الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتابة المصحف
أولا: التمهيد
ويشتمل عل أمرين:
أ -
بيان نوع الكتابة التي كانت معهودة عند العرب وقت نزول القرآن الكريم
إن الكتابة في العرب كانت قليلة جدا، وقد تعلموها من أهل الأنبار، وكان الذي يغلب على زمان السلف الكتابة المتكوفة إلى أن هذبها أبو علي بن مقلة، ثم قربها علي بن هلال البغدادي، وسلك الناس طريقته، ولم تكن محكمة جدا في ذلك الزمان، ولهذا وقع اختلاف في كتابة المصاحف من جهة الصناعة لا من جهة المعنى، وألف العلماء في ذلك واعتنوا به.
قال ابن كثير: وقد كانت الكتابة في العرب قليلة جدا، وإنما أول ما تعلموا ذلك ما ذكره هشام بن محمد بن السائب الكلبي وغيره: أن بشر بن عبد الملك أخا أكيدر دومة تعلم الخط من الأنبار، ثم قدم مكة فتزوج الصهباء بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية، وتعلمه حرب بن أمية وابنه سفيان، وتعلمه عمر بن الخطاب من حرب بن أمية، وتعلمه معاوية من عمه سفيان بن حرب، وقيل: إن أول من تعلمه من الأنبار قوم من طيء من قرية هناك يقال لها: بقة، ثم هذبوه ونشروه في جزيرة العرب فتعلمه الناس؛ ولهذا قال أبو بكر بن أبي داود: ثنا عبد الله بن محمد الزهري، ثنا سفيان عن مجاهد عن الشعبي قال: سألنا المهاجرين: من أين تعلمتم الكتابة؟ قالوا: من أهل الأنبار.
قال ابن كثير (1) : والذي كان يغلب على زمان السلف الكتابة المتكوفة، ثم هذبها أبو علي بن مقلة الوزير، وصار له في ذلك نهج وأسلوب في الكتابة، ثم قربها علي بن هلال البغدادي المعروف بابن البواب، وسلك الناس وراءه، وطريقته في ذلك واضحة جيدة، والغرض أن الكتابة لما كانت في ذلك الزمان لم تحكم جيدا وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى، وصنف الناس في ذلك.
واعتنى بذلك الإمام الكبير أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه [فضائل القرآن] ، والحافظ أبو بكر بن أبي داود رحمه الله، فبوبا على ذلك، وذكرا قطعة صالحة هي من صناعة القرآن ليست مقصدنا هاهنا؛ ولهذا نص الإمام مالك على أنه لا توضع المصاحف إلا على وضع كتابة الإمام، ورخص غيره في ذلك. واختلفوا في الشكل والنقط: فمن مرخص ومن مانع.
وذكر ابن كثير (2) : أن عثمان رضي الله عنه عهد إلى زيد بن ثابت الأنصاري، وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي، وسعيد بن العاص بن أمية القرشي، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام القرشي: أن يكتبوا القرآن حينما اختلف الناس في القراءة بالحروف التي بها نزل القرآن، وتنازعوا فيما بينهم، فأمر هؤلاء أن يكتبوا القرآن على حرف واحد من الحروف التي بها نزل القرآن؛ منعا للاختلاف، فجلس هؤلاء الأربعة
(1) ص (15) من كتاب [فضائل القرآن] المطبوع مع الجزء الرابع من تفسيره.
(2)
من كتاب [فضائل القرآن] المطبوع مع الجزء الرابع من تفسيره.