الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 - بَابُ التَّطَهُّر بالنَّبيذِ
127 -
حَدِيثُ عَائشَةَ:
◼ عَنْ عَائشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْبِتْعِ، وَهُوَ نَبيذُ العَسَل، وَكَانَ أَهلُ اليَمَن يَشرَبُونَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:((كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ فَهُوَ حَرَامٌ)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[الفوائد]:
بوب البخاري على هذا الحديث في صحيحه: ((باب لا يجوز الوضوء بالنبيذ، ولا المسكر)).
قال الحافظ في (الفتح): ((ووجه احتجاج البخاري به في هذا الباب أنَّ المسكر لا يحلُّ شُربه وما لا يحلُّ شُربه لا يجوز الوضوء به اتفاقًا، والله أعلم)) (فتح الباري 1/ 354).
وقال البيهقي: ((وفيه دلالة على أن النبيذ الذي يسكر كثيره حرام، وما كان حرامًا في نفسه لا بحرمة مالكه، لم تصحَّ به الطهارة)) (معرفة السنن والآثار 1/ 236).
[التخريج]:
[خ 242، 5585، 5586 ((واللفظ له)) / م 2001/ د 3634، 3635
/ ت 1973/ ن 5636 - 5639/ كن 5293 - 5296، 6986/ جه 3408/ طا 2451/ حم 24082، 24652، 25572، 25891/ مي 2124/ حب 5379، 5405، 5406، 5427، 5431/ عب 18071/ طي 1581/ ش 24207/ حمد 283/ عل 4523/ أم 2784، 2856/ شف 1539، 1540/ ثو 565/ طاو 32/ جا 867/ حق 808، 1066، 1067/ عه 8373 - 8383/ طش 1746/ قط 4637 - 4639/ هق 23، 17435، 17436، 17447/ هقغ 3416/ هقع 514، 17301، 17302/ شعب 5185/ طح (4/ 216، 217) / مشكل 4968 - 4971/ تمام 1007/ معقر 971/ بغ 3008، 3009/ بغت (1/ 251) / فز 229، 230/ خلال 94/ زهر 350/ غبز 17 - 20/ طهم 76/ شحم 1، 2، 42/ عق (1/ 191) / عد (5/ 134 - 135) / تمهيد (7/ 124 - 125) / سخ (1/ 154) / بغز 188/ سفر 610/ حلب (3/ 1128) / متشابه (1/ 339) / بشن 1572/ مطغ 149/ مقرئ (مالك 8، 9) / مرتب (ص: 248 - 249) / ناظر (ص 37) / عط (شحامي 41)].
[السند]:
أخرجه البخاري (5586) قال: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزُّهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أنَّ عائشة رضي الله عنها، قالت:
…
فذكره.
أبو اليمان: هو الحكم بن نافع.
وشعيب: هو ابن أبي حمزة.
وسيأتي الحديث برواياته وشواهده في ((كتاب الأشربة)) - إن شاء الله -.
128 -
حَدِيثُ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ:
◼ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ لَيلَةُ الجِنِّ تَخَلَّفَ منهُم رَجُلَانَ وَقَالَا: نَشْهَدُ الفَجْرَ مَعَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ ليَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَمَعَكَ مَاءٌ؟ )) قُلتُ: لَيسَ مَعِيَ مَاءٌ، وَلَكِنْ مَعِيَ إدَاوَةٌ فِيهَا نَبِيذٌ، فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ))، فَتَوَضَّأَ، [ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ].
[الحكم]:
ضعيف باتفاقٍ، ضعَّفه: أبو عبيد القاسم بن سلام، والحسين الكرابيسي (صاحب الشافعي)، والبخاري، وأبو حاتم، وأبو زُرْعَةَ، والترمذي، وابن المنذر، وابن حبان، وابن عدي، والدارقطني، والبيهقي، وابن عبد البر، وابن حزم، والبغوي، والمنذري، والنووي - ونقل الإجماع على ذلك -، والغساني، والذهبي، وابن الملقن، وابن حجر، والألباني.
وقال الحافظ موسى بن هارون: باطل موضوع.
[الفوائد]:
قال البغوي: ((هذا حديث غير ثابت،
…
ولئن ثبت، لم يكن ذاك نبيذًا متغيرًا، بل كان ماءً مُعدًّا للشُّرب، نُبِذَ فيه تمرات لتجتذب ملوحته، يدلُّ عليه أن الله تعالى قال:{فلم تجدوا ماء فتيمموا} ، نقل من الماء عند عدمه إلى التيمم، فلا يجوز أن يتخللهما شيء آخر)) (شرح السنة 2/ 64).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((هذا الحديث قد ضعَّفه جماعة من الحفاظ، ثم إنْ صحَّ فلعلَّه كان ماء قد طُرح فيه تمرات تزيل ملوحته بدليل قوله: ((تَمرَةٌ طَيبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ)). ثم هو منسوخ بآية المائدة التي فرض فيها التيمم عند عدم الماء، فإنَّ قصة الجنِّ كانت بمكة في أول الإسلام)) (شرح عمدة الفقه 1/ 61).
[التخريج]:
[د 83 ((مختصرًا)) / ت 89/ جه 388/ حم 3810، 4296 ((واللفظ له))، 4301، 4381 مطولًا جدًّا/ عب 701 ((والزيادة له)) / ش 264/ مش 300/ عل 5301/ طب (10/ 63 - 66/ 9962 - 9967) / طهور 264/ منذ 172/ طح (1/ 95) / غر 205/ قط 252/ هق 26/ هقع 516/ طوسي 71/ علج 587/ تحقيق 30، 31/ شا 822، 827، 828/ ناسخ 94/ عد (6/ 118)، (10/ 742 - 744) / مجر (2/ 514) / معر 727/ شيو 311/ إمام (1/ 172) / كما (33/ 333)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رِوَايةُ: كُنْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ
• وفي رِوَايةٍ: قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ فَأَتَاهُم فَقَرَأَ عَلَيهمُ القُرآنَ، فَقَالَ لي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بَعضِ الليلِ:((أَمَعَكَ مَاءٌ يَا ابنَ مَسْعُودٍ؟)). قُلتُ: لَا وَالله يَا رَسُولَ اللهِ، إِلَّا إدَاوَةً فِيهَا نَبيذٌ .... )). الحديث.
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[قط 250 ((واللفظ له)) / علج 589/ خط (8/ 596) / تحقيق 34].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: تَمرَةٌ حُلوَةٌ وَمَاءٌ عَذبٌ
• وفي رواية بلفظ: ((تَمرَةٌ حُلوَةٌ وَمَاءٌ عَذبٌ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا.
[التخريج]:
[قط 251/ خط (3/ 694) / تحقيق 35/ علج 590/ مغلطاي (1/ 304 - 305)].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رواية: أَمَعَكَ نَبِيذٌ
• وَفي رِوَايةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ خَطَّ حَوْلَهُ، فَكَانَ يَجيءُ أَحَدُهُم مثلُ سَوَادِ النَّخْلِ، وَقَالَ لِي:((لَا تَبْرَحْ مَكَانَكَ))، فَأَقْرَأَهُم كتَابَ اللهِ عز وجل، فَلَمَّا رَأَى الزُّطَّ، قَالَ:((كَأَنَّهُمْ هَؤُلَاءِ))، وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم:((أَمَعَكَ مَاءٌ؟)). قُلْتُ: لَا، قَالَ:((أَمَعَكَ نَبِيذٌ؟)) قُلتُ: نَعَم، فَتَوَضَّأَ بِهِ.
