المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6 - باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم - استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول - صلى الله عليه وسلم - وذوي الشرف - جـ ٢

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌3 - بَابُ مَشْرُوعِيةِ الصَّلاةِ عَلَيْهِمْ تَبَعًا للمُصْطَفَى في الصَّلاة وَغَيْرِهَا، مِمَّا يَزِيدُهُمْ فَخْرًا وشَرَفًا

- ‌4 - بَابُ دُعَائِهِ صلى الله عليه وسلم بالبَرَكَةِ في هذا النَّسْلِ المُكَرَّمِ

- ‌5 - بَابُ بشَارَتِهِم بالجنَّة ورَفْعِ مَنْزِلَتِهِم بالوُقُوفِ عنْد مَا أَوْجَبَهُ الشَّارِعُ وَسَنَّهُ

- ‌6 - بَابُ الأَمَانِ بِبَقَائِهِم وَالنَّجَاةِ في اقْتِفَائِهِمْ

- ‌7 - بَابُ خُصُوصِيَّاتِهِم الدَّالة على مَزِيدَ كَرَامَاتِهِمْ

- ‌8 - بَابُ إكْرام السَّلَف لأهْلِ البيْتِ مِنْ الصَّحَابة والمُقْتَفينَ طريقهُمْ في الإصَابةِ

- ‌9 - بَابُ مُكَافَأة الرَّسُولِ(1)عليه السلام لِمَنْ أحْسَنَ إلَيْهِمْ في يَوْمِ القِيامةِ

- ‌10 - بابُ إِشَارَةِ المُصْطَفَى بما حصلَ بعْدهُ عَلَيْهِمْ من القتْلِ والشِّدَّة

- ‌11 - بَابُ التَّحْذير منْ بُغْضهمْ وعدَاوَتِهِمْ والتَّنْفِير عَنْ سَبِّهِم ومُسَاءتهِمْ

- ‌خاتمَةٌ: تَشتَملُ عَلَى أُمُورٍ مُهِمَّةٍ

- ‌ثانيها: اللَّائق بِمَحَاسِن أَهْلِ البيْتِ اقْتِفَاءُ آثَارِ سَلَفِهِمْ، والمَشْيُ على سُنَّتِهِمْ في سُكُونِهمْ وَتَصَرُّفِهِم

- ‌ثالثها: اللَّائق بِمُحِبِّهِمْ أَنْ يُنْزِلَهُمْ مَنْزِلتَهُمْ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَوْصُوفًا بَالْعِلْمِ قَدَّمَهُ على غَيْرِهِ، عَلى الحُكْمِ الَّذِي أَسْلَفْتُهُ فِي البَابِ الأَوَّلِ(1)415

- ‌خاتمة البحث والتَّحقيق

- ‌فهرس المصادر والمراجع

الفصل: ‌6 - باب الأمان ببقائهم والنجاة في اقتفائهم

‌6 - بَابُ الأَمَانِ بِبَقَائِهِم وَالنَّجَاةِ في اقْتِفَائِهِمْ

210 -

عن إياس بنِ سَلَمَة بن الأكوعَ، عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النُّجُومُ أمَانٌ لأهْلِ السَّماءِ، وأهْلُ بيتِي أمَانٌ لأُمَّتِي". أخرجه مُسَدَّدٌ

(1)

، وابنُ أبي شيبة

(2)

، وأبو يعلى

(3)

، في "مسانيدهم"، والطَّبرانيُّ

(4)

، كلُّهم بسندٍ ضعيفٍ

(5)

.

211 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"النُّجُومُ أمَانٌ لأهْلِ السَّمَاءِ، فإذا ذَهَبَ النُّجُومُ ذَهَبَ أهْلُ السَّمَاءَ، وأَهْلُ بَيْتِي أَمَانٌ لأهْلِ الأرض، فإذا ذَهَبَ أهْلُ بَيْتِي ذَهَبَ أهْلُ الأرض". أخرجه أحمد في

(1)

في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4/ 262)، رقم (3972/ 1)، قال: حدَّثنا عبد الله، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن سلمة به.

(2)

في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4/ 262)، رقم (3972/ 2)، قال: حدَّثنا ابن نُمير، حدَّثنا موسى بن عبيدة به.

(3)

في "مسنده" كما في "المطالب العالية"(4/ 262)، رقم (3972/ 3)، من طريق ابن أبي شيبة به مثله. ولم أجده في "المسند" المطبوع، ولعلَّه في "مسنده الكبير".

(4)

في "معجمه الكبير"(7/ 22)، رقم (6260)، من طريق حفص بن عمر الرَّقيِّ، عن قُبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن موسى بن عبيدة به. وأخرجه الرُّوياني في "مسنده"(2/ 258)، من طريق محمد بن الزبرقان وعبد الله بن داود كلاهما عن ص ص موسى بن عبيدة به، برقم (1164، 1165).

(5)

إسنادُهُ ضعيفٌ.

مداره على موسى بن عُبيدة الرَّبَذي وهو ضعيف، تقدَّم الكلام عليه. والحديث أورده الهيثمي في "المجمع"(9/ 174)، وقال عقبه:"رواه الطبراني، وفيه موسى بن عبيدة الرَّبذي وهو متروك"، وبقية رجاله ثقات، وسيأتي من الطُّرق ما يتقوَّى به.

ص: 477

"المناقب"

(1)

، وذكره الدَّيلميُّ

(2)

وابنه معًا بلا إسناد

(3)

.

212 -

وعن قتادة، عن عطاء، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"النُّجُومُ أَمَانٌ لأهْلِ الأرضِ مِنَ الغَرَقِ، وأَهْلُ بيتي أَمَانٌ لأُمَّتي من الاختلافِ، فإذا خَالفتْها قَبِيْلَةٌ مِنَ العَرَب اخْتَلَفوا فَصَاروا حِزْبَ إبْلِيس". أخرجه الحاكم

(4)

وقال: "صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه"

(5)

.

(1)

"فضائل الصحابة"(2/ 671)، رقم (1145)، من طريق يوسف بن نفيس، عن عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جدِّه، عن علي مرفوعًا.

(2)

"الفردوس بمأثور الخطاب"(4/ 310)، رقم (6913).

(3)

إسنادُهُ تالفٌ، آفته عبد الملك بن هارون بن عَنْتَرة.

قال يحيى بن معين: كذَّاب. وقال ابن حبان: يضع الحديث وقال الدارقطني: عبد الملك متروك، يكذب. وقال أبو حاتم: متروك ذاهب الحديث. "تاريخ ابن معين"(2/ 376)، و (2/ 376)، و"الميزان"(4/ 414)، و (7/ 62). وأبوه هارون بن عنترة، وثَّقه أحمد، وابن معين. قال في "التقريب" (ص 1015):(لا بأس به). وجدُّه عنترة بن عبد الرحمن. تابعي (ثقة). "التقريب"(ص 757).

(4)

في "المستدرك"(3/ 162)، رقم (4715)، من طريق إسحاق بن سعيد بن أركون الدِّمشقي، عن خُليد بن دعلج أبي عمرو السّدوسي، عن قتادة به. وتعقَّبه الذهبي بقوله:"بل موضوع، وابن أركون ضعَّفوه، وكذا خُليد ضعَّفه أحمد وغيره".

(5)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

مداره على إسحاق بن سعيد بن أركون، وخُليد بن دعلج، وهما منكرا الحديث، سبق الكلام عليهما برقم (100).

• فائدة: قال ابن حجر الهيتمي في "الصواعق المحرقة"(2/ 446)، تعليقًا على الحديث: "

وقال بعضهم: يحتمل أن المراد بأهل البيت الذين هم أمانٌ: علماؤهم؛ لأنهم الذين يُهتدى بهم كالنجوم، والذين إذا فُقِدوا جاء أهل الأرض من الآيات ما يُوعدون، وذلك عند نزول المهدي".

