الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: الغرض من ضرب المثل، وأهميته
.
مما تقدم من دراسة المثل الذي ضربه الله لنوره في قوله عز وجل: {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..} 1 الآية.
يتبين أن المثل ضرب لبيان حقيقتين هامتين بهما تحصل هداية العباد وتمام تلك الهداية واستمرارها، وهما:
الحقيقة الأولى: إن الهداية والتوفيق للإيمان يكون بفعل الله حيث يشرح صدر عبده الذي اقتضت حكمته أن يهدى فيقذف سبحانه النور في قلبه، وهو نور حقيقي يجعله الله في قلبه هو نور الإيمان.
وهو - المشبه في المثل بنور المصباح - وهو النور الأول من النورين اللذين اجتمعا في قلب المؤمن والمشار إليهما بقوله: {نُّورٌ عَلَى نُورٍ} 2.
وهذا النور هو أساس الهداية وبدايتها، ولا سبيل إليه إلا بخلق الله وإيجاده كما قال سبحانه:{وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّه لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} 3.
الحقيقة الثانية: إن سبب الهداية يكون من العبد عندما ينيب لما نزل من الوحي، ويستفيد مما أعطاه الله من الفطرة على الحق، ويستجيب لما
1 سورة النور آية (35) .
2 سورة النور آية (35) .
3 سورة النور آية (40) .
تستدعيه من العلم الموافق لها.
فتعلم العلم وقبول القلب له نور، وهو النور الثاني من النورين المشار إليهما بقوله:{نُوُرٌ عَلَى نُور} .
ويستخلص من ذلك حقيقة ثالثة هي:
أن تعلم العلم الشرعي لازم لتمام الهداية، واستكمالها، وذلك أنه كلما تعلم العلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأذعن له تصديقاً وعملاً زاد إيمانه ونوره.
وخلاصة القول في الغرض من ضرب المثل:
أن المثل بين بصورة محسوسة أموراً هامة، هي:
1-
بيان أن الهداية من الله، وأنه - سبحانه - يهب للمؤمن نورا حقيقيا، يحيا به قلبه، ويستنير.
2-
أن سبب الهداية يكون من العبد إذا تعلم العلم واستجاب لما دل عليه من الحق.
3-
أن الله أنزل القرآن وما أوحى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هداية للناس، فمن اهتدى به هداه، ومن أعرض عنه أضله وأخزاه.
4-
أن استمرار الهداية وزيادتها تكون بالاعتصام بالكتاب والسنة وزيادة التعلم منهما والاهتداء بهما.
5-
بيان أثر النور المعطى للمؤمنين، القائم على العلم بالوحي المبين في صلاح قلوبهم وأعمالهم وأقوالهم وسائر أحوالهم.
والمثل مع دلالته بصورته الشاخصة على هذه الأمور، فإنه يدل على أضدادها من حال الكافرين المعرضين عما نزل من الوحي بمفهومه.
وهذه الأمور التي تستفاد من مفهوم المثل جاء مثلان بعد مثل النور، يوضحانها، ويصورانها بصورة محسوسة.
أهمية المثل:
إن أهمية المثل تكمن في الأغراض الهامة التي يحققها، حيث يبين المثل العديد من المطالب التي توضح مصدر الهداية، وطريقها، وأسباب زيادتها، وأثرها على من هداهم الله، واصطفاهم لنوره، وهذه مطالب جد هامة.
قال أبو بكر بن العربي رحمه الله، في قوله تعالى: {مَثَلُ نُورِهِ
…
} الآية: "وهذه آية من التوحيد كريمة، وعلى مرتبة في العلم عظيمة، ضربها الله مثلا للعلم والإيمان
…
"1.
والمثل بصورته المحسوسة يتفق في الدلالة على تلك المطالب الهامة مع كثير من الآيات، فهو من تصريف القول الذي تختلف فيه الأساليب، وتتفق المعاني.
وإن المرء ليعجب عندما يرى الآيات الكثيرة، والأمثال المضروبة، المتظافرة على بيان تلك المطالب، ثم يرى - ممن ينتسب إلى الإسلام - من
1 قانون التأويل، لأبي بكر بن العربي، ت: محمد السليماني، ص (475) دار القبلة للثقافة، جدة، الطبعة الأولى /1406 هـ.
يحيد عن مدلولها، ويتطلب الهدى في غير ما أنزل الله، ولا يجد ما يعبر به عن ذلك أصدق من قول الله تعالى:{انظرْ كَيْف نُصَرّف الآياتِ ثُمّ هُم يَصْدِفُون} 1.
