الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثالث: بيان الممثّل له
.
هذا المثل ضرب لبيان النور المضاف إلى الله عز وجل في قوله - سبحانه -: {مثَلُ نورهِ كَمِشْكَاةٍ} .
وفي المراد بالضمير (الهاء) في قوله: {نورهِ} ثلاثة أقوال للمفسرين1 هي:
1-
أنه عائد إلى الله عز وجل، أي: مثل هداه في قلب المؤمن.
2-
أن الضمير عائد إلى المؤمن، أي: مثل نور المؤمن الذي في قلبه كَمِشْكَاةٍ.
3-
أنه عائد إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد رجح ابن جرير رحمه الله عود الضمير إلى الله عز وجل حيث قال: "وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: ذلك مثل ضربه الله للقرآن في قلوب أهل الإيمان به، فقال: مثل نور الله الذي أنار به لعباده سبيل الرشاد، الذي أنزله إليهم فآمنوا به، وصدقوا بما فيه، في قلوب المؤمنين، مثل مشكاة".2
1 انظر: جامع البيان لابن جرير، (9/321) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، (3/290) ، واجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية لابن القيمص 7، المكتبة السلفية، المدينة النبوية، الطبعة الأولى، ت/بدون.
2جامع البيان، (9/325) .
وبين ابن القيم رحمه الله أن عود الضمير إلى الله عز وجل يدل عليه السياق، وينتظم تلك الأقوال، حيث قال:
"وقد اختلف في مفسر الضمير في {نورهِ} ، فقيل: هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي: مثل نور محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقيل: مفسره المؤمن، أي مثل نور المؤمن. والصحيح أنه يعود على الله سبحانه وتعالى. والمعنى: مثل نور الله سبحانه وتعالى في قلب عبده. وأعظم عباده نصيباً من هذا النور رسوله صلى الله عليه وآله وسلم فهذا مع ما تضمنه عود الضمير المذكور، وهو وجه الكلام، يتضمن التقادير الثلاثة وهو أتم لفظاً ومعنى"1.
وكلا القولين المأثورين عن السلف - من إعادة الضمير على الله عز وجل أو على المؤمن - صحيح باعتبار:
فهو من جهة: نور الله الذي جعله لعبده، وهداه به، وأنار به قلبه. فيضاف إلى الله باعتباره الواهب له، الهادي إليه. كما في قوله تعالى:{يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآء} ، وكذلك قوله:{مَثَلُ نُورِهِ} .
وهو من جهة: نور المؤمن الذي أعطاه الله إياه، وجعله في قلبه، وخصه به. كما دل على ذلك قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا
1اجتماع الجيوش الإسلامية. ص (7) .
لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} 1.
فاللام في قوله: {لَهُ} لام الاختصاص.
قال ابن القيم رحمه الله: "وهذا النور يضاف إلى الله تعالى إذ هو معطيه لعبده وواهبه إياه. ويضاف إلى العبد إذ هو محله وقابله، فيضاف إلى الفاعل والقابل"2.
ويمكن تحديد طبيعة هذا النور الذي يجعله الله لعباده المؤمنين من المعطيات المستفادة من ألفاظ المثل، وأقوال أهل العلم، بالأمور الآتية:
أولاً: أن النور الممثّل له كائن في قلب المؤمن.
ثانياً: أن النور يضاف إلى الله تعالى باعتباره الواهب له الهادي إليه. ويضاف إلى المؤمن باعتباره محله المعطى له، الموهوب إياه.
ثالثاً: أنه نور واحد. كما دل عليه الإفراد في قوله: {مَثَلُ نُورِهِ} ، والمستفاد من حقيقة الممثّل به.
رابعاً: أنه نور مركب كما دل عليه قوله: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} ، ودل عليه صورة الممثّل به، وامتزج هذان النوران فأصبحا نوراً واحداً مضيئاً.
1سورة الأنعام آية (122) .
2اجتماع الجيوش الإسلامية ص (7) .
المراد بالنورين في قوله: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} :
تكاد تتفق التفاسير المأثورة عن السلف على أن المراد بأحد النورين هو القرآن الكريم وما دل عليه من العلم والعمل1. ثم اختلفوا في تحديد النور الثاني على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن النور الثاني هو نور الإيمان في قلب المؤمن.
وهو القول الذي تدور عليه أكثر أقوال السلف.2 ورجحه ابن تيمية3 رحمه الله وغيره.
