الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نبأ سقط من ذاكرة التاريخ:
الوهابيون يعبرون البحر الأحمر لنصرة المصريين ضد حَمْلَتَيْ نابليون وفريزر
يقول الأستاذ محمد جلال كشك: (هناك نقطة نريد أن نتوقف عندها قليلًا، وإن كان جميع المؤرخين قد تفادوها "بحسن نية" وبراعة يحسدون عليهما .. ! ألا وهي موقف "السعوديين" من الغزو الفرنسي لمصر .. لماذا لم يساعدوا الدولة العثمانية، أو الشعب المصري في مقاومته للاحتلال الفرنسي؟ وهذه هي أول حملة صليبية في العصر الحديث، وأول احتلال سافر من الاستعمار الأوروبي، ومقاومة باسلة من بلد عربي .. هي مصر "عُشُّ العلماء" كما كان يسميها الشيخ "محمد بن عبد الوهاب"
…
لنبدأ بالحملة الفرنسية على مصر .. التي دامت من عام 1798 إلى 1801، وفي تلك الفترة كان الأشراف يشكلون حاجزًا بين الدولة السعودية والمقاومة في مصر، وذلك بسيطرتهم على الحجاز.
ولكن جماهير المسلمين في الجزيرة اشتركت على نحو بارز في دعم المقاومة المصرية للاحتلال الفرنسي رغم إرادة الأشراف، ورغم علاقتهم الطيبة مع الفرنسيين" .. قال هيرولد: "كان أرهب إمداد وصل للمماليك، هم المقاتلون القادمون من الحجاز، الذين عبروا البحر الأحمر بالألوف، وقد تبين أن كثيرًا منهم
من الحجاج المغاربة، ولكن أكثرهم -وأشدهم تعصبًا بالطبع- عرب خُلَّص من شبه الجزيرة") (1).
يقول الأستاذ أحمد رائف في "الدولة السعودية":
"وقد رأيناهم -أي السعوديين- يدافعون مع المصرين ضد الفرنسين إبان الحملة الفرنسية في سبيل الإسلام، ورأيناهم مرة أخرى على أسوار رشيد يدافعون ضد حملة فريزر الإنجليزية عام 1807 م، حتى منعهم ومنع غيرَهم باشا مصر، وأفهمهم أن حق الحرب والقتال والدفاع ليس مباحًا لأي أحد، بل هو خالص للأتراك والأرناؤوط (2). وهذا الاختلاط العملي نقل الكثير من سلوكهم وأفكارهم إلى الناس، فتأثروا بهم، واعتنقوا مبادئهم، وقد رأينا في الحملات التي ذهبت إلى جزيرة العرب بغرض القضاء على دولة السعوديين، كيف تخلف الكثير
(1)"السعوديون والحل الإسلامي" ص (125 - 126) بتصرف.
(2)
وفي مثل هذا يقول محمد جلال كشك: "وتعفن الجهاز العثماني، بينما زادت اتكالية الشعوب العربية، فقد عزلهم العثمانيون عن مهام الدفاع أو البناء الحضاري، واكتفوا منهم بقراءة البخاري لنصر الأسطول العثماني، وتمويل الخزينة المثقوبة، والصبر على فسوق جند السلطان وفحش ولاته، فلما بدأ غزو الوطن العربي، واستصرخ العرب السلطنة، اكتشفوا أنها أعجز من أن ترد هذا التحديَ، بل واكتشفوا أنها أصبحت القيد الذي يشل قدرتهم على المقاومة ويسهِّل الغزو الأجنبي"اهـ من "السعوديون والحل الإسلامي"(103، 104).
ثم انظر ما قاله الرافعي في "عصر محمد علي" ص (58):
"كان جنود القاهرة وقتها معظمهم من الأرناؤوط والدلاة وأخلاط السلطنة العثمانية، وقد اشتهروا بالسلب والنهب لدرجة أن أهالي رشيد أثناء الحملة الإنجليزية على مصر رفضوا أي مدد من جنود القاهرة، وآثروا الدفاع عن رشيد بأنفسهم" اهـ.
من المصريين، وانضموا إلى من جاءوا يحاربونهم (1)، وكذلك فعل عدد من الأتراك والأرناؤوط، ولم يفعل هذا هؤلاء الناس طمعًا في مال السعوديين، فلم يكن للسعوديين مال في ذلك الوقت، ولم يكن هناك نفي أو دولار أو ريال، فقد فعلوا هذا بالتأكيد حرصًا على الوقوف في معسكر التوحيد، تاركين بلادهم المتحضرة ومدنهم العامرة إلى هذه الصحراء القاحلة، ثم ذابوا في صفوفهم، ولم يعد لهم أثر على مر السنن" (2).
…
(1) تمامًا كما حدث من آلاف المصريين الذين أُخْرجوا مع الجيش المصري لمحاربة المهدي السوداني، انظر:"المهدي" للمؤلف ص (473،472).
(2)
"الدولة السعودية" ص (453، 454).