إلى أن قال: "ويحتمل -وهو الأظهر عندي- أن المراد بهم سائر أهل البيت، فإن الله لمَّا خلق الدُّنيا بأسرها من أجل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم جعل دوامها بدوامه ودوام أهل بيته

ولأنه قال في حقَّهم: (اللَّهُمَّ إنهم مني وأنا منهم)، ولأنهم بَضْعة منه بواسطة أن فاطمة رضي الله عنها أُمَّهم بضعته، فأُقِيمُوا مقامه في الأمان". اهـ. بتصرُّف يسير.

قلتُ. لعلَّ الأقرب أن المراد بأهل البيت في هذه الأحاديث وأحاديث تشبيههم بسفينة نوح =

ص: 478

213 -

وعن أبي إسحاق السَّبيعي، عن حَنَشِ بنِ المعْتمر الصَّنعانيِّ، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول:

"مَثَلُ أَهْلٍ بَيْتِي فيكم مَثَل سَفِينَة نُوحٍ في قَومِهِ مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ، ومثل حطَّة لبني إسرائيل". أخرجه الحاكم من وجهين عن أبي إسحاق، هذا لفظ أحدهما

(1)

.

214 -

ولفظ الآخر: "أَلا إنَّ مَثَل أَهْلِ بيْتي فيكم مَثَلُ سَفِينة نُوح". وذكره

= الآتي -على ما فيها من الضَّعف- علماؤهم، وليس سائر أهل البيت كما اختاره الهيتمي، وذلك لأمور:

الأول: ما سبق في أحاديث الباب الأول أن (العترة - الثقل الأصغر)، الذين أُمِرْنا باتِّبَاعهم واقتفاء آثارهم هم علماء أهل البيت خاصة دون غيرهم من أهل البيت النَّبويِّ، فلما كانوا متَّصفين بالعلم النافع كانوا كالنُّجوم يُهتدى بها في الظلمات، وهي في الوقت نفسه أمانٌ لأهل الأرض. وانظر ما سبق في (ص 365 وما بعدها).

الثاني: ما ذكره رحمه الله تعالى مِنْ أن الله خلق الدّنيا بأسرها من أجل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم! غير مسلَّم، لأنَّ الله إنما خلقها ليقوم العباد بدور الاستخلاف في الأرض وعمارتها، وقبل ذلك وبعده عبادة الله عز وجل. قال سبحانه:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} . [الذاريات].

الثالث: ما استدلَّ به الهيتميُّ من قوله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم إنهم مني وأنا منهم"، وأنهم بضعة منه بواسطة فاطمة، لا يدلُّ على المراد. والحديث إنما جاء في فاطمة رضي الله عنها خاصة، فلا يصحّ التعميم ههنا.

الرابع: أن الهيتميَّ نَفْسَهُ أشار بعد كلامه السابق الذي سقناه آنفًا إلى أن المقصود بهم العلماء، فقال ما نصُّه:"ووجه تشبيههم بالسفينة فيما مرَّ: أن من أحبَّهم وعظَّمهم شكرًا لنعمة مُشرِّفهم صلى الله عليه وسلم، وأخد بهْدي علمائهم نجا من ظلمات المخالفات، ومن تخلَّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعنة وهلك في مفاوز الطُّغيان". اهـ. والله تعالى أعلم.

(1)

"المستدرك"(2/ 373)، رقم (3312)، من طريق أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بُكير، عن المفضّل بن صالح، عن أبي إسحاق السَّبيعي به. وقال:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرِّجاه". وتعقَّبه الذهبي بأنَّ مفضَّل بن صالح خرَّج له الترمذي فقط، وقد ضعَّفوه.

قلتُ: وفات الحافظ الذهبي النظر إلى حال أحمد بن عبد الجبار، وهو العُطَاردي، أبو عمر الكوفي، فقد ضعَّفه هو في "الميزان"(1/ 151)، بقوله:"ضعَّفه غير واحد! ". وقال الحاكم: "ليس بالقوي عندهم، تركه أبو العبَّاس ابن عُقدة". قال الحافظ في "التقريب"(ص 93): "ضعيف، وسماعه للسيرة صحيح". وانظر: "التهذيب"(1/ 47).

ص: 479

دون قوله: "ومثل حِطَّة

"

(1)

إلى آخره. وكذا هو عند أبي يعلى

(2)

في "مسنده"

(3)

.

215 -

وأخرجه الطَّبرانيُّ في "معجمه الأوسط"

(4)

،

(1)

"المستدرك"(3/ 163)، رقم (4720)، من طريق محمد بن إسماعيل الأحمسي، عن مفضَّل بن صالح، عن أبي إسحاق السَّبيعي له. وتعقَّبه الحافظ الذَّهبيُّ بقوله:"مفضَّل بن صالح واهٍ".

(2)

"مسند أبي يعلى" كما في "المطالب العالية"(4/ 262)، رقم (3973/ 1)، قال: حدَّثنا سويد بن سعيد، ثنا مفضَّل، عن أبي إسحاق

إلخ الإسناد. قال البوصيري: "رواه أبو يعلى والبزار بإسناد ضعيف". انظر: "مختصر الإِتحاف"(9/ 211)، رقم (7540). قال الحافظ ابن كثير في "التفسير" (6/ 201):"هذا بهذا الإِسناد ضعيف".

(3)

إسنادُهُ ضعيفٌ، وله شاهدٌ.

مداره على مفضَّل بن صالح، وهو أبو جميلة الأسدي النَّخَّاس -بالخاء-، مجمع على ضعفه: قال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث. وقال الترمذي: ليس عند أهل الحديث بذاك الحافظ. وقال ابن حبان: يروي المقلوبات عن الثقات فوجب ترك الاحتجاج به. وقال الحافظ: ضعيف. "الميزان"(6/ 497)، و"التهذيب"(10/ 244)، و"التقريب"(ص 967). وفيه أيضًا أحمد بن عبد الجبار العُطاردي، وهو ضعيف، وقد تقدَّم.

(4)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، من أجلِ ابنِ داهرٍ.

أخرجه في (4/ 104)، رقم (3478)، من طريق عبد الله بن داهر الرازي، عن عبد الله بن عبد القدُّوس، عن الأعمش به، بلفظ الحاكم الأول. وفيه عبد الله بن داهر الرازي، قال أحمد وابن معين: ليس بشيء. زاد يحيى: ما يكتب عنه إنسان فيه خير. وقال العقيلي: رافضي خبيث. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل عليٍّ، وهو متَّهم في ذلك. "الميزان"(4/ 92)، و"مختصر الكامل" رقم (1046). وعبد الله بن عبد القدُّوس، كوفي رافضي، أكثر أهل العلم على تضعيف حديثه، وقد تفرَّد به. قال ابن معن: ليس بشيء، رافضي خبيث. وقال النسائي وغيره: ليس بثقة، وقال الدارقطني: ضعيف. وقال ابن عدي: عامة ما يرويه في فضائل أهل البيت. وقال أبو داود: ضعيف الحديث، كان يُرمى بالرفض. وقال ابن مهران الحمَّال: لم يكن بشيء، كان يُسخر منه، يشبه المجنون، يصيح به الصبيان في أثره. وقال ابن طاهر المقدسي في "ذخيرة الحفاظ" (4/ 2113): عبد الله هذا ليس بشيء في الحديث.

ومع كلِّ ما سبق فإنه يُذكر عن الترمذي أنه قال في حقِّه: ثقة. وذكره ابن حبان في "ثقاته"(7/ 48). وقال: كان يُخطئ. وحسَّن البخاري حاله بقوله" هو في الأصل صدوق، إلَّا أنه يروى عن أقوام ضعاف. واعتمد الحافظ في "التقريب" كلام البخاري وابن حبان فقال: صدوق رُمِي بالرَّفض، وكان يُخطئ. انظر: "ميزان الاعتدال" (4/ 141)، و"التهذيب (5/ 268)، و"التقريب"(ص 523).

ص: 480

و"الصغير"

(1)

، من طريق الأعمش، عن أبي إسحاق، وقال:"إنَّ عبد الله بن عبد القدُّوس تفرَّد به عن الأعمش"

(2)

.

