الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيها: اللَّائق بِمَحَاسِن أَهْلِ البيْتِ اقْتِفَاءُ آثَارِ سَلَفِهِمْ، والمَشْيُ على سُنَّتِهِمْ في سُكُونِهمْ وَتَصَرُّفِهِم
فقد قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
(1)
.
369 -
وروى البُخاريُّ في "صحيحه" من طرقٍ
(2)
، عن عَبْدَةَ بنِ سليمان،
(1)
الحجرات (آية: 13).
(2)
متَّفقٌ عليه.
أخرجه البخاري من طرقٍ؛ الأول: من طريق محمد بن سلام، عن عبدة بن سليمان به، أخرجه في كتاب التفسير - باب {لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} (7/ 362 - مع الفتح) - رقم (4689). وهو في أحاديث الأنبياء (6/ 417 - مع الفتح) - رقم (3383).
الثاني: من طريق إسحاق بن إبراهيم، عن المعتمر، عن عبيد الله به؛ أخرجه في كتاب أحاديث الأنبياء- باب {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ -إلى قوله- وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} (6/ 414 - مع الفتح) - رقم (3383).
الثالث: من طريق علي بن عبد الله، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله به؛ أخرجه في كتاب أحاديث الأنبياء- باب قول الله تعالى:{وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} ، وقوله:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ} ، وقوله:{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ} (6/ 387 - مع الفتح) - رقم (3353).
الرابع: من طريق عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيد الله به؛ أخرجه في كتاب أحاديث الأنبياء- باب قول الله تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} (6/ 417 - مع الفتح) - رقم (3383).
الخامس: من طريق محمد بن بشار، عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله به؛ أخرجه في كتاب المناقب- باب قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، وقوله:{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ، وما يُنهى عن دعوى الجاهلية (6/ 525 - مع الفتح) - رقم (3490).=
عن عبيدِ اللَّهِ بنِ عمر العُمَرِي، عن سعيدِ بنِ أبي سعيدٍ المَقْبُرِي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
سُئِل رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ أي الناس أكرم؟ فقال: "أَكْرَمُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أتْقَاهُمْ". قالوا: "ليس عن هذا نَسْأَلُك". قال: "فَأَكْرَمُ النَّاس يُوسفُ نبيُّ اللَّهِ ابنُ نبيِّ اللَّهِ ابنِ نبيِّ اللَّهِ ابنِ خليلِ اللَّه".
قالوا: "ليس عن هذا نَسْأَلُك". قال: "فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي"؟
قالوا: "نعم". قال: "فَخِيَارُهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا".
وهكذا هو عند النَّسائيِّ في التَّفسير من "سننه"
(1)
من حديثِ العُمَريّ.
370 -
وللبخاريِّ في "الأدب المفرد"
(2)
من طريقِ عبدِ الملكِ، عن عطاءٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال:
"لَا أَرَى أحَدًا يَعْمَلُ بهذه الآية: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
…
حتى بلغ: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}
(3)
، فيقولُ الرَّجُلُ للرَّجلِ: أَنَا أَكْرَمُ منك! فَلَيْس أَحَدٌ أَكْرَمَ مِنْ أَحَدٍ إلَّا بتقوى الله"
(4)
.
= -وأخرجه مسلم في كتاب الفضائل- باب من فضائل يوسف عليه السلام (4/ 1846) - رقم (2378) من طريق يحيى بن سيد، عن عبيد الله العُمَريّ به
…
فهو متفقٌ عليه.
(1)
"السُّنن الكبرى"(6/ 367) في كتاب التفسير- سورة يوسف، قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ} ، من طريقين: الأول: عن عمر بن علي ومحمد بن المثنى، عن يحيى، عن عبيد الله العُمَري به؛ ورقمه (11249). الثاني: عن أحمد بن سليمان، عن محمد بن بشر، عن عبيد الله العُمَري به؛ ورقمه (11250).
(2)
(309) - رقم (898).
(3)
الحجرات (آية: 13).
(4)
إسنادُهُ صحيحٌ.
أخرجه من طريق عبد الرحمن بن المبارك، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الملك به.
عبد الرحمن بن المبارك، هو العَيْشي الطُّفاوي (ثقة). "التقريب"(ص 597)، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي. وعبد الملك، هو ابن أبي سليمان العَرْزمي الكوفي، من رجال مسلم. وثَّقه الأئمة أحمد، ويحيى بن معين في رواية، والنسائي، والترمذي، والعجلي، والفسوي، وابن سعد، وابن حبان، =
371 -
ومن حديثِ يزيدِ بنِ الأَصَمِّ قال: قال ابن عبَّاس رضي الله عنهما.
"ما تَعُدُّونَ الكَرَمَ وقد بَيَّنَ اللَّهُ عز وجل
(1)
الكَرَمَ؟ ! فَأَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ.
ما تَعدُّونَ الحَسَبَ؟ ! أَفْضَلُكُمْ حَسَبًا أَحْسَنكُمْ خُلُقًا"
(2)
.
372 -
ولأحمدَ
(3)
من حديثِ بَكْرٍ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم
قال له: "انْظُرْ؛ فإنَّكَ لَيْسَ خَيْرٌ
(4)
مِنْ أَحْمَرَ، وَلَا أَسْوَدَ، إِلَّا أَنْ تَفْضُلَهُ بِتَقْوَى"
(5)
.
= وابن عمار. "التهذيب"(6/ 348). وتكلَّم فيه شعبة وابن معين في رواية عنه، وذكَرَ أنه أثبت في عطاء من غيره. قال الحافظ في "التقريب" (ص 623):"صدوق له أوهام". اهـ. وبقة رجاله ثقات مشهورون؛ ويحيى بن سعيد هو القطَّان.
(1)
عز وجل سقطت من (م)، ح زيادة (لكم).
(2)
إسنادُهُ صحيحٌ.
أخرحه البخاري في "الأدب المفرد"(ص 309) - رقم (899) من طريق أبي نُعيم، عن جعفر بن بُرْقان، عن يزيد بن الأصمِّ، عن ابن عبَّاس موقوفًا عليه.
قلتُ: جعفر بن بُرْقان، هو الكِلابي مولاهم، أبو عبد الله الجَزَري الرَّقِّي؛ من رجال مسلم، وقد روى عنه الأربعة، وهو ثقة إلَّا أنه ضعيف في حديث الزُّهريِّ خاصة. وثقه الإمام أحمد، وابن معين، وابن نُمير، وابن عدي؛ ونبَّهوا على اضطرابه في حديث ابن شهاب الزهرى. ووثَّقه ابن سعد، وابن عُيينة، ومروان بن محمد بإطلاق، وحسَّن النسائي حديثه عن غير الزهري. قال الحافظ في "التقريب" (ص 198):"صدوق يهم في حديث الزهري". وانظر للاستزادة كتاب: "الثقات الذين ضُعِّفوا في بعض شيوخهم" للدكتور صالح الرفاعي (ص 207 - 213).
ويزيد بن الأصمِّ، هو البكاني، أبو عوف الكوفي، وهو ابن خالة ابن عبَّاس، من رجال مسلم (ثقة). "التقريب"(ص 1071). روى له الأربعة كذلك. وبقية رجاله ثقات؛ وأبو نُعيم، هو الفضل بن دُكين.
(3)
(5/ 158).
(4)
في (م)، و (ز)، و (هـ)، و (ل): بخير.
(5)
في إسنادِهِ مقالٌ، وهو معلولٌ بالإرسال، وهو بتقوَّى بما قبله.
أخرجه في "المسند" من طريق وكيع، عن أبي هلال، عن بكر به. قال ابن كثير في "التفسير" (6/ 388):"تفرَّد به أحمد رحمه الله". وفيه أبو هلال، واسمه محمد بن سُليْم الرَّاسبي البصري، فيه مقال؛ مضى. وبَكْرٌ، هو بكر بن عبد الله المُزَني، أبو عبد الله البصري. (ثقة ثبت جليل). "التقريب" (ص 175). ولكن روايته عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه مرسلة كما قال أبو حاتم. انظر:"جامع التحصيل"(ص 179).
373 -
وله
(1)
، وكذا للحارثِ في "مسنديْهما"
(2)
، وابنِ أبي حاتمٍ
(3)
، من طريق أبي نَضْرة
(4)
، حدَّثني مَن شَهِدَ خطبةَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بمِنًى
(5)
وهو على بعيرٍ بقول:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلا لَا فَضْلَ لِعَرَبيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلَا لِأَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ
(6)
إلَّا بِالتَّقْوَى، خَيْرُكُمْ
(7)
عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"
(8)
.
(1)
"مسند أحمد"(5/ 11، ) قال: حدَّثنا إسماعيل، ثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة به. واللفظ له.
(2)
كما في "بغية الباحث في زوائد مسند الحارث"(ص 34) - رقم (46) قال: حدَّثنا عد الوهاب بن عطاء
…
بمثل إسناد أحمد؛ لكنه قال: "
…
ليس لعربيٍّ على أعجميٍّ فضل".
(3)
لم أقف عليه عند ابن أبي حاتم في مظانه.
(4)
تحرَّفت في (م) إلى: نضْلة.
(5)
مِنَىً -بالكسر والتنوين-: جبل معروف بمكة في درج الوادي الذي ينْزله الحاجّ، ويرْمي فيه الجمار من الحرم، وأطلق على جميع الوادي. سمِّي بذلك لما يُمْنى به من الدِّماء؛ أي يُراق. ومنه سُمِّي المَنِيُّ مَنِيًّا، قال تعالى:{مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} ، أي يُراق ويُدْفق. وقيل في سبب التسمية غير ذلك وهي تُؤنَّث وتُذكَّر، يُقال:(هذا منىً)، و (هذه منىً). قال الفرَّاء: والتذكير أشهر، "معجم ما استعجم"(4/ 1262)، و "معجم البلدان"(5/ 198)، وانظر:"المغني في غريب المهذب"(1/ 66).
(6)
في (م): والأسود على الأحمر!
(7)
في (م): خيرٌ عند الله.
(8)
إسنادُهُ صحيحٌ.
إسماعيل (ثقة حافظ). "التقريب"(ص 136). وهو ابن إبراهيم بن مِقْسم الأسديّ، الملقَّب بـ (ابن عُليَّة). وسعيد الجُرَيْري، هو ابن إياس البصري (ثقة اختلط قبل موته). "التقريب"(ص 374).
وعبد الوهاب بن عطاء -الذي في إسناد الحارث-، هو الخفَّاف، من رجال مسلم، وثَّقه ابن معين، وابن حبان، وابن شاهين، والدَّارقطنيُّ، والحسن بن سفيان. وقال ابن سعد، وابن عدي، والنسائي في رواية: لا بأس به. انظر: "التهذيب"(6/ 393)، و "الميزان" (4/ 435). وضعَّفه البخاري وقال:(يُحتمل). "الضعفاء الصغير" رقم (233)، والنسائي في "الضعفاء" له برقم (374). ونقل العُقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 77) عن الإمام أحمد أنه قال:"ضعيف الحديث، مضطرب! ". قال الحافظ في "التقريب"(ص 633): "صدوق ربَّما أخطأ". ومثله قال الذِّهبيُّ "الميزان"(4/ 435)؛ لكنه أطلق القول فيه بأنه (صدوق)، وذكَرَ أنهم لم يُنكروا عليه إلَّا حديثًا واحدًا في فضل العبَّاس.
قلتُ: تقدَّم ذكر الحديث المشار إليه وتخريجه برقم (112).
ومما ينبغي الإِشارة إليه أن الكلام في عبد الوهاب الخفَّاف لا يقدح في أحاديثه التي خرَّجها له مسلمٌ =
374 -
ولِلطَّبَرَانيِّ
(1)
من طريق محمَّد بنِ حبيب بنِ خِراشٍ العَصَرِيِّ، عن أبيه رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"المُسْلِمُونَ إخْوَةٌ، لَا فَضْلَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ إِلَّا بِالتَّقْوَى"
(2)
.
375 -
ولابنِ خُزَيْمَةَ، وابنِ حبَّانَ في "صحيحيْهما"
(3)
، وابنِ
= في "صحيحه"، فإنَّ له في "الصحيح" أربعة أحاديث، ولكن جميعها يرويها عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن أنس.
وقد نصَّ الأئمة أنه كان من أعلم الناس بحديث ابن أبي عروبة: قال الإِمام أحمد: "كان عالمًا بسعيد". وقال ابن سعد: "لزم سعيد بن أبي عَروبة، وعُرف بصحبته، وكتب كتبه". وقال يحيى بن طالب: "بلغنا أن عبد الوهاب كان مستملي سعيد". وسُئل أبو حاتم: "أهو أحبّ إليك أو أبو زيدٍ النحوي في ابن أبي عَروبة؟ فقال: عبد الوهاب". انظر: "تهذيب التهذيب"(6/ 394). وكذلك سعيد بن أبي عَروبة؛ نصَّ الحافظ في ترجمته من "التقريب" أنه كان من أثبت الناس في قتادة. انظر: (ص 384). والله تعالى أعلم.
قلتُ: وجهالة الصَّحابي ههنا لا تضرُّ.
(1)
في "المعجم الكبير"(4/ 25) - رقم (3547) من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، ثنا عبيد بن حنين الطائي، عن محمد بن حبيب به.
(2)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، من أَجلِ ابنِ جَبَلَة.
فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلَة، متَّهم بالكذب.
قال أبو حاتم: "كتبت عنه بالبصرة، وكان يكذب، فضربتُ على حديثه". "الجرح والتعديل"(5/ 267)، وقال الدَّارقطنيُّ:"متروك، يضع الحديث". "الكشف الحثيث"(ص 164).
قال الهيثمي في "المجمع"(8/ 289): "وفيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وهو متروك".
(3)
"صحيح ابن خزيمة"(4/ 240) - رقم (2781)، و "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان"(9/ 137) - رقم (3828)، كلاهما من طريق محمد بن عبد الله بن يزيد، عن عبد الله بن رجاء، عن موسى بن عقْبة به.
وإسنادُهُ صحيحٌ.
محمد بن عبد الله بن يزيد بن المقرئ، أبو يحيى المكي (ثقة)، أخرج له النسائي، وابن ماجه. "التقريب"(ص 866). وعبد الله بن رجاء، هو أبو عمران البصري، نزيل مكة (ثقة تغيَّر حفظه قليلًا). "التقريب"(ص 505). روى له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. وموسى بن عُقْبة، هو إمام المغازي (ثقة فقيه)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 983)، تقدَّمت ترجمته في مقدِّمة الكتاب. وعبد الله بن دينار، هو مولى عبد الله بن عمر (ثقة)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 504). =
مَرْدُويَه
(1)
، وابنِ أبي حاتم
(2)
، وعَبْدٍ
(3)
في "تفاسيرهم" من حديث موسى بنِ عُقْبة، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما قال:
"طَافَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فَتْح مَكُّةَ على نَاقَتِهِ القَصْوَاء
(4)
، يَسْتَلِمُ الأَرْكَانَ بِمِحْجَنٍ
(5)
في يده. فما وَجَد لها مناخًا في المسجد، حتَّى نزل على أيدي الرجال، فخرج بها إلى بطن المسيل، فَأُنِيخَت. ثُمَّ إنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَهُمْ على رَاحِلَتِه، فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل، وأثنى عليه بما هو له أهلٌ. ثُمَّ قَالَ:
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ وَتَعَظُّمها بآبَائِهَا؛ فالنَّاسُ رَجُلَانِ. رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ على اللَّهِ، وفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ.
إنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
(6)
".
ثُمَّ قَالَ: "أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ".
= -وأخرجه أبو الشيخ في "أخلاق النبي"(2/ 487) - رقم (462) عن ابن المقرئ، مقتصرًا على قوله:"طاف رسول اللَه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته القصواء".
(1)
عزاه له السيوطي في" الدُّر المنثور"(6/ 108).
(2)
في "التفسير"(10/ 3306) - رقم (18622) من طريق أسد بن موسى، عن يحيى بن زكريا القطان، لكنه قال: عن موسى بن عُبيدة به، وموسى بن عُبيْدة ضعيف، وقد توبع كما مذكر المصنِّف.
(3)
أخرجه عبد بن حميدٍ في "تفسيره" من طريق أبي عاصم الضَّحَّاك، عن خلد، لكنه قال: عن موسى بن عُبيدة به، عزاه له ابن كثير بهذا الإِسناد في "التفسير"(6/ 388). ونسبه له السيوطي في "الدُّرِّ المنثور"(6/ 108).
- وأخرجه في "مسنده" كما في "المنتخب"(ص 253) - رقم (795) قال: أنا أبو عاصم، عن موسى بن عُبيدة به. وابن أبي شيبة في "المصنَّف"(7/ 405) - رقم (36908) من طريق عيد الله بن موسى، عن موسى بن عبيدة به.
(4)
القَصواء: بفح القاف ممدودًا، ويقُصر. قيل: سمِّيت القَصْواء لا لأنها مجدوعة الأُذن، بل لأنَّ القَصْواء لقبٌ لها. انظر:"مرقاة المفاتيح"(10/ 530).
(5)
المِحْجَنُ: عَصًا معقَّفة الرأس كالصَّوْلجان، والمبم زائدة، ويُجمع على محاجن. "النهاية"(1/ 347) - ماة (حَجَنَ).
(6)
الحجرات (آية: 13).
وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ بحيث إنَّ الضِّيَاءَ المَقْدِسيَّ أورده في "المختارة" من هذا الوجه
(1)
. لكن قد أعلَّه
(2)
ابن مَرْدُويه
(3)
بأنَّ محمَّد بنَ المقرئ راويه عن عبدِ اللَّهِ بنِ رجاء، عن موسى بنِ عُقْبة وَهِمَ
(4)
في قوله: "موسى بن عُقْبَة"، وإنَّما هو:"موسى بن عُبَيْدَة".
وحينئذٍ فهو ضعيفٌ، لضَعْفِ موسى بن عُبَيْدَة
(5)
.
قلتُ: لكن له متابعٌ عند التِّرمذيِّ في التَّفسير من "جامعه"
(6)
، من حديثِ عبدِ اللَّهِ بنِ جعفر والد علي بنِ المدينيِّ، عن عبدِ اللَّهِ بنِ دينار؛ ولفظه:
376 -
أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ
(7)
فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ:
"يَا أَيُّها النَّاسُ! إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّهً الجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمُهَا بِآبَائِهَا؛ فالناسُ رَجُلَانِ: رَجُلٌ بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ على اللَّهِ، وفَاجرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، والنَّاسُ بَنُو آدَمَ، خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللَّهُ: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى
(1)
لم أجده في "الأحاديث المختارة" المطبوع، ولعله في القسم الذي لم يُطبع بعد.
(2)
تحرَّفت في (م) إلى: أعلمه).
(3)
هو الحافظ المجود العلَّامة، أبو بكر أحمد بن موسى ابن مَرْدويه بن فورك الأصبهانيّ، صاحب "التفسير الكبير". وُلِدَ سنة (323 هـ)، وحدَّث عن أبي سهل بن زياد القطان، وإسماعيل بن علي الخُطَبي. وعنه أبو بكر محمد بن إبراهيم المستملي، وأبر عبد الله الفضل بن القاسم الثَّقفي. من تصانيفه:"المستخرج على صحيح البخاري"، و "التاريخ"، و "الأمالي". مات سنة (410 هـ). "تاريخ أصبهان"(1/ 168)، و "النبلاء"(17/ 308).
(4)
(وَهِمَ) لم ترد في (م)، و (ك). وقوله عقبه:(في قوله: موسى بن عقبة) سقط من (هـ)، و (ك).
(5)
هو موسى بن عُبيْدة الرَّبَذيّ، تقدَّم الكلام عليه برقم (210).
(6)
(5/ 363) - رقم (3270) باب ومن سورة الحجرات، من طريق علي بن حُجْرٍ، عن عبد الله بن جعفر به. قال أبو عيسى:"هذا حديث غريب لا نعرفه إلَّا من حديث عبد الله بن دينار، عن ابن عمر إِلَّا من هذا الوجه. وعبد الله بن جعفر يضعَّف؛ ضعَّفه يحيى بن معين وغيره. وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني".
(7)
في (م): "يو فتح مكة! " بدون الميم في (يوم).
وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
(1)
".
وابن جعفر أيضًا ضعيفٌ
(2)
. وادَّعى التِّرمذيُّ تفرُّدَه به؛ وهو مَرْدُودٌ بِمَا أَوْرَدْتُهُ.
377 -
بل للحديث -أيضًا- شاهدٌ من حديثِ أبي هريرة:
أخرجه
(3)
التِّرمذيُّ في "آخر
(4)
جامعه"
(5)
من حديثِ هشام بنِ سعدٍ، عن سعيدِ بنِ أبي
(6)
سعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرة
(7)
، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ:
"لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَفْتَخِرُونَ بِآبَائِهِم الَّذِينَ مَاتُوا، إِنَّمَا هُمْ فَحْمُ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الجُعَلِ الَّذِي يُدَهْدِهُ الخُرْءَ بِأَنْفِهِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ
(8)
عُبِّيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ، إِنَّمَا هو مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وفَاجِرٌ شَقِيٌّ، الناسُ كُلُّهُمْ بَنُو آدَمَ، وَآدَمَ خُلِقَ مِنْ تُرَابٍ. وقال:"إنَّهُ حَسَنٌ"
(9)
.
(1)
الحجرات (آية: 13).
(2)
هو عبد الله بن جعفر بن نجيح السَّعدي مولاهم، هو والد على بن المديني، وتقدَّم قريبًا كلام الترمذي عقب رواية الحديث:"وعبد الله بن جعفر يُضعَّف، ضعَّفه يحيى بن معين وغيره. وعبد الله بن جعفر هو والد علي بن المديني".
قلتُ: وممَّن ضعَّفه أبو حاتم، والنسائي، والجوزجاني، وعمرو بن على، وأبو أحمد بن علي، والعُقيلي، وابن حبان. وقد سُئل علي بن المديني عن أببه فقال:"سلوا غيري! فأعادوا، فأطرق! ثم رفع رأسه فقال: هو الدِّين! ". انظر: "التهذيب"(5/ 156)،
(3)
في (ز). وأخرجه، بزيادة الواو.
(4)
(آخر) لم ترد في (ز)، و (هـ).
(5)
(5/ 690) - رقم (3955) -كتاب المناقب- باب في فضل الشام واليمن.
(6)
(أبي) سقطت ص (م).
(7)
في (م): زيادة رضي الله عنه.
(8)
في (م) زيادة كلمة (الرِّجس! )، وهي لم ترد في أصل الحديث.
(9)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه من طريق أبي عامر العقدي، عن هشام بن سعد به. وقال:"هذا حديث حسنٌ غريب".
