الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّطَهُّرِ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ
84 -
حَدِيثُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ:
◼ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَرْبَعَ سِنِينَ -، قَالَ:((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ، أَوْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا)).
[الحكم]:
إسناده صحيح، وحسَّنه الإمام أحمد، وصحَّحه ابن مفوز، والحميدي، وابن القطان، ومغلطاي، والعراقي، وابن حجر، والألباني.
[الفوائد]:
قال ابن عبد البر: ((وللعلماء في هذه المسألة خمسة أقوال:
أحدها: الكراهية لأنْ يتطهر الرجل بفضل المرأة.
والثاني: أن تتطهر المرأة بفضل وضوء الرجل.
والثالث: أنهما إذا شرعا جميعًا في التطهر فلا بأس به، وإذا خلت المرأة بالطهور فلا خير في أن يتطهر بفضل طهورها.
والرابع: أنَّه لا بأس أن يتطهر كل واحد منهما بفضل طهور صاحبه ما لم يكن الرجل جُنبًا والمرأة حائضًا أو جُنبًا وهو قول ابن عمر.
والذي عليه جماعة فقهاء الأمصار: أنه لا بأس بفضل وضوء المرأة وسؤرها حائضًا كانت أو جنبًا خلت به أو شرعا معًا، إلَّا أحمد بن حنبل فإنَّه قال: إذا خلت المرأة بالطهور فلا يتوضأ منه الرجل إنما الذي رخص فيه أن يتوضآ جميعًا)) (الاستذكار 1/ 170).
[التخريج]:
[د 80/ ن 243 ((واللفظ له)) / كن 293/ حم 17011، 17012، 23132/ منذ 267/ ناسخ 51، 52/ طح (1/ 24) / هق 483، 928/ تحقيق 22/ صحا 7201/ صلاة 100/ جوزى (إعلام 97) / أسد (6/ 404)].
[السند]:
قال (النسائي): أخبرنا قتيبة، قال: حدثنا أبو عوانة، عن داود الأودي، به.
ومداره عندهم على داود بن عبد الله الأودي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير داود الأودي، وهو ثقة، وثقه أحمد، وابن معين وأبو داود، وقال النسائي:((ليس به بأس)). انظر: (تهذيب التهذيب 3/ 191). وقال الحافظ: ((ثقة)) (التقريب 1796).
وما نقله المزي في ترجمته عن الدوري أن ابن معين قال فيه: ((ليس بشيء)) فوهم - والله وأعلم -؛ لأَنَّ ابن معين إنما قال ذلك في داود بن يزيد عمِّ ابن إدريس، أما صاحبنا هذا فوثقه، وهذا نصُّ كلامه من رواية الدوري، قال: ((داود بن عبد الله الأودي الذي يروي عنه حسن بن صالح
وأبو عوانة: ثقة. وداود بن يزيد الأودي: ليس حديثه بشيء وهو عمُّ ابن إدريس)) (تاريخ ابن معين - رواية الدوري 2970، 2971).
وقد نبَّه على ذلك ابن عبد الهادي فقال: ((كذا ذكر غير واحد من المصنفين رواية عباس عن يحيى في ترجمة داود هذا، والظاهر أنَّ كلام يحيى إنما هو في داود بن يزيد الأودي- عمّ عبد الله بن إدريس- فإنَّه المشهور بالضعف)) (تنقيح التحقيق 1/ 42).
ونبَّه على ذلك أيضًا الذهبي في الميزان بقوله: ((وروى عباس عن يحيى: ليس بشئ. فيحرر هذا، لأنَّ هذا في ابن يزيد)) (ميزان الاعتدال 2/ 10)
(1)
.
ولذا قال الإمام أحمد: ((إسناده حسن)) فيما حكاه عنه الأثرم. (شرح سنن ابن ماجه 1/ 292).
وقال النووي في (المجموع 2/ 191)، والعراقي في (طرح التثريب 2/ 40)، وابن حجر في (بلوغ المرام 7):((إسناده صحيح)).
وقال ابن عبد الهادي: ((وصحَّحه الحميدي، وقال البيهقي: رواته ثقات. والرجل المبهم: قيل هو الحكم بن عمرو، وقيل: عبد الله بن سرجس، وقيل: ابن مغفل)) (المحرر في الحديث ص 86).
وقال مغلطاي: ((وهو حديث صحيح الإسناد، وممن صحَّحه أيضًا: ابن مفوز، وابن القطان)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 292).
(1)
وقد ذهل عن هذا الذهبي في الكاشف (1448) فقال: ((فيه لين)). وقال في (المغني 2004): ((ولابن معين فيه قولان)). ونقل قول ابن معين هذا مقرًا له في (اختصار سنن البيهقي 1/ 197). والصواب ما ذكرناه. والله أعلم.
وقال الألباني: ((وهذا سند صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير داود بن عبد الله الأودي؛ وهو ثقة باتفاق النقاد)) (صحيح أبي داود 22).
قلنا: وقد أُعلَّ هذا الحديث بعدة أمور:
الأول: أنَّ حميد بن عبد الرحمن لم يسم الصحابي الذي حدَّثه فهو بمعنى المرسل. قاله البيهقي في (السنن الكبرى 2/ 88). وقال في المعرفة: ((منقطع)) (معرفة السنن والآثار 1/ 498).
وتعقب في ذلك؛ فقال ابن عبد الهادي: ((وهذا الحديث ليس بمرسل، وجهالة الصحابي لا تضر، وقيل: إِنَّ هذا الرجل الذي لم يسم: عبد الله بن سرجس. وقيل: عبد الله بن مغفل. وقيل: الحكم بن عمرو الغفاري)) (تنقيح التحقيق 1/ 43).
وقال ابن التركماني: ((قد قدمنا في باب تفريق الوضوء أنَّ مثل هذ ليس بمرسل بل هو متصل؛ لأنَّ الصحابة كلّهم عدول فلا تضرهم الجهالة)) (الجوهر النقي 1/ 190).
وقال ابن حجر: ((رجاله ثقات ولم أقف لمن أعلَّه على حجة قوية، ودعوى البيهقي أنَّه في معنى المرسل مردودة؛ لأنَّ إبهام الصحابي لا يضرُّ وقد صرَّح التابعي بأنه لقيه)) (فتح الباري 1/ 300). وانظر أيضًا (شرح سنن ابن ماجه 1/ 293 - 294).