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[حم 4353 ((واللفظ له)) / معل 27 ((مقتصرًا على آخره)) / قط 246 - 248/ ناسخ 95/ تحقيق 33/ علج 588/ طيل 308].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
• وَفِي رِوَايةٍ: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ فَقَالَ لَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَبدَ اللهِ أَمَعَكَ مَاءٌ؟ )). قَالَ: مَعِي نَبِيذٌ في إِدَاوَةٍ. فَقَالَ: ((اصبُبْ عَلَيَّ))، فَتَوَضَّأَ.
قَالَ: فَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَبدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ شَرَابٌ وَطَهُورٌ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعَّفه البزار، والدارقطني، والذهبي، والألباني.
[التخريج]:
[حم 3782 ((واللفظ له)) / بز 1437/ طب (10/ 63/ 9961) / قط 243 - 244/ تحقيق 32].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رِوَايةُ: ثَمَرَةٌ طَيبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ:
• وَفِي رِوَايةٍ: عَنْ أَبي قُرَادَةَ، عن أَبي زَيدٍ، قَالَ: أَنبَأَنَا عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُودٍ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَقْرَأَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ، فَلْيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ غِشٍّ)) قَالَ: فَقُمتُ وَمَعي إِدَاوَةٌ، وفِيهَا نَبِيذٌ قَالَ: فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَضَيتُ، حَتَّى انتَهَينَا إلَى حَيثُ أَمَرَهُ اللهُ، فَخَطَّ عَلَيَّ خِطَّةً، ثُمَّ قَالَ:((إِنْ خَرَجتَ مِنْهَا لَم تَرَني وَلَم أَرَكَ)). قَالَ: وَمَضَى حَتَّى تَوَارَى عَنِّي، فَلَما طَلَعَ الفَجرُ جَاءَ فَوَجَدَني قَائمًا، فَقَالَ:((مَا شَأنُكَ قَائمًا؟)) قُلتُ: خَشيتُ أَنْ لَا تَرَاني وَلا أَرَاكَ أَبَدًا. قَالَ: ((مَا ضَرّكَ لَوْ قَعَدتَ)) وَقَالَ: ((مَا هَذَا مَعَكَ؟)) قُلتُ: نَبِيذٌ. قَالَ: ((هَات، ثَمَرَةٌ طَيبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ)) فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَامَ يُصَلي، وَقُمتُ مَعَهُ وَخَلفَهُ رَجُلان مِنَ الجِنِّ. فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَقبَلا عَلَيه يَسْأَلَانِهِ فَقَالَ:((مَا شَأنُكُمَا؟ أَلَم أَقضِ لَكُمَا وَلقَومكُمَا حَوَائجَكُم؟)) قَالا: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدنَا أَنْ يَشهَدَ مَعَكَ الصلاةَ بَعضُنَا، فَقَالَ:((فَمَن أَنتُمَا؟)) قَالا: من أَهل نَصيبينَ، قَالَ:((أَفلَحَ هَذَان وأفلَحَ قومهما)). ثُمَّ سَأَلا المُبَاحَ، فَقَالَ:((العَظمُ مُبَاحٌ لَكُم، وَالروَثُ عَلَفٌ لدَوَابكُم)). قَالَ عَبدُ الله بنُ مَسعُود: وَإنهُمَا لَيَجدانهمَا أَعظَمَ مَا كان وَأَطرَاهُ.
[الحكم]:
ضعيف.
[التخريج]:
[هق 27/ بر (درر ص 59 - 60)].
[التحقيق]:
وهذا الحديث يُروى عن ابن مسعود من عدة طرق:
الطريق الأول: عن أبي زيد عنه:
أخرجه (عبد الرزاق 701) - وعنه (أحمد 1/ 449) -: عن سفيان الثوري، عن أبي فزارة العبسي، قال: ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود رضي الله عنه، به.
وأخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 264)، وفي (المسند 300)، وأبو عبيد في (الطهور 264)، و (أبو داود 83)، و (الترمذي 89)، و (ابن ماجه 388)، وأحمد (3810، 4296، 4301)، وأبو يعلى في (المسند 5301)، والنسائي في (الإغراب 205) - ومن طريقه ابن دقيق العيد في (الإمام 1/ 172) -، وابن المنذر في (الأوسط 173)، والطبراني في (الكبير 10/ 63 - 66/ 9962 - 9967)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 572)، والبيهقي في (السنن 26، 27) وفي (المعرفة 516)، والطوسي في (مستخرجه على الترمذي 71)، والشاشي في (مسنده 822، 827، 828) وابن شاهين في (ناسخ الحديث 94)، وابن عدي في (الكامل 6/ 118) و (10/ 742 - 744)، وابن حبان في (المجروحين 2/ 514)، وابن الأعرابي في (معجمه 727)، وقاضي المرستان في (مشيخته 311)، وابن الجوزي في (العلل المتناهية 587)، وفي (التحقيق 30، 31)، والمزي في (التهذيب 33/ 333) كلُّهم من طريق أبي فزارة، عن أبي زيد، به.
وهذا إسناد ضعيف، ومتنه منكر.
فأما سنده؛ ففيه: أبو زيد مولى عمرو بن حريث، وهو مجهول باتفاقٍ؛
نصَّ على جهالته: البخاري، وأبو زُرْعَةَ وأبو حاتم وغيرهم، ولم يروِ عنه غير أبي فزارة، ولم يروِ غير هذا الحديث، الذي استنكروه عليه - كما سيأتي - ولذا قال ابن عبد البر:((اتفقوا على أنَّ أبا زيد مجهول، وحديثُه منكر)) (تهذيب التهذيب 12/ 103).
وأما نكارة متنه؛ فلمخالفته الثابت عن ابن مسعود أنه لم يكن ليلةَ الجنِّ مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ ففي صحيح مسلم (450) عن عَلْقَمَةَ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: ((لَا)).
وفي رِوَايةٍ عند مسلم أيضًا: عن علقمة، عن عبد الله قال:((لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ)).
وحديث علقمة هذا، قال عنه البيهقي:((اتفق العلماء على صحته)) (الخلافيات 1/ 179).
وبهاتين العلتين أعلَّه جماعة من أهل العلم:
فقال أبو عبيد القاسم بن سلام: ((وأما الذي رُوِيَ عن ابن مسعود في ليلة الجِنِّ فإنَّا لا نثبته من أجل أن الإسناد فيه ليس بمعروف. وقد وجدنا - مع هذا - أهلَ الخبرة والمعرفة بابن مسعود ينكرون أن يكون حضر في تلك الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: ابنه أبو عبيدة بن عبد الله، وصاحبه علقمة بن قيس)) (الطهور: ص 317).
وقال البخاري: ((أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثَمَرَةٌ طَيبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ)) رجل مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله. وروى علقمة عن عبد الله: أنه قال: لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) (الكامل لابن عدي 7/ 291).
وقال أبو حاتم وأبو زُرعَة: ((هذا حديث ليس بقوي؛ لأنه لم يروه غير أبي فزارة عن أبي زيد، وأبو زيد شيخ مجهول لا يُعرف. وعلقمة يقول: لم يكن عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فوددتُ أنه كان معه)) (علل ابن أبي حاتم 99).
وقال أبو زُرعَة: ((حديث أبي فزارة ليس بصحيح، وأبو زيد مجهول)) (علل ابن أبي حاتم 1/ 419). زاد في (الجرح والتعديل 9/ 373): ((
…
لا يُعرف، ولا أعرف اسمه)).