أبو عامر العَقدي، هو عبد الملك بن عمرو القيْسي، مشهور بكنيته (ثقة)، من رجال الستة.
"التقريب"(625)، وهشام بن سعد (صدوق له أوهام، ورُمي بالتَّشيُّع)، أخرج له مسلم، والأربعة.=
378 -
ثم أخرجه باختصار من حديث هشامٍ -أيضًا- بإِثباتِ أبي
(1)
سعيدٍ بينه وبين أبي هريرة، وقال:"إنَّه عندنا أصحُّ من الأوَّل".
قال: "وسعيدٌ المَقْبُرِيُّ سمع أبا هريرة، ويَروي أيضًا عن أبيه أشياء كثيرة عن أبي هريرة"
(2)
.
379 -
وقد أخرجه العَسْكَرِيُّ
(3)
بدون واسطةِ الأبِ
(4)
بلفظ:
"إِنَّ اللَّهَ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيّة الجَاهِلِيَّةِ، وَتَفَكُّهَهَا
(5)
بِآبَائِهَا؛ إِنَّمَا النَّاسُ رَجُلَانِ:
= "التقريب"(ص 1021)، وسعيد بن أبي سعيد المَقْبُري (ثقة)؛ تقدَّم.
• والحديث أخرجه:
أحمد (2/ 361) من طريق محمد بن عبد الله بن الزبير، عن هشام بن سعد به. والبيهقي في "السُّنن الكبرى"(10/ 232) - رقم (20851)، و "الآداب" له (ص 262) - رقم (554) من طريق حسين بن حفص، عن هشام بن سعد به.
(1)
(أبي) سقط من (م) كسابقه.
(2)
"سنن الترمذي" كتاب المناقب- باب في فضل الشام واليمن (5/ 690) - رقم (3956) من طريق هارون بن موسى بن أبي علقمة القَرَويّ [هكذا في "السُّنن"، وفي كتب الرجال: الفَرَويّ] المدنيّ، عن أبيه، عن هشام بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة ..
وفيه موسى بن أبي علقمة، قال في "التقريب" (ص 983):"مجهول". وقد تابعه ابن وهب كما سيأتي. وابنه هارون بن موسى (لا بأمن به) كما في "التقريب"(ص 1015). ولم يتبَّن لي وجه كلام الترمذي -رحمه الله تعالى- عقبه: "وهذا أصحُّ عندنا من الحديث الأول"، مع أن الحديث الأول أصحُّ منه بلا شك، فرجاله كلُّهم ثقات سوى هشام بن سعد فإنه صدوق له أوهام، بينما هذا الإِسناد فيه مجهول! فالله تعالى أعلم.
• والحديث أخرجه:
عبد الله بن وهب في "جامعه"(1/ 71) - رقم (30) من طريق هشام بن سعد به. ومن طريقه أبو داود في كتاب الأدب- باب في التفاخر بالأحساب (5/ 339) - رقم (5116)، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 251) - رقم (3790)، والبيهقي في "الآداب"(ص 263) - رقم (555).
(3)
لم أجده عند العسكري في "الأمثال" ولا "الأوائل"، ولعله في غيرهما من كتبه.
(4)
يعني بين سعيد بن أبي سعيد المَقْبُريْ وأبيه أبي سعيدٍ كيْسان المَقْبُريّ المدنيّ، كرواية الترمذي المتقدِّمة برقم (378). والعبارة في (ز): بدون واسطة للأب.
(5)
في (م): (وتفكُّها! ).
بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ على اللَّهِ، أَوْ فَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ.
ثم تلا: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
(1)
…
} الآية
(2)
، وَلَيَدَعَنَّ أَقْوَامٌ يَفْخَرُونَ بِفَحْمٍ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكونُونَ
(3)
أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنْ الجُعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ النَّتَنَ بِأَنْفِهَا".
• وقوله: "عُبِّيَّة الجاهلية": يعني الكِبْر والتَّعاظم والتَّفاخر
(4)
. وتُضَمُّ عينُها وتُكْسَر
(5)
.
• و "الجُعَل" -بضم الجيم، واحد الجعِلان بكسرهما
(6)
-: حيوانٌ مَعْروفٌ كَالخُنْفُسَاءِ
(7)
.
• و "يُدَهْدِهُ": أي
(8)
يُدَحْرِجُ
(9)
.
380 -
ولمُسْلِم
(10)
، وابنِ ماجَه
(11)
من حديثِ يزيدِ بنِ الأَصَمِّ، عن
(1)
في (م) زيادة: (لتعارفوا).
(2)
الحجرات (آية: 13).
(3)
في (م)، و (ز)، و (ل): أو ليكونَّن.
(4)
(والتعاظم والتفاخر) لم ترد في (ز).
(5)
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر"(3/ 169) - مادة (عَبَبَ). وفيه: "وهي فُعُّولة أو فُعِّيلة، فإذا كانت (فُعُّولة) فهي من التَّعْبية؛ لأنَّ المتكبر ذو تكلُّفٍ وتعْبية، خلاف من يسترسل على سجيَّته. وإن كانت (فُعِّيلة) فهي من عُبَاب الماء، وهو أوله وارتفاعه".
(6)
في (ز)، و (هـ)، و (ك): بكسرها.
(7)
انظر: "النهاية"(1/ 277) - مادة (جَعَلَ).
(8)
في (م): أنْ!
(9)
انظر: "النهاية"(2/ 143) - مادة (دَهَدأ). وفي: "يُقال: دَهْدَيتُ الحجرَ، ودَهْدَهْتُهُ".
(10)
في "صحيحه"(4/ 1987) كتاب البر والصلة والآداب - باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله- رقم (2564)، واللفظ لها من طريق عمرو الناقد، عن كثير بن هشام، عن جعفر بن بُرقان، عن يزيد به.
(11)
في كتاب الزهد- باب القناعة (2/ 1388) - رقم (4143) من طريق أحمد بن سنان، عن كثير بن هشام بمثل إسناد مسلم. لكنه قال:"إلى أعمالكم وقلوبكم".
وأحمد بن سنان، هو ابن أسد بن حبَّان، أبو جعفر القطان الواسطي. قال في "التقريب" (ص 90): =
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله يلى:
"إنَّ اللَّهَ لَا ينظُرُ إلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكمْ، وَلكِنْ يَنْظرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ".
381 -
ولأحمدَ
(1)
من حديثِ عليِّ بن رَبَاحٍ، عن عقبةَ بنِ عامرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"إنَّ أَنْسَابَكُمْ هذِهِ لَيْسَتْ بِمَسَبَّةٍ عَلَى أَحَدٍ
(2)
، كُلُّكُمْ بَنُو آدَمَ طَفُّ الصَّاعِ لَمْ تَمْلَئُوهُ
(3)
، لَيْسَ لِأحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إِلَّا بِدِينٍ وَتَقْوَى، فَكَفَى بالرَّجُلِ
(4)
أَنْ يَكُونَ بَذِيًّا بَخِيلًا فَاحِشًا"
(5)
.
= "ثقة حافظ". أخرج له البخاري حديثًا واحدًا (1610) في تقبيل عمر بن الخطاب الحجر الأسود وقولته المشهورة: (لولا أني رأيتُ رسولَ اللَّهِ قَبَّلك ما قبَّلتك). وأخرج له البقية سوى الترمذي، ورواية النسائي عنه في "الكبرى".
(1)
في "مسنده"(4/ 145) من طريق قتيبة بن سعيد. وفي (4/ 158) من طريق يحيى بن إسحاق؛ كلاهما عن ابن لهيعة، عن الحارث بن بزيد، عن علي بن رباح به.
(2)
في (م): أحدكم.
(3)
كذا بالأصل، و (ل). وفي (م)، و (ز)، و (ك)، و (هـ): لم يُملئ.
(4)
في (م): فكفى الرَّجلَ.
(5)
إسنادُهُ حسنٌ، رجالُهُ رجالُ مسلمٍ، إلَّا ابنُ لهيعة فإنه أخرج له في المتابعات.
قُتيْبة بن سعيد شيخ أحمد، هو الثقفي مولاهم أبو رجاء البَغْلاني (ثقة ثبت)، روى له الجماعة.
"التقريب"(ص 799). روى عنه أحمد في "المسند" مائة وثلاثة وثمانين حديثًا. انظر: "معجم شيوخ الإمام أحمد" لعامر صبرى (ص 376).
ويحيى بن إسحاق في الطريق الثاني، هو البَجَلي أبو زكريا، ويُقال أبو بكر السَّيْلحِينيّ (صدوق). أخرج له مسلم، والأربعة. "التقريب" (ص 1048). روى عنه أحمد في "المسند" مائتي حديث. انظر:"معجم شيوخ أحمد" رقم (267).
وابن لهيعة صدوق في نفسه، إلَّا أنه خلَّط بعد احتراق كتبه، إلَّا إذا روى عنه العبادلة الأربعة (عبد الله بن المبارك، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الله بن مسلم القعنبي)، تقدَّم مرارًا. وستأتي لاحقًا رواية ابن وهب عنه بهذا الإسناد.
والحارث بن يزيد، هر أبو عبد الكريم الحضرمي المصري (ثقة ثبت عابد)، حديثه في مسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه."التقريب"(ص 215).
وعلي بن رباح، هو ابن قصير اللخمي (ثقة)، روى له مسلم، والأربعة. "التقريب"(ص 695).=
382 -
وهكذا رواه ابنُ جرير
(1)
، والعَسْكَرِيُّ
(2)
بلفظ:
"النَّاسُ لآدَمَ وحَوَّاء كَطَفِّ
(3)
الصَّاعِ لَنْ تَمْلَئُوهُ
(4)
، إنَّ اللَّهَ لَا يَسْأَلُكُمْ عَنْ أَحْسَابِكمْ، وَلَا عَنْ أَنْسَابِكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَكْرَمُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ"
(5)
.
= ويتقوى بما بعده.
- وأخرجه الرُّويانيّ في "المسند"(1/ 169) - رقم (208) من طريق عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة به. ورواية ابن وهب عن ابن لهيعة أعدل من غيره كما قال الحافظ؛ ولعلَّه -والله أعلم- ممن روى عنه قديمًا قبل احتراق كتبه.
(1)
في "التفسير"(26/ 140) من طريق يونس، عن ابن وهب، عن ابن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، عن عقبة مرفوعًا، بنحو لفظه.
- وهو في "جامع ابن وهب"(1/ 83) - رقم (41) عن ابن لهيعة به. ولفظه: "إنَّ أنسابكم هذه ليست بمسابٍّ على أحد، وإنما أنتم ولد آدمٍ، طفّ الصَّاع لم تملؤه، وليس لأحدٍ على أحدٍ فضل إلَّا بدينٍ أو عملٍ صالح، حسب الرَّجل أن يكون فاحشًا بذيًّا بخيلًا جبانًا".
- وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(1/ 34)، والرُّويانيُّ، في "مسنده"(1/ 168) - رقم (207)،
والطحاوي في "المشكل"(4/ 252) - رقم (3791)؛ كلُّهم من طريق عبد الله بن وهب بهذا الإسناد.
لكن وقع في إسناد الطحاوي (عبد الله بن الحارث بن يزيد)، ولفظه عنده: "إنَّ مثابكم هذا ليس بمثابٍ على أحد
…
"، والباقي سواء.
- والطبراني في "الكبير"(17/ 295) - رقم (814) من طريق سعيد بن أبي مريم، عن ابن لهيعة. قال الهيثمي في "المجمع" (8/ 84): "
…
وفيه ابن لهيعة وفيه لين، وبقيه رجاله وُثِّقوا". والبيهقي في "شعب الإيمان" (4/ 292) - رقم (5146) من طريق يحيى السيلحيني، عن ابن لهيعة به. وكرره في (5/ 286) - رقم (6677) بلفظه وإسناده سواء.
(2)
لم أجده عند العسكري في مظانه، والله تعالى أعلم.
(3)
في (م): طفّ الصَّاع. وفي (هـ): نطف! !
(4)
في (ز)، و (ك)، و (ل): يملئوه، بالتحتانية.
(5)
إسنادُهُ حسنٌ، فإنه من رواية ابن وهبٍ عن ابن لهيعة.
يونس، هو يونس بن عبد الأعلى الصدَفي، من شيوخ مسلم والنسائي وابن ماجه (ثقة). "التقريب"(ص 1098). وابن وهب، هو عبد الله بن وهب المصري (ثقة حافظ عابد). "التقريب"(ص 556). ورواية ابن لهيعة ههنا مقبولة؛ فإنها من طريق ابن وهب، وهو ممن روى عنه قديمًا قبل احتراق كتبه. قال الحافظ في ترجمته:"ورواية ابن المبارك وابن وهب عنه أعدل من غيرهما". "التقريب"(ص 538). وبقية=
• والمعنى -والله أعلم-: أن كلَّكَم في النُّقْصان عن مَلءِ الصَّاع واحدٌ، ليس فيكم من يملؤه
(1)
.
383 -
ونحوه ما رواه أبو بكر بنُ لَال
(2)
،
= رجاله سبقوا في رواية أحمد.
وسيد بن أبي مريم -في إسناد الطبراني-، منسوب إلى جدِّ جدِّه (ثقة ثبت فقيه). "التقريب"(ص 375)، أخرج له الجماعة.
(1)
قال أبو جعفر الطحاوي في "مشكل الآثار"(4/ 251) في بيان معنى (طفّ الصَّاع": "
…
لأنَّ طفَّ الصَّاع المراد به: التقصير عن ملء الصَّاع والتساوي فيه، وجمعه لناس جميعًا وتباينهم في ذلك بما باين الله عز وجل بهم فيه من الأعمال الصَّالحة الي رفع بها الدرجات لأهلها وجعلهم بذلك، بخلاف أضدادهم ممن معه الأعمال السيئة والاختيارات القبيحة".
وقال أبو عُبيد القاسم بن سلَّام في "غريب الحديث" له (1/ 425): "الطفُّ هو أن يقرب الإِناء من الامتلاء من غير أن يمتلئ. يُقال: هو طفّ المكيال وطفافه، إذا كرب (ولعلَّها: أن يقرب) أن يملأه. ومنه التطفيف في الكيل، إنما هو نقصانه: أي أنه لم يملأ إلى شفته إنما هو إلى دون ذلك. وقال الكسائي: يُقال منه إناء طَفَّان، إذا فعل ذلك في الكيل". وانظر كذلك (2/ 324).
(2)
(ابن لال) تصحَّفت في (م) إلى: الآل.
• وهو أبو بكر بن لال -بلام ألف ثم لام، على وزن مال-: هو أحمد بن علي بن أحمد بن محمد الهَمَذَاني، الشافعي، محدِّث فقيه إمام. وُلِد سنة (307 أو 308 هـ)، وسمع عن القاسم بن أبي صالح، وأبي سعيد بن الأعرابي، وروى عنه جعفر بن محمد الأبهري، ومحمد بن عيسى الصوفى. له مصنَّفات في الحديث، غير أنه كان مشهورًا بالفقه. من مصنَّفاته:"السُّنن"، و "معجم الصَّحابة". مات سنة (398 هـ). "تهذيب الأسماء"(2/ 195)، و"البلاء"(17/ 75).
قال ابن لال فيما عزاه السُّيوطي في "اللآلئ"(2/ 290)، والغماري في "فتح الوهاب" (1/ 174): حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب، حدَّثنا إبراهيم بن فهد، حدَّثنا محمد بن موسى، حدَّثنا غيَّاث بن عبد الحميد، عن عمر بن سُليْم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا.
فيه إبراهيم بن فهد، وهو ابن حكيم البصري، قال ابن عدي في "الكامل" (1/ 269):"وسائر أحاديث إبراهيم مناكير، وهو مظلم الأمر". وغيَّاث بن عبد الحميد، قال العُقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 440). "مجهول بالنقل لا يُتابع على حديثه ولا يُعرف إِلَّا به". وقال الذهبي في "المغني" (2/ 182):"لا يُعرف إلَّا في حديث منكر".
وهذا الطريق أورده السُّيوطي في "اللآلئ"(2/ 290) متعقبًا ابن الجوزي بعد أن أورد رواية بكار بن =
والعَسْكَرِيُّ
(1)
، من حديثِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:
"النَّاسُ كُلُّهُم كَأَسْنَانِ المِشْطِ، وَإنَّمَا يَتفَاضَلُونَ
(2)
بِالعَافِيَة، فَلا تَصْحَبَنَّ أَحَدًا لَا يَرَى لَكَ مِنَ الفَضْلِ مثل مَا تَرَى
(3)
لَهُ"
(4)
.
= شعيب الآتيه قريبًا، بأنَّ بكَّار بن شعيب لم يتفرَّد به. قال السيوطي: "وبكَّارٌ توبع؛ قال ابن لال: حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب
…
" فذكره. وتبعه في إيراده شاهدًا الشيخ أحمد الغماري في "فتح الوهاب" (1/ 174).
قال الألباني في "الضعيفة"(2/ 61): "وهذه متابعة قوية لولا أن الطريق إليها مظلمة؛ فإن غيَّاث بنَ عبد الحميد مجهول". ثم ذكر أقوال أئمة الجرح فيه وفيمن تحته
…
إلى أن قال: "فمثل هذا الطريق لا يُستشهد به لشدَّة ضعفه". اهـ كلامه، وهو كما قال -رحمه الله تعالى-.
(1)
في "الأمثال"(1/ 426) من طريق أحمد بن الحواري [هكذا عند العسكري، وصوابه: (ابن أبي الحواري) كما سيأتي في رواية أبي الشيخ]، عن بكَّار بن شيب، عن ابن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا.
- وأخرجه أبو الشيخ في "الأمثال"(ص 100) - رقم (167) من طريق أحمد بن أبي الحواري به. وأبو نُعيْم في "حلية الأولياء"(10/ 25) بنفس الإسناد لكن مقتصرًا على قوله: "لا تصحبْ أحدًا
…
" إلخ. وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (10/ 362، 363) - رقم (2582، 2586) من طريق إبراهيم الحوراني ومحمد بن وهب بن عطية الدمشقي، كلاهما عن بكَّار بن شعيب به.
(2)
في (م): يتغالطون! !
(3)
في (ز): يُرى.
(4)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
فيه بكَّار بن شعيب بن خزيمة العبديّ الدِّمشقيّ، قال الجوزجاني:"منكر جدًّا". وقال ابن حبان: "يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يجوز الاحتجاج به". انظر: "لسان الميزان"(2/ 51)، و "المجروحين"(1/ 198).
وأحمد بن أبي الحواري، هو ابن عبد الله بن ميمون العباس التَّغلبيّ (نقة زاهد). "التقريب"(ص 93)، أخرج له أبو داود والترمذي. وابن أبي حازم، هو عبد العزيز بن أبي حازم كما جاء مصرَّحًا به عند الدُّولابيِّ في "الكُنى"(1/ 168)، والحسن بن سفيان في "مسنده" كما سيأتي، وهو (صدوق فقيه). "التقريب"(ص 611).
• وأخرجه كذلك:
الدُّولابيُّ في "الكُنى"(1/ 168)، وابن حبَّان في "المجروحين"(1/ 198)، و "روضة العقلاء"(ص 103 - ط دار الكتب العلمية)، (ص 168 - ط مكتبة نزار الباز)، والحسن بن سفيان في "مسنده" =
384 -
وكذا رويناه في "مشيخة ابن شاذان الكبرى"
(1)
من حديث رَوَّادِ
(2)
بنِ الجَرَّاحِ، عن أبي سعدٍ السَّاعِدِيِّ، عن أنَس بنِ مَالكٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"النَّاسُ مُسْتَوونَ كَأَسْنَانِ المِشْطِ، لَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ فَضْلٌ إلَّا بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل
(3)
"
(4)
.
= كما عزاه في "اللسان"(2/ 51)، و"اللآلئ"(2/ 290)، و "تنزيه الشريعة" (2/ 294) من طرقٍ عن بكَّار بن شعيب بن خزيمة العبدي به. وانظر:"تذكرة الحفاظ" لابن طاهر المقدسي رقم (1133).
• وله طريقٌ آخر من حديث سَهْل بن سَعْد رضي الله عنه:
أخرجه أبو الشيخ في "جزء أحاديث أبي الزبير عن غير جابر"(ص 64) - رقم (23) من طريق سهل بن عامر البَجلي، حدَّثنا ميمون بن عمرو البصريّ، عن أبي الزبير، عنه ولكن فيه سَهْل بن عامر البَجَلي، قال البخاري:"منكر الحديث، لا يُكتب حديثه". "التاريخ الأوسط"[المطبوع باسم "التاريخ الصغير"](2/ 307). وقال أبو حاتم: "هو ضعيف الحديث. روى أحاديث بواطيل، أدركتُهُ بالكوفة، وكان يفتعل الحديث". "الجرح والتعديل"(4/ 202). أمَّا ابن حبان فقد ذكره في "الثقات"(8/ 290)!
(1)
(2/ 105/ 2) كما عزاه له الألباني في "السلسلة الضعيفة"(2/ 62).
(2)
تحرَّف (روَّاد) في (ك) إلى رواه.
(3)
عز وجل لم ترد في (م).
(4)
إسنادُهُ منكرٌ.
فيه روَّاد بن الجراح، تُرك حديثه بسبب اختلاطه، وهو صدوق في نفسه، تقدَّم الكلام عن حاله برقم (272).
وأبو سعْد السَّاعديّ، انفرد ابن ماجه بإخراج حديثه، ولم يرو عنه غير روَّاد رهو (مجهول)؛ قاله أبو حاتم، والذهبي، والحُسيني، وابن حجر، والبرهان الحلبي، قال ابن حبان:"لا يجوز الاحتجاج به". بل ذكره السُّليمانيُّ فيمن يضع الحديث. انظر: "الجرح والتعديل"(9/ 378)، و "المغني في الضعفاء"(2/ 856)، و "التذكرة"(4/ 2060)، و "التقريب"(1152)، و "الكشف الحثيث"(ص 287).
وقد سأل ابن أبي حاتم أباه عن هذا الحديث بهذا الإسناد فقال: "هذا حديث منكر، وأبو سعدٍ مجهول". "علل الحديث"(2/ 111). قال الشيخ الألباني في "الضعيفة"(1/ 62): "وهذا سند تالف! ".
385 -
وبعضه عند القُضَاعِيِّ
(1)
من حديثِ سليمانَ بنِ عمرو النَّخْعِيِّ، عن إسحاقِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أبي طلحةَ، عن أنسِ بنِ مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"النَّاسُ كَأَسْنَانِ المِشْطِ"
(2)
.
(1)
في "مسند الشهاب"(1/ 145) - رقم (195) من طريق المسيِّب بن واضح، ثنا سليمان بن عمرو النَّخْعيُّ به.
