المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومر معاوية بن مروان بحقل له، فلم يعجبه، فقال: ما - حدائق الأزاهر

[ابن عاصم الغرناطي]

فهرس الكتاب

- ‌حدائق الأزاهر

- ‌لابن عاصم الغرناطي

- ‌حققه وقدم له أبو همام

- ‌عبد اللطيف عبد الحليم

- ‌الإهداء

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ الحديقة الأولى:

- ‌ الباب الأول في مسكت الجواب ومفحم الخطاب

- ‌الباب الثاني

- ‌الباب الثالث

- ‌هنيئاً مريئاً، غير داء مخامر=لعزة من أعراضنا ما استحلت

- ‌الحديقة الثانية

- ‌الباب الأول في ترويح الأرواح بمستحسن المزاح

- ‌الباب الثاني في المضحكات الحسنة، الخفيفة على الألسنة

- ‌الباب الثالث في المضحكات الشعرية

- ‌الباب الرابع في المضحكات المطولات

- ‌الحديقة الثالثة

- ‌الباب الأول في النوادر المستغربة والنكت المستعذبة

- ‌الباب الثاني في أخبار الأعراب والمتنبئين ونوادر المجان والمستخفين

- ‌فصل في المتنبئين

- ‌الباب الثالث في أخبار المغفلين وأهل البله وما يحكى عن المجنونين، ومن لا عقل لهم

- ‌الحديقة الرابعة في الوصايا والحكم وفيها باب الواحد

- ‌الباب الأول

- ‌الحديقة الخامسة في أمثال العامة وحكمها وفيها باب واحد مرتب على حروف المعجم وفيه

- ‌ال‌‌فصلالأول

- ‌فصل

- ‌أشهر من الريحان في دار العرس

- ‌حرف الألف

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌حرف الباء

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌فصل

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزين

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف الظاء

- ‌حرف الكاف

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌‌‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌حرف النون

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف لام الألف

- ‌حرف الياء

- ‌الحديقة السادسة في الحكايات الغريبة والأخبار العجيبة

- ‌الباب الأول في الحكايات المستطرفة والأخبار المستظرفة

- ‌الباب الثاني في الحكايات والأخبار ذوات الأشعار

- ‌الباب الثالث في حكايات الأولياء والصلحاء والزهاد، وما يرجع إلى ذلك

الفصل: ومر معاوية بن مروان بحقل له، فلم يعجبه، فقال: ما

ومر معاوية بن مروان بحقل له، فلم يعجبه، فقال: ما كذب من قال: كل حقل لا يرى قفا صاحبه لا يفلح، ثم نزل عن دابته، فأحدث فيه ثم ركب.

وهو الذي قال لوالد زوجته: ملأتنا ابنتك البارحة بالدم، قال: إنها من نسوة يخبئن ذلك لأزواجهن، ولو كنت خصياً ما زوجناك، فعلى الذي دلنا عليك لعنة الله.

وكان أبو العاج والياً بواسط، فأتاه صاحب شرطته بقوادة، فقال: ما هذه؟ قال: قوادة، قال: وما تصنع؟ قال: تجمع بين الرجال والنساء، قال: إنما جئتني بها لتعرفها بداري، خل عنك، لعنك الله ولعنها.

ودخل قوم على كردم، فقالوا له: أين القبلة في دارك؟ فقال: والله، ما اهتديت لها؛ لأني إنما دخلت هذه الدار منذ ستة أشهر.

ودخل كردم على رجل فدعاه للغداء، فقال: قد أكلت، فقال له: وما أكلت؟ قال: قليل أرز، فأكثرت منه.

ومرض كردم، فقال له عمه: أي شيء تشتهي؟ قال: رأس كبشين، قال: لا يكون ذلك، قال: فرأسي كبش، قال: وهذا لا يكون، قال: فلست أشتهي شيئاً.

وكان أبو إدريس السمان يكتب: فلا صبحك الله إلا بخير، ولا حيا وجهك إلا بكرامة.

