الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أثر الدعوة في قارة آسيا]
[أولا في اليمن وأطراف الجزيرة العربية]
أثر الدعوة في قارة آسيا إذا نحن حصرنا كلامنا عن أثر الدعوة في العالم الإسلامي فلا يعني هذا عدم وجود أي أثر للدعوة في خارج العالم الإسلامي، بل قد يوجد أفراد وجماعات متأثرين بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ويدعون لها في خارج محيط العالم الإسلامي - كدول أوربا (1) مثلا - لكنهم مع قلتهم في تلك البلاد فهم متفرقون وذوو أثر ضعيف.
وحينما نتكلم عن أثر الدعوة في قارة آسيا فسنتكلم عن أهم هذه المناطق التي تأثرت بالدعوة - والتي أوردها بعض الباحثين في هذا الموضوع - وإذا ما وجدت مناطق غيرها فهي قليلة (2) وليست ذات بال في تاريخ هذه الدعوة.
ويجب أن نشير أيضا إلى أن كلامنا هنا لا يتعدى الحديث عن صلة تلك الدعوة بالدعوات والحركات الإصلاحية الأخرى في المناطق التي سنذكرها دون أن نسترسل في الحديث عن أثر هذه الدعوات في مناطقها تلك، فذلك موضوع طويل ليس هنا مجال البحث فيه، والآن نبدأ في الحديث عن أهم مناطق آثار الدعوة في قارة آسيا.
أولا: في اليمن وأطراف الجزيرة: إذا كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في تأثيرها قد تخطت حدود الجزيرة العربية إلى مناطق متعددة من العالم الإسلامي، فمن باب أولى أن تكون باقي الجزيرة - عدا الدولة السعودية (3) - أول من فتحت للدعوة صدرها.
ففي اليمن: ظهر مجموعة علماء تأثروا بالدعوة، ودعوا الناس إلى مثل مبادئها، وصار لهم أتباع ووقعت بينهم وبين خصومهم من العلماء الآخرين مناقشات ومنازعات كلامية، ولكن لم تتعد حركتهم تلك الحرب الكلامية (4) ومن أشهر
(1) أحمد عبد الغفور عطار (محمد بن عبد الوهاب) ص 208.
(2)
مثل جزيرة (جاوة) بأندونسيا ومناطق في شبه جزيرة الملايو، انظر المرجع السابق ص 212.
(3)
امتدت الدولة السعودية عموما في أقصى اتساعها من الشام شمالا إلى اليمن جنوبا، ومن الخليج العربي شرقا إلى البحر الأحمر غربا.
(4)
أحمد أمين: (زعماء الإصلاح في العصر الحديث) ص 21 - 22.
هؤلاء العلماء الشيخ الأمير (محمد بن إسماعيل الصنعاني) 1099هـ (1182 م)(1) الذي دعا أهل اليمن إلى التوحيد وإخلاصه لله تعالى والبعد عن التوسل بقبور الصالحين المنتشرة في اليمن في ذلك الوقت. أما تأثره بالدعوة فيمكن أن نلمس ذلك من تلك القصيدة الشعرية التي بعث بها إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الدرعية يمدح فيها دعوته ويشيد بأهميتها، يقول في مطلعها:
سلامي على نجد ومن حل في نجد
…
وإن كان تسليمي على البعد لا يجدي (2)
وكذلك الشيخ (محمد بن علي الشوكاني) 1172 هـ (1250 م) الذي دعا بما يشبه دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حيث دعا إلى التوحيد والاجتهاد ومحاربة البدع والتقليد الأعمى، وألف في ذلك رسالة أسماها (القول المفيد في حكم التقليد) ، وقد تأثر الشوكاني - مثل الشيخ محمد بن عبد الوهاب - بابن تيمية، حتى إنه ألف كتابه (نيل الأوطار) لشرح كتاب جد شيخ الإسلام ابن تيمية (مجد الدين) واسمه (منتقى الأخبار) (3) ويظهر تأثره بالدعوة السلفية من أنه حينما بلغت الشوكاني وفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رثاه بقصيدة مطلعها:
مصاب دها قلبي فأذكى غلائلي
…
وأصمى بسهم الافتجاع مقاتلي (4)
ولهذين العالمين (الصنعاني والشوكاني) منزلتهما العظيمة عند الشعب اليمني حتى الآن. فإذا أضفنا إلى جهود هذين العالِمَين وغيرهما في اليمن إرسال الدعاة والمرشدين للدعوة من الدرعية ثم توسع النفوذ السعودي من الناحية السياسية في شمال اليمن حتى وصلت الجيوش السعودية بنفوذها إلى (الحديدة) عام 1220 هـ - في عهد سعود الكبير (5) - عرفنا أثر هذه العوامل كلها في نشر الدعوة السلفية بأنحاء مختلفة من اليمن.
(1) انظر ترجمته في ديوانه المسمى (ديوان الأمير الصنعاني) ط المدني 1384 هـ (المقدمة) .
(2)
انظر مجلة العرب (رجب 1392 هـ 1972 م) مقال بعنوان (تاريخ الدعوة الوهابية من مخطوط يمني) بقلم عبد الله محمد حبش، وانظر (ديوان الأمير الصنعاني) المصدر السابق.
(3)
أحمد أمين: ص 21 - 22، وعبد المتعال الصعيدي ص 474.
(4)
محمد حامد الفقي: (أثر الدعوة الوهابية في الإصلاح الديني والعمراني في جزيرة العرب) ص 78.
(5)
ابن بشر: ج1 ص 132.