الثاني: أعلَّه البيهقي بانفراد داود بن عبد الله به، وأنَّ الشيخين لم يحتجا به. قاله البيهقي في (السنن الكبرى 2/ 88)، وفي (معرفة السنن والآثار 1/ 498).
وأغرب ابن حزم، فقال: ((إِنْ كان داود عمّ ابن إدريس فهو ضعيف، وإِنْ
كان غيره فهو مجهول)) (بيان الوهم والإيهام 5/ 226).
وتُعقبا في ذلك:
فقال مغلطاي - مُتعقبًا البيهقي -: ((قوله: (وداود لم يحتجّ به الشيخان) فيه نظر؛ لأمرين:
الأول: إِنْ أراد عيبه بذلك فليس ذلك بعيب عند المحدثين قاطبة؛ لأنهما لم يلتزما الإخراج عن كل ثقة ولو التزماه ما أطاقاه.
الثاني: إِنْ كان يريد بهذا الكلام رد الحديث - وهو الأقرب - بضميمة كلامه على انقطاعه وغيره، فهو كلام متناقض، ولا حاصل تحته، لما سلف من توثيقه رجاله)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 293 - 294).
وقال مغلطاي أيضًا: ((وهو حديث صحيح الإسناد، وممن صحَّحه أيضًا ابن مفوز، وابن القطان، وقال أحمد: ((إسناده حسن)) فيما حكاه عنه الأثرم. ولا التفات إلى قول ابن حزم عندما أراد تضعيفه: إِنْ كان داود هذا هو عمّ عبد الله بن إدريس فهو ضعيف، وإن لم يكن إيَّاه فهو مجهول. وقد كتب الحميدي إلى ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الخبر، وتبين له أمر داود هذا بأنه داود بن عبد الله الزعافري الأودي أبو العلاء الكوفي روى عنه جماعة، ووثقه الإمام أحمد وغيره، وهو غير عمّ ابن إدريس فيما ذكره الإمام أحمد)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 292 - 293).
وقال في موضع آخر: ((إسناده صحيح، وإِنْ كان قد أعلَّه بعضهم بما لا يقدح فيه)) (شرح ابن ماجه 1/ 147).
وقال ابن القطان: ((وداود هذا وثقه ابن معين والنسائي، وغلط أبو محمد بن حزم فيه غلطًا قد بينَّاه عليه في أمثاله،
…
وقد كتب الحميدي إلى
ابن حزم من العراق يخبره بصحة هذا الحديث وبيَّنَ له أمر هذا الرجل، فلا أدري، أرجع عن قوله أم لا؟ )) (بيان الوهم والإيهام 5/ 226).
وقال ابن حجر: ((ودعوى ابن حزم أن داود راويه عن حميد بن عبد الرحمن: هو ابن يزيد الأودي وهو ضعيف مردودة فإنَّه ابن عبد الله الأودي وهو ثقة وقد صرَّح باسم أبيه أبو داود وغيرُه)) (فتح الباري 1/ 300).
الثالث: أنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي فيها جواز التطهر بفضل المرأة.
قال البيهقي: ((مرسل جيد لولا مخالفته الأحاديث الثابتة الموصولة قبله، وداود بن عبد الله الأودي لم يحتجَّ به الشيخان البخاري، ومسلم رحمهما الله تعالى)) (السنن الكبرى 2/ 88).
وقال في المعرفة: ((
…
والأحاديث التي ذكرناها في الرخصة أصحّ، فالمصير إليها أولى)) (معرفة السنن والآثار 1/ 498).
ولعلَّ لذلك قال ابن المنذر: ((حديث منكر، ولا يدرى محفوظ هو أم لا؟ )) (الأوسط 1/ 452). وقال الذهبي أيضًا: ((منكر)) (تنقيح التحقيق 1/ 16).
وأجاب عن ذلك مغلطاي؛ فقال - متعقبًا البيهقي -: ((قوله: (مرسل جيد) غير جيد بل هو مسند على الصحيح من قول العلماء.
وقوله: (لولا مخالفة الأحاديث الثابتة) - يعني بذلك ما تقدَّم - فليس بجيد أيضًا لأمرين:
الأول: شأن المحدث الإعراض عن المعارضة كما قررناه في غير موضع.
الثاني: على تقدير تسليمنا ذلك، يجاب عنه بأنه لا بأس أن يتوضأ، أو يغتسلا جميعًا من إناء واحد يتنازعاه على حديث عائشة، وميمونة، وأنس،
وابن عمر، وأم هانئ، وأم سلمة، وأم حبيبة، وغيرِهنَّ.
وعلى أنه لا يتوضَّأ الرجل بفضل طهور المرأة على حديث الحكم، ولأنَّ الأحاديث التي وردت بعدُ في الكراهة عن الصحابة والتابعين لم يكن في شيء منها أنَّ الكراهة في ذلك للرجل أن يتطهر بفضل طهور المرأة، ولتلك الأحاديث علل، ذكر ذلك أبو بكر الأثرم في كتاب الناسخ والمنسوخ)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 293 - 294).
وقد جمع الحافظ بين هذه الأحاديث في الفتح: ((بأن تحمل أحاديث النهي على ما تساقط من الأعضاء والجواز على ما بقي من الماء، وبذلك جمع الخطابي، أو يحمل النهي على التنزيه جمعًا بين الأدلة، والله أعلم)) (فتح الباري 1/ 300).
[تنبيه]:
الحديث ذكره أبو داود في كتاب التفرد، وقال:((الذي تفرد به من هذا الحديث قوله: ((نَهَى أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ مِنْ فَضْلِ الرَّجُلِ)))) (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 1/ 293).
رِوَايةُ نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ:
• وفي رواية: عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحِمْيَرِيِّ، عن رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ سِنِينَ أَنَّهُ قَالَ:((نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف بهذا السياق.
[التخريج]:
[عب 381].
[السند]:
أخرجه (عبد الرزاق): عن ابن عُيَينَة، عن عمر بن سعيد بن مسروق، عن رجل، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لإبهام الراوي عن حميد. وقوله: ((ثَلَاثَ سِنِينَ)) منكر، والصواب ((أَرْبَعَ سِنِينَ)) كما سبق، والمحفوظ بلفظ (الغسل) لا (الوضوء).
85 -
حَدِيثُ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو الْغِفَارِيِّ:
◼ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عَمْرٍو - وَهُوَ الأَقْرَعُ رضي الله عنه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ (يَتَطَهَّرَ) الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ (وضُوءِ) الْمَرْأَةِ)).