216 -

ورواه في "الأوسط" -أيضًا- من طريقِ الحسنِ بنِ عمرو الفُقَيْمِيِّ

(3)

، عن أبي إسحاق. ومن طريق سِمَاكِ بنِ حَرْبٍ، عن حَنَشٍ

(4)

.

217 -

وأخرجه أبو يعلى -أيضًا-

(5)

من حديث أبي الطُّفيل، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، بلفظ:"إنَّ مَثَلَ أَهْلِ بَيْتِي فيكم مَثَلُ سَفِينة نُوْح مَنْ رَكِبَ فيها نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ، وإنَّ مَثَلَ أَهْلِ بَيْتِي فيكم مَثَلُ بابِ حطَّة"

(6)

.

(1)

(1/ 139)، وقال عقبه:"لم يروه عن الأعمش إلَّا عبد الله بن عبد القدوس".

(2)

وأخرجه ابن عدي في "الكامل"(4/ 1514) في ترجمة عبد الله بن عبد القدُّوس، من طريق محمد بن حميد، عن عبد الله بن عبد القدُّوس به. وانظر:"ذخيرة الحفاظ"(4/ 2131)، رقم (4949).

(3)

لم أقف على هذا الطريق في "المعجم الأوسط" في مظانه. والحسن بن عمرو الفُقَيْمي الكوفي (ثقة ثبت)، كما في التقريب" (ص 241).

(4)

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، فيه عمرو بنُ ثابتٍ، وهو متروكٌ.

أخرجه في (6/ 17)، رقم (5536)، من طريق علي بن حكيم الأودي، عن عمرو بن ثابت، عن سِمَاك بن حرب، عن حَنَشِ بن المعتمر قال: رأيت أبا ذر وهو آخذ بحلقة باب الكعبة، وهو يقول: أنا أبو ذر الغفاري، من لم يعرفني فأنا جندب الغفاري، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح

" الحديث.

وفيه عمرو بن ثابت، وهو ابن أبي المقدام بن هرمز الكوفي، رافضي من الغلاة، ترك حديثَهُ الأئمةُ. تقدَّم برقم (56). وعلي بن حكيم، هو ابن ذبيان الأوْدي. (ثقة). "التقريب"(ص 694). وسماك (صدوق، وقد تغيَّر بأخرة)، وقد سبق. وحَنَش بن المعتمر (صدوق له أوهام ويرسل)، تقدَّم برقم (87).

(5)

في "مسنده" كما في "المطالب العالية، المسندة"(4/ 262)، رقم (3973/ 2)، قال: حدَّثنا عبد الله، ثنا عبد الكريم بن هلال، أخبرني أسلم المكي، أخبرني أبو الطُّفيل أنه رأى أبا ذرٍّ رضي الله عنه قائم

إلخ. ولم أجده في "المسند" المطبوع، ولعلَّه في "المسند الكبير" له.

(6)

إسنادُهُ ضعيفٌ، ويتقوَّى بما بَعْدَهُ.

عبد الكريم بن هلال، ضعَّفه الأزدي، وقال الذهبي في "الميزان" (4/ 388):"لا يُدرى من هو؟ ". وأورده البوصيرى في "مختصر الإِتحاف"(9/ 211)، برقم (7539)، وقال:"رواه أبو يعلى والبزار بإسنادٍ ضعيف".

ص: 481

وأخرجه البزَّار من طريق سعيد بن المسيِّب، عن أبي ذرٍّ نحوه

(1)

.

218 -

وعن أبي الصَّهْبَاءِ، عن سعِيد بن جُبَيْرٍ، عن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

(1)

إسنادُهُ ضعيفٌ، وهو حسنٌ شواهده.

أخرجه في "مسنده"(3/ 222 - كشف)، رقم (2614)، من طريق مسلم بن إبراهيم، عن الحسن بن أبي جعفر، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه مرفوعًا. قال البزار:"لا نعلم صحابيًّا رواه إلَّا أبا ذرٍّ، ولا له غير هذا الإِسناد، تفرَّد به ابن أبي جعفر". والقضاعي في "الشهاب"(2/ 273، 274)، رقم (1344 ، 1345)، بمثل إسناد البزار. وأورده ابن حجر في "مختصر الزوائد"(2/ 334)، رقم (1966)، وساق كلام البزار السابق، وعقَّب بعد قوله "تفرَّد به ابن جعفر" قائلًا:"وهو متروك، وقد رواه الطبراني من حديث عبد الله بن داهر أيضًا، وهو متروك أيضًا". قال الهيثمي في "المجمع"(9/ 168): "وفي إسناد البزار الحسن بن أبي جعفر الجُفري".

قلتُ: هو الحسن بن أبي جعفر الجُفري البصري، واسمه عَجْان، أكثر النُّقاد على تضعيفه:

قال ابن معين: ليس بشيء. وقال ابن المديني: ضعيف ضعيف، تركتُ حديثه، لأنه شجَّ أمَّه. وقال البخاري: منكر الحديث، ضعَّفه أحمد. وقال النسائي: ضعيف، وقال في موضع: متروك الحديث. وقال الترمذي: ضعَّفه يحيى بن سعيد وغيره. وقال الفلَّاس: صدوق منكر الحديث.

أمَّا مسلم بن إبراهيم فقد أثنى عليه بقوله: حدثنا الحسن بن أبي جعفر وكان من خيار الناس! .

وقال ابن عدي: للحسن بن أبي جعفر أحاديث صالحة، وهو يروي الغرائب وخاصة عن محمد بن جُحادة

إلى أنْ قال: وهو عندي ممن لا يتعمَّد الكذب، وهو صدوق كما قال الفلَّاس، ولعلَّ الأحاديث التي أُنكرت عليه توهَّمها توهّمًا، أو شُبِّه عليه فغلط. وقال الحافظ في "التقريب" (ص 235):"ضعيف الحديث مع عبادته وفضله". وانظر: "الميزان"(2/ 288)، و"مختصر الكامل"(ص 265). وفيه أيضًا علي بن زيد بن جُدعان. ضعَّفه أحمد، وابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، وابن خزيمة، والحاكم، وابن حبان، وابن حجر، فهو ضعيف. "التهذيب"(7/ 274)، و"التقريب"(ص 696)، ولكن الحديث يتقوَّى بما سبق، وبما سيأتي من حديث ابن عبَّاس، وابن الزبير، وأبي سعيد.

وأخرجه ابن الأبار في "معجمه"(ص 89)، من طريق الحسين بن الخِبريّ، عن الحسن بن الحسين العُرَبسي، عن علي بن الحسين العبدري، عن محمد بن رستم أبي الصَّامت الضَّبِّي، عن زاذان أبي عمر، عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه مرفوعًا.

ولم أجد تراجم رجال هذا الإِسناد، سوى زاذان فهو موثَّق، تقدَّم برقم (87).

ص: 482

"مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي مَثَلُ سَفينة نُوح مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عنها غَرِقَ". أخرجه الطَّبرانيُّ

(1)

، وأبو نُعَيْم في "الحلية"

(2)

، والبزَّار

(3)

، وغيرهم

(4)

.

219 -

وعن عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"مَثَلُ أَهْلِ بيْتي مَثَلُ سَفِينَة نُوحٍ مَن رَكبَهَا سَلِمَ، ومَنْ تَرَكَهَا غَرِقَ". رواه البزَّار

(5)

.

220 -

وعن أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه: سمعتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول:

"إنَّما مَثَلُ أَهْلِ بَيْتِي فِيكُم كَمَثَلِ سَفينة نُوحٍ، مَنْ رَكِبَهَا نَجَا، ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْهَا غَرِقَ، وإنَّما مَثَلُ أهْلِ بَيْتِي فيكم مَثَلُ بَاب حِطّة في بني إسرائيل، مَنْ دَخَلَهُ غُفِرَ له". رواه الطَّبرانيُّ في "الصَّغير"

(6)

،

(1)

في "المعجم الكبير"(3/ 46)، رقم (2638)، وكذا في (12/ 34)، رقم (12388)، من طريق مسلم بن أبي إبراهيم، عن الحسن بن أبي جعفر، عني أبي الصَّهباء به. انظر ما قبله.

