الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقمة الطبعة الأولى
…
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الأولى:
خلال السنوات المتعاقبات التي نهضت فيها بتدريس فقه اللغة، كثيرًا ما كان الطلاب في بغداد ثم في دمشق يسألونني سؤالًا متشابهًا، أمسى على تعاقب الأيام تقليديًّا: هل لنا من كتاب جامع في فقه اللغة نتخذه عُدَّةً لنا في الدراسة، وإمامًا هاديًا إلى ينابيع العربية الصافية؟
وكانت الحيرة تدركني كلما ألقي عليّ هذا السؤال، فأنا لا أعرف كتابًا جامعًا في هذا العلم، لا قديمًا ولا حديثًا، وإن في كل كتاب أنصح به لعيبًا أو عيوبًا، وإن كانت مواطن الضعف تتفاوت بين كتاب وكتاب، وبين باحث وآخر، وبين جيل وجيل؛ في الكتب القديمة نقل أمين، واستقصاء دقيق، وعلم غزير، تفرض بها القواعد فرضًا، ولا توصف بها الحقائق وصفًا، وفي الكتب العصرية تجديد في مناهج البحث يغضّ من قيمته وَلوعُ الباحثين العرب بتقليد الأعاجم و"المستعجمين" في دراسة اللغات الإنسانية.
ولم يكن ينقذني من هذه الحيرة إلّا أن أقول للسائلين: من أفض الكتب القديمة إن التمستم كثرة النصوص وسعة المعلومات "المزهر" للسيوطي، ومن أجود الكتب العصرية إن رغبتم في تبويب اللغة على المنهج الحديث "فقه اللغة" و"علم اللغة" للدكتور علي عبد الواحد وافي.
لكن الطالب الذكيّ لم يكن يخفى عليه أن جوابي إلى التهرب أقرب، فمن أراد أن يتذوق فقه اللغة علمًا مستقلًّا قائمًا برأسه، لن يجد طلبته في "المزهر" مهما يجمع من أبواب اللغة، ولن يشفي غلته ما جمعه الدكتور وافي ونسقه منذ أكثر من عشرين عامًا، وإن أطرى مجمع القاهرة يؤمئذ كتابيه.
إن كتبًا حديثة أخرى تتناول أبحاثًا لغوية عميقة، قد ظهرت في العواصم العربية، ولا سيما في القاهرة، فهلّا أحلنا الدارسين على أحدها، وارتضيناه كتابًا جامعًا، وإمامًا هاديًا؟
تلك أبحاث الأستاذ المحقق الدكتور إبراهيم أنيس؛ أليس فيها كتاب واحد جامع مستوفٍ للشروط؟ إن يك في كتابه عن "اللهجات"، أو في مؤلفه عن "الأصوات اللغوية"، أو عن "دلالة الألفاظ"، أو عن "موسيقى الشعر" ضرب من الاختصاص في عرض لونٍ معين من موضوعات اللغة، فما بالنا لا نعد كتابه القيم "من أسرار اللغة" بحثًا في خصائص العربية، والخصائص -كما يعلم كل لغوي- أهم مباحث فقه اللغة.
إنني -على إجلاللي للدكتور إبراهيم أنيس، وتطلعي إلى الإفادة من كتبه، كما تَنمُّ عن ذلك "دراساتي" هذه، أرى في جُلِّ مباحثه عيبًا
لا أطيق الإغضاء عنه أو السكوت عليه، وأرجو مخلصًا أن يتداركه بنفسه في الطبعات المقبلة، وإن هذا العيب ليتمثل في تهاونه بأقول المتقدمين، وندرة عزوه الآراء إلى أصحابها، واستخفافه برد الشواهد إلى مراجعها ومظانها، كأن كتبه محاضرات عجلى لا مباحث مدروسة، أو كأنها مجموعة ملاحظات، ليس فيها تحقيق للنصوص، ونقد للوثائق، وموازنة بين المذاهب، مع أن اللغة، ولا سيما العربية، لا تدرس إلّا من خلال النصوص، فهي أصوات تسمع ثم تحفظ، ثم تنقد، وهي بذلك -كعلوم الدين- لا ينقل شيء بغير دليل يثبته، أو رواية تشهد له، أو برهان يقوم عليه.
ولو صبر الدكتور أنيس على كتبه هذه صبرًا أجمل، ومنحها وقتًا أطول، ثم لمَّ شتاتها بنفسه في كتاب واحد جامع منقح غني بالمصادر الأصلية الأساسية، لأدى في هذا العصر أجلَّ خدمة لعلماء العربية، فما من شك في انطواء بحوثه على آراء أصيلة، إن فاتها الصواب أحيانًا لم تفتها الجراءة، وإن أهملت فيها النصوص غالبًا، عوض إهمالها صلاح المنهج الذي أشهد بحرارة أنه دفع الدرسات اللغوية إلى الأمام قرونًا وأجيالًا.