[الحكم]:
مختلف فيه: فحسَّنه الترمذي - وأقرَّه الذهبي -، وابن قدامة. وصحَّحه ابن حبان، وابن حزم، ومغلطاي، وابن التركماني، وأحمد شاكر، والألباني.
وأعلَّه البخاري، وابن منده، وابن عبد البر، والنووي. وأشار إلى إعلاله الإمام أحمد، ومال إليه البيهقي، والإشبيلي - مع جزمه بصحة إسناده -.
والأظهر لدينا: أنَّ إسناده جيد، وما أُعلَّ به غير قادح، والله أعلم. ويشهد له حديث حميد المتقدم.
[التخريج]:
[د 81 ((واللفظ له)) / ت 64/ ن 347 ((والرواية الثانية له ولغيره)) / جه 377/ حم 20655، 20657/ حب 1255/ طي 1348/ ش 356/ مش 942/ طب (3/ 210/ 3154 ((والرواية الأولى له))، 3156) / أثرم 68، 69/ تخ (4/ 185/ 2419) / قط 142/ هق 930، 931، 933، 934/ فة (2/ 276) / مسد (خيرة 670/ 2) / عل (خيرة 670/ 3) / طوسي 52، 53/ صحا 1059، 1060، 1900/ محلى (1/ 212) / صمند (إصا 1/ 211) و (خيرة 670/ 3) / حنابلة (1/ 66) / أسد (6/ 389) / تحقيق 21/ كما (7/ 129)].
[السند]:
رواه أبو داود الطيالسي في (مسنده) قال: حدثنا شعبة، عن عاصم
الأحول، قال: سمعت أبا حاجب، يحدِّث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به.
هكذا في (المسند)، ورواه جماعة عنه وصرَّحوا باسم الصحابي:
فرواه أحمد في (مسنده 20657).
ورواه البخاري في (التاريخ)، و (أبو داود)، و (الترمذي)، و (ابن ماجه)، وغيرهم: عن محمد بن بشار.
ورواه (النسائي) عن عمرو بن علي الفلاس.
ورواه (الطوسي) عن محمد بن المثنى.
ورواه (الدارقطني) من طريق زيد بن أخزم.
خمستهم (أحمد، وابن بشار، والفلاس، وابن المثنى، وزيد) عن أبي داود الطيالسي، ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري - زاد أبو داود السجستاني، ويعقوب بن سفيان:[وهو الأقرع]-، به.
ورواه أحمد (20655) عن محمد بن جعفر.
وابن أبي شيبة: عن إسماعيل ابن علية.
والترمذي: عن محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، عن سفيان.
ثلاثتهم (غندر، وابن علية، وسفيان): عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل [من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم] من بني غفار، فذكره مرفوعًا.
[التحقيق]:
هذا إسناد جيد؛ رجاله ثقات رجال الصحيح، غير أبي حاجب واسمه
سوادة بن عاصم؛ وثقه ابن معين والنسائي واعتمده الذهبي في (الكاشف 2189). وقال أبو حاتم: ((شيخ)). وذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 341) وقال: ((ربما أخطأ)). وقال الحافظ: ((صدوق)) (التقريب 2681). وانظر: (التهذيب 12/ 235).
والحديث قال عنه الترمذي: ((هذا حديث حسن)).
وصحَّحه ابن حبان في صحيحه.
وذكر مغلطاي في (إكماله 6/ 156) أنَّ ابن حزم لما ذكر الحديث في ((محلَّاه)) صحَّحه.
قلنا: ولم نقف على تصريح لابن حزم بصحته، إلَّا أنه ظاهر كلامه، حيث احتجَّ به، ونافح عنه بشدة، فهو على شرطه. وانظر:(المحلى 1/ 211 - 215).
وقال ابن قدامة: ((حديث حسن)) (الكافي في فقه الإمام أحمد 1/ 118).
وقال الذهبي: ((حسَّنه الترمذي، وأبو حاجب سوادة بن عاصم: صالح الحديث)) (تنقيح التحقيق 1/ 16).
وصحَّحه الشيخ أحمد شاكر في (تعليقه على سنن الترمذي 1/ 93).
وقال الألباني: ((هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم؛ غير أبي حاجب - واسمه سوادة بن عاصم العنزي -، وهو ثقة بلا خلاف)) (صحيح أبي داود 75).
قلنا: وقد أعلَّه جماعة من أهل العلم:
فقال الترمذي في العلل: ((سألت محمدًا - يعني البخاري - عن هذا
الحديث، فقال: ليس بصحيح)) (العلل الكبير 32).
قال عبد الحق الإشبيلي: ((لم يصحح البخاري هذا الحديث على ما ذكره أبو عيسى في العلل، ولم يذكر له علة)) (الأحكام الكبرى 1/ 448).
وقال أيضًا معلقًا على تحسين الترمذي: ((كذا قال أبو عيسى حديث حسن، ولم يقل صحيح؛ لأنَّه رُوِيَ موقوفًا، وغير أبي عيسى يصححه؛ لأنَّ إسناده صحيح، والتوقيف عنده لا يضر، والذي يجعل التوقيف فيه علة أكثر وأشهر)) (الأحكام الوسطى 1/ 160 - 161).
وقال الألباني: ((وهذا من الإمام - يعني البخاري - جرحٌ مبهم فلا يقبل، ولعل سوادة لم تثبت عنده عدالته أو لقاؤه للحكم فقد ثبت ذلك عند غيره كما سبق)) (صحيح سنن أبي داود 1/ 143).
قلنا: وفي هذا نظر، فقد أشار البخاري إلى إعلاله بالوقف في ((تاريخه))، فذكر الحديث من طريق عاصم مرفوعًا، ثم قال:((حدثنا عبدان، نا عبد الله، نا عمران بن حدير، عن سوادة العنزي: اجتمع الناس على الحكم بالمربد فنهاهم عنه)) (التاريخ الكبير 4/ 185).
ولكن في إعلاله بالوقف نظر، فقد وقفه عمران بن حدير عن سوادة على الحكم من قوله
(1)
.
وخالفه عاصم الأحول، وسليمان التيمي فروياه عن سوادة بن عاصم
(1)
وذكر له الدارقطني في (السنن 1/ 82) متابعًا فقال: ((رواه عمران بن حدير، وغزوان بن حجير السدوسي عنه موقوفًا، من قول الحكم غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم) اهـ. قلنا: وغزوان هذا لم نجد له ترجمة ولا ذكر في غير هذا الموضع، فيخشى أن يكون تحريفًا من عمران بن حدير السدوسي، والله أعلم.