(2)
إسنادُهُ واهٍ.
أخرجه القضاعيّ، وابن عدي في "الكامل"(3/ 1099) في ترجمة سليمان بن عمرو، ومن طريقه ابنُ الجوزي في "الموضوعات"(3/ 273) - رقم (1508).
وهذا الإِسناد آفته سليمان بن عمرو النَّخْعي. قال ابن عدي بعد أنْ أورد طائفةً من أحاديثه: "وهذه الأحاديث التي ذكرتُها عن سليمان بن عمرو كلُّها موضوعة، مما وضعها هو عليهم". وقال في آخر ترجمته: "وسليمان بن عمرو أجمعوا على أنه يضع الحديث".
قلتُ: كذَّبه الإِمام أحمد، ويحيى بن معين، وابن حبَّان، والحاكم، وشريك. انظر:"الكشف الحثيث"(ص 130).
* وله شاهدٌ من حديث أبي أُمامة رضي الله عنه:
أخرجه ابن عساكر في "التاريخ"(3/ 205/ 2) من طريق بشر بن عون، عن بكَّار بن تميم، عن مكحول الشَّاميّ، عنه.
وفيه بشر بن عون: قال أبو حاتم في "الجرح والتعديل"(2/ 362): "مجهول".
وذكر ابن حبَّان في "المجروحين"(1/ 190) أن له نسخة عن بكَّار بن تميم، عن مكحول نحو مائة حديث. كلُّها موضوعة. وبكَّار بن تميم (مجهول) كما في "الجرح والتعديل"(2/ 408)، و "المغني"(1/ 171).
* وله طريقٌ مرسلٌ:
أخرجه الخطيب البغداديّ في "التاريخ"(7/ 62) في ترجمة بشر بن المِرِّيسيّ -من طريق محمد بن عبد الوهاب، حدَّثنا أبو عبد الرحمن بن بشر بن غيَّاث، عن البراء بن عبد الله الغَنَويّ، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره، وهو مع إرساله؛ فإنَّ فيه بشرَ بن غيَّاث المِرّيسيَّ، المشهور بالقول بخلق القرآن والأقوال الشنيعة.
قال الذَّهبيُّ: "مبتدع ضال، لا ينبغي أن يُروى عنه ولا كرامة". "الميزان"(2/ 35). وفيه أيضًا البراء الغَنَويّ، وهو (ضعيف) كما في "التقريب"(ص 164).
• فَإنَّ مَعْنَى هَذَا: أَنَّ النَّاس يتساوون في الإِسلامِ إذا تكافأتْ أعمالهم، وإنَّما التَّفاضل في العمل الصَّالح، والفعل الجميل.
386 -
ولأحمدَ
(1)
من طريقِ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمِيرة زوج دُرَّة ابنة أبي لهب، عن دُرَّةَ رضي الله عنها قالت: قام رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: "يا رسولَ اللَّهِ! أيُّ النَّاسِ خيرٌ؟ ".
فقال: "خَيْرُ النَّاس أَقْرَؤُهم وَأَتْقَاهُم للَّهِ عز وجل، وآمَرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ، وأَوْصَلُهُمْ للرَّحِمِ"
(2)
.
387 -
وله -أيضًا
(3)
- من حديثِ أبي الأسود، عن القاسم بنِ محمَّدٍ، عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: "مَا أَعْجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ مِنَ
(4)
الدُّنْيَا، وَلَا أَعْجَبَهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا ذُو تُقَي"
(5)
.
(1)
في "المسند"(6/ 432) من طريق أحمد بن عبد الملك، عن شريك، عن سماك، عن عبد الله بن عَمِيرة به.
(2)
إسنادُهُ فيه ضعفٌ.
أحمد بن عبد الملك، هو ابن واقد الحرَّانيّ، أبو يحيى الأسديّ (ثقة، تُكلِّمَ فيه بلا حجَّة). "التقريب"(ص 94).
عبد الله بن عَمِيرة -بفتح أوله-، تفرَّد بالرواية عنه سماك بن حرب؛ أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي. قال إبراهيم الحربي: لا أعرفه. "التهذيب"(5/ 305). وذكره ابن حبَّان في "الثقات"(5/ 42). قال في "التقريب"(ص 532): "مقبول". وسِمَاك (صدوق تغيَّر بأخرة فكان ربَّما تلقَّن). وشريك (صدوق يُخطئ كثيرًا، تغيَّر حفظه منذ ولي القضاء)؛ تقدَّما.
(3)
"مسند الإِمام أحمد"(6/ 69) عن حسن، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود به. وفي (6/ 69) من طريق يحيى، عن ابن لهيعة به. وأخرجه الطبراني في "الأوسط"(1/ 239) - رقم (539) من طريق كامل الجحدرى، عن ابن لهيعة به، وقال عقبه:"لم يرو هذا الحديث عن القاسم إلَّا أبو الأسود، تفرَّد به ابن لهيعة".
(4)
في (م): من أهل الدُّنيا.
(5)
إسنادُهُ ضعيفٌ، تفرَّد به ابنُ لهيعة.
حسن، هو ابن موسى الأشيب، أبو علي البغدادى (ثقة). "التقريب"(ص 243)، أخرج له الجماعة. وأكثر عنه الإِمام أحمد الرواية في "المسند"، فقد أخرج له سبعمائة وأربعين حديثًا. انظر: =
388 -
ولأبي يعلى
(1)
وغيره
(2)
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال:
"كَرَمُ المُؤْمِنِ دِينُهُ، وَمُرُوءَتُهُ عَقْلُهُ، وحَسَبُهُ خُلُقُهُ"
(3)
.
= "معجم شيوخ الإِمام أحمد" للدكتور عامر صبري- رقم (52).
ويحيى في الطريق الثاني، هو يحيى بن إسحاق البَجَلي، أبو زكريا، ويُقال أبو بكر السَّيْلحِينيّ (صدوق)، تقدَّم قريبًا برقم (381). روى عنه أحمد -كما تقدَّم- مائتي حديث. انظر:"معجم شيوخ أحمد" رقم (267).
وابن لهيعة الكلام فيه فاشٍ تعديلًا وتجريحًا، والعمل على تضعيف حديثه.
وأبو الأسود، هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي الأسدي (ثقة)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 871).
والقاسم بن محمد، هو ابن أبي بكر الصِّدِّيق، أحد فقهاء المدينة الكبار (ثقة). أخرج حديثه الجماعة. "التقريب"(ص 794).
أمَّا كامل الجَحْدَري في إسناد الطَّبرانيِّ، فهو ابن طلحة، أبو يحيى البصري، وثَّقه الإِمام أحمد، والدَّارقطنيُّ. "التهذيب" (8/ 355). قال في "التقريب" (ص 807):"لا بأس به". قال الهيثمي في "المجمع"(10/ 296): "رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة، وقد وُثِّق على ضعفٍ. وشيخ الطبراني أحمد بن القاسم لم أعرفه".
(1)
في "مسنده"(11/ 333) - رقم (6451) من طريق معدي بن سليمان أبي سليمان صاحب الطعام، عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا، لكن بلفظ:"كرم المؤمن تقواه، ومروءته عقله وحسبه دينه".
- وأخرجه من طريقه القُضاعيُّ في "مسند الشهاب"(1/ 197) - رقم (297).
(2)
فقد أخرجه كذلك:
ابن حبَّان في "المجروحين"(3/ 41)، والبزار (4/ 234 - كشف) - رقم (3607) من طرقٍ عن وهبٍ، عن معدي بن سليمان به. والدَّارقطنيُّ في "سننه"(3/ 182) - رقم (3757) من طريق بُنْدار، عن معدي به.
(3)
إسنادُهُ ضعيفٌ، وله شاهدٌ.
فيه معدي بن سليمان (ضعيف)، أخرج له الترمذي وابن ماجه.
فال أبو حاتم: شيخ. ونال أبو زرعة: واهي الحديث، يُحدِّث عن ابن عجلان بمناكير. وقال ابن حبَّان: كان ممن يروي المقلوبات عن الثقات، والملْزَقات عن الأثبات، لا يجوز الاحتجاج إذا انفرد. وقال النسائي: ضعيف. واعتمده الحافظ في "التقريب"(ص 959) قولًا له. وقال الشاذكوني: كان من =
389 -
وللدَّيلميِّ في "مسنده"
(1)
عن عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رضي الله عنه أنَّه صلى الله عليه وسلم قال: "كَرَمُكُمْ تَقْوَاكُمْ".
390 -
وهو عند غيره موقوفٌ على عُمَرَ أَنَّهُ قال:
"الكَرَمُ التَّقْوَى، والحَسَبُ المَالُ، لَسْتَ
(2)
بِخَيْرٍ مِنْ فَارِسيٍّ، وَلَا
(3)
نَبَطِيٍّ إِلَّا
= أفضل الناس، وكان يعدُّ من الأبدال. وصحَّح الترمذي حديثه. انظر أقوالهم في:"الجرح والتعديل"(8/ 438)، و"المجروحين"(3/ 40)، و"الميزان"(6/ 466)، و"التهذيب"(10/ 207).
• وله شاهدٌ حسنٌ، من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة:
أخرجه أحمد في "المسند"(2/ 365)، والحاكم في "المستدرك"(1/ 212) - رقم (425)، وابن حبان في "الصحيح"(2/ 233) - رقم (483)، وفي "روضة العقلاء"(ص 229)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(1/ 19) - رقم (9)، والدَّينوريُّ في "المجالسة"(6/ 311 - مشهور) - رقم (2684)، وابن أبي الدُّنيا في "مكارم الأخلاق" رقم (1)، والدَّارقطنيُّ في "السُّنن"(3/ 183) - رقم (3762)، والبيهقي في "الكبرى"(7/ 219) - رقم (13777)، وفي (10/ 328) - رقم (20810)، وفي "الآداب" له (ص 140) - رقم (140)، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"(1/ 488) - رقم (598) جميعهم من طريق خالد بن مسلم الزِّنْجي، عن العلاء به.
وفيه مسلم بن خالد الزِّنْجي شيخ الشافعي في الفقه؛ مختلفٌ فيه: فقد وثَّقه ابن معين، والدارقطنيُّ. وضعَّفه جماعة من الحفَّاظ. حديثه في سنن أبي داود وابن ماجه. انظر:"التهذيب"(10/ 116). قال الحافظ في "التقريب"(ص 938): "فقيه صدوق، كثير الأوهام".
قلتُ: ومن هذا حاله كان حديثه حسنٌ في الشواهد، وبعض أهل العلم يجعله حجَّة مطلقًا، والله تعالى أعلم.
قال الحاكم عقبه: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وله شاهد". وتعقَّبه الذَّهبيُّ بقوله: "بل مسلم ضعيف، وما خرَّج له". اهـ. يعني في "الصحيح".
• أمَّا الشاهد الذي أشار إليه الحاكم: فقد أخرجه عقبه برقم (426)، من طريق المعتمر بن سليمان، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سيد المَقْبُريّ، عن جدِّه، عن أبي هريرة.
قلتُ: ومثله لا يصلح أن يكون شاهدًا؛ فإنَّ عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد مجمعٌ على ترك حديثه. قال الحافظ في "التقريب"(ص 911): "متروك". وانظر ترجمته في: "التهذيب"(5/ 212).
(1)
لم أقف عليه في "الفردومن"، ولم أجده بهذا اللفظ في شيء من المصادر التي بين يدي.
(2)
في (م): ولستَ) بزيادة الواو. وبقية الحديث سقط من (ل).
(3)
(ولا) لم ترد في (ز).
بِتَقْوَى"
(1)
(1)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(4/ 1283) - رقم (649) من طريق أبي الأحوص، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن حسَّان بن فائد، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنحو لفظه.
- والبيهقي في "السُّنن الكبرى"(9/ 170) رقم (18343) من طريق عمرو بن مرزوق، عن شعبة به. وابن أبي الدُّنيا في "مكارم الأخلاق"(ص 70) - رقم (200) من طريق النَّضْر بن شُمَيْل، عن شعبة به، دون محلِّ الشاهد.
أبو الأحوص، هو سلَّام بن سُليْم الحنفي (ثقة متقن، صاحب حديث). أخرج له الجماعة. "التقريب"(ص 425).
وعمرو بن مرزوق في إسناد البيهقي (ثقة فاضل له أوهام). "التقريب"(ص 745). أخرج له البخاري. وأبو داود.
والنَّضْر بن شُمَيْل في إسناد ابن أبي الدُّنيا (ثقة ثبت)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 1001).
وشعبة بن الحجَّاج، وأبو إسحاق السَّبيعي، إمامان ثقتان، سبقا غير مرة، مع التنبيه إلى أن أبا إسحاق السَّبيعيّ اختلط بأخرة؛ ولكن رواية شعبة عنه قبل الاختلاط، فقد روى عنه قديمًا. انظر:"نهاية الاغتباط"(ص 273 - 279).
أمَّا حسَّان بن فائد، فهو العبْسيّ الكوفيّ، سئل عنه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (3/ 233) فقال:"شيخ".
وأورده البخاري في "تاريخه الكبير"(3/ 30) ولم يذكر فيه شيئًا.
أما ابن حبَّان فقد أورده في "الثقات" له (4/ 163). وتَرْجَمَهُ ابن حجر في "التهذيب"(2/ 231)، ولم يذكره في "التقريب"، ولم يذكره الحافظ المِزِّيّ في "تهذيب الكمال" أيضًا.
- وعزاه المؤلف في "المقاصد الحسنة"(ص 321) للعسكري بهذا اللفظ من حديث حسَّان بن فائد، عن عمر رضي الله عنه.
- وأخرجه الدَّارقطنيُّ في "سننه"(3/ 184) - رقم (3765) من طريق أبي حذيفة، عن سفيان بهذا الإسناد، إلَّا أنه قال: قال عمران:
…
فذكره. ولا أدري فلعلَّه تحرَّفت (عمر) إلى (عمران)، والله تعالى أعلم.
وأبو حذيفة، هو موسى بن مسعود النَّهديّ (صدوق سيِّئ الحفظ، وكان يُصحِّف). "التقريب"(ص 985). روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، والبخاري في المتابعات. وسفيان، هو الإِمام الكبير الثوري.
- وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(44/ 359) في ترجمة عمر بن الخطاب، من طريق ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي إسحاق به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
____
= • وله طرقٌ أُخرى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
* الأولى: من رواية الشَّعبيِّ، عن زياد بن حُدَيْر، عنه رضي الله عنه.
أخرجه الدَّارقطنيُّ في "سننه"(3/ 184) - رقم (3764)، والبيهقي في "الكبرى"(10/ 329) - رقم (20811) من طريق موسى بن داود، ثنا شعبة، عن عبد الله بن أبي السَّفْر، عنه، بلفظ:"حسب المرء دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله". قال البيهقي: "هذا الموقوف إسناده صحيح".
وهذا إسنادٌ حسنٌ رجاله ثقات، إلَّا موسى بن داود فهو صدوق له أوهام.
موسى بن داود، هو الضَّبِّيّ، أبو عبد الله الطرطوسي (صدوق فقيه زاهد، له أوهام). "التقريب"(ص 979). أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. وعبد الله بن أبي السَّفر (ثقة)، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه. "التقريب"(ص 512). وزياد بن حُدَيْر، هو أبو المغيرة الأسدي (ثقة عابد)، انفرد أبو داود بإخراج حديثه. "التقريب"(ص 344). وبقية رجاله ثقات، مضوا.
* الثانية: من رواية الشَّعبيِّ، عن عمر رضي الله عنه بلا واسطة.
أخرجه الخرائطيّ في "مكارم الأخلاق"(1/ 20) - رقم (10) من طريق علي بن حرب، عن وكيع، عن زكريا، عنه به.
ورجاله ثقات؛ لكنه منقطع.
علي بن حرب، هو أبو الحسن الموصلي (ثقة)، أخرج له النسائي؛ فقد وثَّقه ابن حبَّان، والدَّارقطنيُّ، والخطيب البغداديُّ، وأبو سعدٍ السَّمعانيُّ. وقال أبو حاتم: صدوق. "التهذيب"(7/ 252).
وزكريا، هو ابن أبي زائدة، قال في "التقريب" (ص 338):"ثقة، وكان يُدلِّس". قال صالح جَزَرَةَ: "في روايته عن الشَّعبيّ نظر؛ لأنَّ زكريا يُدلِّس". وقال أبو زرعة: "يُدلِّس كثيرًا عن الشَّعبيّ". انظر: "جامع التحصيل"(ص 214).
ووكيع بن الجرَّاح، وعامر الشَّعبيّ (ثقتان)؛ تقدَّما.
وهو منقطع كما أسلفتُ؛ فإنَّ الشَّعبيَّ لم يسمع من عمر رضي الله عنه، فلقد وُلِد لستِّ سنين خلت من خلافة عمر بن الخطاب على المشهور. انظر:"تهذيب الكمال"(14/ 28).
* الثالثة: من رواية يحيى بن سعيد، عنه رضي الله عنه.
أخرجه مالك في "الموطأ"(2/ 463) - رقم (35) ، كتاب الجهاد -باب ما تكون فيه الشهادة، عنه به، بلفظ:"كرم المؤمن تقواه، ودينه حسبه، ومروءته خلقه".
وهذا إسنادٌ رجاله -كما ترى- ثقات؛ إلَّا أنه منقطع بين يحيى وعمر؛ فإنَّ وفاة يحيى بن سعيد الأنصاري كانت سنة (144 هـ)! !
391 -
ولأحمدَ
(1)
، والتِّرمذيِّ
(2)
، عن سَمُرَةَ رضي الله عنه، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قال:
"الحَسَبُ
(3)
المَالُ، والكَرَمُ التقْوَى". وقال
(4)
: "إنَّهُ حَسَنٌ صحيحٌ غَرِيبٌ"
(5)
.
(1)
(5/ 10) من طريق يونس بن محمد، عن سلَّام بن أبي مطيع، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة.
(2)
(5/ 363) - رقم (3271) كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة الحجرات، من طريق الفضل بن سهل، عن يونس به. قال أبو عيسي:"هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلَّا من هذا الوجه من حديث سلَّام بن أبي مطيع".
(3)
(الحسب) لم ترد في (م).
(4)
في (م، ك، هـ): وقال الترمذي.
(5)
إسنادُهُ صحيحٌ.
الفضل بن سهل، هو الأعرج (صدوق). "التقريب"(ص 782). روى عنه الجماعة إلَّا ابن ماجه. ويونس بن محمد، هو المؤدِّب (ثقة ثبت). "التقريب"(ص 1099). أخرج له الجماعة. وسلَّام بن أبي مطيع، قال في "التقريب" (ص 426):"ثقة، صاحب سنة، في روايته عن قتادة ضعف". روى له البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه. وقد تكلَّم ابن عدي في روايته عن قتادة خاصة بأنها ليست مستقيمة، ولا محفوظة؛ مع توثيقه له. انظر:"الكامل"(3/ 1153، و 1155).
قلتُ: أحاديثه التي في "الصحيحين" ليست عن قتادة. وقد فصَّل الكلامَ في بيان حاله الدكتورُ صالح الرفاعي في كتابه "الثقات الذين ضُعِّفوا في بعض شيوخهم"(ص 160 - 163)، وخلاصة ما ذَكَرَ: أن الحمل على غيره فيما رواه سلَّام عن قتادة، ومنها من تُوبع عليه. ولم أرَ مَنْ تابعه عن قتادة بهذا الإِسناد. وقتادة (ثقة ثبت)، تقدَّم مرارًا. والحسن البصري (ثقة فقيه فاضل مشهور). "القريب"(ص 236).
• والحديث أخرجه:
الحاكم في "المستدرك"(2/ 177) - رقم (2690)، وفي (4/ 361) - رقم 7922) وصحَّحه ووافقه الذهبي. ومن طريقه البيهقي في "الكبرى"(7/ 135) - رقم (13554) ، وابن ماجه في كتاب الزهد - باب الورع والتقوى (2/ 1410) - رقم (4219)، وابن أبي الدُّنيا في "مكارم الأخلاق"(ص 18) - رقم (4)، والطبراني في "الكبير"(7/ 219) - رقم (6912)؛ كلُّهم من طريق يونس بن محمد به.
- وأخرجه الطبراني في "الكبير"(7/ 219) - رقم (6912) من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، عن سلَّام به. والدَّارقطنيُّ في "سننه"(3/ 182) - رقم (3756) من طريق محمد بن عيسى، عن سلَّام به. والقُضاعيُّ في "الشهاب"(1/ 46) - رقم (21) من طريق محمد بن عيسى وَأبي عُبيد =
392 -
وللمدائنيِّ
(1)
في وفادة بني تميمٍ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنَّ مالكَ بنَ أبرهة بنَ نَهْشَل المُجَاشعيَّ قال:"ألسْتُ يا رسولَ اللَّهِ أشرفُ قومي؟ ".
فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنْ كَانَ لَكَ عَقْلٌ فَلَكَ فَضْلٌ، وَإِنْ كَانَ لَكَ خُلُقٌ فَلَكَ مُرُوءَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَكَ مَالٌ فَلَكَ حَسَبٌ، وَإِنْ كَانَ لَكَ دِينٌ فَلَكَ تُقَى"
(2)
.
393 -
وكذا قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه، وقد سمع رجلًا يَخْطُرُ
(3)
بين يديه يقول
(4)
: "أنا ابنُ بَطْحَاءَ مكَّةَ كُدَيِّها فَكَدَاؤها
(5)
":
= القاسم بن سلَّام، عن سلَّام به.
• والحديث له طريقٌ آخر من حديث بريْدة بن الحُصَيْب رضي الله عنه:
أخرجه القضاعي في "مسند الشهاب"(1/ 46) - رقم (20) من طريق الحسين بن عيسى البسطامي، ثنا علي بن الحسن بن شقيق، ثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه مرفوعًا.
الحسين بن عيسى البسطامي (صدوق صاحب حديث). "التقريب"(ص 249). وعلي بن الحسن بن شقيق (ثقة حافظ). "التقريب"(ص 692). والحسين بن واقد (ثقة له أوهام). "التقريب"(ص 251). وعبد الله بن بريدة (ثقة). "التقريب"(ص 493).
(1)
عزاه له الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(5/ 545 - 546) - ترجمة مالك بن عمرو بن مالك بن بُرْهة، وابن الأثير في "أسْد الغابة"(5/ 12) - ترجمة مالك بن بُرْهة المجاشعي.
(2)
أخرجه أبو موسى المديني من طريق المدائني، عن أبي معشر نجيح، عن يزيد بن رومان، ومحمد بن كعب القُرَظي، والمَقْبُرى، ثلاثتم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال مالك بن بُرْهة: يا رسول الله!
