المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌والسؤال الثاني هو: هل يستطيع أي محدث رفض حديث أو آية إذا ثبت السند ثبوتا لا خلاف فيه، وذلك بنقد المتن - حوار حول منهج المحدثين في نقد الروايات سندا ومتنا

[عبد الله الرحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

-

- ‌نصُّ الحوار

- ‌ هل عنايتهم ينقد السند أكثر من عنايتهم بنقد المتن

- ‌أي منهج علمي تريد؟ ذاك الذي هو عِلْمانيّ المُنْطَلَق أو ذاك الذي هو إيمانيّ المُنْطَلَق

- ‌هل كان نقد المتن – في منهج المحدثين – غير مساوٍ لنقد السند....إلخ

- ‌إِن قولك: لا نستطيع أن نقول في نقد السند والمتن: إن أحدهما هو الأساس.....غير صحيح

- ‌وهل يهدف المنهج التاريخي إلا إلى إثبات كون الحادثة المعيَّنة حصلت أو لم تحصل

- ‌ماذا تعني بنقد المتن؟ أليس المقصود استواء المعنى أو الأسلوب حسب المعيار البشري، وهو معيار ناقص

- ‌ لماذا يضطر الفقهاء إلى عملية "التوفيق" أو "الترجيح" بين النصوص؟ أليس ذلك لوجود تنافر أو تعارض ظاهر بين بعض النصوص القرآنية والحديثية أو الحديثية والحديثية

- ‌هل يختلف في منهج المحدثين- نقد رواية الحديث أو القرآن عن سواهما من جهة نقد المتن أو لا؟ أي هل نقد المتن في قوّة نقد السند عندهم إذا كانت الرواية وحياً

- ‌ ما قولك في الأحاديث التي وردت في صفات الله تعالى، مِثْل إن له ساقاً يكشف عنها.. وغير ذلك، كيف نَنْقدها إذا صَحَّتْ سنداً، وقد قلتَ: إن نقد السند يسبق المتن

- ‌والسؤال الثاني هو: هل يستطيع أَيُّ محدث رفْضَ حديث أو آية إذا ثبت السند ثبوتاً لا خلاف فيه، وذلك بنقد المتن

- ‌هل نَقْد السند وحده يَثْبتُ به تصحيحُ الحديث أو تضعيفُه

- ‌هل نقْد متن الحديث وحده يثبت به تصحيح الحديث أو تضعيفه

- ‌ لماذا تقول الاستثناء في الصورة السابقة إنما هو من أجْل التواتر لا من أجْل أنه وحْيٌ؟ ألا يَحْتاج التواتر إلى تعديل الرواة

- ‌ ألم يختلف المحدثون في تقويمهم للرواة من حيث الجرح والتعديل

- ‌أليس من شروط العدالة الإسلامُ بالنسبة للحديث؟ وهل نشترط الإسلام في جميع الرواة حتى رواة ما سِوى الحديث؟....إلخ

- ‌أهمية التثبّت في الرواية

- ‌تأملات في منهج النقد عند المحدثين

- ‌نتيجة الحوار

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌والسؤال الثاني هو: هل يستطيع أي محدث رفض حديث أو آية إذا ثبت السند ثبوتا لا خلاف فيه، وذلك بنقد المتن

ولا ينبغي أن يعزل العقل عن محل ولايته، ولا أن تعارض السنن به"1".

ص: 34

س10: قال لي:

‌والسؤال الثاني هو: هل يستطيع أَيُّ محدث رفْضَ حديث أو آية إذا ثبت السند ثبوتاً لا خلاف فيه، وذلك بنقد المتن

؟.

قلت له:

أما عن الآي فالسؤال افتراضي، لأن القرآن متواتر، ولم يَدْخل عندهم في دائرة النقد، وأما الحديث فنَعَمْ، وعلى هذا شواهد من صنيعهم"2" بَيْد

"1" انظر الإمام ابن تيمية في: الفتاوى 3/339، ولمعرفة ملامح منهج المحدثين في عنايتهم بجانب النقد العقلي في نقد الروايات، انظر: د. محمد مصطفى الأعظمي في: منهج النقد عند المحدثين: 81- 91.