فرفعاه، وهما ثقتان متقنان فيرجحا عليه، وقد قال الدارقطني؛ حينما سُئل عن حديث أبي هريرة مرفوعًا:((وذلك وهم، وإنما رواه أبو حاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري)) (العلل 4/ 220).
وأما الإمام أحمد فسلك مسلكًا آخر؛
قال الميموني: قلت لأبي عبد الله: حديث الحكم بن عمرو يسنده أحد غير عاصم؟ قال: لا، ويضطربون فيه عن شعبة، وليس هو في كتاب غندر؛ بعضهم يقول:(عن فضل سؤر المرأة)، وبعضهم يقول:(فضل وضوء المرأة) ولا يتفقون عليه. قال: ورواه التيمي، إلَّا أنَّه لم يسمه، قال: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، [والآثار الصحاح واردة بالإباحة])) (الإمام لابن دقيق 1/ 159) و (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 1/ 289 وما بين المعقوفين له). وذكره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 40) نحوه عن أحمد من رواية الأثرم.
وأجاب عن ذلك مغلطاي فقال: ((ويجاب عن قول أحمد، بأنَّ تفرد عاصم بالرفع لا يؤثر في صحة الحديث إذا وقفه ثقة غيره؛ بل يكون ذلك مقبولًا، وكونه ليس في كتاب غندر ليس قادحًا أيضًا؛ لأنَّ ابن جعفر لم يدع الإحاطة بجميع حديث شعبة، وقد رواه عن شعبة كرواية أبي داود موافقًا له، الربيع بن يحيى الأشناني فيما ذكره الطبراني في الكبير، وعبد الصمد بن عبد الوارث عند ابن بنت منيع في معجمه
…
)) وذكر كلامًا طويلًا، انظر:(شرح سنن ابن ماجه 1/ 290 - 291).
قلنا: ولم يتفرد عاصم برفعه، بل تابعه سليمان التيمي كما سبق بيانه.
وقال ابن عبد البر: ((الآثار في الكراهية في هذا الباب مضطربة لا تقوم بها حجة. والآثار الصحاح هي الواردة بالإباحة)) (الاستذكار 1/ 170).
وأما أبو عبد الله ابن منده فقال: ((هذا حديث لا يثبت من جهة السند)) (إكمال تهذيب الكمال 6/ 156).
قلنا: وفيه نظر ظاهر، فإن سنده جيد، لا مطعن فيه سوى المخالفة، وقد سبق الجواب عنها.
وقال مغلطاي: ((ويشبه أن يكون قول من صحَّح أرجح من قول من ضعَّف؛ وذلك أن الإسناد ظاهره السلامة من مضعف وانقطاع، وذلك يردُّ قول ابن منده)) (شرح ابن ماجه 1/ 289).
وقال النووي: ((ضعيف ضعَّفه أئمة الحديث منهم البخاري وغيره)) (شرح النووي على مسلم 4/ 3). وبنحوه في (المجموع 2/ 191).
وذكره النووي في فصل الضعيف من (خلاصته) وقال: ((قال الترمذي إنه حسن، وخالفه الجمهور)) (خلاصة الأحكام 1/ 200).
وأغرب ابن حجر؛ فقال: ((وأغرب النووي فقال اتفق الحفاظ على تضعيفه)) (فتح الباري 1/ 300).
وتوقف فيه البيهقي فقال: ((وحديث أبي حاجب، عن الحكم، إِنْ كان صحيحًا، فمنسوخ بإجماع الحجة على خلافه)) (معرفة السنن والآثار 1/ 497). وأشار إلى إعلاله بالوقف في (السنن 2/ 90).
فتعقبه ابن التركماني فقال: ((والحكم للرافع؛ لأنَّه زاد، والراوي يفتي بالشئ ثم يرويه مرة أخرى ولهذا أخرج أبو حاتم ابن حبان هذا الحديث في صحيحه مرفوعًا)) (الجوهر النقي 1/ 192).
وقال الألباني: ((وهذا ليس بعلة فقد رفعه عنه ثقتان وهي زيادة يجب قبولها ولا يجوز هدرها)) (صحيح سنن أبي داود 1/ 143/ رقم 75).
[تنبيهان]:
الأول: ذكر ابن الجوزي في ((تحقيقه عن البخاري أنه قال: ((لا أرى حديث سوادة عن الحكم يصح)) ثم قال مُتعقبًا: ((أما قول البخاري فظنٌّ لم يذكر عليه دليلًا)) (التحقيق 1/ 48). وكذا قال غيره.
قلنا: وفيه نظر، لأنَّ قول البخاري هذا، قاله في (التاريخ الكبير 4/ 185) في ترجمة سوادة، قال:((سوادة بن عاصم أبو حاجب، العنزي، بصري. كنَّاه أحمد، وغيرُه. ويقال: الغفاري، ولا أراه يصحُّ)) اهـ. فظهر بذلك أنَّ قولَه: (لا أراه يصحُّ) إنما عنى به النسبة لا الحديث، وقد أشار إلى نحو ما قلنا مغلطاي في (شرح ابن ماجه 1/ 288).
الثاني: وقع في بعض الطرق (عن الأقرع الغفاري)، فظنَّه بعض أهل العلم أنه غير الحكم بن عمرو الغفاري.
كما وقع في بعضها (عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من غير تسمية.
فقد رواه ابن منده في الصحابة - كما في (الإصابة 1/ 211 - 212) - من طريق علي بن مسلم، عن أبي داود الطيالسي، به (عن الأقرع الغفاري).
فقال ابن منده: ((لا أعلم أحدًا سمَّاه غير هذا الرجل. ورويناه من طريق أبي داود قال فيه: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسمه)).
فتعقبه ابن حجر فقال: ((هذا الحديث معروف من طريق شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو الغفاري، كذلك رواه حفاظ أصحابه عنه.
وقد رواه يعقوب بن سفيان، عن ابن بشار، عن أبي داود بسنده، فقال: عن الحكم ابن عمرو- هو الأقرع -، فظهر أن الأقرع هو الحكم بن عمرو،
وتضمن ذلك الردّ على ابن منده في زعمه، تفرد علي بن مسلم بتسميته. وقد سمَّاه غيره عن شعبة أيضًا.
قال ابن شاهين: حدثنا أحمد بن محمد بن عصمة، قال: حدثنا أحمد بن عمر بن بسطام بمرو، قال: حدثنا خلف بن عبد العزيز، قال: أخبرني أبي، عن جدي، عن شعبة، عن عاصم، عن أبي حاجب، قال: حدثنا الأقرع الغفاري فذكره.