وقال الترمذي: ((وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا تُعرف له رواية غير هذا الحديث)) (السنن 1/ 331).
وقال ابن المنذر: ((ودفع هذا الحديث غير واحد من أصحابنا، وقالوا: حديث ابن مسعود لا يثبت؛ لأنَّ الذي رواه أبو زيد، وهو مجهول لا يُعرف بصحبة عبد الله، ولا بالسماع منه. ولا يجوز ترك ظاهر الكتاب وأخبار النبي صلى الله عليه وسلم لرواية رجل مجهول مع أنَّ علقمة قد أنكر أن يكون عبد الله كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجنِّ)) (الأوسط 1/ 362).
وقال الحاكم أبو أحمد: ((رجل مجهول لا يوقف على صحة كنيته ولا اسمه، ولا يُعرف له راويًا غير أبي فزارة ولا رواية من وجه ثابت إلَّا هذا الحديث الواحد)) (تهذيب الكمال 7375).
وقال ابن حبان: ((أبو زيد: يروى عن ابن مسعود ما لم يتابع عليه، ليس يُدرى من هو؛ لا يُعرف أبوه ولا بلده. والإنسان إذا كان بهذا النعت ثم لم يروِ إلَّا خبرًا واحدًا خالف فيه الكتاب والسنة والإجماع والقياس والنظر والرأى يستحق مجانبته فيها ولا يحتجُّ به)) (المجروحين 2/ 514).
وقال ابن عدي: ((وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول والحديث ضعيف لأجل أبي زيد هذا)) (الكامل 4/ 119).
وزاد في موضع آخر: ((
…
ولا يصحُّ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف القرآن)) (الكامل 10/ 744).
وقال موسى بن هارون الحافظ: ((هذا عندنا حديث باطل، ولا نعلم أحدًا رواه عن ابن مسعود إلَّا أبو زيد هذا، وهو مجهول، والحديث عندنا موضوع، لأنَّ عبد الله لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجِنِّ، وهو رحمه الله يقول: لم يصحبه منا أحد)) (تذكرة المحتاج لابن الملقن ص 76).
وقال البيهقي: ((قد رُوِيَ من أوجه كلّها ضعيف، وأشهرها رواية أبي زيد، مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، وقد ضعَّفها أهل العلم بالحديث)) (معرفة السنن والآثار 515).
وقال (في الخلافيات): ((ومما يدل على بطلان جميع ما رُوِيَ من ذلك عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، إقراره بأنه لم يكن ليلة الجِنِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم)(الخلافيات 1/ 177).
وقال الكرابيسي: ((لا يثبت في هذا الباب شيء)).
وقال ابن عبد البر: ((اتفقوا على أنَّ أبا زيد مجهول، وحديثه منكر)) (تهذيب التهذيب 12/ 103).
وقال ابن حزم: ((أما الخبر المذكور فلم يصحَّ لأنَّ في جميع طرقه من لا يُعرف أو من لا خير فيه)) (المحلى 1/ 204).
وقال البغوي: ((وهذا حديث غير ثابت، لأنَّ أبا زيد مجهول، وقد صحَّ عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: ((لَم أَكُن لَيلَةَ الجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ))
(شرح السنة 2/ 64).
وقال النووي: ((أجمع الحفاظ على أنه ضعيف، وينضم إلى ضعفه من حيث الإسناد كونه منابذًا للحديث الثاني الصحيح)) (شرح أبي داود ص 244).
وقال أيضًا: ((ضَعيفٌ بإجمَاع المُحَدثينَ)) (المجموع 1/ 94). وبنحوه في (خلاصة الأحكام 1/ 71).
وذكره الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص: 18).
وقال الذهبي بعد أن أعلَّ طرقَه كلّها: ((وَمما يوهي الخَبَر؛ أنَّ في الصحيح عن ابن مَسعُود ((أنه سُئِلَ: أَكنت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيلَةَ الجِنِّ؟ قَالَ: لَا)))) (تنقيح التحقيق 1/ 20).
وقال ابن الملقن: ((حديث ضعيف)) (تذكرة المحتاج 70). ثم قال: ((وأنصف الطحاوي الحنفي حيث قال: إنما ذهب أبو حنيفة ومحمد إلى الوضوء بالنبيذ اعتمادًا على حديث ابن مسعود، ولا أصل له، ولا معنى لتطويل كتابي بشيء فيه)) (تذكرة المحتاج ص 76).
وقال الحافظ ابن حجر: ((هذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه)) (الفتح 2/ 354).
وقال الألباني: ((هذا سند ضعيف؛ وعلته أبو زيد هذا؛ فإنه مجهول اتفاقًا)) (ضعيف سنن أبي داود 11).
وشذَّ الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي، وأبعد جدًّا، حيث قال: ((حديث صحيح، وما تركوه إلَّا بسبب أبي فزارة، وأبي زيد؛ لأنهما غير
معروفين، وأبو فزارة اسمه راشد بن كيسان، وأبو زيد مولى عمرو بن حريث))! (شرح ابن ماجه لمغلطاي 1/ 302).
وقال المنذري: ((ولو ثبت أن راوي هذا الحديث هو راشد بن كيسان، كان فيما تقدَّم كفاية في ضعف الحديث)) (مختصر سنن أبي داود 1/ 83).
قلنا: وهو راشد بن كيسان بلا خلاف، وسيأتي مزيد تعليق على ذلك في التنبيهات.
وجمع بعضهم بين هذه الرِّواية، وبين رواية مسلم:
قال الزيلعي: ((وقد جُمع بينهما بأنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم حين المخاطبة، وإنما كان بعيدًا منه، ومن الناس من جمع بينهما، بأنَّ ليلة الجنِّ كانت مرتين: ففي أول مرة خرج إليهم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود ولا غيره، كما هو ظاهر حديث مسلم. ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى)) (نصب الراية 1/ 143).
وقال بدر الدين العيني: ((التوفيق بينها أنه لم يكن معه عليه السلام حين المخاطبة، وإنما كان بعيدًا منه. وقد قال بعضهم: إنَّ ليلة الجنِّ كانت مرتين، ففي أول مرَّة خرج إليهم ولم يكن مع النبي عليه السلام ابن مسعود ولا غيره كما هو ظاهر حديث مسلم، ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى كما روى ابن أبي حاتم في (تفسيره) في أول سورة الجنِّ من حديث ابنِ جُرَيجٍ قال: قال عبد العزيز بن عمر: أما الجِنُّ الذين لقوه بنخلة فجِنُّ نينوي. وأما الجِنُّ الذين لقوه بمكة فجِنُّ نصيبين)) (شرح أبي داود 1/ 239).
[تنبيهان]:
الأول: قال هبة الله الطبري - اللالكائي -: ((أحاديث الوضوء بالنبيذ،
وضعت على أصحاب ابن مسعود عند ظهور العصبية! )) (تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 1/ 63).
الثاني: قال ابن الجوزي: ((في الطريق الأول: أبو زيد وأبو فزارة وهما مجهولان، قال أحمد بن حنبل: أبو فزارة في حديث ابن مسعود رجل مجهول)) (التحقيق 1/ 55).