وأتى عامر بن عبد الله بن الزبير بعطائه وهو في المسجد، فقام ونسيه، فلما سار إلى بيته ذكره، فقال لغلامه: إئتني بعطائي الذي نسيت في المسجد، قال له: وأين يوجد وقد دخل بعد ذلك المسجد جماعة؟ قال: وبقي أحد يأخذ ما ليس له؟ وسرقت نعله، فلم يلبس بعد ذلك نعلاً حتى مات، وقال: أكره أن أتخذ نعلاً، فيجيء من يسرقها فيأثم.

وقال بعضهم: مررت ببعض طرق الكوفة، فإذا أنا برجل يخاصم جاراً له، فقلت: ما بالكما؟ فقال: إن صديقي زارني، فاشتهى رأساً فاشتريته وتغدينا، فأخذت عظامه فوضعتها على باب داري؛ أتجمل بها عند جيراني، فجاء هذا فأخذها، ووضعها على باب داره؛ يوهم الناس أنه اشترى الرأس.

وقال بعض المتبردين: أفطرت البارحة على رغيف وزيتونة ونصف زيتونة أو زيتونة وثلث، أو زيتونة وربع، أو زيتونة وما علم الله من زيتونة أخرى، فقال له بعض الحاضرين: يا فتى، إنه بلغنا من الورع ما يبغضه الله، وأحسبه ورعك.

ونظر آخر إلى أهل عرفات فقال: ما أظن الله إلا قد غفر لهم، لولا أني كنت فيهم.

وحكى الأعمش قال: أتاني عبد الله بن سعيد، فقال لي: ألا تعجب؟ أتاني رجل فقال: دلني على شيء إذا أكلته مرضت؛ فقد استبطأت العلة، وأحببت أن أعتل فأؤجر، فقلت: اسأل الله العافية؛ واستدم النعمة، فإن من شكر الله على النعمة كمن صبر على البلية، فألح علي فقلت له: كل السمك المملوح، واشرب النبيذ الحار، وقم في الشمس، واستمرض الله يمرضك إن شاء الله.

ودخل قوم على رجل من الزهاد، فوجدوا عنده رائحة قبيحة، فقالوا له: ما هذا؟ نظنه في بعض نعالكم، فقال الزاهد: ليس كما قلتم، هو من حشو الكنيف، أودعته شاربي؛ رياضة للنفس وإذلالاً لها، ألا تطلع إلي الروائح التي تحرم عدا رائحة الجنة.

وسمع آخر تشاجر قوم في تاريخ شيء فقال: ليس هذا كما تزعمون، إنما كان هذا قبل ابتدائي بصيام الدهر، فلا كان هذا ولا كان صيامه.

وكان بغرناطة رجلان أحمقان، يقال لأحدهما: حسين، وللآخر: يحيى، فاشترى يوماً يحيى زناراً جديداً، فرآه حسين عليه، فأعجبه، فقال له: جرده وألبسه أنا أقيسه، والبس أنت زناري، فلبسه حسين، وأعطاه زناره المبتذل، ونظر عليه يميناً وشمالاً، ثم ذهب به مسرعاً، فقال له: جرد زناري، وذهب خلفه، إلى أن وصلا إلى البيازين، واجتمع عليهما الناس، فلم يقدر أحد أن يجرده له، فقالوا له: رد زناره، ونشتري لك غيره، ففعلوا، وبقي ذلك الزنار عليه.

وجمع بعض الملوك بين مجنونين؛ ليضحك عليهما، فبعث بهما، فأسمعاه ما يكره، فدعا بالسيف، فقال أحد المجنونين لصاحبه: كنا اثنين، فصرنا ثلاثة.

‌الحديقة الرابعة في الوصايا والحكم وفيها باب الواحد

‌الباب الأول

لما وجه ابن هبيرة مسلم بن سعيد إلى خراسان، قال له: أوصيك بثلاثة: حاجبك؛ فإنه وجهك الذي تلقى به الناس، إن أحسن، فأنت المحسن، وإن أساء فأنت المسيء، وصاحب شرطنك؛ فإنه سوطك وسيفك، وحيث وضعتهما، وضعتهما، وعمال الفرد، قال له: وما عمال الفرد؟ قال: أن تختار من كل كورة رجالاً لعملك، فإن أصبت فهو الذي أردت، وإن أخطأت فهم المخطئون، وأنت المصيب.