قال ابن شاهين: أحسبه وهمًا من بعض الرواة، كذا قال)) (الإصابة 1/ 211 - 212).
رِوَايةٌ بالشَّكِ: (بِفَضْلِ وَضُوئِهَا، أَوْ فَضْلِ سُؤْرِهَا):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا حَاجِبٍ يُحَدِّثُ عَنِ الْحَكَمِ الْغِفَارِيِّ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ المَرْأَةِ - أَوْ قَالَ: بِسُؤْرِهَا (شَرَابِهَا) -)) [لَا يَدْرِي أَبُو حَاجِبٍ أَيُّهُمَا قَالَ: (بِفَضْلِ وَضُوئِهَا، أَوْ فَضْلِ سُؤْرِهَا)].
[الحكم]:
إسناده جيد.
[التخريج]:
[ت 65 ((واللفظ له)) / حم 17865 ((والرواية الثانية له)) / علت 32/ طح (1/ 23) ((والزيادة له)) / تخث (السفر الثاني 478) / قط 142 ((والرواية الأولى له)) / صبغ 478/ استذ (1/ 170)].
[السند]:
قال (أحمد): حدثنا عبد الصمد، حدثنا شعبة، حدثنا عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم الغفاري، به.
ورواه (الترمذي): عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، عن شعبة، به.
ورواه (الطحاوي) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، عن شعبة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد جيد كسابقه، وقد ورد الشك بين فضل طهورها - (المفسر بما بقي من وضوئها) - وفضل سؤرها - (المفسر بما بقي من شرابها)
(1)
- في رواية زيد بن أخزم ومحمود بن غيلان، كما ورد أيضًا في غير رواية الطيالسي.
وجاء الحديث عند الطيالسي في مسنده بلا شك إلَّا أنه قال فيه: ((عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ((ولم يسمه، وقد رواه عنه أحمد في المسند بلا شك أيضًا وقال فيه: ((عن الحكم بن عمرو)) مثل رواية أصحاب السنن.
وقد توبع عليه كلًّا من الطيالسي وشعبة وعاصم، أما الطيالسي فتابعه عبد الصمد، ووهب بن جرير:
فرواه (أحمد) عن وهب بن جرير، عن شعبة، به، وجزم وهب في روايته
(1)
وقد فسَّر العلامة أحمد شاكر رواية ((فضل سؤرها)) بأن المقصود به فضل طهورها، حيث إنَّ السؤر في الأصل هو ما بقي من الماء (سنن الترمذي 1/ 93) - فيكون الخلاف حينئذٍ لفظي -، ولكن هذا يرده رواية زيد بن أخزم عند الدارقطني المصرحة بأن الشك بين فضل الوضوء وفضل الشراب، وورد صريحًا أيضًا في رواية وهب عن شعبة عند البيهقي.
بسؤر المرأة.
ورواه (أحمد) أيضًا عن عبد الصمد بن عبد الوارث، عن شعبة، به، وقال فيه:((لَا يَدْرِي بِفَضْلِ وَضُوئِهَا، أَوْ فَضْلِ سُؤْرِهَا))، وهذا الذي لا يدري سمَّاه عبد الوهاب بن عطاء - في روايته عن شعبة - ((أبا حاجب)) وسمَّاه وهب بن جرير - في روايته عند البيهقي كما سيأتي - ((عاصمًا)).
وأما شعبة فتابعه قيس بن الربيع وستأتي روايته.
وأما عاصم فتابعه سليمان بن طرخان التيمي، وقال في روايته:((عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم). رواه (الترمذي 64) من طريق سفيان الثوري، عن سليمان، به.
وتوبع عليه سفيان، تابعه غندر عند (أحمد)، ويزيد بن زريع عند (الطبراني) وحماد بن سلمة عند (ابن أبي عاصم)، وابن علية عند (ابن أبي شيبة)، وشعبة عند (البيهقي).
رِوَايةٌ بلفظ: (نَهَى أَوْ كَرِهَ فَضْلَ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ):
• وَفي رِوَايةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَوْ كَرِهَ فَضْلَ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ)).
[الحكم]:
إسناده جيد، بلفظ (نَهَى) من غير شك.
[التخريج]:
[مث 2922].
[السند]:
قال (ابن أبي عاصم): حدثنا هدبة بن خالد، نا حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد جيد كما سبق. ولكن المحفوظ فيه بلفظ: (نَهَى) من غير شك.
رِوَايةٌ بِلفظِ (سُؤْرِ) مِنْ غَيرِ شَكٍ:
• وفي رِوَايةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ مِنْ سُؤْرِ الْمَرْأَةِ)).
[الحكم]:
إسناده جيد.
[التخريج]:
[حم 17863/ طب (3/ 210/ 3155، 3157) / طح (1/ 24/ 81) / طهور 193/ هق 932/ تخث (السفر الثاني 475) / صحا 1901/ قا (1/ 209 - 210) / لا 786].
[السند]:
قال (أحمد): حدثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم، به.
ورواه (البيهقي) من طريق إبراهيم بن مرزوق، عن وهب، به.
ورواه (الطبراني) عن محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كريب، ثنا وكيع، عن سفيان، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد جيد كما سبق، وقد جزم وهب في روايته بالنهي عن الوضوء بسؤر المرأة، ورواه عبد الصمد بن عبد الوارث وعبد الوهاب بن عطاء كلاهما، عن شعبة، بالشك بين (فضل وضوئها) و (فضل سؤرها)، وكذلك في رواية زيد بن أخزم وابن غيلان عن الطيالسي؛ كما سبق بيانه.
رِوَايةُ: ((قِيلَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَةً تَوَضَّأَتْ مِنْهُ، فَكَرِهَ ذَلِكَ)):
• وفي رِوَايةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَتَوَضَّأَ مِنْ إِنَاءٍ فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَةً تَوَضَّأَتْ مِنْهُ، فَكَرِهَ ذَلِكَ)).
[الحكم]:
منكر بهذا اللفظ.
[التخريج]:
[صحا 6546].