…
فذكره.
وفيه أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني (ضعيف)؛ تقدَّم. والقُرظيُّ والمَقْبُريُّ (ثقتان)، تقدَّما غير مرة. ويزيد بن رومان (ثقة) كذلك، إلَّا أن روايته عن أبي هريرة مرسلة كما في "التقريب"(ص 1074)، ولم يتفرَّد به فقد توبع كما رأيتَ.
(3)
أي يتمايل ويمشي مِشْية المعجب بنفسه. "النهاية"(2/ 46) - مادة (خَطَرَ).
(4)
في (ز)، و (هـ):(ويقول) بزيادة الواو.
(5)
(كدِّيها وكداؤها). غير مقروءة بوضوح، ففي الأصل، و (م)، و (ز)، و (هـ): لم تظهر الهمزة، بينما هي في (ل): مقروءة بوضوح (كداؤها). وفي (ك): (فكدايها) غير مهموزة.
• فائدة: كُدَيُّ -بالضمِّ وتشديد الباء-: موضع بأسفل مكة.
وكَداء -بالفتح والمد-: الثَّنيَّة العليا بمكة مما يلي المقابر، وهي المعلا، وهي التي دخل النبي صلى الله عليه وسلم منها عام الفتح. =
"إِنْ يَكُنْ لَكَ دِينٌ فَلَكَ كرَمٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكَ عَقْلٌ فَلَكَ مُرُوءَةٌ، وَإِنْ يَكُنْ لَكَ مَالٌ فَلَكَ شَرَفٌ، وإلَّا فَأَنْتَ وَالْحِمَارُ سَوَاء"
(1)
.
وقال
(2)
الحجَّاج بن أرطأة
(3)
لِسَوَّار بنِ عبد الله
(4)
: "أَهْلَكَنِي حُبُّ الشَّرَفِ".
= وهناك موضع ثالث بمكة يُقال له: كُدَى -بالضم والقصر-: جمع كُدْية، وهي صلابة تكون في الأرض، وهو موضع يُسمَّى الثَّنيّة السُّفْلي، وهو مما يلي باب العمرة. وهو الذي دخل منه النبي صلى الله عليه وسلم مكة في العمرة. وروي بالشك في الدخول والخروج على اختلاف الرِّوايات. انظر:"معجم البلدان"(4/ 439 - 441)، و"النهاية"(4/ 156 - 157) - مادة (كدا).
(1)
إسنادُهُ ضعيفٌ، فيه مجاهيل.
أخرجه ابن أبي الدُّنيا في "الإِشراف في منازل الأشراف"(ص 211) - رقم (234) قال: حدَّثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى، حدَّثنا بكير بن بكر الغفاريّ، عن أبيه، عن رجل منهم يُقال له نضلة قال: خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمشي وبين يديه رجل يخطر وهو يقول: "أنا ابن بطحاء مكة كُديا فكداها، فوقف عليه عمر فقال: إنْ يكن لك
…
"، وذكره.
وهذا الإِسناد لم أعرفْ منه إلَّا شيخ ابن أبي الدُّنيا محمد بن عمران بن أبي ليلى، وهو منسوب ههنا إلى جدِّه، وإلَّا فهو محمد بن عمران بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاريّ الكوفيّ، انفرد الترمذي بإخراج حديثه. قال فيه أبو حاتم كما في "الجرح والتعديل" (8/ 41):"كوفي صدوق". واعتمده الحافظ ابن حجر في "التقريب"(ص 885).
أمَّا بكير بن بكر الغفاريّ [وفي "التهذيب": بكير بن بكير] ، وأبوه؛ فلم أجد لهما ترجمة. وفيه أيضًا جهالة نضلة الراوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
- وعزاه المصنِّف للعسكريّ من حديث محمد بن سلَّام، عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه. انظر:"المقاصد الحسنة"(ص 321).
ومحمد بن سلَّام المذكور لم أجد ترجمته.
(2)
(الواو) لم ترد في (ز).
(3)
مضت ترجمته برقم (336)، وله ترجمة في "أخبار القضاة"(2/ 50 - 54).
(4)
هو سوَّار بن عبد الله بن قدامة بن عَنَزَة العنبري، أبو عبد الله قاضي البصرة. مات سنة (156 هـ). وله قصة مع أبي جعفر المنصور تُظهر صلابته في الحق. قال الحافظ في "التقريب" (ص 423):"صدوق، محمود السيرة، تكلَّم فيه الثوري لدخوله في القضاء". ليس له شيء في الكتب الستة. وله ترجمة في "الجرح والتعديل"(4/ 271)، و"أخبار القضاة"(2/ 57 - 88)، و "مشاهير علماء الأمصار" رقم (1264).
فَقَالَ سوَّارٌ: "اتَّقِ اللَّهَ تَشْرُف"
(1)
.
وجاء رجلٌ لعبدِ الوارثِ بنِ سعيدٍ
(2)
فقال له: "يَا أبا
(3)
عُبَيْدَة! إِنّي حَلَفْتُ بِطَلَاق امرأتي هذه؛ أنِّي أَشْرَفُ مِنْهَا! وحَلَفَتْ هِيَ بِعتْقِ جَارِيَتها أنَّها أَشْرَفُ مِنِّي! ".
فقال: "أَشْرَفَكُمَا أَكْثركُما مَالًا"؛ وأشار إلى قوله صلى الله عليه وسلم -كما مضى
(4)
-: "الحَسَبُ المَالُ، وَالكَرَمُ التَّقْوى". فقال له الرجل: "قد سألتُ عثمانَ"
(5)
بنَ مِقْسَم البُرِّيَّ
(6)
فقال لي كما قلتَ".
وقد قال أبو العتاهية
(7)
:
كَرَمُ الفَتَى التَّقْوَى وقُوَّتُهُ
…
مَحْضُ اليَقِينِ وَدِينُهُ حَسَبُهْ
وَالأَرْضُ طِينَتُهُ وكُلُّ بَنِي
…
حَوَّاءَ فِيهَا وَاحِدٌ نَسَبُهْ
(8)
(1)
انظر: "أخبار القضاة" لوكيع (2/ 50).
(2)
هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم، أبو عبيدة التَّنُّوري. وُلِد سنة (102 هـ)، ومات سنة (180 هـ). قال الحافظ في "التقريب" (ص 632):"ثقة ثبت، رُمي بالقدر ولم يثبت عنه". أخرج له الجماعة. وله ترجمة مطوَّلة في "طبقات ابن سعد"(7/ 289)، و"سير أعلام النبلاء"(8/ 300).
(3)
في جميع النُّسَخ (يا با عُبيدة! )، بدون الألف، عدا (ك)، والمثبت منها.
(4)
برقم (391).
(5)
(عثمان) سقطت من (م).
(6)
هو أبو سلمة عثمان بن مِقسم البُرِّيّ -بضمِّ الباء وتشديد الراء المهملة- الكنديّ البصريّ. قال البرهان الحلبي: "أحد الأئمة، روى عن الكبار، وصنَّف وجمع. وكان يُنكر الميزان يوم القيامة يقول: إنما هو العدل. قال ابن معين: ليس بشيء، وهو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث". "الكشف الحثيث"(ص 181). وانظر: "ضعفاء البخاري" رقم (251)، و"ضعفاء العُقيلي"(3/ 217).
(7)
(أبو العتاهية) سقطت من (ز).
وهو الشَّاعر الزَّاهد الشَّهير، إسماعيل بن القاسم بن سويد، أبو إسحاق العَنزيَ مولاهم، المعروف بـ (أبي العَتاهية)، وهو لقبٌ لُقِّب به لاضطرابٍ كان فيه، وقيل بل كان يحبُّ المجونَ والخلاعةَ فكُنِّي لعتُوِّه (أبا العتاهية). مولده سنة (130 هـ) ونشأ بالكوفة، وهو أحد من سار قوله، وانتشر شعره، وشاع ذكره. مات في جمادي الآخرة سنة (211 هـ)، وقيل سنة (205 هـ). "تاريخ بغداد"(6/ 249 - 257)، و"الشعر والشعراء"(538 - 542).
(8)
انظر: "ديوان أبي العتاهية"(ص 32 - دار الكتب العلمية). ووقع فيه: (والأرْضُ طَيْبةٌ) بدل: (طِينَتُهُ). =
وممَّا نُسِبَ إليه:
أَلَا إِنَّمَا التَّقْوَى هُو
(1)
العِزُّ والكَرَمْ
…
وحُبُّكَ للدُّنْيَا هو الذُّلُّ وَالعَدَمْ
ولَيْسَ عَلَى حُرٍّ تَقِيٍّ نَقِيصَةٌ
…
إذَا صَحَّحَ التَّقْوَى وَلَوْ حَاكَ أَوْ حَجَمْ
(2)
ولبعضهم
(3)
:
لَعَمْرُكَ مَا الإِنْسَانُ إِلَّا بِدِينِهِ
…
فَلَا تَتْرُكِ التَّقْوَى اتِّكَالًا عَلَى النَّسَب
لَقَدْ رَفَعَ الإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ
…
وَقَدْ وَضَعَ الشِّرْكُ الشَّقِيَّ أَبَا لَهَب
ولأبي الفَضْل ابنِ أبي طاهرٍ
(4)
:
حَسْبُ الفَتَى أَنْ يَكُونَ ذَا حَسَبٍ
…
فِي نَفْسِهِ لَيْسَ حَسْبُهُ حَسَبُهْ
لَيْسَ الَّذِي يَبْتَدِي بِهِ نَسَبٌ
…
كَمَنْ إِليْهِ قَدْ انْتَهَى إليهِ
(5)
نَسَبُهْ
(6)
(1)
كذا في سائر النُّسخ (هو). وفي "الديوان المطبوع": (هي) وهو الأوفق للسياق.
(2)
انظر: "ديوان أبي العتاهية"(ص 206)، والبيْتان لهما قصة أوْردها الخطيب البغداديّ في "تاريخ"(6/ 256)، عن الرياشي قال: "أقبل أبو العتاهية ومعه سلَّة محاجم، فجلس إلينا وقال: لستُ أبرح أو تأتوني بمن أحجمه، فجئنا ببعض عبيدنا، فحجمه ئم أنشأ يقول:
…
"، وأنشد البيتيْن.
-وذكرها بإسناده إلى ابن معين أنه سمع أبا العتاهية يُنْشدها. وهي في: "تاريخ ابن معين- رواية الدُّوري"(4/ 391)، لكن قال ابن معين: قال رجل من الشعر، ولم يَنْسبها لأبي العتاهية.
(3)
الأبيات نَسَبَها ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(21/ 426) لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه من قوله.
• فائدة: رأيتُ في ترجمة الشيخ محمد نسيب الرِّفاعيِّ (المتوفى سنة 1413 هـ) -وهو أحد مَنْ اختصر "تفسير ابن كثير"، ممن صحَّت نسبته إلى ببت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أبياتًا في هذا المعنى من قوله:
وليْسَتِ النِّسْبةُ العلْيا مُشرِّفةٌ
…
إنْ لمْ يَزِنْها الفَتى بالدِّينِ والأَدَبِ
سَلْمَانُ مثْواه جنَّاتٌ مُخَلَّدةٌ
…
والنَّار قد جُعِلَتْ مَثْوى أبي لَهَبِ
والدِّينُ والنَّسَبُ الأَسمى إذا اجْتَمَعَا
…
فَازَ الفَتى بِكَرِيمِ الدِّينِ والنَّسَبِ
- انظر: "ذيل أعلام الزركلي" لأحمد العلاونة (ص 204) - دار المنارة (1418 هـ).
(4)
لم أقفْ له على ترجمة.
(5)
(إليه) لم ترد في (م)، و (ز)، ولعل الأصوب حذفها ليستقيم وزن البيت.
(6)
البيتان ذكرهما الحافظ البيهقي في "شعب الإِيمان"(4/ 292) من طريق أبي بكر الإِسماعيلي قال: أنشدنا أبو بكر بن المرزبان، أنشدني الفضل بن أبي طاهر لنفسه:
…
فذكرها.
ولِلقُطْبِ القَسْطَلَّانِيِّ
(1)
:
إذَا طَابَ أَصْلُ المَرْءِ طَابَتْ فُرُوعُهُ
…
وَمِنْ غَلَطٍ جَاءَتْ يَدُ الشَّوْكِ بِالْوَرْدِ
وَقَدْ يَخْبُثُ الفَرْعُ الَّذِي طَابَ أَصْلُهُ
…
لِيَظْهَرَ صُنْعُ اللَّهِ فِي العَكْسِ وَالطَّرْدِ
(2)
وقال محمَّد بن الرَّبيع الموصليُّ
(3)
:
النَّاسُ في صُوَرِ التِّمْثَالِ أَكْفَاءُ
…
أَبُوهُمُ آدَمُ والأُمُّ حَوَّاءُ
فَمَنْ يَكُنْ مِنْهُمُ فِي أَصْلِهِمْ
(4)
شَرَفٌ
…
يُفَاخِرُونَ بِهِ فَالطِّينُ وَالْمَاءُ
مَا الفَضْلُ إلَّا لِأَهْلِ العِلْمِ إِنَّهُمُ
…
عَلَى الهُدَى لِمَنْ اسْتَهْدَى أَدِلَّاءُ
وَوَزْنُ كُلِّ امْرِءٍ مَا كَانَ يُحْسِنُهُ
…
وَالْجَاهِلُونَ لِأَهْلِ الْعِلْمِ أَعْدَاءُ
(5)
(1)
هو الإِمام محمد بن أحمد بن على، قطب الدِّين القَسْطَلَّانيّ -نسبة لقَسْطِيليَة، وهي بلدة بالأندلس، أو من إقليم إفريقية غربي قفْصَة-. مولده بمصر عام (614 هـ)، ثم حُمل إلى مكة فنشأ بها، له رحلات كثيرة في طلب العلم، وله مصنَّفات منها:"النبراس في فضائل العبَّاس"، و"لسان البيان في اعتقاد الجنان". مات بالقاهرة سنة (686 هـ). "العقد الثمين"(2/ 35 وما بعدها)، و"ذيل التقييد"(1/ 99 وما بعدها) كلاهما للتقي الفاسي، و"ذيل لبّ اللباب"(ص 379).
(2)
البيتان في "العقد الثمين"(2/ 39)، و"طبقات الشافعية الكبرى"(8/ 44)، و"شذرات الذهب" (5/ 397) من قول القسطلَّاني. وفي "العقد":(ومن عجب) بدل (ومن غلطِ).
(3)
لم أقف على ترجمته.
(4)
في (م)، و (هـ): أصله.
(5)
الأبيات نَسبَها ابنُ عبد البر في "جامع بيان العلم"(1/ 218) لعليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه من قوله، وأنها مشهورة له، وقد سمع -كما ذَكَرَ- غير واحد ينشدها له، مع اختلاف في بعض الألفاظ، وزيادة بيتٍ وشطر بيت:
نَفْسٌ كنَفْسٍ وأرْواحٌ مُشاكلةٌ
…
وأعْظَمٌ خُلِقتْ فيهم وأعْضاءُ
وضدُّ كلِّ امْرئٍ ما كان يجْهَلُهُ
…
والجَاهِلُونَ لأهْلِ العلمِ أعداءُ
- وعزا أبو حيان البيت الأول له أيضًا رضي الله عنه. انظر: "البحر المحيط"(3/ 232).
وبعض المحققين ينسب الأبيات إلى علي بن أبي طالب القيرواني؛ قاله في "المختصر" كما في حاشية الطبعة المنيرية لكتاب "جامع بيان العلم"(1/ 48).
- وأوردها الخطيب البغدادي في "التاريخ"(4/ 391) بإسناده أن أبا عبد الرحمن مؤذن المأمون أنشدها، ولم يعزها له أو لغيره. كذلك أوردها في "الفقيه والمتفقه"(2/ 150) وعزاها لعلي بن أبي طالب على سبيل الشك، وزاد في آخرها بيتًا: =
394 -
وللعَسْكريِّ
(1)
، والقُضَاعِيِّ
(2)
، وغيرهما، عن الأعْمش، عن أبي صالحٍ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:
"مَنْ بَطَّأَ بِه عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِه نَسَبُهُ
(3)
".
وهو في "صحيح مسلم"
(4)
من حديث أبي معاوية، عن الأعمش به في حديثٍ.
395 -
ولابنِ
(5)
شاذان في "مشيخته الكبرى" من حديث فُضَيْل بن مرزوق، عن هارون بن عَنترة، عن أبيه، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ بَطَّأَ
(6)
بِه عَمَلُهُ لَا يُسْرِعْ بِه نَسَبُهُ"
(7)
.
= فَعِشْ بعلْمٍ ولا تَبْغِي به بَدَلًا
…
فالنَّاس مَوْتى وأهلُ العِلْم أحياءُ
- وأوردها السَّمْهودي في "جواهر العقدين"(ص 436)، و"الجوهر الشَّفاف"
وعزاها للموصلي كما صنع المؤلف، ونبَّه أن البيتين الأخيرين يُنسبان لعلي بن أبي طالب، وقيل لابنه الحسن. ولم يعزها ملا علي قاري في "مرقاة المفاتيح"(8/ 638) لأحدٍ.
(1)
في "الأمثال"(2/ 247) من طريق إبراهيم بن الحسن العلَّاف، حدَّثنا أبو عَوَانة، عن الأعمش به.
(2)
في "مسند الشهاب"(1/ 245) - رقم (393) من طريق أحمد بن يونس، ثنا زائدة، عن الأعمش به؛ لكنهما قالا:"من أبطأ".
(3)
في الأصل: (بنسبه)، وما أثبتناه من (م)، و (ز)، و (ك)، و (ل)، و (هـ).
(4)
في كتاب الذكر والدعاء والتوبة -باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر (4/ 2074) - رقم (2699) من طريق يحيى بن يحيى وَأبي بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء، ثلاثتهم عن أبي معاوية، عن الأعمش به.
(5)
(الواو) لم ترد في (م) وَ (ك).
(6)
كذا بالأصل، و (هـ)، وفي (م)، و (ز)، و (ك)، و (ل):"من يُبْطئ".
(7)
إسنادُهُ حسنٌ، وهو صحيحٌ بما قبله.
تقدَّم رجال هذا الإِسناد برقم (211).
والمعنى: أن من قصَّر في العمل لم يَنْفَعْه النَّسب
(1)
.
396 -
وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: "يا بني هاشم! لَا يَجِيئني النَّاسُ بالأَعْمَالِ، وتَجِيئُوني بِالأَنْسَابِ"
(2)
.
ونحوه الحديث الماضي
(3)
: "يا بني عبد المطَّلِب! أَنْقِذُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ النَّارِ".
397 -
وكذا في "الأدب المفرد"
(4)
للبخاريِّ من حديثِ إسماعيلَ بنِ عُبَيْدٍ، عن أبيه، عن جَدِّه رفَاعَةَ بنِ رَافِع رضي الله عنه
(5)
، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعمر:"اِجْمَعْ لِي قَوْمَكَ".
فجمعهم؛ فلمَّا حضروا بابَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عليه عُمَرُ فقال: "قد
(6)
جمعتُ لك قومي".
فسمع ذلك الأنصارُ فقالوا: "قد نَزَلَ في قُرَيْشٍ الوَحْيُ"؛ فجاء المُسْتَمِعُ والنَّاظِرُ ما يقال لهم. فخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقام ين أظهرهم فقال: "هَلْ فِيكُمْ مِنْ غَيْرِكُم؟
(7)
".
قالوا: "نَعَم؛ فينا حَلِيفُنا، وابنُ أُخْتِنَا، وَمَوالِينا".
قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "حَلِيفُنَا مِنَّا، وابنُ أُخْتِنَا مِنَّا، وَمَوْلَانَا مِنَّا؛ أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ: إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُم
(8)
المُتَّقُون، فَإِنْ كُنْتُمْ أُوْلئِكَ فَذَاك، وَإِلَّا فَانْظُرُوا، لَا يَأْتِي النَّاسُ
(1)
قال النَّوويُّ في "شرح مسلم"(17/ 22 - 23).
"معناه: من كان عمله ناقصًا لم يلْحقه بمرتبة أصحاب الأعمال؛ فينبغي أن لا يتَّكل على شرف النَّسب وفضيلة الآباء، ويُقصِّر في العمل".
(2)
لم أقف عليه بهذا اللفظ، وانظر الأحاديث الآتية قريبًا.
(3)
برقم (136)، وهو في "صحيح مسلم".
(4)
(ص 40) - رقم (75).
(5)
(عنه) سقطت من الأصل، وما أثبتناه من باقي النُّسخ.
(6)
في (م): إنِّي قد جمعتُ لك.
(7)
في (م): هل فيكم من غير! هكذا.
(8)
(منكم) لم ترد في (هـ) وَ (ك).
بِالأعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَتَأْتُونَ بِالأَثْقَالِ، فَيُعْرَضُ عَنْكُمْ".
ثم نادى فقال
(1)
: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ! -ورفع يديه يَضَعَهُمَا
(2)
عَلَى رؤوس قُرَيْشٍ- أَيُّهَا لنَّاسُ! إِنَّ قُرَيْشًا أَهْلُ أَمَانَةٍ، مَنْ بَغَى بهم- قَالَ زُهَيْرٌ رَاوِيه: أَظُنُّهُ قَالَ: العَوَاثِر-، كَبَّهُ اللَّهُ عز وجل لِمنْخَرَيْهِ". يقول ذلك ثلاث مرَّات
(3)
.
398 -
وكذا أخرجه البزَّار في "مسنده"
(4)
، وهو عند الحاكم في تفسير سورة الأنفال من "مستدركه"
(5)
مختصرٌ.
(1)
(فقال) سقطت من (ز).
(2)
تصحَّفت (يضعهما) في (ز) إلى: (بعضهما).
(3)
إسنادُهُ حسنٌ.
أخرجه في باب مولى القوم من أنفسهم، من طريق عمرو بن خالد، حدَّثنا زهير، حدَّثنا عبد الله بن عثمان قال: أخبرني إسماعيل بن عُبيْد به. مضى إسناد هذا الحديث برقم (349). وعمرو بن خالد، هو ابن فرُّوخ التميمي (ثقة). أخرج له البخاري، وابن ماجه. "التقريب"(ص 734). وزهير، هو ابن معاوية أبو خيثمة (ثقة ثبت)، أخرج له الجماعة. "التقريب"(ص 342).
(4)
(3/ 294 - كشف) - رقم (2780) من طريق بشر بن المفضَّل، ثنا عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن إسماعيل به. قال البزار:"لا نعلم يرويه بهذا اللفظ إلَّا رفاعة بن أبي رافع، وهذه الطريق من حِسَان الطرق التي تُروى عنه".