وهنا لابد أن أشير إلى أن دائرة النقد العقلي قد تَخِفُّ شيئاً ما في الأمور الغيبية باعتبار أن النقد العقليّ فيها يَنْصَبُّ أكثر ما يكون على مَدَى قبول معنى النص في ضوء النصوص الأخرى الثابتة – فيما يبدو لي- والله أعلم.

"2" ومن ذلك حكمهم بالوضع والبطلان على عدد من الأحاديث لتوفر علامات الوضع فيها، ومنها:"أن يكون الحديث باطلاً في نفسه فيدل بطلانه على أنه ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم: كحديث "المجرّة التي في السماء من عَرَقِ الأفعى التي تحت العرش"، وكحديث: "الحجامة على القفا تورث النسيان"، وكحديث: "آليت على نفسي أن لا يَدْخل النار من اسمه أحمد ولا محمد"، وكحديث: "من ولد له مولود فسماه محمداً –تبرّكاً به- كان هو والوالد في الجنة" انظر: المنار المنيف في الصحيح والضعيف، لابن القيم: 59- 61، وقد وضع المحدثون قواعد كُلّية لنقد المتن ومعرفة ما إذا كان باطلاً مكذوباً أو خطأ، وقد لخَّصها د. محمد لقمان السلفي في: اهتمام المحدثين بنقد الحديث سنداً ومتناً: 396- 415. والمنار المنيف من المراجع المهمّة في هذا.

ص: 34

أنه لابد من التعليق على صيغة السؤال في ضوء منهج المحدثين فإن قولك: "هل يستطيع أيُّ محدث رفضَ حديث إذا ثبت السند ثبوتاً لا خلاف فيه، وذلك بنقد المتن؟ " قد يكون مبنياً على تخيُّل صورة لا تحصل في منهج المحدثين وهي: أنْ يكون السند صحيحاً والمتن باطلاً ثُمّ هُمْ - في هذه الحال- يَحْكمون للسند بالصحة بحيث يقتضي ذلك قبول المتن! إن هذا لا يحصل في منهجهم، لأنهم وإن توفرت عندهم شروط صحة السند لا يَحْكمون بصحته بحيث يرون وجوب قبول الحديث، حتى ينظروا في متنه، فإنْ رأوه باطلاً فإنهم يَرُدُّون

ص: 35

الحديث مهما كانت صورة سنده صحيحة، ولا يَحْكمون –في هذه الحال- بصحة السند إلا حُكماً نظرّياً مجرداً عن الحكم على المتن، ولهذا فإنهم يقولون في مثل هذا:"السند صحيح المتن باطل، أو موضوع". ولا يقولون: "السند صحيح" فقط، ويَسْكتون عن الحكم على المتن؛ لأن معنى ذلك –في الغالب- أن الحديث صحيح سنداً ومتناً، وذلك نظراً لما عُهِد من منهجهم أَنَّ الإمام مِنْ أئمةِ الحديث إذا قال في حديث:"سنده صحيح"، وَسكَتَ دلّ في الغالب على أنه لم يَطّلِعْ على علةٍ في المتن، وذلك دليل على صحة الحديث عنده"1".

ويقول د. الأعظمي: "إن المحدثين لم يقفوا على الأسانيد فقط""ومن ثم" أصدروا أحكامهم على الأحاديث، بل دائماً كانوا ينظروا إلى المتن حتى حكموا على الأحاديث بالبطلان بالرغم من نظافة الأسانيد ومن أمثلة ذلك:

"1" انظر: ابن الصلاح في: مقدمة علو الحديث، تحقيق: د. نور الدين: ص35.

ص: 36

قال الذهبي:

1-

"محمد بن علي بن الوليد السلمي البصري، عن العدني ومحمد بن عبد الأعلى، وعنه الطبراني وابن عدي.

روى البيهقي في حديث الضب من طريقه بإسناد نظيف، ثم قال البيهقي: الحمْل فيه على السلمي هذا. وصدق البيهقي""1".

