الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: لمحة تاريخية عن اللغات السامية
الساميون ومهدهم الأول:
يطلق العلماء اليوم على الشعوب الآرامية والفينيقيية والعبرية والعربية واليمنية والبابلية - الآشورية، لقب الساميين1، وكان العلامة الألماني شلوتزير Schlozer 2 أول من استخدم هذا اللقب في إطلاقه على تلك الشعوب؛ وقد شاركه عالم ألماني آخر هو أيكهورن Eichhorn، في أو أوخر القرن الثامن عشر، بتسمية لغات هذه الشعوب "باللغات السامية3".
والتسمية لم تخترع اختراعًا، فهي مقتبسة من الكتاب المقدس الذي ورد
1 وافي، فقه اللغة2.
2 وذلك في تحقيقاته حول تاريخ الأمم الغابرة سنة 1781 وانظر:
Eichhorns Reportorum، Bd 8 p. 161. وقارن بولفنسون ص2.
3 Die Semitischen Sprachen
فيه أن أبناء نوح هم سام وحام ويافث، وأن القبائل والشعوب تكونت من سلالتهم1.
ويبدو أن اللغات السامية قبل تفرقها كانت ترجع إلى أصل واحد، وتشكل شبه وحدة شعبية، إلّا أن من العسير جدًّا تعيين ذاك الأصل وتحديد هذه الوحدة؛ لأن المهد الأول للساميين ما يزال غامضًا مجهولًا، رغم أبحاث العلماء الكثيرة الواسعة الآفاق2، وليس يعنينا هنا أن نعرض للآراء المتباينة بهذا الصدد، بل نتكفي بالإشارة إلى أن إرنست رينان الفرنسي3 Ernest Renan، وبروكلمان الإلماني4 Broc Kelmann، يرجحان أن الموطن الأول للشعب السامي هو القسم الجنوبي الغربي، من شبه الجريرة العربية5.
وفي دائرة الدراسات السامية حظيت لغتنا العربية بكثير من العناية، فكانت في نظر بعض الباحثين، وفي طليعتهم العلامة أولسهوزن Oishausen، أقدم اللغات السامية6، وإن كان كثير من الفقهاء اللغة وعلماء الاستشراق يرفضون هذا الرأي ولا يستسيغونه.
واللغات السامية -بوجه عام- تشترك في عدد من الخصائص الدالة على وحدة أصلها، فهي تمتاز عن سائر اللغات الأخرى بأن أصول كلماتها تتألف غالبًا من ثلاث أصوات ساكنة "ض ر ب" وإن كان بعض العلماء المحدثين يجنح إلى ثنائية الأصول السامية؛ كالأب مرمرجي الدمنيكي في
1 سفر التكوين، الإصحاح 10.
2 ولفنسون 4.
3 في كتابه: Histoire des langues semitiques
4 في أبحاثه المشهورة: Semitische Sprechwissenchaft
5 قارن بوافي، فقه اللغة 7.
6 انظر مقدمة كتابه عن العبرية، فهو يذكر فيه أن العربية هي أقرب اللغات السامية إلى اللغة السامية الأولى، وقارن بولفنسون 7.