(5)
"مستدرك الحاكم"(2/ 358) - رقم (3266) من طريق سفيان، عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم، عن إسماعيل بن عُبيْد بن رفاعة، عن أبيه، عن جدِّه؛ مختصرًا بلفظ:"جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا فقال: "هل فيكم غيركم؟ ". قالوا: فينا ابن أختنا، وفينا حليفنا، وفينا مولانا. فقال: "حليفنا منا، وابن أُختنا منا، ومولانا منا، إنَّ أوليائي منكم المتقون". قال الحاكم:"هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرِّجاه". ووافقه الذَّهبيُّ.
- وأخرجه الطبراني في "المعجم الكبير"(5/ 45، 46) - برقم (4544، 4545، 4547) من طرقٍ عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم به. قال الهيثمي عقب إيراده في "مجمع الزوائد"(10/ 26): "ورجال أحمد والبزار، وإسناد الطبراني ثقات".
وقد ساق المصنَّف شطره الأخير: "إنَّ قريشًا أهل أمانة
…
" في الباب المتقدِّم برقميْ (349، 350) من طريق الشافعي والبيهقي بهذا الإِسناد، وتتبَّعتُ -هناك- طرقه في تخريجه.
• وله شاهدٌ مرسلٌ من حديث الحَكَمِ بن مِيناء -بالكسر- مرفوعًا:
أخرجه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(5/ 251) - رقم (2778)، وأبو يعلي في "مسنده"=
399 -
وفي "الأدب المفرد"
(1)
للبخاريِّ، وغيره، من حديث عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"إنَّ أَوْلِيَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ المُتَّقُون، وإِنْ كَانَ نَسَبٌ أَقْرَبَ مِن نَسَبٍ. فَلَا يَأْتِينِي النَّاسُ بِالأَعْمَالِ، وَتَأْتُوِنِي بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى رِقَابِكُمْ، فَتَقُولُونَ: يَا مُحَمَّد! فَأَقُولُ هكَذَا، وهكَذَا. وَأَعْرَضَ فِي كُلِّ عطْفيه". وكذا
(2)
هو عند ابنِ
(3)
أبي الدُّنْيا
(4)
.
400 -
وفي "المسند"
(5)
عن معاذِ بنِ جبلٍ، أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا بعثه إلى اليمن خرج معه يُوصِيه، ثُمَّ التفتَ فأَقبل بوجهه إلى المدينة فقال:
"إنَّ أَوْلَى النَّاس بِي المُتَّقُون مَنْ كَانُوا"
(6)
.
= (3/ 150) - رقم (1579) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن سعيد المَقْبُريّ، عن أبي الحويرث، أنه سمع الحَكَم بن مِيناء أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لعمر:
…
فذكره.
وفيه: "يا معشر قريش! اعلموا أن أولى الناس بالنَّبيِّ المتقون، فانظروا -ولفظ ابن أبي عاصم: فأبصروا-، لا يأتيني الناس بالأعمال يوم القيامة، وتأتون بالدُّنيا تحملونها فأصدَّ عنكم بوجهي، ثم قرأ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: آية 68] ".
وهو مرسلٌ؛ لأن الحكم بن ميناء من أولاد الصَّحابة، لم يلقَ النبي صلى الله عليه وسلم. قال الهيثمي في "المجمع" (10/ 277):"رواه أبو يعلي مرسلًا، وفيه أبو الحويرث وثَّقه ابن حبان وغيره. وضعَّفه غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح".
قلتُ: أبو الحويرث، هو عبد الرحمن بن معاوية بن الحويرث؛ تقدَّم.
(1)
(ص 309) - رقم (897).
(2)
في (م): وهكذا.
(3)
(ابن) سقطت من (م)، و (ك).
(4)
لم أقف عليه عنده.
(5)
(5/ 235).
(6)
إسنادُهُ صحيحٌ.
أخرجه في "المسند" من طريق أبي المغيرة، ثنا صفوان، حدَّثني راشد بن سعد، عن عاصم بن حُميد، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
أبو المغيرة شيخ أحمد، اسمه عبد القدوس بن الحجَّاج الخولاني الحمصي، روى له الجماعة، =
401 -
وأخرجه الطَّبرانيُّ
(1)
وزاد فيه: "إِنَّ أَهْلَ بَيْتِي هؤلاء يرون أَنَّهُم أَوْلَى النَّاسِ بِي؛ وليس كذلك. إِنَّ أَوْلِيَائِي منكم المُتَّقُون مَنْ كَانُوا، حَيْثُ كَانُوا".
402 -
وللشَّيْخيْن من حديثِ قيسِ بنِ أبي حازمٍ، عن عمرو بنِ العاصِ رضي الله عنه قال
(2)
: سمعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم -جِهَار غَيْرَ سِرٍّ- يقول:
"إنَّ آلَ أَبي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاء، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وصَالِحُ المُؤْمِنِيْن"
(3)
؛ لفظ مسلم.
403 -
وزاد البخاريُّ بآخره تعليقًا من وجهٍ آخر عن قيسٍ، عن عمرو
(4)
رضي الله عنه، سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم:
= وروى عنه أحمد في "المسند" مائة وثمانية وخمسين حديثًا. "معجم شيوخ أحمد"(ص 234). قال الحافظ في "التقريب"(ص 618): "ثقة". وصفوان، هو ابن عمرو بن هرم السكسكي الحمصي (ثقة) ، أخرج له مسلم والأربعة. "التقريب"(ص 454). وراشد بن سعد، هو المَقْرئي وفي "التهذيبيْن" المَقرائي (ثقة كثير الإِرسال). روى له الأربعة، والبخاري تعليقًا في كتاب الجهاد. "التقريب"(ص 315). وعاصم بن حُميْد، هو السّكوني الحمصي، من أصحاب معاذ بن جبل، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه. قال الدَّارقطنيُّ وابن حبَّان:(ثقة). "التهذيب"(5/ 38). وقال في "التقريب"(ص 471): (صدوق مخضرم). وقد تكلَّم البزار في سماعه من معاذ. وردَّه ابن حجر في "التهذيب" بما يُفيد سماعه منه.
• لطيفة: الإِسناد -كما رأيت- من أوله إلى منتهاه من رواية الحمصيِّين بعضهم عن بعض، وهو من لطائف الإِسناد.
(1)
في (المعجم الكبير)(20/ 120) - رقم (241) من طريق أبي المغيرة به.
(2)
(قال) سقطت من (م).
(3)
متَّفقٌ عَلَيْهِ.
أخرجه البخاري في كتاب الأدب -باب تُبلُّ الرَّحم ببلاها (10/ 419 - مع الفتح) - رقم (5990) من طريق عمرو بن عبَّاس، عن محمد بن جعفر، عن شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم به.
- ومسلم في كتاب الإِيمان -باب موالاة المؤمنين (1/ 197) - رقم (215) من طريق الإِمام أحمد، عن محمد بن جعفر به.
- وهو في "المسند"(4/ 203).
(4)
في (م): عن عمر رضي الله عنه.
"ولكِنْ لَهُم رَحِمٌ سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا؛ يعني أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا"
(1)
.
ولهذه الجملة تَرجَمَ البخاريُّ في البرِّ والصِّلة من "صحيحه"
(2)
فقال: "باب تُبَلُّ الرَّحِمُ بِبلالِها". وَوَصَلَهَا في برِّ الوالدين
(3)
. وكذا وصلها أبو نُعَيْمٍ
(4)
، والإِسْمَاعِيليُّ
(5)
، وآخرون.
404 -
واقتصر الطَّبرانيُّ في "معجمه الكبير"
(6)
على إِيرادها من هذا الوجه بلفظ:
"إِنَّ لبني
(7)
أَبِي طَالِبٍ عِنْدِي رَحِمًا
(8)
سَأَبُلُّهَا بِبِلالِهَا".
(1)
علَّقه البخاري في "الصحيح"(10/ 419) عن عَنْبسة بن عبد الواحد، عن بيان، عن قيس، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(2)
انظر (10/ 419 - مع الفتح).
(3)
لم أجد الرواية في "الصحيح" ولعلها في خارجه، وكذا في "الأدب المفرد" كما عزاه الحافظ. ولم أجده في "الأدب" المطبوع. قال البخاري: حدَّثنا محمد بن عبد الواحد بن عنبسة، حدَّثنا جدِّي
…
فذكره؛ أشار إليه الحافظ في "الفتح"(10/ 22، )، وفي "هدي السارى"(ص 62)، وذكره أيضًا في "تغليق التعليق"(5/ 86 - 87). وأشار إلى وصله كذلك البدر العيني في "عمدة القاري"(22/ 95).
(4)
(أبو نُعيم) لم ترد في (ز).
وقد وصلها أبو نُعيم في "المستخرج على صحيح البخاري" من طريق الفضل بن المرفق، عن عنبسة ابن عبد الواحد -بمسند البخاري-، عن بيان، عن قيس بن أبي حازم، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه رفعه؛ هكذا عزاه الحافظ في "الفتح"(10/ 420). وأشار إليه في "تغليق التعليق"(5/ 87)، و"هدي الساري"(ص 62).
(5)
في "مستخرجه على صحيح البخاري" من طريق فهد بن سليمان، ثنا محمد بن عبد الواحد، حدَّثني عنبسة بن عبد الواحد
…
فذكره. أشار إليه الحافظ في "الفتح"(10/ 420، 422)، وفي "هدي الساري"(ص 62)، وكذا في "تغليق التعليق"(5/ 87).
(6)
لم أعثر عليه عبد الطبراني بهذا اللفظ في مظانه بعد طول بحثٍ وتفتيش.
(7)
في (م): ابني.
(8)
(رحمًا) سقطت من (م).
وكذا وقعت الزِّيادة عند مسلمٍ في "صحيحه"
(1)
في حديثِ
(2)
أبي هريرة؛ اتَّفقا عليه -كما أَسْلَفْتُهُ في الباب الثاني
(3)
-، ما عدا الزِّيادة فانْفرد بها مسلمٌ، عكس ما وقع في حديث عمرو. وهو محمولٌ على غير المسلم منهم
(4)
، فإِنَّ من جملة آل أبي
(5)
طالبٍ عليًّا، وجعْفرًا رضي الله عنهما، وهما من أخصِّ النَّاس بِالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، لما لهما من المسابقة والتَّقَدُّم
(6)
في الإِسلام، ونَصْرِ الدِّين
(7)
.
405 -
بل في بعض الأحاديث ممَّا رُوي مرفوعًا وموقوفًا، لكن لا نُطيل ببيان علَّته هنا:
"صَالِحُ المُؤْمِنِين عليٌّ رضي الله عنه"
(8)
.
(1)
كتاب الإِيمان - باب قول الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} (1/ 192) - رقم (204)، وفد تقدَّم برقم (136).
(2)
في (ز، هـ): في حديثٍ عن أبي هريرة.
(3)
انظر رقم (136).
(4)
حكاه ابن التين عن الدَّاوودي، فهو على هذا المعنى أطلق الكل (آل أبي طالب) وأراد البعض (الكافر منهم)، والمنفيّ على هذا المجموع لا الجميع. انظر:"فتح الباري"(10/ 420).
(5)
في (م) من جملة آل بني طالب!
(6)
في (م)، و (ك)، و (هـ): لما لهما من السَّابقة والقِدَم.
(7)
"المرجع السابق".
(8)
هذا الحديث يُروى مرفوعًا وموقوفًا، ولا يثبتُ من طريقٍ مقبولٍ.
• أما المرفوع؛ فإنه يُروى من طريقين عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم:
1 -
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نَفْسِهِ:
أخرجه ابن أبي حاتم -كما عزاه ابن كثير في "تفسيره"(7/ 56) - قال: حدَّثنا علي بن الحسين، ثنا محمد بن أبي عمر، ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن [علي بن] الحسين، قال: أخبرني ثقة يرفعه إلى عليٍّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ، قال:"هو عليُّ بن أبي طالب".
- وهو في "تفسير ابن أبي حاتم"(10/ 3362) - رقم (18923) ولكن بلا إسناد. وفيه محمد بن جعفر بن محمد العلويّ، تُكلِّم فيه، وتقدَّم الكلام عليه برقم (340). وعلي بن الحسين شيخ ابن أبي حاتم، هو المعروف بـ (ابن إشكاب)، وثَّقه النسائي وغيره. "الكاشف" (2/ 37). قال ابن أبي حاتم:"روى عنه أبي، وكتبتُ عنه معه، وهو صدوق ثقة. سئل عنه أبي فقال: صدوق". انظر: "تهذيب الكمال"(20/ 379). ومحمد بن أبي عمر، هو الحافظ العَدَني صاحب "المسند"، منسوب ههنا =
وإِنَّما خصَّه بالذِّكر تنويهًا بذكره؛ لكونه رأسَهم
(1)
.
قال النَّوويّ رحمه الله: "ومعنى الحديث: إِنَّ وليِّي من كان صالحًا وإِن بَعُدَ مِنِّي نَسَبُهُ،
(2)
وليس وليي من كان غيرَ صالح وإِن قَرُبَ منِّي نسبُه"
(3)
.
وقال غيره: "المعنى: إنِّي لا أوالى أحدًا بالقرابة، وإِنَّما أُحِبُّ اللَّه تعالى لِمَا له
(4)
من الحقّ الواجب على العباد، وأُحِبُّ صالح المؤمين لوجه الله تعالى، وأوالي من أوالي بالإِيمان والصَّلاح، سواء
= إلى جدِّه وإلَّا فهو ابن يحيى. قال في "التقريب"(ص 882): "صدوق". ولم أجده في "المطالب العالية". قال الحافظ ابن كثير عقبه: "إسناده ضعيف وهو منكر جدًّا".
وقال ابن حجر في "الفتح"(10/ 422): "بسندٍ منقطع".
2 -
عن أسماء بنت عُميْس رضي الله عنها قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "صالح المؤمنين عليٌّ بن أبي طالب".
أخرجه ابن مردويه كما عزاه الحافظ في "الفتح"(10/ 422) وقال: "بسند ضعيف". وعزاه السيوطي في "الدُّرِّ المنثور"(6/ 374).
• وأمَّا الموقوف، فهو يُروى عن ابن عبَّاس، ومجاهد، ومحمد بن علي الباقر، وابنه جعفر الصَّادق:
1 -
أخرج ابن مردويه، وابن عساكر كما في "الدُّرِّ المنثور"(6/ 374) من طريق أبي مالك، عن ابن عبَّاس في قوله:{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} ، قال:"صالح المؤمنين عليُّ بن أبي طالب".
عزاه له الحافظ في "الفتح"(10/ 422) وقال: "وفي سنده راوٍ ضعيفٌ". وأبو مالك، هو غَزْوان الغِفاريّ، مشهور بكنيته، مضى عند أثر رقم (45) أنه ثقة.
2 -
أخرج ابن جرير الطبري عن مجاهد بن جبر قال: "هو عليٌّ".
عزاه له الحافظ في "الفتح"(10/ 422)، وقال:"بسند ضعيف"؛ ولم أجده في "التفسير".
3 -
عن محمد بن علي الباقر، وابنه جعفر بن محمد الصَّادق نحوه.
ذكره عنهما النَّقَّاش كما عزاه الحافظ في "الفتح"(10/ 422). وحكم شيخ الإِسلام ابن تيمية على الحديث بأنه كذب موضوع. انظر: "منهاج السُّنَّة النَّبويَّه"(7/ 294).
(1)
انظر: "فتح الباري"(10/ 422).
(2)
من هنا إلى آخر كلام النَّوويّ سقط من (ل).
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (3/ 88).
(4)
في (م): (ماله)؛ وهو تصحيف.
أكانوا
(1)
من ذوي رحمي أم لا؛ ولكن أرْعى
(2)
لذوي الرَّحم حقّهم لصلة الرَّحم"
(3)
.
406 -
وكُلُّ ذلك ممَّا يشهد للحديثِ المرويِّ عن أنس رضي الله عنه، أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"آلُ محمَّدٍ كُلُّ تَقِيٍّ"
(4)
.
(1)
في (م): (كانوا)؛ بدون الألف.
(2)
في (م): أرى.
(3)
صاحب هذا الكلام هو العلَّامة شرف الدِّين الطِّيبيّ المتوفي سنة (743 هـ) في كتابه: "شرح مشكاة المصابيح" المسمَّى: بـ"الكاشف على حقائق السُّنن"(9/ 148) - من منشورات إدارة القرآن والعلوم الإِسلامية بباكستان، ط: الأولى (1413 هـ). وهو كلام منقَّحٌ كما قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(10/ 421).
(4)
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
وهو يُروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه من طريقين:
الأول: عن يحيى بن سعيد الأنصاريّ، عنه رضي الله عنه.
أخرجه الطبراني في "المعجم الصغير"(1/ 115)، و"الأوسط"(4/ 35) - رقم (3332) من طريق نُعيْم بن حمَّاد، حدَّثنا نوح بن أبي مريم، عنه، وفيه قال أنس بن مالك رضي الله عنه:
سئل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ مَنْ آل محمد؟ فقال: "كلُّ تقيِّ". وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: 34]. قال الطبراني عقبه في الموضعين: "لم يروه عن يحيى بن سعيد إلَّا نوح، تفرَّد به نُعيم".
- ومن طريقه أبو بكر ابن مردويه في "تفسيره" كما عزاه ابن كثير في "التفسير"(3/ 313). وفيه نُعيم بن حمَّاد، مختلفٌ يه، تقدَّم غير مرة.
ولكن علَّته نوح بن أبي مريم، وهو نوح بن يزيد بن عبد الله، قاضي مرو، أبو عصمة المروزي، مشهور بكنيته، وهو المعروف بـ (نوح الجامع)، اتَّهمه بالكذب والوضع؛ عبد الله بن المبارك، والحاكم، وابن حزم الظاهري، وابن حجر. انظر:"الميزان"(7/ 55)، و"المغني في الضعفاء"(2/ 466)، و"التقريب"(ص 1010)، و"تجربد أسماء الرواة" (ص 270). وضعَّفه آخرون. انظر:"الجرح والتعديل"(8/ 2210)، و"التاريخ الكبير"(8/ 111)، و"أحوال الرجال"(ص 344)، و "ضعفاء الدَّارقطنيّ"(ص 376).
قال الحافظ في "فتح الباري"(11/ 161) وقد أشار إليه من رواية الطبراني: "
…
ولكن سنده واهٍ جدًّا".
- والدَّيلمي في "الفردوس بمأثور الخطاب"(1/ 418) - رقم (1692) بلا إسناد. وعزاه بعض =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
____
= الباحثين إلى "زهر الفردوس"(1/ 75) من طريق محمد بن أشرس، عن عمر بن عقبة، عن محمد بن مزاحم، عن النَّضر بن محمد، عن أبي إسحاق الشَّيباني عنه.
وفيه محمد بن أشرس، قال الذَّهبيُّ في "المغني" (2/ 268): "ضعيف بمرَّة
…
واتَّهمه بعضهم، وتركه محمد بن يعقوب بن الأخرم". ونحوه في "الميزان" (6/ 73):"متَّهم في الحديث، وتركه أبو عبد الله الأخرم الحافظ وغيره". وضعَّفه الدَّارقطنيُّ كما في "اللسان"(5/ 91). وهذا الطريق يردُّ قول الحافظ الطبراني الماضي: "لم يروه عن يحيى بن سعيد إلَّا نوح"، فهذه رواية أبي إسحاق الشَّيبانيّ عنه.
الثاني: عن أبي هرمز نافع بن هرمز، عنه رضي الله عنه.
أخرجه تمَّام في "فوائده"(5/ 40 - الروض البسَّام" - رقم (1648) من طريق أبي جعفر أحمد بن عمرو بن إسماعيل الفارسي المُقْعَد، نا شيبان بن فرّوخ عنه. وفيه: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ مَنْ آل محمد؟ فقال: "كلُّ تقيٍّ من أمَّة محمَّدٍ".
- والعُقيلي في "الضعفاء الكبير"(4/ 287) في ترجمة نافع بن عبد الواحد أبي هرمز-، ومن طريقه ابنُ الجوزي في "العلل المتناهية"(1/ 266) - رقم (429) من طريق صلي بن عبد العزيز، حدَّثنا مسلم بن إبراهيم، عنه.
قال العُقيلي في نافع: "الغالب على حديثه الوهم". وقال عقب روايته: "لا يُتابع عليه".
وقال ابن الجوزي عقبه: "هذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم". وانظر: "تلخيص العلل" للذهبي- رقم (215).
- والبيهقي في "الكبرى" كتاب الصلاة - باب من زعم أن آل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هم أهل دينه عامة (2/ 218) - رقم (2873) من طريق علي بن الحسن بن زياد، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، عنه. قال البيهقي بعده:"وهذا لا يحلُّ الاحتجاج بمثله، نافع السّلميّ أبو هرمز بصريّ، كذَّبه يحيى بن معين، وضعَّفه أحمد بن حنبل وغيرهما من الحفَّاظ".
- وابن عدي في "الكامل"(7/ 2513) في ترجمة نافع أبي هرمز- من طريق إبراهيم بن شريك، ثنا أحمد بن يونس به. وقال في آخر ترجمته:"وعامة ما يرويه غير محفوظ، والضَّعف على روايته بيِّن".
وهذا الإِسناد واهٍ كذلك، المتَّهم به -كما رأيتَ- نافع بن هرمز وهو (متروك)، وقد اتُّهم بالكذب. انظر:"الجرح والتعديل"(8/ 455)، و"ضعفاء ابن الجوزي"(3/ 156)، و"الميزان"(7/ 8)، و"المغني"(2/ 450).
قال المصنِّف في أول "المقاصد الحسنة"(ص 30) وقد أورده: "وأسانيدها ضعيفة، ولكن لها شواهد كثيرة. منها في "الصحيحين" قوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنَّما وليي الله وصالح المؤمنين". كما بيَّنتُها في "ارتقاء الغُرَف". اهـ.
• وخلاصة الكلام: أن الحديث لا يتقوَّى بهذه الشَّواهد التي ذكرها المؤلف المرفوعة والموقوفة، =
و
(1)
لذلك يُحْكى في "نوادر أبي العَيْنَاء"
(2)
:
أنَّه غضَّ من بعض الهاشميِّين
(3)
فقال له: أتغضُّ منِّي وأنتَ تُصلِّي عليَّ في كل صلاةٍ في قولك: اللَّهُمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ
(4)
مُحمَّدٍ؟ ! فقال: إِنِّي أريد الطَّيِّبين الطَّاهرين؛ ولسْتَ منهم! ".
