفيف]

أَيُّهَا الطَّالِبُ الْحَرِيصُ تَعَلَّمْ

أَنَّ لِلْحَقِّ مَذْهَبًا قَدْ ضَلَلْتَهُ

إِنْ رَكِبْتَ السَّحَابَ فِي نَيْلِ مَا لَمْ

يُقَدِّرِ اللَّهُ نَيْلَهُ مَا أَخَذْتَهُ

أَوْ جَرَتْ عَاصِفَاتُ رِيحِكَ كَيْ

تَسْبِقَ أَمْرًا مُقَدَّرًا مَا سَبَقْتَهُ

فَعَلَامَ الْعَنَاءُ إِنْ كَانَ فِي الْحَقِّ

سَوَاءٌ طَلَبْتَةُ أَوْ تَرَكْتَهُ

لَيْسَ يُجْدِي عَلَيْكَ عِلْمُكَ إِنْ لَمْ

تَكُ مُسْتَعْمِلًا لِمَا قَدْ عَلِمْتَهُ

قَدْ لَعَمْرِي اغْتَرَبْتَ فِي طَلَبِ الْ

عِلْمِ وَحَاوَلْتَ جَمْعَهُ فَجَمَعْتَهُ

وَلَقِيتَ الرِّجَالَ فِيهِ وَزَاحَمْتَ

عَلَيْهِ الْجَمِيعَ حَتَّى سَمِعْتَهُ

ثُمَّ ضَيَّعْتَ أَوْ نَسِيتَ وَمَا يَنْفَعُ

عِلْمٌ نَسِيتَهُ أَوْ أَضَعْتَهُ

وَسَوَاءٌ عَلَيْكَ عِلْمُكَ إِنْ لَمْ

تَجِدْ نَفْعًا عَلَيْكَ أَوْ مَا جَهِلْتَهُ

يَا ابْنَ عُثْمَانَ فَازْدَجِرْ وَالْزَمِ

الْبَيْتَ وَعِشْ قَانِعًا بِمَا رُزِقْتَهُ

كَمْ إِلَى كَمْ تُخَادِعُ النَّفْسَ جَهْلًا

وَتَجْرِي خِلَافَ مَا قَدْ عَرَفْتَهُ

تَصِفُ الْحَقَّ وَالطَّرِيقَ إِلَيْهِ

فَإِذَا مَا عَلِمْتَ خَالَفْتَ سَمْتَهُ

قَدْ لَعَمْرِي مَحَضْتُكَ النُّصْحَ يَا

عَمْرُو بْنَ عُثْمَانَ جَاهِدًا إِنْ قِبْلَتَهُ

1265 -

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِدْرِيسَ:

[البحر الكامل]

وَالْعِلْمُ لَيْسَ بِنَافِعٍ أَرْبَابَهُ

مَا لَمْ يُفِدْ عَمَلًا وَحُسْنَ تَبَصُّرِ

سِيَّانَ عِنْدِي عِلْمُ مَنْ لَمْ يَسْتَفِدْ

عَمَلًا بِهِ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَطْهُرِ

فَاعْمَلْ بِعِلْمِكَ تُوَفِّ نَفْسَكَ وَزْنَهَا

لَا تَرْضَ بِالتَّضْيِيعِ وَزْنَ الْمُخْسَرِ

ص: 700

1266 -

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، نا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، نا بِشْرُ بْنُ حُجْرٍ، نا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، «تَعَلَّمُوا تَعْلَمُوا ، فَإِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا»

ص: 705

1267 -

حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ الْقَاسِمِ، نا يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ، نا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الْمِصِّيصِيُّ، نا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ نا عَبَّادٌ التَّمَّارُ قَالَ:" رَأَيْتُ أَبَا حَنِيفَةَ رحمه الله فِي النَّوْمِ فَقُلْتُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ يَا أَبَا حَنِيفَةَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي فَقُلْتُ لَهُ: بِالْعِلْمِ فَقَالَ: هَيْهَاتَ ، لِلْعِلْمِ شُرُوطٌ وَآفَاتٌ قَلَّ مَنْ يَنْجُو مِنْهَا ، قُلْتُ: فَبِمَ ذَا؟ قَالَ: يَقُولُ النَّاسُ فِيَّ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ اللَّهُ أَوْ مَا لَمْ أَكُنْ عَلَيْهِ "