أهمية دراسة مثل النور:
إن الأغراض المباركة التي يحققها مثل النور، والتي أكسبته تلك الأهمية العظيمة، توجب على علماء السنة العناية الفائقة به: بشرحه، وتبسيطه، ونشره بين الناس، وإبراز أقوال علماء السلف، والمفسرين المهتدين بأقوالهم، وشواهده من الكتاب والسنة، لتعم بركاته، ويتحقق نفعه في تشويق القلوب للعلم والإيمان والنور، وإيقافها على الطريق الموصل لذلك من دلالة المثل.
ولم أقف على من أفرد هذا المثل بدراسة متكاملة، تعتني بإبراز المعاني الإيمانية، وإيضاح الفوائد العلمية التي ينطوي عليها.
وإن كان مجموع كلام المفسرين والعلماء الذين تناولوا المثل على فهم السلف الصالح، فيه خير كثير.2
1 سورة الأنعام آية (46) .
2 من أولئك الإمام ابن القيم- رحمه الله حيث ذكر فوائد هامة حول المثل في بعض كتبه مثل: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية ص (7-12)، وكتاب الأمثال - المنتزع من كتاب إعلام الموقعين - ت: سعيد محمد نمر الخطيب ص (197-200) .
وقد نقلت كلام بعض العلماء والمفسرين في معرض دراسة هذا المثل، وبينت في الهامش مراجعها مما يغني عن إعادة ذكرها هنا.
إلا أن تلك الجهود السُنِّية قوبلت بجهود كبيرة من العلماء والمفسرين الزائغين عن المنهج الحق في دراسة المثل والميل بمدلولاته عن الحق، وأخطر تلك الجهود التي استهدفت الميل بدلالة المثل عن الحق، ذلك الكتاب المنسوب إلى أبي حامد الغزالي1، بعنوان [مشكاة الأنوار] والذي عمد فيه مؤلفه إلى تفسير المثل تفسيراً باطنيا، جعله بذلك أساسا للضلال
1 أبو حامد محمد بن محمد الطوسي الغزالي، ولد سنة 450هـ، كان متذبذب الديانة، بدأ بعلم الكلام، ثم خاض غمار الفلسفة بمختلف فروعها، ثم استقر أمره على الفلسفة الغنوصية الصوفية الاستشراقية، وألف آخر كتبه وأشهرها عليها مثل: إحياء علوم الدين، وميزان العمل، والمنقذ من الضلال، ومشكاة الأنوار، وغيرها
…
وقد أنكر عليه جملة من العلماء جسارته على القول على الله بلا علم، واعتماده الأحاديث المكذوبة الواهية، وغير ذلك من المخالفات منهم: ابن الجوزي، وابن الصلاح، وابن شكر، وابن العربي المالكي، وابن تيمية وغيرهم كثير. توفي سنة 505 هـ.
انظر: شذرات الذهب، (4/10) والبداية والنهاية، (12/173) ، وكتاب مشكاة الأنوار، تصدير المحقق: د. أبو العلاء عفيفي، وكتاب أبو حامد الغزالي والتصوف، لعبد الرحمن دمشقية، دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، ط: الأولى 1406 هـ.
البعيد، ومستنداً للقائلين بوحدة الوجود.
قال الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن هذا الكتاب: "وهذا الكتاب كالعنصر لمذهب الاتحادية القائلين بوحدة الوجود...."1.
وقال محقق كتاب2 [مشكاة الأنوار] :
"وهكذا وصل الغزالي في نهاية تفكيره إلى نظرية أشبه ما تكون بنظرية وحدة الوجود، ومن العسير صرفها عن هذا المعنى إلا إذا اعتبرت أقواله من قبيل الشطح الصوفي3، ولم يؤثر عن الغزالي أنه كان من
1 بغية المرتاد، في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل الإلحاد، من القائلين بالحلول والاتحاد، لشيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق /د. موسى بن سليمان الدويش، مكتبة العلوم والحكم، بالمدينة النبوية، الطبعة الأولى، 1408 هـ.
2 د. أبو العلاء عفيفي.
3 الشطح: من مصطلحات الصوفية، وهو عندهم:"قول كلام أجوف بلا التفات ومبالاة، مثل الكلام الّذي يقوله الصوفية عند غلبة الحال والسكر. فلا قبول لهذا الكلام ولا ردّ، ولا يُؤخذ به، ولا يُؤاخذ صاحبه". [كشاف اصطلاحات الفنون، لمحمد التهانوي 4/94] .
وزعمهم أنه لا يُردّ ولا يُؤاخذ صاحبه، باطل. بل كل ما خالف ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود باطل، ويُؤاخذ صاحبه بما يستحقه من الحدّ أو التعزير، إلا إذا كان مرفوعاً عنه القلم، وليست الحالة التي ذكروها من الحالات التي يُرفع فيها القلم عن المكلف.
