المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌معاني المفردات والجمل: - حقوق اليتامى كما جاءت في سورة النساء

[سليمان اللاحم]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌وجوب حفظ أموال اليتامى وإيتائهم إياها

- ‌قوله تعالى: {وَآَتُوا الْيَتَامَى أموالهُمْ

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌الفوائد والأحكام:

- ‌إباحة تعدد الزوجات ووجوب العدل بين النساء

- ‌قال تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى

- ‌سبب النزول:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌الفوائد والأحكام:

- ‌الحكمة التشريعية في إباحة الإسلام تعدد الزوجات

- ‌الحكمة كلها في كونه صلى الله عليه وسلم جمع في عصمته بين تسع زوجات

- ‌من لطائف التفسير

- ‌الحجر على السفهاء في أموالهم

- ‌قال الله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أموالكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا

- ‌صله الآيتين بما قبلهما:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى

- ‌صله الآية بما قبلها:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌الفوائد والأحكام:

- ‌تذكير أولياء الأمور اليتامى بأن المرء كما يدين يدان والوعيد الشديد لمن يأكلون أموال اليتامى ظلماً

- ‌قال الله تعالى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا

- ‌صلة الآية بما قبلها:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأكلونَ أموال الْيَتَامَى ظُلْمًا

- ‌صله الآية بما قبلها:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌الفوائد والأحكام:

- ‌نكاح اليتامىووجوب الإقساط فيهن

- ‌سبب النزول:

- ‌معاني المفردات والجمل:

- ‌الفوائد والأحكام:

- ‌المراجع

الفصل: ‌معاني المفردات والجمل:

‌نكاح اليتامى

ووجوب الإقساط فيهن

قال الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} (1).

‌سبب النزول:

عن عائشة رضي الله عنها: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} الآية، قلت:«هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها قد شركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوجها رجلًا فيشركه في مال بما شركته، فيعضلها فنزلت هذه الآية» (2).

وفي رواية عنها بعد ما ذكرت سبب نزول الآية الأولى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} (3) قالت: «ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} الآية (4).

‌معاني المفردات والجمل:

قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والاستفتاء طلب الإفتاء، ومنه قوله تعالى:{يُوسُفُ أيُّها الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ} (5)(6) والإفتاء هو بيان الحكم الشرعي.

أي: يسألك أصحابك يا محمد، ويطلبون منك أن تفتيهم في النساء (7).

(1) سورة النساء، آية:127.

(2)

سيأتي تخريجه ص106. وراجع ما سبق في الكلام على قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} سورة النساء، الآية: 3.

(3)

سورة النساء، آية:3.

(4)

سيأتي بتمامه وتخريجه ص106.

(5)

سورة يوسف، آية:46.

(6)

انظر «التفسير الكبير» 11/ 50، «مدارك التنزيل» 1/ 361.

(7)

انظر «جامع البيان» 9/ 253.

ص: 102

أي: في أحكامهن أو في حكم يتعلق بهن، وهو حكم اليتيمة تكون عند وليها، فيرغب أن يتزوجها، لقوله بعد هذا:{قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} ولما رواه عروه بن الزبير عن عائشة في سبب نزول هذه الآية (1).

قوله: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم، أي: قل يا محمد، الله يفتيكم فيهن.

أي: يبين لكم حكم ما سألتم عنه من أمرهن (2).

فالمستفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمفتي هو الله عز وجل بما ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الوحي، كما قال تعالى:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} (3).

قوله: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} الواو عاطفة «ما» اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع عطفاً على لفظ الجلاله {الله} (4).

و «يتلى» بمعنى يقص ويقرأ {عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ} . أي: في القرآن، و «ال» للعهد الذهني، أي: الكتاب المعهود «القرآن» بمعنى مفعول، أي: مكتوب، لأنه مكتوب عند الله في اللوح المحفوظ كما قال تعالى:{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ} (5). وكما قال تعالى: {فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (6) على الصحيح من أقوال أهل العلم.

وهو مكتوب في الصحف التي بأيدي الملائكة كما قال تعالى: {فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ} (7).

(1) كما سيأتي تخريجه ص106.

(2)

انظر «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 420.

(3)

سورة النجم، الآيتان3 - 4.

(4)

انظر «معاني القرآن وإعرابه للزجاج 2/ 124وقيل «ما» في محل جر عطفاً على محل الضمير في قوله: «فيهن» والتقدير قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب. واختاره أبو حيان.

انظر «معنى القرآن» للفراء1/ 290، «جامع البيان» 9/ 259، «البحر المحيط» 3/ 360.

(5)

سورة البروج، آلآيتان:21 - 22.

(6)

سورة الواقعة، الآيتان: 78 - 79.

(7)

سورة عبس، الآيات: 13 - 16.

ص: 103

وهو مكتوب بالصحف التي بأيدي المؤمنين.

والمعنى: والذي يقرأ عليكم في القرآن يفتيكم فيهن (1)، أي: الله يفتيكم فيهن، والقرآن يفتيكم فيهن، والعطف هنا لا يقتضي المغايرة التامة، لأن ما جاء في القرآن بيانه هو فتوى الله عز وجل.