فتعقبه ابن عبد الهادي فقال: ((أبو فزارة في الحديث الأول: هو راشد بن كيسان - بلا خلاف - وقد احتجَّ به مسلم في ((صحيحه))،
…
ووثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم:((صالح)). وقال الدارقطني: ثقة كيس، ولم أرَ له في كتب أهل النقل ذِكرًا بسُوءٍ في دين أو حرفة. وما ذكره المؤلف عن الإمام أحمد (من أنَّ أبا فزارة مجهول): ليس بثابت عنه، والظاهر أن الراوي غلط، وأن قول أحمد إنما هو في أبي زيد)) (تنقيح التحقيق 1/ 59).
وهذا النقل عن أحمد، عزاه الحافظ في (التهذيب 3/ 227) لعلل الخلال، ونقل تعقب ابن عبد الهادي له، وأقرَّه.
قلنا: وقد وثق أبا فزارة غير من ذكرهم ابن عبد الهادي: الحاكم في (سؤالات السجزي له 275). وقال ابن حبان: ((مستقيم الحديث إذا كان فوقه ودونه ثقة مشهور، فأما مثل أبي زيد الذي لا يعرفه أهل العلم فلا)) (الثقات لابن حبان 6/ 303)، وقال في الصحيح:((من ثقات الكوفيين وأثباتهم)) (صحيح ابن حبان 4/ 495). وقال الدارقطني: ((ثقة كيس ولم أرَ له في كتب أهل النقل ذِكرًا بسُوءٍ)) (تهذيب التهذيب 3/ 227). وقال ابن عبد البر: ((هو ثقة عندهم ليس به بأس)) (إكمال التهذيب 1507). ولذا اتفقا الحافظان الذهبي والعسقلاني على توثيقه، كما في (الكاشف 1500)، و (التقريب 1856).
الطريق الثاني: عن أبي زيادة (وقيل: زائدة)، عن ابن مسعود:
أخرجه ابن عدي في (الكامل 6/ 118) قال: حدثناه علي بن سعيد حدثنا عمران بن موسى النحاس، ثنا عبد الوارث بن سعيد، ثنا أبو عبد الله الشقري، عن شريك بن عبد الله، عن أبي زيادة، قال: كان عبد الله بن مسعود صاحب وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسواكه،
…
وذكره.
وقال ابن عدي: حدثناه ابن منير، ثنا البرتي، ثنا أبو مَعْمَر، ثنا عبد الوارث، ثنا أبو عبد الله الشقري، حدثني شريك، عن أبي زائدة، عن ابن مسعود قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه.
قال ابن عدي: ((وهذا الإسناد يشوشه أبو عبد الله الشقري عن شريك، فلا أدري من قبله أو من شَريك؟ وذاك أن جماعة كالثوري وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وغيرهم رووه عن أبي فزارة، عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث، عن ابن مسعود، فهذه هي الرواية الصحيحة)) (الكامل 6/ 119).
قلنا: فرجع الحديث إلى أبي زيد، وهو مجهول كما تقدَّم.
الطريق الثالث: عن أبي وائل، عن ابن مسعود:
أخرجه الدارقطني في (السنن 250) - ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل 589)، وفي (التحقيق 34) - قال: ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا الفضل بن صالح الهاشمي، نا الحسين بن عبيد الله العجلي، نا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، قال: سمعت ابن مسعود، به.
وهذا إسناد واهٍ بمرة؛ لأجل الحسين بن عبيد الله العجلي، قال ابن عدي:((يشبه أن يكون ممن يضع الحديث)) (الكامل 4/ 27). وقال عنه الدارقطني - عقب هذا الحديث -: ((يضع الحديث على الثقات)) (السنن).
وقال في العلل: ((وروي عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود، والراوي له متروك الحديث - وهو الحسين بن عبيد الله العجلي - عن أبي معاوية، كان يضع الحديث على الثقات، وهذا كذب على أبي معاوية)) (العلل). وتبعه الجورقاني في (الأباطيل 1/ 499).
وقال الذهبي: ((وهذا موضوع)) (تلخيص العلل 317).
قلنا: وبقية رجاله ثقات؛ فالفضل بن صالح الهاشمي: وثقه الخطيب، وقال أحمد بن جعفر بن حمدان:((كان من أفاضل الناس)) (تاريخ بغداد 14/ 348). ومحمد بن أحمد بن الحسن أبو علي، المعروف بابن الصواف، قال الدارقطني:((ما رأت عيناي مثل أبي علي ابن الصواف)). وقال محمد بن الحسين بن الفضل القطان: ((وكان ثقة مأمونًا من أهل التحرز، ما رأيت مثله في التحرز)) (تاريخ بغداد 2/ 115).
الطريق الرابع: عن أبي عبيدة وأبي الأحوص عنه:
أخرجه الدارقطني في (السنن 251) - ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل 590)، وفي (التحقيق 35) - قال: ثنا عثمان بن أحمد الدقاق، نا محمد بن عيسى بن حيان، ثنا الحسن بن قتيبة، نا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة وأبي الأحوص، عن ابن مسعود، به.
ورواه الخطيب في (تاريخه 2/ 398)، ومغلطاي في (شرح سنن ابن ماجه 1/ 304) من طريق عثمان الدقاق، به.
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: الحسن بن قتيبة، ضعَّفه أبو حاتم والدارقطني، وقال الدارقطني مرة:((متروك الحديث)).
وقال الأزدي: ((واهي الحديث))، وقال العقيلي:((كثير الوهم)). وخالفهم ابن عدي فقال: ((أرجو أنه لا بأس به)). فتعقبه الذهبي بقوله: ((قلت: بل هو هالك)) (ميزان الاعتدال 2/ 270).
الثانية: محمد بن عيسى بن حيان، واهٍ، قال الدارقطني:((متروك الحديث)) (سؤالات الحاكم 171). وفي (سؤالات السلمي 322) قال: ((لا شيء)). وضعَّفه الدارقطني - في رواية - واللالكائي. وقال أبو أحمد الحاكم: ((حدَّث عن مشايخه بما لم يتابع عليه، سمعت من يحكي أنه كان مغفلًا لم يكن يدرى ما الحديث)). (تاريخ بغداد 3/ 204). وقال الذهبي: ((واهٍ)) (التنقيح 1/ 19).
ومع هذا ذكره ابن حبان في (الثقات 9/ 143)، وقال البرقاني:((ثقة)). وقال مرة: ((لا بأس به)) (تاريخ بغداد 3/ 204). والصواب قول الدارقطني ومن تابعه. والله أعلم.
وبهما أعلَّ الحديث الدارقطني فقال: ((تفرَّد به الحسن بن قتيبة، عن يونس، عن أبي إسحاق، والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان)) (السنن 1/ 132).
وقال في العلل: ((والحسن بن قتيبة متروك الحديث، والراوي له عنه ابن حيان المدائني وهو ضعيف)) (العلل 940).
وقال الحاكم أبو عبد الله: ((هذا حديث لم نكتبه من حديث أبي إسحاق السبيعي إلَّا بهذا الإسناد، والحمل فيه على محمد بن عيسى المدائني؛ فإنه تفرَّد به عن الحسن. ومحمد بن عيسى واهي
الحديث بمرة، وهذا لو كان عند أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة؛ لما احتجَّ فقهاء الإسلام منذ
ثلثمائة وثمانين سنة بأبي فزارة عن أبي زيد، وهذا باطل بمرة)) (الخلافيات البيهقي 1/ 172).
وقال الغساني: ((لا يصحُّ من وجهين: ابن قتيبة وابن عيسى ضعيفان متروكان)) (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص: 18).
وبهما أعلَّه ابن حجر في (الدراية 1/ 64).
وفيه أيضًا: يونس ين أبي إسحاق: صدوق، تكلم أحمد في روايته عن أبيه خاصة. انظر:(تهذيب الكمال 32/ 490 - 493).