القول الثاني: أن النور الثاني هو نور الفطرة. أي ما فطر عليه قلب المؤمن من الهدى. ذكره ابن كثير4 رحمه الله.
وهذا في حقيقته عائد إلى القول الأول لأن المراد هو ما فطر عليه قلب المؤمن، وليس أي قلب. وقلب المؤمن باق على أصل الفطرة، على الدين الحنيف، وزاد الإيمان هذه الفطرة رسوخا واستحكاما. فهو عائد
1انظر: جامع البيان (9/321، 322، 328) ، وتفسير القرآن العظيم، (3/290، 291) .
2 انظر: جامع البيان لابن جرير (9/325، 328، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير، (3/290، 291) ومجموع الفتاوى، (10/475) .
3مجموع الفتاوى، (10 /475) .
4تفسير القرآن العظيم، (9/290) .
إلى نور الإيمان وما يستلزمه من الفطرة السليمة.
القول الثالث: أن النور الثاني هو الحجج والبراهين الكونية التي نصبها الله لعباده، ورجح هذا ابن جرير رحمه الله، لكنه لم يذكر أن أحدا من السلف قال به.1
وهذا القول فيه نظر وذلك أن تفسير النور الثاني الذي يعطاه المؤمن بالحجج والبراهين الكونية لا يستقيم للاعتبارات الآتية:
1- أن النور كائن في القلب. كما نص على ذلك كثير من علماء السلف ومن بعدهم من العلماء والمفسرين - ومنهم ابن جرير -، والآيات الكونية خارج القلب.
2-
أن النور الممثّل له جعله الله للمؤمن. والآيات الكونية منصوبة للمؤمن وغيره.
3-
إذا كان المراد هي: الحجج والبراهين والعبر المستخلصة بالنظر، فهذه ثمرة التفكر الذي لا يكون صحيحا مسدداً إلا بالنور، فهي نتيجة النور وليست من ماهيته.
4-
إذا قيل أن المراد بالنور هو: تفكر المؤمن ونظره، الذي هو آلة
1جامع البيان (9/328) .
القلب ووظيفته.1
قيل: إنها ليست من ماهية النور، ولكنها مظهر له، متأثرة به، متنورة من النور بعد إيقاد المصباح.
فالتعقل الصحيح هو تعقل المؤمن الذي استنار قلبه بنور العلم والإيمان.2
5-
أن دلالة الممثّل به تخالف ذلك، ولا تتفق مع جعل النور الثاني هو الحجج والبراهين وذلك أن المثل دل على أن أحد النورين وقود للنور الآخر، متوقف اتقاده عليه. والأدلة والبراهين الكونية ليست مادة للعلم المستقى من الوحي. وإنما هي مؤيدة مساندة له في بعض المطالب إلا أنه لا يتوقف عليها.
وأيضاً لا يقال: أنها نور يغذي نور الإيمان وذلك أن الدلائل الكونية غير كافية في التعريف بالله، وبحقه، وبشعائر الدين، والمطالب الغيبية، فلا يستمد منها وحدها الإيمان الشرعي، وإنما يستمد من الوحي الذي أنزله الله على رسله - صلوات الله وسلامه عليهم -.
1انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية، (9/307، 309) والتفسير الكبير للرازي، (23/25) .
2سيأتي بيان ما يقابل التعقل عند الكلام على ما يقابل أجزاء الممثّل به في المطلب القادم.
وإنما الصحيح أن يقال أن الإيمان لا يحصل إلا بالعلم المستفاد مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي. فتفسير النورين بالعلم والإيمان هو المطابق لصورة الممثّل به.
قال السدي1 رحمه الله: "نور النار ونور الزيت حين اجتمعا أضاءا، ولا يضيء واحد بغير صاحبه، كذلك نور القرآن ونور الإيمان حين اجتمعا فلا يكون واحد منهما إلا بصاحبه"2.
6-
أنه لا يوجد في النصوص ما يدل على أن الآيات والحجج الكونية نور، ولم يؤثر عن أحد من السلف أنه قال بذلك. وابن جرير الذي ذكر ذلك لم يذكر أن أحدا من السلف قال به.
ولكن وردت النصوص بتسمية العلم نوراً، والإيمان نوراً، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي يعلم العلم ويدعو إلى الإيمان نوراً.
وعلى هذا يتبين خطأ من فسر ما يقابل نور الزيت في الممثّل له بنور الأدلة والحجج الكونية.3 إذ إن ذلك يصرف عن دلالة المثل، وسياقه
1أبو محمد إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، أحد موالي قريش، من أئمة التفسير، توفي سنة 127 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء، (5/264) ، وتهذيب التهذيب، (1/313) .