وقد يحتمل أن يكون المعنى قل الله يفتيكم فيهن فيما ينزِّل عليكم الآن في شأنهن من القرآن، وما يتلى عليكم في الكتاب مما أنزل قبل هذا في يتامى النساء في أول السورة في قوله:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية، ويدل على هذا قول عائشة بعدما ذكرت سبب نزول الآية التي في أول السورة قالت: ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في النساء، فأنزل قوله {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} الآية قالت: «والذي يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله فيها {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} .

قوله: {فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} «يتامى النساء» من إضافة الخاص إلى العام أو الصفة إلى الموصوف، وهو متعلق بقوله:{يُتْلَى} على القول بأن «ما» في محل رفع فاعل.

ويتامى: جمع يتيمة، واليتيم من مات أبوه دون البلوغ، لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يتم بعد احتلام» (2).

والنساء: جمع الإناث، يقال: نساء. ويقال: نسوة. قال تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ} (3)، ولا واحد له من لفظه، بل مفرده امرأة.

والمراد: {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} في قوله تعالى في أول السورة: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} الآية (4) وفي هذه الآية {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} .

قوله: {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} .

{اللَّاتِي} : اسم موصول في محل جر صفة لـ «النساء» .

(1) انظر «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 402، «مدارك التنزيل» 1/ 361.

(2)

سبق تخريجه في الكلام على قوله تعالى {وَآَتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} سورة النساء الآية (2). ص14.

(3)

سورة يوسف، آية:30.

(4)

الآية 3 - كما جاء قى سبب النزول عن عائشة رضي الله عنها. انظر ص106.

ص: 104

{لَا تُؤْتُونَهُنَّ} : «لا» نافية، تؤتونهن: بمعنى: تعطونهن، ينصب مفعولين.

الأول هنا الضمير «هن» والثاني: الاسم الموصول «ما» ، فهو في محل نصب مفعول ثانٍ.

والمعنى: اللاتي جرت عادتكم أن لا تعطوهن الذي كتب لهن من المهور والحقوق (1)، كما قال تعالى في أول السورة:{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} (2).

أو أن المعنى: {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} من تزويجهن بمن يتقدم لخطبتهن من الرجال الأكفاء، فتمنعونهن لأجل أن تتزوجوا بهن أنتم، أو مخافة أن يشارككم الأزواج في أموالهن، وهو داخل تحت المعنى الأول (3).

{وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} أن والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل نصب بنزع الخافض أو في محل جر.

أي: وترغبون في أن تنكحونهن، أي في نكاحهن لمالهن، أو لجمالهن أو غير ذلك مع عدم إيتائهن ما فرض لهن من المهور (4).

عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} ؟ قالت: يا ابن أختي هي اليتيمة تكون في حجر الرجل وليها تشاركه في ماله، فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط لها في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن،

(1) انظر «جامع البيان» 9/ 258، «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج2/ 124، «النكت والعيون» 1/ 425 - 426، «تفسير المنار» 5/ 418، «أضواء البيان» 1/ 421.

(2)

سورة النساء، آية:3.

(3)

وقيل المعنى: {اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ} أي: ما فرض لهن في آيات الفرائض. انظر «جامع البيان» 9/ 253 - 262، «التفسير الكبير» 11/ 51.

(4)

انظر «جامع البيان» 9/ 258، 263، 264، «مشكل إعراب القرآن» 1/ 209، «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 402 - 403 «تفسير ابن كثير» 2/ 377، «أضواء البيان» 1/ 424.

ص: 105

قال عروه: قالت عائشة: ثم إن الناس استفتوا الرسول صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله:{وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليه في الكتاب: الآية الأولى التي قال الله فيها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} (1).

وقد يكون المراد: وترغبون عن أن تنكحوهن لدمامتهن أو غير ذلك (2).

فعن عائشة رضي الله عنها {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ} قالت: «هذا في اليتيمة، تكون عند الرجل لعلها تكون شريكته في ماله، وهو أولى بها من غيره فيرغب عنها أن ينكحها ويعضلها لمالها، ولا ينكحها غيره كراهية أن يشركه أحد في مالها» (3).

والآية محتملة للقولين، كما ثبت عن عائشة رضي الله عنها، وكذا صح عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال في قوله تعالى:{فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} : «فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة، فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل بها ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبداً، فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبداً حتى الموت، فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه» (4).

قال ابن كثير (5): «والمقصود أن الرجل إذا كان في حجرة يتيمة يحل له تزوجها، فتارة يرغب في أن يتزوجها فأمر الله عز وجل أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء، فإن لم يفعل

(1) أخرجه البخاري في الشركه 2494، ومسلم في التفسير 3018 وأبو داود في النكاح2068 والنسائي في النكاح 3346، والطبري في «جامع البيان» الأثر 10554 و10555.