أصحاب الشطحات، فهو يقرب قربا عجيبا من أصحاب وحدة الوجود حينما يقول:
"إن العالم بأسره مشحون بالأنوار
…
ثم ترقى جملتها إلى نور الأنوار ومعدنها ومنبعها الأول، وأن ذلك هو الله تعالى وحده لا شريك له، وأن سائر الأنوار مستعارة، وإنما الحقيقي نوره فقط، وأن الكل نوره، بل هو الكل، بل لا هوية لغيره إلا بالمجاز
…
بل كما أنه لا إله إلا هو، فلا هو إلا هو. لأن "هو " عبارة عما إليه إشارة كيفما كان ولا إشارة إلا إليه1".2
وقال المحقق أيضا: "أما لماذا قصر الغزالي التشبيه الوارد في الآية على النور الإلهي الظاهر في الإنسان دون سائر المخلوقات، مع أنها تنص على أن الله نور السماوات والأرض، أي نور كل ما في الوجود من أعلاه إلى أسفله، فذلك لأن الإنسان في نظره هو الموجود الوحيد الذي يتجلى فيه النور الإلهي في جميع مراتبه، في حين أنه لا يتجلى في غير الإنسان إلا في بعض المراتب
…
1 مشكاة الأنوار، لأبي حامد الغزالي، ص (60) ، الدار القومية للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1383. طبعت لحساب: وزارة الثقافة والإرشاد القومي بمصر.
2 مشكاة الأنوار، تصدير المحقق، ص (14) .
وهكذا يكشف الغزالي عن الجانب الإلهي في الإنسان، ويصله بصلة مباشرة بالعالم العلوي. ويضع نظرية جديدة في طبيعة النبوة والولاية تستغني في تفسير وصول الوحي إلى الإنسان عن وساطة الوحي، أو أي مدد خارجي آخر خارج عن النفس الإنسانية ذاتها. ولماذا يحتاج النبي أو الولي إلى ملك الوحي وهو يحمل مصباح النور الإلهي في قلبه؟ "1.
ولا يسعنا إزاء هذه الضلالات المتلاطمة إلا أن نقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} .
وضلال هذا القول أظهر عند أهل الإسلام - العارفين بمقاصد الدين، وما دل عليه كتاب الله تعالى، وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الشمس في رائعة النهار -. ويكفي أن يعلم أن هذا القول أشد كفراً، وأخبث معتقداً من قول النصارى الذين زعموا أن عيسى عليه السلام له طبيعة إلهية، وأخرى بشرية، وذلك أن النصارى خصوا بهذا الزعم عيسى عليه السلام وهذا الدجال ومن حذا حذوه عمموه في سائر البشر، بل في سائر المخلوقات.
وقد يسر الله لهذا الكتاب جنديا من المرابطين للدفاع عن الدين هو الإمام شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله فألف
1 مشكاة الأنوار، ص (21، 22) .
في نقض ما أسسه الغزالي فيه من الباطل وزخرف القول، كتابا هو:[بغية المرتاد] 1، بين فيه أصول الغزالي ومنابعه الفلسفية، التي استقى منها تلك الأفكار الضالة، ومنهجه الباطني، ومخالفته لمعالم دين الله وأصوله، وموافقته لأفكار الفلاسفة ونظرياتهم، وشيوخه في ذلك، وتلاميذه. وكر على الجميع كاشفاً عوارهم، ومبيناً شناعة أفكارهم. فتحمل عن الأمة فرض الكفاية، وأنكى في الملحدين أشد النكاية.
قال محقق كتاب [بغية المرتاد] : "إن الخطورة الحقيقية والفعلية في هذا الكتاب تكمن في أخذ الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وتفسيرها فلسفيا حسب مقصود الفلاسفة وهنا ينخدع القارئ فيظن أن القرآن دال على قول هؤلاء الفلاسفة ولا تعارض بينهما، وهذا أسلوب كل من حاول التوفيق بين الدين والفلسفة، وقد أبان الشيخ رحمه الله هذا الجانب بل هو المقصود من تأليفه لهذا الكتاب.
لقد تتبع الشيخ رحمه الله جميع ما ورد في كتاب المشكاة فناقشه من جميع جوانبه، وأبطل كل ما اشتمل عليه من الأمور الفاسدة المنافية للشرع، وكشف القناع عن فلسفة الغزالي وصوفيته، وسلوكه
1 بغية المرتاد، في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية أهل الإلحاد، من القائلين بالحلول والاتحاد.