قلنا: وبقية رجاله ثقات؛ فأبو الأحوص هو عوف بن مالك الكوفى: ثقة من رجال مسلم (التقريب 5218). وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود: ثقة من رجال الجماعة (التقريب 8231).
وأبو إسحاق هو السبيعي: ثقة مكثر مشهور.
وعثمان بن أحمد الدقاق، أبو عمرو ابن السماك: وثقه الدارقطني وغيره، قال الخطيب:((وكان ثقة ثبتًا)). ولكن ذكره الذهبي في الميزان لروايته لبعض الموضوعات، فتعقبه الحافظ ابن حجر بقوله:((ولا ينبغي أن يغمز ابن السماك بهذا. ولو فتح المؤلف على نفسه ذكر من روى خبرًا كذبًا آفته من غيره ما سلم معه سوى القليل من المتقدمين فضلًا عن المتأخرين. وإني لكثير التألم من ذكره لهذا الرجل الثقة في هذا الكتاب بغير مستند ولا سلف، وقد عظَّمه الدارقطني ووصفه بكثرة الكتابة والجدِّ في الطلب وأطراه جدًّا)) (لسان الميزان 5/ 374).
الطريق الخامس: عن فلان بن غيلان عنه:
أخرجه الدارقطني في (السنن 252) - ومن طريقه ابن الجوزي في
(التحقيق 36) - قال: حدثني محمد بن أحمد بن الحسن حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن أبي حسان، حدثنا هشام بن خالد الأزرق، حدثنا الوليد يعني ابن مسلم، حدثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد، عن جده أبي سلام، عن فلان بن غيلان الثقفي أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ علته: جهالة ابن غيلان الثقفي، فهو مجهول لا يُعرف. انظر:(ميزان الاعتدال 6787).
وبه أعلَّه الأئمة:
قال ابن أبي حاتم: قلت لهما - أي لأبيه وأبي زرعة - فإنَّ معاوية بن سلام يحدِّث عن أخيه، عن جده، عن ابن غيلان، عن ابن مسعود .... ؟
قالا: وهذا أيضًا ليس بشيء؛ ابن غيلان مجهول، ولا يصحُّ في هذا الباب شيء)) (علل الحديث 99).
وقال الدارقطني: ((الرجل الثقفي الذي رواه عن ابن مسعود مجهول؛ قيل: اسمه عمرو، وقيل: عبد الله بن عمرو بن غيلان)) (سنن الدارقطني 1/ 133). وأقرَّه الجورقاني في (الأباطيل 1/ 501).
وقال الذهبي: ((سنده نظيف، وفلان لا يُعرف)) (تنقيح التحقيق 1/ 20).
قلنا: وبقية رجاله ثقات مأمونون، وقد رُوِيَ الحديث من هذا الوجه مطولًا جدًّا، دون ذكر التطهر بالنبيذ، فسيأتي مزيد بيان له في باب:((ما لا يستنجى به))، من كتاب قضاء الحاجة.
الطريق السادس: عن أبي رافع عنه:
أخرجه أحمد (4353) قال: حدثنا أبو سعيد، ثنا حماد بن سلمة، عن
علي بن زيد، عن أبي رافع، عن ابن مسعود، به.
ورواه أبو يعلى في (معجمه 27).
ورواه ابن شاهين في (ناسخ الحديث 95)، والدارقطني في (السنن 247)، والجورقاني في (الأباطيل 308)، وابن الجوزي (العلل 588)، وفي (التحقيق 33) كلُّهم من طريق عبد الله بن محمد البغوي.
ورواه الدارقطني في (السنن 248) من طريق محمد بن عبدوس بن كامل.
ثلاثتهم: (أبو يعلى، والبغوي، وابن عبدوس) عن محمد بن عباد بن الزبرقان، عن أبي سعيد مولى بني هاشم، عن حماد، به.
وقد توبع أبو سعيد عليه:
فرواه الطحاوي في (شرح معاني الآثار 572) عن أبي بكرة، عن أبي عمر الحوضي.
ورواه الدارقطني في (السنن 249) من طريق عبد العزيز بن أبي رزمة.
كلاهما، عن حماد بن سلمة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: ضعف علي بن زيد بن جدعان، فالجمهور على تضعيفه وتليينه، ولذا قال الحافظ:((ضعيف)) (التقريب 4734).
وبه أعلَّه أبو حاتم وأبو زُرعَة فقالا: ((علي بن زيد ليس بقوي)) (علل الحديث 99).
وقال الدارقطني: ((لا يثبت هذا الحديث؛ لأنه ليس في كتب حماد بن
سلمة المصنفات، وعلي بن زيد ضعيف)) (علل الدارقطني 940). وأقرَّه الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص: 17).
وقال الحاكم أبو عبد الله: ((هذا حديث تفرَّد به أبو سعيد مولى بني هاشم عن حماد بن سلمة. وعلي بن زيد بن جدعان علَّةُ الطريق. وهو ممن أجمع الحفاظ على تركه)) (الخلافيات للبيهقي 1/ 170)
(1)
.
وقال الجورقاني: ((هذا حديث باطل، مخالف للكتاب والسنة والإجماع والقياس، لم يروه، عن أبي رافع إلَّا علي بن زيد، قال يحيى بن سعيد: وهو متروك الحديث. وقال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث)) (الأباطيل 1/ 498). وبنحوه قال ابن الجوزي في (العلل المتناهية 1/ 359).
وقال ابن رشد: ((وَرَدَّ أهل الحديث هذا الخبر ولم يقبلوه لضعف رواته، ولأنه قد رُوِيَ من طرق أوثق من هذه الطرق أنَّ ابن مسعود لم يكن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ الجِنِّ)) (بداية المجتهد 1/ 39).
الثانية: الانقطاع؛ فإنَّ أبا رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود، قاله الدارقطني في (العلل 5/ 346).
وتبعه الجورقاني في (الأباطيل 1/ 499)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 359).
(1)
وكلام الحاكم هذا فيه نظر، من وجهين: الأول: في قوله تفرَّد به أبو سعيد، فلم يتفرد به كما قدمنا. والثاني: في قوله عن علي بن زيد: ((أجمع الحفاظ على تركه))، ففيه مجازفة ظاهرة، فالجمهور فقط على تليينه، وقد نصَّ غير واحد على الاعتبار بحديثه، وروى له مسلم مقرونًا بغيره، والله أعلم.
ونازع في ذلك جماعة:
فقال ابن دقيق العيد: ((وقول الدارقطني: ((وأبو رافع لم يثبت سماعه من ابن مسعود))، لا ينبغي أن يفهم منه أنه لا يمكن إدراكه له وسماعه منه، فإنَّ أبا رافع الصائغ جاهلي إسلامي. قال أبو عمر في الاستغناء: ((لم يرَ النبي صلى الله عليه وسلم، فهو من كبار التابعين،
…
وروى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه،
…
)). وقال في الاستيعاب: ((أعظم روايته عن عمر، وأبي هريرة)). ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة رضي الله عنه، اللهم إلَّا أنَّ يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ما ذكر عن بعضهم: أنه لا بدَّ أن يعرف سماعه من المروي عنه ولو مرة، وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذهب)) (الإمام 1/ 187). وأقرَّه ابن حجر في (الدراية 1/ 64).