2نقلا عن تفسير القرآن العظيم لابن كثير، (3/291) .
3 انظر: التفسير الكبير للرازي، (23/232) ، وصفوة التفاسير، لمحمد بن علي الصابوني، (2/341) ، والأمثال في القرآن الكريم، د. الشريف منصور بن عون العبدلي ص (8) .
- المؤيدة بنصوص الوحي وأقوال السلف الكرام - على نور العلم وأهميته في الهداية وحصول الإيمان وزيادته. ويقوي منهج العقلانيين الزاعمين أن النظر العقلي هو الطريق لمعرفة الإيمان والتوحيد وسائر المطالب الغيبية.
وعلى ضوء ما تقدم يتحصل أن المراد بالنورين في قوله تعالى: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} هما:
نور العلم الواصل للقلب من هداية الكتاب والسنة. وهو يقابل نور الزيت.
ونور الإيمان الذي يقذفه الله في قلب المؤمن. وهو يقابل نور شعلة المصباح.
شواهد تفسير النورين بالإيمان والعلم:
إن تفسير النورين في قوله تعالى: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} بنور الإيمان ونور العلم يؤيده ما ورد من إطلاق لفظ النور عليهما في نصوص أخرى.
وهذا مع ما دل عليه الاعتبار بالمثل يدل على صواب من رجح تفسيرهما بذلك.
فمما ورد من إطلاق النور على ما أنزله الله على أنبيائه من الكتاب والحكمة المتضمنة للعلم، قوله تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ
مُبِينٌ} 1.
وقوله: {إِنَّآ أَنْزَلْنَآ التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} 2.
وقوله: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَآ} 3.
وقوله تعالى: {يَآ أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَآءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا} 4. ونحوها.
ومما ورد في إطلاق النور على ما يجعله الله للعباد من الإيمان القائم على العلم قوله تعالى: {أَفمَن شَرَحَ الله صَدْرَه للإسْلامِ فَهو عَلى نُورٍ مِنْ ربه} 5.
1سورة المائدة آية (15) .
2سورة المائدة آية (44) .
3سورة التغابن آية (8) .
4سورة النساء آية (174) .
5سورة الزمر آية (22) .
6سورة الأنعام آية (122) .
وجمع الله بينهما بقوله: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} 2.
كما دل المثل على أن النور الذي عند المؤمنين من فعل الله وجعله لهم، من جهتين:
الجهة الأولى: الاعتبار بصورة الممثّل به وهو المصباح حيث لا يتقد إلا بإشعال النار في الفتيلة التي سرى فيها الزيت.
وكذلك نور الإيمان يجعله الله لمن أناب وأذعن قلبه لما نزل من الحق. فيقذف الله في قلبه الإيمان، ويزيده منه كلما تعلم واستجاب.
والجهة الثانية: قوله في المثَل: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآء} .
وقوله في مثل الظلمات: {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّه لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} 3.
1سورة الحديد آية (28) .
2سورة الشورى آية (52) .
3سورة النور آية (40) .
وقد دل على هذا المعنى نصوص أخرى منها ما سبق إيراده، كقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} .
وقوله: {وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} ، ونحوها.
ومن الأحاديث الدالة على هذا المعنى ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَامِ} 1 قالوا: وكيف يشرح صدره؟ قال: "يدخل فيه النور فينفسح". قالوا: وهل لذلك من علامة يا رسول الله؟ قال: "التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والاستعداد للموت قبل أن ينزل الموت"2.
فإذا هدى الله العبد وشرح صدره بالنور الذي يجعل فيه - الذي يقابل إشعال فتيلة المصباح - أصبح في القلب نتيجة لذلك نور قائم فيه، ملازم له مادام مؤمناً، دل على ذلك ما ورد عن حذيفة3 رضي الله عنه:
1سورة الأنعام آية (125) .
2رواه ابن جرير في جامع البيان، (5/336) وذكر ابن كثير طرق الحديث ثم قال:"فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا والله أعلم". تفسير القرآن العظيم (2/175) .
3أبو عبد الله حذيفة بن اليمان العبسي، حليف الأنصار، من كبار الصحابة رضوان الله عليهم، كان صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم، شهد بدرا. توفي بالمدائن سنة 36 هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء (2/361) ، والإصابة (1/316) .
