الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد عد علماء الدعوة هذا كله من البدع المستحدثة في الدين يجب محاربتها، ولذلك عندما دخل الإمام سعود بن عبد العزيز الحجاز سنة 1218 هـ منع المحمل من المجيء إلى أرض الحجاز، بل أرسل إلى السلطان العثماني رسالة يحذره فيها من إرسال المحمل لأنه بدعة لا يرضاها الشرع، وفي عهد الملك عبد العزيز وبعد استيلائه على الحجاز عام 1345 هـ (1926 م) حاول المصريون تجديد مراسم المحمل، فمنعهم الملك عبد العزيز من ذلك (1) .
وينبغي أن نلاحظ أن للمحمل أهدافا أخرى وهي حماية الحجيج، ولذا فهناك محمل سوري لا يحمل كسوة الكعبة، وأثناء الصراع بين السعوديين والعثمانيين حاول العثمانيون استغلاله لأهداف عسكرية.
[بدع الصوفية]
(ج) بدع الصوفية: يرى الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن الصوفية منهج فاسد فيها كثير من البدع والطرائق المختلفة المخالفة لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم وسنته وذلك في عباداتهم وخلواتهم وأذكارهم المخالفة للشرع الإسلامي (2) .
ومن هنا جاءت محاربة علماء الدعوة للصوفية والمتصوفين ، وذلك بسبب ما دخل على الصوفية من بدع مختلفة لا تمت إلى الإسلام بصلة، فأصبحت الصوفية بعد ذلك من الفرق الفاسدة في المجتمع المسلم " (3) .
ويعلل المؤرخ حسين بن غنام إنكار الشيخ لترهات الصوفية وشطحاتهم بأنها مخالفة للقرآن الكريم والسنة النبوية، وما كان عليه سلف الأمة الصالح ، ويمثل ابن غنام لهذه الشطحات من الصوفية بأمثلة عديدة منها قوله:" حكايات تنفر منها الأسماع مثل بيع الجنة وغرفها، وكون الولي يجر على مركب في الهواء من الذهب، ومثل قولهم: إن البر في يمينه والبحر في شماله، ومثل دعوى بعضهم العروج إلى السماء بالأرواح كل حين، وعلمهم بما سيقع من الغيب "، ويختم ابن غنام تلك الأمثلة بقوله: " ومثال
(1) محب الدين الخطيب: الوهابية، مجلة الزهراء، المجلد الثالث، صفر 1345 هـ ص 97.
(2)
سليمان بن سحمان: المصدر السابق ص 94.
(3)
عبد المتعال الصعيدي: المجددون في الإسلام ص 79 وص 114 - 116.
هذه الحكايات والخرافات. . مما هو هتك للشريعة وسلوك للغي " (1) .
والواقع أن إنكار الشيخ محمد بن عبد الوهاب لبدع الصوفية قد ظهر منذ باكورة دعوته المباركة، فحينما كان الشيخ في البصرة أخذ يهاجم رجال الطرق الصوفية ومشايخ الشيعة الموجودين في البصرة وينكر عليهم بدعهم (2) فتعرض الشيخ لأذى منهم اضطره إلى الخروج من البصرة - كما سبق.
وفي نجد تعرض أيضا لهجوم وعداوة من يسميهم " أولاد شمسان وأولاد إدريس وكذلك فقراء الشياطين الذين ينتسبون إلى الشيخ عبد القادر وهو منهم بريء كبراءة علي بن أبي طالب من الرافضة "، ويصف الشيخ عملهم بقوله:" الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يأمرون الناس أن ينذروا لهم وينخونهم ويندبونهم "(3) وهذا يدل على أن للصوفيين وجودا في بلاد نجد، فقد كانت بدعهم موجودة عند بعض علماء نجد سواء في عصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب أو قبله (4) .
وليس معنى ذلك أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته تنكر كرامات الأولياء الصالحين، ولهذا يقول الشيخ في رسالته لأهل القصيم:" وأقر بكرامات الأولياء وما لهم من المكاشفات إلا أنهم لا يستحقون من حق الله تعالى شيئا، ولا يطلب منهم ما لا يقدر عليه إلا الله "(5) كما أنه ليس كل من ادعى الولاية فهو ولي - في نظر علماء الدعوة - ولهذا يصف الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود من تسمى بالولي في عصره - في رسالة عامة له - بقوله: صار الولي في هذا الزمان من أطال سبحته ووسع كمه وأسبل إزاره ومد يده للتقبيل، ولبس شكلا مخصوصا وجمع الطبول والبيارق، وأكل أموال عباد
(1) حسين بن غنام: روضة الأفكار والأفهام ج1، ومنير العجلاني مرجع سابق ص 265 و 266.
(2)
صلاح العقاد: دعوة حركات الإصلاح السلفي، المجلة التاريخية المصرية، المجلد السابع سنة 1958 م، ص 89.
(3)
حسين بن غنام: تاريخ نجد، تحقيق د. ناصر الدين الأسد ص 540.
(4)
عبد الله بن عبد الرحمن البسام: علماء نجد خلال ستة قرون، ج1 ص 19، عبد الله العثيمين: مرجع سابق ص 40 و 43 (مجلة الدارة: شوال 1398 هـ) .
(5)
عبد الرحمن بن محمد بن قاسم: مصدر سابق ج1 ص 14-17 ط1 مكة المكرمة، أم القرى عام 1352 هـ.