ص: 76

وقال عدي بن أرطأة لإياس بن معاوية: دلني على قوم من القراء؛ أولهم، فقال له: القراء ضربان، ضرب يعملون للأخوة، لا يعملون لك، وضرب يعملون للدنيا، فما ظنك بهم، إذا أمكنتهم منها؟ ولكن عليك بذوي البيوتات الذين يستحيون لأحسابهم، فولهم.

وقال معاوية: إني لا أضع سيفي، حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها.

وقال عليه السلام: من تواضع لله رفعه.

وقال بعض الحكماء: كل ذي نعمة محسود عليها، إلا التواضع.

وقال عبد الملك بن مروان: أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة.

وسئل بعض الحكماء: أي الأمور أشد تأييداً للعقل، وأيها أشد إضراراً له؟ فقال: أشدها تأييداً له ثلاثة أشياء: مشاورة العلماء، وتجربة الأمور، وحسن التثبت، وأشدها إضراراً به: الاستبداد، والتهاون، والعجلة.

وقال بعض الحكماء: ما كنت كاتمه عن عدوك، فلا تظهر عليه صديقك.

وقال عمرو بن العاص: ما استودعت رجلاً سراً، فلمته عليه إذا أفشاه؛ لأني كنت أضيق صدراً حين استودعته منه حين أفشاه.

وحكى أسامة بن زيد قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا غزا أخذ طريقاً، وهو يريد أخرى، ويقول: الخرب خدعة.

وعن مالك بن أنس قال: كان مالك بن عبد الله الخثعمي، وهو على الطائفة، يقوم في الناس، كلما أراد أن يرحل، فيحمد الله ويثني عليه، ثم يقول: إني آخذ بكم غداً، إن شاء الله، على موضع كذا وكذا فتفترق الجواسيس عنه بذلك، فإذا أصبح الناس سلك بهم طريقاً أخرى، وكانت الروم تسميه الثعلب.

وقال عمرو بن معدي كرب: الفزعات ثلاث، فمن كانت فزعته في رجليه، فذاك الذي لا تقله رجلاه، ومن كانت فزعته في رأسه، فذاك الذي يفر من أمه، ومن كانت فزعته في قلبه، فذاك الذي يقاتل.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.

وقال عليه السلام: اصطناع المعروف يقي مصارع السوء.

وقال أبو ذر: إن لك شريكين في مالك، الحدثان والوارث، فإذا استطعت ألا تكون أبخس الشركاء حظاً، فافعل.

وقال بعضهم: إذا أقبلت الدنيا عليك، فأنفق منها؛ فإنها لا تفنى، وإذا أدبرت عنك، فأنفق منها؛ فإنها لا تبلى، أخذ الشاعر هذا المعنى فقال:

لا تبخلن بدنيا، وهي مقبلة

فليس ينقصها التبذير والسرف

وإن تولت فأحرى أن تجود بها

فالشكر منها إذا ما أدبرت خلف

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أردتم أن تعلموا ما للعبد عند ربه، فانظروا إلى ما يتبعه من حسن الثناء.

وقال بعض أهل التفسير، في قوله تعالى فيما حكى عن إبراهيم عليه السلام:(واجعل لي لسان صدق في الآخرين) أنه أراد حسن الثناء من بعد.

وقال عليه السلام: استعينوا على حوائجكم بالكتمان؛ فإن كل ذي نعمة محسود.

وفي الحديث: من نشر معروف فقد شكره، ومن كتمه فقد كفره.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: لو أن فرعون مصر أسدى إلي يداً صالحة، شكرته عليها.

وقال بعضهم: إذا قصرت يداك عن المكافآت، فليطل لسانك بالشكر.

وقيل: ما نحل الله عباده أقل من الشكر، واعتبر ذلك بقول الله سبحانه:(وقليل من عبادي الشكور) .

وقال سهل بن هارون: العقل رائد الروح، والعلم رائد العقل، والبيان ترجمان العلم.

وقيل: الروح عماد البدن، والعقل عماد الروح، والعلم عقاد العقل، والبيان عماد العلم.

وقال عليه السلام: إن من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكمة.

وقال الأحنف بن قيس: أحق الناس بالعفو، أقدرهم على العقوبة.