2-

محمد بن علي الشرابي، شيخٌ لِتمام الرازي.

وضع على سندٍ صحيح: "أكذب الناس الصواغون والصباغون""2".

3-

محمد بن الفضل البخاري الواعظ، عن حاشد بن عبد الله روى بإسناد نظيف مرفوع، "قيام الليل فرض على حامل القرآن. فكذا فلْيكن الكذب""3".

"1" المغني في الضعفاء: 2/616.

"2" المغني في الضعفاء: 2/317.

"3" المغني في الضعفاء: 2/624.

ص: 37

قلت:

وهكذا أيضاً فلْيكن النقْد والتمحيص والتثبت في الروايات إنه منهج المحدثين الفريد الذي أوصلهم إلى هذه النباهة والعقل حتى لا يفوتهم التنبه إلى الوضع على الأسانيد النظيفة! وأما غير المحدثين فماذا عساهم أن يصنعوا لو أرادوا أن يتشبهوا بالمحدثين في منهجهم فمرّتْ عليهم مثل هذه الروايات الموضوعة بأسانيد نظيفة؟!.

يقول الأعظمي: "ولأجل ذلك قالوا: صحة الإسناد لا يلزم منها صحة المتن""1" وقد علق الأعظمي على هذا بعد أن أحال فيه إلى "الباعث الحثيث" ص: 43، فقال:"ولو أنني أرى أن القاعدة الكلية هي: صحة الإسناد تستلزم صحة المتن. أما في الأمثلة المذكورة أعلاه أو في أحاديث مماثلة فهي قضايا شاذة نادرة الوجود، لذلك بالرغم من وجود هذا الأصل، لا يمكن اعتباره كقاعدة".

"1" منهج النقد عند المحدثين: ص82- 83.

ص: 38

والمحدثون قد يستدلون على حال الراوي مِن حيث الضبط بِمَدى استقامة رواياته، يعلم هذا مَن يتصفح كتب الجرح والتعديل، فإنه كثيراً ما يصادفه قولهم في الراوي:"مستقيم الحديث""رواياته مستقيمة""صالح الحديث""صحيح الحديث"، "رواياته صالحة"، "أحاديثه صحاح" وقد يصرح أحدهم في هذه الحال بعدم معرفته بالراوي مع حكمه بصحة حديثه ومن الأمثلة على هذا ما أشار إليه الأعظمي:"سئل يحيى بن معين عن حاجب فقال: "لا أعرفه، وهو صحيح الحديث""1".

ولمعرفة ورود هذه العبارات التي تتجه للحكم على الراوي من خلال نقْد رواياته في كلام المحدثين راجع المواضع الآتية:

* سؤالات البرقاني للدارقطني التراجم: 94 و398 و377.

* سؤالات الحاكم النيسابوري للدارقطني:

"1" منهج النقد عند المحدثين: ص 20.

ص: 39

التراجم: 277، 278، 280، 286، 294، 329، 334، 405.

* وسؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة لعلي بن المديني: التراجم: 106، 164، 220، 241.

* ومما يُستدل به على أن السند شرط من شروط صحة الحديث، ولا يكفي وحده لإثبات صحة الحديث، مما يُستدل به على ذلك أن الحديث قد تتعدد أسانيده، فيُروى بأسانيد كثيرة ومع ذلك لا يُحكم للحديث بالصحة ولا بالحُسْن، ومن أمثلة ذلك:

حديث الأذنان من الرأس "انظر سنن الدارقطني 1/97- 107 وقد أورد له نحو "55" طريقاً ليس فيها واحد مرفوع صحيح".

وأحاديث القهقهة في الصلاة "انظر سنن الدارقطني 1/161- 175، وذكر نحو 68 حديثاً، ليس فيها حديث واحد صحيح مرفوع".

* وأحاديث في الماء المتغير "انظر سنن الدارقطني: 1/28- 32 وذكر نحو ثمانية عشر حديثاً لم يُصحح واحداً منها".

ص: 40