المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[عوامل انتشار الدعوة] - دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب وأثرها في العالم الإسلامي

[محمد السلمان]

فهرس الكتاب

- ‌[تصدير]

- ‌[الفصل الأول تاريخ الدعوة]

- ‌[حال العالم الإسلامي في عصر الشيخ]

- ‌[الحالة السياسية]

- ‌[الحالة الدينية]

- ‌[حال نجد قبل دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[الحالة السياسية]

- ‌[الحالة الدينية]

- ‌[الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[نشأته العلمية]

- ‌ رحلاته العلمية

- ‌[مراحل الدعوة]

- ‌[الفصل الثاني مبادئ دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب]

- ‌[تمهيد]

- ‌[أهداف الدعوة ومصادرها]

- ‌[أولا القرآن الكريم]

- ‌[ثانيا السنة النبوية]

- ‌[ثالثا آثار السلف الصالح]

- ‌[الإمام أحمد بن حنبل]

- ‌[شيخ الإسلام أحمد بن تيمية]

- ‌[الإمام محمد بن قيم الجوزية]

- ‌[حقيقة الدعوة]

- ‌[مبادئ الدعوة]

- ‌[أولا التوحيد]

- ‌[ثانيا الشفاعة]

- ‌[ثالثا زيارة القبور والبناء عليها]

- ‌[رابعا البدع]

- ‌[مفهوم البدع ووقت ظهورها وبيان حكمها]

- ‌بدعة الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌[بدعة المحمل]

- ‌[بدع الصوفية]

- ‌[خامسا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]

- ‌[سادسا التكفير والقتال]

- ‌[سابعا الاجتهاد والتقليد]

- ‌[الفصل الثالث أثر الدعوة في العالم الإسلامي]

- ‌[انتشار الدعوة]

- ‌[عوائق الانتشار]

- ‌[عوامل انتشار الدعوة]

- ‌[حقيقة تأثير الدعوة على العالم الإسلامي]

- ‌[أثر الدعوة في قارة آسيا]

- ‌[أولا في اليمن وأطراف الجزيرة العربية]

- ‌[ثانيا في الهند]

- ‌[ثالثا في بلاد البنغال]

- ‌[رابعا في إندونيسيا]

- ‌[خامسا في التركستان]

- ‌[سادسا في الصين]

- ‌[أثر الدعوة في قارة أفريقية]

- ‌[أولا في مصر]

- ‌[ثانيا في ليبيا]

- ‌[ثالثا في الجزائر]

- ‌[رابعا في السودان]

- ‌[خامسا في غرب إفريقية]

- ‌[هل حققت الدعوة أهدافها]

- ‌[المصادر والمراجع]

الفصل: ‌[عوامل انتشار الدعوة]

[عوامل انتشار الدعوة]

عوامل انتشار الدعوة عوامل الانتشار: ورغم هذه المعوقات فقد آتت الدعوة ثمارها بعد أن نظر إليها المسلمون بعقول واعية مستنيرة، فانتشرت مبادئها وأتباعها في أرجاء مختلفة من العالم الإسلامي الكبير ، فكانت دعوة إصلاحية فريدة من نوعها عن الحركات الإصلاحية، هذه الميزة تدفعنا إلى البحث عن عوامل نجاحها، وأسباب انتشارها وخاصة في آسيا وإفريقية.

ويمكن تلخيص هذه العوامل بما يأتي:

1 -

طبيعة مبادئ الدعوة: فهي مبادئ واضحة المعالم، تناسب الفطرة السليمة، سهلة الفهم، بعيدة عن التعقيدات والأمور الفلسفية، ولا غرو فهي الدعوة إلى الإسلام النقي الخالص من شوائب البدع والشركيات.

2 -

صاحب الدعوة وقوة إيمانه: فقد بذل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لدعوته جهوده وقواه، وخاطر بحياته ليدفع بدعوته إلى الحياة حتى جمع حولها الأتباع والأعوان، وبقوة إيمانه بدعوته ، وبالغاية التي يسعى إليها استطاع أن يدفع بها إلى النجاح.

كان يؤمن بأن العالم الإسلامي في طريقه إلى الهاوية والانحراف الكامل عن أساس الدين إن لم يتداركه المصلحون عن طريق النصح والإرشاد أولا، فإن لم يجد ففي القوة الطريق الآخر، فشمر الشيخ عن ساعد الجد ودفع بقلمه وسيوف أنصاره في هذا الميدان ، واستطاع أن يواجه العالم الإسلامي سافرا متحديا في غير لين أو مواربة (1) حتى تحققت له أمنيته وتم له ما أراد.