وقال مغلطاي: ((وفي قوله: (لم يثبت)، إشعار بعدم النفي، إذ لو كان ثابتًا عنده لجزم به كعادته، ويشبه أن تكون روايته عنه إنما جاءت على لسان متكلم فيه؛ فلذلك قال: لم يثبت)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 303 - 304).
وقال ابن التركماني: ((وقوله لم يثبت سماعه من ابن مسعود فهو على مذهب من يشترط في الاتصال ثبوت السماع، وقد أنكر مسلم ذلك في مقدمته كتابه إنكارًا شديدًا، وزعم أنه قول مخترع وأن المتفق عليه أنه يكفى للاتصال إمكان اللقاء والسماع، وأبو رافع هو نفيع الصائغ جاهلي. على أن صاحب الكمال صرَّح بأنه سمع منه، وكذا ذكر الصريفينى فيما قرأت بخطه، ولم يحكِ البيهقى عن الدارقطني هذا الكلام فيحتمل أنه لم يرضَ به)) (الجوهر النقي 1/ 9).
قلنا: حكاه البيهقي في (الخلافيات 1/ 170) ولم يتعقبه، فكأنه رضيه،
والله أعلم.
هذا وقد أعلَّه الدارقطني بعلة أخرى، حيث قال:((لا يثبت هذا الحديث؛ لأنه ليس في كتب حماد بن سلمة المصنفات)) (علل الدارقطني 940).
وتعقب في ذلك، فقال مغلطاي:((وفي قوله أيضًا: (وليس هذا الحديث من مصنفات حماد) نظر؛ لأنَّ المصنف الكبير لا يذكر في جامعه جميع رواياته، إما لعدم استحضاره له، أو لكونه لم يرتضه، وقد يحتمل أن يكون ذكره في مصنف لم يره الدارقطني، وذلك مأخوذ من قوله:(مصنفات) بغير آلة الحصر، إذ لو حصر لما تطرق ذلك له غالبًا - والله أعلم - فعلى ما تقرر يشبه أن يكون أمثل أسانيد هذا الحديث)) (شرح سنن ابن ماجه 1/ 303 - 304).
وقال ابن التركماني: ((ولا يلزم من كونه ليس في مصنفات حماد أن يكون ضعيفًا)) (الجوهر النقي 1/ 9).
الطريق السابع: عن ابن عباس عنه:
أخرجه أحمد (3782) - ومن طريقه ابن الجوزي في (التحقيق 32) - قال: حدثنا يحيى بن إسحاق، حدثنا ابن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس، عن عبد الله بن مسعود، به.
وتوبع يحيى بن إسحاق عليه:
فرواه البزار في (المسند 1437)، والطبراني في (الكبير 9961)، والدارقطني في (السنن) كلُّهم من طريق يحيى بن بكير.
ورواه الدارقطني في (السنن 244) من طريق عثمان بن سعيد الحمصي.
كلاهما (ابن بكير، وعثمان) عن ابن لهيعة، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لأنَّ مداره على عبد الله بن لهيعة، وهو ضعيف، لا سيّما وأن هذا الحديث من غير رواية العبادلة عنه، فهي شديدة الضعف، وستأتي ترجمته موسعة في باب:((ما رُوِيَ في أن بقاء أثر دم الحيض في الثَّوب لا يضر)).
قال البزار: ((وهذا الحديث لا يثبت لابن لهيعة، لأنَّ ابن لهيعة كانت قد احترقت كتبه، فكان يقرأ من كتب غيره، فصار في أحاديثه أحاديث مناكير، وهذا منها ولا نعلم روى ابن عباس، عن عبد الله بن مسعود إلَّا هذين الحديثين)) (المسند 1437).
وقال ابن عدي: ((غير محفوظ)) (الكامل 10/ 744).
وقال الدارقطني: ((تفرَّد به ابن لهيعة وهو ضعيف الحديث)) (سنن الدارقطني 1/ 129). وقال في العلل: ((لا يثبت، وابن لهيعة لا يحتجُّ به)) (العلل 940).
وقال أيضًا: ((والصحيح ما رُوِيَ عن ابن مسعود أنه لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجِنِّ)) (العلل 2/ 532).
وذكره الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني ص 17).
وقال الذهبي: ((هذا ضعيف)) (تنقيح التحقيق 1/ 19).
وبه أعلَّه ابن الجوزي، فقال:((تفرَّد به ابن لهيعة)). وزاد: ((وفيه حنش، قال ابن حبان: لا يحتجُّ به)) (التحقيق 1/ 55).
وتعقبه ابن عبد الهادي فقال: ((وأما حنش الصنعاني في الإسناد الثاني: لم يضعفه ابن حبان إنما ضعف حنش بن المعتمر - ويقال: ابن ربيعة - الكناني الكوفي، وقد احتجَّ مسلم بحنش الصنعاني وروى له أصحاب (السنن)، ووثقه أبو زُرعَة، وأحمد بن عبد الله العجلي)) (تنقيح التحقيق 1/ 60).
قلنا: وهو كما قال، وقد فرَّق بينهما ابن حبان نفسه، فذكر الأول في (الثقات)، وذكر ابن المعتمر في (المجروحين 1/ 333)، وقال ما ذكره ابن الجوزي، وكذا فرَّق بينهما البخاري في (التاريخ الكبير 3/ 99)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 291).
ولهذا رمز له الذهبي في (الميزان 2/ 396) بـ (صح)، وقال الحافظ:((ثقة)) (التقريب 1576).
قلنا: وقد اضطرب ابن لهيعة فيه: فمرَّة يجعله من مسند ابن مسعود، كما تقدَّم، ومرة يجعله من مسند ابن عباس، كما سيأتي - إن شاء الله -.
129 -
حَدِيثُ عَبدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنْ عَبدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لابنِ مَسْعُودٍ، لَيلَةَ الجِنِّ:((مَعَكَ مَاءٌ؟ )) قَالَ: لَا. إِلَّا نَبِيذًا في سَطِيحَةٍ (إدَاوَتي)، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ (شَرَابٌ وَطَهُورٌ)، صُبَّ عَلَيَّ)). قَالَ: فَصَبَبتُ عَلَيه، فَتَوَضَّأَ به.
[الحكم]:
ضعيف جدًّا، وضعَّفه البوصيري، والألباني.
[التخريج]:
[جه 389 ((واللفظ له)) / طح (1/ 94) ((والروايتان له))].
[السند]:
قال: (ابن ماجه): حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، قال: حدثنا مروان بن محمد، قال: حدثنا ابن لهيعة، قال: حدثنا قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن عبد الله بن عباس، به.
ورواه (الطحاوي) عن ربيع المؤذن قال: ثنا أسد قال: ثنا ابن لهيعة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لأجل ابن لهيعة، وقد تقدَّم الكلام عليه.
قال البوصيري: ((هذا إسناد ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة)) (مصباح الزجاجة 1/ 57)
وضعَّفه الألباني في (ضعيف أبي داود 1/ 32).
130 -
حَدِيثُ الْوَاقِدِيِّ عَنْ جَمِاعَةٍ مُرْسَلًا:
◼ عن محمد بن عُمرَ الوَاقِدِيِّ قال: حدثني ابن أبي سَبرَةَ، عن إسحاقَ بن عبد الله بن جعفر، قال: ((غَابَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالطَّائِفِ إِلَى أَنْ رَجَعَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَقَدِمَ مَكَّةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ وَقَدِمَ عَلَيْهِ الْجِنُّ الْحَجُونَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ النُّبُوَّةِ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَبَقِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ الْجِنُّ.
