الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 -
خصوم الدعوة: وأخيرا يجب ألا ننسى دور خصوم الدعوة وبخاصة المفكرين منهم، فإنهم روّجوا للدعوة ولفتوا الأنظار إليها من حيث لا يريدون ، ويقرر ابن غنام هذا العامل ويستشهد على ذلك بقول أبي تمام (1) .
وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت
…
أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النار فيما جاورت
…
ما كان يعرف فضل طيب العود
[حقيقة تأثير الدعوة على العالم الإسلامي]
حقيقة تأثير الدعوة على العالم الإسلامي قبل أن ندخل في حديث تأثير دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب على الحركات الإصلاحية الأخرى في العالم الإسلامي نحب أن نقف قليلا عند حقيقة تلك الآثار، ومدى هذا التأثير ، لقد ذهب بعض الباحثين إلى " أن ظهور الدعوات الإصلاحية الأخرى من مقتضيات هذه الحياة، فكما ظهر الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية ظهر مصلحون آخرون في بلاد إسلامية متعددة في مصر وليبيا والهند. . إلخ، ولا ضرورة للقول بتأثر هؤلاء بالدعوة السلفية "(2) .
والواقع أن تأثر هؤلاء المصلحين بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية يصبح أمرا مسلما به، إذا وضعنا أمامنا عدة أمور أهمها:
1 -
أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية إن لم تكن قد أثرت تأثيرا مباشرا على الحركات الإصلاحية التي ظهرت بعدها فلا أقل من أن تكون قد مهدت لها وقوّت عزائم القائمين بها، ذلك أن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كانت - بحق - أجرأ دعوة قامت في ظلام كثيف، فهي من هذا الجانب كانت رائدا جريئا، وجد فيها المترددون والمتوجسون من المصلحين وأصحاب الدعوة قدوة يقتدون بها وأثرا صالحا يسيرون على هداه في جميع أدوار حركاتهم الإصلاحية.
(1) حسين بن غنام: روضة الأفكار 1 / 34.
(2)
عبد الكريم الخطيب ص 135، وانظر في هذا الصدد عبد المتعال الصعيدي (المجددون في الإسلام) ص 543.
2 -
التقارب الزمني بين تلك الدعوات ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية دليل على أن هذه الدعوة هي التي تمخضت عن ميلاد هذه الدعوات والحركات الإصلاحية أو عجلت بميلادها، فإذا كانت بداية ظهور حركة الدعوة السلفية في الجزيرة العربية هو النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، ثم استمرت بعد ذلك فإن ظهور دعوة السنوسي في ليبيا كان في النصف الأول من القرن الثالث عشر، ومثلها حركة (أحمد الباريلي) في الهند، وحركة (عثمان دانفو ديو) في غرب أفريقيا، ثم جاءت بعد ذلك حركة (جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده) في مصر. . وهكذا.
3 -
تقارب الأحوال وتشابه الظروف: ذلك أن العالم الإسلامي كان وقت ظهور هذه الدعوات في ظروف متشابهة من حيث الانحطاط في النواحي الدينية والسياسية والاجتماعية ، وقد أدى إلى وحدة الشعور بالحاجة إلى الإصلاح ومن ثم كان قيام دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حافزا شجع غيرها من الدعوات على السير في نفس المنهج من قريب أو بعيد.
4 -
إن تأثر أي دعوة بالأخرى لا يعني اعتناقها لجميع مبادئها الأساسية والفرعية، بل يكفي أن تتأثر ببعض أو أهم هذه المبادئ ، ونستطيع القول: إن جميع الدعوات الإصلاحية التي تأثرت بالدعوة كانت تدعو إلى أهم أسس دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهما: (إخلاص التوحيد لله تعالى - وفتح باب الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى باتباع الكتاب والسنة) ، أما المسائل الفرعية للدعوة فقد تخالفها.
ولقد أجمع أكثر الباحثين على أن للدعوة السلفية التي قام بها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب، أثرا واضحا على الحركات الإصلاحية التي جاءت بعدها، وفي هذا الصدد يقول الدكتور إبراهيم الشريقي في كتابه (أضواء على الخليج العربي ومسقط وعمان) :" والحق يقال إن دعوة الشيخ المصلح الكبير محمد بن عبد الوهاب قد أيقظت الشرق العربي والإسلامي، وظلت مصدرا لجميع الحركات الإصلاحية التي ظهرت في العالم الإسلامي خلال القرون الأخيرة - الثامن عشر والتاسع عشر والقرن العشرين "(1) .
(1) إبراهيم الشريقي (أضواء على الخليج العربي ومسقط وعمان) ص 30، يوافق القرون 12، 13، 14 هجرية.