ص: 705

1268 -

وَأَنْشَدَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالَ: أنشدنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْرُوقٍ

[البحر الطويل]

إِذَا كُنْتَ لَا تَرْتَابُ أَنَّكَ مَيِّتٌ

وَلَسْتَ لِبَعْدِ الْمَوْتِ تَسْعَى وَتَعْمَلُ

فَعِلْمُكَ مَا يُجْدِي وَأَنْتَ مُفَرِّطُ

وَذِكْرُكَ فِي الْمَوْتَى مُعَدٌّ مُحَصَّلُ"

⦗ص: 706⦘

1269 -

وَقَالَ مَنْصُورُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ رحمه الله:

[البحر المتقارب]

إِذَا كُنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْفِرَا

قَ فِرَاقَ الْحَيَاةِ قَرِيبٌ قَرِيبُ

وَأَنَّ الْمُعِدَّ جِهَازَ الرَّحِيلِ

لِيَوْمِ الرَّحِيلِ مُصِيبٌ مُصِيبُ

وَأَنَّ الْمُقَدِّمَ مَا لَا يَفُو

تُ عَلَى مَا يَفُوتُ مَعِيبٌ مَعِيبُ

وَأَنَّكَ فِي ذَاكَ لَا تَرْعَوِي

فَأَمْرُكَ عِنْدِي عَجِيبٌ عَجِيبُ

1270 -

وَقَالَ الْحَسَنُ: «الَّذِي يَفُوقُ النَّاسَ فِي الْعِلْمِ جَدِيرٌ أَنْ يَفُوقَهُمْ فِي الْعَمَلِ»

ص: 705

1271 -

وَقَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رحمه الله: قَالَ لِي ابْنُ الْمُبَارَكِ: «أَكْثَرُكُمْ عِلْمًا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ خَوْفًا»

1272 -

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَا هَذَا الِاغْتِرَارُ مَعَ مَا تَرَى مِنَ الِاعْتِبَارِ

1273 -

وَعَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {" وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ} [الأنعام: 91] قَالَ: عُلِّمْتُمْ فَعَلِمْتُمْ وَلَمْ تَعْمَلُوا، فَوَاللَّهِ مَا ذَالِكُمْ بِعِلْمٍ

⦗ص: 707⦘

"

1274 -

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: «الْعِلْمُ يَهْتِفُ بِالْعَمَلِ فَإِنْ أَجَابَهُ وَإِلَّا ارْتَحَلَ»

ص: 706

ص: 707

1279 -

وَقَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ، قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ:«يَا أَيُّوبُ، » إِذَا أَحْدَثَ اللَّهُ لَكَ عِلْمًا فَأَحْدِثْ لَهُ عِبَادَةً وَلَا يَكُنْ هَمُّكَ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ "

1280 -

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: " كَانَ نَقْشُ خَاتَمِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: عَلِمْتَ فَاعْمَلْ "

1281 -

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187]، قَالَ:«تَرَكُوا الْعَمَلَ بِهِ»

1282 -

وَمِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَنْفِي عَنِّي حُجَّةَ الْجَهْلِ؟ قَالَ:«الْعِلْمُ» قَالَ: فَمَا يَنْفِي عَنِّي حُجَّةَ الْعِلْمِ؟ قَالَ: «الْعَمَلُ»

⦗ص: 709⦘

1283 -

وَقَالَ الْحَسَنُ: " إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ حَسْرَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلَانِ: رَجُلٌ نَظَرَ إِلَى مَالِهِ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ سَعِدَ بِهِ وَشَقِيِّ هُوَ بِهِ، وَرَجُلٌ نَظَرَ إِلَى عِلْمِهِ فِي مِيزَانِ غَيْرِهِ سَعِدَ بِهِ وَشَقِيَّ هُوَ بِهِ "

1284 -

وَرُوِّينَا عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: «كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ بِهِ

1285 -

وَكُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى طَلَبِهِ بِالصَّوْمِ»

1286 -

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ الطُّوسِيُّ سَمِعْتُ وَكِيعَ بْنَ الْجَرَّاحِ يَقُولُ: «كُنَّا نَسْتَعِينُ عَلَى حِفْظِ الْحَدِيثِ بِالْعَمَلِ بِهِ وَكُنَّا نَسْتَعِينُ فِي طَلَبِهِ بِالصَّوْمِ»

ص: 708