(5)
وقد تمسَّك بآية البابِ
(6)
-مع كثيرٍ ممَّا أَسْلَفْتُهُ من الأحاديث- مَنْ ذَهَبَ من العلماء إِلى أن النَّسب في الكفاءة في النِّكاح لا تُشْتَرَط
(7)
، وإِنَّما المشْترط الدِّين
= وذلك لضعفه الشديد، واتِّهام رواته؛ ومثله -والحال ما ذُكِرَ- لا ينجبر بالشواهد ولو كثرت، ويؤخذ بما صحَّ، ويُترك ما وهي؛ والله أعلم.
(1)
(الواو) سقطت من (ز).
(2)
انظر كتاب: "أبو العَيْناء -دراسة وتوثيق في حياته ونثره وشعره ونوادره وأخباره ومروياته"(ص 190). وقد اعتنى الدكتور أنور أبو سويلم بنوادر أبي العَيْناء شعرًا ونثرًا، جمعًا وتوثيقًا، في الكتاب السابق- ط: الأولى (1410 هـ)، مع الإِشارة إلى أن الشيخ محمد بن ناصر العُبُودي قد سبقه إلى ذلك في دراسةٍ سمَّاها:"أخبار أبي العَيْناء اليماميّ"- نشر دار اليمامة بالمملكة عام (1398 هـ- 1978 م)، والخبر في "جمع الجواهر في الملح والنوادر" للقيروانيّ (ص 189)، و"معجم الأدباء" لياقوت (5/ 402)، و"مرآة الجنان" لليافعيّ (2/ 147)، و"فتح الباري"(11/ 160)، و"شذرات الذهب" لابن العماد (2/ 181).
• وأبو العَيْناء: هو العلَّامة الأخباري، محمد بن القاسم بن خلَّاد البصري الضرير النديم. وُلِدَ بالأهواز ونشأ بالبصرة. أخذ عن أبي عاصم النبيل، والأصمعي، وعنه الحَكيمي، وأبو بكر الأدَمي، وآخرون. قال فيه الدَّارقطنيُّ: ليس بالقوي مات سنة (283 هـ). انظر ترجمته في: "تاريخ بغداد"(3/ 389 - 396)، و"معجم الأدباء"(5/ 397 - 410)، و"سير أعلام النبلاء"(13/ 308 - 309)، و"العبر"(2/ 69)، و"البداية والنهاية"(11/ 78).
(3)
وقع في (م): "الهاشمين"!
(4)
(آل) سقطت من (م).
(5)
من هنا إلى قوله: (في محلِّه) في الصفحة المقابلة، تأخَّر في (ك)، و (ل) بعد قول ابن العديم الآتي.
(6)
الآية هي قوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} ، الحجرات (آية: 13).
(7)
في (م)، و (ز): يُشترط؛ بالياء.
فقط
(1)
؛ ولكن الجمهور على خلافه حَسْبَما بُسِطَ في محلِّه
(2)
.
407 -
لكن قال ابنُ العَدِيمِ
(3)
فيما رويناهُ عنه:
"أخبرني محمد بن محمد بن أحمد بن يوسف الأَنْصَاريُّ السَّلاويُّ
(4)
قال:
(1)
ذهب إلى هذا القول الإِمام مالك. انظر: "عقد الجواهر الثمينة"(2/ 26 - 27).
وهو قول سفيان الثوري، والحسن البصري، والكرخي من الحنفية. انظر:"الإِفصاح"(2/ 99)، و"بدائع الصنائع"(2/ 317).
واختاره المحقِّقون من أهل العلم، كشيخ الإِسلام ابن تيمية في "الفتاوى"(19/ 26 - 30)، وتلميذه ابن القيِّم في "زاد المعاد"(5/ 158 - 161)، والأمير الصَّنعاني في "سبل السلام"(3/ 274 - 275)، والقاضي الشَّوكاني في "السيل الجرار"(2/ 295).
* وللصَّنعاني كلامٌ مهمٌ في هذه المسألة أودُّ سياقه بنصِّه لنفاسته، فقد قال -رحمه الله تعالى-:
"وللناس في هذه المسألة عجائب لا تدور على دليل غير الكبرباء والتَّرفُّع! ولا إله إلَّا الله؛ كم حُرِمَتِ المؤمناتُ النِّكاحَ لكبرياء الأولياء واستعظامهم أنفسهم! اللهم إنَّا نبرأ إليك من شرطٍ ولَّده الهوى، وربَّاه الكبرياء! ولقد مُنِعَتِ الفاطميَّاتُ في جهة اليمن ما أحلَّ الله لهنَّ من النِّكاح لقول بعض أهل مذهب الهادوية: إنه يحرم نكاح الفاطمية إلَّا من فاطميٍّ، من غير دليلٍ ذكروه، وليس هو مذهبًا لإِمام المذهب الهادي عليه السلام، بل زوَّج بناته من الطَّبريين
…
"، إلخ كلامه.
(2)
ذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة، والشَّافعي، وأحمد -في المشهور عنهم- أن الكفاءة في النَّسب تشترط في النِّكاح. انظر:"بدائع الصنائع"(2/ 317 - 319)، و"روضة الطالبين"(5/ 425)، و"مغني المحتاج"(3/ 165)، و"المغني"(7/ 27 - 28)، و"الإِنصاف"(8/ 107 - 108).
ثم اختلفوا، هل هي شرط صحةٍ أم شرط لزوم؟ وقد أطال في هذه المسألة وذِكْرِ اختلاف أهل العلم وأقوالهم فيها؛ الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه:"أحكام الزواج في ضوء الكتاب والسُّنَّة"(ص 199 - 220).
(3)
هو عمر بن أحمد بن هبة الله، الصَّاحب كمال الدَّين، ابن العَدِيم الحلبيّ الحنفيّ المؤرِّخ، المعروف بـ "ابن أبي جرادة". صاحب كتاب "بغية الطلب في تاريخ حلب"، وُلِدَ بحلب سنة (588 هـ)، وكان جليل القدر، كثير العلوم، شاعرًا، فقيهًا، من بيت مشهور بالعلم والفضل، وله كتاب آخر سمَّاه "زبدة الحلب في تاريخ حلب". مات بمصر سنة (660 هـ).
- "معجم الأدباء"(4/ 433 - 463)، و"تاج التراجم"(ص 222)، و"إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء"(4/ 444 - 472).
(4)
هو محمد بن محمد بن أحمد السَّلاويّ -نسبة إلى سلا، مدينة بالمغرب-، ولم أجده منسوبًا إلى الأنصار، ولعلَّه لم يشتهر بذلك، أبو عبد الله الحنفيّ، سمع من أبي عبد الله الأرتاحي، كان فاضلًا =
أخبرني الشَّريف القاضي الرَّازيُّ الحَنَفِيُّ
(1)
أنَّه رأى والدي -يعني أبا عبد الله السَّلاويَّ
(2)
- في المنام في سنة ثلاثٍ وعشرين وستمائة، فقال له:"ما فعل الله بك؟ ".
فقال: "غفر لي". فقلتُ له: "بماذا؟ ".
فقال: "بشيء من النِّسْبة بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم".
قال: فقلتُ له: أنتَ شريفٌ؟ ". فقال: "لا".
فقلتُ: "فمن أين النِّسبة؟ ". فقال: "كِنسْبة الكلب إلى الرَّاعي".
قال ابنُ العَدِيمِ: "فَأَوَّلْتُه، بِانْتِسَابه إِلى الأَنْصَار".
فقال ابنه: "أَوْ إِلى العلم".
قلتُ
(3)
: خصوصًا علم الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "أَوْلَى النَّاسِ بي أَكْثَرُهُم عليَّ صلاةً"
(4)
؛ [إِذ هم كثر النَّاس عليه صلاةً]
(5)
،صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
408 -
[بل روينا في الثَّاني عشر من "المجالسة"
(6)
للدِّينوريِّ، عن وَهْبِ بنِ
= على مذهب أبي حنيفة، وله معرفة بالشروط. سكن حلب ومات بها في جُمادى الآخرة سنة (632 هـ). "إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء"(4/ 358).
(1)
لم أقف على ترجمته.
(2)
هو أبو عبد الله، محمد بن أحمد بن يوسف السَّلاويُّ. قدم من المغرب فاعتقد مذهب أبي حنيفة. قال ابن العديم: قدم حلب في حدود الستمائة، وحدَّث فيها بسيرة ابن هشام. وكان شيخًا حسنًا، وكتب الكثير، وله مصنَّفات في الفقه. مات بحلب سنة (616 هـ)، وقيل (610 هـ). "تاج التراجم"(ص 256)، و"إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء"(4/ 322).
(3)
(قلت) لم ترد في (ز).
(4)
إسنادُهُ ضعيفٌ.
مضى في مقدمة المؤلف برقم (1).
(5)
ما ببن المعقوفين سقط من (ز).
(6)
(4/ 470) - تحقيق مشهور) - رقم (1687) من طريق عبد المنعم، عن أبيه، عن وهب بن مُنبِّه، بنحو لفظه. وهو الجزء الثاني عشر من المخطوط كما أشار المصنِّف.
مُنَبِّه
(1)
قال:
بلغني أن اللَّهَ عز وجل قال للعُزَيْر: "مَنْ بَرَّ والديه رضيتُ عنه، وإِذا رضيتُ باركتُ، وإِذا باركتُ بلَّغت الرَّابعةَ من النَّسْل"
(2)
.
409 -
ونحوه قولُ بعضهم: "المؤمن محفوظٌ في ولده، وولد ولده"
(3)
]
(4)
.
(1)
هو وهْب بن مُنبِّه بن كامل اليماني، أبو عبد الله الأبْناويّ، كان قاضي صنعاء، ويُقال إنه من أبناء فارس، روى عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله. وعنه عمرو بن دينار، وابناه عبد الله وعبد الرحمن، قرأ كثيرًا من كتب الأنبياء الأقدمين. مات سنة مائة وبضعة عشر. قال الحافظ:"ثقة". "تهذيب الكمال"(31/ 140)، و"التقريب"(ص 1045).
(2)
إسنادُهُ واهٍ.
فيه عبد المنعم بن إدريس بن سنان اليماني، وهو كذَّاب يضع الحديث.
قال الإِمام أحمد: "كان يكذب على وهب". وكذَّبه أيضًا يحيى بن معين، واتَّهمه ابن حبَّان بالوضع، ووهَّاه البخاري، والفلَّاس، وأبو زرعة، والحاكم، وغيرهم. انظر:"التاريخ الكبير"(6/ 138)، و"الجرح والتعديل"(6/ 67)، و"المجروحين"(2/ 157)، و"المغني في الضعفاء"(2/ 17)، و"الميزان"(4/ 419)، و"اللسان"(4/ 91)، و"الكشف الحثيث"(ص 174). وأبوه إدريس، قال فيه الدارقطنيُّ كما في "الضعفاء والمتروكين" رقم (359):"متروك".
(3)
هو من كلام التَّابعيِّ الجليلِ محمَّد بنِ المنكدر رحمه الله.
أخرج الحميديّ في "مسنده"(1/ 185) - رقم (373) من طريق سفيان، ثنا محمد بن سُوقة، عنه رحمه الله تعالى قال:"إن الله عز وجل ليحفظ بحفظ الرجل الصَّالح ولدها وولد ولده، ودُوَيْرته التي فيها، والدويرات حوله، فما يزالون في حفظٍ من الله عز وجل".
وإسنادُهُ في غاية الصِّحة.
سفيان، هو ابن عيينة. وابن سوقة، وابن المنكدر، ثلاثتُهم ثقات من رجال الشَّيخين. انظر:"التقريب"(ص 395، ص 899، ص 852).
• ويُروى من حديث أبي سعيدٍ الخدريِّ مرفوعًا، بسند ضعيف.
أخرجه الدَّارقطنيُّ في "الغرائب والأفراد" كما في "أطرافه" للمقدسي (5/ 88) - رقم (4767) من طريق عمرو بن عطية، عن أبيه، عن أبي سعيد الخُدريّ رضي الله عنه. وعزاه له المصنِّف في "المقاصد" بهذا الإِسناد. قال الدَّارقطنيُّ:"تفرَّد به عمرو بن عطية عن أبيه".
قلتُ: وهو ضعيفٌ لا يُحتجُّ به. قال البخاري: "في حديثه نظر". "الضعفاء الكبير"(3/ 290).
وقال أبو زرعة: "ليس بالقوي". "الجرح والتعديل"(6/ 250). وقال الدارقطنيُّ: "ضعيف". "الضعفاء والمتروكون" له (ص 304). وأبوه، عطية بن سعد العوفيّ، ضعيف هو الآخر؛ تقدَّم مرارًا.
(4)
ما بين المعقوفين سقط من (هـ)، و (ل)، و (ك). ومن هذا الموضع إلى نهاية القصص التي =
410 -
وروينا
(1)
ممَّا أخرجه الحاكم في "صحيحه"
(2)
وقال: "صحيحٌ على شرطهما"
(3)
، من حديثِ عبدِ الملك بن ميسرة، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابن عبَّاس في قوله تعالى
(4)
: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}
(5)
. قال: "حُفِظَا بِصَلَاحِ أَبِيهِما، وما ذَكَرَ عنهما صَلاحًا"
(6)
.
411 -
ومن حديثِ عمرو بن مُرَّة، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ في قوله:{أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}
(7)
. قال:
"إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ ذُرِّيَّهَ المُؤْمِنِ معه في دَرَجَتِهِ في الجَنَّةِ، وإِنْ كَانُوا دونه في العَمَلِ، ثُمَّ قَرَأ:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ}
(8)
. يقول: "وما
= سيوردها المؤلف لم ترد في (ز).
(1)
في (ك)، و (هـ): بل روينا.
(2)
(2/ 400) - رقم (3395).
(3)
ووافقه الذَّهبيُّ.
(4)
(تعالى) لم ترد في (م)، و (ك)، و (هـ).
(5)
الكهف (آية: 82).
(6)
إسنادُهُ صحيحٌ.
أخرجه من طريق الحميديّ، حدَّثنا سفيان، عن مِسْعَر، عن عبد الملك به.
- وهو في "مسند الحميدي"(1/ 184) - رقم (372).
سفيان، هو ابن عُيينة. ومِسْعَر، هو ابن كِدَام الهلاليّ (ثقة ثبت فاضل). "التقريب"(ص 936).
وعبد الملك بن ميْسرة، هو الهلاليّ الرَّزَّاد (ثقة). "التقريب"(ص 628). وكلُّهم أخرج لهم الجماعة.
(7)
الطور (آية: 21).
وقُرئ {ذُرِّيَّتُهُمْ} و {ذُرِّيَّاتِهِمْ} . وهما قراءتان متواترتان. انظر: "التيسير في القراءات السبع"(ص 165)، و"النشر في القراءات العشر"(2/ 377).
(8)
الطور (آية: 21).
وقُرئ {وَاتَّبَعَتْهُمْ} : بوصل الألف وفتح التاء والعين وتاء ساكن بعد العين.
وقُرئ {وَأَتْبَعْنَاهُمْ} : بقطع الألف وإسكان التاء والعين ونون وألف بعد النون، وهما قراءتان متواترتان. انظر:"التيسير في القراءات السبع"(ص 165)، و"النشر في القراءات العشر"(2/ 377).
نَقَصْنَاهُم"
(1)
.
412 -
وعن شريكٍ، عن سالمٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ قال:
"يَدْخُلُ الرَّجُلُ
(2)
الجَنَّةَ فيقول: أين أبي؟ أين أُمِّي؟ أين ولدي؟ أين زوجي؟ ".
فيقال له: "لم يعْمَلوا مِثلَ عملِك"، فيقول:"كنتُ أعْمَلُ لي ولهم".
فيقال لهم: "أُدْخُلُوا الجَنَّهَ"، ثُمَّ قَرَأ:{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}
(3)
"
(4)
.
(1)
إسنادُهُ صحيحٌ.
أخرجه الحاكم (2/ 509) - رقم (3744) من طريق عبد الرزاق، عن الثوري، عن عمرو بن مرَّة به. ومن طريقه البيهقي في "السُّنن الكبرى"(10/ 268) - رقم (21080)، وأخرجه في (10/ 268) - رقم (21079) من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة به. وابن جرير في "تفسيره" (27/ 24) من طريقين: عن مؤمل، عن سفيان، عن عمرو بن مرَّة به. ومن طريق شعبة، عن عمرو بن مرة. ورجاله ثقات، تقدَّموا جميعًا.
(2)
(الرجل) لم ترد في (م).
(3)
الرَّعد (آية: 23).
(4)
لم أقف على الرِّواية الموقوفة على سعيد بن جبير.
• وقد رُوي عن ابن عبَّاس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم:
أخرجه الطبراني في "الصغير"(1/ 229)، و"الكبير"(11/ 349) - رقم (12248) من طريق محمد ابن عبد الرحمن بن غزوان، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبَّاس مرفوعًا. قال الطبراني في "الصغير":"لم يروه عن سالم إلَّا شريك، تفرَّد به ابن غزوان". ولكن فيه: وتلا ابن عباس {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ
…
} الآية.
وفيه محمد بن عبد الرحمن بن غَزْوَان. قال الدَّارقطنيُّ: "كان يضع الحديث". "المغني في الضعفاء"" (2/ 338)، و"الميزان" (6/ 235)، و"الكشف الحثيث" (ص 238). وقال ابن عدي: "له أحاديث عن ثقات الناس بواطيل". وقال: "روى عن شريك أحاديث أنكرت عليه، وعن حمَّاد بن زيد كذلك، وهو ممن يُتَّهم بوضع الحديث". "مختصر الكامل" (ص 669). وقال ابن حبان:"يروي عن أبيه وغيره من الشيوخ العجائب التي لا يشكُّ مَنْ هذا الشأن صناعته أنها معمولة، أو مقلوبة". "المجروحين"(2/ 305). وقال الهيثمي: "وفيه محمد بن عبد الرحمن بن غزوان، وهو ضعيف". انظر: "مجمع الزوائد"(7/ 114)؛ ولا يخفى ما فيه من التَّساهل. =
فإِذا كان هذا فيمن كان الصَّالح هو السَّابع من آبائهما فيما قيل، أو الرَّابع في عموم الذُّرِّيَّة، فخصوص ذُرِّيَّة نبيِّنا أولى وأحرى، لا سيَّما وقد قيل:"إِنَّ حَمَامَ الحَرَمِ من حمامتين عشَّشَتَا على فمِ الغار الذي اختفى فيه رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؛ فَأُكْرِمَ سائرُ الحَمَامِ لهما"
(1)
.
• ويُسْتَأْنَس لذلك بحكايات، منها:
= وسالم، هو الأفطس (ثقة)، تقدَّم برقم (48)، وشريك، هو النَّخعيّ (صدوق سيِّئ الحفظ)، تقدَّم برقم (74).
(1)
إسنادُهُ منكرٌ.
أخرجه البزار في "مسنده"(2/ 300 - كشف) - رقم (1741)، واللفظ له، والطبراني في "المعجم الكبير"(20/ 443) - رقم (1082)، وأبو نُعيم في "دلائل النبوة"(2/ 11)، والبيهقي في "الدلائل" أيضًا (2/ 481)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير"(3/ 422)، وابن سعد في "الطبقات"(1/ 229)؛ من طرقٍ عن عون -وفي بعض المصادر عوين وهو لقبه- بن عمرو القيسي، عن أبي مصعب المكي، عن زيد بن أرقم، والمغيرة بن شعبة، وأنس بن مالك رضي الله عنه يُحدِّثون:
"أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا كان ليلة بات في الغار أمر الله تبارك وتعالى شجرة فنبتت في الغار فسترت وجه النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأمر الله تبارك وتعالى النكبوت فنسجت على وجه الغار، وأمر الله تبارك وتعالى حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، وأتى المشركون من كلِّ بطن حتى كانوا من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على قدر أربعين ذراعًا معهم قسيُّهم وعصيُّهم تقدَّم رجل منهم فنظر فرأى الحمامتين، فرجع فقال لأصحابه: ليس في الغار شيء، رأيت حمامتين على فم الغار، فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمع النَّبيُّ قوله: فعلم أن الله تبارك وتعالى قد درأ بهما عنه، فسمَّت عليهما، وفرض جزاءهما، واتَّخذ في حرم الله تبارك وتعالى فرخين -أحسبه قال: - فأصل كلُّ حمامِ الحرم من فراخهما".
قلتُ: مدار هذا الإِسناد على عون بن عمرو القيْسي، وهو منكر الحديث.
وأبو مصعب مجهول. قال ابن معين في عون: "لا شيء". وقال البخاري: "منكر الحديث". "ميزان الاعتدال"(5/ 369). وقال أبو حاتم: "شيخ! ". الجرح والتعديل" (6/ 386). وقال العُقيلي: "لا يُتابع عليه عون، وأبو مصعب رجل مجهول".
قال البزار: "لا نعلم رواه إلَّا عون بن عمير، هو بصري مشهور، وأبو مصعب فلا نعلم حدث إلَّا عوين". وقال الذهبي: "أبو مصعب لا يعرف". "الميزان"(5/ 370). وقال الهيثمي: "رواه البزار والطبراني، وفيه جماعة لم أعرفهم". "المجمع"(6/ 53). وقال الحافظ ابن كثير: "هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه". "البداية والنهاية"(3/ 180). وقال الألباني: "منكر". "السلسلة الضعيفة"(3/ 259).
(1)
عن علي بن عيسى الوزير
(2)
قال:
"كنتُ أُحْسنُ
(3)
إِلى العَلَوِيَّة
(4)
براتبٍ لهم ولعيالهم؛ لِكَسْوتهم ونفقتهم في سَنَتِهِمْ؛ أدْفَعُهُ لهَم في شهر رمضان، فاتَّفق اجتيازي بواحد منهم يومًا وهو سكران بأسوأ حال، فقلتُ في نَفْسي: أنَا أعْطِي هذا الفاسقَ خَمْسَةَ آلافِ دِرْهَمٍ يُنْفقها في معصية الله! لأَمْنَعَتَّه". فلمَّا جاء رمضانُ جاءني جُمْلةُ الجماعة، فَلم أُعْطِهِ شَيئًا، وقلتُ له: "أَمَا رأيتُك وأنتَ سَكْرَان في وقت كذا؟ ! فلا تَعُدْ إِليَّ بعدها! ".
فلمَّا كانت ليلة ذاك
(5)
اليوم رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في النَّوم وهو مُعْرِضٌ عَنِّي، فاشتدَّ عليَّ ذلك! وقلتُ: "يا رسولَ اللَّهِ! هذا مع كثرة إِحساني لأولادك، وبرِّي لهم
(6)
، وكثرة صلاتي عليك! ".
قال: "فَلِمَ رَدَدْتَ ولدي فلانًا عَنْ بَابِكَ أقْبَحَ رَدٍّ، وخَيَّبْتَهُ، وقَطَعْتَ رَاتِبَهُ كُلَّ سَنَةٍ".