[السند]:
قال (أبو نعيم): حدثنا أبو محمد بن حيان، ثنا أبو يعلى، ثنا المقدمي، ثنا سعيد بن عامر، ثنا سعيد، عن سليمان التيمي، ثنا شعبة، عن أبي حاجب، عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسناد خطأ والمتن منكر، ورجاله ثقات إلَّا أنَّ سعيد شيخ سعيد بن عامر هو ابن أبي عروبة، وكان قد اختلط، ويبدو أنَّ هذا من تخليطه، فالتيمي لا يرويه عن شعبة وإنما يرويه عن أبي حاجب، وشعبة يرويه عن عاصم عن أبي حاجب بلفظ:((نَهَى عَنِ الوُضُوءِ بِفَضْلِ المرأَةِ)) كما تقدَّم.
ثم قال أبو نعيم: ((رواه حماد بن سلمة، عن سليمان، نحوه)) اهـ.
قلنا: تقدَّمت رواية حماد على الصواب بغير هذا اللفظ فراجعها.
86 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ)).
[الحكم]:
صحيح المتن، وإسناده معلول، الصواب أنه من حديث الحكم بن عمرو كما سبق.
[التخريج]:
[ميمي 495/ علقط 1567 ((معلقًا)) / فقط (أطراف 5517) ((واللفظ له))].
[السند]:
قال (ابن أخي ميمي): حدثنا ابن أبي حرب، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا أبو كدينة، قال: حدثنا أبو المعتمر سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن أبي هريرة، به.
وذكره الدارقطني في (العلل)، وفي (الأفراد) عن أبي كدينة، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
قال الدارقطني: ((تفرَّد به أبو كدينة عن سليمان التيمي، وأسنده عن أبي هريرة)) (أطراف الأفراد 5423).
قلنا: وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب من رجال البخاري، وثقه ابن معين والنسائي وغيرهما، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال:((ربما أخطأ)) (تهذيب التهذيب 11/ 289).
وقد أخطأ في هذا الحديث على سليمان التيمي؛ حيث خالف الثقات الأثبات من أصحاب سليمان التيمي، فرواه عنه، عن أبي حاجب، عن أبي هريرة.
ورواه (غندر، وسفيان الثوري، وابن علية، ويزيد بن زريع، والمعتمر) كلُّهم، عن سليمان التيمي، عن أبي حاجب، عن الحكم الغفاري، به، وقد سبق تخريجه.
ولذا قال الدارقطني: ((رواه أبو كدينة عن سليمان التيمي عن أبي حاجب عن أبي هريرة، وذلك وهم، وإنما رواه أبو حاجب عن الحكم بن عمرو الغفاري)) (العلل 4/ 220).
[تنبيه]:
قال ابن عبد البر: ((ورواه أبو عوانة عن داود الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي هريرة؛ فأخطأ فيه)) (الاستذكار 1/ 296).
قلنا: ولم نقف عليه، وقد قال مغلطاي:((وزعم أبو عمر ابن عبد البر أنَّ أبا عوانة رواه عن داود، عن حميد، عن أبي هريرة؛ فأخطأ فيه)) (شرح ابن ماجه 1/ 294).
87 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ رضي الله عنه قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، وَلَكِنْ يَشْرَعَانِ جَمِيعًا)).
[الحكم]:
صحيح المتن بما سبق، وإسناده معلول، أعلَّه البخاري، وابن ماجه، والأثرم، والدارقطني، وتبعهم البيهقي، وابن الجوزي، وعبد الحق الإشبيلي، والنووي، وابن عبد الهادي.
وأشار إلى إعلاله البزار والطبراني وغيرهما.
[التخريج]:
[جه 378 ((واللفظ له))، (زيادات القطان 46) / عل 1564/ طس 3741/ قط 417/ طح (1/ 23) / ناسخ 53/ مفا 76/ سرج 1433/ هق 936/ محلى (1/ 212) / قا 508/ تحقيق 23/ فيري 43/ نهي (إمام 1/ 159، 162)].
[السند]:
قال (ابن ماجه): حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا المعلى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيز بن المختار قال: حدثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، به.
ورواه (أبو يعلى، والبيهقي، والقاضي) من طريق إبراهيم بن الحجاج السامي، عن عبد العزيز بن المختار، به.
ورواه (الباقون) من طريق معلى بن أسد، عن عبد العزيز بن المختار، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، ظاهره الصحة، إلَّا أنه معلول بأمرين:
الأول: أنَّ المحفوظ عن عاصم الأحول، عن أبي حاجب، عن الحكم الغفاري كما سبق.
ولهذا قال ابن ماجه عقبه: ((الصحيح هو الأول، والثاني وهم)).
قال المزي: ((يعني أن الصواب حديث عاصم، عن أبي حاجب، عن الحكم بن عمرو)) (تحفة الأشراف 4/ 350).
وأشار إلى هذا العلة البزار بقوله: ((لا نعلم أسنده، عن عاصم، عن ابن سرجس إلَّا عبد العزيز)) (شرح ابن ماجه 1/ 292).
وقال الطبراني أيضًا: ((لم يروِ هذا الحديث عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس إلَّا عبد العزيز بن المختار، تفرَّد به: معلى بن أسد. ورواه غيره، عن عاصم الأحول، عن سوادة بن عاصم، عن الحكم بن عمرو الغفاري)) (المعجم الأوسط 4/ 111).
وقال الذهبي: ((سنده جيد؛ قد أخرجه ابن ماجه، لكن المحفوظ لعاصم حديثه عن أبي حاجب)) (تنقيح التحقيق 1/ 17).
الثاني: أنه قد رُوِيَ عن عاصم عن عبد الله بن سرجس موقوفًا بغير هذا اللفظ.
فقد رواه الدارقطني في (السنن 418) - ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 937) - عن الحسين المحاملي، عن الحسن بن يحيى، عن وهب بن جرير، عن شعبة، عن عاصم، عن عبد الله بن سرجس قال: ((تَتَوَضَّأُ المَرْأَةُ وَتَغْتَسِلُ مِنْ فَضْلِ غُسْلِ الرَّجُلِ وَطَهُورِهِ، وَلا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ بِفَضْلِ غُسْلِ المَرْأَةِ، وَلا
طَهُورِهَا)).
وهذا إسناد جيد؛ رجاله ثقات، عدا الحسن بن يحيى فصدوق كما في (التقريب 1290).
ورواه أبو عبيد في (الطهور 194) عن علي بن معبد، عن عبيد الله بن عمرو، عن مَعْمَر، عن عاصم بن سليمان، عن عبد الله بن سرجس، أنه قال: أترون هذا الشيخ - يعني نفسه -، فإنه قد رأى نبيكم صلى الله عليه وسلم وأكل معه، قال عاصم: فسمعته يقول: ((لَا بَأْسَ أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِنَ الجَنَابَةِ، مِنَ الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ، فَإِنْ خَلَتْ بِهِ فَلَا تَقْرَبْهُ)).