(2)

(4/ 306)، بمثل الإِسناد السابق. قال أبو نُعيم عقب إيراده:"غريب من حديث سعيد لم نكتبه إلَّا من هذا الوجه". انظر ما قبله.

(3)

(3/ 222 - كشف)، رقم (2615)، بنحو سابقه إسنادًا ومتنًا. قال الهيثمي في "المجمع" (9/ 168):"وفيه الحسن بن أبي جعفر، وهو متروك". وانظر ما قبله.

(4)

كالقضاعي في ""مسند الشهاب" (2/ 273)، رقم (1342)، بنحو سابقه. وانظر ما قبله.

(5)

إسنادُهُ ليِّنٌ، لأجلِ ابنِ لهيعةَ، ويتقوَّى بشواهِدِهِ.

أخرجه في "مسنده"(3/ 222 - كشف)، رقم (2613)، من طريق ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه رضي الله عنه. قال البزار:"لم نسمعه بهذا الإِسناد إلَّا من يحيى".

ابن أبي مريم، هو أحمد بن سعد بن الحكم. (صدوق). "التقريب"(ص 89). وابن لهيعة سبق مرارًا بأنه ضعيف. وأبو الأسود، هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل (ثقة). "التقريب"(ص 871). وعامر (ثقة عابد). "التقريب"(ص 477).

(6)

إسنادُهُ ضعيفٌ، وانظر ما قبله.

أخرجه في (2/ 22)، من طريق عبد العزيز بن محمد الكلابي، عن عبد الرحمن بن أبي حماد =

ص: 483

و"الأوسط"

(1)

. وبعض هذه الطُّرق يُقوِّي بعضًا

(2)

.

221 -

وعن يحيى بن الحسين بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسين رضي الله عنه قال:"مَنْ أطاعَ اللهَ مِنْ وَلَدِي، واتَّبع كتابَ اللهِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ"

(3)

.

= المقري، عن أبي سلمة الصائغ، عن عطية، عن أبي سعيد رضي الله عنه به مثله. قال الطبراني عقبه:"لم يروه عن أبي سلمة إلَّا ابن أبي حماد، تفرَّد به عبد العزيز بن محمد". والشجرى في "أماليه"(1/ 154)، من طربق الكلابي به. وفيه عطية العوفي (ضعيف)، سبق مرارًا. وعبد العزيز الكلابي، وعبد الرحمن بن أبي حماد، وأبو سلمة الصائغ ثلاثتهم لم أجد لهم ترجمة.

(1)

(6/ 147)، رقم (5870)، بنحو سابقه سندًا ومتنًا.

قال الطبراني عقبه: "لم يرو هذا الحديث عن أبي سلمة الصائغ إلَّا عبد الرحمن، تفرَّد به عبد العزيز بن محمد بن ربيعة". قال الهيثمي في "المجمع"(9/ 168): "فيه جماعة لم أعرفهم".

(2)

ممَّا يدلُّ على أن للحديث أصلًا، فإنَّ ضعفَ بعض طرق الحديث السابقة منجبرٌ، كحديث أبي ذرٍّ عند أبي يعلى والبزار، رقم (191)، فضعفه منجبر بغيره. وحديث أبي ذرٍّ عند الحاكم رقم (187)، مداره على مفضل بن صالح، وحديثه يتقوَّى بحديث غيره. وكذا حديث عبد الله بن الزبير، رقم (193)، ففيه عبد الله بن لهيعة، وضعفه محتمل.

قلتُ: وفي الباب عن أنس رضي الله عنه، أخرجه الخطيب في "تاريخه"(12/ 90)، في ترجمة علي بن محمد بن شدَّاد، من طريق النجار، عن أبي الحسن علي بن محمد، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي، عن أبي سهيل القطيعي، عن حماد بن زيد وعيسى بن واقد، عن أبان بن أبي عيَّاش، عن أنس بن مالك مرفوعًا. وفيه أبَان بن أبي عيَّاش، وهو متروك. "التقريب"(ص 103).

(3)

أخرجه الجعابي كما سيذكر المؤلف، ويحيى بن الحسين لم أستطع تحديده بدقة، ولعلَّه يحيى بن الحسين العلوي، وهو رافضي متأخر من الغلاة، ادَّعى الإِمامية بجيلان [هكذا في "اللسان" ولعلها الإِمامة]، روى حديثًا موضوعًا. انظر:"لسان الميزان"(6/ 327). ولم أقف على مَنْ فوقه. وأبوه الحسين بن علي بن الحسين (صدوق مقلّ). "التقريب"(ص 248)، وبقية رجاله أئمة ثقات مشهورون.

وهذا الأثر سيأتي برقم (424)، ما يناقضه، وهو ما جاء عمر بن علي بن الحسين، والحسين بن علي بن الحسين وغيرهما من أهل البيت وقد سُئلوا:"هل فيكم إنسان من أهل البيت مفترضة طاعته؟ فقالوا: لا والله، من قال هذا فينا فهو كذَّاب". فتأمَّل.

ص: 484

222 -

وعن موسى بن علي بن الحسين بن علي -وكان فاضلًا-، عن أبيه، عن جدِّه قال:"إنَّما شِيعَتُنَا مَنْ أطاع الله، وَعَمِلَ مِثْلَ أعْمَالِنَا". أخرجهما الجِعَابيُّ في "الطَّالبيِّين"

(1)

.

223 -

ولأبي سَعْدٍ في "شرف النُّبُوَّة"

(2)

، مما عزاه إليه المُحبُّ الطَّبريُّ بلا إسنادٍ

(3)

، أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

"أنَا وأَهْلُ بَيْتِي شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ، وأَغْصَانُهَا في الدُّنْيَا، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِنَا اتَّخَذَ إلى رَبِّه سبيلًا".

224 -

وأوْرَدَ المُحبُّ الطَّبريُّ -أيضًا- بلا إسنادٍ

(4)

، أنَّه صلى الله عليه وسلم قال:

"في كلِّ خَلَفٍ مِنْ أُمَّتي عُدُولٌ منْ أَهْلِ بَيْتِي يَنْفُوْنَ عن هذا الدِّينِ تَحْرِيفَ الغَالِينَ، وانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ، وتأْويلَ الجَاهِلِينَ، أَلا وإِنَّ أَئِمَّتكُمْ وَفْدُكُمْ إلى الله عز وجل، فانْظُرُوا ممَّن تُوفِدُون".

(1)

لم أقف على ترجمة موسى بن علي بن الحسين بن علي المذكور فيما بين يدي من المصادر، وعليُّ بن الحسين (زين العابدين) له أحد عشر ولدًا من الذُّكور ليس فيهم من اسمه (موسى) وهم: محمد الباقر، والحسن، وعبد الله، والحسين الأكبر، والقاسم، والحسن الأصغر، وزيد، وعمر، وسليمان، وعبد الرحمن، وعلي الأصغر رحمهم الله، والعقب منه في ستة منهم: الباقر، وعبد الله، وزيد، وعمر، والحسين الأكبر، وعلي الأصغر. انظر:"عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب" لابن عنبة (ص 289 وما بعدها). ولم أقف على من فوقه لأحكمَ على بقية الإِسناد، والله أعلم.

(2)

كتاب "شرف النُّبُوَّة" لأبي سعد النيسابوري لا زال مخطوطًا، وهو يقع في ثمان مجلدات كما في "الرسالة المستطرفة"(ص 109). وذكره صاحب "كشف الظنون"(2/ 1045).

• وأبو سعْد، هو عبد الملك بن أبي عثمان إبراهيم الواعظ الخركوشي النيسابوري، إمام قدوة حافظ. حدَّث عن حامد الرَّفاء، ويحيى بن منصور. وعنه الإِمام الحاكم وهو أكبر منه، والبيهقي. من مؤلفاته:"دلائل النبوة"، و"الزهد". مات سنة (407 هـ). و"سير أعلام النبلاء"(17/ 256)، و"طبقات الشافعية الكبرى"(5/ 222).

