الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فكيف إذا أضيف إلى ذلك أن الشيخ لم يكن آنئذ قد تجاوز العشرين من العمر، ولا جرم أن هذا الجهد الجبار في تأليف تلك المجلدات، مع الاستعانة بكل وسائل التحقيق المتيسرة للفتى أيامئذ، كان ذا أثر كبير في تمرسه بهذا الضرب من العمل العلمي، فهو وإن كان لا يستحوذ على رضاه بصورة تامة، قد شق له الطريق إلى تقدم أعلى في هذا المضمار.
ومن خلال هذه الحياة، وتلك النشأة، وهاتيك الملابسات، يتراءى لي أن ثمة عوامل خفية كانت دائبة على توجيه الفتى في ذلك الطريق، لتجعل منه في النهاية واحدًا من كبار خَدَمَةِ السنة المطهرة في ديار الشام" (1).
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الشيباني -حَفَظهُ الله-:
الألباني ومدرسة محمد رشيد رضا
"السيد محمد رشيد رضا رحمه الله له فضل كبير على العالم الإسلامي، بصورة عامة، وعلى السلفيين منهم، بصورة خاصة، ويعود ذلك إلى كونه من الدعاة النادرين الذين نشروا المنهج السلفي في سائر أنحاء العالم بوساطة مجلته "المنار"، وقد جاهد في سبيل ذلك جهادًا يشكر عليه، ويرجى أن يكون أجره مدخرًا له عند ربه، بالإضافة إلى كونه داعية إلى اتباع منهج السلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وفكر وسلوك، فقد كانت له عناية تشكر، بالأحاديث
(1)"علماء ومفكرون عرفتهم"(1/ 282، 281).
الصحيحة والضعيفة، هذه الأحاديث التي لا يخفى على أي مسلم، عنده شيء من الثقافة الإسلامية، أنها هي السبيل الوحيد لفهم كتاب الله تعالى، فهمًا صحيحًا، حيث إن كثيرًا من الآيات، لا يمكن أن يتوصل إلى فهمها إلا بطريق بيان السنة النبوية، وقد نص الله عز وجل على ذلك بقوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]. فهذا وغيره من النصوص، تؤكد للمسلم أنه لا سبيل إلى فهم القرآن إلا بطريق سنة الرسول عليه الصلاة والسلام.
وقد كان للسيد محمد رشيد رضا، عناية بالغة بعلم الحديث، بحدود مساعدة وضعه العلمي والاجتماعي والسياسي، فكثيرًا ما نبه إلى ضعف بعض الأحاديث من حيث إسنادها، عبر مجلته "المنار" التي أصبحت نواة طيبة، لفتت أنظار المسلمين للعناية بأحاديث الرسول عليه السلام، فإذا كان من الحق أن يعترف أهل الفضل بالفضل، لذوي الفضل، فأجد نفسي بهذه المناسبة الطيبة مسجلًا هذه الكلمة، ليطلع عليها مَن بلغته، فإنني بفضل الله عز وجل، بما أنا فيه من الاتجاه إلى السلفية أولاً، وإلى تمييز الأحاديث الضعيفة والصحيحة ثانيًا يعود الفضل الأول في ذلك إلى السيد رضا رحمه الله، عن طريق أعداد مجلته "المنار" التي وقفت عليها في أول اشتغالي بطلب العلم" انتهى محل الغرض منه (1).
(1)"حياة الألباني، وآثاره، وثناء العلماء عليه"(1/ 400، 401)، وفي تتمته فَصَّل الألباني رحمه الله في التنبيه على أخطاء الشيخ رشيد رضا رحمه الله وبخاصة فيما تأثر فيه بأستاذه محمد عبده -عفا الله عنه-، فانظره:(1/ 401 - 405).
وهذا آخر ما تيسر جمعه، والحمد لله على توفيقه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
ثغر الإسكندرية في الأربعاء
22 من محرم 1429 هـ
الموافق 30 من يناير 2008 م