قَالَ: فَحَدَّثَني يَعقُوبُ بنُ عَمرو، عن يَعقُوبَ بن سَلَمَةَ، عن كَعب الأَحبَار قَالَ: لَما انصَرَفَ النفَرُ السبعَةُ من أَهل نَصيبينَ من بَطن نَخلَةَ وهُم فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ وَالأَرديبَانُ وَالأَحقَبُ جَاءُوا قَومَهُم مُنذرينَ فَخَرَجُوا وَافدينَ إلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُم ثَلَاثُمائَة فَانتَهَوا إلَى الحَجُون فَجَاءَ الأَحقَبُ فَسَلمَ عَلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: إِنَّ قَومَنَا قَد حَضَرُوا الحَجُونَ يَلقَونَكَ فَوَاعَدَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِنَ الليل بالحَجُون.
قَالَ الوَاقدي: فَحَدَّثَني عبدُ الحَميد بنُ عمرَانَ بن أبي أنَس، عن أبيه قَالَ: قَدِمَ نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ عَلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمَكةَ حَتَّى نَزَلُوا بأَعلَى مَكةَ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَذْهَبْ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ مِنْ غِلٍّ عَلَى أَحَدٍ))، فَقَالَ عَبدُ اللهِ بنُ مَسعُود: فَتَنَاوَلتُ إدَاوَةً فِيهَا نَبيذٌ.
قَالَ عمرَانُ بنُ أَبي أَنَس: خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بالحَجُون خَطَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا ثُمَّ قَالَ: ((قِفْ هَاهُنَا حَتَّى أَرْجِعَ وَلَا تَخَفْ)) وَمَضَى.
قَالُوا: قَالَ ابنُ مَسعُود: وَأَنَا أَنظُرُ إلَى جَبَلِهِمْ حِلَقًا حِلَقًا قَالَ: وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى تَغَيبَ عن ابن مَسعُود فَلَم يَرَهُ عَبدُ الله حَتَّى أَسْحَرَ، وَعَبدُ اللهِ قَائمٌ لَم يَجلسْ فَقَالَ لَهُ:((مَا زلتَ قَائمًا؟ )). قَالَ
عَبدُ الله: قُلتَ لي: قفْ هَاهُنَا فَمَا كُنْتُ أَجلسُ حَتَّى أَرَاكَ قَالَ: ((هَل رَأَيتَ شَيئًا؟ )) قَالَ: رَأَيتُ أَسودَةً وَأَجبلَةً وَسَمعتُ لَغَطًا شَديدًا قَالَ: ((هَؤُلَاء جِنُّ نَصِيبِينَ جَاءُوا إلَيَّ في شَيْءٍ كَانَ بَينَهُم)). فَلَمَّا بَرَقَ الفَجرُ قَالَ: ((هَل مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ للصَّلَاةِ؟ )) قَالَ: قُلتُ: مَعي إدَاوَةٌ فِيهَا نَبِيذٌ، قَالَ:((تَمرَةٌ طَيبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ)) قَالَ: ((اصبُب عَلَيَّ)) فَفَعَلتُ، ثُمَّ جَاءَهُ اثنَان منهُم فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:((أَلَم أَقْضِ حَاجَتَكُمَا؟ )) قَالَا: بَلَى، وَلَكنَّا أَحبَبنَا أَنْ يُصَلِّيَ مَعَكَ منا مُصَلٍّ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَصَليَا وَقَرَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الصُّبحِ: تَبَارَكَ المُلكَ وَسُورَةَ الجنِّ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ابنُ مَسعُودٍ: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُصغِي بسَمعه، فَلَبثَ سَاعَةً، قَالَ: فَمَا عَلَي مَا سَمعَا مِنَ القُرآن وَسَأَلُوني الزادَ فَقَالَ عَبدُ اللهِ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَهَل عندَكَ شَيءٌ يَزُودُهُم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((زَودتُهُمُ الرَّجِيعَ، وَلَا يَجدُونَ عَظمًا إِلَّا وَجَدُوهُ عِرقًا وَلَا رَوثَةً إِلَّا وَجَدُوهَا تَمرَةً نَضرَةً)) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، يُفسدُهُ النَّاسُ عَلَينَا، فَنَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُستَنجَى بالعَظم وَالرجيع.
[الحكم]:
إسناده واهٍ بمرة.
[التخريج]:
[نبص (ص 365 - 366)].
[السند]:
قال (أبو نعيم الأصبهاني): أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد بن الحسن قال: ثنا الحسن بن الجهم قال: ثنا الحسين بن الفرج قال: ثنا محمد بن عمر الواقدي، قال: حدثني ابن أبي سبرة، عن إسحاق بن عبد الله بن جعفر
…
قال الواقدي: فحدثني يعقوب بن عمرو، عن يعقوب بن سلمة، عن كعب الأحبار
…
قال الواقدي: فحدثني عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس، عن أبيه
…
وذكره بطوله.
[التحقيق]:
هذا إسناد واهٍ بمرة؛ مسلسل بالعلل:
الأولى: محمد بن عمر الواقدي: متروك، وكذَّبه غير واحد من الأئمة ونسبوه إلى الوضع. انظر:(التاريخ الكبير 1/ 178)، و (الجرح والتعديل 8/ 21)، و (ميزان الاعتدال 6/ 273) و (تهذيب التهذيب 9/ 364).
الثانية: الحسين بن الفرج الخياط، قال ابن معين:((كذَّاب يسرق الحديث))، وقال أبو زُرعَة:((ذهب حديثه))، وقال أبو الشيخ الأصبهاني:((ليس بالقوي)) (لسان الميزان 3/ 200).
وقال الذهبي: ((كان حافظًا؛ لكنهم ضعَّفوه)) (تاريخ الإسلام 5/ 812).
الثالثة: الحسن بن الجهم، أبو علي التيمي: ترجم له أبو الشيخ في (طبقات المحدثين بأصبهان 3/ 390)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان 545) والذهبي في (تاريخ الإسلام 6/ 735) ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
الرابعة: أبو عمرو محمد بن أحمد بن الحسن: ترجم له أبو نعيم الأصبهاني في (تاريخ أصبهان 1649) ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وفي السند الأول: ابن أبي سبرة، قال فيه الحافظ:((رموه بالوضع)) (التقريب 7973).
وشيخه إسحاق بن عبد الله بن جعفر، قال فيه الحافظ:((مستور من الثالثة)) (التقريب 364). فمع جهالته حديثه مرسل.
وفي السند الثاني: يعقوب بن سلمة، قال فيه الحافظ:((مجهول الحال)) (التقريب 7818)، وقال الذهبي:((شيخ ليس بعمدة)) (ميزان الاعتدال 4/ 452).
وكعب الأحبار تابعي مخضرم، فحديثه مرسل.
وفي السند الثالث: عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس، قال فيه ابن القطان الفاسي:((ليس بمعروف)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 262)، ولم نجد له ترجمة، ولم نجد من روى عنه غير الواقدي فإنه أكثر عنه، كما في (الطبقات الكبرى) لابن سعد.
وعمران بن أبي أنس: ثقة من صغار التابعين (التقريب 5145)، فحديثه مرسل أيضًا.
* * *
131 -
حَدِيثٌ آخَرُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ:
◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((النَّبِيذُ وَضُوءٌ لمَن لَم يَجدِ المَاءَ)).
[الحكم]:
منكر، وأعلَّه الدارقطني - وتبعه الغساني -، وقال البيهقي:((واهٍ))، وقال الجورقاني:((باطل))، وقال ابن الجوزي:((لا يصحُّ))، وقال الذهبي:((منكر)).