(3)

"ذخائر العُقْبى في مناقب ذوي القُرْبى"(ص 48)، ولم أقف على إسناده لأحكم عليه.

(4)

"ذخائر العُقْبى"(ص 49)، ونسبه الى الملّاء عن عمر رضي الله عنه، ولم أقفْ على إسناده لأحكمَ عليه، ويظهر والله تعالى أعلم أنه منكرٌ لا يصحّ؛ لأنَّ الحديث الذي بعده وهو أشهر فيه فيه كلام، حتى قال بعض أهل العلم:"ليس له طريق ثابت سالم من العلة"

فكيف بهذا الحديث؟ !

ص: 485

وأشهر من هذا في هذا المعنى حديث:

225 -

"يَحْمِلُ هذا العِلْمَ مِنْ كلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عنه تَحْرِيفَ الغَالِينَ، وانْتِحَالَ المُبْطِلِيْن"

(1)

.

(1)

حديثٌ ضعيفٌ، لكنه يتقوَّى بكثرة طُرُقِهِ وشَوَاهِدِهِ، فإنَّ بعضَها مُنْجَبِرٌ.

قال الحافظ العراقي: "وقد رُوي هذا متصلًا من رواية جماعة من الصحابة: علي بن أبي طالب، وابن عمر، وأبي هريرة، وعبد الله بن عمرو، وجابر بن سمرة، وأبي أُمامة، وكلّها لا يثبت منها شيء، وليس شيء يُقوِّي المرسل". وقال الدارقطني: "لا يصح مرفوعًا -يعني مسندًا-، إنما هو عن إبراهيم بن عبد الرحمن، عنه صلى الله عليه وسلم". وقال ابن عبد البر: "أسانيده كلّها مضطربة غير مستقيمة". وقال المؤلف في تعليقه على الحديث في "فتح المغيث": "

لكون الحديث مع كثرة طرقه ضعيف

" إلخ كلامه، ثم ساق كلام الأئمة السابق، ثم قال: "وقال شيخنا ["الإصابة" 1/ 363]: وأورده ابن عدي من طرقٍ كثيرةٍ كلّها ضعيفة. وحَكَمَ غيره عليه بالوضع، وإنْ قال العلائي في حديث أسامة منها: إنه حسن غريب". وقال الحافظ ابن كثبر: "

ولكن في صحته نظر قوي، والأغلب عدم صحته". انظر أقوالهم في:"التقييد والإيضاح"(ص 135)، و"التبصرة والتذكرة"(1/ 298)، كلاهما للعراقي، و"فتح المغيث" للمصنِّفُ (1/ 323 - 324)، و"اختصار علوم الحديث" لابن كثير (ص 89) مطبوع مع "الباعث الحثيث"، و"تدريب الراوي" للسيوطي (1/ 270 - 271).

قلتُ: نعم، جاء عن الإِمام أحمد تصحيح الحديث، كما في كتاب "العلل" للخلَّال، ومن طريقه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"، رقم (51)، والعلائي في "بغية الملتمس"(ص 35)، عن مهنا ابن يحيى قال: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث: كأنه كلام موضوع؟ ! قال: لا، هو صحيح. فقلتُ له: ممن سمعته أنت؟ قال: من غير واحد. قلتُ: مَنْ هم؟ قال: حدَّثني به مسكين، إلَّا أنه يقول: مُعَان، عن القاسم بن عبد الرحمن. قال أحمد: مُعَان بن رفَاعَة، لا بأس به. وسيأتي تعقُّب ابنِ القطان لكلام الإِمام أحمد، بأنه خَفِيَ عليه من أمره ما علمه غيره.

وظاهر كلام ابن القيِّم في "مفتاح دار السعادة"(1/ 495 وما بعدها)، تحسين الحديث، أو هو مما تُغني شهرته عن إسناده. وحسَّنه القسطلاني في "إرشاد الساري"(1/ 4) بمجموع طرقه. وصحَّحه أبو موسى عيسى بن صُبَيْح كما في "فتح المغيث"(1/ 323)، قال السَّخَاوي:"وأبو موسى هذا ليس بعُمدة، وهو من كبار المعتزلة". وصحَّحه أو حسَّنه -أيضًا- محمد بن إبراهيم الوزير اليماني في "العواصم والقواصم"(1/ 311، 312).

• وهذه طرق الحديث والكلام على أسانيدها طريقًا طريقًا بما تقتضيه الصِّناعة الحديثية:

وهو يُروى عن جماعة من الصَّحابة، وهم (ابن عمر، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو، وعلي بن =

ص: 486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

____

= أبي طالب، وأبو أمامة الباهلي، وأسامة بن زيد، وجابر بن سمرة، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم، زيادة على مرسل إبراهيم العُذْريّ، وبعض هذه الطُّرق يتقوَّى بغيره، فهو يصلح للحُجَّة:

1 -

من ابن عمر رضي الله عنهما:

أخرجه تمَّام في "فوائده"(1/ 142 - الررض البسَّام)، رقم (80)، وابن عدي في "مقدَّت الكامل"(1/ 152)، وأبو طاهر السِّلَفي في "معجم شيوخه" رقم (1585)، من طريق خالد بن عمرو القرشي، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عنه. وانظر:"ذخيرة الحفاظ"(5/ 2777)، رقم (6500). قال ابن عدي عقبه:"وهذا الحديث بهذا الإِسناد لا أعلم يرويه عن الليث غير خالد بن عمرو".

2 و 3 - من أبي هريرة، وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهم:

أخرجه البزار في "مسنده"(1/ 86 - كشف)، رقم (143)، والعقيلي في "الضعفاء"(1/ 10)، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 59)، من طريق خالد بن عمرو القرشي، عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب (وفي "العقيلي" ابن أبي جبلة)، عن أبي قَبيل، عن أبي هريرة وعبد الله بن عمر (وعند "العقيلي": وعبد الله بن عمرو بن العاص، فجعله في مسند ابن عمرو)، مرفوعًا. قال البزار عقبه:"خالد بن عمرو منكر الحديث، وقد حدَّث بأحاديث لم يُتابع عليها، وهذا منها". وفي الطريقين السابقين خالد بن عمرو القرشي، وهو ابن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص الأُموي السعيدي، أبو سعيد الكوفي، مجمع على تركه:

قال الإِمام أحمد: ليس ثقة، يروي أحاديث بواطيل. وفي رواية: منكر الحديث. وقال البخاري والساجى وأبو زرعة: منكر الحديث. وقال صالح جَزَرَة: يضع الحديث، وضرب أبو زرعة على حديثه. وقال أبو حاتم: متروك الحديث، ضعيف. وقال ابن معين: ليس حديثه بشئ، وقال مرة: كان كذَّابًا يكذب. وقال ابن حبان في "المجروحين"(1/ 283): "كان تفرَّد عن الثقات بالموضوعات، لا يحل الاحتجاج بخبره". اهـ. والعجيب أنه ذكره في "الثقات" أيضا (8/ 223)! قال الحافظ ابن حجر: "وهي إحدى غفلاته! ". وقال في "التقريب"(ص 289): "رماه ابن معين بالكذب، ونسبه صالح جَزَرة وغيره إلى الوضع". وانظر: "الميزان"(2/ 419)، و"التهذيب"(3/ 109).

• ورواية أبي هربرة جاءت من وجهين آخرين:

(1)

من طريق مسلمة بن علي، عن عبد الرحمن بن يزيد السلمي، عن علي بن مسلم البكري، عن أبي صالح الأشعري، عنه.

أخرجه ابن عدي في "المقدِّمة"(1/ 153)، ومن طريقه الخطيبُ في "شرف أصحاب الحديث"، رقم (47)، وكذا في "الجامع لأخلاق الراوي"(1/ 193)، رقم (137). وفيه مسلمة بن علي، وهو ابن خلف الخُشَنِي الشَّامي، متروك الحديث. قال ابن معين ودُحيم: ليس بشئ. وقال البخاري وأبو زرعة: منكر =

ص: 487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

____

= الحديث، وقال النسائي والدارقطني والبرقاني وابن حجر: متروك الحديث. انظر: "تهذيب"(10/ 133)، و"التقريب"(ص 943).