وقال ابن سيرين: العلم أكثر من أن يحاط به؛ فخذوا من كل شيء أحسنه.

وقيل لأبي عمرو بن العلاء: هل يحسن بالشيخ أن يتعلم؟ قال: إن كان يحسن به أن يعيش، فيحسن به أن يتعلم.

وقال عروة لبنيه: اطلبوا العلم، فإن تكونوا صغار قوم لا يحتاج إليكم، فعسى أن تكونوا كبار قوم، لا يستغنى عنكم.

وقال رجل لأبي هريرة رضي الله عنه: أريد أن أطلب العلم، وأضاف أن أضيعه، قال: فكفاك بترك العلم إضاعة له.

وقال بعض الحكماء: اقصد من أصناف العلم إلى ما هو أشهى لنفسك، وأخف على فلبك؛ فإن نفاذك فيه على قدر شهوتك له، وسهولته عليك.

ص: 77

وقال رؤبة بن العجاج: قال لي النسابة البكري: يا رؤبة، لعلك من قوم إن سكت عنهم لم يسألوني، وإن حدثتهم لم يفهموني، قلت: أنا أرجو ألا أكون كذلك، قال: فما آفة العلم ونكده وهجنته؟ قلت: تخبرني؟ قال: آفته النسيان، ونكده الكذب، وهجنته نشره عند غير أهله.

وقال عبد الله بن مسعود: إن العبد لا يولد عالماً، وإنما العلم بالتعلم، أخذه الشاعر فقال:

تعلم؛ فليس المرء يولد عالما

وليس أخو علم كمن هو جاهل

وإن كبير القوم، لا علم عنده

صغير إذا احتفت عليه المحافل

وإن صغير القوم، والعلم عنده

كبير، إذا ردت إليه المسائل

وقال بعض الحكماء: علم علمك من يجهل، وتعلم ممن يعلم؛ فإنك إذا فعلت ذلك حفظت ما علمت، وعلمت ما جهلت.

وقال مالك بن أنس رحمه الله: إذا ترك العالم: لا أدري، فقد أصيبت مقاتله.

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: من سئل عما لا يدري، فقال: لا أدري فقد أحزر نصف العلم.

وقالوا: العلم ثلاثة: حديث مسند، وآية محكمة، ولا أدري، فجعلوا لا أدري من العلم، إذا كان صواباً من القول.

وقالوا: الحكمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب، وإذا خرجت من اللسان، لم تجاوز الآذان.

وقال الحسن البصري: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، قلب الأحمق من وراء لسانه، فإذا أراد أن يقول قال.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: العقل في الدماغ، والضحك في الكبد، والرأفة في الطحال، والصوت في الرئة.

وقال عمر رضي الله عنه: من لم ينفعه ظنه، لم ينفعه يقينه.

وسئل بعضهم: من أحب بنيك إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، والغائب حتى يرجع، والمريض حتى يفيق.

وقال صلى الله عليه وسلم: لا تضعوا الحكمة عند غير أهلها؛ فتظلموها، ولا تمنعوها من أهلها؛ فتظلموهم.

وفي الحديث: خذ الحكمة ولو من ألسنة المشركين.

وقال عليه السلام: الحكمة ضالة المؤمن، يأخذها ممن سمعها، ولا يبالي من أي وعاء خرجت.

وقال زياد: أيها الناس، لا يمنعنكم سوء ما تعلمون منا، أن تنتفعوا بأحسن ما تسمعون منا؛ فإن الشاعر يقول:

اعمل بقولي، وإن قصرت في عملي

ينفعك قولي، ولا يضررك تقصيري

وقيل لقيس بن ساعدة: ما أفضل المعرفة؟ قال: معرفة الرجل نفسه، قيل له: فما أفضل العلم؟ قال: وقوف المرء عند علمه، قيل له: فما أفضل المروءة؟ قال: استبقاء الرجل ماء وجهه.

وقال الحسن: التقدير نصف العيش، والتوزر نصف العقل، وحسن طلب الحاجة نصف العلم.

وقيل: ثلاثة لا تكون إلا في ثلاثة: الغنى في النفس، والشرف في التواضع، والكرم في التقوى.

