الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل كان نقد المتن – في منهج المحدثين – غير مساوٍ لنقد السند....إلخ
؟
…
وانتقل بنا الحال إلى السؤال التالي:
س3: قال لي:
هل كان نقد المتن – في منهج المحدثين – غير مساوٍ لنقد السند بأن كان عندهم نقد المتن ليس في قوّة نقد السند؛ لأن الأساس عندهم هو الاعتماد على السند أو أن الأمر ليس كذلك؟.
قلت له:
إن المحدثين كي يتعرفوا على ثبوت الرواية من عدمه، لابد أن ينقدوا السند والمتن جميعاً، النقدَ الكافي الذي تتبين به صحة السند، وصحة المتن، أو عدمه، ومن يتتبع منهجهم يستطعْ أن يقول: لا يغلِّبون اختبار السند على اختبار المتن، والسبب في هذا أنهم اشترطوا شروطهم لصحة السند وشروطهم لصحة المتن، ومتى ما تخلف واحد أو أكثر من شروط الصحة انعدمتْ صحة الرواية، سواء أكان ذلك الشرط متعلِّقاً بالسند أم بالمتن.
على أنه يمكن أن يقال إضافة إلى هذا: إن مما
يظهر به قوة العناية بالمتن لديهم أنَّ نقد السند عندهم شرْط لصحة المتن، فيتبين بهذا أنّ نقد السند في منهجهم إنما هو لصالح نقد المتن، وإلا لما احتاجوا إلى النظر في السند أصلاً!.
ومسالك نقد المتن عندهم أسهل من مسالك نقد السند، وبناء على هذا يمكن أن يشاركهم غيرهم في قدرٍ أو مستوىً مِنْ نقْد المتن، بخلاف نقد السند فلا يَقْدر عليه غيرُهم، وإن كانت قواعد النظر في السند عندهم –مع صعوبتها- أكثر اطراداً، وأوضح في ضوابطها من القواعد الخاصة بالمتن – فيما يبدو لي – والله أعلم.
ولا نستطيع أن نقول في نقد السند والمتن: إنَّ أحدهما هو الأساس بل كلاهما نقده أساس للتعرف على صحة الرواية.
على أن دراسة السند تسبق دراسة المتن"1"،
"1" على أن نقد المتن في الحديث النبوي الشريف، يُعَدُّ أسبق في الوجود من نقد السند، إذ كانت الحاجة في أول الأمر تدعو إلى نقد المتن دون السند فكانت لهم مقاييس معينة في جانب النظر في المتن، بينما لم يتعرضوا لنقد السند لقربهم من المصدر –رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن بينهم وبينه إسناد وكانوا جميعاً عدولاً. ولعل مما يشهد بأنهم – من حيث التاريخ- نقدوا المتن أوّلاً مثلُ كتاب الزركشي (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)) فيكاد يكون كله في المتن وليس في السند.
(أخذْتُ فكرة أسبقية نقْد المتن من حيث الوجود عن بحثٍ غير منشور لتلميذي المجدّ فتح الدين بيانوني) .
ويتحوّل نقد المتن بدون سند إلى النظر في استقامة معناه في ذاته، ولا علاقة له في هذه الحال بالرواية، أي أنه بدون السند إنما يتعرّف الناقد على صحة معناه واستقامته دون أن يعزوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً أو إلى أحد غيره، لأن العزو إنما يكو بواسطة السند، فتكون نتيجة دراسة المتن – في هذه الحال – أن معناه صحيح أو غير صحيح أي مستقيم أو غير مستقيم.
وبهذا الاعتبار يكون السند هو الأساس في معرفة عزو المتن إلى من يروى عنه، في حين أنه – أي السند – لا يكفي وحده لإثبات النسبة أو معرفتها حتى يُنْقد المتن المروي وتتضافر نتائج دراسته مع نتائج دراسة السند في تَثْبيت الرواية أو عدمه.