3 -

القوة السياسية للدعوة: وهي التي تمثل أنصار الدعوة من آل سعود، وقد ظهرت هذه القوة منذ الاتفاق الديني بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب والأمير محمد بن سعود في الدرعية (1157 هـ 1744 م) ، فقد كان لهذه القوة أثرها الكبير في التمكين

(1) عبد الكريم الخطيب: محمد بن عبد الوهاب ص 146-147.

ص: 73

للدعوة وإبلاغ صوتها إلى مشارق الأرض ومغاربها، ولولا توفيق الله تعالى ثم هذه القوة لما استطاع الشيخ أن يثبت بدعوته طويلا، ولو ثبت لما بقي لدعوته صدى بعد وفاته (1) ومن هنا كانت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب دعوة جامعة للأمور السياسية والدينية معا، ولم تكن دعوة دينية خالصة - كما يزعم بعض المستشرقين (2) - لأن الإسلام وحده دين ودنيا معا (3) .

ولقد بذل أنصار الدعوة من (آل سعود) من التضحية بأنفسهم وأموالهم ما سجلها لهم التاريخ بأحرف من نور، فقد حملوا مشعل الدعوة في حياة الشيخ وبعد وفاته، فشدوا من أزره حيا وقاموا مقامه ميتا، فما ضنوا وما ضعفوا حتى ذهبت في سبيل ذلك دولتهم السعودية الأولى 1233 هـ (1818 م) على يد جيوش محمد علي، وقد انتقل روح الدفاع عن الدعوة وتبنيها إلى الدولة السعودية الثانية والثالثة كما كان ذلك في الأولى.

4 -

بيئة الدعوة: فالبيئة التي ظهرت بها الدعوة (نجد) بيئة صحراوية هي أصلح تربة لهذا العمل، فأهلها بسطاء متقشفون، تنتشر فيهم صفات المروءة والشجاعة والنجدة، ويوجد فيهم الرجال الذين يصلحون لحمل الأعباء، ومن ناحية أخرى فقد كانت تلك المنطقة بعيدة عن عصا الدولة العثمانية وعن نفوذ رجال الدين والمتصوفين وفقهاء المذاهب المختلفة الذين يحتلون المناصب الرسمية في الدولة ، وكان من الطبيعي على مثل هؤلاء الرجال أن يعارضوا الدعوة خوفا على مراكزهم ومناصبهم (4) .

لذا فإن هذه الأمور هي إحدى الأسباب التي جعلت الدعوة الإصلاحية بزعامة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نجد تبلغ من النجاح والانتشار أكثر مما بلغت دعوة

(1) انظر عبد الله الشبل: الإمام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ص 46 - 60.

(2)

حاول بعض الباحثين الأوروبيين تشبيه حركة الدعوة الإصلاحية في نجد بحركة الإصلاح الديني الكاثوليكي في أوربا على أنها حركة دينية فقط حسب زعمهم، انظر: أحمد عبد الرحيم مصطفى (حركة التجديد الإسلامي) ، ص 36.

(3)

منير العجلاني: (تاريخ البلاد العربية السعودية) ج1 (الدولة السعودية الأولى) ص 241.

(4)

محمد عبد الله ماضي: (النهضات الحديثة في جزيرة العرب) ج1 ص 46.

ص: 74

شيخ الإسلام ابن تيمية في الشام (661 هـ - 728 هـ) رغم أن منبع مبادئ وأهداف الدعوتين واحدة (1) هذا أيضا إذا أضفنا عاملا آخر مهما وهو انعدام السند السياسي والقوة المادية في دعوة ابن تيمية وتوفرها في دعوة محمد بن عبد الوهاب (2) كما سبق.

5 -

دور علماء الدعوة: وهو من العوامل التي ارتكزت عليها أسس نشر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية في العالم الإسلامي، فعن طريق هؤلاء العلماء وصلت أخبار الدعوة ومبادئها إلى كثير من المناطق والبلدان الإسلامية، إما عن طريق مؤلفات هؤلاء العلماء ورسائلهم أو عن طريق انتقالهم بأنفسهم من بلاد إلى أخرى بهدف نشر الدعوة.

