الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة
وانتقل بنا الحال إلى السؤال الآتي:
س11: قال لي:
هل نَقْد السند وحده يَثْبتُ به تصحيحُ الحديث أو تضعيفُه
؟ .
قلت له:
قد تَبيّنَ مما سبق أنّ نقْد السند يثبت به صحة السند أو ضعفه – بصورة مبدئية- دون المتن، لأنه تبقي هناك نظرة أخرى للمتن تؤيد ظاهر صحة السند أو تَرُدُّها، إذْ قد يتبين من خلال النظر في المتن عيبٌ يعود على السند بالتأثير في سَلْبه الصحةَ التي حُكِم بها ظاهراً له.
فنتيجة النظر في السند ليست نهائية في الحكم بالصحة للسند ذاته فضلاً عن أن يُحْكم بمجرد ذلك للمتن بالصحة، إذَنْ فالحكم على السند مفتقر إلى النظر فيه وفي المتن معاً وإن كان الأغلب أَنْ يصح المتنُ إذا صح السند.
وذلك كله تبدو هناك:
1-
صور للناقدين أحياناً كثيرة عند نقدهم للسند والمتن معاً. ومن الأمثلة على هذا: ما يقوله بعض نقاد الحديث عن بعض الروايات، السند صحيح والمتن موضوع، وكذلك قوله: المتن صحيح والسند موضوع.
2-
وصورٌ عند نَقْد روايةٍ ذاتِ سند ومتن بالنظر لسندها فقط. ومن الأمثلة على هذه الحال قولهم: هذا الحديث صحيح الإسناد، أو حَسَنُ الإسناد، أو ضعيف بهذا السند، وإن كان كثيراً ما تؤدي صحة السند في الواقع إلى صحة المتن؛ لأن الأصل الغالب في حال الثقة "في اصطلاح المحدثين" أن يكون صادقاً في خبره متثبتاً.
3-
وصور بالنظر لمتنها فقط ومن الأمثلة على هذه الحال –مع أن هذه الصورة لا تكاد تَحْصُلُ معزولةً عن السند-. قولهم: هذا الحديث ثابت أو ثابت من عدة طرق.. أو من طريق أخرى، وذلك عندما يقول المحدِّث هذا عند مجيء الحديث من طريق ضعيف أو
لا يُعْتمد عليه. على أَنَّ هناك صورتين يستثنيان من مسألة التلازم في نقد الرواية بين النظر لسندها ومتنها معاً وهما:
الصورة الأولى:
هي إذا كان في السند ضَعْفٌ فإنه يتبين به ضعف الحديث أو الرواية –من ذلك الطريق- قبل النظر في المتن. لكن من ذلك الطريق فقط وليس من لازمه عدم ثبوت المتن من طريق أو طرق أخرى، ولهذا فإن الحكم على المتن صحةً وضعفاً إذا نُظر فيه بالنسبة لذلك السند فقط يتبين ضعفُه من خلاله، لكن لا يُحْكم بعدم ثبوته عن طريق سواه من الأسانيد، أمّا إذا نُظِر فيه من خلال استقراء كل ما ورد به من الطرق فقد يُحْكم له بالصحة من كلِّ طريقٍ جاء به، أو مِنْ أحدها، أو ضعْفه بها كلِّها، أو ثبوته بمجموعها وإن كان في كلٍ منها ضعف ينجبر بتعدد الطرق.
الصورة الثانية:
هي إذا كان الحديث مَرْويّاً بطريق التواتر فإنه لا حاجة إلى نَقْد المتن ولا يدخل في دائرة النقد؛ لأن
قوة النقْل في هذه الحال تغني عن نقْد المتن؛ لأن الثبوت يَحْصل بمجرد هذا النقل دون الحاجة إلى نقْد المتن لمعرفة هل هو ثابت أوْ لا؟ وتبقى في هذه الحال مقارنةُ الرواياتِ فقط.
ومن أَجْل ذلك لم يكن هناك حاجة إلى نَقْد القرآن من جهة المتن؛ لأن نقله متواتر، وهو قَطْعِيّ الثبوت، ولا معنى لنقْدِهِ في المتن إلا الاعتراض عليه بَعْدَ ثبوته، وهذا والعياذ بالله كفر به.
وكذلك من أَجْل ذلك أيضاً فإن المحدثين لا يُدْخِلون الحديث المتواتر في قسم الصحيح الذي يَحْتاج إلى نظرٍ لمعرفة صحته عن طريق نقْد سنده ومتنه، وإن كان هو من جِنْسه من حيث قبولُه، بل هو في أعلى درجات القبول –كما رأيت- لأنه قَطْعِيّ الثبوت، بَيْد أنهم يَبْحثون في قِسم المتواتر للتعرّف على مدى توافر شروط التواتر فيه فحسبُ، ولا يبحثون بَعْدَ معرفةِ تواترِه في عدالة رواته من كل طريق أو في ضبطهم.
وليس السبب في الاستثناء في هذه الصورة – هو