وقيل: ثلاثة لا تعرف إلا في ثلاثة، ذو البأس لا يعرف إلا عند اللقاء، وذو الأمانة لا يعرف إلا عند الأخذ والعطاء، والإخوان لا يعرفون إلا عند التوائب.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أخوف ما أخاف عليكم شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه.

ومر أعرابي برجل صلبه السلطان، فقال: من طلق الدنيا، فالآخرة صاحبته، ومن فارق الحق، فالجذع راحلته.

وقال قس بن ساعدة: من فاته حسب نفسه، لا ينفعه حسب أبيه.

وقال عليه السلام: لا دين إلا بمروءة.

وقال ربيعة: المروءة ست خصال، ثلاث في السفر، وثلاث في الحضر، فأما التي في السفر، فبذل الزاد، وحسن الخلق، ومداعبة الرفيق، وأما التي في الحضر، فتلاوة القرآن، وملازمة المساجد، وعفاف الفرج.

وقيل: من أخذ من الديك ثلاثة أشياء، ومن الغراب ثلاثة أشياء، تم بها أدبه، من أخذ من الديك سخاءه وغيرته وشجاعته، ومن الغراب بكوره في طلب الرزق، وشدة حذره، وسترة سعاده.

وقال المأمون: الرجال ثلاثة، فرجل كالغذاء لا يستغنى عنه، ورجل كالدواء يحتاج إليه حيناً، ورجل كالداء لا يحتاج إليه أبداً.

وقال الخليل رحمه الله: الرجال أربعة، رجل يدري ويدري أنه يدري فذلك العالم فاسألوه، ورجل يدري ولا يدري أنه يدري فذلك الناسي فذكروه، ورجل لا يدري، ويدري أنه لا يدري فذلك الجاهل فعلموه، ورجل لا يدري ولا يدري أنه لا يدري فذلك الأحمق فارفضوه.

وفي الحديث: إذا أحب الله عبداً حببه إلى الناس، أخذ المعنى ابن عبد ربه، فقال:

وجه عليه من الحياء سكينة

ومحبة تجري مع الأنفاس

ص: 78

وإذا أحب الله يوماً عبده

ألقى عليه محبة للناس

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا راحة لحسود، ولا إخاء لملول، ولا محب لسيء الخلق.

وقال عبد الله بن مسعود: لا تعادوا نعم الله، قيل: من يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله.

وقال عليه السلام: شر الناس من اتقاه الناس لشره.

وعرض على أبي مسلم فرس جواد، فقال لأصحابه: لماذا يصلح مثل هذا الفرس؟ قالوا: أن يغزى عليه العدو، قال: لا، ولكنه يركبه الرجل، فيهرب منه من الجار السوء.

وقالت الحكماء: لا شيء أضيع من مودة من لا وفاء له، واصطناع من لا شكر عنده، والكريم يود الكريم عن لقية واحدة، واللئيم لا يصل أحداً إلا عن رغبة أو رهبة.

وقال صلى الله عليه وسلم: من أوتي حظه من الرفق، فقد أوتي حظه من خير الدنيا والآخرة، ومن حرم حظه من الرفق، فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة.

وقال بعض الحكماء: العين باب القلب، فما كان في القلب ظهر في العين.

وقيل لبعض الحكماء: علام أسست عبادتك؟ قال: على أربعة أشياء، علمت أن لي رزقاً لا يفوتني، فلم أشغل قلبي به، ولم أطلبه، وعلمت أن لي أجلاً يبادرني فأنا أبادره، وعلمت أن لي فرضاً لا يقيمه غيري، فأنا مشتغل به، وعلمت أني لا أغيب عن نظر ربي، فأنا مستح منه.

وقال بعضهم: عشرة من مكارم الأخلاق، صدق الحديث، وصلة الرحم، وحفظ الجار، وأداء الأمانة، وبذل المعروف، ومكافآت الأيادي، ورعاية ذمام الصاحب، وقرى الضيف، وكتمان السر، ورأسهن الحياء.

وكان يقال: أربعة من كن فيه فقد حيزت له الدنيا والآخرة، صدق الحديث، وأداء الأمانة، وعفاف الطعمة، وحسن الخلق.

