الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من النساء دون الرجال ولو ترك واحدة فقط لما كانت تغني في الأمة غناء التسع، ولو كان عليه السلام أراد بتعدد الزواج ما يريده الملوك والأمراء من التمتع بالحلال فقط لاختار حسان الأبكار على أولئك الثيبات المكتهلات، كما قال لمن اختار ثيباً:«هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك» هذا ما ظهر لنا في حكمة التعدد، وإن أسرار سيرته صلى الله عليه وسلم أعلى من ان تحيط بها أفكار مثلنا».
من لطائف التفسير
قال القرطبي (1): «ذكر الزبير بن بكار حدثني إبراهيم الحزامي عن محمد بن معبد الغفاري، قال أتت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده كعب بن سوار الأسدي، فقالت: يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل، فأنا أكره أن أشكوه، وهو يعمل في طاعة الله عز وجل، فقال لها: نعم الزوج زوجك. فأخذت تكرر عليه، وهو يكرر عليها الجواب، فقال كعب الأسدي: يا أمير المؤمنين هذه المرأة تشكو زوجها في مباعدته إياها عن فراشه. فقال عمر: كما فهمت كلامها فاقض بينهما. فقال كعب: عليَّ بزوجها، فأتي به، فقال: أن امرأتك هذه تشكوك.
قال: أفي طعام أم شراب؟ قال: لا، فقالت المرأة:
يا أيها القاضي الحكيم رشده
…
ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهَّده في مضجعي تعبده
…
فاقض القضاء كعب لا تردده
نهاره وليله ما يرقده
…
فلست في أمر النساء أحمده
قال زوجها:
زهدني في فرشها وفي الحجل (2)
…
أني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النحل وفي السبع الطول
…
وفي كتاب الله تخويف جلل
قال كعب:
إن لها حقًّا عليك يا رجل
…
نصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل (1)
ثم قال أن الله أحل لك من النساء مثنى وثلاث ورباع فلك ثلاثة أيام ولياليهن تعبد فيهن ربك. فقال عمر: والله ما أدري من أي أمريك أعجب، أمن فهمك أمرها، أم من حكمك بينهما، اذهب فقد وليتك قضاء البصرة».
فقد استنبط كعب هذا من الآية، وهو استنباط مليح، لكن ليس في الآية ما يدل على هذا التحديد. والأمر في هذا واسع، إذ الواجب على الزوج أداء حق الزوجة كيفما كان، ولهذا لم يتفق العلماء على المدة التي يسافر فيها الرجل عن زوجته. وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية (2) اختلاف العلماء في الواجب من الوطء، فقيل:«يجب في كل أربعة أشهر، وقيل: بقدر حاجتها وقدرته، كما يطعمها بقدر حاجتها وقدرته، قال ابن تيمية: وهذا هو الصحيح» .
****
(1) أي: افترض أن لها ضرائر ثلاثًا أعطها نصيبها وتصرف فيما عدا ذلك، وقد روي من حديث أنس بن مالك قال: أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة تستعدي زوجها، فقالت: ليس لي ما للنساء، زوجي يصوم الدهر. قال: لك يوم وله يوم» أي للعبادة يوم وللمرأة يوم. وهو من رواية أبي هدبة إبراهيم بن هدبة انظر «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 19 - 20.
وعن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم: «بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال: «يا عثمان أرغبت عن سنتي؟» قال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب قال:«فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً فصم وأفطر وصل ونم» أخرجه أبو داود في الصلاة 1369وصححه الألباني.
(2)
انظر «مجموع الفتاوى» 28/ 383 - 384.