وفي كتاب الزميل الفاضل الأستاذ المبارك "فقه اللغة"، الذي تمَّ طبعه خلال هذا العام في مطبعة جامعة دمشق، نظرات ثاقبة، وآراء في العربية ناضجة، حرصنا على الإفادة منها أيضًا في "دراساتنا" هذه، لكنها لم تبرأ مما يؤخذ على مؤلفات الدكتور أنيس، فلقد يخيل إلى القارئ أن الأستاذ المبارك لا يبالي بالنصوص القديمة كثيرًا، فما يذكرها إلّا قليلًا، ونادرًا ما يعزوها في الحواشي إلى أصحابها، مع أن الأستاذ
المبارك -كما يعلم إخوانه وصحبه- من أوثق الناس صلة بالقديم، وحسبه فخرًا أنه في هذا الباب تلميذ أبيه المرحوم العلامة عبد القادر المبارك، على أن الزميل الكريم قد أوضح في مطلع كتابه أنه:"لم يعمد إلى حشد الشواهد الكثيرة من المصادر العربية القديمة، ولم يأخذ منها إلّا ما احتاج إليه للاستشهاد، أو لبيان ما سبق إليه علماؤنا من نظرات نافذة، أو إبداع في البحث"، فكان منه هذا أشبه بالاعتذار عما لم يحبه لنفسه من إغفال النصوص، وكاد هذا منه يشي بما آمن به في قرارة نفسه من وجوب الاستشهاد بتلك النصوص.
ولو وضعنا في ميزان النقد مقدمة العلايلي لدراسة لغة العرب لألفيناها -رغم تعاقب الأعوام عليها- ما تنفك تغني المبحث اللغوية بمدد غير ممنون، إلّا أن العلايلي حاول أحيانًا أن يجدد وهو في عالم خلقه لنفسه بمعزل عن القدامى والمحدثين، فنمَّ تجديده عن فكره الثاقب، ونظره البعيد، ولو تجافى عنه لسان العرب المبين!
أما كتاب الدكتور تمام حسان "مناهج البحث في اللغة"، وكتابه الآخر "اللغة بين المعيارية والوصفية"، فقد جاءا آيتين في الدقة والتقصي فيما صورا من المذاهب الحديثة في بحوث اللغة، وإن فيهما لجهدًا مشكورًا في رد طائفة من تلك المذاهب إلى مبتدعيها، ومحاولة ناجحة أحيانًا في المقارنة بين العربية واللغات الحية من خلال ما استحدث العلماء من مناهج، ولكن في الكتابين عيبًا أجسم من عيوب الكتب العصرية السابقة، فكثيرًا ما يدخل الدكتور حسان الضيم على العربية وهو يطبق عليها ما أتقنه من المناهج الغربية، ماسحًا بذلك أصوات العرب في رموز وطلاسم "اسشراقية"، فيها من عجمة الدخيل ما لا يطاق!
وقد كان سبقه إلى إدخال الضيم على العربية، واستعجال المقارنة بينها وبين اللغات الحية، جرجي زيدان في كتابه "الفلسفة اللغوية والألفاظ العربية" وكان في زيدان عيب أقبح، يتمثل في "سطحية" علمه بهذه الأمور -إن صح هذا التعبير- وفي تطفله على ميدان اللغة، كما كان شأنه في أكثر الميادين، فما من بحث إلّا خاض فيه، ولم يكن في واحد منها من أهليه
…
وكتيّب الأستاذ عبد المجيد عابدين "المدخل إلى دراسة النحو العربي على ضوء اللغات السامية" قد حوى -على إيجازه- آراء مستطرفة سديدة في أصول النحو، التي هي في نظرنا أجدر أن تسمى: أصول اللغة، ولكنها آراء منبثة متفرقة طال انتظارها لليد الرفيقة الأمينة التي تلمّ شعثها وتنسقها، وتستخرج منها أكرم جواهرها.
ويطيب لي -بهذه المناسبة- أن أشيد بكتابٍ قيّمٍ للزميل الكبير الأستاذ سعيد الأفغاني، سماه:"في أصول النحو" ففي مباحثه الدقيقة عن القياس والاحتجاج والاشتقاق التفاتة رشيقة لطيفة أراد بها الزميل الجليل أن يسمو بدرس النحو من الفروع إلى الأصول، وينتقل به من فرض القواعد إلى وصف الحقائق، أو من عمل النحاة في أفقهم الضيق المحدود، إلى عمل اللغويين في أفقهم الرحب الطليق، وليت الأستاذ الأفغاني استكمل دراسة أبواب اللغة كلها بهذا الأسلوب الفذ، إذن لكان كتابه أجدر التصانيف العصرية أن يسمى:"فقه العربية".