وقال بعض الحكماء: ستة إن أهينوا، فلا يلوموا إلا أنفسهم، المستخف بالسلطان، واللاعب مع الصبيان، ومعترض السكران، والمقبل بحديثه على من لا يسمعه، ومن قعد مقعداً ليس بأهل له، ومن تقدم إلى طعام لم يدع إليه.

وقال بعض الحكماء: من كتم السلطان نصيحته، والأطباء مرضه، والإخوان بثه، فقد أخل بنفسه.

وقالت الحكماء: إمام عادل خير من مطر وابل.

وقال الشعبي: قال لي ابن عباس، قال لي أبي: إني أرى هذا الرجل - يعني عمر بن الخطاب - يستفتيك ويقدمك على الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني موصيك بخلال أربع، لا تفش له سراً، ولا يجرين عليك كذباً، ولا تطوعنه نصيحة، ولا تغتابن عنده أحداً، قال: قلت لابن عباس: كل واحدة خير من ألف، قال: إي والله، ومن عشرة آلاف.

وقال بقراط الحكيم: العفو يفسد من اللئيم بقدر ما يصلح من الكريم.

ومن حكم البخلاء ووصاياهم، قال أبو الأسود الدؤلي: إمساكك ما بيدك خير من طلبك ما بيد غيرك.

وقال: لو أطعنا المساكين في أموالنا لكنا أسوأ حالاً منهم.

وقال لهم: لا تجادوا الله؛ فإنه أجود وأكرم، ولو شاء أن يغني الناس كلهم لفعل، ولكنه علم أن قوماً لا يصلحهم، ولا يصلح لهم إلا الغنى، وقوماً لا يصلحهم ولا يصلح لهم إلا الفقر.

وقال رجل من تغلب: أتيت رجلاً من كندة أسأله، فقال: يا أخا بني تغلب، إني، والله، لو مكنت الناس من داري لنقضوها طوبة طوبة، والله ما بقي بيدي من مالي وعرضي إلا ما منعه من الناس.

وقيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق؛ فإ، مالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه، فقيل له: كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله، قال: لا، ولكني أخاف ألا أموت في أوله.

وقال الجاحظ: قلت لرجل: أترضى أن يقال لك بخيل؟ قال: لا أعدمني الله هذا الاسم؛ لأنه لا يقال لي: بخيل، إلا وأنا ذو مال، فسلم لي المال، وسمني بأي اسم شئت.

وقال شبيب: اطلبوا الأدب؛ فإن مادة العقل، دليل على المروءة، صاحب في الغربة، مؤنس في الوحشة، صلة في المجلس.

وقال الخليل رحمه الله: من لم يكتسب بالأدب مالاً، اكتسب به جمالاً.

وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: عليكم بالأدب؛ فإنكم إن احتجتم إليه كان لكم مالاً، وإن استغنيتم عنه كان لكم جمالاً.

وقال عبد الملك بن مروان: سمعت بعض الأعراب يقول: الفقر في الوطن غربة، والغنى في الغربة وطن.

وقال الخليل بن أحمد رحمه الله: ثلاثة أحبها لنفسي، ولمن أريد رشده، أحب أن يكون بيني وبين ربي من أفضل عباده، وأكون بيني وبين الخلق من أوسطهم، وأكون بيني وبين نفسي من شرهم.

ص: 79

وقيل: ثلاثة ينسين المصائب، مر الليالي، والمرأة الحسناء، ومحادثة الرجل وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: ثلاثة تجلو البصر، النظر إلى الخضرة، والنظر إلى الماء الجاري، والنظر إلى الوجه الحسن.

وقال ابن عباس رضي الله عنه: من لم يجلس في الصغر حيث يكره، لم يجلس في الكبر حيث يحب.

ومر ابن الخطاب رضي الله عنه ببنيان يبنى بآجر وحصى، فقال: لمن هذا؟ فقيل: لعامل من عمالك، فقال: أبت الدراهم إلا أن تخرج أعناقها، وأرسل إليه من يشاطره ماله.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمجاشعي: إن كان لك مال فلك حسب، وإن كان لك خلق فلك مروءة، وإن كان لك دين فلك كرم.

وكان سعد بن عبادة رضي الله عنه يقول: اللهم ارزقني حمداً ومجداً؛ فإنه لا مجد إلا بفعال، ولا فعال إلا بمال.