وكان بعض هؤلاء العلماء مرسلين - على شكل دعاة - من قبل حكومة الدعوة في نجد سواء لداخل الجزيرة العربية أو لخارجها، بل كان إرسال هؤلاء الدعاة إلى مناطق شبه الجزيرة العربية سببا في خضوع بعض تلك البلدان والمناطق لحكومة الدعوة السلفية في نجد من الناحيتين الدينية والسياسية (3) .

6 -

عصر الدعوة: فقد ظهرت الدعوة في وقت من أنسب الأوقات لحركات الإصلاح ، وعصر من أخصب العصور لها، حيث بلغ الأمر فيه غايته من الانحراف الديني بانتشار البدع والخرافات بين المسلمين، إضافة إلى ما صاحب ذلك من ضعف سياسي، وتقهقر اجتماعي، وتخلف اقتصادي، كل ذلك جعل من الدعوة - بعد توفيق الله - المنقذ الوحيد للناس، خصوصا وأنها تدعو إلى الفطرة السليمة الواضحة، والتطبيق الكامل لكل مبادئ الإسلام في عصوره الأولى، وظهر للناس أن العودة إلى أصول الدين هي التي تساعد على إعادة العزة والمجد للعالم الإسلامي من جديد (4) فإذا ما قام مصلح يدعو بهذه الدعوة وجد نفوسا مهيأة لتقبلها، وآذانا مفتحة ، كما

(1) جمال الدين الشيال: (محاضرات عن الحركة الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث) ج1 ص 60.

(2)

المرجع السابق ص 61.

(3)

عبد الرحيم عبد الرحمن: (الدولة السعودية الأولى) ص 63.

(4)

جلال يحيى: المرجع السابق ص 93.

ص: 75

وجد في الناس من يسانده ويقف بجانبه.

7 -

موسم ومكان الحج: يمكن القول بأن هذا العامل من أهم العوامل التي ساعدت على انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أرجاء العالم الإسلامي.

ذلك أن دخول منطقة الحجاز تحت لواء الدولة السعودية الأولى في العقدين الثاني والثالث من القرن الثالث عشر الهجري (1217-1226 هـ)(1) أعطى الفرصة لسائر الحجاج من جميع الأقطار الإسلامية للتعرف على حقيقة الدعوة السلفية، والالتقاء بدعاتها ومناقشتهم فيما يدعون إليه حتى توفرت لهم القناعة بالدعوة، وبخاصة حينما رأوا حال الحجاز في عهد نفوذ الدعوة، وما امتاز به من أمن واستقرار وتطبيق لكل مبادئ الإسلام - فآمنوا بالدعوة ثم حملوها إلى بلادهم، ودعوا الناس إليها، وكان هدف دعاتها في كل مكان يحلون به هو محاربة الفساد والبدع وتصحيح العقيدة الإسلامية في تلك البلاد، ومحاولة إقامة حكومة إسلامية تحكم بالإسلام عقيدة ومنهج حياة (2) .

8 -

العلاقة التجارية: وهو ما يطلق عليه (حركة التجارة الإسلامية) بين الدول الإسلامية ، فقد كان لهذه العلاقات دورها أيضا في نشر الدعوة السلفية سواء كانت هذه العلاقات التجارية علاقات فردية يقوم بها الأفراد بعضهم مع بعض، أو علاقات دولية تقوم بها الدولة السعودية مع غيرها من الدول الإسلامية المجاورة لها أو غير المجاورة.

ومع أن المصادر التي بين أيدينا تغفل أثر هذا العامل في نشر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، إلا أنه في الحقيقة عامل لا يمكن إنكاره أو تناسيه، فكما كان لحركة التجارة الإسلامية دورها الكبير في نشر الإسلام سلميا في بلاد لم تدخلها الجيوش الإسلامية مثل (أندونيسيا، ووسط أفريقيا ، وجزر الهند الشرقية)(3) فإننا لا نستبعد أبدا أن يكون لحركة التجارة هذه دور في نشر الدعوة السلفية أيضا سواء في آسيا أو أفريقيا.

(1) عثمان بن بشر: (عنوان المجد في تاريخ نجد) ج1 ص 114 وص 149.

(2)

محمد عبد الله ماضي ج1، المرجع السابق ص 56.

(3)

عبد الفتاح منصور: (محاضرات عن تاريخ العالم الإسلامي المعاصر) ص 10.

ص: 76