طريق الباطنية، وبعده عن المنهج الصحيح لأهل السنة، باعتناقه تلك الأفكار المنحرفة والتأثير السَّيّئ لها على من جاء بعده، وكشف أيضا عن ضعف الغزالي في علم الحديث، حيث لا يفرق بين الصحيح والضعيف".1
هذا وقد وجد كتاب [مشكاة الأنوار] عناية كبيرة، حيث يوجد له ما لا يقل عن ست وثلاين نسخة مخطوطة، وطبع عدة طبعات، وترجم إلى اللغة اللاتينية والإنجليزية، وكتبت عنه مقالات، وبحوث، وتقارير، نشرت في بعض الصحف العالمية.2
ونقل بعض المفسرين خلاصة كلامه الذي حرف فيه دلالة المثل.3
ويوجد في الأمة الإسلامية اليوم من ينادي إلى العناية بهذا الكتاب، وبتفسير المثل على المنهج الباطني الذي سار عليه مؤلفه ليوغلوا في تضليل الأمة، التي هي بأشد الحاجة إلى معرفة الدين الحق، والعودة إلى نبعه الصافي الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وسار عليه السلف الكرام، وتفضل الله بحفظه في الطائفة المنصورة الناجية إلى أن يأتي أمر الله، والذي هو الطريق
1 بغية المرتاد، مقدمة المحقق، ص (117) .
2 انظر: مشكاة الأنوار، تصدير المحقق، ص (4، 7، 8) .
3 انظر: التفسير الكبير، للرازي، (12 /233، 234) .
وقد ترحم عليه في بداية النقل، ولم يعقب على كلامه بما يفيد الرد.
إلى ولاية الله، ورفع الذل والمهانة عن المسلمين.
من أولئك محقق كتاب [مشكاة الأنوار] حيث قال: "لم تلق رسالة [مشكاة الأنوار] من عناية الباحثين ما لقيه بعض كتب الغزالي الأخرى على الرغم من أهميتها ومنزلتها العالية بين كتب المؤلف، التي كتبها في عصر نضجه، والرسالة جديرة بالدراسة والتحليل العميق لما تلقيه من ضوء على بعض المسائل التي عالجها الغزالي في كتب سابقة عليها، ولأنها تصور الموقف النهائي الذي وقفه من هذه المسائل، وقد جرؤ فيها على ما لم يجرؤ بالتصريح بمثله في أي موقف آخر، فقد أشرف فيها على القول بوحدة الوجود"1.
وقد أشار محقق2 كتاب: [الأمثال في القرآن الكريم لابن القيم] إلى شرح الغزالي لمثل النور في كتابه [مشكاة الأنوار] مثنيا عليه، مدعيا أن المثل لازال بحاجة إلى تأمل ونظر باطني لمن كان له ذوق صوفي، وعلم بالأشعة والأنوار، ليدرك منه تصورا لوجود العالم وقيامه بوجود الواحد القهار! 3
فانظر كيف لم يقنع بتلك الضلالات التي حواها كتاب [مشكاة
1 مشكاة الأنوار، تصدير المحقق، د. أبو العلا عفيفي، ص (7) .
2 سعيد محمد نمر الخطيب.
3 انظر: الأمثال في القرآن الكريم لابن قيم الجوزية، ت: سعيد محمد نمر، ص (197) الهامش.
الأنوار] حتى طالب بالمزيد!
وأعجب كيف يحيل في هامش ذلك الكتاب المبارك لابن القيم، بفوائده النيرة المشرقة، وعلومه النافعة، إلى بحر الظلمات، ومجمع الجهالات، ليطفئ ما يعلق في ذهن القارئ من البصيرة والمعرفة بالحق، وما أقرب هذا المنهج من حال من قال الله فيهم:{وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ} 1.
ولعل فيما ذكر كفاية في بيان مقدار البلية بهذه الأفكار المنحرفة، والأباطيل المزخرفة، وما أحدثته من صرف الناس عن الاهتداء بالقرآن وأمثاله الحسان، وما تعرض له مثل النور من إلحاد وميل به عن المعاني السامية التي دل عليها، وبينها سلف الأمة وعلماء السنة.
وإنما المقصود هو التنبيه إلى وجوب العناية بالمعنى الصحيح الشرعي السلفي لأمثال القرآن الكريم، ببيانها ونشرها، وخاصة ما امتدت إليه يد أهل الإجرام بالحرف والتشويه.
ومثل النور من أهم تلك الأمثال التي تتأكد العناية بها، ودراستها دراسة مستندة في تفسيرها إلى دلائل القرآن والسنة، وأقوال السلف الصالح، وأهل العلم من المفسرين وغيرهم السائرين على نهجهم، ثم
1 سورة الأعراف آية (202) .
التواصي والتعاون على نشر تلك الدراسات وإتاحتها لطلاب الحق. {ليهلكَ مَنْ هَلك عَن بَينَة وَيَحْيا مَن حَيَّ عَن بَينَةٍ} 1.
وعسى أن تحقق هذه الدراسة - التي يسرها الله لهذا المثل - جانباً من هذا الهدف العظيم. والله المستعان.
1 سورة الأنفال آية (42) .