وشيخه عبد الرَّحمن بن يزيد، ووقع عبد ابن عدي:(ابن بريد) -هو ابن تميم السّلمي الدِّمشقي، ضعيف جدًّا. قال البخاري: منكر الحديث. وقال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابن معين: ضعيف في الزهري وفي غيره. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال مرة: متروك الحديث. وقال أبو داود: متروك الحديث. وقال الدارقطني: متروك. وقال الحافظ: ضعيف. انظر: "التهذيب"(6/ 261)، و"التقريب"(ص 604).

(ب) من طريق داود بن سليمان الغساني المديني، عن مروان الفزاري، عن يزيد بن كيْسان، عن أبي حازم، عنه. أخرجه ابن عدي في "كامله" (1/ 152). قال ابن عدي عقبه:"ولم أرَ هذا الحديث لمروان الفزاري بهذا الإسناد إلَّا من هذا الطريق".

قلتُ: داود بن سليمان لم أجد مَنْ ترجمه. ومروان الفزاري، هو شَبَابَة بن سوَّار، مولى بني فزارة (ثقة حافظ، رُمِي بالإِرجَاء)، روى له الجماعة. "التقريب"(ص 429). ويزيد بن كيْسان، هو أبو إسماعيل أو أبو مُنَيْن اليشكري (صدوق يُخطئ). "التقريب"(ص 1081). أخرج له مسلم، والأربعة، والبخاري في "الأدب المفرد". وأبو حازم، هو سلمان الأشجعي الكوفي، مولى عزة الأشجعية (ثقة)، أخرج له الجماعة. "التقريب"(ص 398). وعليه فهذا الإِسناد يقبل التحسين.

4 -

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

أخرجه ابن عدي في "مقدّمة الكامل"(1/ 152)، من طريق شيخه محمد بن محمد الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن أبيه، عن جدِّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه.

وهذا الطريق آفته ابن الأشعث شيخ ابن عدي، فقد قال في (6/ 2303 وما بعدها):"حمله شدة تشيعه إلى أن أخرج لنا قريبًا من ألف حديث عن موسى بن إسماعيل عن آبائه". وقال: "وعامتها مسندة، مناكير كلّها أو عامتها".

وقال: "وكان متَّهمًا في هذه النسخة، ولم أجد له فيها أصلًا". وانظر: "مختصر الكامل" للمقريزي (ص 705).

5 -

عن أَبي أُمَامة الباهلي رضي الله عنه:

أخرجه ابن عدي في "مقدّمة الكامل"(1/ 153)، من طريق محمد بن عبد العزيز الرَّملي، عن زرير (هكذا في "الكامل"! ، وفي "ذخيرة الحفاظ": رزيق) أبي عبد الله الألهاني، عن القاسم بن عبد الرحمن، عنه. وهو عند العقيلي في "الضعفاء"(1/ 9)، بالإسناد نفسه، لكنه جعل الرملي يرويه عن رزيق بواسطة بقيّة بن الوليد. =

ص: 488

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

____

= محمد بن عبد العزيز الرَّملي، هو المعروف بـ (ابن الواسطي)، قال فيه أبو حاتم: كان عنده غرائب، ولم يكن عندهم بالمحمود. وقال أبو زرعة: ليس بالقوي. "الجرح والتعديل"(8/ 8)، و"ضعفاء ابن الجوزي" (3/ 77). وذكره ابن حبان في "الثقات" (9/ 81). وقال: ربما أخطأ. ووثَّقه العجلي. "تاريخ الثقات"(ص 409) وقال الحافظ في "التقريب"(ص 872): صدوق يهم. اهـ. وعلى كلٍّ فهو من رجال الصحيح، روى عنه البخاري في "صحيحه".

وبقية، هو ابن الوليد بن صائد بن كعب الكلاعي (صدوق كثير التدليس عن الضعفاء). "التقريب"(ص 174)، وقد عنعنه. ورزيق الألهاني (صدوق له أوهام). "التقريب"(ص 326). والقاسم بن عبد الرحمن، هو أبو عبد الرحمن الدمشقي، صاحب أبي أمامة (صدوق يغرب كثيرًا). "التقريب"(ص 792).

قلتُ: وعليه، فضعف هذه الرواية محتمل، كما قال الحافظ ابن طاهر المقدسي:"وهذا إسناد يحتمل". انظر: "ذخيرة الحفاظ"(5/ 2779)، ولذا فهي تتقوَّى بغيرها.

6 -

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:

أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"، رقم (49)، من طريق أحمد بن يحيى بن زُكَيْر، عن محمد بن ميمون بن كامل الحمراوي، عن أبي صالح، عن الليث بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عنه. بلفظ:"يَرِث هذا العلمَ من كلِّ خَلَفٍ عُدُولُه". وفي إسناده ابن زكيْر، وهو أبو العبَّاس البزّار، تَرْجَمَهُ الحافظ في "لسان الميزان"(1/ 430)، ونقل قول الدارقطني عنه في "الغرائب": ليس بشيء في الحديث. وقال في موضع: "لم يكن أحمد بمرضي في الحديث". وأورد له الدَّارقطني حديثًا في "غرائب مالك" يرويه محمد بن ميمون بن كامل، وقال عقبه:"لا يثبت، ابن كامل وابن زُكير ضعيفان". وعليه، فمحمد بن ميمون ضعيف أيضًا. وأبو صالح، هو عبد الله بن صالح بن محمد الجهني المصري، كاتب الليث، تُكلِّم فيه من قِبَلِ حفظه، ولذا قال في "التقريب" (ص 515):"صدوق، كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة".

7 -

عن أُسَامَةَ بن زيد رضي الله عنه:

أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"، رقم (48)، والعلائي في "بغية الملتمس"(ص 34)، من طريق ابن جربر الطبري، عن عثمان بن يحيى القرقساني، عن عمرو بن هاشم البيروتي، عن محمد بن سليمان -يعني ابن أبي كريمة-، عن مُعَان بن رفَاعة، عن أبي عثمان النهدي، عنه.

قال العلائي عقبه: "هذا حديث حسن غريب صحيح، تفرَّد به من هذا الوجه معان بن رفاعة، وقد وثَّقه علي بن المديني ودحيم. وقال فيه أحمد بن حنبل: لا بأس به. وتكلَّم فيه يحيى بن معين وغيره". اهـ.

وقوله متعقَّبٌ بأنَّ فيه محمد بن سليمان بن أبي كريمة، وهو ضعيفٌ؛ قال أبو حاتم: ضعيف الحديث. "الجرح والتعديل"(7/ 268). وقال العقيلي: روى عن هاشم بواطل لا أصل لها. "الضعفاء الكبير"(4/ 74).

ومردُّه أنَّ العلائيَّ وَهِمَ في محمد بن سليمان هذا، فجعله محمد بن سليمان بن أبي داود الحرَّاني، =

ص: 489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

____

= المعروف بـ (بومة)، فقال:"وثَّقه سليمان بن سيف، وطائفة"، وهو صدوق كما في "التقريب"(ص 850)، وقد جاء التَّصريح بأنه ابن أبي كريمة في رواية الخطيب.

ومُعَان بن رفَاعَة، هو السَّلَامي -بالتخفيف-، وثَّقه ابن المديني، ودحيم. وقال أحمد، وأبو داود، ومحمد بن عوف: لا بأس به. وضعَّفه أبو حاتم، وابن معين، ويعقوب بن سفيان، والجوزجاني، وابن حبان، وابن عدي، وأبو الفتح الأزدي، والسعدي، والذهبي، وابن حجر. انظر:"الجرح والتعديل"(8/ 421)، "المجروحين"(3/ 36)، "المعرفة والتاريخ"(2/ 451)، "الميزان"(6/ 455)، "التهذيب"(10/ 183)، "الكاشف"(2/ 274) ، "التقريب"(ص 953).