وقال حكيم لابنه: يا بني، أوصيك، عليك بطلب المال، فلو لم يكن فيه إلا أنه عز في قلبك، وذل في قلب غيرك [؟] .

وقال آخر لابنه: أوصيك باثنين، لن تزال بخير ما تمسكت بهما، درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك.

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلقان يحبهما الله، وهما السخاء والسماحة، وخلقان يبغضهما الله، وهما البخل وسوء الظن، وإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله على قضاء حوائج الناس.

وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنه: إنا - معشر قريش - نعد الحلم والجود سؤوداً، ونعد العفاف، وإصلاح المال مروءة.

وقدم وفد على معاوية، فقال لهم: ما تعدون المروءة؟ فقالوا: العفاف، وإصلاح المعيشة، قال: اسمع يا يزيد.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم لقوم من العرب: من سيدكم؟ فقالوا: فلان على بخل فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: وأي داء أدوى من البخل؟ وقال كسرى: عليكم بأهل السخاء والشجاعة؛ فإنهم أهل حسن الظن بالله.

وقال صلى الله عليه وسلم: اصنع المعروف مع من هو أهله، ومع من ليس من أهله، فإن أصبت أهله فهو من أهله، وإن لم تصب أهله، فأنت من أهله.

وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: القرابة قد تقطع، والمعروف قد يكفر، وما رأيت كتقارب القلوب.

وقال أكثم بن صيفي: القرابة تحتاج إلى مودة، والمروءة لا تحتاج إلى قرابة.

وقيل لبعضهم: من أحب إليك أخوك أو صديقك؟ فقال: ما أحب أخي إلا إذا كان صديقي.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الناس إلى الله أكثرهم تحبباً إلى الناس.

وقال بعض الحكماء: إذا أيسر الرحل ابتلى بثلاثة، صديقه القديم فيجفوه، وامرأته يتزوج عليها، وداره يهدمها ويبنيها.

وقال رجل لبكر بن عبد الله: علمني التواضع، فقال: إذا رأيت من هو أكبر سناً منك، فقل: سبقني إلى الإسلام والعمل الصالح، فهو خير بني، وإذا رأيت من هو أصغر سناً منك، فقل: سبقته إلى الذنوب فهو خير مني.

وقال الشافعي رضي الله عنه: أظلم الظالمين لنفسه من تواضع لمن لا يكرمه، ورغب في مودة من لا ينفعه.

وقال أيضاً: من تعلم القرآن عظمت قيمته، ومن نظر في الفقه نبل مقداره، ومن تعلم اللغة رق طبعه، ومن تعلم الحساب جزل رأيه، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه.

وقال بعض الحكماء: أقل الدنيا يكفي، وأكثرها لا يكفي، أخذه أبو فراس فقال:

ما كل ما فوق البسيطة كافياً

وإذا قنعت فكل شيء كافي

وقال صلى الله عليه وسلم: سافروا تغنموا، وصوموا تصحوا.

وقال موسى بن عمران عليه السلام: لا تذموا السفر؛ فإني أدركت فيه ما لم يدرك أحد، يريد أن الله تعالى كله.

وقال رجل لمعروف الكرخي: يا أبا محفوظ، أتحرك لطلب الرزق أم أجلس؟ قال: لا، بل تحرك؛ فإنه أصلح لك، فقال له: أتقول هذا؟ فقال: ما أنا قلته، ولكن الله تعالى قاله وأمر به، قال لمريم:(وهزي إليك بجزع النخلة تسقط عليك رطبا جنيا) ، ولو شاء أن ينزله عليها لأنزله، أخذه الشاعر فقال:

ألم تر أن الله أوحى لمريم

وهزي إليك النخل تساقط الرطب

ولو شاء أن تجنيه من غير هزها

جنته، ولكن كل شيء له سبب

قيل لأعشى بكر: إلى كم ذا الاغتراب، أما ترضى بالدعة؟ فقال: لو دامت عليكم الشمس لمللتموها، أخذ المعنى حبيب فقال:

وطول مقام المرء في الحي مخلق

لديباجتيه، فاغترب تتجدد

ص: 80