وذكره ابن كثير من رواية عن أبي حاتم من قوله: «ثم أن الناس .. الخ» «تفسير ابن كثير» 2/ 277.

(2)

انظر «جامع البيان» 9/ 254 - 257 - 262 - 264، «النكت والعيون» 1/ 426، «الجامع لأحكام القرآن» 5/ 402، «تفسير ابن كثير» 2/ 377.

(3)

أخرجه البخاري في التفسير 4600، ومسلم في التفسير 3018 وأبو داود في النكاح3346، والطبري في «جامع البيان» 9/ 254 - الأثر10540.

(4)

أخرجه الطبري في» جامع البيان» 9/ 264، الأثر 1056، وانظر «تفسير ابن كثير» 2/ 377.

(5)

«في تفسيره» 2/ 377. وانظر «المحرر الوجيز» 4/ 268.

ص: 106

فليعدل إلى غيرها من النساء، فقد وسع الله عز وجل. وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة.

وتاره لا يكون للرجل فيها رغبة لدمامتها عنده، أو في نفس الأمر، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها عن الأزواج خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها ..».

قول تعالى: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ} معطوف على قوله: {يَتَامَى النِّسَاءِ} (1).

التقدير: قل الله يفتيكم فيهن، وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساه وفي المستضعفين من الولدان.

والمستضعفين جمع مستضعف، وهو الذي استضعفه غيره. والولدان جمع وليد، وهم الأولاد الصغار.

والمعنى: الله يفتيكم وما يتلى عليكم في الكتاب في المستضعفين من الولدان بتوريثهم وإعطائهم حقوقهم، حيث كانوا لا يورثون الصغار والضعاف شيئاً (2).

قوله: {وَأَن تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} معطوف أيضاً على «يتامى النساء» .

أي: ويفتيكم في أن تقوموا لليتامى بالقسط.

«أن» مصدرية «تقوموا» منصوب وعلامة نصبه حذف النون، الأصل: تقومون.

و «أن» والفعل بعدها في تأويل مصدر في محل جر معطوف على ما سبق (3)، والتقدير: قل الله يفتيكم فيهن، وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء وفي المستضعفين، وفي قيامكم لليتامى بالقسط (4).

ويحتمل أن يكون التقدير: ويأمركم بأن تقوموا لليتامى. فتكون جملة أن والفعل بعدها في محل جر بحرف جر مقدر، أي: بقيامكم (5).

(1) انظر «معاني القرآن واعرابه» للزجاج2/ 125.

(2)

انظر «جامع البيان» 9/ 265 - 266، «تفسير ابن كثير» 2/ 377.

(3)

انظر «جامع البيان» 9/ 265 - 267، «معالم التنزيل» 1/ 485.

(4)

انظر «معاني القرآن وإعرابه» للزجاج2/ 125، «البحر المحيط» 3/ 362.

(5)

انظر «مدارك التنزيل» 1/ 362.

ص: 107

واليتامى: جمع يتيم ذكراً كان أو أنثى، والقسط: العدل من «أقسط» الرباعي، بمعنى عدل، يقال: أقسط يُقسط قِسطًا.

والمعنى: ويفتيكم ويوجب عليكم القيام لليتامى بالعدل. وذلك بأداء حقوقهم بتعليمهم وتوجيههم والعطف عليهم وحفظ أموالهم وإعطائهم حقوقهم من الميراث، ومن حقوق التيمات على الأزواج من المهور وغير ذلك، والعدل في مخالطتهم وفي كل شأن من شؤونهم، كما قال تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1)، وقال تعالى:{قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} (2) وقال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} (3).

قوله تعالى: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} .

الواو استئنافية، و «ما» شرطية.

و {تَفْعَلُوا} فعل الشرط.

قوله: {مِنْ خَيْرٍ} «من» زائدة إعراباً ومؤكدة من حيث المعنى. و «خيرٍ» مجرور لفظاً بمن، منصوب محلًا مفعول به لـ «تفعلوا» .

والخير: كل ما فيه نفع وفائدة وضده الشر.

وقوله: {مِنْ خَيْرٍ} يشمل أي خير قليلًا أو كثيراً، خاصًّا أو عامًّا، متعدياً أو لازماً، فعلا كان أو قولاً، مباشرة أو تسبباً، ماليًّا أو بدنيًّا أو علميًّا أو غير ذلك.

قوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} جملة جواب الشرط واقترنت بالفاء لأنها جملة اسمية.

«كان» مسلوبة الزمان تفيد تحقيق الوصف، أي: إنه عز وجل لم يزل عليماً بالذي يفعلون (4).

{به} الباء حرف جر، والهاء ضمير مبني على الكسر في محل جر يعود على «خير» ، والجار والمجرور متعلق بالخبر «عليماً» وقدم عليه لتوكيد إحاطة علم الله بذلك.

(1) سورة الأنعام، الآية:152.

(2)

سورة البقرة، آية:220.

(3)

سورة الضحى، آية:9.

(4)

انظر «جامع البيان» 9/ 267.

ص: 108