الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحدِيْثُ السَّابع والثلاثون
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُوْلَ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله تَعَالَى يَقُوْلُ: أنَا مَعَ عَبْدِي مَا ذَكَرَني وَتَحَرَّكَتْ بِي شَفَتَاهُ".
[رَوَاهُ أحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةَ وَالحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ]
ــ
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيْحٌ ..
أخرجه البخاريُّ في "صحيحه"(3/ 499 - فتح) معلقًا ووصله في "خلق الأفعال"(ص-57)، وابنُ حبان (2316) من طريقين عن الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، عن كريمة بنت الحسحاس، عن أبي هريرة مرفوعًا به.
وهذا سندٌ صحيحٌ ..
ورواه عن الأوزاعيّ هكذا: "الوليد بن مسلم، وأيوب بن سويد".
وقد خولفا في إسناده.
خالفهما محمد بن مصعب القرقساني، ويحيى بن عبد الله، فروياه عن الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي هريرة به.
أخرجه ابنُ ماجة (3792)، والبغويُّ في "شرح السُّنة"(5/ 13) والقُرقساني ضعيفٌ، ويحيى بن عبد الله هو البابلُتِّي ابن امرأة الأوزاعي، تكلم ابنُ معين وغيرُهُ في حماعه من الأوزاعيّ وضعفه آخرون ولكن هذا الوجه صحيحٌ أيضاً لما يأتي.
قَالَ البوصيري في "الزوائد"(188/ 3).
"هذا إسنادٌ حسنٌ. محمد بن مصعب القرقساني قَالَ فيه صالح بن محمد، ضعيفٌ في الأوزاعيّ، روى عن الأوزاعيّ غير حديثٍ كلها مناكير، وليس لها أصولٌ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قُلْتُ: لم يتفرد به محمد بن مصعب. فقد رواه ابنُ حبان في "صحيحه" من طريق أيوب بن سويد عن الأزواعيّ به. وأيوب بن سويد ضعيفٌ أيضًا" أهـ.
قُلْتُ: وفي نقد البوصيري مؤاخذتان:
*الأولى: قوله: "هذا إسنادٌ حسنٌ" فإن هذا الحكم لا يستقيمُ مع بقية كلامه وظني أنه تحريفٌ من الناسخ أو الطابع. فقد نقل السندي عنه في "حاشيته" على ابن ماجه (2/ 418) أنه قَالَ: "في إسناده محمد بن مصعب
…
الخ".
*الثانية: قوله: "لم يتفرد به .. فقد رواه ابن حبان من طريق أيوب بن سويد عن الأوزاعيّ به" فهذا يدلُّ على أن أيوب بن سويد رواه مثل القرقساني عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي هريرة، وليس كذلك. وإنما يرويه أيوب بن سويد عن الأوزاعي عن إسماعيل عن كريمة عن أبي هريرة. فقد ظهر من هذا أنه خالفه ولم يتابعه. والله الموفق.
وقد خولف القُرْقُسَاني والبابْلُتِّي في إسناده.
خالفهما بشر بن بكر، فرواه عن الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء .. فذكره.
فصار الحديث من "مسند أبي الدرداء".
أخرجه الحاكم (1/ 496) وقال: "صحيح الإسناد". ووافق الذهبيُّ. قُلْتُ: وهو كذلك، لولا أن بشر بن بكر له عن الأوزاعي افرادات، وقد تابعه عبد الحميد بن أبي العشرين، وفي حفظه مقال، فرواه مثل رواية بشر. ذكره المزي في "الأطراف" (11/ 109) وقال:"وليس بمحفوظ".
ووجه آخر من الاختلاف على الأوزاعيّ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= قَالَ الدارقطنيُّ في "العلل"(ج 3/ق 74/ 2).
"رواه الأوزاعيُّ عن يحيى بن إسماعيل عن عبيد الله، قَالَ: حدثتني أم الدرداء عن أبي هريرة. قاله أبو المغيرة عنه، ووهم فيه" أهـ.
قُلْتُ: يحيى بن إسماعيل هو ابنُ عبيد الله. قَالَ أبو حاتم -كما في "الجرج والتعديل"(4/ 2/126) -: "لا بأس به".
لكن قوله: "عن عبيد الله" أظنُّ فيه سقطًا صوابه: "إسماعيل بن عبيد الله" يعني أن يحيى يرويه عن أبيه، فإنه هو الذي يرويه عن أم الدرداء. والله أعلمُ.
واعلم أنَّ أقوى هذه الوجوه، الوجه الأول الذي رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعيّ، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن كريمة بنت الحسحاس، عن أبي هريرة، ذلك أنَّ الأوزاعيّ توبع عليه.
فتابعه:
1 -
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل به.
أخرجه أحمد (2/ 540) والمزيّ في "تهذيب الكمال"(ج 3/ل 1696) عن ابن المبارك، وهو في "الزهد"(956)، والطبراني في "مسند الشاميين"(ق 78)، والبيهقيُّ في "الشعب"(ج 2/رقم 507) من طريق ابن المبارك، والوليد بن مسلم، والوليد بن مزيد ثلاثتهم عنه.
2 -
محمد بن المهاجر، ثنا إسماعيل به.
أخرجه الطبرانيُّ في "الأوسط"(ج 2/ق 174/ 1) وفي "مسند الشاميين"(ق 219 - 220) من طريق أبي توبة الربيع بن نافع، ثنا محمد بن المهاجر به وقال:"لم يرو هذا الحديت عن محمد بن المهاجر إلا أبو توبة".
قُلْتُ: وهو ثقة حجةٌ، لكنه لم يتفرّد به كما قَالَ الطبراني، بل تابعه عبد الأعلى بن مسهر، ثنا محمد بن مهاجر به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= أخرجه المزي في "التهذيب"(ج 3/ل 1696).
3 -
ربيعة بن يزيد، عن إسماعيل به.
أخرجه البيهقيُّ في "شعب الإيمان"(1)(ج 2/ رقم 506) عنه، عن إسماعيل قَالَ: دخلتُ عل أم الدرداء، فلمَّا سلَّمْتُ جلستُ، سمعت كريمة بنت الحسحاس المزينة -قَالَ: وكانت من صواحب أم الدرداء- تقول: سمعتُ أبا هريرة في بيت هذه تشير إلى أم الدرداء يقول: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله عز وجل يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه".
قُلْتُ: وأما رواية إسماعيل عن أم الدرداء فصحيحةٌ أيضًا بدلالة رواية البيهقيّ السابقة.
وقد أخرجهُ أحمد (2/ 540) من طريق ابن المبارك، أنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن إسماعيل بن عبيد الله بمثل رواية ربيعة بن يزيد، وفيه أن أبا هريرة حدَّث بهذا الحديث في بيت أم الدرداء وهي حاضرة تسمع على ظاهر الرواية.
ولذلك قَالَ المزي في "التهذيب"(ج 3/ل 1696):
"كلاهما صحيحٌ".
وقال الحافظ في "الفتح"(3/ 500):
"ورجح الحفاظ طريق عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وربيعة بن يزيد.
ويحتمل أن يكون عند إسماعيل عن كريمة وعن أم الدرداء معًا" أهـ.
(1) قَالَ الحافظ في "الفتح"(13/ 500): "وأخرجه البيهقيُّ في الدلائل" كذا وأحسبه خطأ، فلم يروه البيهقيُّ في الدلائل، ولكن في "شعب الايمان" كما ذكرت. والله أعلم.