الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18](1)[يونس: 18] .
[ثانيا الشفاعة]
ثانيا: الشفاعة: يقسّم الشيخ محمد بن عبد الوهاب الشفاعة إلى قسمين: مثبتة ومنفية، وينقل كلاما لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا المعنى (2) ويشرح الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب كلام جده بقوله:" الشفاعة نوعان: منفية في القرآن، وهي الشفاعة للكافر والمشرك، قال تعالى: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 48] وشفاعة أثبتها القرآن وهي خالصة لأهل الإخلاص (التوحيد) وقيدها تعالى بأمرين: الأول: إذنه للشافع أن يشفع كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 255] والثاني: رضاه عمن أذن للشافع أن يشفع فيه كما قال تعالى: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28] وهو سبحانه لا يرضى إلا التوحيد "(3) .
ومن أنواع الشفاعة التي أثبتها الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من علماء الدعوة - اقتداء بالسلف الصالح - شفاعة الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال لورودها إما في القرآن أو في السنة الصحيحة، وكلها لا تكون إلا من بعد إذن الله تعالى ورضاه عمن شفع له، فلا يجوز أن تطلبها منهم وتدعوهم أن يشفعوا لك وإنما تطلبها من الله تعالى (4) .
ويقرر علماء الدعوة بأنه من الشرك أن تطلب من الأموات شفاعتهم - حتى ولو كان الميت هو النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أن لهم جاها عند الله - كما قال تعالى حكاية عن المشركين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وقوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} [يونس: 18](5)[يونس: 18] .
(1) محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات، مصدر سابق ص 74.
(2)
محمد بن عبد الوهاب: كتاب التوحيد ضمن مجموعة التوحيد النجدية ص 24.
(3)
عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ: قرة عيون الموحدين ضمن مجموعة التوحيد النجدية ص 376.
(4)
سليمان بن سحمان: مصدر سابق، ص 42.
(5)
محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص73.
وتنطلق نظرة علماء الدعوة هذه من نظرة لهم عامة وهي: أنه لا يجوز طلب قضاء حاجة من الميت بل هو من الشرك ، والأحسن الدعاء له والترحم عليه، فهو بحاجة إلى مثل هذا، أما الحي فيجوز الاستغاثة به فيما يقدر عليه؛ كأن تطلب من أحد الصالحين الأحياء الدعاء لك ونحو ذلك (1) .
وانطلاقا من إثبات علماء الدعوة الشفاعة للأنبياء والملائكة وللأولياء والأطفال فقد أثبتوا الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لأنها ثابتة في السنة الصحيحة، وقسموا شفاعته صلى الله عليه وسلم إلى ستة أنواع، وكلها تكون يوم القيامة وهي: الشفاعة الكبرى، وشفاعته لأهل الجنة بدخولها، وشفاعته لقوم من العُصاة من أمته ألا يدخلوا النار، وشفاعته في إخراج العُصاة من أهل التوحيد من النار، وشفاعته لقوم من أهل الجنة في رفع درجاتهم، وأخيرا شفاعته في تخفيف العذاب عن عمه أبي طالب، وهي خاصة به دون غيره من الكفار " (2) .
ويقرر علماء الدعوة بأن سبب الحصول على شفاعته صلى الله عليه وسلم والطريق إليها هو اتباعه فيما جاء به قولا وعملا واعتقادا (3) ولا يجوز طلبها من الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه، وإنما تطلبها من الله تعالى فتقول في دعائك: اللهم لا تحرمني شفاعته، اللهم شفعه فيَّ، وأمثال هذا الدعاء (4) .
من هذا العرض لنظرة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب للشفاعة ندرك حرص علماء الدعوة - وعلى رأسهم الشيخ محمد - على حماية جناب التوحيد والابتعاد عن كل ما هو وسيلة إلى الشرك والغلو في الصالحين.
(1) المصدر نفسه ص 83 و 84.
(2)
عبد الرحمن بن حسن: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد ص 211.
(3)
سليمان بن سحمان: المصدر السابق ص 16.
(4)
محمد بن عبد الوهاب: كشف الشبهات ص 75.