وهذا سند صحيح موقوف صرَّح فيه عاصم بأنَّه سمع ابن سرجس يقوله موقوفًا.
ولذا قال البخاري: ((حديث عبد الله بن سرجس في هذا الباب هو موقوف ومن رفعه فهو خطأ)) (العلل الكبير للترمذي 1/ 40).
وقال الدارقطني - عقب الرواية الموقوفة -: ((وهذا موقوف، وهو أولى بالصواب)) (السنن 1/ 210).
وتبعهما: البيهقي في (السنن 2/ 92)، وفي (المعرفة 1494)، وابن الجوزي في (ناسخ الحديث ص 163)، وعبد الحق الإشبيلي في (الأحكام الكبرى 1/ 508)، والنووي في (خلاصة الأحكام 1/ 200)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 43).
وقال ابن القيم - بعد ذكره رواية أبي عبيد الموقوفة -: ((فهذا هو الذي رجَّحه البخاري ولعلَّ بعض الرواة ظنَّ أنَّ قولَه فسمعته يقول من كلام عبد الله بن سرجس فوهم فيه وإنما هو من قول عاصم بن سليمان يحكيه عن عبد الله))
(حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 1/ 103).
وقال ابن دقيق العيد: ((وحاصل ما يعتلُّ به على هذا الحديث وجوه:
الأول: الوقف؛ ذكر الأثرم أنه لم يرفعه الناس إلَّا ابن المختار وحدَه، وخالفه الناس فأوقفوه. قال: وفيه علّة أخرى: أنَّ الذين أوقفوه لم يذكروا الكراهية للمرأة أنَّ تتوضأ بفضل الرجال)) (الإمام 1/ 159).
وأبعدَ النُّجعة
(1)
ابن القطان فقال: ((وعندي أنَّ عبد العزيز بن المختار قد رفعه وهو ثقة، ولا يضرُّه وقف من وقفه.
ولكن شيخ الدارقطني فيه وهو عبد الله بن محمد بن سعيد لا تعرف حاله، وهو أبو محمد المقرئ، المعروف بابن الجمال، وقد ذكره الخطيب وعرف برواته وتاريخ وفاته، غير حاله فلم يعرض لها ولعله سيوجد فيه تعريف بحاله، أو يوجد الحديث بإسناد غيره إلى عبد العزيز بن المختار.
فأما الآن فهو عندي غير صحيح، وأصحُّ منه وأولى بأن يكون في هذا الباب، حديث حميد بن عبد الرحمن)) (بيان الوهم والإيهام 5/ 225).
قلنا: وقد توبع عبد الله هذا، وتوبع شيخه أبو حاتم الرازي، وتوبع المعلى بن أسد. فعلى هذا يكون الحديث صحيحًا عند ابن القطان، ولا يسلم له في ذلك، لأنَّ من شروط الصحيح أن يكون سالمًا من الشذوذ والعلة، وهذا الحديث معلول، كما بينَّاه.
وبمثل هذا أيضًا يُرَدُّ على الألباني فإنَّه قال: ((إسناده صحيح على شرطهما .. )) (صحيح أبي داود 1/ 144). وردَّ على إعلاله بنحو كلام
(1)
قال الجوهري: ((والنُجْعَةُ بالضم: طلب الكلا في موضعه)) (الصحاح 3/ 1288).
ابن القطان. وكلام أئمة العلل أولى بالاتباع.
وقال مغلطاي بعد ذكر كلام الأئمة في إعلاله: ((وخالف ذلك ابن حزم فصحَّحه مرفوعًا)) (شرح ابن ماجه 1/ 292).
88 -
حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ:
◼ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَأَهْلُهُ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَغْتَسِلُ أَحَدُهُمَا بِفَضْلِ صَاحِبِهِ (الْآخَرِ))).
[الحكم]:
ضعيف بهذا التمام، وضعَّفه الأثرم، وابن الجوزي، والبوصيري، والألباني.
والفقرة الأولى في الصحيحين من حديث عائشة وغيرها.
[التخريج]:
[جه 379 ((واللفظ له)) / حم 572/ ش 381/ بز 846 ((والرواية له))].
[السند]:
رواه (ابن ماجه) عن محمد بن يحيى الذهلي.
ورواه (البزار) عن يوسف بن موسى.
كلاهما (الذهلي، ويوسف) عن عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، به.
ورواه (ابن أبي شيبة) عن عبيد الله بن موسى به دون الفقرة الأخيرة في الاغتسال بفضل الزوجة.
ورواه (أحمد) عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن إسرائيل به دون الفقرة الأخيرة أيضًا.
قال البزار: ((وهذا الحديث لا نعلمه يُروَى عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلَّا من هذا الوجه)).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الحارث وهو ابن عبد الله الأعور؛ وهو ضعيف، قال الحافظ:((في حديثه ضعف، كذَّبه الشعبى في رأيه، ورُمي بالرفض)) (التقريب 1029).
الثانية: عنعنة أبي إسحاق السبيعي، وهو مدلس. بل ذكر أبو بكر الأثرم ((أنه لم يسمعه أبو إسحاق من الحارث، والحارث لا يحتجُّ به)) (الإمام لا بن دقيق العيد 1/ 163)، و (شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي 1/ 294).
ولذا قال ابن الجوزي: ((الحديث لا يحتجُّ به)) (ناسخ الحديث ص 163).
وأعلَّه البوصيري بالحارث، فقال:((هذا إسناد ضعيف؛ الحارث هو الأعور كذَّبه ابن المديني وغيرُه، .. والمتن في البخاري من حديث نافع، عن ابن عمر، وفي الصحيحين من حديث عائشة)) (مصباح الزجاجة 1/ 56).
قلنا: وإطلاقه القول بأنَّ المتن في الصحيحين ليس بصواب، فإنَّ الذي في الصحيحين الفقرة الأولى فقط.
والحديث ضعَّفه الألباني في (ضعيف سنن ابن ماجه 375).
وسُئل الدارقطني عنه، فقال: ((يرويه إسرائيل، عن أبي إسحاق مرفوعًا. ووقفه صبَّاح بن يحيى المزَني، وغيرُه، عن أبي إسحاق. وحديث إسرائيل أولى بالصواب.
وقيل: عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، ولا يصحُّ)) (العلل 3/ 165/ 331).