فقلتُ: "لأَنِّي رَأيْتُهُ على فاحشةٍ، وكَرِهْتُ أنْ أُعِينَهُ على المعصية".
فقال: "أكُنْتَ تُعْطِيهِ لأَجْلِهِ أوْ لِأَجْلِي؟ ! ". قال: "فقلتُ: بل لأجلك".
قال: "أفَمَا كَانَ يَجْمُلُ أنْ تَسْتُرَ عَلَيْهِ عَثْرَتَهُ لِأَجْلِي؟ ! ".
(1)
من هذا الموضع إلى قوله: (وعقد التوبة مع الله) في آخر القصة؛ لم يرد في (ك)، و (ل)، و (هـ).
(2)
هو علي بن عيسى بن داود بن الجراح، أبو الحسن الوزير. وُلِدَ سنة (245 هـ)، وسمع الحسن بن محمد الزعفراني، وعمر بن شبة، وروى عنه ابنه عيسى، والإِمام الطَبراني. وَزَرَ للمقتدر بالله، والقاهر بالله، كان كثير الصَّدقات والإِنفاق في وجوه البرِّ على الفقراء، أثنى عليه الخطيب والذَّهبيُّ ثناءً عاطرًا، صنَّف كتابًا سمَّاه "جامع الدُّعاء". مات في جمادي الآخرة سنة (334 هـ). "تاريخ بغداد"(12/ 14)، و"معجم الأدباء"(4/ 188)، و"النبلاء"(15/ 298).
(3)
في (م): أحسنت.
(4)
في (م): إلى العلويين.
(5)
في (م): الليلة ذلك!
(6)
في (م): إليهم.
فقلتُ: "كرامةً وعِزًّا". وانْتَبَهْتُ، فَأَرْسَلْتُ خَلْفَه، ودَفَعْتُ له عشرة آلاف. فسألني عن سبب ذلك بعدما تقدَّم، فَأَعْلَمْتُه، فَبَكَى، وعَقَد التَّوْبَةَ مَعَ اللَّه
(1)
.
• ومنها ما أورده التَّقِيُّ الفاسيُّ الحافظُ
(2)
في ترجمة أبي عبد الله محمَّد بن عمر [بنِ يوسف بنِ عمر]
(3)
الأنصاريِّ القُرْطُبِيِّ
(4)
، من كتابه:"العقد الثَّمين في تاريخ البلد الأمين"
(5)
، أنه كانت له أخبار مع الملك الكامل "صاحب
(6)
مصر"
(7)
في حقِّ شرفاء المدينة وتعظيمهم، بحيث سافر إِلى مصر مع بعضهم لقضاء حاجته عنده، وكان يتولَّى خدمتهم بنفسه، فما وَسِعَ الكامل إِلَّا قضاها لإِجلاله
(8)
الشَّيخ حين
(9)
كان يأتي إِليه للزَّيارة.
(1)
لم أقف على الخبر فيما وقفتُ عليه من مصادر ترجمة الوزير.
وأورده الشَّريف السَّمْهوديُّ في "جواهر العقدين"(ص 373)، وأعاده في "الجوهر الشَّفَّاف في فضائل الأشراف"(ق 117/ ب) - مخطوط بمكتبة الحرم المكي الشَّريف برقم (2629)، بسياق أتم مما ههنا، وفي آخره قال العلوي:"نذرت لله نذرًا واجبًا أني لا أعود إلى مثل ما رأيتني عليه، ولا أرتكب معصية أبدًا وأُحْوِجُ جدِّي أنْ يُحاجَّك من جهتي".
وقد ذكر صاحب "مرآة الجنان"(2/ 237 - 328) قصَّتين وقعتا للوزير، أولاهما تشبه هذا الخبر، ولكن ليس مع علويٍّ.
(2)
تقدَّمت الإِشارة إلى مصادر ترجمته.
(3)
ما بين المعقوفتين سقطت من (م).
(4)
هو شيخ الحرمين في زمانه. مات في صفر عام (631 هـ). ترجمته في: "العقد الثمين"(2/ 325 - 38) - ط: دار الكتب العلمية (1419 هـ).
(5)
انظر: (2/ 326).
(6)
العبارة في (م): أي صاحب في مصر!
(7)
هو الملك الكامل الأيوبي، بُويع بالسلطنة في مصر بعد وفاة والده الملك العادل سة (615 هـ). انظر ترجمته وأخباره في:"السلوك في معرفة دول الملوك"(1/ 313 وما بعدها)، و"المواعظ والاعتبار"(2/ 235)، و"النجوم الزاهرة"(6/ 200 وما بعدها).
(8)
العبارة في (م): لجلالة الشيخ.
(9)
في (م)، و (ك)، و (هـ): حتى كان.
وإِنَّ سببَ تعظيم
(1)
الشَّيخ لهم؛ كون شخص منهم مات، فتوقَّف عن الصَّلاة عليه؛ لكونه كان يَلْعَبُ بالحَمَام
(2)
، فرأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في المنام
(3)
ومعه ابنته فاطمة الزَّهراء رضي الله عنها، فأعْرَضَتْ عنه، فَاسْتَعْطَفَهَا حَتَى أَقْبَلَتْ عَلَيْه، وعاتَبَتْهُ قائلةً: "أَمَا يَسَعُ جَاهُنَا مُطَيْرًا
(4)
! ".
• ونحوه ما
(5)
حكاهُ الفاسيُّ -أيضًا
(6)
- في ترجمة "صاحب مكَّة" الشَّريفِ أبي نُمَى محمد بن أبي سعد حسن بن علي بن قتادة الحَسَنِيِّ
(7)
:
أنَّه فيما بلغه لمَّا مات امتنع الشَّيخُ عفيفُ الدِّينِ الدَّلَاصِيُّ
(8)
مِن الصَّلاة عليه؛
(1)
في (م): تعظيمهم!
(2)
لأنَّ اللعب بالحمام منهيٌّ عنه، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا يتبع حمامةً فقال: "شيطانٌ يتبع شيطانة".
أخرجه أبو داود في الأدب، باب اللعب بالحمام (4/ 285) - رقم (4940)، وابن ماجه في نفس الكتاب والباب (2/ 1238)، رقم (3765)، وأحمد في "المسند"(2/ 345)، والبخاري في "الأدب المفرد"(ص 441)، رقم (1300)؛ كلُّهم من طريق محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وهو حسنٌ بهذا الإِسناد.
ويُروى من حديث عثمان بن عفان، وعائشة رضي الله عنهما.
• وقد عدَّ جماعة من أهل العلم اللعب بالحمام من خوارم المروءة!
قال الموفِّق ابن قدامة في "المغني"(10/ 172): "فصلٌ: واللاعب بالحمام يُطيِّرها لا شهادة له، وهذا قول أصحاب الرأي. وكان شريحٌ لا يُجيز شهادة صاحب حَمَام ولا حمَّام، وذلك لأنه سَفَهٌ ودناءةٌ وقلة مروءة، ويتضمَّن أذى الجيران بطيْره وإشرافه على دورهم، ورَمْيه إياها بالحجارة".
(3)
(في المنام) لم ترد في (م).
(4)
لم أقف على ترجمة مُطَيْرٍ المذكور.
(5)
في (م)، و (ك)، و (هـ): مما.
(6)
انظر: "العقد الثمين"(2/ 159)، وفيه أنه قال لفاطمة رضي الله عنها لمَّا سألته:(إنه ظالم! ). وليس فيه: (فبادر واعترف بالظلم).
(7)
من أشهر أمراء مكة الأشراف الحَسنيين، ولي إمرة مكة خمسين سنة إلَّا أوقاتًا يسيرةً. مات في صفر سنة (701 هـ). انظر ترجمته في:"العقد الثمين"(2/ 148 - 161)، و"غاية المرام"(2/ 9 - 44).
(8)
هو عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله، أبو محمد القرشيّ المخزوميّ الدَّلاصيّ- بالفتح=
فرأى في المنام فاطمةَ رضي الله عنها وهي بالمسجد الحرام، والنَّاس يُسَلِّمُون عليها، وأنَّه رام السَّلامَ عليها فَأَعْرَضَتْ عنه ثلاثَ مرَّاتٍ
(1)
! فتحامل عليها وسألها عن سبب إِعراضها عنه.
فقالت له: "يموتُ ولدي ولا تُصَلِّي عليه؟ ! "، فبادر واعترف بالظُّلم.
• وحكى التَّقِيُّ المَقْرِيزيُّ
(2)
عن يعقوب بن يوسف بن علي بن محمد المَغْرِبيِّ
(3)
:
أنَّه كان بالمدينة النَّبَوِيَّة في رجب سنة سبع عشرة وثماني مائة، فقال له الشيخُ العابدُ أبو عبد الله محمد الفارسيُّ
(4)
وهما بالرَّوضة النَّبويَّة:
إِنَّي
(5)
كنتُ أُبْغِضُ أشرافَ المدينة النَّبَوِيَّة بني حسينٍ؛ لِمَا يُظْهِرُونَ مِنَ التَّعَصُّبِ على أَهْلِ السُّنَّةِ، ويتظاهرون به من البدع! فرأيت وأنا نائم بالمسجد النَّبَوِيِّ تجاه القبر الشَّريف رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يقول:"يَا فلان -بِاسْمِي- مَا لِيَ أَرَاكَ تُبْغِضُ أَوْلَادِي؟ ! ".
= والتخفيف، نسبةً إلى دلاصٍ قريةٍ بصعيد مصر. -"لبّ اللباب"(1/ 330) -، شيخ الإِقراء بالحرم المكي الشَّريف. مات سنة (705 هـ). ترجمته في:"معرفة القراء الكبار"(ص 384)، و"البداية والنهاية"(14/ 103 - 104)، و"العقد الثمين"(4/ 376 - 378)، و"غاية النهاية"(1/ 427).
(1)
في (م)، و (ك)، و (هـ): ثلاث مرار.
(2)
هو المؤرِّخ الشهير، تقي الدِّين أحمد بن علي المَقْرِيزيُّ -نسبةً لحارة المقارزة ببعلبكَ - الحُسينيّ العُبيديّ، صاحب المصنَّفات الشَّهيرة. مولده سنة (766 هـ). عن أشهر مؤلفاته:"السلوك لمعرفة دول الملوك"، و"المواعظ والاعتبار". مات عام (845 هـ). "إنْباه الغُمْر"(9/ 170 - 182)، و"التبر المسبوك"(ص 21 - 24)، و"ذيل لبّ الباب"(ص 385).
(3)
سمَّاه السخاوي في "الضوء اللامع"(10/ 265) تبعًا للمقريزي في "عقوده": (يحيى بن يوسف بن علي بن محمد المغربي المالكي)، وأشار أنَّ المقريزي ساق له عن أبي عبد الله الفارسي في كرامات الآل حكايةً؛ قال السخاوي:"ذكرتُها في (الارتقاء) ".
(4)
لم أتعرَّف عليه.
(5)
في (ك)، و (هـ): إنني.
فقلتُ: "حاشا للَّهِ، ما أَكْرَهُهُم
(1)
، وإِنَّمَا كَرِهْتُ منهم ما رأيتُ مِنْ تَعَصُّبهم على أَهْلِ السُّنَّةِ".
فقال لي مسألة فقهيَّة: "أَلَيْسَ الوَلَدُ العَاقُّ يُلْحَقُّ بِالنَّسَبِ؟ ".
فقلتُ: "بلى يا رسولَ اللَّهِ"، فقال: "هَذَا وَلَدٌ عَاقٌّ
(2)
".
قال: فلمَّا انْتَبَهْتُ صِرْتُ لَا أَلْقَى مِن بني حسينٍ أَشْرافِ المدينة أحدًا إِلَّا بالغتُ في إِكرامِه
(3)
.
• وحكى -أيضًا
(4)
- عن الرَّئيس شمس الدِّين محمد بن عبد الله العُمَريِّ
(5)
قال:
سِرْتُ يومًا في خدمة الجمال محمود العَجَمِيِّ المُحْتَسِبِ
(6)
من منزله، ومعه نُوَّابُهُ وأَتْبَاعُهُ إلى بيت الشَّريف عبد الرَّحمن الطَّباطبيِّ المؤذِّن
(7)
، فاسْتأذَنَ عليه فخرج إِليه فأدخله منزله، ودخلنا معه، وعَظُمَ عليه مجيء المُحْتَسِب إِليه،
(1)
في (م): ما أُبْغِضهم.
(2)
في (م): هذا ولدي.
(3)
القصة أوردها المقريزي في كتابه: "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على مَنْ عداهم"(ص 81)، وقد تصرَّف ناشر الكتاب في عنوانه وطبعه باسم:"فضل آل البيت".
(4)
انظر: "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي" للمقريزي (ص 85). أشار إليها ابن حجر في "إنباء الغُمْر"(1/ 56)، والمصنَّف في "الضوء اللامع"(4/ 86)؛ كلاهما في ترجمة الطباطبيّ.
(5)
هو أحد أعيان موقِّعي الدَّست، كان شيخًا فاضلًا. مات سة (829 هـ). ترجمته في:"الضوء اللامع"(8/ 113). وانظر في معنى (الدَّست): "معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي"(ص 75).
(6)
هو جمال الدِّين محمود بن علي القيْصري الرُّوميّ المعروف بـ (العَجَمِيّ) - بفتح المهملة والجيم، وكسر الميم، نسبةً إلى العَجَمِ وبلاد فارس، ومَنْ لسانه غير العربية. "الأنساب"(4/ 161) - قدم مصر قديمًا، ومات بها في ربيع الأوَل سنة (799 هـ). ترجمته في:"إنباء الغُمْر"(3/ 362)، و"حسن المحاضرة"(1/ 472)، و"الفوائد البهية"(ص 209).
(7)
هو مؤذِّن الركاب السُّلطانيِّ، الشَّريف عبد الرحمن بن عبد الكافي بن علي الحسنيّ الطَّباطبيّ، ينتهي نسبه إلى الحسن بن علي رضي الله عنه. مات سنة (801 هـ). ترجمته في:"إنْباء الغُمْر"(4/ 65)، و"الضوء اللامع"(4/ 86).
فلمَّا اطمأنَّ به المجْلِسُ قال للشَّرِيفِ: "يا سيِّد
(1)
حالِلْني".
فقال: "مِمَّاذا يا مولاي
(2)
؟ ".
فقال: "إِنَّك لمَّا جلستَ البارحةَ عند السُّلطانِ الظَّاهِرِ بَرْقُوق
(3)
فوقي عزَّ ذلك عليَّ وقُلْتُ في نَفْسي: كيف يجلس هذا فوقي؟ ! ".
فلمَّا كان اللَّيل رأيتُ في منامي النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال لي: "يا مَحْمُودُ! أَتَأْنَفُ
(4)
أَنْ تَجْلِسَ تحت ولدي؟ ! ".
فبكى الشَّريفُ عند ذلك وقال: "يا مولانا! مَنْ أَنا حتَّى يَذْكُرُنِي النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم". وبكى الجماعة، ثُمَّ سألوهُ الدُّعاءَ وانْصَرَفوا.
• وحكى الجمال أبو محمَّدٍ عبدُ الغفَّار بن المعين أبي العباس أحمد بنِ عبدِ المجيدِ الأنْصَارِيُّ الخَزْرَجِيُّ الأقْصُرِيُّ القُوصِيُّ -عُرِفَ بابن نوح
(5)
- في كتابه "المُنْتَقَى من كتاب الوحيد في سلوك أهل التَّوحيد والتَّصديق والإِيمان بأولياء الله في
(1)
في (م)، و (هـ)، و (ك)، و (ل): يا سيِّدي.
(2)
كذا في الأصل، و (ل)، وفي بقيه النُّسخ: يا مولانا.
(3)
هو الملك الظاهر برقوق بن أنس الجركسي العثماني، منسوبًا إلى عثمان وهو أحد تجار الرقيق جلبه إلى مصر. وهو أول ملوك الشراكسة في مصر. انظر ترجمته وأخباره في:"الجوهر الثمين"(ص 261)، و"السلوك"(6/ 441 - 448)، و"إنْباء الغُمْر"(4/ 50 - 54)، و"النجوم الزاهرة"(12/ 3 - 130)، و"الضوء اللامع"(3/ 10).
(4)
في (م): تأنف.
(5)
كان رجلًا صالحًا عابدًا متجرِّدًا متصوفًا! طلب العلم وسمع الحديث من الحافظيْن الدِّمياطيّ، والمحبّ الطَّبريّ، وصَحِبَ الشَّيخيْن: أبا العبَّاس المُلثَّم، وعبد العزيز المُنوفي من أجل الطريق!
ذكَرَ الشَّعرانيُّ أنه كان يجمع بين الحقيقة والشريعة! قال: ويُحكى أنه أكل مع ولده يقْطينًا، فقال لولده: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحبُّ اليقطين. فقال: ما هذا إلَّا قذارة! فسلَّ السيفَ وضرب عنق ولده! له كتاب: "الوحيد في سلوك أهل التوحيد" في مجلدين -ضاهى به "رسالة القشيري" في سرد مَنْ اجتمع به منهم، أتى فيه بالعجائب والغرائبّ! وكان يقول الشعر الجيد. مات بالقاهرة سنة (708 هـ)، "طبقات الشافعية الكبرى"(10/ 87 - 88)، و"الدُّرر الكامنة"(2/ 385 - 386)، و"طبقات الشعراني"(3/ 139).
كلِّ زمان"
(1)
، عن الحاجَّة أُمِّ نجم الدِّين ابنة مطروح زوجة القاضي سراج الدِّين -وكانت من الصَّالحات
(2)
- قالت:
"حَصَلَ لنا غلاءٌ بمكَّة، أَكَلَ النَّاسُ فِيه الجُلُودَ، وكُنَّا ثمانية عشر نَفْسَا، وكنَّا
(3)
نعمل ما مقداره نصف قَدَح حُسْوة
(4)
، فبينما نحن كذلك؛ إِذ جاءنا من الدَّقيق أربع عشرة
(5)
قطعة، فَاقْتَطَعْتُ منها الزَّائد على العشرة. وقلتُ له -أي لزوجها-: أنتَ تُرِيدُ أن تَقْتلنا من الجوع؟ ! ". وفرَّق العشر على أهل مكَّة.
فلمَّا كان اللَّيل قام من منامه وهو مَرْعُوبٌ، ورُبَّما قالت: يبكي! فقلتُ له: "ما بالك؟ ".
قال: رأيتُ السَّاعَةَ في منامي فاطمةَ الزَّهراء رضي الله عنها
(6)
وهي تقول: "يا سِراجُ
(7)
! تأْكُل البُرَّ وَأَوْلَادي جِيَاع؟ ! ".
وَنَهَضَ إِلى القِطَعِ التي أَخَّرْتُها، ففرَّقها على الأَشْرَافِ وبَقِينا بِلَا شَيء، وما كُنَّا نقدر على القيام من الجوع!
•
(8)
وحكى التَّقِيُّ ابنُ فَهْدٍ الهاشميُّ المَكِّيُّ الحافظُ
(9)
ممَّا سمعه منه
(1)
لم أقف عليه في الكتاب المذكور. والخبر أورده بهذا السياق معزوًا إلى المصدر المذكور السَّهْوديُّ في "جواهر العقدين"(ص 371)، و"الجوهر الشَّفاف"(ق 115/ أ - ب). وقد تقدَّمت الإِشارة إلى أن ابن نوحٍ أتى في كتابه المذكور بالعجائب والغرائب! قاله السُّبكي.
(2)
لم أقفْ على ترجمتها.
(3)
في (م)، و (ك): فكنَّا، بالفاء.
(4)
في (م): حشْوة؛ بالشين.
(5)
في (م): أربعة عشر قطعة.
(6)
رضي الله عنها لم ترد في (م).
(7)
في (م). يا سراج الدِّين!
(8)
هذه القصة والتي بعدها بينهما تقديم وتأخير في (ك) و (ل).
(9)
هو أبو عبد الله الهاشميّ، محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله بن فهد، التَّقي المكيّ الشافعيّ، ينتهي نسبه إلى جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب، وقد سقته كاملًا في ترجمة ابنه النَّجم عمر في مقدِّمة الكتاب. وُلِدَ في صعيد مصر عام (787 هـ)، ثم انتقل مع والده الى مكة بلده الأصلي، =
ابناه
(1)
قال:
جاءني الشَّريف عقيل بن هميلي -وهو من الأمراء الهواشم
(2)
- يَسْألني عشاءً، فَاعْتَذَرْتُ إِليه ولم أفعل، فرأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في تلك اللَّيلة، أو في غيرها، فأَعْرَضَ عنِّي! فقلتُ:"كيف تُعْرِضُ عَنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا خَادمُ حديثك؟ ! ".
فقال: "كيف لا أُعْرِضُ عَنْكَ وَيَأْتِيكَ وَلَدٌ مِنْ أَوْلَادِي يَطْلُبْ مِنْكَ العَشَاءَ فَلَمْ تُعَشِّه؟ ! ".
قال: "فَلَمَّا أَصْبَحْتُ جِئْتُ الشَّرِيفَ فَاعْتَذَرْتُ إِليه، وأَحْسَنْتُ لَهُ بِمَا تَيَسَّر".
• وحكى المقْرِيزِيُّ
(3)
عن العزِّ عبد العزيز بن علي بن العزِّ البغْداديِّ الحنْبليِّ قاضي الحنابلة بعدَّة أماكن
(4)
-وكان من جلساء المؤيَّد
(5)
-: أنَّه رأى كأنَّه في المسجد النَّبوِيِّ، وكأنَّ القَبْرَ الشَّرِيفَ انْفَتَحِ وخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم، وجلس على شَفِيره
(6)
، وعليه أَكْفَانُهُ، فأشارَ
(7)
بيده إِلَيَّ، فَقُمْتُ إِليهِ حتَّى دَنَوْتُ منه، فقال لي:
= سمع بها من ابن ظهيرة، والأبناسي، وسمع منه جماعةٌ منهم المصنِّف. له تصانيف كثيرة عنها:"النور الباهر الساطع من سيرة ذي البرهان القاطع". "الجُنَّة بأذكار الكتاب والسَّنَّة". مات سنة (871 هـ). "الضوء اللامع"(9/ 281 - 283)، و"جيز الكلام"(2/ 874).
(1)
أحدهما: النَّجم عمر صاحب "إتحاف الورى بأخبار أمِّ القرى"، تقدَّمت ترجمته (ص 261).
وثانيهما: محمد الملقَّب (بدر الدِّين)، له ترجمة في "العقد الثمين"(2/ 394).
(2)
لم أقف على ترجمته.