"القلوب أربعة: قلب مصفح فذلك قلب المنافق، وقلب أغلف فذاك قلب الكافر، وقلب أجرد كأن فيه سراجاً يزهر، فذاك قلب المؤمن، وقلب فيه نفاق وإيمان، فمثله مثل قرحة يمدها قيح ودم، ومثله مثل شجرة يسقيها ماء خبيث وطيب، فأيما غلب عليها غلب"1.
وحياة القلب وبصيرته تكون بهذا النور الذي يجعله الله في قلوب المؤمنين، واستمرارها باستمراره.
فحياة القلب مستفادة من الإيمان الذي يكتبه الله في قلب المؤمن، وبصيرته مستفادة من النور القائم فيه.
وبالمقابل موت القلب وعماه إنما يكون بخلوه من الإيمان والنور، فالموت سببه خلو القلب من الإيمان، وعمى القلب سببه انطفاء نوره وانعدامه.
قال ابن القيم رحمه الله: "فالمؤمن حي القلب مستنيره، والكافر والمنافق ميت القلب مظلمه"2.
1 رواه الحافظ أبو بكر محمد بن أبي شيبة في كتاب الإيمان، (ح 54) ، ص (17) . ضمن كتاب من كنوز السنة رسائل أربع تحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، وقال الألباني عن هذا الحديث:"حديث موقوف صحيح".
2اجتماع الجيوش الإسلامية، ص (23)
العلاقة بين النورين:
يصور المثل العلاقة بين العلم والإيمان أتم تصوير، وذلك بالمقارنة بعلاقة الزيت بنار المصباح المتمثلة في الخطوات الآتية:
1-
سريان الزيت في فتيلة المصباح.
2-
إشعال الفتيلة.
3-
استمرار سريان الوقود لازم لاستمرار اشتعال النار، وإذا انقطع احترقت الفتيلة ثم انطفأ النور.
4-
زيادة الإضاءة بزيادة الوقود، والعكس.
وهذه المعاني معتبرة في الممثّل له، وبالمقارنة بها تبرز العلاقة بين العلم والإيمان، وذلك كما يلي:
1- تشرب القلب العلم المبين في الكتاب والسنة، وإذعانه للحق وإنابته إليه هو سبب الهداية، وهي تقابل سريان الوقود في الفتيلة، وتشربها له.
2-
هداية الله العبد الذي اهتدى بالعلم، واستجاب للحق، وقذف النور في قلبه، وهذا يقابل إشعال المصباح.
3-
استمرار عقد القلب وقبوله للحق الذي دل عليه الكتاب والسنة من التوحيد والعبودية لله لازم لاستمرار الإيمان، وهذا يقابل لزوم استمرار سريان الزيت في الفتيلة لاستمرار الشعلة.
4-
زيادة الإيمان وصفاؤه كلما زاد تعلمه للعلم، واستمساكه
بالكتاب والسنة، وعدم تكديره بغيرهما.
وهذا يقابل زيادة ضوء المصباح وصفاءه بزيادة الزيت وجودته.
وهذه المعاني المستفادة من الاعتبار بالمثل دلت عليها نصوص كثيرة منها:
ما ورد في بيان أن القرآن سبب الهداية، كقوله تعالى:{الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 1.
وقوله: {يَهدي به الله مَن اتبَعَ رِضوَانه} ، يدل على أن الهادي هو الله، وأن سبب الهداية هو الاهتداء بالقرآن - الكتاب المبين - واتباع ما دل عليه من رضوان الله.
أما زيادة الإيمان بزيادة الاهتداء بتعلم العلم والعمل به، فقد دل
1سورة البقرة آية (1، 2) .
2سورة المائدة آية (15، 16) .
عليها قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} 1.
فهذا المثل يبين الطريق إلى الإيمان، بالإرشاد إلى سببه الذي من جاء به هداه الله، وهو الاستجابة لما أنزل الله من الوحي على نبيه صلى الله عليه وسلم وأن زيادة الإيمان تكون بزيادة الاهتداء بتعلم الكتاب والسنة والعمل بهما.
وخلاصة القول في تحديد الممثّل له:
من التأمل في المعطيات المتقدمة، المستفادة من صورة الممثّل به، والنظر في أقوال أهل العلم، وما يؤيدها من النصوص، نخلص إلى أن الممثّل له هو النور المركب من: نور العلم والإيمان الذي يجعله الله في قلب المؤمن.
1سورة محمد آية (17) .