89 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، قَالَ:((لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ تَخْلُ بِهِ، فَإِذَا خَلَتْ بِهِ فَلَا تَتَوَضَّأْ بِفَضْلِ وَضُوئِهَا)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا، ويبدو أنه موضوع.
[التخريج]:
[عد (7/ 341 - 342)].
[السند]:
قال (ابن عدي): ثنا حمزة بن إسماعيل الطبري، ثنا الحسين بن نصر، ثنا خلف بن واصل، عن أبي نعيم عمر بن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن مسلم بن صبيح، عن مسروق، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه علتان:
الأولى: عمر بن صبح أبو نعيم السمرقندي؛ قال فيه الحافظ: ((متروك، كذَّبه ابن راهويه)) (التقريب 4922).
وبه أعلَّ الحديث غيرُ واحد:
فذكره ابن عدي في مناكيره، مع جملة من حديثه، ثم قال:((ولعمر بن صبح غير ما ذكرت من الحديث وعامة ما يرويه غير محفوظ لا متنًا ولا إسنادًا)) (الكامل 7/ 343).
وتبعه ابن طاهر المقدسي في (ذخيرة الحفاظ 3/ 1441)، ومغلطاي في
(شرح سنن ابن ماجه 1/ 294).
وقال عبد الحق الإشبيلي - عقب الحديث -: ((وعمر بن صبح
(1)
هذا متروك الحديث)) (الأحكام الوسطى 1/ 161).
الثانية: خلف بن واصل؛ متهم بالوضع. انظر: (اللسان 3/ 373)، و (تنزيه الشريعة 1/ 58).
(1)
تصحَّفت في المطبوع إلى: ((صبيح)).
90 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ [تَدْخُلُ يَدَهُ وَيَدِي جَمِيعًا] فَإِنْ سَبَقَنِي لَمْ أَقْرَبْهُ، وَإِنْ سَبَقْتُهُ [إِلَى الإِنَاءِ] لَمْ يَقْرَبْهُ)).
[الحكم]:
ضعيف منكر بهذا التمام، وقد صحَّ أنَّه صلى الله عليه وسلم وعائشة كانا يغتسلان من إناء واحد ويتبادران الأخذ من الإناء ويتقدمها النبي صلى الله عليه وسلم في الأخذ منه
(1)
.
[التخريج]:
[غيل 576 ((واللفظ له)) / طعطا 10 ((والزيادتان له)) / كر (34/ 190) / سلفي 20/ مغلطاي (1/ 300 - 301)].
[السند]:
رواه (أبو بكر الشافعي) - ومن طريقه ابن عساكر، وأبو طاهر السلفي، ومغلطاي - قال: حدثني عبد الرحمن بن إسحاق الدمشقي ويعرف بابن الضامدي بمكة في مسجد الحرام، قال: ثنا محمد، ثنا مروان، ثنا ابن لهيعة، ثنا عطاء بن خباب المكي، عن القاسم، عن عائشة، به.
ورواه (الطبراني) من طريق الوليد بن مسلم، عن ابن لهيعة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف، فيه علتان:
الأولى: ابن لهيعة وهو ضعيف، لا سيّما في غير رواية العبادلة، وستأتي
(1)
انظر باب: ((غسل الجنب مع امرأته)) من هذه الموسوعة المباركة.
ترجمته موسعة في باب: ((ما رُوِيَ في أنَّ بقاء أثر دم الحيض في الثوب لا يضرُّ)).
الثانية: عطاء بن خباب هذا في عداد المجهولين، ترجم له البخاري في (التاريخ الكبير 6/ 473/ 3022) فقال:((عطاء بن خباب المكي عن القاسم)) اهـ، ولم يزد على هذا، وقال قبله في الترجمة (3021):((عطاء بن خباب عن أبيه روى عنه ابنه محمد)) اهـ، أما ابن أبي حاتم فجعلهما واحدًا (الجرح والتعديل 6/ 331/ 1843)، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 253/ 9936).
وقد أشار الطبراني إلى تفرُّدِ عطاء بن خباب بهذا اللفظ فقال: ((وقد روى هذا الحديث عن عائشة جماعة، ورواه عن القاسم بن محمد جماعة منهم الزُّهري، وأفلح بن حميد، وعيسى بن ميمون فلم يذكر هذه اللفظة، عن عائشة: ((فَإِنْ سَبَقْتُهُ إِلَى الْإِنَاءِ لَمْ يَقْرَبْهُ))، إلَّا عطاء بن خباب)) اهـ.
والمحفوظ في هذا الحديث ما رواه الشيخان [(البخاري 261)، و (مسلم 321)] عن عائشة، قالت:((كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ إِنَاءٍ وَاحِدٍ، تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ)). زاد مسلم: ((فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لِي، دَعْ لِي)).
وفي رواية عند (النسائي 237) - بسند صحيح -: ((نَغْتَرِفُ مِنْهُ جَمِيعًا)).
91 -
حَدِيثٌ ثَالثٌ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قالت:((وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَاءً، وأَدْخَلْتُ يَدِي فِيهِ، فَلَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْهُ)).
[الحكم]:
منكر، وإسناده ضعيف جدًّا، قال ابن رجب:((منكر، لا يصحُّ)).
[التخريج]:
[بقي (رجب 1/ 281، 282)].
[السند]:
رواه بقي بن مخلد في (مسنده) - كما في ((فتح الباري)) لابن رجب - من طريق سويد بن عبد العزيز الدمشقي، عن نوح بن ذكوان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: نوح بن ذكوان، قال أبو حاتم:((ليس بشيء، مجهول)) (الجرح والتعديل 8/ 485)، وقال ابن حبان:((منكر الحديث جدًّا، يجب التنكب عن حديثه، لما فيه من المناكير ومخالفة الأثبات)) (المجروحين 2/ 388 - 389 بتصرف يسير)، وقال الساجي:((يُحدِّث بأحاديث بواطيل)) (ت التهذيب 10/ 484)، وقال الحافظ ابن حجر:((ضعيف)) (التقريب 7206).
الثانية: سويد بن عبد العزيز، قال فيه أحمد:((متروك الحديث))، وقال ابن معين والنسائي:((ليس بثقة))، وقال البخاري: ((في حديثه نظر لا
يحتمل)) (التهذيب 12/ 258 - 260)، وقال الحافظ ابن حجر:((ضعيف)) (التقريب 2692).
ولذا قال ابن رجب: ((هذا منكر، لا يصحُّ، وسويد ونوح ضعيفان)) (الفتح 1/ 282).