(3)
في تاريخه "السلوك في معرفة الملوك"(7/ 199)، وأورده في "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على مَنْ عداهم"(ص 82 - 83).
(4)
هو قاضي الحنابلة في العراق والشام ومصر. مات بدمشق عام (846 هـ). له ترجمة في "أنْباء الغُمْر"(4/ 65 - 66)، و"الضوء اللامع"(4/ 222 - 224).
(5)
هو السلطان الملك المؤيِّد، بُويع بالسلطنة في شعبان عام (815 هـ). انظر ترجمته وأخباره:"السلوك في معرفة الملوك"(3386 وما بعدها)، و"إنباء الغُمْر"(7/ 70)، و"النجوم الزاهرة"(13/ 157 وما بعدها)، و"الضوء اللامع"(3/ 308).
(6)
شَفِير القبر: أي جانبه وحرفه، وشفير كلِّ شيء حرفه. "النهاية"(2/ 485) - مادة (شَفَرَ).
(7)
في (م)، و (ك)، و (ل)، و (هـ): وأشار.
"قُلْ لِلمُؤَيِّدِ يُفَرِّجُ عَن عَجْلان"، يعني ابن نُعَيْر
(1)
أمير المدينة
(2)
، وكان مَحْبُوسًا سنة اثنتين وعشرين وثمان مائة
(3)
.
قال: فلمَّا انْتَبَهْتُ صَعَدْتُ إِلى السُّلطان وحَلَفْتُ لَهُ بِالأَيْمَان المُغَلَّظة، أَنَّني
(4)
ما رأيتُ عَجْلَانَ قَطُّ، ولا بَيْنِي وبينَه معرفة، ثمَّ قَصَصْتُ عليه الرُّؤْيَا، فَسَكَتَ. ثم لمَّا انْقضى المجلس قام بنفسه إِلى مَرْمَاة النَّشَّاب
(5)
التي اسْتَجَدَّها بِطَرَفِ الدَّرْكَاة
(6)
، واسْتَدْعى بِعَجْلانَ من مَحْبَسه بِالبُرْج وأفرج عنه، وأحسن إِليه.
ثم قال التَّقيُّ المقْرِيزيُّ:
"وعندي عدَّةُ حكاياتٍ صحيحةٍ مثل هذه
(7)
في حقِّ بني حَسَنٍ وبني حُسَيْنِ؛ فإِيَّاك والوقيعةَ فيهم، فليست
(8)
بدعة المبْتدع منهم، أو تفريط المفرِّط منهم في شيء من العبادات
(9)
، أو
(10)
ارتكابه محرَّمًا من المحرَّمات
(1)
هو الشَّريف عجلان بن نُعَيْر، يتَّصل نسبه إلى علي بن الحسن بن علي. مات مقتولًا سنة (832 هـ). له ترجمة في "السلوك"(7/ 199)، و"الضوء"(5/ 145)، و"التحفة اللطيفة"(2/ 254 - 255).
(2)
وقع في (م): أمير مكة! وهو غلط.
(3)
انظر: "إنْباء الغُمْر"(7/ 344) في حوادث المحرم من السنة المذكورة، وكان حبْسُه في قلعة الجبل بالقاهرة.
(4)
في (م): إنِّي.
(5)
مَرْمَاة النَّشَّاب: النَّشَّاب هو السَّهم الذي يعلق بالصيد، وهو مسنَّن سهل الدخول صعب الخروج، وذلك بأن يُطيَّر طيرٌ في الهواء أو يُرمى غرضٌ، أو نحوه فيقوم الرَّامي بإضابته بالنَّشَّاب، وهي في الأصل لعبة فارسية، أول من لعبها من الخلفاء هارون الرَّشيد رحمه الله. ولعلَّ المرماة الموضع الذي يُرمى منه. انظر:"معجم الألفاظ التاريخية في العصر المملوكي"(ص 151).
(6)
الدَّرْكاة: المدخل. وفي "معرفة ما يجب لآل البيت": "إلى دركاة القلعة". وعلَّق عليه محقق الكتاب: "مدخلها، وهي كلمة فارسية". والكلمة تحرَّفت في (م): الدَّرب! وفي (ك): الدَّركات!
(7)
في (م)، و (ك)، و (هـ): مثل هذا.
(8)
العبارة في (م) هكذا: "قلتُ: فليست بدعة
…
" إلخ؛ كأنَّ الكلام منسوبٌ إلى المؤلف.
(9)
في (م): (العبادة)، بالإِفراد.
(10)
في (م): بالواو.
مُخْرِجٌ
(1)
له من بنوَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، بل الولدُ ولدٌ على كلِّ حال، عَقَّ أَو فَجَرَ"
(2)
.
قال
(3)
: "ومن غريب ما اتَّفق؛ أن السُّلطان -ولم يُعَيِّنْه
(4)
- كَحَلَ الشَّرِيفَ سِرْدَاح بن مُقْبل بن نَخْبار
(5)
بن مُقْبل بن محمد بن راجح بن إِدريس بن حسن بن أبي عزيز قتادة بن إِدريس بن مطاعن الحَسَنِيَّ
(6)
، حتى تفقَّأتْ حَدَقتاه
(7)
وسالتا، وَوَرِمَ دِمَاغُهُ ونَتَنَ، فتَوَجَّهَ بعد مُدَّةٍ من عَمَاه إلى المَدِينةِ النَّبَوِيَّة، ووقف عند القبر الشَّرِيفُ، وشكى ما به! وبات تلك اللَّيلة، فرأى في منامه النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ عينيه بيده الشَّريفة، فَأَصْبَحَ وهو يُبْصِرُ عيناهُ أحسن ما كانتا، واشْتُهِرَ ذلك في المدينة
(8)
.
(1)
في (م)، و (ك)، و (ل)، و (هـ): مخرجة.
(2)
انظر: "السلوك في معرفة الملوك"(7/ 199) فهو فيه بنصِّه في ترجمة عجلان بن نُعيْر.
(3)
أي المقريزي؛ والقصة في "السلوك"(7/ 219 - 220)، وأوردها -أيضًا- في "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي"(ص 83).
(4)
لم يُعيِّن المقريزيُّ السُّلطانَ الذي أمر بكحل سرداح في "السلوك"، ولكنه عيَّنه في "معرفة ما يجب لآل البيت"، وهو السُّلطان الملك الأشرف برْسباي، المتوفَّي سنة (841 هـ). تَرْجَمَهُ المقريزي في "السلوك"(7/ 369) ترْجمةً مظلمةً، وصفه فيها بالبخل، والشُّحّ، والجُبْن، والجوْر، وسوء الظَّنّ، ومقت الرعية! وله ترجمة في "إنباء الغُمْر"(9/ 16 - 19) أنصفه فيها الحافظ.
(5)
وقع في (م): (عقيل) بدل (مقبل). وتصحَّفت (نخبار) في (ك) إلى: (مخيار).
(6)
هو سرْداح -بمهملات- بن مقبل الحسنيّ الينْبعيّ، ينتهي نسبه إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي، كُحِل بمصر سنة (825 هـ)! مات في طاعونٍ وقع بها سنة (833 هـ). له ترجمة في:"السلوك في معرفة الملوك"(7/ 219)، و"إنْباء الغُمْر"(8/ 2123)، و"الضوء اللامع"(3/ 245).
(7)
الحَدَقَتَان: هما العيْنان. والتَّحديق: شدَّة النظر. "النهاية"(1/ 354) -مادة (حَدَقَ).
(8)
هذا الصَّنيع من الشَّريف المذكور ليس من فعل السَّلف -رحمهم الله تعالى- ولا من هَدْيهم، بل هو من أفعال القُبُوريين، وهو بدعة بيِّنة! "إذ لم يثبت في السُّنة ولا عن السَّلف أنه إذا نزلت بهم نازلة يذهبون إلى القبور ويدعون عندها لزوال تلك المصيبة، بل سنة الأنبياء والمرسلين والصَّحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من أئمة الدِّين أن يُستغاث بالله عند النوازل، وأن يَقْنُتوا في الوتر والصَّلوات الخمس المكتوبة". ما بين القوسين من كلام الشيخ الدكتور محمد الخميِّس في "المنخل لغربلة خرافات ابن الحاج في المدخل"(ص 8).
والعجب من المصنِّف رحمه الله وعفا عنه- أنه قال عقب ذكر الخبر في ترجمة سرداح من "الضوء"(3/ 245): "
…
والأمر أعظم من هذا، فمن توسَّل بجنابه لا يخيب". وهو مردودٌ.
ثم قدم القاهرة
(1)
فغضب السُّلْطانُ وظنَّ محاباة الذين كَحَلُوه حتى أُقِيمَت عنده البَيِّنة المرْضِيَّه بمشاهدة كَحْلِهِ، وسَيَلان حَدَقَته، وكون أَهْلِ المدينة النَّبَوِيَّة
(2)
شاهدوه كذلك، ثم أصبح وهو يُبْصر، وقصَّ عليهم رُؤْيَاه، فتركه السُّلطان لحاله
(3)
، وبَرَّأ الَّذين كَحَلُوه، واستمرَّ حتَّى مات بالطَّاعون"
(4)
.
= • تنبيه: ما يحصل عند قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أو قبور الصَّالحين من أهل البيت وغيرهم، من الدعاء وسؤال الحوائج بصدق قام بقلب فاعله، ثم يجد السائل استجابة دعائه، ويتسامع الناس به؛ كلُّ ذلك مناجاة مكروهة في الشرع، ولا يكون استجابة دعائه دليلًا على استحسان تلك العبادة وذلك الدعاء، ولا يجعله سنَّة كأنه قد فعله نبيّ! إنما هو يصدر عن قاصري المعرفة، ولو كان شرعًا ودينًا لكان أهل المعرفة أولى به.
وسبب قضاء حاجة بعض أولئك الدَّاعين الأدعية المحرَّمة؛ أن الرجل منهم قد يكون مضطرًّا ضرورةً، لو دعا الله بها مشركٌ عند وثن لاستُجيب له؛ لصدق توجُّهه إلى الله، وإنْ كان يحرّي الدُّعاء عند الوثن شركًا. انظر:"اقتضاء الصراط المستقيم" لشيخ الإِسلام (2/ 698، 700، 702 - بتصرُّف).
قال شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: "وقد علمتُ جماعةً ممن سأل حاجته من بعض المقبورين، من الأنبياء والصالحين؛ فقُضيتْ حاجته! وهو لا يخرج عما ذكرته، وليس ذلك بشرعٍ فيُتَّبع، ولا سنَّة، وإنما يثبت استحباب الأفعال واتِّخاذها دينًا بكتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه السابقون الأولون، وما سوى هذه الأمور المحدثة فلا يُستحبّ، وإن اشتملت أحيانًا على فوائد، لأنَّا نعلم أن مفاسدها راجحة على فوائدها". اهـ. كلامه بحروفه من "اقتضاء الصراط المسقيم"(2/ 703)، وانظر:(2/ 771).
- وانظر للاستزادة في هذه المسألة: "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة"، و"الاستغاثة في الرد على البكري" كلاهما لشيخ الإِسلام ابن تيمية، و"شفاء الصدور في زيارة المشاهد والقبور" للشَّيخ مرعي الكرمي (ص 17 وما بعدها)، و"المجموع المفيد في نقض القبورية ونصرة التوحيد" للدكتور الخميّس، و"التبرك: أنواعه وأحكامه" للشَّيخ الدكتور ناصر الجديع.
(1)
القاهرة: بناها جوهر غلام المعز أبي تميم معد بن إسماعيل الملقَّب بالمنصور سنة (359 هـ)، ولم يكن يُعرف بمصر قبلها سوى الفسطاط التي كانت عاصمة الدِّيار المصرية. وقد اعتنى المقريزي بذكر حدودها وبنائها وسورها وشوارعها ومساجدها، وما قيل فيها بما لم يُسبق إليه. "معجم البلدان"(4/ 301)، و"الخطط المقريزية"(1/ 360 وما بعدها).
(2)
في (م): المدينة الشَّريفة.
(3)
في (م)، و (ك): بحاله.
(4)
هذه القصة فيها من الغرابة الشيء الكثير! والمصنِّف نقلها من كتاب المقريزي، وهو - أي =
ومِنْ أَبْلَغِ مَا يُحْكَى في التَّرْغِيبِ فِي إِكْرَامِهِم:
• ما حكاه الجمالُ محمَّد بن حسن الخالديُّ المكِّيُّ
(1)
-المعروف والده بـ: "الكذَّاب"- ممَّا سمعه منه صاحبُنا النَّجْم بنُ فَهْدٍ
(2)
، ورواه المقْرِيزِيُّ بواسطته
(3)
عنه
(4)
:
أن بعض القُرَّاء ممَّن كان يقرأ على قبر تَمْرلَنْك
(5)
بعد موته، حُكِيَ له وهما بشِيراز
(6)
. قال: "كنتُ إِذا كنتُ مع القرَّاء قرأتُ القرآن، وإِذا خَلَوْتُ
= المقريزي -اتَّهمه البعض بالتَّشيُّع، منهم المصنِّف فيما ذُكر، فهو يُصحِّح نسب العُبيديين الفاطميين، وقد أجهد نفسه في كتابه:"اتَّعاظ الحُنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخُلفا" لإِثبات نسبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وناقش المُشكِّكين في هذا النَّسب! وله كتاب آخر سمَّاه:"النزاع والتخاصم فيما بين بني أمية وبني هاشم". وقد نفاه عنه بعض الباحثين المعاصرين؛ والقضية تحتاج مزيدَ بحثٍ. انظر مقدمة الدكتور محمد عاشور لتحقيق كتاب: "معرفة ما يجب لآل البيت"(ص 11 - 13).
بل إنه جعل نفسه حُسينيًّا عُبيديًّا لأجل حكايةٍ حُكيتْ له! ولم يُسلِّم بهذه النِّسبةِ المصنِّفُ في "الضوء اللامع". ولذا كان ينشر محاسن العُبيدية في كتابه "الخطط المقريزية"، ويُفخِّم من شأنهم بذكر مناقبهم! الأمر الذي جعل العلَّامة الشَّوكانيّ يتعجَّب منه! كما ذكره في "البدر الطالع"(1/ 79).
وقد نبَّه السَّخاويّ في ترجمته من "الضوء"(2/ 23)، و"التبر"(ص 21) أنه كان يُكثر الاعتماد على مَنْ لا يُوثق به من غير عزو! وهذه القصة ما لم يَعْزُه المقريزي لأحد. وقد أوردها الحافظ ابن حجر في "إنْباء الغُمْر"(8/ 213) بصيغة التمريض
…
ثم أعقبها بقوله: "فالله أعلم! ".
(1)
مات في شعبان سنة (853 هـ)؛ هكذا ذكره النَّجم عمر في "إتحاف الورى"(4/ 291)، ولم يزد عليه.
(2)
تقدَّمت ترجمته (ص 261).
(3)
في (م) بواسطةٍ.
(4)
رواه المقريزي عن النَّجم عمر في "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي"(ص 81).
(5)
هو الطاغية تمر، وقيل: تيمور بن طرغاي الحفظاوي الأعرج، وهو اللنك بلغتهم، فعُرف بتمر اللنك، ثم خُفِّف فقيل: تمر لنك، كان جبَّارًا، سفَّاكًا للدِّماء، بطَّاشًا، ظلومًا، غشومًا، هلك سنة (807 هـ)، وقد أفتى جمٌّ غفيرٌ بكفره. انظر ترجمته وفيها أفعاله وجرائمه الشنيعة في:"النجوم الزاهرة"(12/ 201 - 212)، و"الضوء اللامع"(3/ 46 - 49)، و"شذرات الذهب"(3/ 62 - 66).
(6)
شِيراز -بالكسر-: بلد عظيم مشهور في بلاد فارس، وهي ما استُجدّ عمارتها واختطاطها في الإِسلام، وأول من تولَّى ذلك محمد بن القاسم الثقفي، تقع حاليًّا في إيران. "معجم البلدان"(3/ 380).
بِالقَبْرِ
(1)
قرأتُ: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} الآية
(2)
، وأُكَرِّر تلاوتها، فبينا أنا في بعض الليالي نائمٌ رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ وتَمْر إِلى جانبه!
فال: فَنَهَرْتُهُ، وقلتُ: إِلى هنا يَا عدوَّ اللَّه وَصَلْتَ! وأردتُّ أخذه بيده لِأُقِيمَهُ من جانب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:"دَعْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُحِبُّ ذُرِّيَّتِي، أَوْ إِنَّهُ يُحِبُّ ذُرِّيَّتِي! "
قال: "فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا فَزِعٌ
(3)
، فَتَرَكْتُ بعد ذلك ما كُنْتُ أَقْرَؤُهُ في الخلْوَة"
(4)
.
• ونحوه ممَّا سمعه الجمالُ المُرْشِدِيُّ
(5)
، والشِّهابُ الكُوْرَانِيُّ
(6)
-وهو الآن في قيد الحياة- من الزّين عبد الرَّحمن البغداديِّ الحَلَّال
(7)
:
(1)
(بالقبر) سقطت من (م).
(2)
الحاقة (الآيتان: 30 - 31).
(3)
في (م): أفزع!
(4)
الذي يظهر -والله تعالى أعلم- أن القصة منكرة! وهي غريبة، فهي لا تعدو عن كونها رؤيا منامية، مع أن صاحب القصة الذي وقعت له لا يُعرف، فإنَّ الخالديّ- ولم أجد له ترجمة مفيدة يُعرف بها حاله- الذي سمعها منه التَّقيّ ابن فهد رواها عن بعض القرَّاء ولم يُعيِّن أحدًا. والترغيب في إكرام أهل بيت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يكون بمثل هذه الحكايات الغريبة، والقصص الشَّاذة، فيكفينا ما تقدَّم من الأحاديث والأخبار المقبولة.
(5)
هو محمد بن إبراهيم بن أحمد بن أبي بكر الحنفيّ المرشديّ، المولود سنة (770 هـ)، المتوفي سنة (839 هـ)، ترجمته في:"الضوء اللامع"(6/ 241 - 242).
(6)
هو أحمد بن إسماعيل بن عثمان، شهاب الدِّين الشَّهرزوري الكُورَاني -بالضم وراء، نسبةً إلى كُورَان قرية بإسفراين- عالم بلاد الروم. وُلِدَ سنة (813 هـ)، ومات سنة (893 هـ). له في "الضوء اللامع"(1/ 241 - 243) ترجمة حافلة، أشار فيها على عجل لهذا القصة (1/ 242).
(7)
هو عبد الرحمن بن محمد الزين ابن العلَّامة سعد الدين القزويني الجزيري -نسبةً لجزيرة ابن عمر- البغدادي. عالم بغداد، ويُعرف بـ (الحلَّالي، بمهملة ثم لام ثقيلة)، وبـ "الحلَّال"، لحلِّ أبيه المشكلات التي اقترحها العضد عليه. ولد سنة (773 هـ)، ومات سنة (836 هـ). انظر ترجمته في:"إنباء الغُمْر"(8/ 290)، و"الضوء اللامع"(4/ 154)، و"شذرات الذهب"(7/ 217).
* تنبيه: (الحَلَّال) هكذا جاءت مضبوطة بالأصل، و (ك)، وفي (هـ) من غير ضبط، وجاءت في (ل):(الجلال! ) بالجيم. وفي (ل). (الخلال! )، بالخاء.
أن بعض أُمَرَاء تَمْرٍ أخبره أنَّه لمَّا مرض تَمْرٌ مرض الموتِ اضْطَرَبَ في بعض الأيَّام اضْطِرابًا شديدًا، واسْوَدَّ وَجْهُه، وتغيَّر لوْنُه
(1)
، ثمَّ أفاق! فذكروا له ذلك، فقال: إِنَّ ملائكةَ العَذَابِ أَتَتْنِي، فجاءَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال لهم:"اذهبوا عنه؛ فإِنَّه كان يُحِبُّ ذُرِّيَّتِي، ويُحْسِنُ إِلَيْهِم"؛ فذهبوا
(2)
.
ومِنْ سِيَر أَهْلِ البَيْتِ:
413 -
ما رويناه عن جُوَيْرِية أنَّه قال:
"مَا أَكَلَ زين العَابِدِين عليُّ بنُ الحُسَيْنِ بقَرَابَتِهِ مِن رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِرْهمًا قَطُّ"
(3)
.
414 -
[ويُرْوى عن عائشةَ رضي الله عنها مرفوعًا:
(1)
(لونه) سقطت من (م).
(2)
حكاه التَّقيّ المقريزيّ في "معرفة ما يجب لآل البيت النبوي"(ص 80)، عن المرشديّ والكُوارنيّ، والقصة منكرة كسابقتها، مع جهالة أولئك الأمراء الذين شاهدوا الواقعة، ومَنْ هم أولئك المقرَّبون من تيمورلنك الظالم السَّفَّاح السَّفَّاك، الذي قتَّل العلماء والقضاة والمحدِّثين في حلب ودمشق، واستباح فيهما الدِّماء والفُرُوج!
أقول: لا شكَّ أن أولئك الأمراء كقائدهم وملكهم تيمورلنك، ومثلهم لا يُحدِّث عنهم، ولا كرامة.
(3)
إسنادُهُ صحيحٌ إلى جويريةَ بنِ أسماء.
أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"(41/ 377) في ترجمة زين العابدين -من طريق عمر بن شبَّة قال: سمعت سعيد بن عامر يذكر عن جويرية قال:
…
فذكره. وأورده المِزِّيُّ في "تهذيب الكمال"(13/ 241)، والذَّهبيُّ في "سير أعلام النبلاء"(4/ 391).
قلتُ: عمر بن شبَّة، هو ابن عُبيدة النُّميريّ، صاحب التصانيف. قال ابن حبَّان والدَّارقطنيُّ والخطيب:"ثقة". انظر: "ثقات ابن حبان"(8/ 446)، و"التهذيب"(7/ 389). وسعيد بن عامر، هو الضُّبْعيُّ ابن أخت جويرية بن أسماء (ثقة صالح). "التقريب"(ص 381). وجويرية -تصغير جارية-، هو ابن أسماء بن عُبيد الضُّبْعيُّ، من طبقة الإِمام مالك وأقرانه. قال الإِمام أحمد: ثقة لا بأس به. ووثَّقه ابن حبَّان. وقال أبو حاتم: صالح. انظر: "بحر الدم"(ص 98)، و"ثقات ابن حبَّان"(6/ 153)، و"الجرح والتعديل"(2/ 531).
"الدُّنْيَا لَا تَنْبَغِي لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّد]
(1)
"
(2)
.
* * *
(1)
ما بين المعقوفين انفرد به الأصل، ولم يرد في بقية النُّسخ.
(2)
لم أقف عليه.