ولا يسعنا في هذه "الدراسات" إلّا أن نكبر جهود العاملين الخالدين في تنمية العربية؛ كالشيخ عبد القادر المغربي في "الاشتقاق والتعريب"، والأب أنستاس ماري الكرملي في "نشوء العربية ونموها واكتهالها".
والأب مرمرجي الدومينيكي في أبحاثه حول "الثنائية" في العربية والساميات، والأستاذ عبد الله أمين في "الاشتقاق"، والدكتور مصطفى جواد في تحقيقاته الدقيقة التي ذكر طرفًا منها في كتيّبه "المباحث اللغوية في العراق"، والأمير مصطفى الشهابي في "المصطلحات العلمية"، وفي معجمه القيم للألفاظ الزراعية. ولكن هؤلاء العلماء الأعلام كانوا يتناولون بالدراسة بعض الموضوعات الخاصة ولم يتصدوا -فيما نعلم- لتأليف كتابٍ جامعٍ مدروس في فقه الللغة، أو ربما فكّرَ بعضهم بذلك، غير أننا لم نجد لهم في المكتبة العربية كتابًا مطبوعًا منشورًا1.
وإن في تفرق المباحث اللغوية على هذا النحو، وقلة التأليف في موضوعها العام الشامل، وتهاون أكثر المؤلفين فيها بأقوال المتقدمين، وإدخال بعضهم الضيم على العربية فيما كتبوه، ونكوص آخرين منهم عن مجاراة ما يجدّ كل يوم من ألوان البحث في فقه اللغة العام، وفقه اللغة المقارن، إن في هذا كله لما يهيب بالغيور على هذه اللغة الذي يريدها لتسابق اللغات الحية في مضمار الحضارة، إلى الأدلاء بدلوه، في وضع كتاب جامع يحاول به أن يلمّ شتات الآراء السديدة، قديمة وحديثة، حتى لتشمل فصول الكتاب على أفضل ما يتمنى أستاذ فقه اللغة، أو دراسه، أو الناشيء فيه، أن يجده من المباحث الأساسية الهامة.
1 إلّا ما كان من اطلاعي اتفاقًا وعرضًا على مذكرات في "فقه اللغة"، كان الدكتور مصطفى جواد قد أملاها على طلابه في كلية الشريعة ببغداد، ولما خلفته بتدريس هذه المادة بين سنتي 1954-1956 في الكلية المذكورة، أمليت على الطلاب مذكراتي الخاصة التي كانت الأصول الأولى لكتابي هذا؛ ثم أغنيت بعض فصولها منذ كلفت بهذه المادة في كلية الآداب بجامعة دمشق، ابتداء من سنة 1956، بيد أنني في ذلك العام اشتركت والأستاذ المبارك في التدريس، فكان من نصيبي التطبيق العملي في دراسة النصوص القديمة، ونهض الأستاذ المبارك بالجانب النظري، ثم انفردت وحدي بتدريس فقه اللغة نظريًّا وعمليًّا منذ سنة 1957 حتى يومنا هذا.
ومن الغرور أن أزعم أني بكتابي هذا جئت أملأ ذاك الفراغ، وأسد تلك الثغرات، وأحقق أمنية الدارسين، فما عانيت تدريس فقه اللغة إلّا ست سنين، ليست في حساب الزمن شيئًا مذكورًا، ولكن الله وحده يعلم أيّ جهد بذلت، وكأيٍّ من ليل سهرت، وكم من كتابٍ قرأت، حتى أخرجت للناقدين قبل المادحين "دراساتي" هذه في أسلوب علميٍّ بسيط، توخيت أن يكون بالغ الحيطة شديد الحذر، لا يفرط ولا يفرّط، ولا يبالغ ولا يقصر، ينقل من النصوص القديمة، ويعزو كل نص إلى قائله، وينقب عن المخطوطات النفيسة ويستشهد بها، ثم يوازن بينها، ولا يقنع بالجمع والتنسيق، ويقبس من آراء المحدثين، شرقيين وغربيين، ومستشرقين ومستعجمين، ثم يمحص آرءهم ويزنها بميزان النقد النزيه الدقيق.
وإن من ذكرت أسماءهم آنفًا من المؤلفين والعلماء ليجنون الآن معي كلهم ثمار هذا الكتاب، فإن تك ثمارًا يانعة طيبة، فبهم طابت، ومنهم أينعت، ولأردنّ إليهم كل رأي مبتكر أخذته عنهم، وكل فكرة أصلية اقتبستها منهم.
