الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستحب لا بيان أصل الوقت، ويجوز في أيام النحر وبعدها ويكون أداء لا قضاء، حتى لو طاف طواف الصدر ثم أطال الإقامة بمكة ولم ينو الإقامة بها ولم يتخذها دارا - جاز طوافه وإن أقام سنة بعد الطواف، إلا أن الأصل أن يكون طوافه عند الصدر؛ لما قلنا، ولا يلزمه شيء بالتأخير عن أيام النحر بالإجماع.
(فصل) : وأما مكانه فحول البيت لا يجوز إلا به؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف (1) » والطواف بالبيت هو: الطواف حوله، فإن نفر ولم يطف، يجب عليه أن يرجع ويطوف ما لم يجاوز الميقات، لأنه ترك طوافا واجبا، وأمكنه أن يأتي به من غير الحاجة إلى تجديد الإحرام، فيجب عليه أن يرجع ويأتي به، وإن جاوز الميقات لا يجب عليه الرجوع، لأنه لا يمكنه الرجوع إلا بالتزام عمرة بالتزام إحرامها، ثم إذا أراد أن يمضي مضى وعليه دم، وإن أراد أن يرجع أحرم بعمرة ثم رجع، وإذا رجع يبتدئ بطواف العمرة ثم بطواف الصدر ولا شيء عليه لتأخيره عن مكانه. وقالوا: الأولى أن لا يرجع ويريق دما مكان الطواف؛ لأن هذا أنفع للفقراء وأيسر عليه، لما فيه من دفع مشقة السفر وضرر التزام الإحرام. والله أعلم. اهـ.
(1) صحيح البخاري الحج (1761) ، صحيح مسلم الحج (1328) ، سنن الترمذي الحج (944) ، مسند أحمد بن حنبل (2/101) ، سنن الدارمي المناسك (1934) .
ب - فقهاء
المالكية:
قال ابن رشد رحمه الله (1) :
القول في أعداده وأحكامه:
(1)[بداية المجتهد](1 \ 273) .
وأما أعداده: فإن العلماء أجمعوا على أن الطواف ثلاثة أنواع: طواف القدوم على مكة، وطواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر، وطواف الوداع، وأجمعوا على أن الواجب منها الذي يفوت الحج بفواته هو طواف الإفاضة، وأنه المعني بقوله تعالى:{ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (1) وأنه لا يجزئ عنه دم، وجمهورهم على: أنه لا يجزئ طواف القدوم على مكة عن طواف الإفاضة إذا نسي طواف الإفاضة؛ لكونه قبل يوم النحر، وقالت طائفة من أصحاب مالك: إن طواف القدوم يجزئ عن طواف الإفاضة، كأنهم رأوا أن الواجب إنما هو طواف واحد، وجمهور العلماء على أن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة بخلاف طواف القدوم الذي هو قبل وقت طواف الإفاضة، وأجمعوا فيما حكاه أبو عمر بن عبد البر: أن طواف القدوم والوداع من سنة الحاج إلا لخائف فوات الحج فإنه يجزئ عنه طواف الإفاضة، واستحب جماعة من العلماء لمن عرض له هذا أن يرمل في الأشواط الثلاثة من طواف الإفاضة على سنة طواف القدوم من الرمل، وأجمعوا على أن المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة، كما أجمعوا على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم، وأجمعوا أن من تمتع بالعمرة إلى الحج أن عليه طوافين، طواف للعمرة لحله منها، وطواف للحج يوم النحر على ما في حديث عائشة المشهور، وأما المفرد فليس عليه إلا طواف واحد كما قلنا يوم النحر، واختلفوا في القارن: فقال مالك
(1) سورة الحج الآية 29
والشافعي وأحمد وأبو ثور: يجزئ القارن طواف واحد وسعي واحد، وهو مذهب عبد الله بن عمر وجابر، وعمدتهم حديث عائشة المتقدم، وقال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة وابن أبي ليلى: على القارن طوافان وسعيان، ورووا هذا عن علي وابن مسعود؛ لأنهما نسكان من شرط كل واحد منهما إذا انفرد طوافه وسعيه، فوجب أن يكون الأمر كذلك إذا اجتمعا.
وقال الدسوقي (1) رحمه الله:
حاصل المسألة: أن الخارج إلى مكة إذا قصد التردد لها فلا وداع عليه مطلقا وصل للميقات أم لا، وإن قصد مسكنه أو الإقامة طويلا فعليه الوداع مطلقا، وإن خرج لاقتضاء دين أو زيارة أهل نظر؛ فإن خرج لنحو أحد المواقيت ودع، وإن خرج لدونها كالتنعيم فلا وداع، هذا محصل كلام (ح) .
قوله: (لا لقريب كالتنعيم والجعرانة) أي: ما لم يخرج ليقيم فيه؛ لكونه مسكنه، أو ليقيم فيه طويلا وإلا طلب منه.
قوله: (وإن صغيرا) مبالغة في قوله وندب طواف الوداع إن خرج لكالجحفة، أي: وإن كان ذلك الخارج صغيرا، وظاهره ولو كان غير مميز فيفعله عنه وليه.
قوله: (وتأدى. . إلخ) الحاصل أن طواف الوداع ليس مقصودا لذاته، بل يكون آخر عهده من البيت الطواف، فلذلك يتأدى بطواف الإفاضة أو
(1)[حاشية الدسوقي](2 \ 47) .