أما بالنسبة لكلام الإمام أحمد (لا بأس به)، فقد تعقَّبه ابن القطان بقوله:"خفي على أحمد من أمره ما علمه غيره". ثم ذكر أقوال من ضعَّفه. انظر: "بيان الوهم والإِيهام" له (3/ 40). قال الحافظ أبو نعيم عن الحديث: "إنه لا يثبت". انظر: "فتح المغيث"(1/ 324).

8 -

من جابر بن سمرة رضي الله عنه:

أخرجه ابن الجوزي في "مقدَّمة الموضوعات"(1/ 7)، رقم (4)، من طريق أحمد بن إبراهيم بن التميمي، عن لاحق بن الحسين، عن محمد بن محمد بن حفص القزاز، عن عبد الملك بن عبد ربه الطائي، عن سعيد بن سماك بن حرب، عن أبيه، عنه.

قلتُ: هذا إسنادٌ باطلٌ، فيه جاهيل، لكن آفته لاحق بن الحسين. وهو ابن عمران بن أبي الورد، أبو عمر. قال ابن النجار: مجمعٌ على كذبه. قال عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإِدريسي الحافظ: كان كذَّابًا أفَّاكًا، يضع الحديث على الثقات، ويُسند المراسيل، ويُحدِّث عمّن لم يسمع منهم

إلخ كلامه. ومما قال فيه أيضًا: لا نعلم له ثانيًا في عصرنا مثله في الكذب والوقاحة مع قلة الرواية

إلى أن قال: قُتل بخوازم، وتخلَّص الناس من وضعه الأحاديث، ولعلّه لم يُخلق من الكذَّابين مثله! والعبارة في "تاريخ بغداد": ولعلّه لم يخلف مثله من الكذّابين! وقال الحاكم: حدَّث بالموضوعات. وقال الأمير ابن ماكولا: لا يُعتمد على حديثه ولا يُفرح به. انظرة "تاريخ بغداد"(14/ 102)، و"ضعفاء ابن الجوزي"(3/ 28) ، و"لسان الميزان"(6/ 312).

قلتُ: وأورد ابن الجوزى في "الموضوعات"(3/ 288)، حديثًا رواه لاحقٌ المذكور وعقَّب عليه بقوله: "هذا حديث لا أصل له، والمتَّهم به لاحقٌ

"، ثم ساق كلام الإِدريسي المتقدِّم.

9 -

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه:

أخرجه الخطيب في "شرف أصحاب الحديث"، رقم (10)، من طريق أبي الحسين محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي، عن الحسن بن عبد الله بن سيد العسكري، عن عبدان، عن زيد بن الحريش، عن عبد الله بن خراش، عن العوام بن حوشب، عن شهر بن حوشب، عنه.=

ص: 490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

____

= • وهذا إسنادٌ في غاية الضَّعفِ، فيه متَّهمان بالكذب:

أولهما: شيخ الخطيب البغداديِّ الأهوازيُّ، متَّهم بالكذب، لا ينبغي الرواية عنه، كان يضع الأسانيد، وسمَّاه بعضهم "جِرَاب الكذب"، قاله الذهبي في "الميزان"(6/ 111).

ثانيهما: عبد الله بن خِرَاش، وهو ابن حوشب الشَّيباني، أبو جعفر الكوفي.

قال السَّاجي: ضعيف الحديث جدًّا، ليس بشيء، كان يضع الحديث. وقال محمد بن عمار الموصلي: كذَّاب. وقال البخاري: منكر الحديث. وقال الحافظ: ضعيف، وأطلق عليه ابن عمَّار الكذب. وضعَّفه أبو زرعة وأبو حاتم الرَّزايّان، والنَّسائيُّ، وابن عدي، والدَّارقطنيُّ. انظر:"تهذيب التهذيب"(5/ 177) ، و"تقريب التهذيب"(ص 502).

وفيه شَهْر بن حَوْشَب، وهو صدوق كثير الإِرسال والأوهام كما في "التقريب"(ص 441).

10 -

عن إبراهيم العُذْريِّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مرْسلًا أو معْضلًا:

أخرجه ابن أبي حاتم في "مقدِّمة الجرح والتعديل"(2/ 17)، وابن عدي في "مقدِّمة الكامل"(1/ 153)، ومن طريقه البيهقيُّ في "السنن الكبرى"(11/ 209)، وابن حبان في "الثقات"(4/ 10)، وابن عبد البر في "التمهيد"(1/ 58، 59) ، من طريق الحسن بن عرفة، عن إسماعيل بن عيَّاش، عن مُعان بن رفاعة، عنه. والآجري في "الشريعة"(1/ 270 ، 272)، رقم (1 و 2)، من طرقٍ عن مُعان به. والعقيلي في "الضعفاء"(4/ 256)، في ترجمة مُعان بن رفاعة، من طريق إسماعيل به، وقال عقبه:"ولا يُعرف إلَّا به [أي مُعان]، وقد رواه قوم مرفوعًا من جهة لا تثبت".

قلتُ: إسماعيل بن عيَّاش، مختلف في توثيقه، وتقدَّم برقم (99) أن روايته عن الشاميين صحيحة، وهي هاهنا عن مُعان وهو شاميّ، إلَّا أنه ليِّن الحديث كما سبق قريبًا. وقد تابعه على روايته عن مُعان، مُبَشِّر بن إسماعيل الحلبي، وهو خيرٌ من إسماعيل، وطريقه إلى مُعان بن رفاعة أحسن كما قال ابن القطان في "بيان الوهم والإِيهام" (3/ 93). وقال الحافظ في "التقريب" (ص 919):"صدوق"؛ أخرجه أبو حاتم في "مقدمة الجرح"(2/ 17)، بلفظ: "لِيَحْمِلْ هذا العلمَ من كلِّ خَلَفٍ عدوله

"، والباقي سواء. وتابعه -أيضًا- بقية بن الوليد، وهو (صدوق كثير التدليس عن الضعفاء)، مضى قريبًا في رواية أبي أمامة رضي الله عنه، وقد عنعن؛ أخرجه ابن عدي (1/ 153)، وانظر: "ذخيرة الحفاظ" (5/ 2779). ومُعان بن رفَاعة السَّلَامي مُتَابَعٌ على حديثه، تابعه الوليد بن مسلم، عن إبراهيم العُذْريّ، حدَّثني الثقة من أشياخنا، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، والوليد (ثقة، لكنه كثير التدليسْ والتسوية)، كما في "التقريب" (ص 1041). أخرج هذه المتابعة ابن عدي (1/ 153)، والبيهقي في "الدلائل" (1/ 44).

بقي الكلام على إبراهيم بن عبد الرحمن العُذريّ، بالضمِّ والسكون نسبةً إلى عُذرة قبيلة من قضاعة، هكذا ضبطه ابن نقطة في "التكملة"(4/ 280)، وابن حجر في "تبصير المنتبه"(3/ 999)، وقيل: -بفتح العين المهملة، والذال المعجمة، نسبةً إلى عَذَر بطن من الأشعريين. كما في "الأنساب"(4/ 171). وزاد =

ص: 491

وهو متمسَّك ابن عبد البرِّ ومن وافقه في الذهاب إلى أن كلَّ مَنْ حَمَلَ العلمَ ولم يُتَكلَّمْ فيه بجرْحٍ وغيرِهِ فهو عَدْلٌ

(1)

، على ما تقرَّر في

= نسبةً ثالثةً: بضم المهملة، وفتح المعجمة، نسبةً إلى عُذَر بطن من هَمْدان-، فهو عند الذهبي معروف، وعند ابن القطان مجهول العين، لا يُعرف.

قال عنه الذهبي في "الميزان"(1/ 166): "تابعي مُقلّ، ما علمته واهيًا، أرسل حديث: "يحمل هذا العلم من كلِّ خَلَفٍ عدوله"، رواه غير واحد عن مُعان بن رفاعة عنه، ومُعان ليس بعُمْدة، ولا سيما أتى بواحد لا يُدرى من هو؟ ". اهـ. وذكره ابن حبان في "ثقاته"(4/ 10)، وأفاد أنه يروي المراسيل.

