الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعقيب:
- إن تفسير الرافعي لقول الجبرتي (الأتراك) وشرحه بأن المقصود بهم (المصريون) غير مقبول، لمخالفته الحقائق المثبتة تاريخيًّا، كما أنه لم يقل أحد من أهل اللغة أو التاريخ أو الجغرافيا: إن الأتراك تعني المصريين!
- إن ما فعله الرافعي يتناقض مع تصريحه بأنه حتى نهاية الجولة الأولى في تاريخ الدولة السعودية، وهي التي تؤرخ بسقوط الدرعية، لم يذهب مصري واحد للحرب في الأراضي الحجازية، لأن تجنيد المصرين في الجيش لم يبدأ كما تقرر جميع المصادر إلا بعد عام (1820م)، وكانت الحرب الوهابية قد انتهت مرحليًّا سنة (1818 م- 1234 هـ).
وأول فرقة مصرية أرسلت للحجاز هي التي ذهبت في النصف الثاني من عام (1824 م-1240 هـ) .. وذلك بعد سقوط الدرعية بخمس سنوات.
- إن الرافعي لم يكن هنا موضوعيًّا، بل كان خاضعًا لمؤثرات عاطفية وطنية، فإنه ينتمي إلى مدرسة ظهرت في صفوف الحزب الوطني المصري في نهاية القرن التاسع عشر، وكان من أهم أركانها "محمد فريد" و"عبد الرحمن الرافعي"، وهي مدرسة حسنة النية، لكنها شوهت طبيعة المواجهة بين "محمد علي"، والدولة السعودية، قال الأستاذ محمد جلال كشك رحمه الله:
(فالجيل الذي ينتمي إليه "عبد الرحمن الرافعي"، ومن قبله "محمد فريد"، وبالذات جماعة الحزب الوطني، كان يخوض حربًا قانونية ضد الاحتلال البريطاني، والحجة الأولى التي تسلح بها في دعواه "القانونية"، هي "الطعن" بعدم
"شرعية" الاحتلال! لأن مصر رسميًا جزء من الدولة العثمانية، أو الدولة العلية، ولا يحق لبريطانيا الاعتداء على السيادة العثمانية! وكان هذا التيار يتحرك داخل إطارين، الأول: هو النظر للدولة العثمانية كآخر حاجز في وجه الاستعمار الغربي، حيث تختلط في مفهومهم الخلافة .. بالمسألة الشرقية .. بالعالم الثالث .. الممدد كالفريسة العاجزة، أمام سكاكين الدول الأوروبية، تقطع منه ما شاءت، وليس له من أمل في الدفاع إلا التمسك "بالعروة الوثقى"، أو المناداة بوَحدة شعوبه المتمثلة في أكبر تجمع حضاري، يضمه إطار رسمي، وهو الدولة العلية (العثمانية).
والإطار الثاني: هو حب مصر، والتغني بأمجادها بصوت عال، لطرد أشباح الواقع المذل، وبعث الحماسة في شعبها، من خلال الحديث عن انتصارات الماضي، والتأكيد للانجليز أن مصر قادرة على الدفاع عن نفسها، إذا ما سُمِح لها بتكوين جيش، والدليل هو انتصارات الجيش "المصري" من أيام "أحمس" إلى "محمد علي".
وفي تاريخ الدولة العلية تأليف "محمد بك فريد" زعيم الحزب الوطني نجد نفس موقف الرافعي تقريبًا) اهـ (1).
…
(1)"السعوديون والحل الإسلامي" ص (152).