[التخريج]:
[قط 234 ((واللفظ له))، 242/ عد (10/ 465 - 466) / هق 31/ تحقيق 37، 38/ علج 591، 592/ طيل 315].
[التحقيق]:
رُوِيَ من طريقين عن عكرمة عن ابن عباس:
الأول: أخرجه الدارقطني في (السنن 234) - ومن طريقه ابن الجوزي في (العلل 591)، و (التحقيق 37) - قال: حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق حدثنا أبو القاسم يحيى بن عبد الباقي حدثنا المُسَيِّب بن واضح حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
وتوبع ابن عبد الباقي:
فرواه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي - عن أحمد بن عبد الله الخولاني، حدثنا يوسف بن بحر، حدثنا المُسَيِّب بن واضح، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ وعلته: ضعف المُسَيِّب بن واضح، قال فيه
أبو حاتم: ((صدوق، كان يخطئ كثيرًا، فإذا قيل له، لم يقبل)) (الجرح والتعديل 8/ 294).
وقال ابن عدي: ((وكان أبو عبد الرحمن النسائي حسن الرأي فيه، ويقول: ((الناس يؤذوننا فيه)) أي يتكلمون فيه)). (الكامل 9/ 638). وفي (مشيخة النسائي 174) قال: ((هو عندي ضعيف)).
وأورد ابن عدي له عدة أحاديث مناكير، ثم قال:((عامة ما خالف فيه الناس هو ما ذكرته، لا يتعمده بل كان يشبه عليه، وهو لا بأس به)). وقال: سمعت أبا عروبة يقول: ((كان المُسَيِّب بن واضح لا يحدِّث إلَّا بشيء يعرفه ويقف عليه)) (الكامل 9/ 638).
وضعَّفه الدارقطني كما في (سؤالات السلمي 326)، وكذا في مواضع من سننه.
قلنا: وقد أخطأ فيه وبيانه من وجهين:
الأول: أنه اضطرب فيه، فرواه مرة مرفوعًا، ورواه مرة موقوفًا. وكلاهما صحيح إليه.
فأما الرواية المرفوعة، فقد سبقت، وأما الموقوفة: فرواها الدارقطني في (السنن 235) عن ابن المظفر، عن محمد بن محمد بن سليمان الباغندي.
ورواه ابن عدي في (الكامل 10/ 466) - ومن طريقه البيهقي في (السنن 32) - عن محمد بن تمام البهراني.
كلاهما (الباغندي، والبهراني) عن المُسَيِّب بن واضح، عن مبشر، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس موقوفًا.
الثاني: أنه خولف، فالمحفوظ من رواية الثقات من قول عكرمة غير مرفوع ولا موقوف.
فقد رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 266) عن يحيى بن سعيد القطان، عن علي بن مبارك، عن يحيى، عن عكرمة، قال:((النَّبِيذُ وُضُوءٌ لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ)).
وهذا إسناد رجاله ثقات.
ورواه أبو يعلى في (مسنده) كما في (إتحاف الخيرة 428) عن أبي خيثمة.
ورواه الدارقطني في (السنن 237) من طريق أحمد.
كلاهما (أبو خيثمة وأحمد) عن الوليد بن مسلم.
ورواه الدارقطني في (السنن 236) من طريق هِقل بن زياد.
كلاهما (الوليد، وهِقل) عن الأوزاعي قال: ثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة من قوله.
وهذا إسناد غاية، فهِقل هذا من أثبت الناس في الأوزاعي، كما قال أحمد وغيره.
وبهذا يتبين أن المُسَيِّب أخطأ فيه في موضعين:
الأول: في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: في ذكر ابن عباس. والصواب أنه من قول عكرمة غير مرفوعٍ ولا موقوفٍ.
قال الدارقطني: ((ووهم فيه المُسَيِّب بن واضح في موضعين في ذكر
ابن عباس، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى ابن عباس، والمسيّب ضعيف)) (السنن 1/ 126).
وتبع الدارقطني على ذلك جماعة:
فقال البيهقي: ((هذا حديث مختلف فيه على المُسَيِّب بن واضح، وهو واهم فيه في موضعين في ذكر ابن عباس، وفى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم. والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع كذا رواه هِقل بن الزياد والوليد بن مسلم، عن الأوزاعى، وكذلك رواه شيبان النحوى وعلي بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثير، عن عكرمة. وكان المُسَيِّب رحمنا الله تعالى وإيَّاه كثير الوهم)) (السنن الكبرى 1/ 35).
وقال في المعرفة: ((وهم فيه المُسَيِّب بن واضح وكان ضعيفًا. وكلُّ من تابعه عليه أضعف منه. وإنما الرواية المحفوظة فيه عن عكرمة، من قوله غير مرفوعٍ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولا إلى ابن عباس)) (معرفة السنن والآثار 521 - 522).
وقال في الخلافيات: ((حديث واهٍ)) (الخلافيات 1/ 183).
وقال الجورقاني: ((هذا حديث باطل، تفرَّد به المُسَيِّب بن واضح، عن مبشر بن إسماعيل، والمسيب كان كثير الخطأ والوهم، وقد وهم في هذا الحديث. والمحفوظ أنه من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى ابن عباس)) (الأباطيل 1/ 506).
وقال ابن الجوزي: ((لا يصحُّ)) (العلل 1/ 359)، و (التحقيق 1/ 56).
وذكره الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني صـ 16).
وقال الذهبي: ((هذا منكر. ويُروَى عن أبان - وهو تالف - عن عكرمة نحوه)) (تنقيح التحقيق 1/ 20).
وطريق أبان هذا هو:
الطريق الثاني:
أخرجه (الدارقطني 242) قال: حدثنا عبد الباقي بن قانع حدثنا السري بن سهل الجنديسابوري حدثنا عبد الله بن رشيد حدثنا أبو عبيدة مجاعة بن الزبير، عن أبان، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاثة علل:
الأولى: أبان بن أبي عياش: ((متروك)) (التقريب 142).
الثانية: مجاعة بن الزبير: ضعيف؛ قال أحمد: ((لم يكن به بأس في نفسه))، وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: قلت لعبد الصمد بن عبد الوارث: من مجاعة هذا؟ قال: كان جارًا لشعبة، نحو الحسن بن دينار، وكان شعبة يسأل عنه وكان لا يجترئ عليه؛ لأنه كان من العرب، وكان شعبة يقول ((هو خيّر كثير الصوم والصلاة)). وضعَّفه الدارقطني، وذكره العقيلي في (الضعفاء). وقال ابن عدي:((هو ممن يحتمل ويُكتب حديثه)). انظر: (الجرح والتعديل 8/ 420)، و (لسان الميزان 6/ 463).
الثالثة: المخالفة، فالمحفوظ عن عكرمة من قوله؛ كما سبق.
قال الدارقطني: ((أبان هو ابن أبي عياش متروك الحديث، ومجاعة ضعيف، والمحفوظ أنه رأي عكرمة غير مرفوع)) (السنن 1/ 128).
وقال الجورقاني: ((أبان هذا هو ابن أبي عياش، وهو متروك الحديث،
ومجاعة ضعيف، والصحيح أنه رُوِي عن عكرمة غير مرفوع)) (الأباطيل 1/ 506).
وذكر ابن الجوزي، أنه لا يصحُّ، وقال:((مجاعة ضعيف، وأبان متروك)) (العلل المتناهية 1/ 359).