بينما يقول ابن القطان في "بيان الوهم والإِيهام"(3/ 40)، عنه:"لا نعرفه البتَّة في شيء من العلم غير هذا، ولا أعلم أحدًا ممن صنَّف الرِّجال ذكره، مع أن كثيرًا منهم ذكر مُرْسَلَه هذا في مقدِّمة كتابه، كابن أبي حاتم، وأبي أحمد، والعقيلي، فإنهم ذكروه ثم لم يذكروا إبراهيم بن عبد الرحمن في باب من اسمه (إبراهيم)، فهو عندهم غاية المجهول". اهـ.

قلتُ: وخلاصة الكلام في الحديث أنه يمكن أن يتقوَّى ببعض الطرق التي ذكرتُها فيكون حسنًا لغيره، وهو ما رجَّحه المصنِّف رحمه الله تعالى. فقد قال في كتابه "الغاية شرح الهداية في علم الرواية"، لابن الجَزَري- مخطوط بمكتبة الحرم المكِّي الشريف برقم (1197)، ومنه نسخة توجد بالجامعة الإِسلامية في مجموع برقم (2721) قال ما نصُّه (ق 23 - 24):"وهو من جميع طرقه ضعيف، كما صرَّح به الدَّارقطنيُّ وأبو نعيم، وابن عبد البر، لكن يمكن أن يتقوَّى بتعدُّدها بطرقها ويكون حسنًا، كما جزم به العلائيُّ، لا سيّما يشهد له كتاب عمر إلى أبي موسى الأشعري: (المسلمون عدولٌ بعضها على بعضٍ، إلَّا مجْلُودًا في حدٍّ، أم مُجرَّبًا عليه شهادة زورٍ، وظنينًا في ولاء أو نسب) ". اهـ كلامه.

(1)

مذهب أبي عمر ابن عبد البر صرَّح به في "التمهيد"(1/ 28) بقوله: "كلُّ حامل علم معروف العناية به فهو عدل محمول في أمره أبدًا على العدالة حتى يتبيَّن جرحه في حاله، أو كثرة غلطه، لقوله صلى الله عليه وسلم

وذكره" إلخ كلامه.

وتعقَّبه النووي في "التقريب والتيسير" بقوله: "وقوله هذا غير مرضيّ". وقال ابن الصلاح: "وفيما قاله اتِّساع غير مرضيّ". انظر: "تدريب الراوي"(1/ 270)، و"التقيّيد والإِيضاح"(ص 134).

وتعقَّبه النووي في "التقريب والتيسير" بقوله: "وقوله هذا غير مرضيّ". وقال ابن الصلاح: "وفيما قاله اتِّساع غير مرضيّ". انظر: "تدريب الراوي"(1/ 270)، و"التقيّيد والإِيضاح"(ص 134).

ووافق ابنَ عبد البر في هذا المذهب أبو عبد الله بن المواق من المتأخرين فقال في كتابه "بغية النُّقّاد": "أهل العلم محمولون على العدالة حتى يظهرَ منهم خلاف ذلك"، نقله العراقي في "التقييد والإِيضاح"(ص 135)، و"التبصرة والتذكرة" (1/ 299). وقال ابن الجَزَريّ:"إنَّ ما ذهب إليه ابن عبد البر هو الصواب، وإنْ ردَّه بعضهم". وسبقه المِزِّيُّ فقال: "هو في زماننا مرضيّ، بل ربما يتعيَّن". ونحوه قول ابن سيِّد الناس: "لست أراه إلَّا مرضيًّا". وكذا قال الذَّهبيّ: "إنه حقٌّ"، أفاده الحافظُ =

ص: 492

محلِّه

(1)

.

226 -

وقال محمَّد بنُ السَّائبِ الكَلْبِيُّ -وهو كذَّابٌ

(2)

-:

"مَرِضْتُ مرْضةً فَنَسِيْتُ ما كنتُ أَحْفَظُهُ، فأَتَيْتُ آلَ مُحَمَّدٍ فَتَفَلُوا في فِيَّ، فَحَفِظْتُ ما كنتُ نَسِيتُهُ"

(3)

.

= السَّخَاويُّ في "فتح المغيث"(1/ 326 - 327)، وذَكَرَ عقب ذلك آثارًا يُستأنس بها لتقوية ما ذهب إليه ابن عبد البرِّ.

قلتُ: وممن ذهب -أيضًا- إلى ما ذهب إليه ابنُ عبد البرِّ، محمدُ بنُ إبراهيم الوزير اليماني، في كتابيه "العواصم والقواصم"(1/ 307 - 313)، و"تنقح الأنظار"، ووافقه شارحه الأمير الصَّنعاني في "توضيح الأفكار"(2/ 91). واختاره المنصور بالله، وعبد الله بن زيد من الزيدية، كما في "العواصم والقواصم" (1/ 308). وللدكتور محمد بن عمر بازمول بحثٌ جيِّدٌ سمَّاه:"مذهب ابن عبد البر في التعديل"، يقع في ثنتين وعشرين صحيفة، أتى على كلِّ ما يتعلَّق بمذهب ابن عبد البر في هذه المسألة قبولًا وردًّا ومناقشةً، وهو مطبوع ضمن كتابه:"الإِضافة -دراسات حديثية"(من ص 195 - 217)، نشر دار الهجرة بالسعودية.

(1)

قرَّر المؤلِّف رحمه الله تعالى هذه المسألة (العدالة) وَبَسَطَها بَسْطًا حسنًا في "فتح المغيث"(1/ 318 - 328). وانظر للاستزادة: "إرشاد طلاب الحقائق" للنووي (1/ 277)، و"التقييد والإِيضاح" للعراقي (ص 134 وما بعدها)، و"العواصم والقواصم" لمحمد بن الوزير اليماني (1/ 307، وما بعدها)، و"تدريب الراوي" للسيوطي (1/ 270 وما بعدها)، و"توضيح الأفكار" للصنعاني (2/ 91 وما بعدها)، و"إرشاد الفحول"، للشوكاني (1/ 266 وما بعدها)، و"الباعث الحثيث" لأحمد شاكر (ص 87 وما بعدها) ، وبحث الشيخ بازمول آنف الذكر.

(2)

هو محمد بن السائب بن بشر الكلبي، أبو النضر، كان علَّامةً، أخباريًّا، مفسِّرًا، نسَّابًا، إلَّا أنه شيعي متروك الحديث. قال ابن حبان: اتَّفق ثقات أهل النقل على ذمه وترك الرواية عنه في الأحكام والفروع. وقال أيضًا: الناس مجمعون على ترك حديثه، وهو ذاهب الحديث، لا يُشتغل به. وقال: مذهبه في الدِّين ووضوح الكذب فيه أظهر من أنْ يحتاج إلى الإِغراق في وصفه. اهـ. انظر ترجمته في: "السِّير"(6/ 248) ، و"الميزان"(3/ 556)، و"التهذيب"(9/ 152)، و"تاريخ ابن معين"(2/ 517)، و"التاريخ الكبير"(1/ 101)، و"الجرح والتعديل"(7/ 270)، و"المجروحين"(2/ 253، وما بعدها).

(3)

أورد هذه المقالة الحافظُ ابنُ حجر في ترجمته من "التهذيب"(9/ 153) قال: "قال الدّوري عن يحيى بن يعلى المحاربي: قيل لزائدة: ثلاثة لا تروي عنهم: (ابن أبي ليلى، وجابر الجُعْفي، والكلبي؟ ! ). قال: أما ابن أبي ليلى فلست أذكره، أما جابر فكان والله كذَّابًا يُؤمن بالرَّجعة، وأما الكلبي وكنت أختلفُ إليه، فسمعته يقول: "مرضتُ مرضةً فنسيتُ ما كنتُ أحفظُ، فأتيتُ آل محمد فتفلُوا في فِيَّ فحفظتُ ما كنتُ نسيتُ! ! "، فتركتُه".

ص: 493