الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لتعجيل الحساب والراحة من طول الموقف في المحشر، وهذه الشفاعة خاصة به صلى الله عليه وسلم (1).
13 -
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ((الأذكار الزائدة على الحيعلة يشترك السامع والمؤذن في ثوابها، وأما الحيعلة فمقصودها الدعاء إلى الصلاة، وذلك يحصل من المؤذن، فعوِّض السامع عما يفوته من ثواب الحيعلة بثواب الحوقلة، ولقائلٍ أن يقول: يحصل للمجيب الثواب لامتثاله الأمر، ويمكن أن يزداد استيقاظاً وإسراعاً إلى القيام إلى الصلاة، إذا تكرر على سمعه الدعاء إليها من المؤذن، ومن نفسه)) (2).
الحادي عشر: أحكام إجابة المؤذن
أحكام إجابة المؤذن بالقول كثيرة، وهي على النحو الآتي:
1 - إجابة المؤذن مستحبة بإجماع أهل العلم
، قال الإمام
(1) الروض المربع، 1/ 458.
(2)
فتح الباري، لابن حجر، 2/ 91.
ابن قدامة رحمه الله: ((لا أعلم خلافاً بين أهل العلم في استحباب ذلك)) (1)، فعلى هذا يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول إلا في الحيعلتين فيقول:((لا حول ولا قوة إلا بالله)) (2).
وهذا الاستحباب قول جمهور أهل العلم (3).
وقال جماعة من أهل العلم بوجوب القول مثل ما يقول المؤذن وإجابته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن)) (4)؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي
…
)) (5).
(1) المغني، لابن قدامة، 2/ 85، وانظر: المقنع، والشرح الكبير، والإنصاف، 2/ 105.
(2)
انظر: المغني، 2/ 85، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف، 2/ 105.
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 330، وفتح الباري، لابن حجر،
2/ 93، والمفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، 2/ 11.
(4)
متفق عليه، من حديث أبي سعيد: البخاري، برقم 611، ومسلم، برقم 383، وتقدم تخريجه.
(5)
مسلم، من حديث عبد الله بن عمرو، برقم 384، وتقدم تخريجه.
قال الإمام القرطبي رحمه الله: ((حكى الطحاوي: أنه اختُلِفَ في حكمه، فقيل: واجب، وقيل: مندوب إليه، وهو الذي عليه الجمهور
…
)) (1).
وقال الإمام النووي رحمه الله: ((وهل هذا القول مثل قول المؤذن واجب على من سمعه في غير الصلاة أم مندوب؟ فيه خلاف حكاه الطحاوي، الصحيح الذي عليه الجمهور أنه مندوب
…
)) (2).
وقال العلامة الحافظ عمر بن علي، الشافعي، المعروف بابن الملقن:((هذا الأمر للندب، وقيل: للوجوب، حكاه الخطابي، والجمهور على الأول)) (3).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه لحديث أبي سعيد: ((إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول)):
(1) المفهم، 2/ 11.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 4/ 330، وطبعة دار التراث، 4/ 88.
(3)
الإعلام بفوائد عمدة الأحكام، لابن الملقن، 2/ 470.
((واستدل به على وجوب إجابة المؤذن، حكاه الطحاوي عن قومٍ من السلف، وبه قال أبو حنيفة، وأهل الظاهر، وابن وهب، واستُدِلَّ للجمهور بحديثٍ أخرجه مسلم وغيره: ((أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً، فلمَّا كبَّر قال: ((على الفطرة))، فلما تشهَّد قال:((خرجت من النار)) (1)، فلما قال عليه الصلاة والسلام غير ما قال المؤذن علمنا أن ذلك للاستحباب، وتُعُقِّب بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال، فيجوز أن يكون قاله ولم ينقله الراوي اكتفاء بالعادة ونقل القول الزائد، وبأنه يحتمل أن يكون ذلك وقع قبل صدور الأمر،
…
قيل: ويحتمل أن الرجل لم يقصد الأذان، لكن يردّ هذا الأخير أن في بعض طرقه أنه حضرته الصلاة)) (2).
(1) مسلم، كتاب الصلاة، باب الإمساك عن الإغارة على قوم في دار الكفر إذا سُمِع فيهم الأذان، برقم 382.
(2)
فتح الباري، لابن حجر،2/ 93،وانظر: المحلَّى، لابن حزم،3/ 148،ونيل الأوطار، للشوكاني، 1/ 550.
وقال الحافظ في موضع آخر: ((
…
لفظ الأمر في رواية مسلم (1) تمسَّك به من يدَّعي الوجوب، وبه قال الحنفية، وابن وهب من المالكية، وخالف الطحاوي أصحابه فوافق الجمهور)) (2).
والأقرب - والله تعالى أعلم - أن إجابة المؤذن، والقول مثل ما يقول سنة مؤكدة ينبغي لكل مسلم سمعه أن يجيبه إلا لمانعٍ يعذر به؛ ولهذا قال شيخ الإسلام والمسلمين ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((
…
ولا ينبغي لأحد أن يدع إجابة المؤذن
…
فإن السنة لمن سمع المؤذن أن يقول مثل ما يقول، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول: ((اللهم رب هذه الدعوة التامة
…
)) إلى آخره، ثم يدعو)) (3).
(1) يعني قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن العاص: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلُّوا عليَّ
…
)) [مسلم، برقم 384].
(2)
فتح الباري، لابن حجر، 2/ 95، وانظر: الشرح الممتع، لابن عثيمين رحمه الله، 2/ 75.
(3)
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 23/ 129.