ففي فصل الاشتقاق أعجبت بتفرقة الدكتور إبراهيم أنيس بين الدلالة المكتسبة المتطورة والدلالة الوضعية الأصلية، وعن الأستاذ المبارك اقتبست فكره ثبات الأصوات في العربية، ومع الدكتور تمام حسان سرت أشواطًا في الدعوة إلى المنهج الاستقرائي الوصفي في أبحاث اللغة، ومع عبد المجيد عابدين ناديت بدراسة النحو العربي في ضوء اللغات السامية، ومن الأبوين أنستاس الكرملي ومرمرجي الدومينيكي أخذت القول بالثنئاية التاريخية في اللفظ العربي، وعلى هَدْي أسطر قليلة جامعة للأستاذ سعيد الأفغاني
بنيت فكرة الانتقال من الثنائية التاريخية إلى الثنائية المعجمية1، وتابعت الشيخ المغربي على رأيه في تنزيل المعرّب منزلة العربي، وأيدت عبد الله أمين في اشتقاق العرب الفصحاء من الجواهر قبل المصادر، ومضيت مع الدكتور مصطفى جواج أقيّد النحت بالضرورة القصوى، وأخذت عن الأمير مصطفى الشهابي شروط النقل والتعريب لمصطلحات العلوم والفنون.
ومع أن هذه الآراء ليس وقفًا على أولئك العلماء المحققين، إذ يجدها الباحث في مظانها الكثيرة، قديمة وحديثة، آثرنا أن ننسبها إلى مستنبطيها قبلنا؛ لأن الأمانة العلمية تفرض علينا إبراز ما لهؤلاء من فضلٍ طوقوا به جيد العرب والعربية!
وبين هذه الغمرة من النظرات العلمية الجديدة المبتكرة؛ جلنا على استحياء جولات متواضعة قطعنا مراحلها الأولى على هدى أولئك العلماء، ثم وجدنا أنفسنا بغتةً تلقاء الينبوع الصافي: ينبوع هذه اللغة، فغرفنا منه غرفًا، وعببنا منه عبًّا، وذقنا من حلاوة العربية ما يظن الصوفي أنه ذاقه بعد رياضة روحية شاقة مضنية.
وما لنا ألَّا تقودنا خطانا إلى ينبوع العربية الصافي وقد سلكنا إليه صراطه المستقيم؟
أليس الطريق الموصل إلى العربية مرسوم الخطوط، محدد المعالم، في
1 من المعلوم أن أكثر القائلين بثنائية اللفظ العربي قد أخذوا بها في مفهومها التاريخي محاكاة لطائفة من اللغويين الغربيين، لكن الأستاذ الأفغاني أيَّد هذه الثنائية بنصوص معجمية، وأشار إلى ذلك في "أصول النحو". كما أنه فطن إلى مذهب ابن فارس في الاحتجاج للثنائية منذ عثر على مخطوطة "مقاييس اللغة" قبل أن يشرها الأستاذ المحقق عبد السلام هارون بزمنٍ غير قليل.
النصوص القديمة التي أورثنا إياها سلفنا الصالح، وصانها من عبث الأيدي علماؤنا الأبرار؟ أولم نعش في ظلال تلك النصوص؟ أولم نحمل طلابنا على أن يعيشوا في ظلالها آمنين؟ ألم نطبق عمليًّا على كتب المتقدمين ما هدتنا إليه نظرات العلماء المحدثين؟
فهل من عجب إذا سودت شواهد الأقدمين بياض كتابنا، وهذبت فيه مناهج المحدثين مقاييس أسلافنا، حتى جاء كالمرآة لملامح العربية في نشأتها وشبابها وكهولتها، وجاء معه الكثير من القديم الأصيل، والكثير من المبتكر الجديد!
ولن يفوتني في ختام هذه الكلمة أن أثني أطيب الثناء وأزكاه على إدارة مطبعة جامعة دمشق وموظفيها ومستخدميها وعمالها، لما بذلوه جميعًا من عناية بهذا الكتاب حتى أخرجوه بهذه الحلّة الجميلة، وزينوه بهذه الطباعة الرشيقة، وحرصوا على الدقة في ضبط ما ورد فيه من النصوص القديمة، فلم يقع فيه من سهو التطبيع إلّا القليل النادر، وهذا النادر نفسه صححناه، في "التصويبات" ونرجو القارئ الكريم ألّا يمضي في القراءة قبل أن يصحح ما ندَّ من هذه الكلمات.
وبعد
…
فإنا نسأل الله أن يجعل هذا الكتاب خالصًا لوجهه الكريم، ونرجو لكل من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، أن يجد فيه -بعد الفراغ من قراءته- تلك المرآة التي أردناها صافية، تنطبع فيها ملامح الوجه العربيّ الأصيل، وتنمحي منها قسمات الشعوبيّ الدخيل.
دمشق في17 رمضان سنة 1379هـ-1960م.
صبحي الصالح.